﴿..يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأنَّما يَصَّعَّدُ في السَّماءِ﴾

محمد يزيد

Active member
إنضم
24/01/2012
المشاركات
534
مستوى التفاعل
26
النقاط
28
العمر
44
الإقامة
الجزائر
﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأنَّما يَصَّعَّدُ في السَّماءِ﴾:
  • لا يحيط بعلم الله تعالى كله أحد من خلقه، فإن أحاط مخلوقٌ بشيء من علمه فذلك بما يشاء سبحانه؛ وبقدر ما يشاءُ كيفما يشاء ووقتما يشاء، ﴿وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء﴾.
  • هناك من العلم الذي في القرآن ما لم يعلمه الصحابة وهو من العلوم المدّخرة.
  • خفاء المعنى الجزئي من آية عن الصحابة -مما لا يسبّبُ نقص الشريعة المخلّ بالتبليغ- لا يعني خفاءه عن رسول الله صلــى الله عليه وعلى آلـه وسلم.
  • عدم وصول المعنى الجزئي من آية إلينا -مما لا يسبّبُ نقص الشريعة المخلّ بالتبليغ- من طريق الصحابة في أقوالهم التفسيرية لا يعني أنهم لم يقولوها، لأنَّ احتمال إهمال النقَلَة من بعدهم لها واردٌ لعدم وجود تفاسير واقعية مفهومة لها في حينها، وتفاسير ابن مسعود وعلي رضي الله عنــهما لا نكاد نجد منها شيئا إذا قورنت بما قيل أنهما علّماه.
  • عدم تبليغ النبي صلــى الله عليه وعلى آلـه وسلم المعاني الخفيّة والعلوم المدّخرة لا يطعن في نقص التبليغ في الرسالة، لأن بيانها لمن لا حاجة لهم بها ليس من شروط كمال الدّين، والقرآن بعلومه أوسع من أن يحيط به البشر في ثلاث وعشرين سنة، مع الإيمان بكمال الدين خلالها وتمام النعمة.
  • الراجح أنه لم يكن يخطر ببال الأغلبية الساحقة من المخاطبين بالقرآن من القرون الأولى خلال النبوة وبعدها أن الارتفاع إلى السماء يمكن أن يسبب الضيق في التنفس والحرج على الصدر فضلًا عن تفسيرها، فلا عجب أن تجد تفاسير القرون المفضلة خالية من تفسيرها بهذا المعنى.
  • إن وجد من صعد إلى الجبال العالية من العرب وشهِدَ ظاهرة ضيق الصدر فهذا شأنُ كثير من الآيات التي تخفى على أكثر الناس ولا تخفى على بعضهم ولله فيها حكمة، ونظيرها إمكانية المعرفة اليقينية لمكان سدّ ذي القرنين ومكان كهف الفتية وموطن أصحاب الأخدود مِن بعض البشرِ معاينةً؛ مع أن المخاطَبين بتلك القصص هم العالَمون.
  • في القرآن غيرها من الآيات على نفس الشاكلة من خفاء تفاصيل المعنى الإجماليّ عن الأولين، مع أن القرآنَ بكماله وجماله وإحكامه حمّالٌ لها، وآياتُ مراحل تطور الجنين منها.
  • من الحكمة الربانية أن يغيِّبَ النصُّ القرآنيُّ ببلاغته وكمال نظمه عن العرب في زمن تنزل الوحي بعضًا من معاني تلك العلوم المدّخرةِ كيلا تُفتح لهم الذرائع لطلب الدليل عليها؛ وهي غير مقصودةٍ بالأولويّة في ذلك المقام.
  • من الحكمة الربانية أن نقرأها نحن ونفهمها على البداهة في زمنٍ صعد فيه البشر إلى ما وراء الغلاف الجويّ فاستيقنَّا حقيقةَ نقص الهواء كلما تصعّدنا حتى ينعدم؛ فأدركنا بما لا يدع مجالا للريب قيد أنملة صدق القرآن وإحكام نظمه.
  • بعِث النبي بالقرآن إلى العالَمينَ، والله يعلمُ ما كان سيكونُ بعد جيل النبوّة بزمنٍ من غزو الفضاءِ وانفتاح أبواب الفهم لأسرار الكون؛ فأخفى من ذلك معانيَ واضحة نصًّا خفيّة دلالةً لتكونَ آياتٍ على وُسعِ علمه سبحانه في السَّموات والأرضِ.
  • من التكلّف المذموم ردُّ تفسير هذا الجزء من الآية القائلِ بــ "ضيق الصّدرِ كلّما تُصُعِّدَ في السّماء"، وهو صريح واضحٌ كالشمس في رابعة النهار، قرينته الدلالية العقليةُ واللغويّةُ أنّ الهواءَ مناط التنفس وضيق الصدر وانشراحه به، وقامت عليه الدلائل اليقينية التجريبيّة المحسوسة.
  • القول في معناها أنّه "لا هداية للكافر كما أنه عاجزٌ عن الصعود تفلُّتًا من شدة الضيق" معنًى مقبولٌ مع الإضمار الذي تقديره "كأنّما يريد أن يصعَّد في السماء ولا يقدرُ عليه"، فانظر كم أضمرنا من الكلام، والإضمار خلاف الأصل، وإن كان لا يمتنعُ تعدّد التنوّعِ في التأويل.
  • في تفسيرها "بانعدام الهواء كلما تصعدنا في السماء" تصنيفٌ لها أنها "مفردةٌ معرفية" تنتظم في سياق "النظم القرآني" لتعليم المسلمين والبشر من كتاب الله ما به تشملهم هداية الله في الكونيات فوق هدايته لهم في الدين والشريعة.
  • في تصنيفي لها "كـمفردة معرفية في العلوم الكونيّة" مقابَلةٌ لتصنيفي لأجزائها المعرفيّة الأخرى المستفادة في باقي العلوم، مثل "المفردات المعرفية في الصرف" مثلا، ففيها جواز إدغام التاء في الصاد مثلا في يصّعّد، وفي النحو بجواز تعدّي الفعل يصّعّدُ بحرف الجر "في"، وفي البلاغة بأن هذا التعدّي بحرف الجرّ "في" للدلالة على أن السماء هي المسلكُ في التصعّد لأن "في" تفيد الظرفية لا الغاية، وهكذا إلى ما لا يحصَرُ من هدايات الهادي سبحانه وتــعالى.
  • الراجحُ عندي أنّ الاختلاف الواقع في تأويلها مقصودٌ من الله سبـحانهُ لتكونَ هذه "المفردة المعرفية" كذلك "مفتاحًا معرفيًّا" للبحث في الحقائق الكونيّة للإحاطة بحقيقة عمل القلب وخصائص طبقات السماء، ونظيرتها الجامعة لهما قوله سبحانه: ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ(18). وأنا أجعلُ "المفاتيح المعرفية" بمثابة "مفرداتٍ معرفيةً" لعلم منهجية البحث.
والله أعلى وأعلم.
 
عودة
أعلى