احمد صبري
Member
” أينَ الأمَّةُ الأُمِّيَّةُ ونبيُّها " :
قال ابن كثير:
وقوله : "فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي" أخبرهم أنه رسول الله إليهم ، ثم أمرهم باتباعه والإيمان به ، " النبي الأمي" أي : الذي وُعِدتم به وبُشرتم به في الكتب المتقدمة ، فإنه منعوت بذلك في كتبهم ; ولهذا قال: "النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته" أي : يصدق قوله عمله ، وهو يؤمن بما أنزل إليه من ربه " واتبعوه " أي : اسلكوا طريقه واقتفوا أثره ، " لعلكم تهتدون " أي : إلى الصراط المستقيم .اهـ
وفي الحديث الصحيح : لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عَمْرِو بنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، قُلتُ: أخْبِرْنِي عن صِفَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في التَّوْرَاةِ؟ قالَ: أجَلْ، واللَّهِ إنَّه لَمَوْصُوفٌ في التَّوْرَاةِ ببَعْضِ صِفَتِهِ في القُرْآنِ: {يَا أيُّها النبيُّ إنَّا أرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا ومُبَشِّرًا ونَذِيرًا} [الأحزاب: 45]، وحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أنْتَ عَبْدِي ورَسولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ ليسَ بفَظٍّ ولَا غَلِيظٍ، ولَا سَخَّابٍ في الأسْوَاقِ، ولَا يَدْفَعُ بالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، ولَكِنْ يَعْفُو ويَغْفِرُ، ولَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حتَّى يُقِيمَ به المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بأَنْ يقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ويَفْتَحُ بهَا أعْيُنًا عُمْيًا، وآذَانًا صُمًّا، وقُلُوبًا غُلْفًا ".
الراوي : عبدالله بن عمرو المصدر : صحيح البخاري
قوله تعالى :" وما كنت تتلو من قبله من كتاب " الضمير في ( قبله ) عائد إلى الكتاب وهو القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ; أي وما كنت يا محمد تقرأ قبله ولا تختلف إلى أهل الكتاب ; بل أنزلناه إليك في غاية الإعجاز والتضمين للغيوب وغير ذلك فلو كنت ممن يقرأ كتابا ويخط حروفا لارتاب المبطلون أي من أهل الكتاب وكان لهم في ارتيابهم متعلق ، وقالوا : الذي نجده في كتبنا أنه أمي لا يكتب ولا يقرأ ، وليس به . قال مجاهد : كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يخط ولا يقرأ ; فنزلت هذه الآية ; قال النحاس : دليلا على نبوته لقريش ; لأنه لا يقرأ ولا يكتب ولا يخالط أهل الكتاب ، ولم يكن بمكة أهل الكتاب فجاءهم بأخبار الأنبياء والأمم وزالت الريبة والشك .اهـ
وقال ابن كثير:
وهذه الآية وأمثالها من أصرح الدلالات على عموم بعثته ، صلوات الله وسلامه عليه ، إلى جميع الخلق ، كما هو معلوم من دينه ضرورة ، وكما دل عليه الكتاب والسنة في غير ما آية وحديث ، فمن ذلك قوله تعالى : "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا " الأعراف : 158 ، وقال تعالى : "تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا" الفرقان : 1 ،، وفي الصحيحين وغيرهما ، مما ثبت تواتره بالوقائع المتعددة ، أنه بعث كتبه صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله ملوك الآفاق ، وطوائف بني آدم من عربهم وعجمهم ، كتابيهم وأميهم ، امتثالا لأمر الله له بذلك . وقد روى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " والذي نفسي بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ، ومات ولم يؤمن بالذي أرسلت به ، إلا كان من أهل النار " رواه مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم : " بعثت إلى الأحمر والأسود " وقال : " كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة .إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث .اهـ
قال أبو جعفر الطبري : يعني بذلك جل ثناؤه: أنّ من استحلّ الخيانةَ من اليهود، وجحودَ حقوق العربيّ التي هي له عليه، فلم يؤدّ ما ائتمنه العربيُّ عليه إلا ما دامَ له متقاضيًا مطالبًا ، من أجل أنه يقول: لا حرَج علينا فيما أصبنا من أموال العرب ولا إثم، لأنهم على غير الحق، وأنهم مشركون.
وعن قتادة: ليس علينا في المشركين سبيل ، يعنون من ليس من أهل الكتاب.
وعن السدي: يقال له: ما بالك لا تؤدِّي أمانتك؟ فيقول: ليس علينا حرج في أموال العرب، قد أحلَّها الله لنا! !
وعن سعيد بن جبير: لما نـزلت " وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ... "الاية ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: كذبَ أعداءُ الله، ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدميّ، إلا الأمانة، فإنها مؤدّاةٌ إلى البر والفاجر.
وعن صعصعة: أن رجلا سأل ابن عباس فقال: إنا نصيب في الغزْو من أموال أهل الذمة الدجاجةَ والشاة، فقال ابن عباس: فتقولون ماذا؟ قال نقول: ليس علينا بذلك بأس! قال: هذا كما قال أهل الكتاب:" ليس علينا في الأميين سبيل " إنهم إذا أدّوا الجزية لم تحلّ لكم أموالهم إلا بطيِب أنفسهم. اهـ
وقوله تعالى : "هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم" الأميون هم : العرب كما قال تعالى "وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم .." الاية ، وتخصيص الأميين بالذكر لا ينفي من عداهم ، ولكن المنة عليهم أبلغ وآكد ، كما في قوله : "وإنه لذكر لك ولقومك " الزخرف :44 ، وهو ذكر لغيرهم يتذكرون به . وكذا قوله : "وأنذر عشيرتك الأقربين " الشعراء : 214 ، وهذا وأمثاله لا ينافي قوله تعالى : "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا " الأعراف: 158 ، وقوله : "لأنذركم به ومن بلغ" الأنعام : 19...
وهذه الآية هي مصداق إجابة الله لخليله إبراهيم حين دعا لأهل مكة أن يبعث الله فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة . فبعثه الله سبحانه وتعالى وله الحمد والمنة ، على حين فترة من الرسل ، وطموس من السبل ، وقد اشتدت الحاجة إليه ، وقد مقت الله أهل الأرض عربهم وعجمهم ، إلا بقايا من أهل الكتاب - أي : نزرا يسيرا - ممن تمسك بما بعث الله به عيسى ابن مريم عليه السلام ; ولهذا قال تعالى : "هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين" ،، وذلك أن العرب كانوا قديما متمسكين بدين إبراهيم الخليل عليه السلام فبدلوه وغيروه ، وقلبوه وخالفوه ، واستبدلوا بالتوحيد شركا وباليقين شكا ، وابتدعوا أشياء لم يأذن بها الله وكذلك أهل الكتابين قد بدلوا كتبهم وحرفوها وغيروها وأولوها ، فبعث الله محمدا صلوات الله وسلامه عليه بشرع عظيم كامل شامل لجميع الخلق ، فيه هدايتهم ، والبيان لجميع ما يحتاجون إليه من أمر معاشهم ومعادهم ، والدعوة لهم إلى ما يقربهم إلى الجنة ، ورضا الله عنهم ، والنهي عما يقربهم إلى النار وسخط الله . حاكم ، فاصل لجميع الشبهات والشكوك ، والريب في الأصول والفروع . وجمع له تعالى ، وله الحمد والمنة جميع المحاسن ممن كان قبله ، وأعطاه ما لم يعط أحدا من الأولين ، ولا يعطيه أحدا من الآخرين ، فصلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين. اهـ
الصفحة أو الرقم: 3482 - : 6749 خلاصة حكم المحدث : صحيح
والمحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند
الصفحة أو الرقم: 666 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ، رجاله رجال الصحيح
شرح الحديث
«نحنُ آخِرُ الأمَمِ»، أي: آخِرُها وُجودًا في الزَّمنِ، «وأوَّلُ مَن يُحاسَبُ» يومَ القِيامةِ، «يُقالُ: أين الأُمَّةُ الأمِّيَّةُ ونَبيُّها؟»، أي: الأُمَّةُ التي كانت لا تَقرأُ ولا تَكتُبُ على الغالِبِ فيها عندَ بَدءِ الرِّسالةِ، ونَبيُّها كان أُمِّيًّا، فهي منسوبةٌ إلى أمِّيَّتِه، «فنحن الآخِرون»، في زَمانِ الدُّنيا، «الأوَّلون»، أي: الأوَّلونَ في الحِسابِ ودُخولِ الجَنَّةِ، والأوَّلونَ مَنزلةً وكرامةً يَومَ القِيامةِ.
شرح الحديث من إرشاد الساري
"إنا" ( أي العرب أو نفسه المقدسةصلى الله عليه وسلم ( "أمة") جماعة قريش ( "أمية") بلفظ النسبة إلى الأم أي باقون على الحالة التي ولدتنا عليها الأمهات ( "لا نكتب") بيان لكونهم كذلك أو المراد النسبة إلى أمة العرب لأنهم ليسوا أهل كتاب والكاتب منهم نادر ( "ولا نحسب" (بضم السين لا نعرف حساب النجوم وتسييرها فلم نكلف في تعريف مواقيت صومنا ولا عبادتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة إنما ربطت عبادتنا بأعلام واضحة وأمور ظاهرة لائحة يستوي في معرفتها الحساب وغيرهم، ثم تمم عليه الصلاة والسلام هذا المعنى بإشارته بيده من غير لفظ إشارة يفهمها الأخرس والأعجمي ( الشهر هكذا وهكذا .اهـ
يتبع بإذن الله تعالى
- قال تعالى :"الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (157)الاعراف
قال ابن كثير:
وقوله : "فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي" أخبرهم أنه رسول الله إليهم ، ثم أمرهم باتباعه والإيمان به ، " النبي الأمي" أي : الذي وُعِدتم به وبُشرتم به في الكتب المتقدمة ، فإنه منعوت بذلك في كتبهم ; ولهذا قال: "النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته" أي : يصدق قوله عمله ، وهو يؤمن بما أنزل إليه من ربه " واتبعوه " أي : اسلكوا طريقه واقتفوا أثره ، " لعلكم تهتدون " أي : إلى الصراط المستقيم .اهـ
وفي الحديث الصحيح : لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عَمْرِو بنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، قُلتُ: أخْبِرْنِي عن صِفَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في التَّوْرَاةِ؟ قالَ: أجَلْ، واللَّهِ إنَّه لَمَوْصُوفٌ في التَّوْرَاةِ ببَعْضِ صِفَتِهِ في القُرْآنِ: {يَا أيُّها النبيُّ إنَّا أرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا ومُبَشِّرًا ونَذِيرًا} [الأحزاب: 45]، وحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أنْتَ عَبْدِي ورَسولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ ليسَ بفَظٍّ ولَا غَلِيظٍ، ولَا سَخَّابٍ في الأسْوَاقِ، ولَا يَدْفَعُ بالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، ولَكِنْ يَعْفُو ويَغْفِرُ، ولَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حتَّى يُقِيمَ به المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بأَنْ يقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ويَفْتَحُ بهَا أعْيُنًا عُمْيًا، وآذَانًا صُمًّا، وقُلُوبًا غُلْفًا ".
الراوي : عبدالله بن عمرو المصدر : صحيح البخاري
- وقال تعالى : " وَمَا كُنتَ تَتْلُوا مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ" (48) العنكبوت
قوله تعالى :" وما كنت تتلو من قبله من كتاب " الضمير في ( قبله ) عائد إلى الكتاب وهو القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ; أي وما كنت يا محمد تقرأ قبله ولا تختلف إلى أهل الكتاب ; بل أنزلناه إليك في غاية الإعجاز والتضمين للغيوب وغير ذلك فلو كنت ممن يقرأ كتابا ويخط حروفا لارتاب المبطلون أي من أهل الكتاب وكان لهم في ارتيابهم متعلق ، وقالوا : الذي نجده في كتبنا أنه أمي لا يكتب ولا يقرأ ، وليس به . قال مجاهد : كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يخط ولا يقرأ ; فنزلت هذه الآية ; قال النحاس : دليلا على نبوته لقريش ; لأنه لا يقرأ ولا يكتب ولا يخالط أهل الكتاب ، ولم يكن بمكة أهل الكتاب فجاءهم بأخبار الأنبياء والأمم وزالت الريبة والشك .اهـ
- وقال تعالى : " وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ" (78) البقرة
- قال تعالى : " فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ۗ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ۚ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ" (20 (ال عمران
وقال ابن كثير:
وهذه الآية وأمثالها من أصرح الدلالات على عموم بعثته ، صلوات الله وسلامه عليه ، إلى جميع الخلق ، كما هو معلوم من دينه ضرورة ، وكما دل عليه الكتاب والسنة في غير ما آية وحديث ، فمن ذلك قوله تعالى : "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا " الأعراف : 158 ، وقال تعالى : "تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا" الفرقان : 1 ،، وفي الصحيحين وغيرهما ، مما ثبت تواتره بالوقائع المتعددة ، أنه بعث كتبه صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله ملوك الآفاق ، وطوائف بني آدم من عربهم وعجمهم ، كتابيهم وأميهم ، امتثالا لأمر الله له بذلك . وقد روى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " والذي نفسي بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ، ومات ولم يؤمن بالذي أرسلت به ، إلا كان من أهل النار " رواه مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم : " بعثت إلى الأحمر والأسود " وقال : " كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة .إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث .اهـ
- ويقول تعالى : " وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" (75) ال عمران
قال أبو جعفر الطبري : يعني بذلك جل ثناؤه: أنّ من استحلّ الخيانةَ من اليهود، وجحودَ حقوق العربيّ التي هي له عليه، فلم يؤدّ ما ائتمنه العربيُّ عليه إلا ما دامَ له متقاضيًا مطالبًا ، من أجل أنه يقول: لا حرَج علينا فيما أصبنا من أموال العرب ولا إثم، لأنهم على غير الحق، وأنهم مشركون.
وعن قتادة: ليس علينا في المشركين سبيل ، يعنون من ليس من أهل الكتاب.
وعن السدي: يقال له: ما بالك لا تؤدِّي أمانتك؟ فيقول: ليس علينا حرج في أموال العرب، قد أحلَّها الله لنا! !
وعن سعيد بن جبير: لما نـزلت " وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ... "الاية ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: كذبَ أعداءُ الله، ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدميّ، إلا الأمانة، فإنها مؤدّاةٌ إلى البر والفاجر.
وعن صعصعة: أن رجلا سأل ابن عباس فقال: إنا نصيب في الغزْو من أموال أهل الذمة الدجاجةَ والشاة، فقال ابن عباس: فتقولون ماذا؟ قال نقول: ليس علينا بذلك بأس! قال: هذا كما قال أهل الكتاب:" ليس علينا في الأميين سبيل " إنهم إذا أدّوا الجزية لم تحلّ لكم أموالهم إلا بطيِب أنفسهم. اهـ
- قال تعالى: "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" (2) الجمعة
وقوله تعالى : "هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم" الأميون هم : العرب كما قال تعالى "وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم .." الاية ، وتخصيص الأميين بالذكر لا ينفي من عداهم ، ولكن المنة عليهم أبلغ وآكد ، كما في قوله : "وإنه لذكر لك ولقومك " الزخرف :44 ، وهو ذكر لغيرهم يتذكرون به . وكذا قوله : "وأنذر عشيرتك الأقربين " الشعراء : 214 ، وهذا وأمثاله لا ينافي قوله تعالى : "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا " الأعراف: 158 ، وقوله : "لأنذركم به ومن بلغ" الأنعام : 19...
وهذه الآية هي مصداق إجابة الله لخليله إبراهيم حين دعا لأهل مكة أن يبعث الله فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة . فبعثه الله سبحانه وتعالى وله الحمد والمنة ، على حين فترة من الرسل ، وطموس من السبل ، وقد اشتدت الحاجة إليه ، وقد مقت الله أهل الأرض عربهم وعجمهم ، إلا بقايا من أهل الكتاب - أي : نزرا يسيرا - ممن تمسك بما بعث الله به عيسى ابن مريم عليه السلام ; ولهذا قال تعالى : "هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين" ،، وذلك أن العرب كانوا قديما متمسكين بدين إبراهيم الخليل عليه السلام فبدلوه وغيروه ، وقلبوه وخالفوه ، واستبدلوا بالتوحيد شركا وباليقين شكا ، وابتدعوا أشياء لم يأذن بها الله وكذلك أهل الكتابين قد بدلوا كتبهم وحرفوها وغيروها وأولوها ، فبعث الله محمدا صلوات الله وسلامه عليه بشرع عظيم كامل شامل لجميع الخلق ، فيه هدايتهم ، والبيان لجميع ما يحتاجون إليه من أمر معاشهم ومعادهم ، والدعوة لهم إلى ما يقربهم إلى الجنة ، ورضا الله عنهم ، والنهي عما يقربهم إلى النار وسخط الله . حاكم ، فاصل لجميع الشبهات والشكوك ، والريب في الأصول والفروع . وجمع له تعالى ، وله الحمد والمنة جميع المحاسن ممن كان قبله ، وأعطاه ما لم يعط أحدا من الأولين ، ولا يعطيه أحدا من الآخرين ، فصلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين. اهـ
- وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " نحنُ آخِرُ الأمَمِ ، وأوَّلُ مَنْ يُحاسَبُ ، يقالُ : أينَ الأمَّةُ الأُمِّيَّةُ ونبيُّها ، فنحنُ الآخِرونَ الأوَّلونَ ".
الصفحة أو الرقم: 3482 - : 6749 خلاصة حكم المحدث : صحيح
والمحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند
الصفحة أو الرقم: 666 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ، رجاله رجال الصحيح
شرح الحديث
«نحنُ آخِرُ الأمَمِ»، أي: آخِرُها وُجودًا في الزَّمنِ، «وأوَّلُ مَن يُحاسَبُ» يومَ القِيامةِ، «يُقالُ: أين الأُمَّةُ الأمِّيَّةُ ونَبيُّها؟»، أي: الأُمَّةُ التي كانت لا تَقرأُ ولا تَكتُبُ على الغالِبِ فيها عندَ بَدءِ الرِّسالةِ، ونَبيُّها كان أُمِّيًّا، فهي منسوبةٌ إلى أمِّيَّتِه، «فنحن الآخِرون»، في زَمانِ الدُّنيا، «الأوَّلون»، أي: الأوَّلونَ في الحِسابِ ودُخولِ الجَنَّةِ، والأوَّلونَ مَنزلةً وكرامةً يَومَ القِيامةِ.
- وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لا نَكْتُبُ ولَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وهَكَذَا يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وعِشْرِينَ، ومَرَّةً ثَلَاثِينَ ".
شرح الحديث من إرشاد الساري
"إنا" ( أي العرب أو نفسه المقدسةصلى الله عليه وسلم ( "أمة") جماعة قريش ( "أمية") بلفظ النسبة إلى الأم أي باقون على الحالة التي ولدتنا عليها الأمهات ( "لا نكتب") بيان لكونهم كذلك أو المراد النسبة إلى أمة العرب لأنهم ليسوا أهل كتاب والكاتب منهم نادر ( "ولا نحسب" (بضم السين لا نعرف حساب النجوم وتسييرها فلم نكلف في تعريف مواقيت صومنا ولا عبادتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة إنما ربطت عبادتنا بأعلام واضحة وأمور ظاهرة لائحة يستوي في معرفتها الحساب وغيرهم، ثم تمم عليه الصلاة والسلام هذا المعنى بإشارته بيده من غير لفظ إشارة يفهمها الأخرس والأعجمي ( الشهر هكذا وهكذا .اهـ
يتبع بإذن الله تعالى