أبو فهر السلفي
New member
- إنضم
- 26/12/2005
- المشاركات
- 770
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
(1)
النظر في أي مسألة يحتاج إلى حُزمة من الأدوات المعرفية، وهذه الأدوات على ثلاثة أنواع :
الأول : ما يرجع إلى مادة معلوماتية تُجمع حول المسألة محل البحث،كجمع طرق الحديث قبل الحكم عليه،وكاستقراء الأفراد قبل الخروج بحجة استقرائية.
الثاني: ما هو مجموعة من القضايا سبق إثبات صلاحيتها لأن تُنتج المعرفة في الباب المعين الذي منه المسألة رغم كونها قد لا تُنتج معرفة في باب آخر كإجماع الفقهاء فهو يُنتج معرفة في فقه الوحي لكنه لا يُنتج معرفة في العلوم الطبيعية بل هو فيها كغيره مفتقر إلى حجة أخرى.
الثالث: ما هو كليات معرفية سبق إثبات أنها قابلة لإنتاج المعرفة في كل باب ،بحيث متى تعلقت بباب = أنتجت معرفة فيه مثل أن الكل أكبر من الجزء،وأن قول الله ورسوله صدق لا كذب فيه.
الثاني: ما هو مجموعة من القضايا سبق إثبات صلاحيتها لأن تُنتج المعرفة في الباب المعين الذي منه المسألة رغم كونها قد لا تُنتج معرفة في باب آخر كإجماع الفقهاء فهو يُنتج معرفة في فقه الوحي لكنه لا يُنتج معرفة في العلوم الطبيعية بل هو فيها كغيره مفتقر إلى حجة أخرى.
الثالث: ما هو كليات معرفية سبق إثبات أنها قابلة لإنتاج المعرفة في كل باب ،بحيث متى تعلقت بباب = أنتجت معرفة فيه مثل أن الكل أكبر من الجزء،وأن قول الله ورسوله صدق لا كذب فيه.
(2)
فيما يزيد على عام ونصف مرت على المسلمين منذ انفجرت تلك الأحداث التي تمر بنا حاولتُ أن أُقل الكلام قدر الطاقة حول ما يحدث،وأن أفسح المجال لنفسي أتأمل فيما يقوله الناس وفيما يكتبونه ، فأعرف وأنكر ،وأسخط وأرضى ،وآخذ وأدع ، مجاهداً نفسي ألا أرد قولاً لجهالة قائل ولا لضعته ولا لباطل أنِف منه ، محاولاً جهدي – وهو أشق – ألا أقبل قول قائل لسابق عهد أو محبة أو أُنس ، محاولاً جهدي وهو أشقها جميعاً : ألا أرد جملة أو أقبل جملة وألا يحملني وجود الباطل في كلام الرجل على إضاعة ما فيه من الحق ، وألا يحملني وجود الحق في كلام الرجل على أن أغفل عن ما فيه من الباطل ، وأن أعدل ما استطعت فإنه ما ذر قرن الفتنة بعد محمد وأصحابه إلا بإضاعة العدل ، وأن أقواماً غمطوا رجالاً فجحدوا خيرهم لما رأوه من شرهم ، وأن أقواماً لم ينصحوا في رجال فغشَّوا شرهم لما رأوه من خيرهم.
(3)
وإن مما أنكرتُ فيما رأيتُ وقرأتُ وسمعتُ أن أقوماً تصدروا للقول فقيل فقهاء وقيل ساسة وفيهم غفلة شديدة جداً عن أصول محكمات من لم يُدخلها في ميزان نظره ومدارك تعقله = قل أن يهتدي لحق أو ينجو من باطل ، فهي أصدق معطيات في زحام من ركام الباطل يحوطنا من كل جانب ، فإذا هم أعرضوا عنها وأضاعوها أو غفلوا عنها ونسيوها،ولا يذهب ظنك حين تراني أذكر تلك الأصول بعدُ أنه لا أحد يُنكرها، فإن كلامي هو في الذكر والعمل لا في المعرفة والقول ،وأكتفي الآن بذكر أصل كلي منها ووجوه من الغفلة عنه وإضاعتها:
(4)
والأصل هو : أن هذه الأمة يُصاب منها لكنها لا تستؤصل.
وأذكر من وجوه إضاعته ما يلي:
أولاً: منذ مائة عام تُسطر كتب تصور أعداء المسلمين كأنما هم آلهة تحكم العالم؛ إذا أرادوا = قضوا وأُمضي قضاؤهم لا تحول بينه وبين المضاء قوة ، وصوروا العالم مسرحاً كبيراً لمؤامرة محبوكة ليس لنا حيلة إلا أن تظل أعناقنا لها خاضعة نرفع رؤوسنا الفينة بعد الفينة لنبصر شيئاً من فصول المؤامرة التي تُكاد لنا ثم ترتد أبصارنا إلى الأرض خاسئة حسيرة مستسلمة لمقادير حكماء صهيون غايتها أن تجد لها بقعة خنوع على رقعة الشطرنج، وامتلأت أوراق صفراء بالية بأساطير الماسونية والعم سام ذي الأنف المعقوفة مستو على عرش الكرة الأرضية كأنما هو إلهها.
والويل لك إذا اعترضت إذاً تحوطك الابتسامات الهازئة بسذاجتك وغفلتك وقلة تدبيرك، وكلما أوردت عليهم ما ينقض غزل حججهم على هذا البناء التآمري = جعلوا هذه الحجج ثابتة واقعة لكنها جزء من المؤامرة نفسها حتى يستدل بها أمثالك على عدم وجود مؤامرة وتمضي المؤامرة إلى وجهتها بيضاء من غير سوء.
هزيمة نفسية لا أسعد لقلب عدوك من نموها وترعرعها وشيوع حالة جبرية توقن أنه لا حيلة لها إلا أن ينتهي عمر أمة الإسلام ويخرج المهدي وينزل المسيح ونقضي على أعدائنا بقوة سماوية خالصة لا كد لنا فيها ولا عمل وتدبر كيف تكثر الكتب المروجة لمكذوبات أحاديث الفتن والتي تتوسع في قبول الضعيف منها ولا تزن الصحيح منها بالثابت من دين الإسلام = كلما وقعت بالمسلمين هزيمة أو استطال عليهم عدوهم وأصاب منهم.
فيما يزيد على عام ونصف مرت على المسلمين منذ انفجرت تلك الأحداث التي تمر بنا حاولتُ أن أُقل الكلام قدر الطاقة حول ما يحدث،وأن أفسح المجال لنفسي أتأمل فيما يقوله الناس وفيما يكتبونه ، فأعرف وأنكر ،وأسخط وأرضى ،وآخذ وأدع ، مجاهداً نفسي ألا أرد قولاً لجهالة قائل ولا لضعته ولا لباطل أنِف منه ، محاولاً جهدي – وهو أشق – ألا أقبل قول قائل لسابق عهد أو محبة أو أُنس ، محاولاً جهدي وهو أشقها جميعاً : ألا أرد جملة أو أقبل جملة وألا يحملني وجود الباطل في كلام الرجل على إضاعة ما فيه من الحق ، وألا يحملني وجود الحق في كلام الرجل على أن أغفل عن ما فيه من الباطل ، وأن أعدل ما استطعت فإنه ما ذر قرن الفتنة بعد محمد وأصحابه إلا بإضاعة العدل ، وأن أقواماً غمطوا رجالاً فجحدوا خيرهم لما رأوه من شرهم ، وأن أقواماً لم ينصحوا في رجال فغشَّوا شرهم لما رأوه من خيرهم.
(3)
وإن مما أنكرتُ فيما رأيتُ وقرأتُ وسمعتُ أن أقوماً تصدروا للقول فقيل فقهاء وقيل ساسة وفيهم غفلة شديدة جداً عن أصول محكمات من لم يُدخلها في ميزان نظره ومدارك تعقله = قل أن يهتدي لحق أو ينجو من باطل ، فهي أصدق معطيات في زحام من ركام الباطل يحوطنا من كل جانب ، فإذا هم أعرضوا عنها وأضاعوها أو غفلوا عنها ونسيوها،ولا يذهب ظنك حين تراني أذكر تلك الأصول بعدُ أنه لا أحد يُنكرها، فإن كلامي هو في الذكر والعمل لا في المعرفة والقول ،وأكتفي الآن بذكر أصل كلي منها ووجوه من الغفلة عنه وإضاعتها:
(4)
والأصل هو : أن هذه الأمة يُصاب منها لكنها لا تستؤصل.
وأذكر من وجوه إضاعته ما يلي:
أولاً: منذ مائة عام تُسطر كتب تصور أعداء المسلمين كأنما هم آلهة تحكم العالم؛ إذا أرادوا = قضوا وأُمضي قضاؤهم لا تحول بينه وبين المضاء قوة ، وصوروا العالم مسرحاً كبيراً لمؤامرة محبوكة ليس لنا حيلة إلا أن تظل أعناقنا لها خاضعة نرفع رؤوسنا الفينة بعد الفينة لنبصر شيئاً من فصول المؤامرة التي تُكاد لنا ثم ترتد أبصارنا إلى الأرض خاسئة حسيرة مستسلمة لمقادير حكماء صهيون غايتها أن تجد لها بقعة خنوع على رقعة الشطرنج، وامتلأت أوراق صفراء بالية بأساطير الماسونية والعم سام ذي الأنف المعقوفة مستو على عرش الكرة الأرضية كأنما هو إلهها.
والويل لك إذا اعترضت إذاً تحوطك الابتسامات الهازئة بسذاجتك وغفلتك وقلة تدبيرك، وكلما أوردت عليهم ما ينقض غزل حججهم على هذا البناء التآمري = جعلوا هذه الحجج ثابتة واقعة لكنها جزء من المؤامرة نفسها حتى يستدل بها أمثالك على عدم وجود مؤامرة وتمضي المؤامرة إلى وجهتها بيضاء من غير سوء.
هزيمة نفسية لا أسعد لقلب عدوك من نموها وترعرعها وشيوع حالة جبرية توقن أنه لا حيلة لها إلا أن ينتهي عمر أمة الإسلام ويخرج المهدي وينزل المسيح ونقضي على أعدائنا بقوة سماوية خالصة لا كد لنا فيها ولا عمل وتدبر كيف تكثر الكتب المروجة لمكذوبات أحاديث الفتن والتي تتوسع في قبول الضعيف منها ولا تزن الصحيح منها بالثابت من دين الإسلام = كلما وقعت بالمسلمين هزيمة أو استطال عليهم عدوهم وأصاب منهم.
والأصل الذي يَغفل عنه هؤلاء أن هذه الأمة يُصاب منها لكنها لا تُستأصل ، وأنه قد قضى الله لنا بدعاء نبينا أنه لا تزال طائفة من المسلمين على الحق لا تُستأصل شأفتهم ولا يضرهم من خذلهم ، وأن أعداءنا بشر مثلنا يصيبون ويخطؤون وينفذ تخطيطهم ويفشل ،وأنهم أيضاً يختلفون ويتضارب تخطيطهم وأن اختلافهم وتدافعهم مما ينفعنا ويقتل آمالهم وأن هذا العقل الكلي المحرك للعالم كذب ووهم ،وأنهم إذا أرادوا لنا خيراً من ورائه شر لم يجز لنا أن نقطع عن أنفسنا الخير والشر بل ننظر كيف نعمل في ذلك طلباً من الخير أحسنه ودفعاً من الشر أكثره،وأن الله من ورائهم محيط وأنه لن تموت أمة حتى تستكمل أجلها ورزقها وأن كل هذه الأصول الثوابت أجراها الله كوناً وكلفنا العمل بما يُنتجها شرعاً ،وأن الله أمرنا بالعمل لا نتخاذل عنه ولو قامت القيامة وبيد أحدنا فسيلة خير فليضعها موضعها لا يعجز ولا يكسل ولا يُقعده عن ذلك أن الحياة أُنُف.
(5)
ثانياً: الغفلة عن أن هذه الأمة يُصاب منها ، وأنه يصيبها أذى شديد ، مع النفرة من غلو نظريات المؤامرة وأصحابها = أورث هذان أقواماً غروراً شديداً (والغرور هو الخديعة) وحسبوا أنهم مانعتهم قوتهم،وخدروا كل بقية وعي فيهم بمقولات لا أساس لها تراواح بين الكلام عن تحضر الغرب، وبين السخرية من كل قول يُبقي في الناس الخوف من مكائد العدو ويُبثت ما تظهر بينته من هذه المكائد في حدود ما تُظهره البينة فلا يبلغ بالعدو درجة الإله الحاكم المسيطر الذي لا تخطيء مخططات له تتحرك بجدول زمني منذ مائتي، ولكنه كذلك لا يضع عدوه في خانة المسالم أو في خانة من أجل استحقاقات العداوة أو في خانة من قد اكتفى بهذا القدر من هزيمتك وضعفك فيضيعوا قدراً صادقاً من الحق لا يتخلف أن أعداءكم لا يألونكم خبالاً وودوا ما عنتم.
واستبدل أقوام من المسلمين صراعات داخلية بين مسلمين بالصراع الأصيل بين الكفر والإسلام فصرت تجد بينهم من البغض والإحن والمبالغة في تكثير الشر وتقليل الخير في مخالفيهم من المسلمين ما يفوق نظر نفوسهم في تبغيض الكفر والحذر من الكافرين،وقطَّعوا أواصر مجتمعاتهم وأفسدوا ما بينهم وفرقوا أنفسهم شيعاً تُظهر أنها تُفرق مسلمين بينا هي تستبطن تفريق الكافرين ولتعرفن ذلك منهم في لحن القول.
وترى الرجل منهم يُسمي الرجل (فلولاً) أو (علمانياً) أو (تنويرياً) أو (منحرفاً) أو (مستبداً) أو (عسكراً كاذباً عميلاً) يقول فيه ويفعل أكثر ما يقال ويفعل في الكافر فإذا أخذت بعظمة لسانه وقلت له أتراه كافراً أو ترى ما يأتي منه من الشر أعظم أبداً مما يأتي ممن سلطه عليك بالأمس = جبن أكثرهم عن ذلك فكان مقام أولئك في دعواهم مقام المسلمين وفي عملهم مقام الكافرين،ولا يكون هذا في أمة إلا تسلط عليها عدوها ؛ فإن المسلم متى عمم المسلم بالبغض كره كل ما يأتي منه وقطع كل موضع يجمعه معه على مصاولة عدو أو دحر كافر، وليس أهون على الذئب من الغنم إذا تشرذمت وقصيت أفرادُها.
(5)
ثانياً: الغفلة عن أن هذه الأمة يُصاب منها ، وأنه يصيبها أذى شديد ، مع النفرة من غلو نظريات المؤامرة وأصحابها = أورث هذان أقواماً غروراً شديداً (والغرور هو الخديعة) وحسبوا أنهم مانعتهم قوتهم،وخدروا كل بقية وعي فيهم بمقولات لا أساس لها تراواح بين الكلام عن تحضر الغرب، وبين السخرية من كل قول يُبقي في الناس الخوف من مكائد العدو ويُبثت ما تظهر بينته من هذه المكائد في حدود ما تُظهره البينة فلا يبلغ بالعدو درجة الإله الحاكم المسيطر الذي لا تخطيء مخططات له تتحرك بجدول زمني منذ مائتي، ولكنه كذلك لا يضع عدوه في خانة المسالم أو في خانة من أجل استحقاقات العداوة أو في خانة من قد اكتفى بهذا القدر من هزيمتك وضعفك فيضيعوا قدراً صادقاً من الحق لا يتخلف أن أعداءكم لا يألونكم خبالاً وودوا ما عنتم.
واستبدل أقوام من المسلمين صراعات داخلية بين مسلمين بالصراع الأصيل بين الكفر والإسلام فصرت تجد بينهم من البغض والإحن والمبالغة في تكثير الشر وتقليل الخير في مخالفيهم من المسلمين ما يفوق نظر نفوسهم في تبغيض الكفر والحذر من الكافرين،وقطَّعوا أواصر مجتمعاتهم وأفسدوا ما بينهم وفرقوا أنفسهم شيعاً تُظهر أنها تُفرق مسلمين بينا هي تستبطن تفريق الكافرين ولتعرفن ذلك منهم في لحن القول.
وترى الرجل منهم يُسمي الرجل (فلولاً) أو (علمانياً) أو (تنويرياً) أو (منحرفاً) أو (مستبداً) أو (عسكراً كاذباً عميلاً) يقول فيه ويفعل أكثر ما يقال ويفعل في الكافر فإذا أخذت بعظمة لسانه وقلت له أتراه كافراً أو ترى ما يأتي منه من الشر أعظم أبداً مما يأتي ممن سلطه عليك بالأمس = جبن أكثرهم عن ذلك فكان مقام أولئك في دعواهم مقام المسلمين وفي عملهم مقام الكافرين،ولا يكون هذا في أمة إلا تسلط عليها عدوها ؛ فإن المسلم متى عمم المسلم بالبغض كره كل ما يأتي منه وقطع كل موضع يجمعه معه على مصاولة عدو أو دحر كافر، وليس أهون على الذئب من الغنم إذا تشرذمت وقصيت أفرادُها.
نعم. إن ما يقوله أصحاب نظرية المؤامرة في هذا الذي مررنا به في الفترة الماضية فيه كذب كثير لكنه أيضاً لا يخلو من صدق خطير،وإن آفة أولئك المروجين لنظرية المؤامرة هي أن كثرة الكذب في كلامهم تضيع ما معهم من بينات الحق،ولكنك إذا طلبتَ الصراط الذي خططته لك في أول الكلام = لم يُذهلك باطل القول عما فيه من حق ، وصرت تأذن للبينة وتُخلصها تخليص عزم وبصيرة من بين ترهات الكذب ،وإن تخليص ذلك ينطق بحقيقة أساسية :
هذا طور ثالث من أطوار العداوة بين الكفر والإسلام..
(6)
نعم..
كان الطور الأول طور إسقاط الدولة العثمانية واستعمار أراضيها بعد تقطيعها أوصالاً وقسمتها بين من تفرقهم مطامعهم وتجمعهم عداوتنا.
وكان الطور الثاني بعد ظهور قوى أخرى وزيادة عدد المتصارعين زيادة أدخلت رؤى استراتيجية جديدة وتضارباً في المصالح فكان خروج تلك الدول من أراضينا تاركة أناساً من بني جلدتنا ليسوا وجهاً واحداً في الشر ولا هم محصورين في شعبة واحدة من الدين،وإن أقواماً يُنسيهم حقدهم على هؤلاء الحكام وجوهاً أخرى لا يستقيم النظر ولا يعدل ما لم يعتبرها، ومن يهدر هذه الوجوه لا فرق بينه في فقدان الموضوعية العلمية وبين من يجعلهم خلفاء الراشدين وأئمة الدنيا والدين.
ثم طور ثالث الآن اختل فيه ميزان القوة اختلالاً عظيماً واهتز فيه اقتصاد دول عظمى كانت بالأمس امبراطوريات عظمى وهي اليوم تتفرس في وجه الأرض عن فريسة تعدل ما اختل من ميزانها بينا تلك القوة الكامنة في مركز العالم تخشى عن يمينها نتاج تفرس تلك النمور الجريحة وتخشى عن يسارها نهضة أسود لم تكن نهضتها في الحسبان وإن كل مراكز الصراع هذه تُحدق بأبصارها في جهة واحدة ليس في العالم موضع اليوم يؤكل غيرها ومن كان طعاماً ورأى في الأرض جوعى وحسب أن الجوعى لن يطلبوه طعاماً = فليس أقل غفلة ممن حسب أن الطعام مأكول ولابد مستأصل لا محالة وأنه لا حيلة له وأنه أجزاءه بين غافل وعميل.
(7)
نعم ليست خططاً معمرة لا تخطيء ولسنا أحجاراً على رقعة الشطرنج متحركنا عميل وساكننا غافل، لكنها كذلك ليست خلواً من التخطيط،ولا سِلماً استكان من حربك لا يطلبها ،ولم ينقلب الذئب حملاً وليس أحمقاً ليتركك تنزع ضعف الاستبداد لتضع مكانه قوة العدل،وإنما يطمع أن يبدلك ضعفاً بضعف ويطمع أنك تكون بعد هذا الإبدال أشد ضعفاً،وهو أبصر منك بموضع قوتك ويعلم أن الجيوش ولو كانت عميلة فإنه لا ينبغي أن تبقى قوية ولو كانت عميلة فإنه لا عمالة تدوم ولا مداهنة تستمر وإن الزمان يتقلب بأهله وإن أخشى ما يخشاه أن تنتج تلك الجيوش ضرباً آخر من الرجال أقوياء يصبرون للنزال حين يحين وقته.
نعم هذه خلاصة السعي : جيوش ضعيفة رخوة مشغولة باستنزاف الدنيا من حكومات كثيرة التبدل منكفئة على داخلها تطعم جيشها لتسكته باليمنى فتزيد من رخاوته وتطعم أقلياتها باليسرى لتسكنها فتزيد من تشظي مجتمعاتها التي يزيد تصدعها بصراعات التحزب والسياسة وإبدال الصراع السياسي محل صراع الكفر والإسلام، ويبقى رأس تلك الحكومات مع ذلك دائماً دون ريح ما يأتي من الغرب تريد طمأنته والسلامة لسلطتها فيكون السعي إذاً لتكون في دركة أنزل في سلم الصراع.
ومن حمله بغض نظريات المؤامرة على إنكار ما تقدم = فليُكمل الطريق للنهاية وليقل بصريح العبارة : إن الكفر يريد الإسلام قوياً، أو أنه يريده ضعيفاً ولكنه يترك ذلك للصدف السعيدة !!
ويمكرون ويمكر الله،والله يحب عباده واعين متبصرين،والغفلة مقتلة.
والحمد لله رب العالمين.