يوميات من بوركينافاسو

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع Amara
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

Amara

New member
إنضم
03/02/2009
المشاركات
576
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما

تحيرت من أين أبدأ.. فأمسكت عن الكلام لأيام..
لكن دافع الأمانة الذي تحملته ما فتئ يناوش قلبي أن أتكلم.. ولا أدر بم أتكلم.. ولا عم أتكلم..
أأكلمكم عن فقرهم المدقع حد أن الفقير عندنا يحسب من أهل الدثور عندهم..
أم أتكلم عن عميق إيمانهم بالله حدا يخجل المرء من نفسه..
أم سعيهم لالتزام السنة حين اختلفنا حولها وتخاصمنا..
لا أعلم بم أبدأ..
ولكني سأحاول وأسأل الله التوفيق.. حتى أقدم لكم الصورة التي رأتها عيني وألفتها من جميل السلام الذي يعيشونه..
ما ظننت يوما أن تحملني الخطوات إلى تلك الأماكن التي شاهدت عنها أفلاما كأنها الخيال.. حتى أذن الله لي أن أشارك في مؤتمر علمي هناك يقوم عليه المركز العالمي للرياضيات..
كنت أياما قبل أن أزور بوركينا فاسو.. أبحث عن تقاليد ذلك البلد في النت.. وعن الدين فيها.. حقيقة كانت كل المعلومات عنها مغلوطة.. سوى معلومة واحدة لكم أن تصدقوها وتتخيلوها على أبشع صورة.. هي أنها من الدول الفقيرة جدا.. ولكم أن تتخيلوا الفقر في أبشع صوره.. أو تتصوروا أن الفقر قد ولد هناك وتحصل على الجنسية أيضا.
لعلي أبدأ معكم من البداية.. من يوم حزمت أدباشي وانظلقت إلى المطار.. كانت الرحلة على متن الخطوط الملكية المغربية.. وقد توقفت بنا الطائرة مرتين مرة بالدار البيضاء ومرة بنيامي بالنيجر.. استغرقت الرحلة أكثر من يوم وليلة.. وقد وصلنا مطار واقادوقو فجرا.. أول ما وصلنا لم أعثر على حقيبتي بما فيها.. دفع الله ما كان أعظم فقد ذهبت ولا أدر أين ؟ وجميل ومن لطف الله أني أخذت كل أوراقي ووثائقي وقت التسجيل وإلا لذهبت معنا.. المهم لا علينا وصلنا ومعي وثائقي وجهاز اللاب توب.. فلما نزلنا وجدنا أحد الاخوة في استقبالنا.. كان لطيفا جدا.. مبتسما.. وأخذنا إلى محظة الحافلات غير بعيد من المطار.. لم أكن أعلم أنه مسلم.. قلت له : أريد أن أصلي الصبح.. فهل أستطيع أن أجد مكانا نظيفا.. قال لي : تريد الصلاة.. جيد يوجد مصلى في محطة الحافلات.. قلت في نفسي في بلادنا لم تكن توجد هذه المصليات حتى هرب ذاك.. سبحان الله.. وأخذني إلى المطهرة.. طبعا ليست حنفيات كما هي عندنا إنما هي قالون كبير مملوء ماء وبجانبه أباريق.. ملأ لي الابريق وقال لي اختر مكانا وتوظأ.. وكان المسكين خجولا فلعل مستوى حياتنا راق بدرجة أننا سنتعالى.. فجلست على الأرض وتوضأت ثم ذهبت إلى المصلى فصليت.. بعدها طلب منا وكان معنا أحد التونسيين المشاركين.. طلب منا أن نذهب لنفطر بانتظار أن تأت الحافلة..
ذهبنا معا إلى المقهى بجانب محطة الحافلات.. لكنه ليس مثل مقاهينا.. جلسنا على الكراسي فأتى بالحليب والبيض والخبز.. طبعا هناك كل شيء طبيعي حتى أنك لا تعجب إن مرت أمامك دجاجة بفراخها آمنة مطمئنة.. أكلنا ما شاء الله وحمدنا الله..
ثم رجعنا أدراجنا إلى محطة الحافلات.. شيء عجبت له أن المحطة كان بها خط نت مجاني..
لا شيء ينبؤك على أنك في العاصمة.. فأغلب الناس تتنقل على الدراجات.. وأغلب البنايات عبارة عن أكواخ.. ولكنها العاصمة..
قلت لزميلي التونسي : هذه العاصمة فكيف سيكون الحال في بوبو ديولاسو ؟

- يتبع إن شاء الله -

يغفر الله لي ولكم
عمارة سعد شندول
 
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما

امتطينا الحافلة قرابة الساعة التاسعة بتوقيب بوركينا في اتجاه بوبو ديولاسو..
يبقى لنا حوالي أربع ساعات حتى نصل إلى مكان المؤتمر..
الطبيعة أروع ما تكون.. كان بجانبي صاحبنا الذي استقبلنا وهو أيضا أستاذ في الرياضيات.. سألته عن اسمه فقال لي : اسمي حميدو كونكوبو.. قلت له : مسلم ؟ قال لي : نعم كثير من الناس هنا مسلمون.. قلت له : جيد كنت قرأت ذلك على النت حوالي 50 إلى 60 بالمائة مسلمون في بوركينا.. قال لي : لا النسب أكثر من هذا بكثير.. هذا كلام النت.. ولا يجب أن تصدقه..
كنا على امتداد الطريق.. كلما مررنا بقرية إلا وكان فيها مسجد بصومعة يدل على أن فيها مسلمون إن لم يكن جميعهم مسلمين.. صحيح أن المساجد صغيرة وبناؤها ليس جميلا.. ليست كالقصور التي نبنيها في بلادنا ونغرق في زركشة حيطانها ثم تكون عندنا مساجدا نصلي فيها.. إنما هي شاهد على أن في تلك القرية إسلام وفي تلك الروابي دين يعتز به أهله ويشهرونه بسلام ودون خوف ولا خجل..
كان هذا ما يلفت انتباهك على امتداد الطريق..

- يتبع إن شاء الله -

يغفر الله لي ولكم
عمارة سعد شندول
 
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما

وصلنا بوبو ديولاسو حوالي الساعة الواحدة.. استقلينا سيارة إلى مكان المؤتمر أين تم استقبالنا وسلمت مفاتيح السكن إلينا.. كان السكن مجمعا مسيحيا وبجانبه كنيسة ومدرسة.. كله اجتهاد المسيحيين هناك.
لكنك لن تترك عينك تتجول كثيرا حتى ترى صوامع المساجد في كل جانب.. وستألف أذناك أصوات الآذان لكل صلاة وأصوات الصلاة نفسها.. فهم يصلون بمكبرات الصوت.. ستسمع تراتيل القرآن لكل صلاة جهرية وستسمع التكبيرات..
ولن تعدم أن تسمع تراتيل المسيحيين أيضا كل صباح ومساء.. الله معك الله معك..
ولكنه سيملؤك حين ترى المسلمين وانتظامهم في المساجد وشوقهم إليه رجالا واطفالا ونساء.. حد أنك تجد صفوفا للنساء من وراء حجاب حتى في صلاة الصبح.. وهذا لم أعتد عليه في بلادنا.. اللهم إلا في البيت الحرام أو المسجد النبوي..

- يتبع إن شاء الله -

يغفر الله لي ولكم
عمارة سعد شندول
 
عودة
أعلى