يقولون: ضُبط ابن عطية متلبسا بالاعتزال !!!!

أبو صفوت

فريق إشراف الملتقى العلمي
إنضم
24/04/2003
المشاركات
655
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الإقامة
مصر
الموقع الالكتروني
no
إن ردَّ أقوال العلماء والحكم عليها بالبطلان والخطأ من الأمور التي تحتاج إلى تأصيل وبيان تضبط على أساسه تخطئة الآخرين ، ويوزن على مقياسه رد أقوال السابقين واللاحقين ؛ إذ ليس كل من رمى عالما بالخطأ مصيبا ، ولا كل من ردَّ قول عالم مبطلا .
والاقتراب من أهل الصناعة ومحاولة فهمهم والإنصات القلبي لهم يفتح لطالب العلم أبوابا مغلقة ، ويحل له إشكالات كثيرة ، ومن ذلك ما في تلك المسألة (تفسير الزيادة ) في قوله تعالى (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة)
فقد اتُهِمَ ابن عطية بالاعتزال لأنه بعد أن ذكر تفسير الزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم ، مرويا عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن جمع غفير من الصحابة رضي الله عنهم قال ( وقالت فرقة: الحسنى " هي الحسنة، والزيادة هي تضعيف الحسنات إلى سبعمائة فدونها حسبما روي في نص الحديث، وتفسير قوله تعالى " والله يضاعف لمن يشاء " وهذا قول يعضده النظر ولولا عظم القائلين بالقول الأول لترجح هذا القول، وطريق ترجيحه: أن الآية تتضمن اقترانا بين ذكر عُمَّال الحسنات، وعُمَّال السيئات، فوصف المحسنين بأن لهم حسنى وزيادة من جنسها، ووصف المسيئين بان لهم بالسيئة مثلها فتعادل الكلامان)
وهذا الذي نص على قوته وذكر طريق ترجيحه قول المعتزلة ، وهنا انتهى البحث وصار ابن عطية معتزليا .
ولو رجع المنصف إلى آثار السلف لوجد هذا القول الذي ذكره ابن عطية منقولا عنهم !!!
فأين الإشكال إذن ؟
هل من السلف مَن ينكر الرؤية يوم القيامة ؟
والجواب : لا .
إذن أين الخلل ؟
والجواب: أن تفسير النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم ليس تخصيصا للزيادة بهذا المعنى وحصرا لها فيه، وإنما هو تفسير بالمثال، أُريد به التمثيل لأعظم ما يدخل في معنى الزيادة ، وهذا كتفسيره صلى الله عليه وسلم الكوثر بأنه نهر في الجنة ، وتفسيره صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي ، وقد بين الطبري ذلك فقال بعد حكاية الأقوال عن السلف في المقصود من الزيادة في الآية
قال (وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تبارك وتعالى وَعَد المحسنين من عباده على إحسانهم الحسنى ، أن يجزيهم على طاعتهم إيّاه الجنة ، وأن تبيض وجوههم، ووعدهم مع الحسنى الزيادة عليها. ومن الزيادة على إدخالهم الجنة أن يكرمهم بالنظر إليه، وأن يعطيهم غُرفا من لآلئ، وأن يزيدَهم غفرانا ورضوانًا، كل ذلك من زيادات عطاء الله إياهم على الحسنى التي جعلها الله لأهل جناته. وعمّ ربنا جل ثناؤه بقوله:(وزيادة)، الزيادات على "الحسنى"، فلم يخصص منها شيئًا دون شيء، وغير مستنكَرٍ من فضل الله أن يجمع ذلك لهم، بل ذلك كله مجموع لهم إن شاء الله. فأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يُعَمَّ ، كما عمَّه عز ذكره)
فما رأيكم ؟
هل الطبري معتزلي كذلك ؟
ولو رجعت إلى ابن كثير ، لوجدته يقول (وقوله: { وَزِيَادَة } هي تضعيف ثواب الأعمال بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وزيادة على ذلك [أيضا] ويشمل ما يعطيهم الله في الجنان من القُصُور والحُور والرضا عنهم، وما أخفاه لهم من قرة أعين، وأفضل من ذلك وأعلاه النظرُ إلى وجهه الكريم، فإنه زيادة أعظم من جميع ما أعطوه، لا يستحقونها بعملهم، بل بفضله ورحمته)
فهل هو معتزلي كذلك ؟
إذن ما الفارق بين قولهم وقول المعتزلة ؟
أن المعتزلة حصروا معنى الزيادة في التضعيف ونفوا ان يكون مرادا به النظر ، وأما هؤلاء الأئمة ففسروا الزيادة بعمومها وما يدخل تحتها دون حصر لها في معنى بعينه ، بل الزيادة يدخل تحتها النظر إلى وجه الله الكريم ، وتضعيف الحسنات وغير ذلك مما يكرم الله به عباده .
ينظر: هل في تفسير ابن عطية اعتزاليات

ويصدق في مثل هذه المواقف قول الصولي في رسالته إلى مزاحم بن فاتك
[FONT=&quot]رأيت -أعزك الله- أكثر المتحلين بالأدب في زماننا هذا على خلاف ما عهدت عليه القدماء الماضين والعلماء الأستاذين : يطلب الرجل منهم فنًّا من فنون الآداب فيقسم له حظ فيه، وينال درجة منه، فلا يرى اسم العالم يتم له ، ولا أن الرياسة تنجذب إليه إلا بالطعن على العلماء ، والوضع من ماضيهم ، والاستحقار لباقيهم ويكثر ذلك على لسانه حتى يكون أجل فوائده ، وأكثر ما يمر في مجلسه.." [/FONT]
وصدق من قال:لأن نبطئ خير من أن نخطئ .
ورحم الله شيخ العربية محمود محمد شاكر لما علق على أمثال تلك المواقف قائلا (
أي نكبة نزلت بعلوم هذه الأمة العربية الإسلامية ، على يد الصغار في حقيقتهم ، الكبار في مراتبهم التي أنزلتهم إياها تصاريف الزمان ، فأطلقوا ألسنتهم في مواريث أربعة عشر قرنا بالاستهانة والقدح والازدراء ، وغفر الله للشريف الرضي حيث قال دفاعا عن نفسه ، والدفاع عن علم أمتنا أولى :
رموني بالعيوب ملفقات وقد علموا بأني لا أعاب
ولما لم يلاقوا في عيبا كسوني من عيوبهم وعابوا ))
مقدمة العلامة محمود شاكر في تحقيقه لأسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني ص : 27
 
جزى الله الكاتب خيرا ، لكنه لم يفصح عن من الذي قال ( ضبط ابن عطية متلبسا بالاعتزال ) ، وقد كنت كتبت في مقدمة كتابي ( فتح العزيز في تقريب المحرر الوجيز ) تعليقا على هذه المسألة أسوقها هنا للفائدة :

تفسير ابن عطية ومنهج المعتزلة

أثار د عبد الوهاب فايد في ( منهج ابن عطية في تفسير القرآن الكريم ) ( [1] ) وتبعه في ذلك محققو تفسير ابن عطية ( طبعة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة قطر ) مسألة انتقاد بعض أهل العلم تفسير ابن عطية ؛ وسماها د فايد بـ ( تهمة الاعتزال في تفسير ابن عطية ) وألصقوا بالمنتقدين أنهم رموا ابن عطية بالاعتزال ، وذهب كل منهم يرد هذه التهمة حسب ما تراءى له .
والحق أنهم لم يحسنوا عرض القول ولا الرد ، فليس في كلام ابن تيمية ما فيه رمي ابن عطية بالاعتزال ، ويمكن حمل كلام ابن عرفة والهيتمي على غير ما ذهبوا إليه ؛ وأنا أعرض أقوالهم وأبين ما فيه على ما ظهر لي ، والله المستعان .
أولا : ما قاله ابن تيمية - رحمه الله - في هذا الصدد :
قال : وَتَفْسِيرُ ابْنِ عَطِيَّةَ وَأَمْثَالِهِ أَتْبَعُ لِلسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ، وَأَسْلَمُ مِنْ الْبِدْعَةِ مِنْ تَفْسِيرِ الزمخشري ، وَلَوْ ذَكَرَ كَلَامُ السَّلَفِ الْمَوْجُودُ فِي التَّفَاسِيرِ الْمَأْثُورَةِ عَنْهُمْ عَلَى وَجْهِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَجْمَلَ ، فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَنْقُلُ مِنْ تَفْسِيرِ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطبري - وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ التَّفَاسِيرِ وَأَعْظَمِهَا قَدْرًا - ثُمَّ إنَّهُ يَدَعُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ السَّلَفِ لَا يَحْكِيهِ بِحَالِ ، وَيَذْكُرُ مَا يَزْعُمُ أَنَّهُ قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ ، وَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِمْ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الَّذِينَ قَرَّرُوا أُصُولَهُمْ بِطُرُقِ مِنْ جِنْسِ مَا قَرَّرَتْ بِهِ الْمُعْتَزِلَةُ أُصُولَهُمْ ، وَإِنْ كَانُوا أَقْرَبَ إلَى السُّنَّةِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ ؛ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَيَعْرِفَ أَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ التَّفْسِيرِ عَلَى الْمَذْهَبِ ( [2] ) ؛ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةَ إذَا كَانَ لَهُمْ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ قَوْلٌ وَجَاءَ قَوْمٌ فَسَّرُوا الْآيَةَ بِقَوْلِ آخَرَ لِأَجْلِ مَذْهَبٍ اعْتَقَدُوهُ وَذَلِكَ الْمَذْهَبُ لَيْسَ مِنْ مَذَاهِبِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ صَارُوا مُشَارِكِينَ لِلْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ فِي مِثْلِ هَذَا .
وفِي الْجُمْلَةِ مَنْ عَدَلَ عَنْ مَذَاهِبِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَفْسِيرِهِمْ إلَى مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ كَانَ مُخْطِئًا فِي ذَلِكَ ، بَلْ مُبْتَدِعًا وَإِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا مَغْفُورًا لَهُ خَطَؤُهُ ؛ فَالْمَقْصُودُ بَيَانُ طُرُقِ الْعِلْمِ وَأَدِلَّتِهِ وَطُرُقِ الصَّوَابِ ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الْقُرْآنَ قَرَأَهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَتَابِعُوهُمْ ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا أَعْلَمَ بِتَفْسِيرِهِ وَمَعَانِيهِ ، كَمَا أَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِالْحَقِّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ e ، فَمَنْ خَالَفَ قَوْلَهُمْ وَفَسَّرَ الْقُرْآنَ بِخِلَافِ تَفْسِيرِهِمْ فَقَدْ أَخْطَأَ فِي الدَّلِيلِ وَالْمَدْلُولِ جَمِيعًا ؛ وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَنْ خَالَفَ قَوْلَهُمْ لَهُ شُبْهَةٌ يَذْكُرُهَا إمَّا عَقْلِيَّةٌ وَإِمَّا سَمْعِيَّةٌ ( [3] ) .
والذي يظهر من كلام شيخ الإسلام أنه يعيب عليه تفسير آيات الصفات والكلام في مسائل العقيدة بأقوال أهل الكلام ، على غير ما فسره الصحابة والتابعين وسلف الأمة ، وأن هذه هي طريقة المعتزلة التي ابتدعوها ، وسار عليها بعض أهل السنة من المتكلمين ؛ ولم يرم شيخ الإسلام ابنَ عطية بالاعتزال ، وإنما عاب عليه هذه الجزئية .. ولكن ما أقل الإنصاف !
ولما سئل رحمه الله : وَأَيُّ التَّفَاسِيرِ أَقْرَبُ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ؟ الزمخشري أَمْ الْقُرْطُبِيُّ أَمْ البغوي ؟ أَوْ غَيْرُ هَؤُلَاءِ ؟ فكان في جوابه : وتَفْسِيرُ ابْنِ عَطِيَّةَ خَيْرٌ مِنْ تَفْسِيرِ الزمخشري وَأَصَحُّ نَقْلًا وَبَحْثًا ، وَأَبْعَدُ عَنْ الْبِدَعِ وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَى بَعْضِهَا ؛ بَلْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ بِكَثِيرِ ؛ بَلْ لَعَلَّهُ أَرْجَحُ هَذِهِ التَّفَاسِيرِ ؛ لَكِنَّ تَفْسِيرَ ابْنِ جَرِيرٍ أَصَحُّ مِنْ هَذِهِ كُلِّهَا ؛ وَثَمَّ تَفَاسِيرُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ جِدًّا كَتَفْسِيرِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ والماوردي ( [4] ) . وإنما أراد شيخ الإسلام بقوله : ( وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَى بَعْضِهَا ) ما كان من تفسير ابن عطية لآيات الصفات ، والكلام في مسائل العقيدة على تأويل المتكلمين .
هذا هو الإنصاف والعدل ، وليس في كلام ابن تيمية من قريب ولا من بعيد ما يدعو لما كتبه هؤلاء .
وأما كلام ابن حجر الهيتمي ؛ ففي ( الفتاوى الحديثية ) له أنه سئل :هل في تفسيرابن عطية اعتزال ؟ فأجاب بقوله : نعم فيه شيء كثير ، حتى قال الإمام المحقق ابن عرفة المالكي : يخشى على المبتدئ منه أكثر مما يخاف عليه من ( كشاف ) الزمخشري ؛ لأن الزمخشري لما علمت الناس منه أنه مبتدع تخوفوا منه ، واشتهر أمره بين الناس بما فيه من الاعتزال ومخالفة الصواب ، وأكثروا من تبديعه وتضليله وتقبيحه وتجهيله .
وابن عطية سني ، لكن لا يزال يدخل من كلام المعتزلة ما هو من اعتزاله في التفسير ، ثم يقره ولا ينبه عليه ، ويعتقد أنه من أهل السنة وأن ما ذكره من مذهبهم الجاري على أصولهم .. وليس الأمر كذلك ؛ فكان ضرر تفسير ابن عطية أشد وأعظم على الناس من ضرر الكشاف .ا.هـ .
والذي يظهر من كلام ابن عرفة أنه يعيب عليه أنه يورد من أقوال المعتزلة ما لا ينبه عليه ، مما يكون فيه الضرر البالغ على المبتدئ ؛ هذا غاية ما حذر منه ابن عرفة .
فالعجب كل العجب من استنتاج د. فايد من كلام ابن تيمية وابن عرفة أن تفسير ابن عطية يشتمل على بعض أصول المعتزلة الخمسة المشهورة ، ثم عقد فصلا في بيان هذه الأصول الخمسة وأن ابن عطية كان يرد عليها أَصلا أصلا كلما مر بآية مما استدل به المعتزلة على مذهبهم .
وأعجب من ذلك أنه يفهم من كلامهما أنهما رميا ابن عطية بالاعتزال فيدلل على نفي هذا الاتهام بأن ابن عطية مالكي ، والمالكية ليس لهم علاقة بمذاهب المبتدعة على الإطلاق ، وإنما صلتهم وثيقة بالمذهب الأشعري !! ثم يذكرأن ابن عطية درس كتب المذهب الأشعري واستوعب الثقافة الأشعرية .
ولست أدري هل كان يعلم أن تأويل الصفات هو من أصول مذهب المعتزلة ، وأن متكلمي أهل السنة – ومنهم الأشعري رحمه الله - نحوا نحوهم في هذا أم لا ؟ وهل كان يعلم أن تقديم العقل على النقل من مذهب المعتزلة أم لا ؟ فهذا الذي عابه شيخ الإسلام على ابن عطية ، وليس له علاقة بما فصَّله د فايد غفر الله له .
وأما ما انتقده ابن عرفة ، فلا علاقة له بما توهمه د. فايد ، وإنما أراد أن يحذر المبتدأةمما في تفسير ابن عطية من أقوال لم ينبه ابن عطية عليها ؛ بل في بعضها قد يميل إليها ؛ فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى في الآية [ 26 ] من سورة يونس : ] لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [ يقول ما نصه : قالت فرقة هي الجمهور : الحُسنى : الجنة ؛ والزيادة : النظر إلى الله U ، ورُوي في ذلك حديث عن النبيe ، رواه صهيب ، ورُوى هذا القول عن أبى بكر الصِدِّيق وحُذيفة وأبى موسى الأشعرى ... ثم قال : وقالت فرقة : الحُسنى هي الحسنة ، والزيادة هي تضعيف الحسنات إلى سبعمائة ، فروتها حسب ما روى في نص الحديث وتفسير قوله تعالى : ] يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ [ .... وهذا قول يعضده النظر ، ولولا عظم القائلين بالقول الأول لترجح هذا القول .. ثم أخذ في ذكر طرق الترجيح للقول الثاني .
قال د الذهبي - رحمه الله - في ( التفسير والمفسرون ) بعد أن أورد كلام ابن عطية : وهذا يدلنا على أنه يميل إلى المعتزلة ، أو على الأقل يقدِّر ما ذهبت إليه المعتزلة في مسألة الرؤية ، وإن كان يحترم مع ذلك رأى الجمهور ؛ ولعل مثل هذا التصرف من ابن عطية هو الذي جعل ابن تيمية يحكم عليه بحكمه السابق .ا.هـ .
قلت : هذا كلام متين وإن لم يقبله محققو الكتاب ، ولم ينسبوه إلى الدكتور الذهبي ، وإنما قالوا : وقال بعض الباحثين .. ثم ذكروا مجمل كلامه ؛ وهذا ليس أسلوبا حسنا في عرض المسائل .
وكلام ابن عطية - رحمه الله - في سورة القيامة عن تأويل المعتزلة لقوله تعالى :]إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ[( القيامة : 23 ) ، يوحي بالموافقة عليه ؛ لكن للإنصاف أقول : كأن ابن عطية يرى ثبوت الرؤية بغير هذه الآيات التي - في نظره - تحتمل التأويل ؛ ودليل ذلك قوله : والرؤية إنما يثبتها بأدلة قطعية غير هذه الآية ، فإن ثبتت حَسُن تأويل أهل السنة في هذه الآية وقوي ا.هـ ( [5] ) .
قلت : وقد ثبتت الرؤية بأدلة قطعية كما ذكر أهل الشأن ، فيحسن تأويل أهل السنة ويقوى .
وكذلك كلامه في سورة المطففين فقد قال : وقوله تعالى : ] كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ[ الضمير في قوله : ]إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ [ هو للكفار ، فمن قال بالرؤية - وهو قول أهل السنة - قال : إن هؤلاء لا يرون ربهم فهم محجوبون عنه ؛ واحتج بهذه الآية مالك بن أنس عن مسألة الرؤية من جهة دليل الخطاب ، وإلا فلو حجب الكل لما أغنى هذا التخصص ؛ وقالالشافعي : لما حجب قوم بالسخط دل على أن قومًا يرونه بالرضى ؛ ومن قال بأن لا رؤية - وهو قول المعتزلة - قال في هذه الآية : إنهم محجوبون عن رحمة ربهم وغفرانه ( 6 ) .ا.هـ ولم يعلق المصنف رحمه الله ؛ مما يدل على ميله لقبول قولهم ؛ والعلم عند الله تعالى .

أما محققو ( المحرر الوجيز ) فكأنهم اقتنعوا بفكرة د. فايد ، ونقلوها بصيغة أخرى مع كلام ابن تيمية وابن حجر الهيتمي ؛ وحاولوا الدفاع عن منهج ابن عطية بكلام لا ساق له في ميزان العلم والتحقيق ؛ غفر الله لهم ( 7 ) .

[1] - انظر ( منهج ابن عطية في تفسير القرآن الكريم ) ص 219 : 262 ، ومقدمة المحققين لتفسير ( المحرر الوجيز ) ص ( طبعة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة قطر ) الطبعة الثانية .

[2] - إلى هنا نقل د فايد كلام ابن تيمية ، ولو نقل ما بعده لما ذهب إلى ما ذهب إليه من اتهام ابن تيمية - رحمه الله - بأنه رمى ابن عطية بالاعتزال ؛ غفر الله له .

[3] - انظر مجموع الفتاوى : ، وهو موجود في مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية ص 23 .

[4] - انظر مجموع الفتاوى : 2 / 194 ، والعجب ممن وضع في الصفحات الأولى من مطبوع ( المحرر الوجيز - طبعة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية ) عبارة شيخ الإسلام مبتورة هكذا : ( وتَفْسِيرُ ابْنِ عَطِيَّةَ خَيْرٌ مِنْ تَفْسِيرِ الزمخشري وَأَصَحُّ نَقْلًا وَبَحْثًا وَأَبْعَدُ عَنْ الْبِدَعِ ... بَلْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ بِكَثِيرِ ؛ بَلْ لَعَلَّهُ أَرْجَحُ هَذِهِ التَّفَاسِيرِ ) مما يوهم أن شيخ الإسلام رجح كتاب ابن عطية على سائر كتب التفسير ! وإنما رجحه على التفاسير التي ذكرها في جوابه ، وبين أن كتاب الطبري أصح ما في أيدي الناس من التفاسير ؛ كما إن حذف جملة ( وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَى بَعْضِهَا ) فيه تدليس وتعمية على القارئ ، وهذا لا يجوز ، بل الإنصاف أن يذكر كلام الشيخ جملة .

[5] - انظر المحرر الوجيز : 8 / 478 ، 479 .

[6] - انظر المحرر الوجيز : 8 / 561 .

[7] - انظر المحرر الوجيز : 1 / 33 : 37 من مقدمة التحقيق .
 
التعديل الأخير:
شكر الله للدكتور الفاضل/ محمد عطية ما ذكره من علم نافع في تلك المسألة ، وعنوان الموضوع كما ترى: متلبسا بالاعتزال لا معتزليا وقد نقلتم كلام الذهبي رحمه الله في التنصيص على ميله للاعتزال وعقبتم عليه بقولكم : كلام متين ، وهذه وجهة نظركم ونحن نحترمها
لكن من قال من أهل العلم : أن تفسير الزيادة منحصر في النظر إلى وجه الله الكريم وأنه لا يجوز تفسيرها بغيره ؟!
بل الزيادة كما في النقول التي نقلتُها أعلاة لفظ عام يشمل : النظر وتضعيف الحسنات وكل ما يكرم الله به عباده من الفضل والإكرام ، وتفسير النبي صلى الله عليه وسلم لها بالزيادة تفسير بالمثال ، لكن اللفظة محتملة لغيره ، وقد ورد عن السلف تفسيرها بغير النظر، وهذا لا يعارض ذاك ، كتفسير النبي صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي ، فلا يقول عاقل : إن القوة منحصرة في الرمي ، وإنما فسر النبي صلى الله عليه وسلم بمثال من أظهر أمثلة القوة في زمانه، وتفسير القوة بغير ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم ليس مناقضا لتفسيره ، وكذا تفسيره الكوثر بأنه نهر في الجنة لا يعارضه تفسير ابن عباس رضي الله عنهما بالخير الكثير .
ولذا فكلام الطبري وابن عطية وابن كثير يصب في قالب أن تفسير الزيادة بتضعيف الحسنات تفسير تحتمله لفظة الزيادة وله حظ من النظر ولا يعارض تفسيرها بالنظر إلى وجه الله الكريم ، وإنما يكون الاعتزال في نفي تفسير الزيادة بالنظر والتكلف في تأويله ، وبين مقام إثبات احتمالات الآية ومقام نفي احتمال فسر به النبي صلى الله عليه وسلم بون شاسع ، وهو ما كان واضحا لابن عطية وغيره من المفسرين .
وفقكم الله ورعاكم
 
إلى الشيخ الفاضل أبي صفوت حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
فما أدري من أين فهمتم – رحمكم الله - من كلامي أني أقول بأن تفسير الآية منحصر في أن الزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم ؟! حتى يكون سؤالك : ( لكن من قال من أهل العلم : أن تفسير الزيادة منحصر في النظر إلى وجه الله الكريم ، وأنه لا يجوز تفسيرها بغيره ؟! ) ثم نقلت ما كتبتَه في أصل كلامك أعلاه من التفسير بالمثال ؛ ثم ختمت كلامك بقولك : ولذا فكلام الطبري وابن عطية وابن كثير يصب في قالب أن تفسير الزيادة بتضعيف الحسنات تفسير تحتمله لفظة الزيادة ، وله حظ من النظر ، ولا يعارض تفسيرها بالنظر إلى وجه الله الكريم ، وإنما يكون الاعتزال في نفي تفسير الزيادة بالنظر والتكلف في تأويله ، وبين مقام إثبات احتمالات الآية ومقام نفي احتمال فسر به النبي eبون شاسع ، وهو ما كان واضحًا لابن عطية وغيره من المفسرين . ا.هـ .
أما كلام ابن جرير وابن كثير فواضح ، وأما كلام ابن عطية – رحمه الله – فيحتاج إلى تأمل لتتضح الرؤية فيه .. فليس هو من باب احتمالات الآية ، وإنما من باب ترجيح التفسير ... فتأمله .
والجواب عن سؤالك : قال ابن كثير – رحمه الله : وقد روي تفسير الزيادة بالنظر إلى وجهه الكريم عن أبي بكر الصديق ، وحذيفة بن اليمان ، وابن عباس ، وسعيد بن المسيب ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعبد الرحمن بن سابط ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعامر بن سعد ، وعطاء ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، وابن إسحاق ، وغيرهم من السلف والخلف ؛ وقد وردت فيه أحاديث كثيرة عن النبي e ، فمن ذلك ما رواه أحمد عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : ] لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [ قَالَ : " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ ، نَادَى مُنَادٍ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ ؛ فَيَقُولُونَ : وَمَا هُوَ ؟ أَلَمْ يُثَقِّلْ مَوَازِينَنَا ، وَيُبَيِّضْ وُجُوهَنَا ، وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ ، وَيُجِرْنَا مِنْ النَّارِ ؟ قَالَ : فَيُكْشَفُ لَهُمْ الْحِجَابُ ، فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ " قَالَ : " فَوَاللَّهِ مَا أَعْطَاهُمْ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَيْهِ وَلَا أَقَرَّ بِأَعْيُنِهِمْ " ، رواه مسلم وجماعة من الأئمة ( [1] ) ؛ وروى ابن جرير عن أبي موسى الأشعري يحدث عن رسول الله e : " إِنَّ اللهَ يَبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُنَادِيًا يُنَادِي يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ - بِصَوتٍ يُسْمِعُ أَوَّلَهُمْ وَآخَرَهُمْ : إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةً فَالْحُسْنَى : الْجَنَّةُ ، وَاَلزِيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى وُجْهِ الرَّحْمَنِ U " ورواه ابن أبي حاتم من وجه آخر [ موقوفًا ] ( [2] ) .
ولم يعقب ابن كثير - رحمه الله – على هذه النقول ، وهو الذي بدأ تفسير الآية بقوله : يخبر تعالى أن لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح الحسنى في الدار الآخرة ، كقوله تعالى : ] هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ [ [ الرحمن : 60 ] ؛ وقوله تعالى : ] وَزِيَادَةٌ [ هي تضعيف ثواب الأعمال بالحسنة عشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف ، وزيادة على ذلك أيضًا ، ويشمل ما يعطيهم الله في الجنان من القصور والحور والرضا عنهم ، وما أخفاه لهم من قرة أعين ، وأفضل من ذلك وأعلاه النظر إلى وجهه الكريم ، فإنه زيادة أعظم من جميع ما أعطوه ، لا يستحقونها بعملهم بل بفضله ورحمته.ا.هـ .
أفُتراه قال : إن هؤلاء قالوا بأنه تفسير بالمثال ؟
إنما القول في أنها تفسير بالمثال اجتهاد منك – رحمك الله – وله وجه لا أخالفك فيه ، وليس في كلامي ما يستوجب طرح سؤالك .. وفقني الله وإياك ، وجعلني وإياك من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته . آمين .

[1] - أحمد : 4 / 333 ، ومسلم ( 181 ) ، والترمذي ( 3105 ) ، والنسائي في الكبرى ( 11234 ) وابن ماجة ( 187 ) ، وابن أبي عاصم في السنة ( 472 ) ، وابن جرير : 11 / 75 ، وابن أبي حاتم ( 1945 ) ، والطبراني في الأوسط ( 756 ) ، وابن حبان ( 7441 ) .

[2] - ابن جرير : 11 / 74 ، ؛ ورواه اللالكائي في اعتقاد أهل السنة ( 782 ) ، ورواه ابن أبي حاتم : 6 / 1945 ، وإسحاق بن راهويه في مسنده ( 1425 ) من وجه آخر عن أبي موسى موقوفًا . وله شواهد كثيرة .
 
إلى الشيخ الفاضل أبي صفوت حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فبعد إعادة قراءة مقالك الثاني بدا لي أن طرح السؤال ربما يكون لبيان ما أردته من الانتصار للقاضي أبي محمد عبد الحق ابن عطية رحمه الله ؛ فكان كالمقدمة لكلامك - نفع الله بك ؛ ويبقى أن ما ذكرته في تعليقي السابق أن كلام ابن عطية لم يكن من باب الاحتمالات ، وإنما كان من باب الترجيح .. هو الذي يفصل في المسألة ؛ والعلم عند الله تعالى .
وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه ، والسلام .
 
شكر الله لك أدبك وفضلك
هو احتمال وارد في الآية ترجحه اللغة وغيرها من القرائن التي ذكرها ابن عطية ، ولا يخفاكم أن الترجيح بين المعاني الصحيحة المحتملة مع عدم إبطال معنى منها هو أحد أنواع الترجيح ، فلا يلزم من الترجيح تصحيح قول وإبطال البقية .
وبمناسبة ابن عطية ماذا عن كتابكم (فتح العزيز في تقريب المحرر الوجيز) هل يمكنكم إفراد موضوع عنه وعن طريقتكم فيه فلم يقدر لي شرف الاطلاع عليه ؟ وكذا كتابي : فتح الجواد الكريم في اختصار تفسير القرآن العظيم لابن كثير ، وتيسير تفسير ابن كثير ، وما الفرق بين الكتابين ؟
وفقكم الله ورعاكم ونفع بكم وبانتظار إفادتكم
 
إلى الشيخ الفاضل أبي صفوت حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فشكر الله لك وأثابك على حسن ظنك بي ؛ وأما عن ( فتح الجواد الكريم ) فكان عملي فيه - كما أوضحته في مقدة الاختصار والتحقيق - كالتالي :
من جهة الاختصار
1 ) حذفت الأسانيد واكتفيت بذكر الصحابي إلا فيما يحتاجه السياق من تنبيه على فائدة لابد منها ؛ كذلك حذفت المكرر من الروايات إلا ما يكون من زيادة فائدة في رواية فأذكرها ؛ وكذلك حذفت أحاديث قد تكون صحيحة ، اكتفاء بغيرها .

2 ) جمعت مخرجي الأحاديث قبل إيراده مع حذف ما ذكره المصنف من كتبهم اكتفاء بذكرها في الحاشية ، إلا ما لم أقف عليه من الكتب فأثبته في الأصل ، وقد أذكر بعض المخرجين بعد الحديث لفائدة استدعت هذا التأخير .

3 ) حذفت الضعيف والموضوع من الأحاديث ، مما نبه عليه المصنف ، أو لم ينبه عليه اكتفاء بذكر إسناده ، إلا ما نبهت عليه مما احتاج الكلام إليه ، أو كان محتملا .

4 ) حذفت كثيرا من الإسرائيليات التي أوردها المصنف في تفسير بعض الآيات ، والتي تخالف الأصول عندنا ، أو لا فائدة من ذكرها ، وقد نبه - رحمه الله - على غالبها ، وأبقيت على ما يمكن حكايته ولم يخالف أصلا وله فائدة ، وقد ذكر المصنف - رحمه الله تعالى - في المقدمة أقسام الإسرائيليات ، وما يجوز حكايته منها وما لا يجوز .

5 ) وأما ما أورده المصنف من أقوال السلف ، فأكتفي بذكر القول ، وأشير إلى قائليه مختصرًا بذلك أقوالهم : فإن كان اللفظ واحدًا ، قلت : وكذلك قال فلان وفلان . أو وهو قول … ، وما أشبه ذلك ، وإن كان اللفظ قريبًا ، قلت : وبنحوه قال فلان وفلان ، وأقتصر على ذكر البعض منهم إيثارًا للاختصار ؛ وإن اشترك القولان وفي أحدهما زيادة : ذكرت القول المشترك ثم قلت : وزاد فلان .. فإن كان القول لأكثر السلف ، قلت : وهو قول جمهور السلف ؛ وقد أكتفي بذكر الراجح في التفسير من الأقوال ، وقد أذكر الخلاف لفائدة فيه ، أو لاحتمال المعنى له ، وأحذف ما لا وجه له ، أو ما لا فائدة من إيراده فيما أرى .

6 ) حذفت المسائل الكلامية ، وبعض المسائل الفقهية التي رأيت أن لا داعي لذكرها في هذا المختصر ؛ وأبقيت على مسائل لتعلقها بتفسير الآية التي ذُكرت عندها ، أو لشدة الحاجة إليها .

7 ) تصرفت في كلام المصنف - رحمه الله - بالتقديم والتأخير في بعض المواطن ، مع الحفاظ على مضمون كلامه وإن تغيرت بعض الألفاظ زيادة ونقصًا لحاجة الاختصار ، أو لمقتضى التقديم والتأخير . ومثال ذلك : في سورة النساء ( 94 ) أورد حديث ابن عباس معلقًا ، ثم ذكر أن البزار رواه موصولا فأورده ، فبدأت بحديث البزار ؛ ثم قلت : وروى البخاري الجزء الأخير منه تعليقًا . وفي آخر آية من سورة النساء تكلم في أول تفسيرها عن الكلالة ثم فسر الآية ، ثم عاد فتكلم عن الكلالة ، فرأيت أن المناسب جمع الكلام عن الكلالة ثم تفسير الآية ؛ والله من وراء القصد .
وأيضًا : فعادة المصنف أن يذكر نقول المفسرين مقدمًا اسم القائل غالبًا ، وقد أذكر قول المفسر أولاً ثم أتبعه بـ : قاله فلان ؛ كما أنه رحمه الله في ذكره لأحاديث في تفسير آية قد لا يرتب سردها ، فيأتي بحديث ثم بعد عدة أحاديث يأتي برواية أخرى للحديث ، فرتبت ذلك ، وقد أجد شاهدًا لحديث متقدم ، وتأخر الشاهد ، فأقدمه ؛ وقد تكثر الأقوال فأذكر بعضها ، ولحاجة الاختصار وحتى لا تضيع الفائدة أقول : وقيل غير هذا . وقد تتداخل بعض الأقوال ، فأقول : وحاصل ما قاله أهل التفسير ... فأذكر حاصله . وقد يورد المصنف رواية بإسنادها ثم يحكم على الإسناد بعد الرواية فأقدم الحكم بعد المُخَرِّج ، فأقول : روى فلان بإسناد كذا . وأحيانا يورد المصنف رواية ثم يوردها بأطول منها من مصدر آخر ، ومدارهما واحد ، فأثبت الأولى ، وأحذف الثانية مع ذكر مخرجها ، وأقول مثلا : ورواه فلان بأطول من ذلك ، وما أشـبه ذلك مما يحتاج إليه الاختصار أحيانًا . ومن ذلك إذا كان الحديث في الصحيحين ، وقال المصنف ، رواه البخاري ومسلم ، أو ذكر البخاري ثم أورد الحديث ثم قال : رواه مسلم ، فإني أجمعهما في صدر الحديث ، وأقول : روى الشيخان ؛ وكذلك إذا رواه أحمد والستة ، فأقول في صدر الحديث : روى الجماعة ، وإن لم يروه أحد منهم قلت : روى الجماعة إلا فلانا . وإذا قلت رواه التسعة فهم : الستة ومالك وأحمد والدارمي .

ومن جهة التحقيق
1 ) عزوت الآيات إلى سورها وأرقامها وجعلت ذلك في أصل الكتاب ليسهل اطلاع القارئ عليها .
2 ) خرجت أحاديث الكتاب من مصادرها ، واكتفيت بذكر الرقم - في غالب ذلك - خشية إطالة الحاشية ، وإن كان الحديث في الصحيحين ، فالمصنف - رحمه الله - يكتفي بالعزو لهما غالبًا ، فأذكر من خرجه من الجماعة غيرهما ، ومرادي بالجماعة : أحمد والستة ، وأضيف إليهم ما تيسر ممن خرجه غيرهم ، وقد أقول : ورواه غيرهم ، خشية الإطالة ؛ وأكتفي بأن الحديث في الصحيحين أو أحدهما عن الإشارة إلى تصحيح آخر لأهل العلم له غالبًا .
وإن كان الحديث في غير الصحيحين فأخرجه من كتب السنة المعروفة ، وأذكر أقوال أهل العلم تحقيقًا له ، وإن لم أجد من أشار إلى ذلك أحاول جهدي بالنظر في الإسناد والمتابعات والشواهد حسب قواعد وأصول أهل العلم ؛ والله وحده المستعان وهو من وراء القصد .

3 ( وأما آثار الصحابة والتابعين فتتبعتها من مظانها حسب التيسير ، ولعلي لم استوعبها لعسر ذلك ، والله يغفر لي ؛ ولم أشأ أن أعلق على كل أثر بتصحيح أو تضعيف ، فما كان له وجه في التفسير أوردته ، وما لم يكن له وجه أو له وجه بعيد أو ضعيف حذفته ؛ وقد أحذف بعض المتشابه من الأقوال لحاجة الاختصار ، وأشير إلى الكتاب والجزء والصفحة أو إلى رقم الأثر ، وقد أذكر دار النشر لاختلاف الطبعات .
4 ) اعتمد المصنف - غالبًا - على حفظه في إيراد الأحاديث وهو الحافظ الجهبذ المشهود له بذلك ، ولكن أبى الله تعالى العصمة لبشر إلا لأنبيائه ورسله ، فوقع رحمه الله في بعض الأوهام ، ولعله لم يتسنى له أن يراجع ذلك لضيق وقته ، فنبهت على ذلك في الحاشية ، وصححت ما كان من وهم في الأصل ، وهي طريقة معروفة عند أهل التحقيق ، غير أن الكثيرين يحبذون عدم تغيير الأصل إبقاءً عليه ، ورأيت أن الفائدة في هذا المختصر تقتضي ذلك ، لأن البعض قد لا ينظر إلى تنبيه الحاشية فيقع في الوهم ، وتضيع الفائدة ؛ فمن ذلك على سبيل المثال :
1 - 1 / 9 ( مكتبة طيبة ) في أسماء الفاتحة : ويقال لها : الشفاء ، لما رواه الدارمي عن أبي سعيد مرفوعًا : " فَاتِحَةُ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ سُمٍّ ". قلت : كذا قال - رحمه الله - والحديث رواه الدارمي ( 3365 ) عن عبد الملك بن عمير مرسلا وفيه ( دَاءٍ ) ، ووهم الحافظ ابن كثير في قوله : عن أبي سعيد مرفوعًا ، وكذلك وهم القرطبي في تفسيره : 1 / 112 ؛ لكن رواه البيهقي في الكبرى ( 2368 ) عن أبي سعيد مرفوعًا ، وفيه زيد العمي ، وهو ضعيف ، وأشار البيهقي إلى أنه يمكن أن يكون اختصارًا لحديث أبي سعيد الصحيح في الرقية .

2 - 1 / 66 : وحديث ابن مسعود : سمعنا وجبة فقلنا : ما هذه ؟ فقال رسول الله e : " هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ فِي النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا فَهُوَ يَهْوِي فِي النَّارِ الْآنَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا " وهو عند مسلم . كذا قال رحمه الله ؛ والحديث رواه أحمد : 2 / 371 ، ومسلم ( 2844 ) عن أبي هريرة ، ووهم المصنف في نسبته إلى ابن مسعود .
3 - 1 /210 : كما جاء في الحديث : " عَجَبًا لِلْمُؤْمِنِ ، لَا يَقْضِي اللَّهُ لَهُ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ فَشَكَرَ كَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ فَصَبَرَ كَانَ خَيْرًا لَهُ " . كذا قال رحمه الله ؛ وهذا الحديث أورده المصنف في مواضع منها : هنا ، وفي الأعراف ( 94 ) ، والروم ( 36 ) ، وسبأ ( 19 ) ، والتغابن ( 11 ) بنحو لفظه هنا ، وأشار في الأعراف وسبأ والتغابن أنه متفق عليه ، وهو وهم منه رحمه الله ، والأعجب أنه نسبه لأبي هريرة عند تفسيره لموضع سبأ ، وأصل الحديث رواه أحمد : 6 / 15 عن صهيب بلفظ : " عَجِبْتُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ ، إِنَّ أَمْرَ الْمُؤْمِنِ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ فَشَكَرَ كَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ فَصَبَرَ كَانَ خَيْرًا لَهُ " ورواه مسلم ( 2999 ) بلفظ : " عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ ؛ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ : إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ " وبنحوه رواه أحمد : 4 / 332 ، 333 أيضًا عن صهيب ، وليس هو في صحيح البخاري ؛ وروى أحمد : 5 / 24 ، وأبو يعلى ( 4217 ، 4313 ) ، والقضاعي في الشهاب ( 596 ) بإسناد صحيح عن أنس مرفوعًا : " عَجَبًا لِلْمُؤْمِنِ لَا يَقْضِي اللَّهُ لَهُ شَيْئًا إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ " لفظ أحمد ؛ ورواه أحمد : 1 / 173 عن سعد بن أبي وقاص مرفوعًا بلفظ : " عَجِبْتُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ U لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ حَمِدَ رَبَّهُ وَشَكَرَ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ حَمِدَ رَبَّهُ وَصَبَرَ ، الْمُؤْمِنُ يُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي اللُّقْمَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى فِيِّ امْرَأَتِهِ " .

4 - 1 / 247 : ولكن قال لأم هانئ : " عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي " وما ذاك إلا لأنها قد عزمت على الحج معه u فاعتاقت عن ذلك بسبب الظهر كما هو مبسوط في الحديث عند البخاري ، ونص سعيد بن جبير على أنه من خصائصها والله أعلم .ا.هـ . كذا قال رحمه الله ، وهو وهم ، فالصحابية هي أم سنان وليست أم هانئ ؛ روى البخاري ( 1863 ) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ e مِنْ حَجَّتِهِ قَالَ لِأُمِّ سِنَانٍ الْأَنْصَارِيَّةِ : " مَا مَنَعَكِ مِنْ الْحَجِّ ؟ " قَالَتْ : أَبُو فُلَانٍ - تَعْنِي زَوْجَهَا - كَانَ لَهُ نَاضِحَانِ ، حَجَّ عَلَى أَحَدِهِمَا ، وَالْآخَرُ يَسْقِي أَرْضًا لَنَا ؛ قَالَ :
" فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي " ، ورواه مسلم ( 1256 ) ، والله تعالى
أعلم .
5 - 1 / 275 : وعنده ( أي عند مسلم ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ e : " خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ " كذا قال رحمه الله ، والحديث لم يروه مسلم عن أبي هريرة ، بل رواه البخاري ( 1426 ، 5355 ) عنه ؛ ورواه مسلم عن حكيم بن حزام ( 1034 ) .
إلى غير ذلك مما نبهت عليه في حاشية التحقيق ؛ وما فعلت ذلك لأني أرى في نفسي أهلا للوقوف أمام هذا الإمام الجليل ، وما أتيت بشيء من عندي ، وإنما أشـرت إلى ما كان وهمًا ، وعذري أنه ديدن العلماء ، ألحقني الله بهم . آمين .
5 ) عزوت أقوال المفسرين إلى كتبهم في الحاشية ، وما كان من تصرف نبهت عليه ، وما احتاج إلى تصحيح صححته .
6 ) وجدت المصنف - رحمه الله - أغفل تفسير بعض ذيول الآيات ، ولعله رأى ظهور معناها مما لا يحتاج إلى تفسير ، أو لأن المصنف - رحمه الله - أحيانا يسترسل في بيان مسألة فينسى أن يضيف ذلك ، والعلم عند الله تعالى ؛ فأضفت تفسيرها رجاء الفائدة ، وجعلتها بين [ ] وأشرت إليها في الحاشية ؛ كما لم أجد في المطبوع من التفسير تفسير الآية ( 218 ) من سورة البقرة ، فأضفتها ، وكذلك الآيات ( 97 : 99 ) من سورة المائدة ، ولعل ذلك كله من النساخ ، أو حدث سقط عند نسخ المخطوطات لضياع بعض أوراقها ، والعلم عند الله تعالى . وعند تفسير الآية ( 260 ) من سورة البقرة ذكر المصنف حديث : " نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ " ثم قال : وقد أجيب عنه من وجوه أحدها : ( وبالأصل بياض ) . ولم يذكر الوجوه ، ولعله أخر ذلك ليعود إليه فنسي ، فأضفت بعض هذه الوجوه إتماما للفائدة .
وعلى كلٍ فقد أشرت إلى كل ما أضفته ، والله من وراء القصد .

7 ) أضفت بعض العناوين في المقدمة ، وفيما يتعلق بمقدمة التفسير لكل سورة .

8 ) برجوعي إلى المصادر الحديثية صححت كثيرًا من أوهام المصنف وأخطاء النساخ ، والتي لم يتنبه لها المختصرون قبلي لعدم رجوعهم إلى المصادر : من ذلك على سبيل المثال :
1 - 1 / 653 قال عند تفسير الآية ( 172 ) من سورة النساء : وكما روى في الحديث الصحيح : " فأدخل على ربي في داره " ؛ كذا قال رحمه الله ؛ والصواب : " فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي " وهو أحد ألفاظ حديث أنس في الشفاعة ، رواه بهذا اللفظ : البخاري ( 7440 ) ، وابن أبي عاصم في السنة ( 804 ) ، وابن منده في الإيمان ( 863 ) ، وقال الحافظ في الفتح : 13 / 439 : وقوله : " فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ " ، قال الخطابي : هذا يوهم المكان ، والله منزه عن ذلك ، وإنما معناه في داره الذي اتخذها لأوليائه ، وهي الجنة ، وهي دار السلام ؛ وأضيفت إليه إضافة تشريف ، مثل بيت الله وحرم الله . ا.هـ .
2 - 2 / 28 : في حديث أبي داود : " مَنْ تَوَضَّأَ هَكَذَا كَفَاهُ " ، وليس هذا لفظ أبي داود ولا غيره ممن روى الحديث ؛ وصوابه : " مَنْ تَوَضَّأَ دُونَ هَذَا كَفَاهُ " وفي رواية البيهقي : " مَنْ تَوَضَّأَ دُونَ وُضُوئِي هَذَا كَفَاهُ " ؛ إلى غير ذلك مما نبهت عليه في الحاشية .
هذا ما يتعلق بعملي في ( الفتح ) .

أما عملي في ( التيسير ) فراعيت فيه ما يلي :
1 - حذفت حاشية التحقيق في ( فتح الجواد الكريم ) ، واكتفيت بالعزو في أصل الكتاب ؛ فمن أراد تخريج الحديث وتحقيقه فليرجع إلى ( فتح الجواد ) .

2 – قد أكتفي في العزو ببعض الكتب ، فإن كان الحديث في الصحيحين اكتفيت بذلك وقد أذكر معهما المسند وغيره إذا استدعى المقام ذلك ؛ وقد يقول المصنف : وفي الصحيح ؛ ومراده أحد الصحيحين ، ويكون الحديث عندهما فأقول : وفي الصحيحين . وقد أختار لفظا غير الذي ذكره المصنف لحاجة الاختصار أو لفائدة .
وإن كان الحديث في غير الصحيحين ، اكتفيت بذكر ما كان عند الخمسة ( أحمد والأربعة ) ، وقد أذكر أحيانا ما يكون في غيرها ، وأكتفي بالعزو إلى الكتب المشهورة . وقد يكون الحديث عند غير الشيخين وعزاه ابن كثير لهما أيضا أو لأحدهما بعد إيراده فأكتفي بذكر الشيخين وأنقل لفظ الحديث عندهما إن لم يكن هناك فائدة من ذكر لفظ غيرهما ؛ وكذا أفعل إذا كان الحديث عند الخمسة ( أحمد والسنن ) . وقد يكون الحديث عند الشيخين وعزاه المصنف إلى غيرهما فأعزوه لهما أو لأحدهما وأثبت لفظه . وقد يذكر المصنف الحديث بالمعنى فأثبت لفظ الحديث من مظانه . وقد يذكر المصنف حديثا في أحد كتب التفسير وفي إسناده ضعف ، ويكون له طريق أخرى عند غيره إسنادها صحيح أو حسن ، فأعزوه إليه . وقد أضيف إلى من عزاه إليه المصنف آخرين . كما قد يذكر المصنف حديثا ويعزوه إلى غير الكتب المشهورة ويكون موجودا فيها ، فأعزوه إليها وأنقل لفظه منها إلا أن يكون هناك فائدة من إيراده باللفظ الذي أورده المصنف .
وقد كنت ذكرت بعض الأسانيد بتمامها في ( الفتح ) لحاجة التخريج والتحقيق خاصة إذا كان الحديث في كتب غير مشهورة ، فإذا كان الحديث صحيحا أو حسنا حذفت إسناده ، وإن كان غير ذلك حذفته بالكلية إلا إذا احتاج المقام إليه ، وهذا قليل جدا . وحرصت على ألا أورد هنا إلا ما كان صحيحا أو حسنا أو محتملا .

3 – ما كنت أضفته إلى التفسير وذكرت في الحاشية ( هذا مما أضفته رجاء الفائدة ) أدخلته في هذا المختصر في أصل الكتاب . وأضفت بعض المواضع الأخر .

4 – اكتفيت في هذا المختصر بذكر بعض من ينسب إليه القول في التفسير ، فمثلا قد يكون في ( الفتح ) ذِكْر قول لابن عباس وافقه فيه كثير من السلف ، فأقول : قال ابن عباس وغيره ، وقد أذكر أكثر من واحد ، وقد أذكر واحدا فقط خاصة إذا كان من الكبار كعلي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وغيرهم .

5 – قد أدخل كلام بعض المفسرين في بعض لحاجة الاختصار ، وعندها لا أنسبه لأحد .

6 – قد أعيد صياغة بعض تفسير لبعض الآيات تقديما وتأخيرا ، لحاجة الاختصار أيضا .

7 - حذفت كثيرا من المسائل الفقهية التي كنت أثبتها في ( الفتح ) .

8 - اكتفيت بذكر بعض الاستشهادات وحذفت باقيها .

وأما عن ( فتح العزيز ) فقد طبع بمكتبة السنة بالقاهرة ، وأطمع في كريم أخلاقكم أن تقبل نسخة هدية تأخذها من الشيخ سيد مدير المكتبة ، ثم توافيني بما يمكن من ملاحاظات أراعيها في الطبعة الثانية إن شاء الله تعالى .
وفقكم الله ونفع بكم ، والسلام .
 
عودة
أعلى