يقدم قومه يوم القيامة

إنضم
16/11/2009
المشاركات
1,296
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
العمر
73
الإقامة
تارودانت-المغرب
﴿ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ﴾ [هود:98] .
يقول الماتريدي (ت:333هـ) : " وقوله تعالى : { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } قال بعضهم : أي صار قدامهم ، وقال بعضهم : يقود قومه إلى النار حتى يوردهم إلى النار . ويحتمل قوله : { يقدم قومه } أي يكون إماما لهم في الآخرة يتبعون أثره كما كان إمامهم في الدنيا ، فاتبعوه كقوله : { يوم ندعو كل أناس بإمامهم }[الإسراء: 71] . وكقوله : { وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار } [القصص:41] أخبر أنهم يكونون أئمة لهم في الآخرة .
ويشبه أن يكون قوله : { فأوردهم النار } أي دعاهم في الدنيا وأمرهم بأمور توردهم النار تلك الأعمال ؛ { فما أصبرهم على النار }[ البقرة:175] أي ما أصبرهم على عمل أهل النار . قال بعضهم : يتبعونه حتى يدخلهم النار "
 
قال القرطبي رحمه الله :
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) يَعْنِي أَنَّهُ يَتَقَدَّمُهُمْ إِلَى النَّارِ إِذْ هُوَ رَئِيسُهُمْ. يُقَالُ: قَدَمَهُمْ يَقْدُمُهُمْ قَدْمًا وَقُدُومًا إِذَا تَقَدَّمَهُمْ. (فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) أَيْ أَدْخَلَهُمْ فِيهَا. ذُكِرَ بِلَفْظِ الْمَاضِي، وَالْمَعْنَى فَيُورِدُهُمُ النَّارَ، وَمَا تَحَقَّقَ وُجُودُهُ فَكَأَنَّهُ كَائِنٌ، فَلِهَذَا يُعَبَّرُ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ بِالْمَاضِي. (وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) أَيْ بِئْسَ الْمَدْخَلُ الْمَدْخُولُ، وَلَمْ يَقُلْ بِئْسَتْ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَرْجِعُ إِلَى الْمَوْرُودِ، وَهُوَ كَمَا تَقُولُ: نِعْمَ الْمَنْزِلُ دَارُكَ، وَنِعْمَتِ الْمَنْزِلُ دَارُكَ وَالْمَوْرُودُ الْمَاءُ الَّذِي يُورَدُ، والموضع الذي يورد، وهو بمعنى المفعول.
قال ابن كثير رحمه الله :
وَكَمَا أَنَّهُمُ اتَّبَعُوهُ فِي الدُّنْيَا وَكَانَ مُقَدَّمَهُمْ وَرَئِيسَهُمْ كَذَلِكَ هُوَ يَقْدُمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ فَأَوْرَدَهُمْ إِيَّاهَا وَشَرِبُوا مِنْ حِيَاضِ رَدَاهَا، وَلَهُ فِي ذَلِكَ الْحَظُّ الْأَوْفَرُ، مِنَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا [الْمُزَّمِّلِ: 16] وَقَالَ تَعَالَى: فَكَذَّبَ وَعَصى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى فَحَشَرَ فَنادى فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى [النَّازِعَاتِ: 21- 26] .
وَقَالَ تَعَالَى: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ وكذلك شأن المتبوعين يكونون موفورين في العذاب يوم القيامة كما قال تعالى: لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لَا تَعْلَمُونَ [الْأَعْرَافِ: 38] وَقَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْكَفَرَةِ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي النَّارِ: رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ [الأحزاب: 67] الآية.
قال في التحرير والتنوير :
وَإِنَّمَا جَاءَ فَأَوْرَدَهُمُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي لِلتَّنْبِيهِ عَلَى تَحْقِيقِ وُقُوعِ ذَلِكَ الْإِيرَادِ وَإِلَّا
فَقَرِينَةُ قَوْلِهِ: يَوْمَ الْقِيامَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الْمَاضِي.
 
عودة
أعلى