عزام العبدالله
New member
بسم1
لما أن ضرب الله المثل بالذباب ، وبالعنكبوت ، استنكرت ذلك يهود ، فقالوا : ما أراد الله بضرب المثل هذه الأشياء الخسيسة ؟!
ذكر الله في كتابه أن عدة خزنة النار ١٩ ملكاً ، فيتساءل العقل البشري في قصوره ، ومحدوديته : ماذا أراد الله بهذا العدد ؟!
فرض تعالى الصوات الخمس التي تتكرر كل يوم في حياة المؤمن ، وجعل لكل منها عدد ركعات معين ، يحاول الإنسان بقصور بفهمه معرفة حكمة ذلك التحديد ، فينقلب إليه بصره خاسئاً وهو حسير .
سأل بنو إسرائيل موسى أن يبين لهم قاتل القتيل ، فقال لهم : ( إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ) فقالوا بقصور العقل البشري : ( أتتخذنا هزواً ) ، فيجيب بيقين المؤمن : ( أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين )
بين التسليم ، والاعتراض معارك قديمة ، مذ قال إبليس : ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )
حسنٌ ، أليس الله قادراً على أن يشرع لعباده شرعاً واضحة كل علله، داخلة تحت فهم عقولهم ؛ ليسهل عليهم الامتثال ؟!
أليس هو قادراً على أن يجعل كل الأمثلة التي يضربها لهم معقولة لهم ؟!
هذه الأسئلة أجاب الله تعالى عنها بنفسه، ولم يجعلها عائمة، ذلك؛ لأنها ترسم معالم قضية كبرى في شرائعه من لدن خلقه البشرية .
بين الله في غير ما موضع من كتابه أن الغرض من هذا.. ابتلاء عباده ؛ لينظر أيهم يسلم ويستسلم ، فيمتثل ، ومن يعترض عليه بفهمه القاصر - والذي هو خَلَقَه - محاولاً ظهور سد التسليم المنيع ، أو أن يحدث فيه نقباً .
﴿ فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً ؟ ﴾ والجواب : ﴿ يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً ﴾ .
مقطعٌ آخر تتجلى فيه الحِكَم من هذا الابتلاء : ﴿ وما جلعنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ﴾ .
أرأيت ؟!
هذا الفتنة للمعاند مرادة لله ؛ جزاءً لعناده !
وهي في الوقت ذاته زيادة إيمان للمؤمن ، مرسخةً معاني التسليم في قلبه .
إن البحث عن العلل فيما يظهر فيه قصد الابتلاء.. يضعف عرى اليقين والاستسلام في قلب المؤمن ..!