يداً بيد حتى نكون من هؤلاء

إنضم
17/12/2003
المشاركات
25
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
<div align="center">حتى تُتقبل أعمالنا
إعداد
عبد الله بن حميد الفلاسي </div>


[ALIGN=center]اضغط هنا لتحميل المقال على ملف ورد[/ALIGN]
[ALIGN=justify]
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/ALIGN]

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، أما بعد :

إن الباريَ سبحانه وتعالى بحكمته وعلمه خلق هذا الكون ، وأودعه من الموجودات الملائكة والإنسَ والجن ، والحيوانَ والنبات والجمادات ، وغيرها من الموجودات التي لا يعلمها إلا هو .

كلُّ ذلك لأجل أمرٍ واحد لا ثاني له ، ولأجل حقيقةٍ كبرى لا حقيقة وراءَها ، إنه لأجل أن تكون العبودية له وحده دون سواه ، ولأجل أن تعترف هذه الموجودات بربوبيته وتحقِّق ألوهيتَه ، وتُقرَّ بفقرها واحتياجها وخضوعها له جل شأنه .

ولهذا سأتحدث في هذا المقال ، عن معنى العبادة ، وما هي أنواع العبادة ؟ وما هي شروط صحة العبادة التي تقبل من العبد إذا أتى بها ؟

فأقول مستعيناً بالله سبحانه وتعالى :

العبادة : هي الخضوع والذل ، وسمي الدين عبادة ؛ لأن العبد يؤديها بخضوع لله ، وذل بين يديه ، ولهذا قيل للإسلام : عبادة ، والعبد : هو الذليل المنقاد لله، المعظم لحرماته ، وكلما كان العبد أكمل معرفة بالله وأكمل إيماناً به ، صار أكمل عبادة .

ولهذا كان الرسل عليهم الصلاة والسلام أكمل الناس عبادة ؛ لأنهم أكمل الناس معرفةً وعلماً بالله ، وتعظيماً له من غيرهم ، صلوات الله وسلامه عليهم .

ولهذا وصف الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالعبودية في أشرف مقاماته ، مثل مقام الإسراء والامتنان والتحدي ، فقال سبحانه : ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ)) ، وقال تعالى : ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ)) ، وقال تعالى : ((وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ)) إلى غير ذلك من الآيات .

وعرف شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ العبادة بقوله : «هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة » .

وبعد أن اتضح لنا معنى العبادة وهي الخضوع والذل لله سبحانه وتعالى ، لابد لنا من معرفة ما هي أنواع العبادة التي يحبها الله ويرضاه ، ومن أنواع العبادة ، مثل : الإسلام ، والإيمان ، والإحسان ، والدعاء ، والخوف ، والرجاء ، والتوكل ، والرغبة والرهبة والخشوع ، والخشية ، والإنابة ، والاستعانة ، والاستعاذة ، والاستغاثة ، والذبح ، والنذر ، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله سبحانه وتعالى بها كلها لله تعالى .

وتقوم العبادة على شرطين عظيمين ، ويشترط فيها حتى تقبل عند الله عز وجل ويؤجر عليها العبد أن يتوفر فيها هذين الشرطين : الأول : الإخلاص لله سبحانه وتعالى ، والثاني: موافقة العمل للشرع الذي أمر الله تعالى أن لا يُعبد إلا به .

<div align="center">الشرط الأول
الإخلاص لله سبحانه وتعالى</div>


قال تعالى : ((وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء)) ، ومعنى الإخلاص هو: أن يكون مراد العبد بجميع أقواله وأعماله الظاهرة والباطنة ابتغاء وجه الله تعالى ، قال تعالى : ((وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى)) ، وقال تعالى : ((إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُوراً)) ، وقال تعالى : ((مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ))، وقال تعالى : ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) .

وعن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» ، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» .

فتأمل معي أيها القارئ الكريم هذه الآيات والأحاديث التي تحثنا على الإخلاص لله ، فالإخلاص مطلب عزيز ، لا يصل إليه إلا عباد الله الصالحين .

فأخلص النية لله تعالى ، وجعل حركاتك وسكناتك في السر والعلانية لله تعالى وحده ، واحرص على الخير ، عبادةً وذكراً ، وإحساناً وبراً ، قاصداً رب العالمين ، متواضعاً له ، شاكراً على نعمه الكثيره، خائفاً من التفريط والتقصير ، ولا تلتفت لوساس الشيطان ؛ لأنه يريد منك أن تنقطع ولا تستمر في طريقك إلى الله بوسوسته لك بأنك غير مخلصٍ لله .

ومما يعين على الإخلاص عدة أمور ، منها:

1- استحضار عظمة الله، وأن النفع كله بيده، فإن حياة الإنسان وصحته وهواءه وماءه وأرضه وسماءه بيد الله، وليس لأحد تصرف في صغير ولا كبير حتى يقصد بالعمل أو بشيء منه، قال الله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ)) [الأعراف:194]. وقال تعالى: ((ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)) [فاطر:13-14].

2- مجاهدة النفس على الإخلاص، فقد قال تعالى: ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)) [العنكبوت:69].

3- العلم بخطر الرياء، فقد حذر الله منه بقوله: ((وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) [الزمر:65].

4- أن تستعين بدعاء الله سبحانه بأن يوفقك للإخلاص، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم دعاءً نتخلص به من الرياء، فقد روى الإمام أحمد عن أبي موسى الأشعري قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: «أيها الناس: اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل»، فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه؟ وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله، قال: «قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه» . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله بقوله: «اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وعمل لا يرفع، ودعاء لا يسمع» رواه أحمد.

<div align="center">الشرط الثاني
إتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم</div>


والشرط الثاني هو موافقة العمل للشرع الذي أمر الله تعالى أن لا يُعبد إلا به وهو متابعة النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الشرائع . فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» .

قال ابن رجب رحمه الله : هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها ، كما أن حديث : «إنما الأعمال بالنيات» ميزان للأعمال في باطنها ، فكما أن كل عمل لا يُراد به وجه الله تعالى ، فليس لعامله فيه ثواب ، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله ، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله ، فليس من الدين في شيء.

وأمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع سنته وهديه ولزومهما قال عليه الصلاة والسلام : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ» وحذَّر من البدع فقال : «وإياكم ومحدثات الأمور فإن كلَّ بدعة ضلالة» .

والعبادة طريق موصل إلى الله ، فلا يمكن أن نسلك طريقاً يوصل إلى الله إلا إذا كان الله وضعه لنا ، أما إذا لم يضعه فلن يوصل إلى الله ، فلو تعبد شخص لله عبادة فإننا نمنعه حتى يقيم دليلاً على مشروعيته ، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» ، ولهذا نقول : أن الأصل في العبادات الحظر إلا ما قام الدليل على مشروعيتها .

وليعلم أنه لابد أن يقوم الدليل على كون العبادة مشروعة في كل ما يتعلق بها ، لابد أن تكون موافقةً للشرع في السبب ، والجنس ، والقدر ، والكيفية ، والزمان ، والمكان ، فهذه ستة شروط :

أولاً: السبب:

فمن شرع عبادة لسبب لم يجعله الشارع سبباً فإنها لا تقبل ؛ لأن الشرع لم يأذن بها ، مثل: أن يقول كل ما دخلت البيت لا أجلس حتى أصلي ركعتين ، فنقول : هذه بدعة ؛ لأنه لم يرد في الشرع أن دخول البيت سبب لصلاة ركعتين .

ثانياً: الجنس:

لو ضحى شخص بخيل تساوي قيمة الناقة عشر مرات ، فإنه لا يجوز ؛ لأن الأضحية من جنس المعين الخاص ، الأبل والبقر والغنم ، وليس من الخيل ، فلا يصح التضحيه بها .

ثالثاً: القدر:

لابد أن تكون العبادة موافقة للشرع في القدر ، القدر يعني الكمية ، فمن أتى بعبادة زائدة عن القدر الذي شرعه الله ورسوله ، فإما أن تبطل إذا كان لا يمكن فصلها عن بعضها البعض ، وإما أن ينهي عن ما زائد ولا تبطل .

مثال على العبادة التي لا يمكن فصلها عن بعضها البعض:

لو صلى الظهر خمساً قلنا لا تصح الصلاة إذا كان متعمداً لأنها خالفة الشرع في القدر، ولو ركع مرتين في صلاة الظهر، قلنا لا تصح، لأنه خالف الشرع في القدر، ولو سجد سجوداً واحداً قلنا لا تصح، لأنها خالفة الشرع في القدر.

مثال على العبادة التي يمكن فصلها عن بعضها البعض:

لو أن رجلاً رمى الجمرات بثماني حصيات، فالسبع حصيات صحيح، والثامنة، باطلة، لأنها زيادة عن القدر المشروع.

رابعاً: الكيفية:

أن تكون مطابقة للشرع في كيفيتها ؛ لأن الكيفية تدخل في صلب العبادة ، فإن خالف في الكيفية فلا تصح العبادة ، ولو أتى بأجزائها ، فلو سجد ثم ركع ، لم تصح صلاته ، ولو بدأ بغسل الرجلين قبل الوجه لم يصح غسل الرجلين ، ولو طاف على الكعبة ، وجعل الكعبة عن يمينه ، فإن طوافه لا يصح ؛ لأنه خالف الشرع في كيفية العبادة.

خامساً: الزمان:

فإن أتى بالعبادة في غير زمانها المحدد، فإن كان قبله، لم تصح بالاتفاق، وإن كان بعده بعذر صحت ، وإن كان بعده بغير عذر فقيل تصح مع الأثم ، وقيل لم تصح وهذا الصواب .

مثال ذلك : رجل صلى الظهر قبل زوال الشمس معتقداً أنها زالت ، ثم تبين أنها لم تزل ، فنقول: أنها لا تجزء ، ولكنها تصح نفلاً ، لأنه نوى العبادة على نيتين ، نية صلاة ، ونية الظهر، فصحت نية الصلاة ؛ لأن الصلاة تصح في كل وقت ، ولا تصح نية الظهر ؛ لأنها قبل دخول وقتها.

وإن صلى الظهر بعد خروج وقتها بعذر إما لنوم، أو نسيان، وما أشبه ذلك، فالصلاة صحيحة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها» ، وإن كان بغير عذر، كما لو تعمد أن يصلي بعد الوقت بحيث يكون عنده حصه ، أو درس أو عمل لا ينقضي إلا بعد الوقت ، وصمم على أنه لن يصلي إلا بعد الوقت ؛ فإن صلاته لا تصح على القول الصحيح لو صلى ألف مرة ، والقول الثاني: تصح مع الأثم ، والقول الصحيح : أنه لا تصح وأنها لا تقبل منه ، وأنه يعتبر مخلاً بأحد أركان الإسلام.

سادساً: المكان:

لابد أن تكون موافقة للشرع في مكانها، فلو اعتكف إنسان في بيته في رمضان في العشر الأخيرة ، فإنه لا يجزء ، لماذا؟ لأن مكان الاعتكاف المساجد ، قال تعالى: ((وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)).

ولو طاف بالبيت خارج المسجد الحرام ، لا يجزء ؛ لأنه لم يوافق الشرع في المكان ؛ لأن من شرط الطواف أن يكون في المسجد الحرام ، وحتى لو كان هناك ضيق ، فإنه لا يجزئه فلو فُرض أن ما حول المسجد الحرام ساحات ، ويمكنه الطوف وطاف منها فإنه لا يجزء ؛ لأنه خارج المسجد الحرام، فيكون مخالفاً للشرع في مكان العبادة.

فأهل الإخلاص والمتابعة ، أعمالهم كلها لله ، وأقوالهم لله ، وعطاؤهم لله ، ومنعهم لله ، وحبهم لله ، وبغضهم لله . فمعاملتهم ظاهراً وباطناً لوجه الله وحده . لا يريدون بذلك من الناس جزاء ولا شكوراً ، ولا ابتغاء الجاه عندهم ، ولا طلب المحمدة ، والمنزلة في قلوبهم ، ولا هرباً من ذمهم ، وكذلك أعمالهم كلها وعبادتهم موافقة لأمر الله ، ولما يحبه ويرضاه .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

المراجع :

- بيان التوحيد الذي بعث الله به الرسل جميعا وبعث به خاتمهم للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
- الشريط رقم 3 الوجه الثاني من شرح المنظومة في أصول الفقه للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله .
- خطبة الجمعة للشيخ سعود الشريم بعنوان : ((الإنسان بين العبودية والطغيان)) .
- الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله .
- سؤال رقم 21519 و 14258من موقع الإسلام سؤال جواب .
- سؤال رقم 42528 و 10396من موقع الشبكة الإسلامية .[/align]
 
شكر الله لك أخي عبدالله على هذا المقال

وعندي سؤال استفسار وفقك الله ؛ هل الصحيح أن يقال : من أسماء الله الباري [ بالياء ] ؟ أم : البارئ بالهمزة ؟
 
جزاك الله خيراً أخي الكريم على حسن القراءة والمشاركة .

وبالنسبة لاستفسارك أخي الكريم :

البَارِيْ : الخالق تخفيف البارىء؛ ويقال : ((إنها مشيئة الباري تعالى)) ، والله أعلم
 
يداً بيد حتى نكون من هؤلاء

[align=center]يداً بيد حتى نكون من هؤلاء

إعداد

عبد الله بن حميد الفلاسي


اضغط هنا لتحميل المقال على ملف وورد[/align]

[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

[align=justify]الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:

ما من مسلمٍ ومسلمة إلا ويتمنى أن يسمع كلمة تفرحه، وتزيل عنه هموم الدنيا التي أتعبته طول حياته، ويعمل في هذه الدنيا لأجل أن يسمعها.

ولكن يا تُرى هل سيسمعها ؟

وممن سيسمعها ؟!

وفي أي وقت سيسمعها ؟!

إنها كلمة من رب العالمين، كلمة سيسمعها يوم الفصل بين العباد، كلمة يطير من يسمعها فرحاً، ويتمنى المسلم أن يسمعها الناس، كما يتمنى أن تقال لكل مسلم.

إنها قوله سبحانه وتعالى: «يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ»

لا أستطيع أن أتخيل حالي وحال كل من سيسمعها –أسأل الله أن يجعلنا ممن تُقال لهم–.

ولكن !!

لابد لنا أن نعرف أوصاف من ستقال له هذه الكلمات؟

وما هي شروطها ؟ وكيف نستطيع تحقيقها ؟

الجواب:

سنجدها في الآية التي بعد الآية التي ذكرناها،

وهي قوله تعالى: «الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ».

إذاً أوصافهم أنهم آمنوا بآيات الله، أي: آمنت قلوبهم وبواطنهم لله سبحانه وتعالى، وآمنوا بآيات الله تصديقاً بها، ويكون ذلك بالعلم بمعناها والعمل بمقتضاها.

ومن أوصافهم أنهم مسلمين لله، أي: منقادين في جوارحهم وظواهرهم لشرع الله، فجمعوا بين الاتصاف بعمل الظاهر والباطن.

فيا أيها القارئ الكريم، تخيل معي هذا الموقف المخيف، تخيل يوم ينادي المنادي بين الخلائق في عرصات القيامة، «يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ» فالكل في هذه اللحظات العصيبة يتمنى أن يكون ممن تقال له هذه الكلمات، بل إن الجميع يقول نحن من عبادك، فيقال لهم «الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ»، فيفرح الذين آمنوا؛ لأنهم استحقوها بإيمانهم، وإخلاصهم، وصدقهم مع الله.

تأمل معي هذه الآيات السابقة، هل إيماننا صادق مع الله ؟ هل نحن ممن يعمل بما علم ؟ هل نحن منقادون لشرع لله في ظاهرنا وباطننا ؟

لماذا نجد في أنفسنا الضعف والتكاسل في تنفيذ أوامر الله ؟ أليس من العيب علينا أن نتصف بالإسلام ونحن مقصرين في حقوقه وواجباته ؟

لماذا إذا سمعنا نداء الصلاة ((حي على الصلاة، حي على الفلاح)) نذهب إلى الصلاة متكاسلين ... متأخرين ؟ أليس عيبٌ علينا هذا الأمر ؟

كيف يهنئ لنا بالٌ ونحن نسمع النداء ولا نذهب إلى الصلاة ؟ كيف سنواجه ربنا وهذا حالنا ؟ ماذا ستكون إجابتنا ؟ وما هي أعذرنا ؟

تأمل معي أخي الكريم قصة حنظلة بن أبي عامر رضي الله عنه، فهي من القصص العجيبة للصحابة وسرعة تنفيذهم لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم، فحنظلة رضي الله عنه لما سمع داعي الجهاد، أجابه وكان جنباً، ولم يعط نفسه وقتاً ليتغسل خشية أن يتأخر عن الإجابة، فقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم عندما استشهد: «إِنَّ صَاحِبَكُمْ تَغْسِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ فَاسْأَلُوا صَاحِبَتَهُ».

وهذا أبو هُرَيْرَةَ رضى الله عنه يقول: «أَوْصَانِى خَلِيلِى بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، وَصَلاَةِ الضُّحَى ، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ». تأمل قوله لا أدعهن حتى أموت مع أنها من نوافل الطاعات فلله درهم من رجال أفذاذ.

ولم يكن هذا هو حال الرجال فقط بل كان نساؤهم كذلك فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ لَمَّا نَزَلَتْ (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ) خَرَجَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانُ مِنَ الأَكْسِيَةِ. رواه أبو داود فالمرأة عزها بحجابها, وأمرها الله بستر عورتها عن الناس والمرأة كلها عورة. وقد أخل كثير من نسائنا بهذا الأدب الواجب والله المستعان.

لقد كان نساء الصحابة رضي الله عنهن من أتقى النساء وأرجحهن عقلا وفي جيل الصفوة والطهر وفي خير القرون ومع ذلك التزمن أمر الله تعالى بالحجاب ونحن في هذا الزمن المتأخر الذي كثرت فيه الفتن تخلت فيه المرأة عن حجابها وخرجت في لباس مبتذل والله المستعان.

فلماذا نرى كثيرٌ من بنات الإسلام في هذا الزمان ابتعدوا عن تعاليم الإسلام التي تدعوهن إلى الحشمة والتستر والعفاف ؟ فما بال هذه الجوهرة والدرة المصونة أصبحت لعبه في أيدي العابثين الطامعين !!

لماذا نرى بعض الأباء والأمهات اهتمامهم مقصورٌ على دراسة الأبناء وتعلمهم اللغات الأجنبية، وغفلوا عن تعلم القرآن الكريم واللغة العربية، وإذا حان وقت الصلاة نجد البعض لا يأمر أبنائه وبناته بالصلاة، بل تجد بعض الأباء والأمهات لا يصلون ؟!

ألم يعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر).

أيعقل هذا الحال ؟! أيعقل أن يكون الإسلام على جانبٍ من حياتنا اليومية ؟

ولهذا لابد أن نغير من حياتنا، لابد أن نبدأ من جديد، نعاهد أنفسنا، بأن نكون مميزين، وكيف نحقق التميز؛ إلا بتمسكنا بالإسلام، وتعاليمه.

لابد أن نبدأ من الآن، وها هي يدي أضعها بيدك، لكي تساعدني وأساعدك، ونقف أمام الجميع، ونقول: بالإسلام الحقيقي نكون في المقدمة ، وبالإسلام الحقيقي يتحقق النصر، وبالإسلام الحقيقي تذهب الهموم والغموم، وبالإسلام الحقيقي نكون سعداء للأبد .

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.[/align]

[align=center]وكتب

عبد الله بن حميد الفلاسي

5/محرم/1426هـ - 14/2/2005م[/align]
 
شكر الله لك - أخي عبدالله - على هذا الموضوع المؤثر

ولو جُمعت الآيات التي ذكر فيها هذا الجزاء العظيم { لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } لعلم منها الأوصاف التي تنال بها هذه الكرامة الجليلة . والآيات هي :

{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}(البقرة: من الآية38)

{ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}(البقرة: من الآية62)

{ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } (البقرة:112)

{ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة:262)

{ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة:274)

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة:277)

{ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}(الأنعام: من الآية48)

{ فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}(لأعراف: من الآية35)

{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (يونس:62)

{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (الاحقاف:13)
 
جزاك الله خيراً أخي الكريم على هذه الإضافة والأمر كان في البال، ولكن رغبة في الاختصار وعدم الاطالة.
 
الطريق إلى السعادة بالهموم

الطريق إلى السعادة بالهموم

[align=justify][align=center]الطريق إلى السعادة بالهموم
إعداد
عبد الله بن حميد الفلاسي[/align]


[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

إن من مشاكل هذا الزمان، ويبحث الناس عن علاجها، هي الهموم.

الهموم أمرها مزعج إذا حلت بقلب الإنسان.

الهموم من أثقل الأنكاد.

الهموم نار تستعر في القلوب.

الهموم حرقة تضطرم بها الأكباد.

أيها القارئ الكريم:

الدنيا طبيعتها المعاناة والمقاساة، فالإنسان حزين على ما مضى، مهموم بما يستقبل، مغموم في الحال، كما دل عليه قول الحق تعالى : ((لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ)).

أليست الدنيا دار هموم؟

ولكن نقول لكل مسلمٍ ومسلمة:

((وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)).

[align=center]لا تكره المكروه عند حلوله ****** إن العواقب لم تزل متباينة
كم نعمة لا يستهان بشكرها ***** لله في طي المكاره كامنة[/align]

لماذا الحزن والضيق بسبب الهموم ؟

لماذا لا نكون سعداء بهذه الهموم والغموم والمصائب؟

ولكن كيف نكون سعداء بهذه الهموم ؟

تعال معي أيها القارئ الكريم لأدلك على طريق السعادة وأنت مصاب بالهموم:

الطريق الأول إلى السعادة بالهموم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» رواه البخاري.

سبحان الله !!

كيف لا نسعد بالهموم وهي كفارة لذنوبنا ؟

كيف لا نسعد بالهموم وهي تكثير لحسناتنا ؟

تأمل معي، وتفكر .

أليس همك أن يكفر الله عنك الخطايا، وتزيد حسناتك ؟

الجواب: بلا شك نعم.

إذاً وداعاً للحزن بسبب الهموم، بل نقول: الحمد لله على هذه الهموم التي تكفر عن ذنوبنا، وتكثر من حسناتنا.

الطريق الثاني إلى السعادة بالهموم

هو ذكر الله تعالى، قال الله تعالى في شأن الذكر: ((الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ))، وقال سبحانه : ((وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً ))، وقال : ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ))، وقال: ((الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)).

يشكوا الكثير من تسلط الهموم، ولكن ينسون ذكر الله، كم من شخص ابتلي بالهموم، فما أن يذكر الله، إلا وذهبت هذه الهموم، واطمئن قلبه، وارتاح باله.

فيا أيها القارئ الكريم هذه نصيحة مني، ما أن يتسلط عليك الهم، فاللجأ إلى ذكر الله، وقراءة القرآن، فهي تنسيك ما أصابك من هموم، فإذا نسيت همومك تحصل السعادة والراحة.

الطريق الثالث إلى السعادة بالهموم

هو المحافظة على الصلاة، قال تعالى: ((إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ)، وقال : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)).

وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، أي: إذا نزل به أمر مهم أو أصابه غم.
فالصلاة راحة القلب ، وقرة العين ، وعلاج الهموم والأحزان .

الطريق الرابع إلى السعادة بالهموم

أن تكون الأخرة هي همك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلا مَا قُدِّرَ لَهُ» رواه الترمذي وصححه الألباني.

الله أكبر !!

يجعل الله الغنى في قلوبنا، ويجمع شملنا، وتأتينا الدنيا وهي راغمة، إذا كانت الأخرة هي همنا، ولما لا تكون الأخرة هي همنا وهي معادنا؟

في الأخرة سنسأل عن أعمالنا، هل أعمالنا صالحة تقربنا إلى الله، أم أعمال نحاسب عليها، وتبعدنا عن الله؟

وسنسأل عن أقوالنا، هل أقوالنا صالحة تقربنا إلى الله، أما أقوال نحاسب عليها وتعبدنا عن الله؟
بل ماذا سيكون حالنا في القبر ونحن نسأل ؟

هل أدينا الحقوق ؟ هل قمنا بالواجبات ؟

قال ابن القيم رحمه الله في الفوائد: «إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده تحمّل الله عنه سبحانه حوائجه كلها، وحمل عنه كلّ ما أهمّه، وفرّغ قلبه لمحبته، ولسانه لذكره، وجوارحه لطاعته، وإن أصبح وأمسى والدنيا همه حمّله الله همومها وغمومها وأنكادها ووكَلَه إلى نفسه، فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق، ولسانه عن ذكره بذكرهم، وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم، فهو يكدح كدح الوحوش في خدمة غيره.. فكلّ من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته بُلِيَ بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته. قال تعالى : ((وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)) » أ.هـ

الطريق الخامس إلى السعادة بالهموم

هو دعاء الله سبحانه وتعالى، فالمسلم يلجأ إلى الله تعالى ويدعوه متضرعاً إليه بأن يعيذه من الهموم ويباعد بينه وبينها، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم.

وإليك أيها القارئ الكريم بعض الأدعية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعوبها ويعلمها لبعض أصحابه:

• «يا حي ياقيوم برحتمك أستغيث أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين».
• «اللهم لا سهل إلا ماجعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن سهلاً إذا شئت».
• «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال».
• «لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ».
• ومن أعظم الأدعية التي تذهب الهموم والغموم والأحزان، هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَا أَصَابَ أَحَداً قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي، إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجا. قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا نَتَعَلَّمُهَا؟ فَقَالَ: بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا».

الطريق السادس إلى السعادة بالهموم

هو كثرة الاستغفار، قال تعالى: ((وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ))، وقال نوح لقومه: ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً)).

لعلنا أصبنا ذنباً، فسلط الله علينا هذه الهموم، أو قصرنا في حقٍّ من حقوق الله، أو حقوق الناس، فبالاستغفار تنفرج الأمور، ويرزقنا الله من حيث لا نحتسب، قال تعالى: ((وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)).

الطريق السابع إلى السعادة بالهموم

عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ، وليس ذلك إلا للمؤمن ... فعجباً لأمره.

الطريق السابع هو الصبر، الصبر ترياق للهموم، قال تعالى: ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ))، فالصبر عند الملمات من إمارات السعادة.

[align=center]إذا بُليت فثق بالله وارض به *** إن الذي يكشف البلوى هو الله
إذا قضى الله فاستسلم لقدرته *** ما لامرئ حيلة فيما قضى الله
اليأس يقطع أحياناً بصاحبه *** لا تيأسن فإن الصـــانع الله[/align]

فهذه سبعة طرق أهديها إليك من كتاب ربنا عز وجل، ومن مشكاة النبوة حتى تكون سعيداً بهمومك وغمومك، وأحزانك، فلا تحزن بعد اليوم، وتذكر أن الله تعالى قال: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)) الطلاق: 4.

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المراجع:
1- علاج الهموم، موقع إسلام سؤال وجواب.
2- محمد بن سرار اليامي، ترياق الهموم، موقع صيد الفوائد.
3- د. منقذ بن محمود السقار، حياتنا بين الهموم والأخرة، موقع صيد الفوائد.
4- فتوى رقم 49676 من موقع الشبكة الإسلامية.
5- فتوى رقم 21515 من موقع إسلام سؤال وجواب. [/align]

http://www.sahab.ws/3431/news/4605.html
 
جزاك اله خيرا أخي العزيز على هذه النصائح القيمة ...... ولكن لنا أن نسأل قبل كل شيء ما هي السعادة .. وهل السعادة هي انتفاء نقسيضها .. معظم الناس اليوم لا يعرف ما هي السعادة أو فلنقل السعادة بمفهومها العام والخاص أيضا قد لا تتجاوز حدود إشباع رغبات جامحة أو نزوات مضطربة وأهواء مزجاة متناسين جانب الروح فماذا كانت النتيجة .. مفسدسة للذوق وبلادة في الحس الإنساني وضمور في الشعور لا بل ومسخ لفطرة الإنسان البسسيطة فراح يجد ابتغاء السعادة كالذي يتخبطه الشيطان من المس .. ولا زال ذاك ديدنه ما إن ينجو من حوت من حيتان النفس حتى يهوي لغيابة جب الدنيا وليس له بعد هذا وذاك إلا الصلة بالله تعالى وليس له إلا يقضة الروح المؤمنة وإلا فما دون ذلك هو الخسر الذي قال تعالى فيه { إن الإنسان لفي خسر }
 
وإياك أخي علي جاسم .

وقد أصبت في كلامك حول توضيح معنى السعادة وحقيقتها.

وهناك محاضرة للشيخ سليمان الرحيلي بعنوان: ((كيف نسعد بالإسلام؟)) بين فيها حقيقة السعادة، وكيف نحققها بالإسلام، وهي محاضرة من أروع المحاضرات التي سمعتها في حياتها.

أنصحك بسمعها وعلى ما أظن أنها موجوده في موقع العلم الصحيح
 
الداعية الصغير

الداعية الصغير

[align=center]الداعية الصغير
إعداد
عبد الله بن حميد الفلاسي[/align]


[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

[align=center]المقال في موقعي[/align]

[align=justify]الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:

ما من مسلمٍ إلا ويسعد عند الحديث عن الجنة، ومنازلها، وما أعد له فيها، ولكن الجنة، تحتاج لمثابرة، وجد واجتهاد، فالجنة مرتبة عالية، يتمناها كل مسلم، ولكن حتى نصل إلى الجنة، فهناك أمور لابد أن نعملها، ونبذل قصارى جهدنا حتى نكون من أهلها.

حتى نكون من أهل الجنة، لابد أن نشهد بلا إله إلا الله، محمد رسول الله، يعني أن نعبد الله، ولا نعبد غيره، ندعوه ولا ندعو غيره، ونلجأ إليه، ولا نلجأ إلى غيره.

حتى نكون من أهل الجنة، لابد من أن نحافظ على الصلوات الخمس، ونؤديها مع الجماعة، ولا نؤخرها عن وقتها، ونبذل كل الوسائل حتى نكون من المحافظين عليها.

حتى نكون من أهل الجنة، لابد من أن نكون من البارين بأبائنا وأمهاتنا، ونسعى لراحتهم، وإسعادهم، فهم بذلوا كل ما لديهم من أجلنا، ونحن ماذا فعلنا غير التقصير في حقهم، لابد من رد هذا الجميل، ونسعى إلى برهم، وإرضائهم، ونرد الجميل والإحسان، ويكفي أنهم سهروا في تربيتنا.

ولهذا لابد لنا أن نتفكر، وننظر ما الأمور التي ستدخلنا الجنة، وهل ستدخلنا الجنة أم لا؟ نفكر، إذا ضيعنا الصلاة أو قصرنا في تأديتها، هل هذا الفعل سيكون سبباً لدخولنا الجنة، أم لا؟

وحديثنا في هذا المقال عن داعية صغير، مرت به أشد الابتلاءات، كل ذلك من أجل هذا الدين، فتعال معي أيها القارئ لنتعرف على قصة الداعية الصغير، وكيف قتل؟ وكيف إسلم على يديه الكثير:

روى الإمام مسلم في صحيحه عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كان ملكٌ فيمن قبلكم، وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك، إني قد كبرت، فابعث إلي غلاماً أعلمه السحر، فبعث إليه غلاماً يعلمه، وكان في طريقه – إذا سلك – راهب فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، وكان إذا أتى الساحر مر بالراهب، وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر)).

تأمل معي أيها القارئ العزيز، أرادوا أن يعلموا الغلام السحر، والله أراد خلاف ذلك، أردوا للغلام أن يكون ولياً من أولياء الشيطان، والله عز وجل أراد له غير ذلك.

كل ذلك يعلمنا أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولنعلم أن قلوب العباد بيد الله، فيهدي من يشاء، ويضل من يشاء، فقد اهتدى الغلام وهو في أحضان الساحر وتحت إشراف الملك.

ثم يقول صلى الله عليه وسلم: ((فبينما هو على ذلك إذ أتى على دابةٍ عظيمة قد حبست الناس، فقال – أي: الغلام-: اليوم أعلم الساحرُ أفضل أم الراهب أفضل؟ فأخذ حجراً، فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها ومضى الناس فأتى الراهب فأخبره)).

فهذه هي الكرامة التي يُكرمُ الله بها عباده الصالحين، الذين وصفهم الله في كتابه بقوله: ((أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ))، وقال تعالى في الحديث القدسي: "من عادى لي ولياً فقد آنته بالحرب ..." رواه البخاري.

ثم يقول صلى الله عليه وسلم: ((فقال الراهب: أي بني، أنت اليوم أفضل مني، قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدل علي)).

هكذا حال المؤمنين الصادقين، يبتليهم الله في الدنيا، قال تعالى: ((أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ))، ولذلك سأل رجلٌ الشافعي رحمه الله، فقال: يا أبا عبد الله إيما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلى؟ فقال الشافعي: لا يمكن حتى يبتلى فإن الله ابتلى نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمداً صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فلما صبروا مكنهم الله.

ثم يقول صلى الله عليه وسلم: ((وكان الغلام يُبرئُ الأكمه والأبرص، ويداوي الناس من سائر الأدواء، فسمع جليس للملك كان قد عَمَىَ، فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني، فقال: إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله تعالى، فإن آمنت بالله تعالى دعوت الله فشفاك فآمن بالله تعالى فشفاه الله تعالى)).

انظر إلى ما فعله هذا الغلام، استغل هذه الفرصة لدعوة هذا الرجل إلى الإيمان، لم يقل أنها أموال وهدايا كثيرة سأخذها، إنما استغل الفرصة لدعوته للإيمان، وبين للرجل أن الله الشافي، وليس الشفاء بيده، أراد أن يبين له أن علاج القلوب أولى من علاج الأبدان، لأنه إذا صلحت القلوب صلحت الأبدان، وإذا فسدت القلوب فسدت الأبدان.

ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((فأتى الملك – أي: جليسه – فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي، قال: ولك ربٌّ غيري؟ قال: ربي وربك اللهن فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام)).

رد الله إليه بصره، فالبصر، نعمة، كان لا يرى وبعد أن آمن ودخل الإيمان في قلبه، رد الله عليه بصره، فأبصر الناس، فجاء هذا الجليس إلى الملك ليجلس مع الملك كعادته فنظر إليه الملك فرأى وجهه قد تغير، فالإنسان الأعمى إذا رد الله إليه بصره تغير وجهه، فنظر إليه فقال الملك لجليسه، من رد عليك بصرك؟! قال: ربي، فقال له: أو لك رب غيري؟! فقال له ربي وربك الله.

هكذا الإيمان يفعل في أصحابه، هذا جليس ملك قبل قليل يطمع في منصب من مناصب الدنيا، كان قبل قليل يريد مالاً، ويطمع فيما عند الملك.

الآن يقول له: رب وربك الله، فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام، قبل قليل كان جليسه يُضحكه، ويشاوره، والآن يعذبه لأنه آمن بالله رباً.

يقول صلى الله عليه وسلم: ((فجيء بالغلام فقال له: أي بني، قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل؟

فقال: إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله تعالى: فاخذه فلم يزل يعبه حتى دل على الراهب، فجيء بالراهب، فقيل له: إرجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه)).

موقف إيماني في الثبات على دين الله: قطعتان من اللحم في بركة من الدماء، لماذا؟ لأنه أبى أن يرجع عن دينه، كل ذلك وجليس الملك الذي رد الله عليه بصره ينظر إلى هذا الموقف، والغلام الصغير ينظر إلى هذا الموقف:

يقول صلى الله عليه وسلم: ((ثم جيء بجليس الملك، فقيل له: ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه))

((ثم جيء بالغلام فقيل له: ارجع عن دينك فأبى))

إنه الإيمان، مواقف إيمانية تسجل في قلوب الصالحين بماء الذهب، إنه الصبر على الدين، لأنه أغلى ما يملك المرء في هذه الدنيا.

فلم يقتل الملك الغلام، ولكن ماذا فعل به؟

يقول صلى الله عليه وسلم: ((فدفعه إلى نفر من أصحابه، فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا، وكذا فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذروته، فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه، فذهبوا به فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك)).

إنه الإيمان، أيها الغلام: اهرب، أيها الغلام أين تذهب؟ ماذا يريد الغلام ؟ هل يريد منصباً من مناصب الدنيا عند الملك ؟ لا

هذه أمور دنيوية يطلبها طالب الدنيا، الغلام يريد شيئاً سنعرفه بعد قليل.

يقول صلى الله عليه وسلم: ((فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى، فدفعه إلى نفر من أصحابه، فقال اذهبوا به فاحملوه في قرقور، وتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه فذهبوا به فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا، وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك، ما فعل أصحابك؟ فقال كفانيهم الله تعالى)).

أخواني الكرام:

الغلام يريد شيئاً لم نفصح عنه حتى الآن.

يقول صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه: ((يا غلام، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)).

فالله عز وجل يدافع عن الذين آمنوا، ويحفظهم من كل سوء.

((فقال للملك،: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، فقال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيدٍ واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهماً من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني به، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني))

انظروا إلى الغلام هل يريد الدنيا؟ هل يريد المال ؟ لا، إنما يريد أن تكون كلمة الله هي العليا.

فقام الملك بتنفيذ أوامر الغلام كلها لأنه لو تخلف شيء مما ذكر له لم يقتله أبداً، والخير قد انتشر في كل مكان، وعلم الناس بأمر الغلام فأتوا يريدون أن يعرفوا الحقيقة.

((فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهماً من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال: بسم الله رب الغلام، ثم رماه فوقع في صدغه، فوضع يده في صدغه فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام)).

((فأُتِيَ الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر، قد والله نزل بك حذرك قد آمن الناس، فأمر بالأخدود بأفواه السكك فخدت، وأضرم فيها النيران، وقال من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها، ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها –أي: خافت فجبنت فتأخرت- فقال لهم الغلام: يا أماه اصبري فإنك على الحق))

مواقف إيمانية فيها دروس وعظات وعبر، فمن هذه الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من هذه القصة العجيبة:

1- أن الدين عند المؤمن الصادق أغلى من النفس والمال والأهل والولد.

2- الداعية إلى الله يموت ويقدم نفسه من أجل دعوته لتبقى دعوته في الناس.

3- لا ينفع حذر من قدر، فقد حذر الملك، وعمل ما يستطيع عمله حتى لا يؤمن الناس، ولكن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فقد آمن الناس برب الغلام.

4- أن الجزاء من جنس العمل عند الله يوم القيامة، فالذين أضرموا النيران وأشعلوها، وعذبوا المؤمنين بها في هذه الدنيا، وأحرقوا أجسادهم، فالله عز وجل يعذبهم يوم القيامة بالتحريق في نار جهنهم.

5- أن الله وحده هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه، فالذي استجاب للغلام عندما رمى الدابة هو الله، والذي استجاب للغلام عندما دعا على ذروة الجبل هو الله، والذي استجاب للغلام وهو في وسط البحر هو الله، والذي استجاب ليونس عليه السلام وهو في ظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت وجوف الليل هو الله.

قال تعالى: ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ)).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المرجع: أحسن البيان من مواقف أهل الإيمان، لصالح بن طه عبد الواحد، الأردن، مكتبة الغرباء الإسلامية، ط1، 1423هـ - 2002م.

ملاحظة: أصل هذا المقال محاضرة ألقيت في إحدى مدارس دبي
.[/align]
 
قواعد في تغيير النفس

قواعد في تغيير النفس

قواعد في تغيير النفس
إعداد
عبد الله بن حميد الفلاسي


اضغط هنا لقراءة الموضوع

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:

إن الحديث عن موضوع تغيير النفس، يحتاج إلى دراسة من ناحيتين: من ناحية العلم، ومن ناحية العمل، أي: التطبيق العملي لمفهوم تغيير النفس، وقد قال تعالى: ((إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))، ويقول سبحانه وتعالى: ((ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)).

وقد يحاول الكثير منا تغيير بعض طبائعه إلى الأفضل، أو تغيير بعض عاداته إلى الأحسن، ولكن تواجهه العديد من العقبات والمشكلات التي تجعله يقف مكتوف الأيدي عن تحقيق أهدافه وآماله وأحلامه، مما يؤدي إلى أن يبدأ مشوار الحط من قدرته، وتحطيم ثقته بنفسه، والنتيجة تكون في النهاية، عدم المواصلة في تغيير النفس، أي: الفشل.

وفي هذا المقال أضع بعض القواعد المهمة حتى يستطيع المسلم تغيير نفسه إلى الأفضل كي يسعد في الدنيا والآخرة، وهي بمثابة خطوات مهمة تعيننا على تطبيق هذه القواعد.

القاعدة الأولى: حدد بوضوح ما تريده:

من المهم أن نحدد الهدف الذي نحتاجه، خذ ورقة وقلم، واكتب الآن ما تريد تغييره في نفسك، فمثلاً: أريد أن أترك الدخان، أو أن أترك سماع الأغاني، أو حفظ القرآن أو المحافظة على الصلاة.

بعد أن حددت هذا الهدف، اكتب بجانب هذا الهدف النتائج السيئة أو السلبية على عدم تحقيقك لهذا الهدف، فمثلاً:

النتائج السلبية للتدخين: أولها: معصية لله سبحانه وتعالى، ثانيها: إضرار بصحتك، ثالثها: ضياع مالك فيما لا ينفعك بل يضرك.

1. النتائج السلبية لسماع الأغاني: أولها: معصية لله ورسوله عليه الصلاة والسلام، ثانيها: قسوة القلب، ثالثها: عدم تدبر القرآن وفهمه؛ لأنه لا يجتمع في القلب سماع الأغاني، وسماع القرآن.
2. النتائج السلبية لعدم حفظ القرآن: ضياع أجر حفظ القرآن، وماذا أعظم من هذه النتيجة.

القاعدة الثانية: الأهداف والنتائج الايجابية:

وهي في الغالب نقيض النتائج السلبية السابقة، مثلاً: الهدف ترك التدخين، فما هي نتائجه الإيجابية، رضى الله سبحانه وتعالى بأن توقفت عن معصيته، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من ترك لله شيئاً عوضه خير منه))، والله سيعضوني خيراً من التدخين، النتيجة الثانية، صحتي ستتحسن إلى الأفضل، سأقوم بتوفير المال الذي كان يضيع في التدخين.

مثال أخر: الهدف ترك سماع الأغاني، فما هي نتائجه الإيجابية ؟

التوقف عن معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)) فما أعظمَ مخالفة أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام، بل جعل الله عز وجل طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله، قال تعالى: ((﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله)﴾ .

حاول أن تحفز نفسك، فكر في كل الفوائد والمميزات التي ستحصل عليها من تحقيقك لهذا الهدف، وكلما تفكرت بهذه الفوائد، كلما ازدادت رغبتك في تحقيق هذا الهدف.

القاعدة الثالثة: ضع خطة عمل:

هذا هو الوقت الذي يبدأ فيه العمل والتنفيذ، فإنه يجب عليك أن تتخذ إجراء ما، ولتبدأ بهدف واحد تريد تحقيقه، ومن خلاله تغير نفسك، وضع خطوات العمل، فمثلاً: المحافظة على صلاة الجماعة، فما هي خطواتها:

1. قراءة الأحاديث الواردة في فضل المحافظة على صلاة الجماعة، والتبكير إلى الصلاة، وأجر الصف الأول، وأجر من حافظ على التكبيرة الأولى.
2. استغلال الساعة لتنبيهك على دخول وقت الصلاة.
3. طلب من تثق به أن يعينك على ذلك ويذكرك بدخول وقت الصلاة.

قم بالتركيز على خطوات العمل التي قمت باختيارها، ثم ضعها في حيز التنفيذ.

وتذكر أن العادة لن تتغير حتى تتغير أنت، وتتقبل فكرة التغيير باعتبارها محفزاً إيجابياً، فإن هذا سيعطيك المزيد من الشجاعة وقوة اتخاذ القرار.

القاعدة الرابعة: التدريب ثم التدريب ثم التدريب:

لابد من معرفة أن التغيير ليس بالسهل، فإننا نواجه تغيير عادة تعودنا عليها سنين طويلة، ولذا لابد من التدريب، والاستمرار على ترويض النفس، فبعد مرور مدة من تدريب ستتغير هذه العادة.

يظن البعض عند محاولة تغيير نفسه أو عاداته أنه يستطيع أن يغيرها بكل سهولة، وما أن يوجه أول صعوبة أو يفشل في التغيير، يقوم بترك هذا البرنامج، وبالتالي لن يحقق ما وضعه من هدف.

ولذا نقول: علينا بالتدريب، ثم التدريب، ثم التدريب، فإنك مع التدريب ستصل إلى ما تريد إن شاء الله، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفلِحُونَ)).

القاعدة الخامسة: الابتعاد عن السلبيين:

حاول أن لا تجالس من لم يستطيع تحقيق هذا التغيير، فإن هؤلاء سيقومون بتحطيمك ويضعون أمامك العراقيل التي تؤدي إلى توقفك عن مشروعك والهدف الذي وضعته لنفسك، فهؤلاء هم رفقاء السوء، الذين يثنونك عن النهوض بنفسك والارتقاء بها إلى الأفضل، والابتعاد عن معصية الله سبحانه وتعالى.

وفي الختام:

إن مدار تغيير النفس بعد بذل السبب على تعلق القلب بالله والاستعانة به فنحن نقول في كل ركعة ﴿إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ والنبي صلى الله عليه وسلم علّم عبدالله بن عباس : إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله فلابد أن تكون إرادتك في تغيير نفسك قوية، ولابد من العمل والبدء في تغيير نفسك، ثم عليك بالصبر، فإن أفضل الأمور هي الصبر.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 
عودة
أعلى