بسم1 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشايخنا أهل الملتقى المبارك أود منكم المساعدة في تفسير الآيتين الكريمتين فقد استشكلت علي معانٍ عديدة وجدتها في كتب التفاسير
وهي قوله تعالى: ( أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ( 17 ) سورة هود )
وقوله تعالى: (وشاهد ومشهود) في سورة البروج
الفاضلة أم ورقة الأنصارية ، جزاك الله خيرا وزادنا علما ونفعنا بما علمنا . فكما تعلمين أن من المفردات القرآنية ما يسمى بالوجوه والنظائر . فإذا كانت المفردة من الوجوه والنظائر فمعناها أن المفردة الواحدة تتكرر في القرآن الكريم بمعان مختلفة حسب السياقات . فالمفردة مع أخواتها هي نظائر ، ومعانيها المختلفة فهي وجوه . نعود إلى المثال المذكور في الموضوع : (شاهد) له نظيره وهو (شاهد) لكنْ معناهما يختلف حسب السياق القرآني : فشاهد في هذه الآية : {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }[هود:17] يقول طنطاوي (ت:1431هـ) في تفسيره : " وأقرب هذه الأقوال إلى الصواب أن يكون المقصود بقوله - تعالى - { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ } الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه المؤمنون. وبقوله تعالى - { وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } القرآن الكريم الذي أنزله الله - تعالى - على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ليكون معجزة له شاهدة بصدقه. والضمير فى قوله من ربه يعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفى قوله { وَيَتْلُوهُ } يعود إلى القرآن الكريم، وفى قوله { منه } يعود إلى الله - تعالى -. وعلى هذا القول يكون المعنى : أفمن كان على حجة واضحة من عند ربه تهديه إلى الحق والصواب في كل أقواله وأفعاله، وهو هذا الرسول الكريم وأتباعه ويؤيده ويقويه في دعوته شاهد من ربه هو هذا القرآن الكريم المعجز لسائر البشر.. أفمن كان هذا شأنه كمن ليس كذلك ؟ " بينما (شاهد) في الآية : {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ }[البروج:3] يقول طنطاوي في تفسيره : " قال صاحب الكشاف وقوله: { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } يعني: وشاهد في ذلك اليوم ومشهود فيه. والمراد بالشاهد: من يشهد فيه من الخلائق كلهم. وبالمشهود: ما في ذلك اليوم من عجائبه. ثم قال: وقد اضطربت أقوال المفسرين فيها، فقيل: الشاهد والمشهود: محمد صلى الله عليه وسلم ويوم القيامة. وقيل: عيسى وأمته. وقيل: أمة محمد صلى الله عليه وسلم وسائر الأمم. وقيل: يوم التروية ويوم عرفة. وقيل: يوم عرفة ويوم الجمعة. وقيل: الحجر الأسود. والحجيج. وقيل: الأيام والليالي. وقيل: الحفظة وبنو آدم.. ويبدو لنا أن أقرب الأقوال والصواب: أن المراد بالشاهد هنا: الحاضر فى ذلك اليوم العظيم وهو يوم القيامة، والرائى لأهواله وعجائبه. وأن المراد بالمشهود: ما يُشَاهَدُ في ذلك اليوم من أحوال يشيب لها الولدان."
الخلاصة : الشاهد في الآية الأولى هو : القرآن الكريم ، والشاهد في الآية الثانية هو الحاضر . والله أعلم وأحكم
السلام عليكم
وردت كلمة " شاهد فى سورة البروج فى الآية الثالثة اسم فاعل للمفرد "وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ "
وجمعا فى الآية 7
"وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ"
ولابد لذلك من دلالة
وجاءت صيغة مبالغة فى الآية 9 " ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ"
وفيها أن هؤلاء الذين فتنوا المؤمنين .. الله شهيد عليهم كما أنه سبحانه شهيد على كل شيء ، ويتوعدهم بالعذاب فى الآخرة إن لم يتوبوا ، وفى الآخرة .. اليوم الموعود - يتبادلون المواقع .. فالشاهد يصبح مشهودا ... ويري من ظُلم فى الدنيا كيف انتقم الله له .
هذا معنى شاهد فى السورة ورد صفة لفاعل فى الدنيا هو الواحد من أصحاب الأخدود ، والذى يكون فى الآخرة من تبادل معه الموقع
ولايجب ان نقول أن " شاهد " فى السورة تعود على الرسول لأن الرسول لم يذكر فى السورة
ولأنه صلى الله عليه وسلم يُسمى شاهدا عندما يراد أنه بلغ الرسالة " إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً " الفتح 8 ، " إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً " المزمل 15 ، ويسمى شهيدا عندما يكون المقصود الشهادة على أعمال الأمة ،
والملاحظ أن كلمة شاهد فى القرآن جُمعت على صيغ أربعة هى شاهدين ، شهود ، شهداء ، وأشهاد ... ويحتاج كل منهم لتخصيص بمن يطلق عليهم هذا الاسم ... فمثلا نقول أن الشهداء هم من ماتوا فى سبيل الله ، فلماذا لا نقول الشاهدين هم كذا ، والشهود هم ..... ، والأشهاد هم ...
وكلمة" مشهود" وردت فى السورة صفة لجمع من الناس ، .. ولاداعى لاستحضار معان ليست فى السورة كيوم عرفة وما شابه ، ووردت صفة ليوم القيامة فى سورة هود 103
والله أعلم
يقول القرطبي -رحمه الله-:[{وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}
قوله تعالى: {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ} أي الموعود به. وهو قسم آخر، وهو يوم القيامة؛ من غير اختلاف بين أهل التأويل. قال ابن عباس: وعد أهل السماء وأهل الأرض أن يجتمعوا فيه. {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} اختلف فيهما؛ فقال علي وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم: الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة. وهو قول الحسن.
ورواه أبو هريرة مرفوعا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة..." خرجه أبو عيسى الترمذي في جامعه، وقال: هذا حديت [حسن] غريب، لا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة، وموسى بن عبيدة يضعف في الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد وغيره. وقد روى شعبة وسفيان الثوري وغير واحد من الأئمة عنه. قال القشيري فيوم الجمعة يشهد على كل عامل بما عمل فيه.
قلت: وكذلك سائر الأيام والليالي؛ فكل يوم شاهد، وكذا كل ليلة؛ ودليله ما رواه أبو نعيم الحافظ عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس من يوم يأتي على العبد إلا ينادى فيه: يا ابن آدم، أنا خلق جديد، وأنا فيما تعمل عليك شهيد، فاعمل في خيرا أشهد لك به غد، فإني لو قد مضيت لم ترني أبدا، ويقول الليل مثل ذلك" . حديث غريب من حديث معاوية، تفرد به عنه زيد العمري، ولا أعلمه مرفوعا. عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد. وحكى القشيري عن ابن عمر وابن الزبير أن الشاهد يوم الأضحى. وقال سعيد بن المسيب: الشاهد: التروية، والمشهود: يوم عرفة. وروى إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه: الشاهد يوم عرفة، والمشهود يوم النحر. وقاله النخعي. وعن علي أيضا: المشهود يوم عرفة. وقال ابن عباس والحسين بن علي رضي الله عنهما: المشهود يوم القيامة؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ}] انتهى . سؤالي: أليس اللفظ يحتمل المعاني كلها لأنه جاء منكرا والاختلاف هنا اختلاف تنوع ؟؟
يقول القاسمي (ت:1332هـ) في تفسيره (محاسن التأويل) : {وَشَاهِدٍ} وهو كل ما له حس يشهد به {وَمَشْهُودٍ} وهو كل محس يُشهد بالحس . فيدخل فيه العوالم المشهودة كلها .
وتخصيص بعض المفسرين بعضا مما يتناوله لفظهما لعله لأنه الأهم أو الأولى أو الأعرف والأظهر لقرينة عنده ، وإلا فاللفظ على عمومه حتى يقوم برهان على تخصيصه "