يا حَمَلة تفسير السلف: أين غاب الدور الهدائي ؟

محمد العبادي

مشارك فعال
إنضم
30/09/2003
المشاركات
2,157
مستوى التفاعل
2
النقاط
38
الإقامة
الخُبر
الموقع الالكتروني
www.tafsir.net
الملاحَظ أن مسيرة البحث العلمي المعاصر في الدراسات القرآنية سارت وتسير في خطين متوازيين:
المسار الأول هو المسار العلمي تأليفا وتحقيقا وتأصيلا ودراسة لمناهج المؤلفين وغيرها من الدراسات المتنوعة التي تصب في مجال الخدمة العلمية التأصيلية الضابطة للدراسة القرآنية.
وهذا المجال –مع ما فيه من النقص والحاجة إلى دراسات أوسع- يُعدّ في الحقيقة أحسنَ حالا من المسار الثاني وهو:
الجانب الهدائي للقرآن الكريم، المختص بإعادة الناس إلى الدوحة القرآنية تحاكما وانتهاجا وعودة صادقة إلى الاهتداء بأنواره والخروج منه بحلول كاملة لجميع المشكلات المعاصرة، فكرية وعلمية وعملية ...الخ.
فهذا مجال خصب جليل القدر كبير الأهمية، والاهتمام به هو ثمرة الجانب أو المسار الأول (الجانب العلمي البحت) .. فأين هي الدراسات التي اعتنت بالجمع بين الأمرين، فجمعت الوسيلة بالهدف والمقدمة بالنتيجة والثمرة؟
أين غاب عنا هذا العمل الجليل؟
وهل الانشغال بالتأصيل العلمي مبرر للتقصير في العمل أو الدور الهدائي؟
العالم اليوم –كما لا يخفى- يعيش مشكلات متعددة، تأخذ كل يوم صورا مختلفة، وتتبلور وتتشكل مع مرور الأيام بأشكال عديدة، وقد وُجد من الغيورين من سعى في إيجاد حلول وعلاجات متنوعة ومنطلقة من خلفيات ثقافية مختلفة، أو مبنية على غير أساس علمي متين من المعرفة الشرعية المؤصلة، ولكن –للأسف- قلَّ من طرح هذا الأمر من خلال القرآن الكريم طرحا يستهدي به ويستلهم الحلول والعلاجات منه مباشرة، ويعتمد على معرفة عميقة بمقاصد الشريعة وأصول التفسير.
والقرآن الكريم قد أخبر الله تعالى عنه أنه هدى ورحمة ونور وبرهان، لذا كان التقصير في خدمة هذا الجانب من صور الخلل الكبيرة، كما أن خدمته يعد هو التجديد الحقيقي في الدراسات القرآنية، لأننا إذا لم نصل بدراساتنا إلى تنزيل القرآن على حياتنا فليت شعري ما الهدف من كل هذه الجهود؟!

وقد وُصفَت مدرسة المنار –على سبيل المثال- بوصف التجديد في التفسير في العصر الحديث لما أولت هذا الأمر من جهد وعمل كبيرين، إذ حاولت الجمع بين الجانبين العلمي والهدائي، من خلال تحرير التفسير مما علق به من إسرائيليات وأقوال ضعيفة وبدع وغيرها، بالإضافة إلى خدمتها الكبيرة لهدفها الأساس وهو: إعادة الناس إلى العمل بالقرآن والاهتداء به، ومناقشة مشكلات العصر والبحث عن حلولها من خلاله.
ومثل هذا ما قدمه العلامة ابن باديس والطاهر ابن عاشور وجمال الدين القاسمي وغيرهم ممن حاول الجمع بين التحرير العلمي والقيام بالدور الهدائي، ففتح الله على أيديهم فتوحا كبيرة.

إن تفسير السلف –رحمهم الله تعالى- للقرآن الكريم هو الهدى والنور، فهم من فهموا القرآن حق الفهم، وقاموا به حق القيام، ففتحوا به القلوب، ودانت لهم به الممالك.
ولذا كان حَمَلة علوم هؤلاء الأئمة هم أحق الناس بالدعوة والنداء والملام والمطالبة هنا، لأنهم أعرف الناس بهدي السلف وتخلقهم بالقرآن وقيامهم به، فكان لزاما أن يكونوا أولى من يقوم بالدور على أكمل وجه ممكن، وألا يتركوا المجال لجاهل أو مغرض.

فالشاهد والخلاصة أيها الأحبة:
أننا نحتاج إلى إعادة النظر في واقع هذا الدور المهم والحيوي وما يؤمل فيه، حتى لا نكون ممن ينهون عنه وينأون عنه .
 
إن مثل هذه الدراسات لا بد أن يتوفر فيها أمران:

الأول: توصيف واقع الناس اليوم وفهمه فهما دقيقا والحكم عليه من خلال مدلولات القرآن والسنة.

الثاني:القدرة على بيان ما يجب أن يكون عليه الواقع من خلال نصوص الكتاب والسنة.

وإذا وجد مثل هذه الدراسات فأعلم أخانا العبادي أنها لن ترى النور إلا أن يشاء الله تعالى والأسباب معروفة.

ورحم الله سيد قطب الذي أبدع في هذا المجال إبداعا لم يسبق إليه ونحن نعلم جميعا ماذا حدث بعد ، وهذا سبب العزوف عن طروق ما تتمنى أخانا العبادي ، بل قل إنه كان سببا لتوجيه الدراسات القرآنية لتسير في المسار الأول الذي أشرت إليه.
 
بارك الله فيكم يا أبا إبراهيم على هذه التذكرة النافعة .
وهي مجال رَحْبٌ لمن هداه الله ووفقه للبحث فيه بحقه ، والأقسام العلمية - حسب علمي - لن تقف في طريق بحث علميٍّ جاد في هذا الحقل أو غيره ، والموفق مَنْ وفقه الله .
والضعف أتى من عدد من البحوث التي كتبت في التفسير الموضوعي بأسلوب ضعيف ، وهي لو أعطيت حقها تصب في المجال الذي تفضلتم به ، لكنَّها لم تنجح أو أكثرها في بلوغ هذه الغاية على وجهها .
وتأمل (دستور الأخلاق في القرآن) لمحمد دراز ، وأمثاله تجدها تحقق ما صبوتم إليه.
وهذا كله في باب البحث العلمي ، أما في جانب نشر العلم وإيصاله للناس عبر وسائل نشره كالإعلام والتدريس في مجامع الناس كالمساجد وغيرها والتأليف لعامة الناس فهذا جانب من التقصير لا يُنْكَر ، وهو مسئولية كبرى لا بد من الاحتساب في نشرها والدعوة إليها .
 
إن مثل هذه الدراسات لا بد أن يتوفر فيها أمران:

الأول: توصيف واقع الناس اليوم وفهمه فهما دقيقا والحكم عليه من خلال مدلولات القرآن والسنة.

الثاني:القدرة على بيان ما يجب أن يكون عليه الواقع من خلال نصوص الكتاب والسنة.

وإذا وجد مثل هذه الدراسات فأعلم أخانا العبادي أنها لن ترى النور إلا أن يشاء الله تعالى والأسباب معروفة.

ورحم الله سيد قطب الذي أبدع في هذا المجال إبداعا لم يسبق إليه ونحن نعلم جميعا ماذا حدث بعد ، وهذا سبب العزوف عن طروق ما تتمنى أخانا العبادي ، بل قل إنه كان سببا لتوجيه الدراسات القرآنية لتسير في المسار الأول الذي أشرت إليه.

قد لا يكون الأمر بالتحديد الذي ذكرته أخي الكريم، فالدعوة إلى إحياء الدور الهدائي للقرآن الكريم لا يقتصر على المنهج الحركي مثلا، ولكنه يشمل كل ما يخدم هذا الجانب من اتجاهات تصب في خانة بيان هدايات القرآن الكريم.

وأعتقد أن من أسباب ضعف هذا الجانب ما يدعو إليه أساتذة الأقسام العلمية في التفسير والدراسات الشرعية عموما من توجيه عناية الطالب في هذه المرحلة إلى البناء العلمي وترك التفسير الموضوعي إلى مراحل متقدمة يكون الطالب فيها قد أتقن التخصص وضبط أصوله
وهذه نظرة صائبة، لكن الإشكال ألا تأتي هذه المراحل التي يُعمل فيها الباحث ما درسه وتعلمه ويحولها إلى نتاج تطبيقي عملي ينفع به مجتمعه وأمته.
ولهذا الأمر أسبايه التي قد تعود إلى نشاط الطالب أو عدم أهليته أو غيره من الأسباب التي تحتاج إلى تأمل وبحث ودراسة.
على أن ثمت كتابات جيدة قام بها بعض الباحثين في رسائلهم للماجستير أو الدكتوراة تخدم هذا الجانب
كرسالة الدكتور عبد الله بن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: (علاج الجريمة في القرآن الكريم) فهي رسالة قيمة
تصلح أن تكون مثالا يحتذى، ومثلها عدد قليل محدود من الرسائل.

كما أن من المهم أن يشار إلى أن ترك هذا الجانب مهملا من قبل المتخصصين هو الذي برر لقليلي البضاعة أن يشاركوا في البحث القرآني، يدفعهم إلى ذلك حب الدعوة إلى الله وبيان مكانة القرآن
والرغبة كذلك في ردم الهوة وجبر النقص بما في أيديهم وما في مقدورهم..
وهذا ما أخرج لنا أبحاثا غير مؤصلة ولا علمية ومتخبطة النتائج والأفكار، ثم تنسب إلى الدراسة القرآنية وتتلقفها الأيدي على أنها مما دل عليه القرآن وأخبر به الشارع!

كل هذا مما يزيد التبعة على المتخصصين لأن يولوا الأمر حقه..
فسكوت العالم مدعاة لنطق الدعيّ.
 
بارك الله فيكم يا أبا إبراهيم على هذه التذكرة النافعة .
وهي مجال رَحْبٌ لمن هداه الله ووفقه للبحث فيه بحقه ، والأقسام العلمية - حسب علمي - لن تقف في طريق بحث علميٍّ جاد في هذا الحقل أو غيره ، والموفق مَنْ وفقه الله .
والضعف أتى من عدد من البحوث التي كتبت في التفسير الموضوعي بأسلوب ضعيف ، وهي لو أعطيت حقها تصب في المجال الذي تفضلتم به ، لكنَّها لم تنجح أو أكثرها في بلوغ هذه الغاية على وجهها .
وتأمل (دستور الأخلاق في القرآن) لمحمد دراز ، وأمثاله تجدها تحقق ما صبوتم إليه.
وهذا كله في باب البحث العلمي ، أما في جانب نشر العلم وإيصاله للناس عبر وسائل نشره كالإعلام والتدريس في مجامع الناس كالمساجد وغيرها والتأليف لعامة الناس فهذا جانب من التقصير لا يُنْكَر ، وهو مسئولية كبرى لا بد من الاحتساب في نشرها والدعوة إليها .

أحسنتم فضيلة الشيخ ..
والمعذرة فقد قرأت تعليقكم بعد كتابتي للتعليق السابق..
الأمر حقا كما ذكرتم، وكلامي هنا محصور في البحث العلمي، ومخاطب به شريحة ليست بالهينة من أهل الأهلية والقدرة على كتابة بحوث جيدة في التفسير الموضوعي، يزهدهم فيها أمور سبق ذكر بعضها، ولعل منها أيضا افتقاد بعض طلبة العلم للحس الجمعي الذي يقتضي الشعور بالمشكلات والتفاعل معها إيجابيا، وهذا الحس والشعور لا ينتج إلا بالاختلاط والمتابعة للحراك الاجتماعي، وتنويع مصادر المعرفة، مما يحث ويدفع إلى إيجاد حل للمشكلات الواقعة بقدر المستطاع، ومثل هذا هو ما أنتج الرسالة القيمة والثمينة التي أشرتم إليها (دستور الأخلاق في القرآن) إذ كان الدافع لها ما وجده الدكتو ردراز -رحمه الله- من الفقر الأخلاقي في البيئة الغربية، مع ما يكتنزه ديننا من بيان شاف لهذه القضايا، فكانت هذه الرسالة التي جمعت التاصيل والعمق، ولبت حاجة قائمة، وحلت مشكلة مجتمعية كبيرة.
 
من أجمل الكتب في هذا المجال كتاب:
المثل الأعلى للمجتمع الانساني كما تحدث عنه القران الكريم
تأليف: سالم أحمد الماقوري

ولعله يتيسر لي أو لغيري عرض هذا الكتاب.
 
عودة
أعلى