"وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ..."

إنضم
12/01/2013
المشاركات
701
مستوى التفاعل
21
النقاط
18
العمر
52
الإقامة
مراكش-المغرب
بسم1

يقول جل في علاه:"وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا"-مريم:25-.
ويقول سبحانه في موضع آخر من كتابه الحكيم:"كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ"-آل عمران:37-
فأمرت مريم عليها السلام باتخاذ الأسباب لنيل الرزق من رب الأرباب مع كونها نفساء ومعلوم أن المرأة تكون أضعف ما يكون في هذه الحال، ومع ذلك أمرت بهز النخلة كسبب لحصول المسبب.
وظاهر الآية الأخرى أن الرزق يأتيها بغير سبب مادي، بل إن زكريا كلما أتاها وجد عندها رزقا.
فما الحكمة في أمرها عليها السلام باتخاذ سبب نيل الرزق وهي نفساء تعاني من الضعف والوهن ما تعاني، ولم تؤمر بذلك لما كانت في المحراب؟
خطر لي هذا التساؤل فأحببت أن أطرحه في ملتقانا الكريم.
 
بسم1

يقول جل في علاه:"وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا"-مريم:25-.
ويقول سبحانه في موضع آخر من كتابه الحكيم:"كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ"-آل عمران:37-
فأمرت مريم عليها السلام باتخاذ الأسباب لنيل الرزق من رب الأرباب مع كونها نفساء ومعلوم أن المرأة تكون أضعف ما يكون في هذه الحال، ومع ذلك أمرت بهز النخلة كسبب لحصول المسبب.
وظاهر الآية الأخرى أن الرزق يأتيها بغير سبب مادي، بل إن زكريا كلما أتاها وجد عندها رزقا.
فما الحكمة في أمرها عليها السلام باتخاذ سبب نيل الرزق وهي نفساء تعاني من الضعف والوهن ما تعاني، ولم تؤمر بذلك لما كانت في المحراب؟
خطر لي هذا التساؤل فأحببت أن أطرحه في ملتقانا الكريم.
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مرحبا الاخ ناصر بعودتك للملتقى ..



قوله تعالى"
فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23)

وقرأ الجمهور المخاض بفتح الميم . وابن كثير فيما روي عنه بكسرها وهو الطلق وشدة الولادة وأوجاعها . مخضت المرأة تمخض مخاضا ومخاضا . وناقة ماخض أي دنا ولادها . إلى جذع النخلة كأنها طلبت شيئا تستند إليه وتتعلق به ، كما تتعلق الحامل لشدة وجع الطلق . والجذع ساق النخلة اليابسة في الصحراء الذي لا سعف عليه ولا غصن ؛ ولهذا لم يقل إلى النخلة .
....
و عيسى عليه السلام جعله الله مباركا

قوله تعالى " ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (٣١)﴾ [مريم: ٣٠-٣١]

و الله اعلم
 
السلام عليكم،
بداية هل لنا أن نعرف طبيعة الرزق أو نوع الطعام الذى كان يأتيها فى المحراب؟
هل هى فاكهة؟ أم طعام غير مألوف أو مختلف عن ما كان يأكله قومها؟

من المؤكد أنه طعام مختلف أثار دهشة و تساؤل زكريا عليه السلام، ولو كان فاكهة مألوفة أو طعام مألوف مما يأكله القوم لما سألها من أين جاءت به أو كيف تحصلت عليه ؟!.

أما عن فترة ما بعد ولادتها ،
فهل ثمار النخل هى الطعام الوحيد الذى رزقت إياه؟ هل يمكن أن تقضى كل تلك الأيام بطعام واحد وهو التمر؟ وهى تحتاج الى تنوع فى الغذاء فى هذه الفترة،
ألا يمكن أن يكون الرطب هو إضافة الى طعام آخر مشابه لما كانت ترزقه فى محرابها؟
وتكون المعجزة فى هزّ جذع النخلة (الصلب) وتساقط الرطب، ومعلوم أن الرطب متماسك جدا بفروعه ويحتاج الى قوة لنزعه، ولكنه هنا يسقط عليها بسهولة ، والتمر مفيد لها جدا كفاكهة فى فترة النفاس، ثم بعدها ترزق الطعام الآخر المعدّ مثل الذى كانت ترزقه وهى فى المحراب، (الفاكهة فى القرآن تذكر قبل الطعام).

ونجد كذلك فى القرآن الكريم أن أهل الجنة يرزقون فواكه وثمار مباشرة من أشجارها (قطوفها دانية) (لا مقطوعة ولا ممنوعة)، بينما اللحوم تقدم لهم معدة مطبوخة .


والله تعالى أعلم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله نور البصر و البصيرة اخي الفاضل سؤال تدبري مهم يُحقق عبادة التدبر

هناك حالتان مع الأنبياء يُخبرنا القرآن بها

1- تقرير الوحي والرسالة وتأييد الله لأنبيائه والصالحين (كعُزير والخضر )بالمعجزات لتكون برهانا ساطعاً تقود قومهم الى الهداية والتوحيد
2- تقرير بشرية الرسل والحكمة منها لسهولة وتيسير التقارب والتعامل بين الأنبياء وأقوامهم لتيسير وصول الدعوة اليهم في زواجهم ومطعمهم ونكاحهم ومعاشهم وتعاملاتهم وتعبداتهم

سبحان الله مريم وهي في حالة المخاض يأمرها الله بهز الجزع مع أن النخلة لايستطيع هزها رجل بقوته وهي بحالتها الأقوى كان يأتيها رزقها في المحراب دون أن تقدم سببا لماذا؟؟
وذلك معجزة من الله

والقرآن يُعلمنا الأخذ بالأسباب والتوكل على الله لنيل الرزق عندما أمرها بهز الجذع
كالمعجزات التي ايدها الله لنبينا موسى عليه السلام كالعصا وشق البحر وغيرها
ومع ذلك عاش الأنبياء كبشر مع أقوامهم وذلك لتقارب التعامل معهم وبث الرسائل التربوية السلوكية البشرية

فهرب موسى راجلاً ماشياً على قدميه
من مصر إلى مدين ذاق فيها مشقة الطريق الطويل الى ان وصل عند الرجل الصالح
او نبينا شعيب عليه السلام الذي زوجه ابنته ووظفه حتى اكمل العهد واجتاز الابتلاءات قبل ان يختاره الله للرسالة


ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام هاجر راجلاً الى المدينة المنورة واختبأ بالغار هو وصاحبه الذي لدغه العقرب
وكل ذلك ليعلمنا الله تكاليف الهجرة في سبيل الله

أما في معجزة الاسراء والمعراج اخذه جبريل عليه السلام بالبراق

فالمعجزات لها دورها ووظيفتهاوحكمتها

وبشرية الرسل لها حكمتها ايضا
كمعجزة مريم في المحراب
وتقرير بشريتها في الأخذ بالاسباب لنيل الرزق
فالقرآن كله بصائر ودروس تربوية وسلوكية وروحية وجدانية وتعبدية
والله أعلم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين أما بعد جزاكم الله تعالى خيرا
أظن أن التحرك وترك الاستلقاء الدائم من الأمور المفيدة للنفساء
ربما لكي تخرج السوائل المضرة ويتجدد الدم إلى غير ذلك؛
والله تعالى أعلم.
 
بسم1
قوله تعالى{ فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) }من سورة مريم سياق يبين الحمل والمخاض والولادة الطبيعية واتخاذ أسباب الرزق فى هز الجذع من النخلة والأكل والشرب يؤكد الله عز وجل فيه على بشرية سيدنا عيسى وأمه ولاشك فيه تسلية للسيدة مريم وبيان لطلاقة القدرة فجمع الله عز وجل بين النقيضين منتهى الضعف حال الولادة ومنتهى القوة حال هز جذع النخلة طلبا للرزق. ويشهد لذلك
قوله تعالى{مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ(75)}من سورة المائدة
وقوله تعالى{وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116)}من سورة المائدة أيضا.
أما قوله تعالى{فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) }من سورة أل عمران سياق يبين أن الرزق قد يأتى بغير سبب معتاد للبشر وبغير حسبة معروفة لديهم فأمره تعالى بين الكاف والنون فهكذا كان رزق السيدة مريم من الطعام والشراب تمهيدا لها بالرزق من الولد بطريقة غير معتادة من غير أب وتنبيها لسيدنا زكريا بالدعاء بالولد رغم انقطاع الأسباب.
هذا والله أعلم
 
في تفسير الطبري رحمه الله
: أَخْبَرَنِي الْيَزِيدِيّ عَنْ أَبِي عَمْرو وَأَمَّا قَوْله : { وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَأَنْبَتَهَا رَبّهَا فِي غِذَائِهِ وَرِزْقه نَبَاتًا حَسَنًا حَتَّى تَمَّتْ فَكَمُلَتْ اِمْرَأَة بَالِغَة تَامَّة . كَمَا : 5429 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { فَتَقَبَّلَهَا رَبّهَا بِقَبُولٍ حَسَن } قَالَ : تَقَبَّلَ مِنْ أُمّهَا مَا أَرَادَتْ بِهَا لِلْكَنِيسَةِ وَآجَرَهَا فِيهَا { وَأَثْبَتَهَا } قَالَ : نَبَتَتْ فِي غِذَاء اللَّه .

نتأمل
كان يأتيها رزقها في المحراب من الله أي نبتت في غذاء الله
وعندما اكتملت بغذاء الله الروحاني التعبدي اولا
ثم الغذاء البدني الذي رزقها الله إياه في المحراب
ارشدها الله الى هز الجزع والأخذ بالاسباب لنيل الرزق بعد ان اكتملت واصبحت امرأة بالغة

وصارت مهيئة بعناية وولاية من الله للمعجزة الآكبر وهي ولادة عيسى عليه السلام بدون اب


ونتأمل والله أعلم
أن الله كلفها بهز الجزع تسلية لها لتطمئن وتطيب نفساً هذا مادلنا عليه سياق الآيات
مريم تواجه الالآم النفسية والجسدية في هذا الموقف العصيب فناداها من تحتها ألا تحزني
قال السَّدي وقتادة أن جبريل عليه السلام ناداها أسفل الوادي وقال ابن عباس رضي الله عنهما أن جبريل عليه السلام ضرب الأرض برجله فظهرت عين ماء عذب فجرى جدولاً. وأمرها بهز الجذع اليابس لترى آيةً أخرى في إحياء الجذع ليسكن ألمها وتطيب نفسها وتطمئن
والطبري يقول فقط تحريك الجزع

وربما بلمسة منها والله اعلم
لانها في حالة المخاض ويعلمنا القرآن بالاخذ بالاسباب لنيل الرزق حتى بأضعف الحالات
: { وَهُزِّي إِلَيْك بِجِذْعِ النَّخْلَة } ذُكِرَ أَنَّ الْجِذْع كَانَ جِذْعًا يَابِسًا , وَأَمَرَهَا أَنْ تَهُزّهُ , وَذَلِكَ فِي أَيَّام الشِّتَاء , وَهَزّهَا إِيَّاهُ كَانَ تَحْرِيكه , كَمَا : 17822 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَهُزِّي إِلَيْك بِجِذْعِ النَّخْلَة }

الطبري
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَكُلِي مِنْ الرُّطَب الَّذِي يَتَسَاقَط عَلَيْك , وَاشْرَبِي مِنْ مَاء السَّرِيّ الَّذِي جَعَلَهُ رَبّك تَحْتك , لَا تَخْشَيْ جُوعًا وَلَا عَطَشًا { وَقَرِّي عَيْنًا } يَقُول : وَطِيبِي نَفْسًا وَافْرَحِي بِوِلَادَتِك إِيَّايَ وَلَا تَحْزَنِي
: وَلْتَقْرَرْ عَيْنك بِوَلَدِك ,
فكان تحريك الجزع اليابس
تسلية وتطمين لها ايضا ويناسب حالتها العصيبة في مواجهة المعجزة الكبرى أن تلد عيسى عليه السلام من غير أب


والله اعلم
 
بسم1
قال الشعراوى رحمه الله فى الآية (25) من سورة مريم:وكأن الحق تبارك وتعالى يريد أن يظهر لمريم آية أخرى من آياته ، فأمرها أن تهز جذع النخلة اليابس الذي لا يستطيع هزه الرجل القوي ، فما بالها وهي الضعيفة التي تعاني ألم الولادة ومشاقها؟
كما أن الحق سبحانه قادر على أن ينزل لها طعامها دون جهد منها ودون هزها ، إنما أراد سبحانه أن يجمع لها بين شيئين : طلب الأسباب والاعتماد على المسبب ، والأخذ بالأسباب في هز النخلة ، رغم أنها متعبة قد أرهقها الحمل والولادة ، وجاء بها إلى النخلة لتستند إليها وتتشبث بها في وحدتها لنعلم أن الإنسان في سعيه مطالب بالأخذ بالأسباب مهما كان ضعيفا .
لذلك أبقى لمريم اتخاذ الأسباب مع ضعفها وعدم قدرتها ، ثم تعتمد على المسبب سبحانه الذي أنزل لها الرطب مستويا ناضجا .
ومن تفسير الشعراوى رحمه الله للآية (37 ) من آل عمران قال:وزكريا كما نعلم هو الكفيل لها ، فكونها تنطق بهذه العبارة دلالة على أن الله مهد لها بالرزق ، يجيئها من غير زكريا ، بأنها ستأتي بشيء من غير أسباب . وكأن التجربة قد أراد الله أن تكون من ذاتها لذاتها
فلما سمع زكريا منها ذلك قال : ما دام الله يرزق من غير حساب ويأتي بالأشياء بلا أسباب فأنا قد بلغت من الكبر عتيا ، وامرأتي عاقر ، فلماذا لا أطلب من ربي أن يهبني غلاما؟ إذن فمقولة مريم : { إن الله يرزق من يشآء بغير حساب } قد لفتت زكريا ، ونبهت إيمانا موجودا في أعماقه وحاشية شعوره ، ولا نقول أوجدت إيمانا جديدا لزكريا بأن الله يرزق من يشاء بغير حساب ، ولكنها أخرجت القضية الإيمانية من حاشية الشعور إلى بؤرة الشعور ، فقال زكريا : ما دام الأمر كذلك فأنا أسأل الله أن يهبني غلاما . . وقول زكريا : { هب لي من لدنك ذرية طيبة } دل على أنه وزوجته لا يملكان اكتساب الأبوة والأمومة.


 
بسم الله الرحمن الرحيم
ماشاء الله تبارك الرحمن للأعضاء الكرام تدبرات راااائعة تغذي الروح والعقل والقلب
اللهم افتح لنا اسرار القرآن وزدنا علماً
بارك الله فيكم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا إخواني أخواتي على تفاعلكم الإيجابي، وبارك الله فيك أخي بهجة الرفاعي على ترحيبك، وجزاك أختي رقية خشفة على دعائك الطيب.

ولعلي أدلو ببعض التعليقات على تدخلات الإخوة والأخوات:

- بالنسبة للأخت الفاضلة رقية خشفة التي فرقت بين حالتي تقرير النبوة أو التأييد من الله بالمعجزات وحالة تقرير البشرية، فلا شك أنك وفقت أختي في تحليلك وتدبرك، لكن فقط أود أن أنبه أن المعجزة تكون في حق الرسل والأنبياء عليهم السلام دون غيرهم، أما الصالحون والأولياء فإنهم يخصون بما يسمى بالكرامات، فما حدث لمريم عليها السلام هو كرامة من الله وليس بمعجزة، وإن كان كل من الكرامة والمعجزة أمرا خارقا للعادة، والله أعلم.
ويفهم من كلامك أختي أن ما كان يحصل لها من إتيان الطعام بلا سبب في المحراب يندرج في الحالة الأولى أي حالة التأييد من الله جل في علاه.
وما حدث لها من الأمر بهز النخل كسبب لنيل الرزق يندرج في الحالة الثانية أي حالة تقرير البشرية.
وهذا لا يسلم لأن الهز وإن كان سببا ماديا لكنه لا يخلو أن يتعلق بأمر خارق للعادة، إذ إن العادة تحيل أن تحرك امرأة في غاية الضعف والوهن نخلة عظيمة لتسقط ثمارها.
لذا فمريم عليها السلام أعتبرها في حالة التأييد سواء في المحراب أم عند الهز مع وجود تفاوت بين الوضعيين.
- وأما بالنسبة للمثال الذي ذكرتيه والمتعلق بخروج موسى عليه السلام إلى مدين وتزوجه ببنت شعيب عليه السلام، فالراجح أن الأمر لا يتعلق بنبي الله شعيب عليه السلام وإنما برجل صالح كان يعيش في مدين، وقد اختلف المفسرون كما هو معلوم في هذه المسألة، لكن القول بأنه لم يكن شعيبا قول قوي ترجحه كثير من الأدلة ذكرها الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره، فدونكيه أختي، فقد أفاد وأجاد عليه رحمة رب العباد.

- بالنسبة للأخ الفاضل علي سبيع فجزاك الله خيرا، لكن أود التنيه على أمر نبه عليه العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى ويتعلق بالخطأ الشائع وهو: أن أمر الله تعالى بين الكاف والنون، والصحيح أن أمره سبحانه بعد الكاف والنون وليس بينهما، مصدقا لقوله جلت قدرته:" إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون" فظاهر الآية أن الشيء لا يكون إلا بعد صدور الأمر له بكن.

وللتعليق بقية إن شاء الله تعالى.
 
بسم1
الأخ الفاضل |ناصر عبد الغفور
أشكر لك تعقيبك على مادرج من القول : أمره بين الكاف والنون فذكرى له على سبيل الإخبار بأن مراد الله يقع سريعا ولم أذكر إنه تحقيقا لتعبير قرآنى بل ورد ذلك فى الأبيات التالية
لا تخضعنّ لمخلوق علي طمعٍ فإن ذلك مُضرّ منك في الدينِ
واسترزقِ الله مما في خزائنه فإنما الأمر بين الكاف والنون
إن الذي أنت ترجـوه وتأمله من البرية مسكينُ ابن مسكين
ولا جدال فى أنه لا شيء بين الكاف والنون على الحقيقة وبعد كن يكون مراد الله عز وجل ورحمة الله على العلامة ابن عثيمين.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
قذف الله في قلبك نور البصيرة والهمك السداد والحكمة اخي ناصر انت وجميع الاعضاء
بارك الله في ملاحظاتكم وتنوريكم لنا
 
قذف الله في قلبك النور والبصيرة والهمك الحكمة والسداد والصواب اخي الفاضل ناصر وجميع الاعضاء بارك الله فيكم
نورتونا بملاحظاتكم
 
اللهم آمين يا رب العالمين.
جزاك الله خيرا أختي رقية، وجعلك وإيانا ممن يتدبر كلامه سبحانه حق التدبر.
 
اللهم آمين يارب العالمين.

جزاك الله خيرا أختي رقية وجعلنا وإياك ممن يتدبر كلامه سبحانه حق التدبر.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مما ظهر لي أن من حكم أمر مريم عليها السلام باتخاذ سبب الرزق وهي نفساء وتحصيلها إياه دون سبب وهي في شبابها وقوتها:

- تهيئتها لذلك الأمر الجلل الذي سيحصل لها قريبا وهو إنجابها لعيسى عليه السلام دون أب، فتعلم أن الذي رزقها دون أدنى سبب مادي حسي لا يستغرب منه أن يرزقها ولدا كذلك دون سبب مادي حسي - خاصة وجود زوج-.

- أما وهي نفساء فالله تعالى قادر أن يرزقها بدون هز ولا أدنى شيء لكنه أراد سبحانه أن يبين لها ربط الأسباب بمسبباتها وأن أضعف سبب يمكن أن يحقق المسبب بمشيئة الله تعالى...
ولعله فيه إشارة إلى ما سيكون من أمر عيسى عليه السلام فالظاهر للعيان أنه رضيع -بين يديها- لا حول له ولا قوة، لكن الله تعالى سيجعل منه سببا لمسبب عظيم وهو الدعوة إليه جل في علاه والأمر بعبادته وحده لا شريك له.
وهذا ما لاح من أول كلامه وهو في المهد:"قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)"...

ومهما يكون فإن خرق العادة محقق في الحالتين.

وكان هذا الخرق للعادة والمخالفة للسنن الكونية بداية لسلسة من الخوارق سيجريها الله تعالى على يد ابنها المسيح عليه السلام، كما قال تعالى:" وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49) "-آل عمران-...

والله تعالى أعلم وأحكم ونسبة العلم إليه سبحانه أسلم.
 
عودة
أعلى