بشير عبدالعال
Member
قال تعالى في سورة الأعراف :{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)}
قال تعالى في سورة الحجر :{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)}
قال الشعراوي رحمه الله :
وكلمة « نزعنا » تدل على أن تغلغل العمليات الحِقْدية في النفوس يكون عميقاً ، وأن خَلْعها في اليوم الآخر يكون خَلْعاً من الجذور ، وينظر المؤمن إلى المؤمن مثله؛ والذي عاداه في الدنيا نظرتُه إلى مُحسِن له؛ لأنه بالعداوة والمنافسة جعله يخاف أن يقع عَيْب منه .وهذا متعلق بقوله تعالى :{ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) التوبة }
والغِلُّ كما نعلم هو الحقد الذي يسكُن النفوس ، ونعلم أن البعض من المسلمين قد تختلف وُجهات نظرهم في الحياة ، ولكنهم على إيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
قال ابن كثير رحمه الله:
كما جاء في صحيح الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَاقْتَصَّ لَهُمْ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ أَحَدَهُمْ بِمَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ أَدُلُّ مِنْهُ بِمَسْكَنِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا» .
وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ . وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْرَائِيلَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ قَالَ عَلِيٌّ: فِينَا وَاللَّهِ أَهْلَ بَدْرٍ نَزَلَتْ وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ.
قال في فتح القدير :
قَوْلُهُ {وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ } هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يُنْعِمُ اللَّهُ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَنْ يَنْزِعَ اللَّهُ مَا في قلوبهم من الغلّ على بعضهم بعضا حَتَّى تَصْفُوَ قُلُوبُهُمْ وَيَوَدُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَإِنَّ الْغِلَّ لَوْ بَقِيَ فِي صُدُورِهِمْ كَمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا لَكَانَ فِي ذَلِكَ تَنْغِيصٌ لِنَعِيمِ الْجَنَّةِ، لِأَنَّ الْمُتَشَاحِنِينَ لَا يَطِيبُ لِأَحَدِهِمْ عَيْشٌ مَعَ وُجُودِ الْآخَرِ، وَالْغِلُّ: الْحِقْدُ الْكَامِنُ فِي الصُّدُورِ وَقِيلَ: نَزْعُ الْغِلِّ فِي الْجَنَّةِ أَنْ لَا يَحْسُدَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي تُفَاضِلُ الْمَنَازِلِ {وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا } لِهذا أَيْ: لِهَذَا الْجَزَاءِ الْعَظِيمِ، وَهُوَ الْخُلُودُ فِي الْجَنَّةِ ونزع الغلّ من صدورهم، والهداية لِهَذَا هِيَ الْهِدَايَةُ لِسَبَبِهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي الدُّنْيَا .
قال في الظلال : «وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ» ..
فهم بشر. وهم عاشوا بشراً. وقد يثور بينهم في الحياة الدنيا غيظ يكظمونه، وغل يغالبونه ويغلبونه.. ولكن تبقى في القلب منه آثار.
إن هذا الدين لا يحاول تغيير طبيعة البشر في هذه الأرض ولا تحويلهم خلقاً آخر. ومن ثم يعترف لهم بأنه كان في صدورهم غلٌّ في الدنيا وبأن هذا من طبيعة بشريتهم التي لا يذهب بها الإيمان والإسلام من جذورها ولكنه يعالجها فقط لتخف حدتها، ويتسامى بها لتنصرف إلى الحب في الله والكره في الله- وهل الإيمان إلا الحب والبغض؟ - ولكنهم في الجنة- وقد وصلت بشريتهم إلى منتهى رقيها وأدت كذلك دورها في الحياة الدنيا- ينزع أصل الإحساس بالغل من صدورهم ولا تكون إلا الأخوة الصافية الودود..
إنها درجة أهل الجنة.. فمن وجدها في نفسه غالبة في هذه الأرض، فليستبشر بأنه من أهلها، ما دام ذلك وهو مؤمن، فهذا هو الشرط الذي لا تقوم بغيره الأعمال..
قال في التحرير والتنوير :
وَالنَّزْعُ حَقِيقَتُهُ قَلْعُ الشَّيْءِ مِنْ مَوْضِعِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ } فِي آلِ عِمْرَانَ [26] ، وَنَزْعُ الْغِلِّ مِنْ قُلُوبِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: هُوَ إِزَالَةُ مَا كَانَ فِي قُلُوبِهِمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْغِلِّ عِنْدَ تَلَقِّي مَا يَسُوءُ مِنَ الْغَيْرِ، بِحَيْثُ طَهَّرَ اللَّهُ نُفُوسَهُمْ فِي حَيَاتِهَا الثَّانِيَةِ عَنِ الِانْفِعَالِ بِالْخَوَاطِرِ الشَّرِّيَّةِ الَّتِي مِنْهَا الْغِلُّ، فَزَالَ مَا كَانَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ غِلِّ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ فِي الدُّنْيَا، أَيْ أَزَالَ مَا كَانَ حَاصِلًا مِنْ غِلٍّ وَأَزَالَ طِبَاعَ الْغِلِّ الَّتِي فِي النُّفُوسِ الْبَشَرِيَّةِ بِحَيْثُ لَا يَخْطُرُ فِي نُفُوسِهِمْ.وَالْغِلُّ: الْحِقْدُ وَالْإِحْنَةُ وَالضِّغْنُ، الَّتِي تَحْصُلُ فِي النَّفْسِ عِنْدَ إِدْرَاك مَا يسوؤها مِنْ عَمَلِ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ الْحَسَدُ مِنَ الْغِلِّ بَلْ هُوَ إِحْسَاسٌ بَاطِنِيٌّ آخَرُ.
وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْعُمُومِ أَصْحَابُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْحَوَادِثِ الدَّافِعُ إِلَيْهَا اخْتِلَافُ الِاجْتِهَادِ فِي إِقَامَةِ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَالشِّدَّةُ فِي إِقَامَةِ الْحَقِّ عَلَى حَسَبِ اجْتِهَادِهِمْ.
قال في المنار :
(وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ) أَيْ وَنَزَعْنَا مَا كَانَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ حِقْدٍ وَضِغْنٍ مِمَّا يَكُونُ مِنْ عَدَاوَةٍ أَوْ حَسَدٍ فِي الدُّنْيَا، فَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَفِي قُلُوبِهِمْ أَدْنَى لَوْثَةٍ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِتِلْكَ الدَّارِ وَأَهْلِهَا، وَيَكُونُ مِنْ أَسْبَابِ تَنْغِيصِ النَّعِيمِ فِيهَا .
قال تعالى في سورة الحجر :{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)}
قال الشعراوي رحمه الله :
وكلمة « نزعنا » تدل على أن تغلغل العمليات الحِقْدية في النفوس يكون عميقاً ، وأن خَلْعها في اليوم الآخر يكون خَلْعاً من الجذور ، وينظر المؤمن إلى المؤمن مثله؛ والذي عاداه في الدنيا نظرتُه إلى مُحسِن له؛ لأنه بالعداوة والمنافسة جعله يخاف أن يقع عَيْب منه .وهذا متعلق بقوله تعالى :{ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) التوبة }
والغِلُّ كما نعلم هو الحقد الذي يسكُن النفوس ، ونعلم أن البعض من المسلمين قد تختلف وُجهات نظرهم في الحياة ، ولكنهم على إيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
قال ابن كثير رحمه الله:
كما جاء في صحيح الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَاقْتَصَّ لَهُمْ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ أَحَدَهُمْ بِمَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ أَدُلُّ مِنْهُ بِمَسْكَنِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا» .
وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ . وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْرَائِيلَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ قَالَ عَلِيٌّ: فِينَا وَاللَّهِ أَهْلَ بَدْرٍ نَزَلَتْ وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ.
قال في فتح القدير :
قَوْلُهُ {وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ } هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يُنْعِمُ اللَّهُ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَنْ يَنْزِعَ اللَّهُ مَا في قلوبهم من الغلّ على بعضهم بعضا حَتَّى تَصْفُوَ قُلُوبُهُمْ وَيَوَدُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَإِنَّ الْغِلَّ لَوْ بَقِيَ فِي صُدُورِهِمْ كَمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا لَكَانَ فِي ذَلِكَ تَنْغِيصٌ لِنَعِيمِ الْجَنَّةِ، لِأَنَّ الْمُتَشَاحِنِينَ لَا يَطِيبُ لِأَحَدِهِمْ عَيْشٌ مَعَ وُجُودِ الْآخَرِ، وَالْغِلُّ: الْحِقْدُ الْكَامِنُ فِي الصُّدُورِ وَقِيلَ: نَزْعُ الْغِلِّ فِي الْجَنَّةِ أَنْ لَا يَحْسُدَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي تُفَاضِلُ الْمَنَازِلِ {وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا } لِهذا أَيْ: لِهَذَا الْجَزَاءِ الْعَظِيمِ، وَهُوَ الْخُلُودُ فِي الْجَنَّةِ ونزع الغلّ من صدورهم، والهداية لِهَذَا هِيَ الْهِدَايَةُ لِسَبَبِهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي الدُّنْيَا .
قال في الظلال : «وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ» ..
فهم بشر. وهم عاشوا بشراً. وقد يثور بينهم في الحياة الدنيا غيظ يكظمونه، وغل يغالبونه ويغلبونه.. ولكن تبقى في القلب منه آثار.
إن هذا الدين لا يحاول تغيير طبيعة البشر في هذه الأرض ولا تحويلهم خلقاً آخر. ومن ثم يعترف لهم بأنه كان في صدورهم غلٌّ في الدنيا وبأن هذا من طبيعة بشريتهم التي لا يذهب بها الإيمان والإسلام من جذورها ولكنه يعالجها فقط لتخف حدتها، ويتسامى بها لتنصرف إلى الحب في الله والكره في الله- وهل الإيمان إلا الحب والبغض؟ - ولكنهم في الجنة- وقد وصلت بشريتهم إلى منتهى رقيها وأدت كذلك دورها في الحياة الدنيا- ينزع أصل الإحساس بالغل من صدورهم ولا تكون إلا الأخوة الصافية الودود..
إنها درجة أهل الجنة.. فمن وجدها في نفسه غالبة في هذه الأرض، فليستبشر بأنه من أهلها، ما دام ذلك وهو مؤمن، فهذا هو الشرط الذي لا تقوم بغيره الأعمال..
قال في التحرير والتنوير :
وَالنَّزْعُ حَقِيقَتُهُ قَلْعُ الشَّيْءِ مِنْ مَوْضِعِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ } فِي آلِ عِمْرَانَ [26] ، وَنَزْعُ الْغِلِّ مِنْ قُلُوبِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: هُوَ إِزَالَةُ مَا كَانَ فِي قُلُوبِهِمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْغِلِّ عِنْدَ تَلَقِّي مَا يَسُوءُ مِنَ الْغَيْرِ، بِحَيْثُ طَهَّرَ اللَّهُ نُفُوسَهُمْ فِي حَيَاتِهَا الثَّانِيَةِ عَنِ الِانْفِعَالِ بِالْخَوَاطِرِ الشَّرِّيَّةِ الَّتِي مِنْهَا الْغِلُّ، فَزَالَ مَا كَانَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ غِلِّ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ فِي الدُّنْيَا، أَيْ أَزَالَ مَا كَانَ حَاصِلًا مِنْ غِلٍّ وَأَزَالَ طِبَاعَ الْغِلِّ الَّتِي فِي النُّفُوسِ الْبَشَرِيَّةِ بِحَيْثُ لَا يَخْطُرُ فِي نُفُوسِهِمْ.وَالْغِلُّ: الْحِقْدُ وَالْإِحْنَةُ وَالضِّغْنُ، الَّتِي تَحْصُلُ فِي النَّفْسِ عِنْدَ إِدْرَاك مَا يسوؤها مِنْ عَمَلِ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ الْحَسَدُ مِنَ الْغِلِّ بَلْ هُوَ إِحْسَاسٌ بَاطِنِيٌّ آخَرُ.
وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْعُمُومِ أَصْحَابُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْحَوَادِثِ الدَّافِعُ إِلَيْهَا اخْتِلَافُ الِاجْتِهَادِ فِي إِقَامَةِ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَالشِّدَّةُ فِي إِقَامَةِ الْحَقِّ عَلَى حَسَبِ اجْتِهَادِهِمْ.
قال في المنار :
(وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ) أَيْ وَنَزَعْنَا مَا كَانَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ حِقْدٍ وَضِغْنٍ مِمَّا يَكُونُ مِنْ عَدَاوَةٍ أَوْ حَسَدٍ فِي الدُّنْيَا، فَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَفِي قُلُوبِهِمْ أَدْنَى لَوْثَةٍ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِتِلْكَ الدَّارِ وَأَهْلِهَا، وَيَكُونُ مِنْ أَسْبَابِ تَنْغِيصِ النَّعِيمِ فِيهَا .