وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ

إنضم
16/11/2009
المشاركات
1,296
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
العمر
72
الإقامة
تارودانت-المغرب
يقول تعالى : ﴿حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًاب﴾ [الكهف:86] .

وردت كلمة (وجد) في القرآن الكريم أربعين مرة . يقول الراغب الأصفهاني (ت:502هـ) عن هذه الكلمة : " الوجود أضرب : وجود بإحدى الحواسّ الخمس . نحو : وَجَدْتُ زيدا ، ووَجَدْتُ طعمه . ووجدت صوته ، ووجدت خشونته . ووجود بقوّة الشّهوة نحو : وَجَدْتُ الشّبع . ووجود بقوّة الغضب كوجود الحزن والسّخط . ووجود بالعقل ، أو بواسطة العقل كمعرفة الله تعالى ، ومعرفة النّبوّة ، وما ينسب إلى الله تعالى من الوجود فبمعنى العلم المجرّد ، إذ كان الله منزّها عن الوصف بالجوارح والآلات . نحو : ﴿وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ﴾ [الأعراف:102] . وكذلك المعدوم يقال على هذه الأوجه . فأمّا وجود الله تعالى للأشياء فبوجه أعلى من كلّ هذا . ويعبّر عن التّمكّن من الشيء بالوجود . نحو : ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة:5] ، أي :
حيث رأيتموهم ، وقوله تعالى : ﴿فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ﴾ [القصص:15] أي : تمكّن منهما ، وكانا يقتتلان ، وقوله : ﴿وَجَدْتُ امْرَأَةً﴾ إلى قوله : ﴿يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ﴾ [النمل:23-24] فوجود بالبصر والبصيرة ، فقد كان منه مشاهدة بالبصر ، واعتبار لحالها بالبصيرة ، ولولا ذلك لم يكن له أن يحكم بقوله : ﴿وَجَدْتُها وَقَوْمَها﴾ الآية ، وقوله : ﴿فَلَمْ تَجِدُوا ماءً﴾ [النساء:43] ، فمعناه : فلم تقدروا على الماء ، وقوله : ﴿مِنْ وُجْدِكُمْ﴾ [الطلاق:6] ، أي : تمكّنكم وقدر غناكم وقد يعبّر عن الغنى بالوجدان والجدة "

والله أعلم وأحكم
 
ويقول الطبرسي (ت:548هـ) : " { حتى إذا بلغ مغرب الشمس } . أي : موضع غروبها أنه انتهى إلى آخر العمارة من جانب المغرب ، وبلغ قوما لم يكن وراءهم أحد إلى موضع غروب الشمس ، ولم يرد بذلك أنه بلغ إلى موضع الغروب ، لأنه لا يصل إليه أحد { وجدها تغرب } . معناه : وجدها كأنها تغرب { في عين حمئة } . وإن كانت تغرب في ورائها ، عن الجبائي ، وأبي مسلم ، والبلخي ، لأن الشمس لا تزايل الفلك ، ولا تدخل عين الماء . ولأنه قال : { وجد عندها قوما } . ولكن لما بلغ ذو القرنين ذلك الموضع ، تراءى له كأن الشمس تغرب في عين ، كما أن من كان في البحر رآها كأنها تغرب في الماء ، ومن كان في البر يراها كأنها تغرب في الأرض الملساء " .

والله أعلم وأحكم
 
ما شاء الله
ومني هذا التحليل الإحصائي ، فخذه مفصلا
هذه الكلمة تنتمي إلى الجذر ( و ج د ) ورد منها فقط جذعان : الفعل "وَجَدَ" والاسم"وُجْدٌ" ، وجملة عدد كلماتها حسب الرسم العثماني 42 كلمة ، وعدد مواضعهما تفصيلا 107 مواضع ، وحسب التفصيل الآتي
1. بصيغة الماضي : ورد 19 مرة مجملا في 39 موضعا
2. بصيغة المضارع : ورد 22 مرة مجملا في 67 موضعا
3. بصيغة الاسم : ورد مرة واحدة
والله الموفق
 
بارك الله فيك أستاذنا د. عبدالكريم.
لقد ذكرت في تفسيرها ما قال فيه الإمام القرطبي "قال بعض العلماء" والبعضية هاته نفهم منها أن هذا التفسير وهو الأصح طبعا لا يوافق قول الجمهور ويخالف التفسير بالمأثور حيث نجد تلك الحكايات العجيبة مثل الإحتكام إلى الإسرائيليات في نقد القراءات إذ سئل عنها كعب الأحبار ومن صيغة السؤال "أين تغرب الشمس في التوراة؟" نفهم أن التفسير تمحور حول غروب الشمس لا في ذي القرنين وسياحته في البلاد. وما يعضد هذا التوجه التفسيري الذي تجاوز ظاهر النص إلى الصناعة التأويلية هو في الحقيقة مجموعة من الروايات تنتهي إلى أبي ذر رضي الله عنه، ونفهم منها أن حظه كان جمع المعلومات حول الشمس في ذهابها وإيابها وطلوعها وغروبها وخروجها وسجودها وو..
 
الحديث دونه الإمام الألباني في السلسلة الصحيحة؛ راجع ملتقى أهل الحديث في السؤال عن صحة روايات غروب الشمس في عين حامية.

والسؤال الآن نفترض صحة الرواية. هل متن هذا الحديث مما ينتمي إلى الدين فالمسألة في التبليغ، أم في مجال أنتم أعلم بأمور دنياكم فالمسألة في الرأي والمعرفة الشخصية؟

لدي دافع قوي للتشكيك في إرتباط الحديث بالوحي حيث أنطلق من الآية الكريمة {يسألونك عن الأهلة} والجواب الرباني يهم المسلم في تدينه، فالمنهج القرءاني لا فصل فيه بين العلم والعمل. ماذا سيفيد الجواب الكوني العلمي الطبيعي الخالص في تشكل الأهلة وسننها وغير ذلك؟ لاشيء. وهذا جواب مشكوك فيه أيضا لأن المعلومة القرءانية في حد ذاتها تعبدية بمعزل عن العبادات الشرعية .

وهناك دافع قوي آخر يجعلني أعتقد أن الحديث مرتبط بالوحي أو على الأقل بفهم تلك الآية من سورة الكهف. ليكون بذلك الفهم النبوي قد هيمن على فهومات الجمهور واصطف مع فهم "بعض العلماء" أو "المتأخرين" أو "أصحاب الرأي المسدد بتفسير القرءان بالقرءان وبالنظر الكوني".. كيف؟

الجواب ناقشه مالك بن نبي في الظاهرة القرآنية. وهناك جواب آخر بالإعتماد على ظاهر الآية أي بالمشاهدة العندية وهي نسبية أي عند المشاهد من زاوية معينة. كيف ؟

من محاسن الشبهات إكتشاف أدلة جديدة من دلائل النبوة.

أتركها لكم..
 
أ. عدنان ابراهيم: العين الحمئة مجعزة ليست شبهة!
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
الفاضل شايب حفظه الله ،
أردت أن ألفت النظر إلى الفعل وجد ، وكيف أن دلالته تتغير حسب السياقات القرآنية كما بين الراغب الأصفهاني ، وأقف متأملا لهذا الفعل من خلال الآية 86 من سورة الكهف . لكن - وكعادتك وبحسك النقدي - أشرت إلى إشكالية الاختلاف بين المأثور والرأي في تفسير الآية . وأرجو أن نوفق جميعا في مقاربة هذه الإشكالية .
وتقبلوا فائق التقدير والاحترام
يقول القرطبي (ت:671هـ) : " وقال القفال قال بعض العلماء : ليس المراد أنه انتهى إلى الشمس مغربا ومشرقا وصل إلى جرمها ومسها ؛ لأنها تدور مع السماء حول الأرض من غير أن تلتصق بالأرض ، وهي أعظم من أن تدخل في عين من عيون الأرض ، بل هي أكبر من الأرض أضعافا مضاعفة ، بل المراد أنه انتهى إلى آخر العمارة من جهة المغرب ومن جهة المشرق ، فوجدها في رأي العين تغرب في عين حمئة ، كما أنا نشاهدها في الأرض الملساء كأنها تدخل في الأرض ؛ ولهذا قال : {وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا} ولم يرد أنها تطلع عليهم بأن تماسهم وتلاصقهم ، بل أراد أنهم أول من تطلع عليهم " .

والله أعلم وأحكم
 
اختلف المفسرون في تفسير الآية 86 من سورة الكهف ؛ فمنهم من اكتفى بتفسير العين الحمئة ، وقد يفسرون الحمئة أو الحامية نسبة إلى الحمأ أي الطين ، أو نسبة إلى الحرارة ، أو هي طين أسود ، أو هي حارة ذات حمْأَة . ومنهم من اعتمد على قول كعب رضي الله عنه : نجدها في التوراة تغرب في ماء وطين .
ولا أحد – حسب علمي القاصر – اعتمد على حديث نبوي . مما يؤكد أن الحديث في هذا الموقف غير موجود . رغم أن هناك حديث نبوي أشار إلى هذا وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة : عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال : " كنتُ رَدِيفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ وهو على حمارٍ والشمسُ عندَ غروبِها فقالَ هلْ تدرِي أينَ تغربُ هذه قلت اللهُ ورسولُه أعلمُ قال فإنها تغربُ في عينٍ حاميةٍ تنطلقُ حتَّى تخِرَّ لربِها عزَّ وجلَّ ساجدةً تحتَ العرشِ فإذا حانَ خروجُها أَذِنَ اللهُ لها فتخرجُ فتطلعُ فإذا أرادَ أن يُطلعَها حيثُ تغربُ حبسَها فتقولُ يا ربِّ إنَّ مَسيرِي بعيدٌ فيقولُ لها اطلُعِي من حيثُ غبتِ فذلكَ حينَ لا ينفعُ نفسًا إيمانُها "
رغم أن نفس الحديث ورد في الصحيحين ، ولا ذكر فيه لغروب الشمس في عين حمئة ، ونقتصر هنا على ذكر الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه : " قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ : «أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ؟» ، قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : " فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ العَرْشِ ، فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنُ لَهَا وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ ، فَلاَ يُقْبَلَ مِنْهَا ، وَتَسْتَأْذِنَ فَلاَ يُؤْذَنَ لَهَا يُقَالُ لَهَا : ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ}[يس:38] " .
إن الحديث الذي ذكر فيه غروب الشمس في عين حمئة ، وإن كان سنده صحيحا على شرط مسلم ، فإن المتن فيه نظر . لأنه يتناقض مع ما جاء في الصحيحين خاليا من ذكر العين الحمئة .
إذا عرفنا ذلك وزدنا عليه أن سجود الشمس تحت العرش ؛ وهو وحي ويعلم الله كيفيته ، وهو خاضع للأمور الغيبية التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم ويجب علينا تصديقها لأنها حق . تبين أن من خلال القرآن الكريم : غروب الشمس في عين حمئة ، هو منظر يتراءى بالعين المجردة للرائي من بعيد للشمس وهي تغرب في الأفق البحري . فإن كان ذلك كذلك ، فإن متن الحديث الذي ذكر فيه العين الحمئة وجب إعادة النظر في تصحيحه .

والله أعلم وأحكم
 
لا اشكال في الحديث لو صح وقد يعترض على الرواية بمناقشة السند وفيه راوي رمي بالاضطراب و الخلط كما قرأت في ملتقى أهل الحديث -الرابط تحت- في جواب من الأجوبة على سائل يسأل عن صحة الرواية. ومن حيث المتن نرى الإختلاف بين الرواية مع ما جاء في الصحيح ولا يصل لحد التناقض لأنها تسجد تحت العرش وتغرب في عين حامية (في رأي العين أو في المشاهدة النسبية وهذا صحيح فبالنسبة للجزيرة العربية تغرب الشمس في البحر الأحمر ومعدل حرارته مقارنة بغيره من البحار شيء يجعلنا نفهم معنى الحامية .. وتفاصيل أخرى سأتحقق منها لاحقا إن شاء الله).. ويمكن التشكيك في المتن من حيث تحصيل الفائدة أي ماذا يستفيد الإنسان من هذه المعلومة؟ أما الرواية الصحيحة عن تسبيحها المستمر وسجودها فواضح علاقتها بالدين، بالغيب. على أي: الرواية مذكورة في بعض التفاسير ومن لم يذكرها فقد استحضرها بشكل أو بآخر إما بهذا المعنى أو بمعنى آخر والدليل إهتمام التفاسير تلك بغروب الشمس في العين الحمئة لا رصد الرجل الصالح لهذا الغروب أثناء تنقلاته غربا ..

وعن فعل وجد فتنوع معانيه حسب السياق شيء إنعكس على الترجمات أيضا. وكذلك مع فعل بلغ.

وأما الذي نفتقده في التفاسير بعيدا عن تحليل الألفاظ هو ما الذي نستفيده من هذه الآية في حد ذاتها وفي سياق القصة وفي موقع القصة من حيث مناسبتها للظروف التي نزلت فيها إلى جانب استخراج ما هو ديني توجيهي تربوي أخلاقي منها والشرح البياني وأشياء يتوقعها أي إنسان تقول له هذا الكتاب لا ريب فيه بيان وهدى وشفاء لما في الصدور..

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=741660
 
الخلل الموجود في متن الحديث المصحح هو : الجمع بين سجود الشمس تحت العرش مع غروبها في عين حمئة . حيث لا يمكن الجمع بينهما من خلال سياق القرآن الكريم .
سجود الشمس تحت العرش هو فعل كوني لا يعلمه إلا الله . وهو خبر الصادق المصدوق عن رب العزة . بينما غروب الشمس في عين حمئة هو منظر طبيعي يتراءى لكل من ينظر إلى الشمس وهي تغرب في الأفق المائي الغربي . ولا يحدث هذا إلا من هذا المَعْلَم . فهو حدث مرتبط بمَعْلَم .
لذلك لا نستطيع أن نقول مثلا : الشمس في الجزيرة العربية أو في غيرها تغرب في عين حمئة .
فالغروب المرتبط بالعين الحمئة في القرآن الكريم ، هو منظر طبيعي وهو جزء من حيثيات قصة ذي القرنين الذي وصل إلى الساحل الغربي وأمامه البحر ، والشمس نغرب في الأفق فتراءى له المنظر كأن الشمس تغرب في بؤرة مائية حامية نسبة لاحمرار مكان غروبها في أفق المحيط .
إن هذا الحدث المرتبط بمعلم لا يمكن إخراجه من سياقه وتعميمه وربطه بخبر كوني لا يستطيع الإنسان معرفته إلا عن طريق الوحي .
من هذا المنطلق ، يتبين أن متن الحديث الذي يشير إلى غروب الشمس في عين حمئة فيه نظر .

والله أعلم وأحكم
 
رأيك، ونحترمه سيدي عبدالكريم. لكن الجمع عندي ممكن.

المهم الرواية تلك مذكورة في تفاسير: الفخر الرازي، والزمخشري، والثعلبي، والنسفي، ومكي بن أبي طالب، وابن عطية، والنيسابوري، وابو حيان، والسيوطي (الدرر)، والشربيني والآلوسي.

والآلوسي ذكرها في روح المعاني وذكر رواية البخاري في السجود، فقال:
ويشكل على ما ذكر ما أخرجه البخاري عن أبي ذر قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال: "يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس؟"؛ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله تعالى {والشمس تَجْرِى لِمُسْتَقَرّ لَّهَا}".

وأجيب بأن المراد أنها تذهب تحت الأرض حتى تصل إلى غاية الانحطاط، وهي عند وصولها دائرة نصف النهار في سمت القدم بالنسبة إلى أفق القوم الذين غربت عنهم، وذلك الوصول أشبه شيء بالسجود بل لا مانع أن تسجد هناك سجوداً حقيقياً لائقاً بها فالمراد من تحت العرش مكاناً مخصوصاً مسامتاً لبعض أجزاء العرش، وإلا فهي في كل وقت تحت العرش وفي جوفه، وهذا مبني على أنه جسم كري محيط بسائر الأفلاك والفلكيات وبه تحدد الجهات وهذا قول الفلاسفة. وسيأتي إن شاء الله تعالى في سورة طه ما يتعلق بذلك، وعلى ما ذكر فالمراد بمستقرها محل انتهاء انحطاطها فهي تجري عند كل قوم لذلك المخل تم تشرع في الارتفاع، وقال الخطابي: "يحتمل أن يكون المراد باستقرارها تحت العرش إنها تستق تحته استقراراً لا نحيط به نحن وليس في سجودها كل ليلة تحت العرش ما يعيق عن دورانها في سيرها"، وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام الكلام في ذلك في سورة يس، وبالجملة لا يلزم على هذا التأويل خروج الشمس عن فكلها الممثل بل ولا عن خارج المركز وإن اختلف قربها وبعدها من العرش بالنسبة إلى حركتها في ذلك الخارج.
(ج16 ص33)
 
إن القرآن الكريم صور لنا مواقف كثيرة تتراءى للرائي بالعين المجردة ، من ذلك : ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [النور:39] . وقوله تعالى : ﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ [النمل:88] .
فقد يتراءى للرائي أشياء على غير حقيقتها كالسراب الذي يظهر للرائي ماء ، وكالجبال التي تتراءى للرائي جامدة وهي تدور بدوار الأرض .
يقول القرافي (ت:684هـ) : عن مغيب الشمس كما يراها ذو القرنين : " أي : الاعتقاد للرائي لها في ذلك الموضع ، كما يقول راكب البحر المالح : ( الشمس تطلع من البحر وتغرب في البحر ) ، وهي لا تطلع من البحر ولا تغرب فيه " .
ويقول ابن كثير (ت:774هـ) : " وقوله : { وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } أي : رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط ، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله ، يراها كأنها تغرب فيه ، وهي لا تفارق الفلك الرابع الذي هي مثبتة فيه لا تفارقه [SUP]" [/SUP].

والله أعلم وأحكم
 
من قول الراغب الأصفهاني : " الوجود أضرب : وجود بإحدى الحواسّ الخمس . نحو : وَجَدْتُ زيدا ، ووَجَدْتُ طعمه . ووجدت صوته ، ووجدت خشونته . ووجود بقوّة الشّهوة نحو : وَجَدْتُ الشّبع . ووجود بقوّة الغضب كوجود الحزن والسّخط " . أي أن من الأنواع المستعملة لفعل (وجد) استعماله في الحواس للأشياء المادية ، كما أنه يستعمل في الأشياء المعنوية .
وقد تناول الدكتور فاضل السامرائي الفعل (وجد) مقارنا بينه وبين الفعل (ألفى) في الآتين الكريمتين : ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ [البقرة:170] , وقوله تعالى : ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ [المائدة:104] .
فقال موضحا الفرق بينهما : (وجد) قد تأتي لأشياء قلبية وقد تأتي لأشياء حسية : ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ﴾ [النور:39] . ﴿وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ [التوبة:123] . بينما ألفى في القرآن الكريم تأتي لأشياء مادية فقط : ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ [يوسف:25] . ﴿إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ﴾ [الصافات:69] . وخلص إلى أنه عندما يريد أن يذمهم أكثر يذكر (ألفى) ؛ لأنه عندئذ ينفي عنهم العقل ، وإذا استعمل (وجد) نفى عنهم العلم . لذلك نجد في القرآن الكريم التعقيب على فعل (ألفى) بقوله تعالى : ﴿ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ ، بينما عقب على الفعل (وجد) بقوله تعالى : ﴿ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ .
إذا التقطنا هذه الإشارة الدلالية واستعملناها في فهم الآية 68 من سورة الكهف على اعتبار أن الفعل (وجد) استعمل للتعبير عن ما التقطته حاسة بصر ذي القرنين وهو ينظر إلى الشمس تغرب في الأفق المائي الشديد الاحمرار ، تبين لنا أنه عبر عمَّا يراه بالعين المجردة بكل تلقائية بعيدا عن كل تأويل علمي للظاهرة الطبيعية . فقد رآها رؤية الإنسان العادي ولم يرها رؤية الإنسان العلمي الذي يريد أن يفسر الظاهرة علميا . مما جعل هذه الجزئية تضفى على القص لمحة فنية رائعة ، مصاحبة لوجدان إنساني صاف يتمثل في القائد المسلم الذي حباه الله أسباب التنقل في الأرض شرقا وغربا بكل سهولة ويسر .

والله أعلم وأحكم
 
بعد أن تبين أن غروب الشمس في الأفق المائي الأحمر هو ظاهرة طبيعية تتراءى لكل من وقف يتأمل الأفق الفاصل بين السماء والماء جهة الغرب ، تقرر أن : الجملة القرآنية : ﴿تغرب في عين حمئة﴾ ، لا يمكن أن تقال إلا من خلال تموقع خاص ، حيث لا يمكن أن تطلق كخبر مطلق ، أي كحقيقة قرآنية ثابتة في كل مكان ، بحرا كان أو برا أو بين الجبال . يقول القماش في تفسيره : " وقائل القرآن هو خالق الكون ، لذلك لا تتناقض الحقيقة القرآنية مع الحقيقة الكونية ؛ لذلك لا تحدِّدْ أنتَ الحقيقة القرآنية وتحصرها في شيء وهي غير محصورة فيه . وتنبه جيداً إلى أن تكون الحقيقة القرآنية حقيقة قرآنية صافية ، وكذلك الحقيقة الكونية " .
لذلك تأتي الجملة القرآنية : ﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا﴾ لتخبرنا عن حقيقة قرآنية ، بيَّنها الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم " عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى : ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾ [يس: 38] ؟ قَالَ : «مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ» " .
والحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه : " قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ : «أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ؟» ، قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : " فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ العَرْشِ ، فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنُ لَهَا وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ ، فَلاَ يُقْبَلَ مِنْهَا ، وَتَسْتَأْذِنَ فَلاَ يُؤْذَنَ لَهَا يُقَالُ لَهَا : ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ﴾[يس:38] " .

والله أعلم وأحكم
 
حديث أبي ذر الذي الذي يذكر أن الشمس تغرب في عين حمئة هو حديث ضعيف . والصحيح الذي عند البخاري .







لفتة :
لو أن إدارة المنتدى تفيق من سباتها ما وجدنا لصاحب مسجد الضرار قولا في هذا المنتدى المبارك.
 
لقد قام الألباني بتصحيح هذا الحديث اعتمادا على صحة السند فقط ، وقد فاته أن ذكر غروب الشمس في عين حمئة ، هي زيادة لا تتوافق من معنى الحديث الذي يبين معنى قوله تعالى : [FONT=&quot] [/FONT]﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا﴾ .

والله أعلم وأحكم
 
الألباني رحمه الله عالم جليل وعالم بهذه الصنعة، إلا أن علماء هذه الصنعة استدركوا عليه فيما رأوا أنه أخطأ في تصحيحه. وهو كان رحمه الله له تراجعات هو قالها .
 
جازى الله عنا علماءنا خيرا ونفعنا بعلمهم . فقد قدموا خدمات جلى في سبيل تنقية السنة النبوية من الدخيل . والقرآن الكريم هو الفصل ؛ لأنه الوحي الذي حفظه الله من كل تحريف . مصداقا لقوله تعالى : ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر:9] .

والله أعلم وأحكم
 
والقرآن الكريم هو الفصل؛ أحسنت بارك الله فيك، لكن الإمام الألباني لم يكن معتزليا أو زيديا (هكذا هذه المرة بالعبارة المذهبية والتي طبعا لا معنى لها في البحث العلمي) ليعرض الرواية على القرآن، وليس هو الوحيد الذي حكم على الإسناد بالصحة..

ومن الناحية المنهجية ينبغي أن نعمل قاعدة "الإعمال أولى من الإهمال" أي لا يصار إلى الترجيح إلا إذا تعذر الجمع، فكيف لا نقبل زيد يسبح لله اذا ثبت عندنا أنه يتجول في السوق؟ هذا، وفي مسند البزار وتفسير الطبري رواية جمعت بين غروب الشمس في عين حمئة وسجودها تحت العرش:

... عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ، وَالشَّمْسُ عِنْدَ غُرُوبِهَا، فَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، هَلْ تَدْرِي أَيْنَ تَغِيبُ هَذِهِ الشَّمْسُ؟"؛ فَقُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "فَإِنَّهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ، تَنْطَلِقُ حَتَّى تَخِرَّ لِرَبِّهَا سَاجِدَةً تَحْتَ الْعَرْشِ، فَإِذَا كَانَ خُرُوجُهَا أَذِنَ اللَّهُ لَهَا، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُطْلِعَهَا مِنْ مَغْرِبِهَا حَبَسَهَا، فَتَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنِّي سَفَرِي بَعِيدٌ، فَيَقُولُ: اطْلُعِي مِنْ حَيْثُ غَرَبَتِ فَذَاكَ حِينَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ مِنْ إِيمَانِهَا خَيْرًا".

ويمكن إهمال تلك القاعدة إن وجدنا بديلا أدق وأحكم، وإلا فالأصل البناء على ما هو كائن.
 
مازال الأدعياء وأضرابهم من أصحاب الهذيان يتهمون خصومهم من المسلمين بكل سافلة ، وإن حصل ولقوا "خواجة" وقد يكون طاعناً بنبينا صلى الله عليه وسلم ، تجدهم بذلوا له رصيداً من المحبة والثناء حتى يكاد الواحد منهم يسجد لذاك العلج. بدعوى المحبة والتسامح.
ربما لورأى الواحد منهم شخصاً من قوم لوط ، لاستطاع أن يجد له مساحة في حسن الظن به، لكن تضيق صدورهم على المسلمين.
وما نقموا منهم إلا أنهم اتخذوا طريق السلف من الصحابة وتابعيهم منارة لهم. هذا هو جرمهم.
ولكن ما العجب ؟ هي عادة أسلافهم.
كم أمقت هذا.

والغريب أن بعضاً منهم مستعد لأن يرمي حديثاً في الصحيحين روي عن أكثر من ١٥ صحابياً في سلة المهملات. ويستميت في تصحيح حديث حكم عليه أهل الصنعة بالضعف؟
منهج صاحب مسجد الضرار هل أصبح مدرسة ؟


والسؤال لإدارة المنتدى النائمة متى تفيق؟!
 
عودة
أعلى