عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة
New member
قوله تعالى
( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [24] لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ [25] ) التوبة
كلام قيم:
قال الزمخشري: وهذه آية شديدة، لا ترى أشد منها؛ كأنها تنعى على الناس ما هم عليه من رخاوة عقد الدين، واضطراب حبل اليقين، فلينصف أورع الناس، وأتقاهم من نفسه، هل يجد عنده من التصلب في ذات الله، والثبات على دين الله ما يستحب له دينه على الآباء، والأبناء، والإخوان، والعشائر، والمال والمساكن، وجميع حظوظ الدنيا، ويتجرد منها لأجله ؟ ، أم يزوي الله عنه أحقر شيء منها لمصلحته، فلا يدري أي طرفيه أطول؟ ويغويه الشيطان عن أجل حظ من حظوظ الدين، فلا يبالي كأنما وقع على أنفه ذباب فطيَّره ؟ .
قوله «قل»: للمتخلفين عن الهجرة.
قاله البغوي.
قوله «وأموال اقترفتموها»: اكتسبتموها.
قاله الإيجي، وأبو بكر السجستاني، وأبو حيان، والبغوي، والواحدي، والسمعاني، وابن الجوزي، والنسفي، والسيوطي.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى
( ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ):قال ابن قتيبة: أي يكتسب. وقال غلام ثعلب: قال: الاقتراف: الاكتساب، يكون خيرا، ويكون شرا.
وقوله ( وليقترفوا ما هم مقترفون ): قال ابن قتيبة: أي: ليكتسبوا.
وقوله ( سيجزون بما كانوا يقترفون ): قال أبو حيان: يكتسبون، وقيل: يدعون. انتهى
وقال ابن الهائم: ( وأموال اقترفتموها ): اقتسمتموها.
وعن قتادة قال: أصبتموها.
حكاه الشوكاني.
قوله «وتجارة تخشون كسادها»: عدم رواجها.
قاله الخضيري.
قال أبو السعود: بفوات وقت رواجها بغيبتكم عن مكة المعظمة في أيام الموسم.
وقال السيوطي: عدم نفادها.
قوله «ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله»: فقعدتم لأجله عن الهجرة والجهاد.
قاله السيوطي.
قوله «فتربصوا»: فانتظروا.
قاله السمعاني، والبغوي، وأبو السعود، والسيوطي؛
إلا أن السيوطي، وأبا السعود قالا قال: انتظروا.
قال ابن الجوزي: والتربص: الانتظار.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى
( نتربص به ريب المنون ): قال الواحدي: أي: ننتظر به حدثان الموت.
وقوله ( قل تربصوا فإني معكم من المتربصين ): قال السمعاني: أي: المنتظرين، وانتظاره كان إما أن يظفر بهم أو يسلموا.
وقوله (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ): قال الواحدي في الوجيز: ينتظرون انقضاء مدة ثلاثة أطهار.
قوله «حتى يأتي الله بأمره»: يعني فتح مكة.
قاله يحيى بن سلام، ومكي، والواحدي. وحكاه البغوي عن مقاتل، ومجاهد.
وزاد الواحدي: فيسقط فرض الهجرة.
قال السمعاني: أكثر المفسرين على أن المراد منه: فتح مكة، وهذا أمر تهديد وليس بأمر حتم ولا ندب ولا إباحة.
وقيل: بقضائه.
قوله «في مواطن كثيرة»: أي مشاهد كثيرة.
قال الواحدي: أي: في أمكنة ومقامات، يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.
قال الزمخشري: والمواطن الكثيرة: وقعات بدر، وقريظة، والنضير، والحديبية، وخيبر، وفتح مكة.
قوله «و»: اذكر.
قوله «يوم حنين»: واد بين مكة والطائف، أي: يوم قتالكم فيه هوازن وذلك في شوّال سنة ثمان.
قاله السيوطي.
«بما رحبت»: اتسعت.
قاله ابن قتيبة، وأبو بكر السجستاني، وغلام ثعلب، وأبو حيان، وابن الهائم.
قال ابن قتيبة: يريد ضاقت عليهم مع سعتها.
قال الجرجاني: أي ضاقت برحبها ومع رحبها.
قال الواحدي: فلم تجدوا فيها موضع يصلح لفراركم.
قال السيوطي: لشدة ما لحقكم من الخوف.
قال الراغب الأصفهاني: الرحب: سعة المكان.
وقال البغوي: تقول العرب: مرحبا وأهلا وسهلا أي: أتيت رحبا وسعة.
قلت ( عبدالرحيم ): وقد نفى الله الرُّحْبُ - بالضم: السعة - عن أهل النار - أعاذني الله إياك - فقال حكاية عنهم ( لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم ): قال مكي : أي: لا اتسعت أماكنكم بكم.
قوله «ثم وليتم مدبرين»: منهزمين وثبت النبي صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء وليس معه غير العباس وأبو سفيان آخذ بركابه.
قاله السيوطي.
قال الزجاج: أعلم الله أنهم ليس بكثرتهم يغلبون، إنما يغلبون بنصر الله إياهم، ووكلوا ذلك اليوم إلى كثرتهم فانهزموا، ثم تداركهم الله بنصره حتى ظفروا، وذلك قوله: ( ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين): يعني: الأمنة والطمأنينة.
حكاه الواحدي في الوسيط.
المصدر:
غريب القرآن لابن قتيبة، ياقوتة الصراط لغلام ثعلب، غريب القرآن لأبي بكر السجستاني، المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني، التبيان لابن الهائم، تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب لأبي حيان، تذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجوزي، التصاريف ليحيى بن سلام، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، تفسير السمعاني، تفسير البغوي، تفسير النسفي، الكشاف للزمخشري، الوسيط للواحدي، الوجيز للواحدي، درج الدرر للجرجاني، البحر المحيط لأبي حيان، جامع البيان للإيجي الشافعي، تفسير أبي السعود، فتح القدير للشوكاني، السراج في بيان غريب القرآن للخضيري، تفسير الجلالين.
كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [24] لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ [25] ) التوبة
كلام قيم:
قال الزمخشري: وهذه آية شديدة، لا ترى أشد منها؛ كأنها تنعى على الناس ما هم عليه من رخاوة عقد الدين، واضطراب حبل اليقين، فلينصف أورع الناس، وأتقاهم من نفسه، هل يجد عنده من التصلب في ذات الله، والثبات على دين الله ما يستحب له دينه على الآباء، والأبناء، والإخوان، والعشائر، والمال والمساكن، وجميع حظوظ الدنيا، ويتجرد منها لأجله ؟ ، أم يزوي الله عنه أحقر شيء منها لمصلحته، فلا يدري أي طرفيه أطول؟ ويغويه الشيطان عن أجل حظ من حظوظ الدين، فلا يبالي كأنما وقع على أنفه ذباب فطيَّره ؟ .
قوله «قل»: للمتخلفين عن الهجرة.
قاله البغوي.
قوله «وأموال اقترفتموها»: اكتسبتموها.
قاله الإيجي، وأبو بكر السجستاني، وأبو حيان، والبغوي، والواحدي، والسمعاني، وابن الجوزي، والنسفي، والسيوطي.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى
( ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ):قال ابن قتيبة: أي يكتسب. وقال غلام ثعلب: قال: الاقتراف: الاكتساب، يكون خيرا، ويكون شرا.
وقوله ( وليقترفوا ما هم مقترفون ): قال ابن قتيبة: أي: ليكتسبوا.
وقوله ( سيجزون بما كانوا يقترفون ): قال أبو حيان: يكتسبون، وقيل: يدعون. انتهى
وقال ابن الهائم: ( وأموال اقترفتموها ): اقتسمتموها.
وعن قتادة قال: أصبتموها.
حكاه الشوكاني.
قوله «وتجارة تخشون كسادها»: عدم رواجها.
قاله الخضيري.
قال أبو السعود: بفوات وقت رواجها بغيبتكم عن مكة المعظمة في أيام الموسم.
وقال السيوطي: عدم نفادها.
قوله «ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله»: فقعدتم لأجله عن الهجرة والجهاد.
قاله السيوطي.
قوله «فتربصوا»: فانتظروا.
قاله السمعاني، والبغوي، وأبو السعود، والسيوطي؛
إلا أن السيوطي، وأبا السعود قالا قال: انتظروا.
قال ابن الجوزي: والتربص: الانتظار.
قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى
( نتربص به ريب المنون ): قال الواحدي: أي: ننتظر به حدثان الموت.
وقوله ( قل تربصوا فإني معكم من المتربصين ): قال السمعاني: أي: المنتظرين، وانتظاره كان إما أن يظفر بهم أو يسلموا.
وقوله (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ): قال الواحدي في الوجيز: ينتظرون انقضاء مدة ثلاثة أطهار.
قوله «حتى يأتي الله بأمره»: يعني فتح مكة.
قاله يحيى بن سلام، ومكي، والواحدي. وحكاه البغوي عن مقاتل، ومجاهد.
وزاد الواحدي: فيسقط فرض الهجرة.
قال السمعاني: أكثر المفسرين على أن المراد منه: فتح مكة، وهذا أمر تهديد وليس بأمر حتم ولا ندب ولا إباحة.
وقيل: بقضائه.
قوله «في مواطن كثيرة»: أي مشاهد كثيرة.
قال الواحدي: أي: في أمكنة ومقامات، يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.
قال الزمخشري: والمواطن الكثيرة: وقعات بدر، وقريظة، والنضير، والحديبية، وخيبر، وفتح مكة.
قوله «و»: اذكر.
قوله «يوم حنين»: واد بين مكة والطائف، أي: يوم قتالكم فيه هوازن وذلك في شوّال سنة ثمان.
قاله السيوطي.
«بما رحبت»: اتسعت.
قاله ابن قتيبة، وأبو بكر السجستاني، وغلام ثعلب، وأبو حيان، وابن الهائم.
قال ابن قتيبة: يريد ضاقت عليهم مع سعتها.
قال الجرجاني: أي ضاقت برحبها ومع رحبها.
قال الواحدي: فلم تجدوا فيها موضع يصلح لفراركم.
قال السيوطي: لشدة ما لحقكم من الخوف.
قال الراغب الأصفهاني: الرحب: سعة المكان.
وقال البغوي: تقول العرب: مرحبا وأهلا وسهلا أي: أتيت رحبا وسعة.
قلت ( عبدالرحيم ): وقد نفى الله الرُّحْبُ - بالضم: السعة - عن أهل النار - أعاذني الله إياك - فقال حكاية عنهم ( لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم ): قال مكي : أي: لا اتسعت أماكنكم بكم.
قوله «ثم وليتم مدبرين»: منهزمين وثبت النبي صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء وليس معه غير العباس وأبو سفيان آخذ بركابه.
قاله السيوطي.
قال الزجاج: أعلم الله أنهم ليس بكثرتهم يغلبون، إنما يغلبون بنصر الله إياهم، ووكلوا ذلك اليوم إلى كثرتهم فانهزموا، ثم تداركهم الله بنصره حتى ظفروا، وذلك قوله: ( ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين): يعني: الأمنة والطمأنينة.
حكاه الواحدي في الوسيط.
المصدر:
غريب القرآن لابن قتيبة، ياقوتة الصراط لغلام ثعلب، غريب القرآن لأبي بكر السجستاني، المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني، التبيان لابن الهائم، تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب لأبي حيان، تذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجوزي، التصاريف ليحيى بن سلام، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، تفسير السمعاني، تفسير البغوي، تفسير النسفي، الكشاف للزمخشري، الوسيط للواحدي، الوجيز للواحدي، درج الدرر للجرجاني، البحر المحيط لأبي حيان، جامع البيان للإيجي الشافعي، تفسير أبي السعود، فتح القدير للشوكاني، السراج في بيان غريب القرآن للخضيري، تفسير الجلالين.
كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424