وَأُحضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ

منيب عرابي

New member
إنضم
07/06/2010
المشاركات
143
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
ما تفسير هذه الآية ؟
وما علاقة الشح فيها ؟ وكيف تكون تركبية الجملة "وأحضرت الأنفس الشح" ؟
وما هو "الصلح" .... هل هو الخلع الذي نعرفه في عصرنا ؟

وَإِنِ امرَأَةٌ خافَت مِن بَعلِها نُشوزًا أَو إِعراضًا فَلا جُناحَ عَلَيهِما أَن يُصلِحا بَينَهُما صُلحًا وَالصُّلحُ خَيرٌ وَأُحضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحسِنوا وَتَتَّقوا فَإِنَّ اللَّـهَ كانَ بِما تَعمَلونَ خَبيرًا ﴿128﴾ النساء

وشكراً
 

إليك كلام الطاهر بن عاشور رحمه الله عسى أن يشفي عليلك ويروي غليلك:
"عطف لبقية إفتاء الله تعالى . وهذا حكم اختلال المعاشرة بين الزوجين ، وقد تقدّم بعضه في قوله : { واللاتي تخافون نشوزهنّ } [ النساء : 34 ] الآية ، في هذه السورة ، فذلك حكم فصْل القضاء بينهما ، وما هنا حكم الانفصال بالصلح بينهما ، وذلك ذكر فيه نشوز المرأة ، وهنا ذكر نشوز البعْل . والبعل زوج المرأة . وقد تقدّم وجه إطلاق هذا الاسم عليه في قوله { وبعولتهنّ أحقّ بردهنّ في ذلك } في سورة البقرة ( 228 ) .
وصيغة { فلا جناح } من صيغ الإباحة ظاهراً ، فدلّ ذلك على الإذن للزوجين في صلح يقع بينهما . وقد علم أنّ الإباحة لا تذكر إلاّ حيث يظنّ المنع ، فالمقصود الإذن في صلح يكون بخلع : أي عوَض مالي تعطيه المرأة ، أو تنازل عن بعض حقوقها ، فيكون مفاد هذه الآية أعمّ من مفاد قوله تعالى : { ولا يحلّ لكم أن تأخذوا ممّا آتيتموهن شيئاً إلاّ أن يخافا أن لا يقيما حدود الله فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به } [ البقرة : 229 ] ، فسمّاه هناك افتداء ، وسمّاه هنا صلحاً . وقد شاع في الاستعمال إطلاق الصلح على التراضي بين الخصمين على إسقاط بعض الحقّ ، وهو الأظهر هنا . واصطلح الفقهاء من المالكية : على إطّلاق الافتداء على اختلاع المرأة من زوجها بمال تعطيه ، وإطلاق الخلع على الاختلاع بإسقاطها عنه بقية الصداق ، أو النفقة لها ، أو لأولادها .
ويحتمل أن تكون صيغة { لا جناح } مستعملة في التحريض على الصلح ، أي إصلاح أمرهما بالصلح وحسن المعاشرة ، فنفي الجناح من الاستعارة التمليحية؛ شبّه حال من ترك الصلح واستمرّ على النشوز والإعراض بحال من ترك الصلح عن عمد لظنّه أنّ في الصلح جناحاً . فالمراد الصلح بمعنى إصلاح ذات البين ، والأشهر فيه أن يقال الإصلاح . والمقصود الأمر بأسباب الصلح ، وهي : الإغضاء عن الهفوات ، ومقابلة الغلظة باللين ، وهذا أنسب وأليق بما يرد بعده من قوله : { وإن يتفرّقا يغن الله كلاّ من سعته } .
وللنشوز والإعراض أحوال كثيرة : تقوى وتضعف ، وتختلف عواقبها ، . باختلاف أحوال الأنفس ، ويجمعها قوله : { خافت من بِعَلها نشوزاً أو إعراضاً } . وللصلح أحوال كثيرة : منها المخالعة ، فيدخل في ذلك ما ورد من الآثار الدالّة على حوادث من هذا القبيل . ففي «صحيح البخاري» ، عن عائشة ، قالت في قوله تعالى : { وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً } قالت : الرجل يكون عنده المرأة ليس بمستكثر منها يريد أن يفارقها ، فتقول له أجعلك من شأني في حلّ . فنزلت هذه الآية . وروى الترمذي ، بسند حسن عن ابن عباس ، أنّ سودة أمّ المؤمنين وهبت يومها لعائشة ، وفي أسباب النزول للواحدي : أنّ ابنة محمد بن مسلمة كانت عند رافع بن خديج فكره منها أمراً ، أيّ كِبَراً فأراد طلاقها ، فقالت له : أمسكني واقْسِم لي ما بدَا لك .

فنزلت الآية في ذلك .
وقرأ الجمهور : { أن يصّالحا } بتشديد الصاد وفتح اللام وأصله يتصالحا ، فأدغمت التاء في الصاد ، وقرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف : «إن يُصْلِحَا» بضمّ التحتيّة وتخفيف الصاد وكسر اللام أي يُصلح كلّ واحد منهما شأَنهما بما يبدو من وجوه المصالحة .
والتعريف في قوله : { والصلح خير } تعريف الجنس وليس تعريف العهد ، لأنّ المقصود إثبات أنّ ماهية الصلح خير للناس ، فهو تذييل للأمر بالصلح والترغيب فيه ، وليس المقصود أنّ الصلح المذكورَ آنفاً ، وهو الخلع ، خير من النزاع بين الزوجين ، لأنّ هذا ، وإنّ صحّ معناه ، ألاّ أنّ فائدة الوجه الأوّل أوفر ، ولأنّ فيه التفادي عن إشكال تفضيل الصلح على النزاع في الخيرية مع أنّ النزاع لا خير فيه أصلاً . ومن جعل الصلح الثاني عين الأوّل غرّته القاعدة المتداولة عند بعض النحاة ، وهي : أنّ لفظ النكرة إذا أعيد معرّفاً باللام فهو عين الأولى . وهذه القاعدة ذكرها ابن هشام الأنصاري في «مغني اللبيب» في الباب السادس ، فقال : يقولون : «النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى ، وإذا أعيدت معرفة ، أو أعيدت المعرفة معرفة أو نكرة كانت الثانية عين الأولى» ، ثم ذكر أنّ في القرآن آيات تَرُدّ هذه الأحكام الأربعة كقوله تعالى : { الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوةً ثم جعل من بعد قوة ضعفاً } [ الروم : 54 ] وقوله : { أن يصّالحا بينهما صلحاً والصلح خير } [ النساء : 128 ] { زدناهم عذاباً فوق العذاب } [ النحل : 88 ] والشيء لا يكون فوق نفسه { أن النَّفْس بالنفس } [ المائدة : 45 ] { يسألك أهل الكتاب أن تُنَزّل عليهم كتاباً من السماء } [ النساء : 153 ] ، وأنّ في كلام العرب ما يردّ ذلك أيضاً . والحقّ أنّه لا يختلف في ذلك إذا قامت قرينة على أنّ الكلام لتعريف الجنس لا لتعريف العهد ، كما هنا . وقد تقدّم القول في إعادة المعرفة نكرة عند قوله تعالى : { وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنة } في سورة البقرة ( 193 ) . ويأتي عند قوله تعالى : { وقالوا لولا نزّل عليه آية من ربّه } في سورة الأنعام ( 37 ) .
وقوله { خير } ليس هو تفضيلاً ولكنّه صفة مشبّهة ، وزنه فَعْل ، كقولهم : سَمْح وسَهْل ، ويجمع على خيور . أو هو مصدر مقابل الشرّ ، فتكون إخباراً بالمصدر . وأمّا المراد به التفضيل فأصل وزنه أفْعَل ، فخفّف بطرح الهمزة ثم قلب حركته وسكونه .
جمعه أخيار ، أي والصلح في ذاته خير عظيم . والحمل على كونه تفضيلاً يستدعي أن يكون المفضّل عليه هو النشوز والإعراض . ، وليس فيه كبير معنى .
وقد دلّت الآية على شدّة الترغيب في هذا الصلح بمؤكّدات ثلاثة : وهي المصدر المؤكّد في قوله : { صلحاً } ، والإظهارُ في مقام الإضمار في قوله : { والصلح خير } ، والإخبار عنه بالمصدر أو بالصفة المشبهة فإنّها تدلّ على فعللِ سَجية .
ومعنى { وأحضرت الأنفس الشحّ } ملازمة الشحّ للنفوس البشرية حتّى كأنّه حاضر لديها . ولكونه من أفعال الجبلّة بُني فعله للمجهول على طريقة العرب في بناء كلّ فعل غير معلوممِ الفاعل للمجهول ، كقولهم : شُغف بفلانة ، واضطُرّ إلى كذا .

ف«الشحّ» منصوب على أنّه مفعول ثان ل«أحضرِت» لأنّه من باب أعطَى .
وأصل الشحّ في كلام العرب البخل بالمال ، وفي الحديث " أنْ تَصْدّقَ وأنت صحيح شحيح تخشَى الفقر وتأمل الغنى " وقال تعالى : { ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون } [ الحشر : 9 ] ويطلق على حرص النفس على الحقوق وقلّة التسامح فيها ، ومنه المشاحّة ، وعكسه السماحة في الأمرين .
فيجوز أن يكون المراد بالصلح في هذه الآية صلح المال ، وهو الفدية . فالشحّ هو شحّ المال ، وتعقيب قوله : { والصلح خير } بقوله : { وأحضرت الأنفس } على هذا الوجه بمنزلة قولهم بعد الأمر بما فيه مصلحة في موعظة أو نحوها : وما إخالك تفعل ، لقصد التحريض .
ويجوز أن يكون المراد من الشحّ ما جبلت عليه النفوس : من المشاحّة ، وعدم التساهل ، وصعوبة الشكائم ، فيكون المراد من الصلح صلح المال وغيره ، فالمقصود من تعقيبه به تحذير الناس من أن يكونوا متلبّسين بهذه المشاحّة الحائلة دون المصالحة . وتقدّم الكلام على البخل عند قوله تعالى : { ولا يحسبنّ الذين يبخلون بما آتاهم الله } في سورة آل عمران ( 180 ) . وقد اشتهر عند العرب ذمّ الشحّ بالمال ، وذمّ من لا سماحة فيه ، فكان هذا التعقيب تنفيراً من العوارض المانعة من السماحة والصلح ، ولذلك ذيّل بقوله : { وإن تحسنوا وتتّقوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً } لما فيه من الترغيب في الإحسان والتقوى . ثم عذر الناس في شأن النساء فقال : { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء } أي تمامَ العدل . وجاء ب ( لن ) للمبالغة في النفي ، لأنّ أمر النساء يغالب النفس ، لأنّ الله جعل حُسن المرأة وخُلقها مؤثّراً أشدّ التأثير ، فربّ امرأة لبيبة خفيفة الروح ، وأخرى ثقيلة حمقاء ، فتفاوتهنّ في ذلك وخلوّ بعضهنّ منه يؤثّر لا محالة تفاوتاً في محبّة الزوج بعض أزواجه ، ولو كان حريصاً على إظهار العدل بينهنّ ، فلذلك قال { ولو حرصتم } ، وأقام الله ميزان العدل بقوله : { فلا تميلوا كلّ الميل } ، أي لا يُفْرط أحدكم بإظهار الميل إلى أحداهنّ أشدّ الميل حتّى يسوء الأخرى بحيث تصير الأخرى كالمعلّقة . فظهر أنّ متعلّق { تميلوا } مقدّر بإحداهنّ ، وأنّ ضمير { تذروها } المنصوب عائد إلى غير المتعلّق المحذوف بالقرينة ، وهو إيجاز بديع ."

 
ما تفسير هذه الآية ؟
وما علاقة الشح فيها ؟ وكيف تكون تركبية الجملة "وأحضرت الأنفس الشح" ؟
وما هو "الصلح" .... هل هو الخلع الذي نعرفه في عصرنا ؟

وَإِنِ امرَأَةٌ خافَت مِن بَعلِها نُشوزًا أَو إِعراضًا فَلا جُناحَ عَلَيهِما أَن يُصلِحا بَينَهُما صُلحًا وَالصُّلحُ خَيرٌ وَأُحضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحسِنوا وَتَتَّقوا فَإِنَّ اللَّـهَ كانَ بِما تَعمَلونَ خَبيرًا ﴿128﴾ النساء

وشكراً

بصراحة كان التفسير صعب بعض الشيء علي وأنا أقرأه.
هذا ما فهمته من التفسير:
تفسير الآية:
إن خافت زوجة نشوز زوجها فلا إثم عليها أن تطلب الخلع بأن تعطي مالاً أو تتنازل عن حقها في النفقات (والصلح خير...لم أفهمها؟؟؟؟)
ثم يقول الله تعالى أن الشح وهو البخل أو من المشاحة وهو "عدم الإصلاح" موجودٌ دائماً فلا تجعلوه يخرب هذا الخلع :
بان لا تقبل الزوجة التنازل عن المال مقابل الخلع (أي أن تكون بخيلة وتريد الخلع دون مقابل)
أو لا يقبل الزوج الخلع أصلاً وذلك لانه "مشكلجي" ولا يريد الصلح/الخلع مع زوجته ليضرها.
ثم يذكرنا الله تعالى أن نكون من المحسنين (فلا يضر الزوج زوجته ولا تضر الزوجة زوجها) لأن الله يعمل ما نفعل.


لو أخطأت بالفهم صححوني.

وشكراً
 
ربما يكون هذا أسهل إلى الفهم

ربما يكون هذا أسهل إلى الفهم

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى:
"أي: إذا خافت المرأة نشوز زوجها أي: ترفعه عنها وعدم رغبته فيها وإعراضه عنها، فالأحسن في هذه الحالة أن يصلحا بينهما صلحا بأن تسمح المرأة عن بعض حقوقها اللازمة لزوجها على وجه تبقى مع زوجها، إما أن ترضى بأقل من الواجب لها من النفقة أو الكسوة أو المسكن، أو القسم بأن تسقط حقها منه، أو تهب يومها وليلتها لزوجها أو لضرتها.
فإذا اتفقا على هذه الحالة فلا جناح ولا بأس عليهما فيها، لا عليها ولا على الزوج، فيجوز حينئذ لزوجها البقاء معها على هذه الحال، وهي خير من الفرقة،
ولهذا قال: { وَالصُّلْحُ خَيْرٌ } . [ ص 207 ]
ويؤخذ من عموم هذا اللفظ والمعنى أن الصلح بين مَن بينهما حق أو منازعة في جميع الأشياء أنه خير من استقصاء كل منهما على كل حقه، لما فيها من الإصلاح وبقاء الألفة والاتصاف بصفة السماح.
وهو جائز في جميع الأشياء إلا إذا أحلّ حراما أو حرّم حلالا فإنه لا يكون صلحا وإنما يكون جورا.
واعلم أن كل حكم من الأحكام لا يتم ولا يكمل إلا بوجود مقتضيه وانتفاء موانعه، فمن ذلك هذا الحكم الكبير الذي هو الصلح، فذكر تعالى المقتضي لذلك ونبه على أنه خير، والخير كل عاقل يطلبه ويرغب فيه، فإن كان -مع ذلك- قد أمر الله به وحثّ عليه ازداد المؤمن طلبا له ورغبة فيه.
وذكر المانع بقوله: { وَأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحّ } أي: جبلت النفوس على الشح، وهو: عدم الرغبة في بذل ما على الإنسان، والحرص على الحق الذي له، فالنفوس مجبولة على ذلك طبعا، أي: فينبغي لكم أن تحرصوا على قلع هذا الخُلُق الدنيء من نفوسكم، وتستبدلوا به ضده وهو السماحة، وهو بذل الحق الذي عليك؛ والاقتناع ببعض الحق الذي لك.
فمتى وفق الإنسان لهذا الخُلُق الحسن سهل حينئذ عليه الصلح بينه وبين خصمه ومعامله، وتسهلت الطريق للوصول إلى المطلوب. بخلاف من لم يجتهد في إزالة الشح من نفسه، فإنه يعسر عليه الصلح والموافقة، لأنه لا يرضيه إلا جميع ماله، ولا يرضى أن يؤدي ما عليه، فإن كان خصمه مثله اشتد الأمر.
ثم قال: { وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا } أي: تحسنوا في عبادة الخالق بأن يعبد العبد ربه كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإنه يراه، وتحسنوا إلى المخلوقين بجميع طرق الإحسان، من نفع بمال، أو علم، أو جاه، أو غير ذلك. { وَتَتَّقُوا } الله بفعل جميع المأمورات، وترك جميع المحظورات. أو تحسنوا بفعل المأمور، وتتقوا بترك المحظور { فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } قد أحاط به علما وخبرا، بظاهره وباطنه، فيحفظه لكم، ويجازيكم عليه أتم الجزاء."
 
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى:
"أي: إذا خافت المرأة نشوز زوجها أي: ترفعه عنها وعدم رغبته فيها وإعراضه عنها، فالأحسن في هذه الحالة أن يصلحا بينهما صلحا بأن تسمح المرأة عن بعض حقوقها اللازمة لزوجها على وجه تبقى مع زوجها، إما أن ترضى بأقل من الواجب لها من النفقة أو الكسوة أو المسكن، أو القسم بأن تسقط حقها منه، أو تهب يومها وليلتها لزوجها أو لضرتها.
فإذا اتفقا على هذه الحالة فلا جناح ولا بأس عليهما فيها، لا عليها ولا على الزوج، فيجوز حينئذ لزوجها البقاء معها على هذه الحال، وهي خير من الفرقة،
ولهذا قال: { وَالصُّلْحُ خَيْرٌ } . [ ص 207 ]
ويؤخذ من عموم هذا اللفظ والمعنى أن الصلح بين مَن بينهما حق أو منازعة في جميع الأشياء أنه خير من استقصاء كل منهما على كل حقه، لما فيها من الإصلاح وبقاء الألفة والاتصاف بصفة السماح.
وهو جائز في جميع الأشياء إلا إذا أحلّ حراما أو حرّم حلالا فإنه لا يكون صلحا وإنما يكون جورا.
واعلم أن كل حكم من الأحكام لا يتم ولا يكمل إلا بوجود مقتضيه وانتفاء موانعه، فمن ذلك هذا الحكم الكبير الذي هو الصلح، فذكر تعالى المقتضي لذلك ونبه على أنه خير، والخير كل عاقل يطلبه ويرغب فيه، فإن كان -مع ذلك- قد أمر الله به وحثّ عليه ازداد المؤمن طلبا له ورغبة فيه.
وذكر المانع بقوله: { وَأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحّ } أي: جبلت النفوس على الشح، وهو: عدم الرغبة في بذل ما على الإنسان، والحرص على الحق الذي له، فالنفوس مجبولة على ذلك طبعا، أي: فينبغي لكم أن تحرصوا على قلع هذا الخُلُق الدنيء من نفوسكم، وتستبدلوا به ضده وهو السماحة، وهو بذل الحق الذي عليك؛ والاقتناع ببعض الحق الذي لك.
فمتى وفق الإنسان لهذا الخُلُق الحسن سهل حينئذ عليه الصلح بينه وبين خصمه ومعامله، وتسهلت الطريق للوصول إلى المطلوب. بخلاف من لم يجتهد في إزالة الشح من نفسه، فإنه يعسر عليه الصلح والموافقة، لأنه لا يرضيه إلا جميع ماله، ولا يرضى أن يؤدي ما عليه، فإن كان خصمه مثله اشتد الأمر.
ثم قال: { وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا } أي: تحسنوا في عبادة الخالق بأن يعبد العبد ربه كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإنه يراه، وتحسنوا إلى المخلوقين بجميع طرق الإحسان، من نفع بمال، أو علم، أو جاه، أو غير ذلك. { وَتَتَّقُوا } الله بفعل جميع المأمورات، وترك جميع المحظورات. أو تحسنوا بفعل المأمور، وتتقوا بترك المحظور { فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } قد أحاط به علما وخبرا، بظاهره وباطنه، فيحفظه لكم، ويجازيكم عليه أتم الجزاء."

كلام سلس ... فالصلح هو التنازل عن بعض الحقوق على أمل ألا يطلقها زوجها

وقد أعدت قراءة كلام ابن عاشور ففهمت منه ان المخالعة التي يقصدها في كلامه ليست الخلع الذي نعرفه اليوم (تطليق المرأة بناء على طلبها وتنازلها عن حق النفقة) وإنما هي أن تظل المرأة في عصمة الرجل ولكنها تتنازل عن بعض حقوقها كليلتها وذلك حتى لا يشعر بثقل الحقوق عليه فيطلقها.

وللصلح أحوال كثيرة : منها المخالعة ، فيدخل في ذلك ما ورد من الآثار الدالّة على حوادث من هذا القبيل . ففي «صحيح البخاري» ، عن عائشة ، قالت في قوله تعالى : وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً قالت : الرجل يكون عنده المرأة ليس بمستكثر منها يريد أن يفارقها ، فتقول له أجعلك من شأني في حلّ . فنزلت هذه الآية .
وروى الترمذي ، بسند حسن عن ابن عباس ، أنّ سودة أمّ المؤمنين وهبت يومها لعائشة ،
وفي أسباب النزول للواحدي : أنّ ابنة محمد بن مسلمة كانت عند رافع بن خديج فكره منها أمراً ، أيّ كِبَراً فأراد طلاقها ، فقالت له : أمسكني واقْسِم لي ما بدَا لك .
 
ما آحسن وأجمل تلك النقولات التي اتحفنا بها المشايخ الكرام لبيان معنى الآية ،

ما آحسن وأجمل تلك النقولات التي اتحفنا بها المشايخ الكرام لبيان معنى الآية ،

واسمحوا لي بمساهمة في بيان معنى الآية والله تعالى أعلم بمراده :
قوله تعالى :
( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً )
أي : وإن امرأة خافت من بعلها هدمه بيت الزوجية بسبب نشوز أخلاقه عليها أو تقصيره في الإنفاق على بيت الزوجية ، فعلى الزوج أن يقوم بواجبه كاملاً أو يطلقها ، ولا بأس في أن يصلحا بينهما صلحاً ، تتنازل الزوجة فيه عن شيء من حقوقها طلبا لبقاء بيت الزوجية ، والصلح خير لهما ، فلا تمنعهما المشاحة التي جلبت عليها النفوس ، عن طلب الصلح ، وإن تحسنوا معاملة زوجاتكم وتخافوا عقاب الله فيهن ،فإن الله كان بمعاملتكم لهن عالماً ، ولا يخفى عليه شيء ، وسيجازيكم على ذلك .
وانظر المعنى - الذي ذكرته في هذا الموقع المبارك - للآية رقم 34 من السورة نفسها .
 
ما آحسن وأجمل تلك النقولات التي اتحفنا بها المشايخ الكرام لبيان معنى الآية ،

ما آحسن وأجمل تلك النقولات التي اتحفنا بها المشايخ الكرام لبيان معنى الآية ،

واسمحوا لي بمساهمة في بيان معنى الآية والله تعالى أعلم بمراده :
قوله تعالى :
( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً )
أي : وإن امرأة خافت من بعلها هدمه بيت الزوجية بسبب نشوز أخلاقه عليها أو تقصيره في الإنفاق على بيت الزوجية ، فعلى الزوج أن يقوم بواجبه كاملاً أو يطلقها ، ولا بأس في أن يصلحا بينهما صلحاً ، تتنازل الزوجة فيه عن شيء من حقوقها طلبا لبقاء بيت الزوجية ، والصلح خير لهما ، فلا تمنعهما المشاحة التي جبلت عليها النفوس ، عن طلب الصلح ، وإن تحسنوا معاملة زوجاتكم وتخافوا عقاب الله فيهن ،فإن الله كان بمعاملتكم لهن عالماً ، ولا يخفى عليه شيء ، وسيجازيكم على ذلك .
وانظر المعنى الذي ذكرته - في هذا الموقع المبارك - للآية رقم 34 من السورة نفسها .
 
قرأت اليوم الحديث التالي ووصلني شرح عنه ...

أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا ‏ ‏ الشح ‏ ‏ فإن ‏ ‏ الشح ‏ ‏ أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم ‏

)صحيح مسلم(

( واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم ) ‏
‏قال القاضي : يحتمل أن هذا الهلاك هو الهلاك الذي أخبر به في الدنيا بأنهم سفكوا دماءهم , ويحتمل أنه هلاك الآخرة , وهذا الثاني أظهر . ويحتمل أنه أهلكهم في الدنيا والآخرة . قال جماعة : الشح أشد البخل , وأبلغ في المنع من البخل . وقيل : هو البخل مع الحرص . وقيل : البخل في أفراد الأمور , والشح عام . وقيل : البخل في أفراد الأمور , والشح بالمال والمعروف وقيل : الشح الحرص على ما ليس عنده , والبخل بما عنده .
==============================
ولكن تذكرت أن الشح يأتي بمعنى المشاحة (المشاكل وهو عكس الصلح) وليس فقط البخل بالمال كما قال الطاهر بن عاشور عندما فسر الآية:
ويجوز أن يكون المراد من الشحّ ما جبلت عليه النفوس : من المشاحّة ، وعدم التساهل ، وصعوبة الشكائم ،

وعليه يبدو والله أعلم أن تفسير الشح من المشاحة هو أقرب لمعنى بقية الحديث .... حيث أنه أدى إلى التنازع وسفك الدماء
 
عودة
أعلى