قال تعالى فى سورة الأعراف{:قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} [الأعراف : 109 - 112]
وفى سورة الشعراء:{ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ} [الشعراء : 34 - 37]
والسؤال هنا :لما خصت سورة الأعراف بلفظ وأرسل وسورة الشعراء بلفظ وابعث ؟
نلاحظ اختلاف السياق بين الآيات فى السورتين وكما ذكر صاحب (ملاك التأويل)
فى هذا أربع سؤالات : أولها قوله تعالى فى الأعراف : "قال الملأ من قوم فرعون " وفى الشعراء : "قال للملإ من حوله " والثانى قوله فى الشعراء : "بسحره " ولم يثبت ذلك فى الأعراف ، والثالث قوله فى الأعراف : "وأرسل " وفى الشعراء : "وابعث " والرابع قوله فى الأعراف عقب قوله : "يأتوك بكل ساحر عليم ".
"وجاء السحرة فرعون " وأعقب فى الشعراء قوله : "يأتوك بكل سحار عليم فجمع السحرة لميقات يوم معلوم وقيل للناس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين " وبعد ذلك قيل : "فلما جاء السحرة ".
وهنا يعنينا السؤال الثالث:فقال صاحب ملاك التأويل:
والجواب عن السؤال الثالث وهو ورود "وأرسل " فى سورة الأعراف وفى الشعراء "وابعث " فالجواب عنه مبنى على الترتيب الذى استقر عليه المصحف فنقول : "إن أرسل أخص فى باب الارسال من البعث إذ لا يقال أرسل الا فيما كان توجيها فيه معنى الانتقال حقيقة أو مجازا أما بعث فأوسع فإنه يقع بمعنى الارسال وبمعنى الاحياء ومنه البعث الأخراوى ففيه اشترك فلما كان الارسال أخص وقع الاخبار به أولا ثم وقع ثانيا بالبعث تنوعيا للعبارة وعلى الترتيب فى موضع اللفظ المطرد من القرآن ولا يمكن على ما تقرر من ذلك العكس .انتهى
-ولقد سئل في هذه المسألة فضيلة الشيخ محمد عبد الحكيم القاضي، فإجاب كالتالي:
قال الشيخ:
هذه المسألة التي سألتها من روائع البيان القرآني ، وقد استفتيت العلامة المفسر ابن عالشور عنها فغذا لم يزد على قوله: "وهما مترادفان" .. وإنما خصصت ابن عاشور لأنه من اكثر المفسرين اهتماما بمثل هذه الدقائق .
ومع ذلك فتلاوة الآية في سورتي الأعراف والشعراء قد يكشف شيئا لنا:
الفروق بين السياقين:
1- في الأعراف يظهر ان الذي وصف موسى بالسحر هم الملأ من قوم فرعون .. وفي الشعراء يظهر أنه فرعون نفسه.
2- في الأعراف زيادة كلمة (بسحره) كوسيلة لإخراجهم من الأرض بزعم فرعون.
3- الظاهر في سياق الأعراف أن قول : أرجه وأخاه ..الخ. هو رد بعض الملأ على بعض. وفي الشعراء أنه رد الملأ على فرعون.
4- التعبير ب(وأرسل) في الأعراف، وب(ولبعث) في الشعراء.
5- التعبير ب(كل ساحر) في الأعراف، وب(كل سحار) في الشعراء.
باختصار لابد من معرفة لأمر مهم... وهو أن من خصائص القصص القرآني أنه ينطبق عليه قانون (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) [هود : 1] فلكل موضع من مواضع القصة مساهمة في بيان سماتها وما فيها من أخبار ومواعظ وعبر.
وقصة موسى عليه السلام من أسعد القصص بهذه القاعدة لكثرة تكررها في القرآن الكريم .
وتطبيقا لهذا على موضعنا هذا أقول:
النقظة الأولى التي ذكرتها سابقا من نقاط الفروق تشير إلى أن خبر موسى اهتم به كل المسؤولين في دولة فرعون، ابتداء منه هو شخصيا إلى كل من له حق الشورى أو إبداء الرأي، ولذلك جاء السياق في سورتي الأعراف والشعراء يدل على أن كلمة: ((إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ)) جاءت على لسان فرعون وايضا على لسان الملأ من قومه . وأنهم اتفقوا على اتهام موسى بمحاولة إخراج المصريين من أرضهم، لكن فرعون ركز على الوسيلة التي يريد إخراجهم بها وهي السحر. وقد يكون هذا مجرد تأكيد أو يكون الملأ أطلقوا الوسيلة وفرعون قيدها.(وهي النقطة الثانية من نقاط الاختلاف السياقي).
ونأتي إلى النقطة الثالثة وهي تشير إلى أن طلب إرجاء موسى عليه السلام وأخيه وإرسال المنادين لجلب السحرة من كل مكان هو اقتراح اتفق عليه الملأ فيما بينهم( الاعراف) وأبلغوه إلى فرعون بعد أن طلب إليهم الرأي (الشعراء- والأعراف فيها إشارة إلى ذلك).
وهنا نأتي إلى كلمتي (أرسل) و(ابعث)؛ إذ نجد ان (وابعث) جاءت في الموضع الذي خلص أن الكلام موجه من الملأ لفرعون صراحة.
وقوله (وأرسل) جاءت في الموضع الذي تكلم فيه الملأ مع بعضهم البعض دون التصريح بوجود فرعون.
وهذا من بليغ اختيار الكلام، لأن أرسل وإن كانت مرادفا لـ(ابعث) إلا أنها فيها معنى العلو والارتفاع بدليل أن الله أرسل الرسل وهو بعثهم، لكن لما سماهم سماهم رسلا ، لا مبعوثين.
وفي اختيار ما يدل على العلو في الموضع الذي لم يصرح فيه بفرعون إشارة قوية إلى ان الكلام موجه إليه لأنه هو الجهة العليا عندهم لا الملأ. أما في موضع التصريح بوجوده وهو (الشعراء) فلم يحتج إلى هذه الدلالة لظهور اسم فرعون وأنه هو الذي استشارهم صراحة فيه، وهذا معنى كلام النيسابوري في غرائب القرآن (3 / 302) إذ يقول متحدثا عن السياق في سورة الأعراف: "واعلم أن مبني القصة في هذه اسورة على الاختصار وفي الشعراء على التطويل فلهذا قيل هناك (يريد أن يرخرجكم من أرضكم بسحره) ، (وإنكم إذا لمن المقربين) ، (قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون) ، (فسوف تعلمون) وفي كل ذلك زيادة. وأما قوله ههنا (وأرسل في المدائن) وهناك (وابعث) فلأن الإرسال يفيد معنى البعث )مع العلو فخص هذه السورة بذلك ليعلم أنّ المخاطب به فرعون دون غيره" .والله أعلم بكتابه.انتهى كلام الشيخ.
تعقيب بسيط أقول:بالنسبة للنقطة الخامسة قرأ حمزة والكسائى وخلف العاشرفى سورة الأعراف"سحار" بصيغة المبالغة والباقون " ساحر"اسم فاعل بينما اتفق القراء على لفظ" ساحر" بسورة الشعراء.
-وقال بعضهم :الارسال هو أن أرسل شخصا ما لتوصيل رساله وقد أخبرته بنص الرساله وكل شيء عنها بتفاصيلها
اما البعث هو أن أرسل شخصا لفعل شيء او ابلاغ شيء عام
يعنى: أنا أرسل فلانا وأقول له اذهب لفلان وقل له (تعال الىّ حالا)...مثلا
وأن ابعث فلانا الى فلان فاقول له ( اذهب واحضره الىّ) فالمرسال فى (أرسل)سيذهب الى الشخص الاخر ووجب عليه أن يبلغه ... اما فى البعث فهو يذهب بالمضمون فقط وله الحرية فى طريقة تبليغ الرساله
أقول
بعث: أصل البعث إثارة الشئ وتوجيهه يقال بعثته فانبعث وقال الله تعالى: (وإذا القبور بعثرت) أي قلب ترابها وأثير ما فيها،
فالبعث فيه شدة وحركة وقوة.
بينما أصل الرسل الانبعاث على التؤدة ويقال ناقة رسلة سهلة السير وإبل مراسيل منبعثة انبعاثا سهلا، ومنه الرسول المنبعث.
وتصور منه تارة الرفق فقيل على رسلك إذا أمرته بالرفق(الراغب).
وبالنظر الى سياق الآيات فى السورتين نجد الآيات فى سورة الأعراف فيها استرسال وطول والعكس فى سورة الشعراء آيات سريعة كلماتها محدودة وفيها قوة وشدة ويلاحظ ذلك حتى من بداية السورتين فمثلا فى أول الشعراءنجد آيات التهديد والوعيد من أول السورة{إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين }وانظر قوله{ وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين ( 10 ) قوم فرعون ألا يتقون ( 11 )} وشدة الحوار بين نبى الله موسى وفرعون وقول فرعون { إِنّ هَـَؤُلآءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ } كل ذلك ناسبه ان يأتى لفظ وابعث فى سورة الشعراء والعكس فى سورة الأعراف
فجاء كل موضع بما يلائم والعكس لايكون .
والله اعلم.
وأتمنى من شيوخنا الافاضل
المشاركة بعلمهم
وفى سورة الشعراء:{ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ} [الشعراء : 34 - 37]
والسؤال هنا :لما خصت سورة الأعراف بلفظ وأرسل وسورة الشعراء بلفظ وابعث ؟
نلاحظ اختلاف السياق بين الآيات فى السورتين وكما ذكر صاحب (ملاك التأويل)
فى هذا أربع سؤالات : أولها قوله تعالى فى الأعراف : "قال الملأ من قوم فرعون " وفى الشعراء : "قال للملإ من حوله " والثانى قوله فى الشعراء : "بسحره " ولم يثبت ذلك فى الأعراف ، والثالث قوله فى الأعراف : "وأرسل " وفى الشعراء : "وابعث " والرابع قوله فى الأعراف عقب قوله : "يأتوك بكل ساحر عليم ".
"وجاء السحرة فرعون " وأعقب فى الشعراء قوله : "يأتوك بكل سحار عليم فجمع السحرة لميقات يوم معلوم وقيل للناس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين " وبعد ذلك قيل : "فلما جاء السحرة ".
وهنا يعنينا السؤال الثالث:فقال صاحب ملاك التأويل:
والجواب عن السؤال الثالث وهو ورود "وأرسل " فى سورة الأعراف وفى الشعراء "وابعث " فالجواب عنه مبنى على الترتيب الذى استقر عليه المصحف فنقول : "إن أرسل أخص فى باب الارسال من البعث إذ لا يقال أرسل الا فيما كان توجيها فيه معنى الانتقال حقيقة أو مجازا أما بعث فأوسع فإنه يقع بمعنى الارسال وبمعنى الاحياء ومنه البعث الأخراوى ففيه اشترك فلما كان الارسال أخص وقع الاخبار به أولا ثم وقع ثانيا بالبعث تنوعيا للعبارة وعلى الترتيب فى موضع اللفظ المطرد من القرآن ولا يمكن على ما تقرر من ذلك العكس .انتهى
-ولقد سئل في هذه المسألة فضيلة الشيخ محمد عبد الحكيم القاضي، فإجاب كالتالي:
قال الشيخ:
هذه المسألة التي سألتها من روائع البيان القرآني ، وقد استفتيت العلامة المفسر ابن عالشور عنها فغذا لم يزد على قوله: "وهما مترادفان" .. وإنما خصصت ابن عاشور لأنه من اكثر المفسرين اهتماما بمثل هذه الدقائق .
ومع ذلك فتلاوة الآية في سورتي الأعراف والشعراء قد يكشف شيئا لنا:
الفروق بين السياقين:
1- في الأعراف يظهر ان الذي وصف موسى بالسحر هم الملأ من قوم فرعون .. وفي الشعراء يظهر أنه فرعون نفسه.
2- في الأعراف زيادة كلمة (بسحره) كوسيلة لإخراجهم من الأرض بزعم فرعون.
3- الظاهر في سياق الأعراف أن قول : أرجه وأخاه ..الخ. هو رد بعض الملأ على بعض. وفي الشعراء أنه رد الملأ على فرعون.
4- التعبير ب(وأرسل) في الأعراف، وب(ولبعث) في الشعراء.
5- التعبير ب(كل ساحر) في الأعراف، وب(كل سحار) في الشعراء.
باختصار لابد من معرفة لأمر مهم... وهو أن من خصائص القصص القرآني أنه ينطبق عليه قانون (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) [هود : 1] فلكل موضع من مواضع القصة مساهمة في بيان سماتها وما فيها من أخبار ومواعظ وعبر.
وقصة موسى عليه السلام من أسعد القصص بهذه القاعدة لكثرة تكررها في القرآن الكريم .
وتطبيقا لهذا على موضعنا هذا أقول:
النقظة الأولى التي ذكرتها سابقا من نقاط الفروق تشير إلى أن خبر موسى اهتم به كل المسؤولين في دولة فرعون، ابتداء منه هو شخصيا إلى كل من له حق الشورى أو إبداء الرأي، ولذلك جاء السياق في سورتي الأعراف والشعراء يدل على أن كلمة: ((إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ)) جاءت على لسان فرعون وايضا على لسان الملأ من قومه . وأنهم اتفقوا على اتهام موسى بمحاولة إخراج المصريين من أرضهم، لكن فرعون ركز على الوسيلة التي يريد إخراجهم بها وهي السحر. وقد يكون هذا مجرد تأكيد أو يكون الملأ أطلقوا الوسيلة وفرعون قيدها.(وهي النقطة الثانية من نقاط الاختلاف السياقي).
ونأتي إلى النقطة الثالثة وهي تشير إلى أن طلب إرجاء موسى عليه السلام وأخيه وإرسال المنادين لجلب السحرة من كل مكان هو اقتراح اتفق عليه الملأ فيما بينهم( الاعراف) وأبلغوه إلى فرعون بعد أن طلب إليهم الرأي (الشعراء- والأعراف فيها إشارة إلى ذلك).
وهنا نأتي إلى كلمتي (أرسل) و(ابعث)؛ إذ نجد ان (وابعث) جاءت في الموضع الذي خلص أن الكلام موجه من الملأ لفرعون صراحة.
وقوله (وأرسل) جاءت في الموضع الذي تكلم فيه الملأ مع بعضهم البعض دون التصريح بوجود فرعون.
وهذا من بليغ اختيار الكلام، لأن أرسل وإن كانت مرادفا لـ(ابعث) إلا أنها فيها معنى العلو والارتفاع بدليل أن الله أرسل الرسل وهو بعثهم، لكن لما سماهم سماهم رسلا ، لا مبعوثين.
وفي اختيار ما يدل على العلو في الموضع الذي لم يصرح فيه بفرعون إشارة قوية إلى ان الكلام موجه إليه لأنه هو الجهة العليا عندهم لا الملأ. أما في موضع التصريح بوجوده وهو (الشعراء) فلم يحتج إلى هذه الدلالة لظهور اسم فرعون وأنه هو الذي استشارهم صراحة فيه، وهذا معنى كلام النيسابوري في غرائب القرآن (3 / 302) إذ يقول متحدثا عن السياق في سورة الأعراف: "واعلم أن مبني القصة في هذه اسورة على الاختصار وفي الشعراء على التطويل فلهذا قيل هناك (يريد أن يرخرجكم من أرضكم بسحره) ، (وإنكم إذا لمن المقربين) ، (قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون) ، (فسوف تعلمون) وفي كل ذلك زيادة. وأما قوله ههنا (وأرسل في المدائن) وهناك (وابعث) فلأن الإرسال يفيد معنى البعث )مع العلو فخص هذه السورة بذلك ليعلم أنّ المخاطب به فرعون دون غيره" .والله أعلم بكتابه.انتهى كلام الشيخ.
تعقيب بسيط أقول:بالنسبة للنقطة الخامسة قرأ حمزة والكسائى وخلف العاشرفى سورة الأعراف"سحار" بصيغة المبالغة والباقون " ساحر"اسم فاعل بينما اتفق القراء على لفظ" ساحر" بسورة الشعراء.
-وقال بعضهم :الارسال هو أن أرسل شخصا ما لتوصيل رساله وقد أخبرته بنص الرساله وكل شيء عنها بتفاصيلها
اما البعث هو أن أرسل شخصا لفعل شيء او ابلاغ شيء عام
يعنى: أنا أرسل فلانا وأقول له اذهب لفلان وقل له (تعال الىّ حالا)...مثلا
وأن ابعث فلانا الى فلان فاقول له ( اذهب واحضره الىّ) فالمرسال فى (أرسل)سيذهب الى الشخص الاخر ووجب عليه أن يبلغه ... اما فى البعث فهو يذهب بالمضمون فقط وله الحرية فى طريقة تبليغ الرساله
أقول
بعث: أصل البعث إثارة الشئ وتوجيهه يقال بعثته فانبعث وقال الله تعالى: (وإذا القبور بعثرت) أي قلب ترابها وأثير ما فيها،
فالبعث فيه شدة وحركة وقوة.
بينما أصل الرسل الانبعاث على التؤدة ويقال ناقة رسلة سهلة السير وإبل مراسيل منبعثة انبعاثا سهلا، ومنه الرسول المنبعث.
وتصور منه تارة الرفق فقيل على رسلك إذا أمرته بالرفق(الراغب).
وبالنظر الى سياق الآيات فى السورتين نجد الآيات فى سورة الأعراف فيها استرسال وطول والعكس فى سورة الشعراء آيات سريعة كلماتها محدودة وفيها قوة وشدة ويلاحظ ذلك حتى من بداية السورتين فمثلا فى أول الشعراءنجد آيات التهديد والوعيد من أول السورة{إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين }وانظر قوله{ وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين ( 10 ) قوم فرعون ألا يتقون ( 11 )} وشدة الحوار بين نبى الله موسى وفرعون وقول فرعون { إِنّ هَـَؤُلآءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ } كل ذلك ناسبه ان يأتى لفظ وابعث فى سورة الشعراء والعكس فى سورة الأعراف
فجاء كل موضع بما يلائم والعكس لايكون .
والله اعلم.
وأتمنى من شيوخنا الافاضل
المشاركة بعلمهم