(ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى) هل يدل على أفضلية التأخر لليوم الثالث عشر؟.

المسيطير

New member
إنضم
14/04/2006
المشاركات
145
مستوى التفاعل
0
النقاط
16

المشايخ الفضلاء /

في قوله تعالى : " فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى " .
أشكل عليّ قوله تعالى : ( لمن اتقى ) .
هل القيد للأخير ؟.
فيكون المتأخر اتقى لله من المتعجل ؟.
أم أن الحاج متى اتقى الله تعالى في حجه فلم يرفث ولم يفسق فقد حاز على الأجر الذي وُعد به ؟.

بداية أنقل لكم - مشايخي الأفاضل - ما ذكره الإمام الطبري في تفسير قوله تعالى : ( لمن اتقى ) ثم أنقل ما تيسر مما خطته أيدي العلماء في تفسيرها ، منتظرا توجيهاتكم وإضافاتكم .


قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى بعد ذكره لجملة من الأقوال في الآية :

( وأولى هذه الأقوال بالصحة قول من قال :

تأويل ذلك : فمن تعجل في يومين من أيام منى الثلاثة فنفر في اليوم الثاني فلا إثم عليه , لحط الله ذنوبه , إن كان قد اتقى الله في حجه فاجتنب فيه ما أمره الله باجتنابه ، وفعل فيه ما أمره الله بفعله وأطاعه بأدائه على ما كلفه من حدوده .

ومن تأخر إلى اليوم الثالث منهن فلم ينفر إلى النفر الثاني حتى نفر من غد النفر الأول , فلا إثم عليه لتكفير الله له ما سلف من آثامه وأجرامه , وإن كان اتقى الله في حجه بأدائه بحدوده .

وإنما قلنا أن ذلك أولى تأويلاته لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ومن حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق , خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " .

وأنه قال صلى الله عليه وسلم : " تابعوا بين الحج والعمرة , فإنهما ينفيان الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة "

3136 - حدثني عبد الله بن سعيد الكندي , قال : ثنا أبو خالد الأحمر , قال : ثنا عمرو بن قيس , عن عاصم , عن شقيق , عن عبد الله , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة , وليس للحجة المبرورة ثواب دون الجنة " .

* حدثنا ابن حميد , قال : ثنا الحكم بن بشير , عن عمرو بن قيس , عن عاصم , عن زر , عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .

3137 - حدثنا الفضل بن الصباح , قال : . ثنا ابن عيينة , عن عاصم بن عبيد الله , عن عبد الله بن عامر بن ربيعة , عن أبيه , عن عمر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تابعوا بين الحج والعمرة , فإن متابعة ما بينهما تنفي الفقر والذنوب كما ينفي الكير الخبث , أو خبث الحديد " .

3138 - حدثنا إبراهيم بن سعد , قال : ثنا سعيد بن عبد الحميد , قال : ثنا ابن أبي الزناد , عن موسى بن عقبة , عن صالح مولى التوأمة , عن ابن عباس , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قضيت حجك فأنت مثل ما ولدتك أمك " .

وما أشبه ذلك من الأخبار التي يطول بذكر جميعها الكتاب , مما ينبئ عنه أن من حج فقضاه بحدوده على ما أمره الله , فهو خارج من ذنوبه , كما قال جل ثناؤه : { فلا إثم عليه لمن اتقى } الله في حجه .

فكان في ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوضع عن أن معنى قوله جل وعز : { فلا إثم عليه } أنه خارج من ذنوبه , محطوطة عنه آثامه , مغفورة له أجرامه .


وأنه لا معنى لقول من تأول قوله : { فلا إثم عليه } فلا حرج عليه في نفره في اليوم الثاني , ولا حرج عليه في مقامه إلى اليوم الثالث ; لأن الحرج إنما يوضع عن العامل فيما كان عليه ترك عمله فيرخص له في عمله بوضع الحرج عنه في عمله , أو فيما كان عليه عمله , فيرخص له في تركه بوضع الحرج عنه في تركه .

فأما ما على العامل عمله فلا وجه لوضع الحرج عنه فيه إن هو عمله , وفرضه عمله , لأنه محال أن يكون المؤدي فرضا عليه حرجا بأدائه , فيجوز أن يقال : قد وضعنا عنك فيه الحرج .

وإذ كان ذلك كذلك , وكان الحاج لا يخلو عند من تأول قوله : { فلا إثم عليه } فلا حرج عليه , أو فلا جناح عليه من أن يكون فرضه النفر في اليوم الثاني من أيام التشريق , فوضع عنه الحرج في المقام , أو أن يكون فرضه المقام إلى اليوم الثالث , فوضع عنه الحرج في النفر في اليوم الثاني , فإن يكن فرضه في اليوم الثاني من أيام التشريق المقام إلى اليوم الثالث منها , فوضع عنه الحرج في نفره في اليوم الثاني منها , وذلك هو التعجيل الذي قيل : { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه } فلا معنى لقوله على تأويل من تأول ذلك : { فلا إثم عليه } فلا جناح عليه , { ومن تأخر فلا إثم عليه } لأن المتأخر إلى اليوم الثالث إنما هو متأخر عن أداء فرض عليه تارك قبول رخصة النفر , فلا وجه لأن يقال : لا حرج عليك في مقامك على أداء الواجب عليك , لما وصفنا قبل , أو يكون فرضه في اليوم الثاني النفر , فرخص له في المقام إلى اليوم الثالث ; فلا معنى أن يقال : لا حرج عليك في تعجلك النفر الذي هو فرضك وعليك فعله للذي قدمنا من العلة .

وكذلك لا معنى لقول من قال : معناه : { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه } ولا حرج عليه في نفره ذلك , إن اتقى قتل الصيد إلى انقضاء اليوم الثالث ; لأن ذلك لو كان تأويلا مسلما لقائله لكان في قوله : { ومن تأخر فلا إثم عليه } ما يبطل دعواه , لأنه لا خلاف بين الأمة في أن الصيد للحاج بعد نفره من منى في اليوم الثالث حلال , فما الذي من أجله وضع عنه الحرج في قوله : { ومن تأخر فلا إثم عليه } إذا هو تأخر إلى اليوم الثالث ثم نفر ؟ هذا مع إجماع الحجة على أن المحرم إذا رمى وذبح وحلق وطاف بالبيت فقد حل له كل شيء , وتصريح الرواية المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو ذلك , التي : 3139 - حدثنا بها هناد بن السري الحنظلي , قال : ثنا عبد الرحيم بن سليمان , عن حجاج , عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم , عن عمرة قالت : سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها متى يحل المحرم ؟ فقالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا رميتم وذبحتم وحلقتم حل لكم كل شيء إلا النساء " . قال : وذكر الزهري عن عمرة , عن عائشة , عن النبي صلى الله عليه وسلم , مثله .

وأما الذي تأول ذلك أنه بمعنى : لا إثم عليه إلى عام قابل فلا وجه لتحديد ذلك بوقت , وإسقاطه الإثم عن الحاج سنة مستقبلة , دون آثامه السالفة , لأن الله جل ثناؤه لم يحصر ذلك على نفي إثم وقت مستقبل بظاهر التنزيل , ولا على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام , بل دلالة ظاهر التنزيل تبين عن أن المتعجل في اليومين والمتأخر لا إثم على كل واحد منهما في حاله التي هو بها دون غيرها من الأحوال , والخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم يصرح بأنه بانقضاء حجه على ما أمر به خارج من ذنوبه كيوم ولدته أمه .

ففي ذلك من دلالة ظاهر التنزيل , وصريح قول الرسول صلى الله عليه وسلم دلالة واضحة على فساد قول من قال : معنى قوله : { فلا إثم عليه } فلا إثم عليه من وقت انقضاء حجه إلى عام قابل .

فإن قال لنا قائل : ما الجالب اللام في قوله : { لمن اتقى } وما معناها ؟ قيل : الجالب لها معنى قوله . { فلا إثم عليه } لأن في قوله : { فلا إثم عليه } معنى حططنا ذنوبه وكفرنا آثامه , فكان في ذلك معنى : جعلنا تكفير الذنوب لمن اتقى الله في حجه , فترك ذكر جعلنا تكفير الذنوب اكتفاء بدلالة قوله : { فلا إثم عليه } .

وقد زعم بعض نحويي البصرة أنه كأنه إذا ذكر هذه الرخصة فقد أخبر عن أمر , فقال : { لمن اتقى } أي هذا لمن اتقى .

وأنكر بعضهم ذلك من قوله , وزعم أن الصفة لا بد لها من شيء تتعلق به , لأنها لا تقوم بنفسها , ولكنها فيما زعم من صلة " قول " متروك , فكان معنى الكلام عنده " قلنا " : ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى , وقام قوله : { ومن تأخر فلا إثم عليه } مقام القول .

وزعم بعض أهل العربية أن موضع طرح الإثم في المتعجل , فجعل في المتأخر , وهو الذي أدى ولم يقصر , مثل ما جعل على المقصر , كما يقال في الكلام : إن تصدقت سرا فحسن , وإن أظهرت فحسن . وهما مختلفان , لأن المتصدق علانية إذا لم يقصد الرياء فحسن , وإن كان الإسرار أحسن وليس في وصف حالتي المتصدقين بالحسن وصف إحداهما بالإثم ; وقد أخبر الله عز وجل عن النافرين بنفي الإثم عنهما , ومحال أن ينفي عنهما إلا ما كان في تركه الإثم على ما تأوله قائلو هذه المقالة .

وفي إجماع الجميع على أنهما جميعا لو تركا النفر وأقاما بمنى لم يكونا آثمين ما يدل على فساد التأويل الذي تأوله من حكينا عنه هذا القول .

وقال أيضا : فيه وجه آخر , وهو معنى نهي الفريقين عن أن يؤثم أحد الفريقين الآخر , كأنه أراد بقوله : { فلا إثم عليه } لا يقل المتعجل للمتأخر : أنت آثم , ولا المتأخر للمتعجل أنت آثم بمعنى : فلا يؤثمن أحدهما الآخر .

وهذا أيضا تأويل لقول جميع أهل التأويل مخالف , وكفى بذلك شاهدا على خطئه .



) أ.هـ.
 
جاء في البحر المحيط والدر المصون: بين الجملتين مقابلة لفظية (مشاكلة)؛ إذ المتأخر أتى بزيادة في العبادة، فله زيادة في الأجر، ورفع الإثم إنما يقال في حقّ المقصر ولا يقال في حقّ من أتى بتمام العمل، فجاء هنا للموافقة اللفظية، فهي في مقابل قوله: (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه)(1). وقال في الكشاف: " فإنْ قلتَ: كيف قال: (فلا إثم عليه) عند التعجّل والتأخر جميعاً ؟ قلتُ: دلالة على أن التعجّل والتأخر مخيّر فيهما، كأنه قيل: فتعجلوا أو تأخروا، فإنْ قلتَ: أليس التأخر بأفضل؟ قلتُ: بلى، ويجوز أن يقع التخيير بين الفاضل والأفضل، كما خيّر المسافر بين الصوم والإفطار، وإن كان الصوم أفضل"(2).
وتخصيص (التقوى) بالذكر؛ "لأن مدار الأعمال البدنيات على النيات، أي أن نفي الإثم لمن أدار أفعاله على ما يرضي الله"(3)، ولئلا يتخالج في قلب الحاج المتقي شيء من التعجل أو التأخر، فيحسب أن أحدهما يرهق صاحبه آثام في الإقدام عليه؛ لأن ذا التقوى حذر متحرز من كل ما يريبه، ولأنه هو الحاج على الحقيقة عند الله(4) .
[line]
(1) ينظر: أبو حيان، البحر المحيط، (323:2)، والسمين الحلبي، الدر المصون، (502:1) .
(2) الزمخشري، الكشاف، (247:1)، وهذا ما ذهب إليه أيو السعود، إرشاد العقل السليم، (210:1)، والشهاب، عناية القاضي وكفاية الراضي، (500:2)، والألوسي، روح المعاني، (489:1) .
(3) باختصار: البقاعي، نظم الدرر، (383:1) .
(4) ينظر: الزمخشري، الكشاف، (247:1) .
 
سُئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى :

عن قوله تعالى : ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة:203] ما معنى : ( لمن اتقى ) ؟ .

الجواب :
أي أن هذا الحكم إنما هو لمن اتقى الله عز وجل ، بحيث أتى بالحج كاملاً قبل التعجل ، أوتأخر للتقرب إلى الله عز وجل ، لا لغرض دنيوي ، أو حيلة ، أو ما أشبه ذلك ، فيكون هذا القيد راجعاً لمسألتين :
- للتعجل .
- والتأخر .

وقيل : إن القيد للأخير فقط : ( وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى ) [البقرة:203] يعني : أن التأخر أَتْقَى لله عز وجل ؛ لأنه خير من التعجل ؛ حيث إن الرسول عليه الصلاة والسلام تأخر ، وحيث إن المتأخر يحصل له عبادتان : الرمي والمبيت .

لكن الأظهر والله أعلم أن هذا القيد للتعجل والتأخر بحيث يحمل الإنسان تقوى الله عز وجل على التعجل أو التأخر .
 
جزاك الله خيرا

وسمعت لخطيب المسجدـ ( مسجد الكويتات ) كما فهمت من بعض المرشدين ـ في منى تفسيرا يقول فيه :


لمن اتقى ترجع للمتعجل اذ يجب عليه ان يكون تعجله من أجل مصلحة دينية أودنيويه وليس مجرد الرغبة في العودة أو

الشعور بالملل وليعلم أنها رخصة أي التعجل والمولى سبحانه مطلع على السرائرفليتقي الله في تعجله
 
تعرض الإمام الشاطبي رحمنا الله وإياه في الموافقات إلى ماجاء من أدلة الشرع برفع الجناح أو الإثم عن فاعل الشيئ,وقرر أنه لا يلزم من تلك التعابير برفع الإثم والجناح الإباحةُ فحسب , بل قد يتعداها لازمُ التعبير بهما إلى الندب أو الوجوب, ومثل للندب بآيتنا هذه وذكر أن التأخر مطلوبٌ طلب ندب وأنه أفضل من التعجل لاستمرار المتأخر في عبادة فرغ منها المتعجل,ومثل أيضا لانصراف رفع الحرج من الإباحة للوجوب بآية لصفا والمروة..


ويقول الإمام الكاساني عليه رحمةالله في بدائع الصنائع:

و في ظاهر هذه الآية الشريفة إشكال من وجهين :
أحدهما : أنه ذكر قوله تعالى : { لا إثم عليه } في المتعجل و المتأخر جميعا و هذا إن كان يستقيم في حق المتعجل لأنه يترخص لا يستقيم في حق المتاخر لأنه أخذ بالعزيمة و الأفضل..!!
و الثاني : أنه قال تعالى في المتأخر : { فلا إثم عليه لمن اتقى } قيده بالتقوى و هذا التقييد بالمتعجل أليق لأنه أخذ بالرخصة و لم يذكر فيه هذا التقييد..!!


و الجواب عن الإشكال الأول: ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية فمن تعجل في يومين غفر له و من تأخر غفر له و كذا روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى { فلا إثم عليه } : رجع مغفورا له و

أما قوله تعالى : { لمن اتقى } فهو بيان أن ما سبق من وعد المغفرة للمعتجل و المتأخر بشرط التقوى.

ثم من أهل التأويل من صرف التقوى إلى الاتقاء عن قتل الصيد في الإحرام أي لمن اتقى قتل الصيد في حال الإحرام و صرف أيضا قوله تعالى : { و اتقوا الله } أي فاتقوا الله و لا تستحلوا قتل الصيد في الحرام و منهم من صرف التقوى إلى الاتقاء عن المعاضي كلها في الحج و فيما بقي من عمره و يحتمل أن يكون المراد منه التقوى عما حظر عليه الإحرام من الرفث و الفسوق و الجدال و غيرها الله تعالى أعلم

لطــيــفــــة في الوقف:
وأذكر أن فضيلة شيخ قراء المسجد النبوي الشيخ: إبراهيم الأخضر يختار الوقف على قوله تعالى (فلا إثم عليه ) , ثمَّ يستأنف بقول الله (لمن اتقى) وهذه إشارة إلى عود المعنى على المتعجل والمتأخر..
 
شكر الله لك اخي الفاضل المسيطير ..
ووالله إن كنت في حج هذا العام أتامل في هذه الآية وكنت عازماً على البحث فيها حين العودة فشكر الله لك وللإخوة الفضلاء ..
 
[align=justify]جاء في محاسن التأويل للقاسمي: ( وقوله تعالى : { لمن اتقى } خبر لمبتدأ محذوف ، أي : الذي ذكر - من التخيير ونفي الإثم عن المتعجل والمتأخر ، أو من الأحكام - لمن اتقى ، لأنه الحاج على الحقيقة والمنتفع به ، على حد : { ذلك خير للذين يريدون وجه الله } [ الروم : 38 ] ، وقوله : { هدى للمتقين } [ البقرة : 2 ] ).

وقد نقل الشنقيطي رحمه الله خلاصة ما أورده الطبري في تفسير الآية، ثم علق عليه بقوله: ( وَالْحَاصِلُ : أَنَّهُ - أَعْنِي الطَّبَرِيَّ - بَيَّنَ كَثِيرًا مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ : هُوَ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْحَاجَّ يَخْرُجُ مَغْفُورًا لَهُ ، كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ، لَا إِثْمَ عَلَيْهِ ، سَوَاءٌ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ ، أَوْ تَأَخَّرَ ، وَقَدْ يَظْهَرُ لِلنَّاظِرِ أَنَّ رَبْطَ نَفْيِ الْإِثْمِ فِي قَوْلِهِ : فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ بِالتَّعَجُّلِ وَالتَّأَخُّرِ فِي الْآيَةِ ، رَبْطَ الْجَزَاءِ بِشَرْطِهِ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ نَفْيَ الْإِثْمِ إِنَّمَا هُوَ فِي التَّعَجُّلِ وَالتَّأَخُّرِ ، وَلَكِنَّ الْأَدِلَّةَ الَّتِي أَقَامَهَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ ، عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي اخْتَارَ فِيهَا فِيهِ مَقْنَعٌ ، وَتَشْهَدُ لَهَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ ، وَخَيْرُ مَا يُفَسَّرُ بِهِ الْقُرْآنُ بَعْدَ الْقُرْآنِ سُنَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
فَقَوْلُهُ فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ هَذِهِ : فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ، هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : «رَجَعَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» ، وَقَوْلُهُ : لِمَنِ اتَّقَى ، هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : «مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ» ; لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَرْفُثْ ، وَلَمْ يَفْسُقْ ، هُوَ الَّذِي اتَّقَى .).[/align]
 
عودة
أعلى