كان السلف الصالح يودعون رمضان بالدعاء ويستقبلونه كذلك بالدعاء فروي أنهم (يدعون الله تعالى أن يتقبل منهم صيام رمضان وقيامه لستة أشهر، ويدعونه ستة أشهر أن يبلغهم رمضان القادم)..!
ومما يعلمه الجميع أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان عندما يدخل شهر شعبان يدعو ويقول (اللهم بارك لنا في شعبان وبلغنا رمضان) وعندما يوشك شعبان على الانقضاء كان صلوات الله وسلامه عليه يستقبله بالاستبشار ويبشر صحابته رضوان الله عليهم بأن الشهر قد أضلهم ويخبرهم بالاجور المترتبة على صيامه وقيامه وليلة القدر ويحثهم على التنافس فيه في العبادة والنوافل والصدقات لنيل المغفرة ، ويشنع على من فاتته المغفرة في هذا الشهر الفضيل ويشبهه كأنه كمن رغم أنفه في التراب..!
ونلاحظ أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - في أسلوبه لاستقبال الشهر الفضيل والاشارة إلى فضائله كان يركز على الجانبين الروحي والاقتصادي.. حيث أنه الغالب في الجميع هو اعداد زاد نفسه وأهل بيته فبادرهم بالاهتمام باقتصاد الفقراء.. حيث أمرهم بتفطير الصائم وأخبر أن الأجور فيه عظيمة..!
ونحن بدورنا نحث إخواننا الكرام على التركيز على الجانب الروحي في الشهر الفضيل والاطلاع على الأجور العظيمة لكل عمل فيه، وأيضاً عدم اغفال الجانب الاقتصادي ولنعد العدة مالياً لتفطير الصائم ولو كان صائماً واحداً خلال الشهر ، وكذلك أمر الصدقات وحصر الكفارات الماضية واستغلال الشهر الفضيل لأدائها فيه مثل(كفارة اليمين- اطعام عشرة مساكين) أو كفارات من لم يستطع الصيام ولا يقدر عليه..وهذه الأمور الصدقات والكفارات والنذور تعد من روافد الاقتصاد الهامة في الاسلام ولا يمكن تجاهلها طوال السنة في دعم الاقتصاد المسلم فضلاً عن رمضان..!
وبعد التهيئة النفسية (الروحية) لدخول ميدان التنافس من خلال التطلع إلى الأجور العظيمة في "شهر القرآن" وبعد الاعداد الاقتصادي من خلال العمل على وضع جزء من الموارد المالية وتخصيصها للصدقات والكفارات والنذور وتفطير الصائمين..ننتقل إلى مرحلة التطبيق وهي من خلال ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم من الصيام الكثير في شعبان..!
ونستطيع أيضاً إثناء الصيام البدء في قراءة القرآن مع تفسيره بقية شعبان ولو بشكل سريع ومكثف حتى تتعلق به الأرواح فلا يدخل رمضان إلا ونحن في شغف عارم لسماع كلام الله عز وجل في كتابه الكريم ونحن قد فهمنا معانيه بحيث تزيدنا ايمانا وتتسع مداركنا بذلك..!
قال تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ..) الآية
(ومضات رمضانية ..نفسية واقتصادية..) الومضة الثانية
(ومضات رمضانية ..نفسية واقتصادية..) الومضة الثانية
مما يجب أن يعلمه كل متطلع لاستغلال شهر رمضان أن عليه تهيئة نفسه لتستقبل "شهر القرآن" بأريحية نفسية وسرور واستعداد كبيرين دون الاكتراث لما سيواجهها من متاعب، ولا يكون ذلك إلا من خلال (تغيير القناعات، والعلم بمحفزات العمل، وعدم الغفلة عن عواقب ترك العمل أو التقصير فيه) وهذه عدة أمور تساعد على التهيئة النفسية والاقتصادية لذلك:-
* أن نعلم بأننا في عصر مليء بالفتن والمغريات والملهيات، ونحتاج إلى تقوية للأنفس حتى تقدر على مواجهة هذه الفتن بقوة وحزم، ولا يكون ذلك إلا من خلال معرفة الحلال والحرام (دون ريبة وتردد) وفعل الأعمال الصالحة ليزيد بها الايمان وأخصها الفرائض ثم النوافل..والله أعلم
قال تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة ..) الآية
وروي في الحديث الشريف (بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل..) الحديث
وروي في الحديث القدسي (..وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به - وبصره الذي يبصر به - ويده التي يبطش بها..) الحديث
* أن نعلم بأن الايمان يلزمه العمل وأن الله رقيب على أعمالنا.. وإلا كان ما نحمله هو قشور الاسلام ومسماه فإذا ما فتشنا عن اللب وجدناه متعفنا وليس للعفن سوى الرمي والابعاد .. والله يعفو عمن يشاء ويعذب من يشاء !
قال تعالى: (إلا الذين آمنوا وعلموا الصالحات..) الآية
وقال تعالى: (فنعم أجر العاملين) الآية
وقال تعالى: (وقل اعملوا - فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون -) الآية ويكفي هنا أن الله عز وجل يخاطب المؤمنين
* أن نعلم بأن الله تعالى لا يقبل إلا ما كان خالصاً لوجهه وصواباً موافقاً للكتاب والسنة ، وأن أبسط ما يؤكد الاخلاص في النفس ويزيل العجب أو الرياء عنها شيئين: معرفة الأجور المترتبة على الأعمال واحتسابها، ومعرفة العقاب اللازم عند تركها أو التقصير فيها..!
قال تعالى: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون) الجاثية 21
* أن نعلم بأن التحجج بوسوسة الشيطان ينتهي في شهر رمضان حيث تصفد الشياطين .. وتبقى أدوار الشيطان منوطة بأصحاب النفوس الخبيثة، ولذلك فهذا الشهر الكريم فرصة عظيمة لتدريب النفس على الانقياد والتسليم لأوامر الشريعة وحبها وبذل الجهد لنيل حلاوتها..!
قال تعالى: (إنا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا) الانسان 3
* عندما نهيء أنفسنا لما سننفقه في رمضان فيجب أن نعلم بأن علينا تحقيق التوازن في مصروفاتنا.. فلا ينبغي الاسراف حتى يضيع ما نملكه وما نحتاج إليه ولو كان ذلك في الصدقات ولا ينبغي التقشف على الأهل والأقارب فيما ينفعهم ويلم شملهم فإن فضل شيء فابحث عن مستحقيه.. وأن لا نتجاوز الحد في الانفاق على المظاهر العامة والمناسبات سواء أكان ذلك في رمضان أو في غيره لأن هذا ما يسمى "التبذير" وهو صفة شيطانية وكفر للنعمة..والله أعلم
قال تعالى: (إن المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) الآية
وقال تعالى: (ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) الآية
* أن نعلم بأن الله عز وجل خصص مواسم الرحمة لدعم الفقراء كما نشاهد ذلك جلياً في الفديات التي تتم في الصيام والحج والكفارات الخاصة ببعض أركان الاسلام..وموسم مثل رمضان إذا دعم فيه الفقراء حبب لهم هذا الشهر .. ولذلك فأي فدية في الصيام يفضل التعجيل بها وأدائها في نفس الشهر حتى تكون أكثر فائدة للفقراء في نفس الشهر وبالتالي تكون في موضعها دون تأجيل، وتكون لدعم الصائم فتكون أعظم أجراً بإذن الله تعالى..والله أعلم
قال تعالى: (ولا تقل لشيء إني فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله..) الآية
وقال تعالى: (وعلى الذين يطيقونه - فدية - طعام مسكين)
* عندما يعلم من يقوم بتفطير الصائمين بأن دعوة الصائم لا ترد ، لن تذهب نفسه حسرات على ما ينفق لتفطير الصائمين، فدعوات الصائمين المفطرين من طعامه ستركز على أن يخلفه الله خيراً مما أنفق ويرزقه الله تعالى..والرزق المدخر عند الله تعالى خير وأبقى..!
قال ابن عمر : «كان يقال إن لكل مؤمن دعوة مستجابة عند إفطاره ، إما أن يعجل له في دنياه ، أو يدخر له في آخرته ». فكان ابن عمر يقول عند إفطاره : «يا واسع المغفرة اغفر لي »
ذكرنا في السابق ضرورة معرفة الأجور في شهر الصيام قبل بدايته ، وهذا موضوع سابق أحببت أن يكون هو الومضة الثالثة..والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
(((الاستثمار الشهري %%%)))
نستطيع الاستثمار في التالي بتحديد المدة والربح إن شاء الله تعالى :-
1. صيام رمضان: وقال صلى الله عليه وسلم : "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري الوقت: أيام معدودات (30) يوماً فقط %%% الربح:قال صلى الله عليه وسلم : (كل عمل ابن آدم له ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. يقول الله عز وجل: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ، يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) رواه البخاري وكلمة "شهوته" لا تقتصر على الأكل والشرب بل تتعداه إلى كل ما تشتهيه النفس من محرم مثل النظر الحرام والكذب والغيبة ..والله أعلم
2. تقوى الله تعالى : قال تعالى:(يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) البقرة 183 وتقوى الله تجلب اليسر في كل أمورنا ..! قال تعالى : (..ومن يتق الله يجعل له من أمره - يسراً -) الآية الوقت: مدى الحياة الربح:قال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) الآية .. وليس هناك "رزق"أعظم من الجنة ونعيمها
3. الدعاء:قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد ، ودعوة الصائم ، ودعوة المسافر) رواه البيهقي وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3032) الوقت: أثناء الصوم..والآكد عند الافطار الربح:عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال في حديث طويل: (... يا عبادي لو أن أولكم و آخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ...) رواه مسلم
4. قيام ليلة القدر:قال صلى الله عليه وسلم :"من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"الحديث الوقت: العشر الأواخر. الربح:قال تعالى: (ليلة القدر خير من ألف شهر) الآية وقال صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث : "فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم " رواه أحمد والنسائي.
5. العمرة في رمضان:قال صى الله عليه وسلم : في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام:"عمرة في رمضان تعدل حجة " أو قال "حجة معي ". الوقت: شهر رمضان الربح: موجود في نفس الحديث !
6. تفطير الصائم:قال صلى الله عليه وسلم: (من فطّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء) رواه الامام أحمد في مسنده وصححه الألباني في صحيح الجامع (6415) الوقت: شهر رمضان أو غيره. الربح: مذكور في نفس الحديث السابق.
7. صلاة التراويح :عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه " متفق عليه الوقت: من بعد صلاة العشاء حتى "ينصرف الإمام". الربح: في نفس الحديث !
8. قراءة القرآن :قال الله تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }البقرة 185 الوقت: في كل وقت وفي رمضان آكد..
قال ابن رجب: "إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك ، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها ، فيستحب الاكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان ن وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة ، وعليه يدل عمل غيرهم ، كما سبق ذكره". الربح:عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن لله تعالى أهلين من الناس. قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال: هم أهل القران أهل الله وخاصته ) الحديث
9. حسن الخلق:قال تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم) الآية
الوقت: طوال العمر..وآكد في رمضان الربح:قال صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم) رواه الامام أحمد وصححه الألباني
10. الامر بالمعروف والنهي عن المنكر : قال صلى الله عليه وسلم:"من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الايمان" رواهمسلم الوقت: مفتوح..وآكده في مواسم الخير والمغفرة الربح: النجاة من الهلاك وإجابة الدعاء.. عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعاً "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ، ثم تدعونه فلا يستجيب لكم" رواه الامام احمد وحسنه الالباني
11. التوبة:قال تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون) الآية الوقت: باب التوبة مفتوح ما لم يغلق ببلوغ الموت أو بشروق الشمس من مغربها. الربح:قال صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) رواه ابن ماجه قال الحسن البصري: إن قوماً ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة ، يقول أحدهم: إني أحسن الظن بربي - وكذب - لو أحسن الظن لأحسن العمل.
12. استثمارات أخرى لا تقل اهمية عن السابق: مثل : الصدقة ، صلة الأرحام ، الدعوة إلى الله ، إغاثة الملهوف ، مساعدة الضعيف ، حماية المسلمين ، النصح للمسلمين ، إماطة الأذى عن الطريق ، عدم اتخاذ الطرقات مجالس ، غض البصر ، الصبر والحلم ، الأناة ، إدخال السرور في قلب المؤمن ، حسن الظن ، ترك الغيبة والنميمة ، والصيام عن كل فعل قبيح واستمرار ذلك حتى بعد رمضان.
ولا ننسى: "الاعتكاف " في العشر الأواخر و"الزكاة" في آخر رمضان..!!
(((توصية هامة)))
اوصي نفسي وإخواني المسلمين بغض البصر في شهر رمضان وفي غيره ، والبعد عن الأسواق وهجر القنوات الفضائية وبالذات قنوات الفن والعهر والسهر عديم النفع..والله أعلم
كل الحوادث مبدأها من النظر .. ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرةٍ فتكت في قلب صاحبها.. فتك السهام بلا قوس ولا وتر
والمرء ما دام ذا عينٍ يقلّبها .. في أعين الغيد موقوفٌ على خطر
يسرّ مقلته ما ضرَّ مهجته .. لا مرحباً بسرورٍ عاد بالضرر
إن أحد سابك أو شاتمك فقل: إني صائم ..كما اوصانا بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم
قال محمود الوراق :
سأُلزِمُ نفسي الصفحَ عن كلِّ مذنب .. و إن كثرتْ منه عليَّ الجرائمُ
و ما الناس إلا واحدا من ثلاثة .. شريف و مشروف و مثلي مقاومُ
فأمَّا الذي فوقي فأعرف قدره .. و اتبع فيه الحقَّ و الحقُّ لازمُ
و أمَّا الذي دوني فإن قال صنت عنْ .. إجابته عرضي و إن لامَ لائمُ
و أما الذي مثلي فإنْ زلَّ أو هفا .. تفضَّلت إنَّ الفضلَ بالحلْم حاكم
ملاحظة:
يالامكان أستخدام بعض فقرات هذا الموضوع على شكل رسائل جوال للأهل والأصحاب ولعموم المسلمين..طلباً في الأجر لأخيكم في الله..ولكم الاجور في حال انتشارها فقد روي لنا الحديث التالي:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { الدال على الخير كفاعله } الحديث
آمن بعض الكفار ببعض ما في شريعة الله المنزلة إلينا "دين الاسلام" المهيمن على الشرائع السابقة والتي حرف الكلم فيها عن مواضعه فلم يقبل منهم ذلك (نؤمن ببعض ونكفر ببعض) وحاول المنافقين أخذ ما يناسبهم من الدين وترك ما ثقل عليهم فلم يقبل منهم (كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا)، شريعة كاملة غير قابلة للتجزئة وسينجو من العذاب من يطبقها كاملة، والخزي والعذاب الأليم لمن يتخلى عن جزئية منها أو يسعى في تحوير معانيها (أصلاتك تنهانا أن نفعل في أموالنا ما نشاء) لأن التخلي عن أي جزئية من الشريعة الربانية يعني بالضرورة السماح لقانون دخيل بأن يحل مكانها..والله أعلم
وإن الله تعالى لا يقبل طريقة الباشق وأعد فاعلها منافق وتوعد المنافق بالدرك الأسفل من النار والخلود فيها لأنه تعامل مع ما أنزله الله تعالى بطريقة انتقائية توافق هواه أو هوى غيره، وإن "الحماس" في الأخذ من قوانين البشر وخلطها مع شريعة رب الناس أمر جد خطير وهو محبط للعمل الماضي (لئن أشركت ليحبطن عملك)، فليس الاسلام ما تعارف عليه أربابه بتسميته "الاسلام السياسي" لأنهم لا يستطيعون أن يسموه "الاسلام" مجرداً فالاسلام لا يقر بحكم الشعب وإنما الحكم للشريعة "كتاب وسنة"، فالدين الذي أنزله الله لا يعتريه النقص مهما تبدلت الظروف (زماناً او مكاناً أو حالا) بحيث لا يحتاج أتباعه لتصويت شعبي فالمشرع هو الله وحكمه نافذ على الجميع بلا حرج وضيق، وما يعانيه العالم اليوم من أزمات مالية هو من تأثير الابتعاد عن شريعة الرحمن وأوامره ونواهيه المالية ولن يصلح الأمر إذا كان هناك اصرار على الخلط بين الأنظمة الغربية والشريعة الاسلامية أو محاولة التوفيق بينهما، وكان الأجدر بالمسلمين استغلال هذه الفرصة والعودة لروح الاسلام والايمان.. والله أعلم
قال تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أؤلئك لهم الأمن وهم مهتدون) الآية
وشهر رمضان يتميز عن غيره بسرعة الجود فيه وكثرة الصدقات وإطعام المساكين .. ودعم الفقراء مادياً يحميهم من استغلال الأعداء لهم ويقطع أمل الكافرين في الاستفادة منهم.. وفوق ذلك فهو يجعل دائرة الدين والشرع تتسع مع مرور الزمن فينتشر الاسلام حباً له وانبهاراً به، ولكن ألا تشعر عزيزي القاريء بأن غيرك يضحي بما هو أكبر من أجل الدين للذود عنه وحمايته من الكافرين، هل تريد أن تساهم (في سبيل الله) وأنت مكانك ؟؟!! إذن فأعد المال والنفس لذلك فهناك مجال قد فتحه لك المنافقين في هذا الزمان وهو (إعلاء كلمة الله في أرضه) ليس بالقتال بل بالحكمة والموعضة الحسنة وفوق ذلك تحتاج إلى المال للوصول إلى إعلاء شريعة الله ..والله أعلم
قال تعالى (وادع إلى سبيل ربك - بالحكمة - والموعظة الحسنة) الآية
أصل الحكمة وضع الشيء في موضعه، وقد تكفل الله بتعليمنا الحكمة فجعل لنا شريعة تضع كل شيء في موضعه الصحيح وإن تطبيق اوامر الله ونواهيه في كتابه وسنة نبيه دون تشكك وتردد (ذلك الكتاب لا ريب فيه) كفيل بانتشار الاسلام بشكل سريع وبسلطان الحكمة والموعضة الحسنة حيث يتم وضع الأموال في الدعوة إلى شريعته الغراء أو الدفاع عنها وهو موضع مناسب من لدن حكيم خبير ، فالتحليل والتحريم من أساسات الشريعة وعلى المسلمين تعلمهما ومحاولة فهمها كما فهمها الصحابة رضوان الله عليهم حتى ينافحوا بعلمٍ عن كل جزئية من الشريعة يتزين بها ديننا الاسلام ويحاول نقضها العابثون، ويدافعوا عن كل ما يناقض أي جزئية من الشريعة، والعلماء أول المكلفين بذلك..والله أعلم
قال تعالى: (لولا ينهاهم الربانيون عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون) الآية
إن أي دين يحتاج إلى رجال ينافحون عنه (بأموالهم وأنفسهم) ونحن نرى المنافقين اليوم وما يقومون به من محاولات لنقض عرى الدين وتهوين أمر الحلال والحرام (والذين هما ظل الشريعة) وانتقائهم من أوامر ونواهي الدين أو الانتقاص منها ومن أهلها، فمثلا الغناء حرام وتجد المنافق لا يقول يعترف بصحة ذلك بل يسوغ للغناء من الأدلة ما يجعله في النهاية يحلل ما حرمه الله تعالى وهذه هي (الفتنة) التي نشاهدها في أيامنا هذه بسبب تعدد وسائل الاعلام ومصادر التلقي التي تتغير معها القناعات بشكل سريع ، حتى إن الرجل يمسي وهو مؤمن بما تنهى عنه الشريعة ويصبح وهو كافر به ونسي أن ذنب الاثم أهون من تحليله اعتقاداً..والله أعلم
قال تعالى: ( .. ليكون الدين كله لله ) الآية - والدين هو الشريعة وهو النظام الرباني الخالص
إن من أعظم الصدقات والنفقات عند الله هو ما كان في سبيل الله وفي السعي إلى تطبيق اوامر الشرع ونواهيه ومحاربة الداعين إلى الرذيلة وكل مادة تعين لإعلاء أمر لله قد اندرس فهي في (سبيل الله).. ولذلك فلو كانت نظرة المسلمين اليوم أشمل من حيث النفقة في سبيل الله تعالى لفتح الله علينا بركات من السماء والأرض..والله أعلم
قال تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ...) الآية
وكأمثلة غير حصرية على ذلك:-
* من يسعى بماله لتطبيق (الحجاب الشرعي) بين الناس فهو (في سبيل الله) لأنه يهدف إلى تطبيق جزئية من الشريعة
* من يدفع شيئاً من ماله لإسقاط المنافقين فكرياً من على الساحة فهو (في سبيل الله)..
* من يدفع أمواله في نشر كتاب يدعو إلى تطبيق أمر الله أو الابتعاد عن ما نهانا الله عنه فهو (في سبيل الله) لأنه يدعو إلى نشر جزئية ضعيفة التطبيق من شريعة الله ..
* من يدفع أمواله أو يساهم في حث الناس على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة أو بناء مسجد فهو (في سبيل الله) ...
* من يدفع أمواله لنشر مطويات أو أشرطة أو ورقات فيها مواعظ وآيات وأحاديث يبتغي بذلك إعلاء تعاليم الشريعة الحنيفية ونشرها بين الناس فهو (في سبيل الله)
* من أعان مظلوماً بماله على استرداد حقه بالشرع والقضاء فهو (في سبيل الله)..لأن تنزيل الشرع والأحكام على حقوق الناس هو تفعيل لدور الشريعة ..
* من كان يدفع ماله لرد البدع أو المخالفات عن المسلمين فهو (في سبيل الله) وفي سبيل تحقيق شريعته التي يرضاها لنا..إلى آخر ذلك
* من ينفق في الليل والنهار بالسر والعلن في مشاريع توعي الناس بخطورة الربا ومحاربة أهله فهو في (سبيل الله) لأنه يدعو لتطبيق أمره..
ولأن الأجور مضاعفة في هذا الشهر الكريم ، فإنني أدعوكم لمجاهدة أنفسكم ولو بأموالكم كالتصدق وتوزيع المطويات النافعة ، أو لصلة الرحم أو لجمع شمل القبيلة والاصلاح بين المتنازعين فيها ولو بأموالكم .. فهذا كله (في سبيل الله) .. وكل ما من شأنه إعادة الأمور الشرعية إلى نصابها فهو في سبيل الله..والله أعلم
وفي الطريق (جهاد بالنفس):-
في هذا الطريق المشرف ستجد من يزعزع ثقتك بمولاك من المنافقين ، أو حتى من يؤذيك ، وقد تصل بهم الأمور إلى قتلك أو ابعادك ولكن لا تبالي ووجه أعمالك لتطبيق الشريعة (الحجاب، المعاملات المالية، الغناء، المخدرات والخمر،...الخ) وأنت تعلم بأنك (في سبيل الله) حتى يهون ما تلاقيه واعلم بأن الله يدافع عن الذين آمنوا بشرعه ويطبقونه ويدعون إليه وما قوله تعالى في القرآن (الذين آمنوا) إلا بمعنى الذين آمنوا بشريعته كاملة غير منقوصة ..والله من وراء القصد
قال تعالى: (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا) الآية