المعتزبالله محمد
New member
[FONT="]في قوله تعالى: {[/FONT][FONT="]وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب (20) وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب (21) إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط (22) إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب (23) قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب (24) فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب (25) ياداوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب (26)[/FONT][FONT="]}
يقول الباحث محمد الأمين بارك الله فيه: ((في سياق ذكر الله عز وجل لنعمه على عبده داود وثناءه على عبادته وتسبيح الجبال والطير معه، وحسن تدبيره للحكم، يذكر مثالا على التوازن بين العبادة وبين إدارة الحكم، فيذكر أن داود قد خلى لتعبد في مكان عبادة له سور، وتخاصم رجلان حول خرافهما، ولم يجدا داود، فتسلقا السور ودخلا عليه، فتفاجئ بهما، فأخبراه قصتهما وأنهما يطلبان الحكم الشرعي بالمسألة {واهدنا إلى سواء الصراط}. فحكم بينهما بالعدل، ثم ظن أنه مقصر بالاعتزال عن الناس الذين يحتاجونه للحكم وتعلم الشرع، فاستغفر ربه، فغفر له ربه وأثنى على عدله وحسن إدارته لرعيته.
الذين فسروا هذه الآية بدون الإسرائيليات قد اختلفوا في السبب الذي دعا داود للاستغفار:
1- يذهب الرازي وابن حبان وتبعه الطنطاوي أن السبب هو ظن داود عليه السلام أن هذين الخصمين أتيا لاغتياله. والجواب أن هذا الظن ليس ذنباً ليستغفر منه، فمن حقه أن يخاف عندما يتفاجئ باثنين في محرابه المغلق.
2- يذهب قوم منهم سيد قطب إلى أن السبب هو تعجل داود هو حكمه على واحد دون أن يسمع من الآخر. وقد رد ابن حبان على من يقول ذلك بقوله: «{قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} ليس هذا ابتداء من داود، عليه السلام، إثر فراغ لفظ المدعي، ولا فتيا بظاهر كلامه قبل ظهور ما يجب، فقيل ذلك على تقدير، أي لئن كان ما تقول، لقد ظلمك. وقيل: ثم محذوف، أي فأقر المدعى عليه فقال: لقد ظلمك، ولكنه لم يحك في القرآن اعتراف المدعى عليه، لأنه معلوم من الشرائع كلها، إذ لا يحكم الحاكم إلا بعد إجابة المدعى عليه».
3- ويذهب قوم إلى أن السبب هو إدراك داود عليه السلام أنه انشغل بالعبادة عن الحكم. فقد اعتزل في محراب له سور ومنع الناس من دخوله. وقد جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم أن داود أعبد البشر. فجاءت الخصوم، ولم يجدوا له طريقًا، فتَسَوَّرُوا إليه، وليسوا بملائكة، إنما هم قومٌ تخاصموا في النِّعاج على ظاهر الآية، فحكم بينهم بالعدل. ثم ظن أن هذا كان تنبيهاً من الله عز وجل، فاستغفر ربه من انشغاله عن القضاء بين الناس.
والصواب هو القول الأخير لأنه موافقٌ لظاهر القرآن، فقد قال الله عز وجل قبل القصة مباشرة {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}، فقد أثنى على عدله وحسن حكمه لمُلكه، ثم ذكر الله القصة، ثم ختمها بقوله: {يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ، فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ. وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ...} فالله تبارك وتعالى يحذره من أن يُقصّر في الحكم بين الناس بالعدل. ))
انتهى كلام الأخ العزيز محمد الأمين
وهذا الذي رجحه ضعيف من وجوه:
الأول: أن سرد الشكاية وسرد الحكم الذي حكم به داوود عليه السلام يدل على أن الحكمة من هذا السياق أبعد من مجرد التنبيه على خطورة الاعتكاف عن الناس، فكان يمكن الاكتفاء بذكر التسور وفقط.
الثاني: أن اعتزال الناس في المحراب لا يليق بعوام الناس بكيف يليق بالأنبياء فهذا بعيد أن يحدث من نبي إلا إذا كان باذن الله ووحيه.
والذي يظهر أنه عليه السلام نسي فتسرع في الحكم، فأناب عندما تذكر، وسياق الآيات يدلك على ذلك، ويؤيد ذلك ما يأتي:
أولا: لفظة: {تسوروا}، ولفظة: {نعجة}، ولفظة: {فصل الخطاب}، فعند التأمل نجد أن الشاكي قال: {له تسعة وتسعين نعجة}، ويستحيل أن يوجد شخص عنده تسعة وتسعين نعجة بدون ذكور ووِلْد، ولكن الشاكي أراد أن يختصر قوله ويفصل الخطاب بلفظة تدل على مراده بسرعة، ويؤثر في نبي الله داوود، فالذي عنده قطيع ليس فيه إلا نعجة واحدة فمن الغبن أن يبيع هذه النعجة فينقطع نسل القطيع كله، وأما لفظة تسوروا جاءت اعتذارا لنبي الله داوود عليه السلام فهو معذور فقد تفاجأ بهؤلاء وربما أصابه الذعر ولم يكن مستعدا لهم، خاصة وأنه كان مشغولا بالمناجاة، وذهنه غير صاف.
ثانيا: أنه سبحانه جمع بين قول داوود وإنابته في آية واحدة ولم يفصل بينهما فدل ذلك أن أن قوله كان سببا في إنابته، فقد بدأت الآية رقم 24 بقوله تعالى: {قال}، وختمت بقوله تعالى: {وأناب}.
هذا والله أعلى، وأعلم، وأحكم،،،
[/FONT]
يقول الباحث محمد الأمين بارك الله فيه: ((في سياق ذكر الله عز وجل لنعمه على عبده داود وثناءه على عبادته وتسبيح الجبال والطير معه، وحسن تدبيره للحكم، يذكر مثالا على التوازن بين العبادة وبين إدارة الحكم، فيذكر أن داود قد خلى لتعبد في مكان عبادة له سور، وتخاصم رجلان حول خرافهما، ولم يجدا داود، فتسلقا السور ودخلا عليه، فتفاجئ بهما، فأخبراه قصتهما وأنهما يطلبان الحكم الشرعي بالمسألة {واهدنا إلى سواء الصراط}. فحكم بينهما بالعدل، ثم ظن أنه مقصر بالاعتزال عن الناس الذين يحتاجونه للحكم وتعلم الشرع، فاستغفر ربه، فغفر له ربه وأثنى على عدله وحسن إدارته لرعيته.
الذين فسروا هذه الآية بدون الإسرائيليات قد اختلفوا في السبب الذي دعا داود للاستغفار:
1- يذهب الرازي وابن حبان وتبعه الطنطاوي أن السبب هو ظن داود عليه السلام أن هذين الخصمين أتيا لاغتياله. والجواب أن هذا الظن ليس ذنباً ليستغفر منه، فمن حقه أن يخاف عندما يتفاجئ باثنين في محرابه المغلق.
2- يذهب قوم منهم سيد قطب إلى أن السبب هو تعجل داود هو حكمه على واحد دون أن يسمع من الآخر. وقد رد ابن حبان على من يقول ذلك بقوله: «{قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} ليس هذا ابتداء من داود، عليه السلام، إثر فراغ لفظ المدعي، ولا فتيا بظاهر كلامه قبل ظهور ما يجب، فقيل ذلك على تقدير، أي لئن كان ما تقول، لقد ظلمك. وقيل: ثم محذوف، أي فأقر المدعى عليه فقال: لقد ظلمك، ولكنه لم يحك في القرآن اعتراف المدعى عليه، لأنه معلوم من الشرائع كلها، إذ لا يحكم الحاكم إلا بعد إجابة المدعى عليه».
3- ويذهب قوم إلى أن السبب هو إدراك داود عليه السلام أنه انشغل بالعبادة عن الحكم. فقد اعتزل في محراب له سور ومنع الناس من دخوله. وقد جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم أن داود أعبد البشر. فجاءت الخصوم، ولم يجدوا له طريقًا، فتَسَوَّرُوا إليه، وليسوا بملائكة، إنما هم قومٌ تخاصموا في النِّعاج على ظاهر الآية، فحكم بينهم بالعدل. ثم ظن أن هذا كان تنبيهاً من الله عز وجل، فاستغفر ربه من انشغاله عن القضاء بين الناس.
والصواب هو القول الأخير لأنه موافقٌ لظاهر القرآن، فقد قال الله عز وجل قبل القصة مباشرة {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}، فقد أثنى على عدله وحسن حكمه لمُلكه، ثم ذكر الله القصة، ثم ختمها بقوله: {يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ، فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ. وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ...} فالله تبارك وتعالى يحذره من أن يُقصّر في الحكم بين الناس بالعدل. ))
انتهى كلام الأخ العزيز محمد الأمين
وهذا الذي رجحه ضعيف من وجوه:
الأول: أن سرد الشكاية وسرد الحكم الذي حكم به داوود عليه السلام يدل على أن الحكمة من هذا السياق أبعد من مجرد التنبيه على خطورة الاعتكاف عن الناس، فكان يمكن الاكتفاء بذكر التسور وفقط.
الثاني: أن اعتزال الناس في المحراب لا يليق بعوام الناس بكيف يليق بالأنبياء فهذا بعيد أن يحدث من نبي إلا إذا كان باذن الله ووحيه.
والذي يظهر أنه عليه السلام نسي فتسرع في الحكم، فأناب عندما تذكر، وسياق الآيات يدلك على ذلك، ويؤيد ذلك ما يأتي:
أولا: لفظة: {تسوروا}، ولفظة: {نعجة}، ولفظة: {فصل الخطاب}، فعند التأمل نجد أن الشاكي قال: {له تسعة وتسعين نعجة}، ويستحيل أن يوجد شخص عنده تسعة وتسعين نعجة بدون ذكور ووِلْد، ولكن الشاكي أراد أن يختصر قوله ويفصل الخطاب بلفظة تدل على مراده بسرعة، ويؤثر في نبي الله داوود، فالذي عنده قطيع ليس فيه إلا نعجة واحدة فمن الغبن أن يبيع هذه النعجة فينقطع نسل القطيع كله، وأما لفظة تسوروا جاءت اعتذارا لنبي الله داوود عليه السلام فهو معذور فقد تفاجأ بهؤلاء وربما أصابه الذعر ولم يكن مستعدا لهم، خاصة وأنه كان مشغولا بالمناجاة، وذهنه غير صاف.
ثانيا: أنه سبحانه جمع بين قول داوود وإنابته في آية واحدة ولم يفصل بينهما فدل ذلك أن أن قوله كان سببا في إنابته، فقد بدأت الآية رقم 24 بقوله تعالى: {قال}، وختمت بقوله تعالى: {وأناب}.
هذا والله أعلى، وأعلم، وأحكم،،،
[/FONT]