ولي نعجة واحدة

إنضم
05/07/2014
المشاركات
305
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
56
الإقامة
مصر
[FONT=&quot]في قوله تعالى: {[/FONT][FONT=&quot]وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب (20) وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب (21) إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط (22) إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب (23) قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب (24) فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب (25) ياداوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب (26)[/FONT][FONT=&quot]}



يقول الباحث محمد الأمين بارك الله فيه: ((في سياق ذكر الله عز وجل لنعمه على عبده داود وثناءه على عبادته وتسبيح الجبال والطير معه، وحسن تدبيره للحكم، يذكر مثالا على التوازن بين العبادة وبين إدارة الحكم، فيذكر أن داود قد خلى لتعبد في مكان عبادة له سور، وتخاصم رجلان حول خرافهما، ولم يجدا داود، فتسلقا السور ودخلا عليه، فتفاجئ بهما، فأخبراه قصتهما وأنهما يطلبان الحكم الشرعي بالمسألة {واهدنا إلى سواء الصراط}. فحكم بينهما بالعدل، ثم ظن أنه مقصر بالاعتزال عن الناس الذين يحتاجونه للحكم وتعلم الشرع، فاستغفر ربه، فغفر له ربه وأثنى على عدله وحسن إدارته لرعيته.






الذين فسروا هذه الآية بدون الإسرائيليات قد اختلفوا في السبب الذي دعا داود للاستغفار:



1- يذهب الرازي وابن حبان وتبعه الطنطاوي أن السبب هو ظن داود عليه السلام أن هذين الخصمين أتيا لاغتياله. والجواب أن هذا الظن ليس ذنباً ليستغفر منه، فمن حقه أن يخاف عندما يتفاجئ باثنين في محرابه المغلق.



2- يذهب قوم منهم سيد قطب إلى أن السبب هو تعجل داود هو حكمه على واحد دون أن يسمع من الآخر. وقد رد ابن حبان على من يقول ذلك بقوله: «{قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} ليس هذا ابتداء من داود، عليه السلام، إثر فراغ لفظ المدعي، ولا فتيا بظاهر كلامه قبل ظهور ما يجب، فقيل ذلك على تقدير، أي لئن كان ما تقول، لقد ظلمك. وقيل: ثم محذوف، أي فأقر المدعى عليه فقال: لقد ظلمك، ولكنه لم يحك في القرآن اعتراف المدعى عليه، لأنه معلوم من الشرائع كلها، إذ لا يحكم الحاكم إلا بعد إجابة المدعى عليه».



3- ويذهب قوم إلى أن السبب هو إدراك داود عليه السلام أنه انشغل بالعبادة عن الحكم. فقد اعتزل في محراب له سور ومنع الناس من دخوله. وقد جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم أن داود أعبد البشر. فجاءت الخصوم، ولم يجدوا له طريقًا، فتَسَوَّرُوا إليه، وليسوا بملائكة، إنما هم قومٌ تخاصموا في النِّعاج على ظاهر الآية، فحكم بينهم بالعدل. ثم ظن أن هذا كان تنبيهاً من الله عز وجل، فاستغفر ربه من انشغاله عن القضاء بين الناس.



والصواب هو القول الأخير لأنه موافقٌ لظاهر القرآن، فقد قال الله عز وجل قبل القصة مباشرة {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}، فقد أثنى على عدله وحسن حكمه لمُلكه، ثم ذكر الله القصة، ثم ختمها بقوله: {يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ، فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ. وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ...} فالله تبارك وتعالى يحذره من أن يُقصّر في الحكم بين الناس بالعدل. ))



انتهى كلام الأخ العزيز محمد الأمين



وهذا الذي رجحه ضعيف من وجوه:



الأول: أن سرد الشكاية وسرد الحكم الذي حكم به داوود عليه السلام يدل على أن الحكمة من هذا السياق أبعد من مجرد التنبيه على خطورة الاعتكاف عن الناس، فكان يمكن الاكتفاء بذكر التسور وفقط.

الثاني: أن اعتزال الناس في المحراب لا يليق بعوام الناس بكيف يليق بالأنبياء فهذا بعيد أن يحدث من نبي إلا إذا كان باذن الله ووحيه.

والذي يظهر أنه عليه السلام نسي فتسرع في الحكم، فأناب عندما تذكر، وسياق الآيات يدلك على ذلك، ويؤيد ذلك ما يأتي:

أولا: لفظة: {تسوروا}، ولفظة: {نعجة}، ولفظة: {فصل الخطاب}، فعند التأمل نجد أن الشاكي قال: {له تسعة وتسعين نعجة}، ويستحيل أن يوجد شخص عنده تسعة وتسعين نعجة بدون ذكور ووِلْد، ولكن الشاكي أراد أن يختصر قوله ويفصل الخطاب بلفظة تدل على مراده بسرعة، ويؤثر في نبي الله داوود، فالذي عنده قطيع ليس فيه إلا نعجة واحدة فمن الغبن أن يبيع هذه النعجة فينقطع نسل القطيع كله، وأما لفظة تسوروا جاءت اعتذارا لنبي الله داوود عليه السلام فهو معذور فقد تفاجأ بهؤلاء وربما أصابه الذعر ولم يكن مستعدا لهم، خاصة وأنه كان مشغولا بالمناجاة، وذهنه غير صاف.

ثانيا: أنه سبحانه جمع بين قول داوود وإنابته في آية واحدة ولم يفصل بينهما فدل ذلك أن أن قوله كان سببا في إنابته، فقد بدأت الآية رقم 24 بقوله تعالى: {قال}، وختمت بقوله تعالى: {وأناب}.

هذا والله أعلى، وأعلم، وأحكم،،،

[/FONT]
 
أعجبني كلام السيوطي في الإكليل
قال الشيخ تقي الدين البكي في كتابه "القول المحمود في تنزيه داود" ومن خطه نقلت:
تكلم الناس في قصة داود وأكثروا وذلك مشهور جداً وذكروا أموراً منها ما هو منكر عند العلماء ومنها ما ارتضاه بعضهم وهو عندي منكر، وتأملت القرآن فظهر لي وجه خلاف ذلك كله فإني نظرت قوله تعالى: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} فوجدته يقتضي أن المغفور في الآية يعني للإشارة بذلك، فطلبته فوجدته أحد ثلاثة امور:
إما ظنه،
وإما اشتغاله بالحكم عن العبادة،
وإما اشتغاله بالعبادة عن الحكم، كما أشعر به قوله: {فِي الْمِحْرَابِ}
‎وذلك أنه صح عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - أن داود أعبد البشر فكأن داود انقطع ذلك اليوم في المحراب للعبادة الخاصة بينه وبين الله فجاءت الخصوم لم يجدوا إليه طريقاً فتسوروا إليه وليسوا ملائكة ولا ضرب بهم مثل وإنما هم تخاصموا في نعاج - على ظاهر الآية - فلما وصولوا إليه حكم بينهم،
ثم من شدة خوفه وكثرة عبادته خاف أن يكون الله امتحنه بذلك:
إما لاشتغاله عن الحكم بالعبادة ذلك اليوم،
وإما لاشتغاله عن العبادة بالحكم تلك اللحظة؛ فظن أن الله فتنه أي امتحنه واختبره هل يترك الحكم للعبادة أو العبادة للحكم،
فاستغفر ربه.
فاستغفاره لأحد هذين الأمرين
واحتمل ثالثاً وهو ظنه: وإن يكن الله لم يرد فتنته وإنما أراد إظهار كرامته، وأنظر قوله: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ}
‎كيف يقتضي رفعه قدره وقوله {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً}
‎يقتضي ذلك ويقتضي ترجيح الحكم على العبادة وعلى أي وجه من الأوجه الثلاثة جملته حصل تنزيه داود عليه السلام مما يقوله القُصاص، انتهى.
 
يرفض الحافظ ابن كثير الروايات التي قيلت في الآية جملة يقول " قد ذكر المفسرون هاهنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب إتباعه ، ولكن روى ابن أبي حاتم هنا حديثا لا يصح سنده ; لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس ويزيد - وإن كان من الصالحين - لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة . فالأولى أن يقتصر على مجرد تلاوة هذه القصة وأن يرد علمها إلى الله - عز وجل - فإن القرآن حق وما تضمن فهو حق أيضا .ا.ه تفسير ابن كثير
واذ كان هذا كلام صاحب أشهر تفسير بالمأثور فان تناول هذا الموقف من حياة سيدنا داود ينبغي أن يكون بعيدا عن هذه الروايات التي لم يصح منها شيء ولم يرد عن المعصوم صلى الله عليه وسلم منها شيء .
ومن ثم فإننا نقف عند هذه الآيات عدة وقفات في ضوء التعبير القرآني وفي ضوء سياقها من السورة الكريمة
الوقفة الأولى :- ينبغي أن نلاحظ أن هذه القصة وردت في سياق مدح القرآن لسيّدنا داوود عله الصّلاة والسّلام وتعدادا لمناقبه فتبدأ القصة بذكر فضائل هذا النبي الكريم فتصفه " عبدنا " : وهذا اللفظ لا يستعمل إلا في مقام التكريم و" ذا الأيد " .... أي القوة في الحق و " انّه أواب "...أي كثير الرجوع إلى الله كما ذكرت الآيات من مناقبه أيضا أن الجبال مسّخرة له والطير محشورة له مجتمعة بين يديه يسبحن بالعشيي والإشراق وفوق هذا وهذا فقد اوتي ملكا عظيما وصفه القران { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ } ومعنى شددنا ملكه أي كان ملكا خالصا ليس فيه منازعة ولا متمردين عليه وفصل الخطاب أي القضاء في الخصومات أحكام حاسمة صائبة وهذه الصفة تنفي حكاية خطأه في القضاء بان حكم لأحد الخصمين دون سماع حجة الأخر
ثم تنتهي الآيات بذكر مقامه عند الله في الآخرة... "وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ "
الوقفة الثانية:- ليس في ألفاظ الاية لا في دلالة العبارة ولا دلالة المفهوم ما يدل على أن القصة رمزية رتبها الله تعالى بارسال ملكين في صورة خصمين لعتاب داوود عليه السّلام على فعل يخالف الشريعة أو معصية ارتكبها أما استنباط الخطأ من عبارة" فاستغفر ربه " " ولا تتبع الهوى" فليس فيه دلالة على انحراف ما أو ارتكابه معصية فاستغفار النبي لا يعني سبق وقوعه في الذنب " ا إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وقوله تعالى" إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3) " ونهي النبي عن إتباع ألهوي لا يعني سبق إتباع الهوى منه وانما يعني تقرير ذلك في شريعته يقول تعالي ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) الجاثية . وآيات كثيرة من هذا القبيل
الوقفة الثالثة:- محاولة لفهم الآية حسب موضعها من السياق.
نحاول أن نقف عند ألفاظ الآية ودلالة موضعها من سياق السورة بعيدا عن أي روايات طالما أسقطناها من حسابنا .
تبدا القصة بهذا اللفظ "إذ تسوّروا المحراب": والتسور يعني تسلق السور المحيط بالمحراب وهذا يعني عدم دخولهم من الباب مما يعني معه عدم إمكانية أن يدخلوا من الباب. مما اضطرهم أن يتسوروا وهذا راجع إما الى أنهم في عجلة من أمرهم لم يصبروا حتى يجلس داوود في المجلس العام الذي يدخل عليه فيه الناس او انه لم تكن هناك إمكانية أساسا لدخولهم عليه إلا بهذه الطريقة .
ففزع منهم وهذا طبيعي لأنه لم يكن مستعدا لدخول احد عليه فهو في المحراب أي للصلاة والتسبيح وقد سارع القوم في إذهاب الفزع عنه حتى يستطيع الإنصات إليهم فقالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض
فواضح أنهم جماعة وليسوا شخصين إذ الأفعال كلها جاءت بصيغة الجمع "تسوروا" " اذ دخلوا " "ففزع منهم " "قالوا لاتخف " "بغي بعضنا على بعض " ويمكن ان نفهم ان النزاع بين شخصين لكن كان لكل شخص منهما أنصاره جاءوا معه لمناصرته وهذا واضح من عرض الشكاية ثم عرض احد الخصمين شكايته " إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ " وواضح من موضوع القضية أن الشكوى لم تكن من رغبة الغني ذي التسع وتسعين نعجة في الاستيلاء على نعجة الفقير ذي النعجة الواحدة كما فهم البعض فقوله "اكفلنيها " لا تعني الاستيلاء عليها فالكفالة لا تعني الاستيلاء بل تعني الرعاية وقد وردت في القران بهذا المعنى " وكفلها زكريا " وبهذا يمكن ان نتصور موضوع القضية أن الفقير يقول أن أخي هذا عنده تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فطلب مني ان أضم نعجتي الى نعاجه ليقوم على رعايتها مع نعاجه فهذا أوفر في الغذاء والصحة والرعاية وواضح ان الفقير ذا النعجة الواحدة قد وافق على ذلك فلما ضمها الى نعاجه حدث الاختلاف بعد ذلك بسبب الشراكة الغير متكافئة وتداخل الحقوق واختلاطها فشريك له نعجة واحدة وشريك له تسع وتسعون نعجة فكيف يقتسمان هذه الشراكة مما سبب التنازع وقد انضم الى كل طرف جماعة من الناس جاءوا معه ليناصروه فسبب انقساما في هذا المجتمع بسبب هذه الشراكة الباطلة ولنتأمل رد داوود فلم يحكم على الطرف الثاني ولم يوجه خطابا اليه بل ظل موجها حديثه الى الطرف الأول الذي بدأ عرض قضيته وقال له لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه ولم يقل للطرف الاخر لقد ظلمت أخيك بسؤالك نعجته الى نعاجك بما يعني ان الحديث من داوود عليه السلام قد ظل متوجها للطرف المتحدث فالظلم كان هو الشراكة الغير متكافئة الذي تختلط فيه الحقوق ويصعب اقتسامها مما تدعو الى التنازع والشقاق بين افراد المجتمع حتى لو بدأ الموضوع بحسن نية من باب الاخوة " ان هذا اخي " وقد علل داوود عليه السلام هذا القرارفي حثييات حكمه بان كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إذ الأمر يحتاج الى دقة شديدة في معرفة حقوق كل شريك وهذا لا يدركه إلا القليل من الناس وهنا تنبّه داوود أن الرعية يحدث بينها مظالم تحتاج الى رعاية دائمة ينبغي الا ينشغل عنهم بالعبادة فلا يجد المظلوم من يدافع عنه .. ويحتاج الى رعاية أكثر ممن ولاهم الله عليه حتى لا تختلط الحقوق وتكثر الخصومات فكل راعي مسئول عن رعيته وان الملك والحكم الذي اوتيه هو من باب الفتنة والبلاء وعليه ان يستعين بالله في رعايته والقيام عليه وهو درس للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في اهمية المسئولية الملقاه على عاتقه والانتباه الى أهمية رعاية قومه والصبر عليهم حتى لا يضلوا أو يزلوا فهو مسئول عنهم كما كان داود مسئولا عن قومه . ولنتذكر ان الحديث متوجا في البداية لسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم " اصبر على ما يقولون " "وهل اتاك "
فظن داوود أنمّا فتناه بما وهبنا له من الملك عليه أن يقوم برعايته
فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب فغفرنا له ذلك ثم توجه إليه بالنصيحة له ولمن كان في مثل موقفه فقال تعالى "يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26) سورة ص .
والله اعلم​
 
الأخ العزيز/ أبو العزايم
موفق بإذن الله، مدارسة القرآن بدون جدال أو مراء محمود، فأسأل الله أن يمتعني وإياك بالقرآن العظيم،


[قال] الحافظ ابن كثير ... فالأولى أن يقتصر على مجرد تلاوة هذه القصة​

كلامه رحمه الله صحيح، ولكن لا بأس أن نبني على مفهوم قطعي أو ألفاظ قطعية، وأما أن نبني الحكم على مفهوم راجح أو مرجوح فهذا يوقع في الخطأ ولا محالة


الوقفة الثانية:- ليس في ألفاظ الاية ... أما استنباط الخطأ من عبارة" فاستغفر ربه "​

بارك الله فيك، مغفرة الذنب كما تكرمت تكون رفعة في درجة الأنبياء بدون صدور الخطأ، وتكون عند الخطأ، كما معنا هنا، والآية واضحه قال تعالى: { فغفرنا له ذلك }، ولم يقل فغفرنا له فقط ولكن أكد بالإشارة إلى شيء في القصة كما سيأتي.


الوقفة الثالثة:... وهنا تنبّه داوود أن الرعية يحدث بينها مظالم تحتاج الى رعاية دائمة ينبغي الا ينشغل عنهم بالعبادة فلا يجد المظلوم من يدافع عنه​

بارك الله فيك، هذا ظن منك ومن كثير من المفسرين، ولكن الآيات لم تسند في القصة إلى داوود عليه السلام أي فعل إلا الآتي: الأول: الخوف بعد التسور، الثاني: أقوال، الثالث: الإنابة، فلم يقل كان يصلى ولم يقل اعتكف أو اعتزل وإنما أبهم حاله قبل الفزع، فليس لنا أن نبحث في حاله قبل الفزع، بل عليك أن تفكر في كلمة الفزع، وأنها كانت سببا في الخطأ، ثم جاء قوله تعالى: { فغفرنا له ذلك، و{ ذلك }، وجودها هنا تعود على أحد الأقوال أو كلها، ولا يمكن أن تعود على أي مفهوم فهمه بعض المفسرين، لأن هذه المفاهيم ظنيه ليس في ألفاظ الآيات ما يؤيدها.

وراجع معي سياق الآيات:

1- داوود عليه السلام داخل المحراب وليس من سبيل إليه إلا التسور، كل المفسرون متفقون على ذلك.
2- داوود كان في غفلة عنهم، ولا يعلم بمكانهم وحاجتهم إليه بدليل، أنه فزع منهم. وأبهم القرآن سبب هذه الغفلة، وهي تحتمل أكثر من سبب وإذا رجحت سببا دون الآخر فأنت تركت النص، واتبعت الظن.
3- أيا كان السبب فالفزع أعقبه قول أعقبه توبة، وكأن الفزع سببا في القول والخطأ، والقول كان سببا في التوبة.

على هذا فعلى القاضي أن لا يقضي في أي حكم وهو فزع أو جائع أو نعسان أو غير مستعد، أو ذهنه مشغول بالقرآن أو غير ذلك، وإنما عليه أن يختار الوقت والمكان والحال المناسب، فإبهام القرآن لحال داوود الحكمة منه أن نستنبط أن على القاضي ألا يحكم وهو غير مستعد للحكم، هذا الذي يظهر من سياق السورة ومن الألفاظ، وينبغي ألا نشغل أنفسننا إلا بمفاهمم ألفاظ الآيات، وأما الانشغال بأنه انشغل بالعبادة عن الناس، أو العكس، أو غير ذلك، فهذا سيؤدي إلى تفسير خاطئ.


أسأل الله لي ولك ولكل المشتغلين بالقرآن السداد والفلاح في الدنيا والآخرة،،،
 
السلام عليكم أيها المشايخ
قوله تعالى : (( قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه )) قال النحاس : فيقال إن هذه كانت خطيئة داود عليه السلام ; لأنه قال : " لقد ظلمك " من غير تثبت ببينة ، ولا إقرار من الخصم ، وهذا هو الراجح على حسب رأيي المتواضع ، فالسماع من الطرفين شيئ بديهي على القاضي أن يقوم به قبل النطق بالحكم لكن بسبب أن القضية تبدو بسيطة تسرع في إطلاق الحكم قبل أن يسمع للخصم الآخر ، وأيضاً شيئ آخر يمكننا أن نلاحظه هنا وهو أن الخصمان كانت تبدو عليهما علامات السذاجة بسبب طريقة تصرفهما معه من خلال تسور المحراب ، فهذا التصرف يقوم به الصبيان عادةً وليس شيئ يقوم به رجل راشد ، وهذا ماجعله يستخف قليلاً بالقضية ، لكنه إنتبه إلى تسرعه بعد مغادرتهما وندم على ذالك ،
هنا يبرز سؤال جديد : هل يمكن أن يكون صاحب النعجة الواحدة هو المخطئ ؟
بالرجوع إلى الآية نجد أن صاحب الـ 99 نعجة قال أَكْفِلْنِيهَا ولم يقل أعطنيها ، فهو لا يريد أخذها لنفسه بل فقط أن يقوم برعايتها بدلاً من أخيه ، فمن يقوم برعي 99 نعجة لا مشكلة لديه في رعاية نعجة إضافية ، هنا يتضح أنه يريد مصلحة أخيه ، فبدلاً من أن يضيع وقته برعي نعجة واحدة فالأفضل له أن يدع أخاه يكفلها له ويعمل عملاً آخر يسترزق منه ، يعني أن صاحب النعجة الواحدة يحتاج إلى النصيحة والإرشاد لما فيه صلاح له ، وأخاه حريص على مصلحته لذالك ألح عليه في الخطاب .
 
عودة
أعلى