ولتستبين سبيل المجرمين: تكرار الباطل لإقراره (قصة وعبرة)

إنضم
14/05/2012
المشاركات
1,111
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
الأردن
ذكر الشيخ علي الطنطاوي في الجزء الثاني من كتابه الماتع: " مقالات في كلمات "، ص17
تحت عنوان: لن يخدعونا
من أمثال كليلة ودمنة:
أن ناسكاً اشترى كبشاً ضخماً ليجعله قرباناً، فانطلق به يقوده، فبصر به قوم من المكرة فائتمروا بينهم أن يأخذوه من الناسك، فعرض لهم أحدهم فقال:"أيها الناسك ما هذا الكلب الذي معك؟".
ثم عرض له الآخر فقال لصاحبه:" ما هذا ناسكاً؛ لأن الناسك لا يقود كلباً ".
فلم يزالوا مع الناسك على هذا ومثله، حتى لم يشك أن الذي يقوده كلب، وأن الذي باعه إياه سحر عينيه، فأطلقه من يده..
فأخذه الجماعة المحتالون ومضوا به.
.
.
.
وكما خُدع الناسك عن كبشه حتى ظنه كلباً ـــ من الإعادة والتكرار والإيحاء المستمر (وتكرارُ الحبل يؤثر في صخرة البئر) ـــ خُدعنا نحن عن الحقائق الظاهرة فحسبناها باطلاً، وحسبنا باطلهم الذي مازالوا يكررونه حقاً، وصرنا نردد مقالتهم، وندعو إلى التفريق بين الدين والسياسة، وبين الدين والعلم..
 
«اكذب حتى يصدقك الناس» - جوزيف غوبلز!
مع هذا الـ(لا)مبدأ تنقلب الحقائق إلى أباطيل وهذا "منهج" يتمسّك ويعمل به الحاقدون وزُرّاع أو زارعي الحقد والفتنة يكرّرون عبارات من قبيل ((الأسلمة)) ((إرهاب القرآن)) و ((الرجعيّة) وهم يعلمون أن الواقع ((تغريب)) و ((إرهاب الرأسماليّة)) و ((الإنحلال)) فصار الحق باطلا والباطل حقا، لبس الحق بالباطل، وهذا مؤشر على لازمكانيّة - إمتداد في كل مكان وزمان - الكفر بمعناه اللغوي الصريح، فيصير بذلك مؤكّدا للازمكانيّة القرآن {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (*) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}.
 
صدقت فهذا ديدنهم في سعيهم الحثيث للسيطرة على العقول, فإنهم يقومون لامتلاكهم زمام ميادين التعليم والإعلام بشحن عقول العامة بما يشاءون من باطلهم المزوق, حتى إن كثيرا من المسلمين اليوم ينطقون بالباطل الذي أوحاه إليهم الأعداء وهم يتوهمون أنهم إنما وصلوا إليه باجتهادهم. ومثال ذلك أنك لو سألت عجوزا مسلما أميا يقيم على رأس جبل لا تبلغه يد المكر الشيطاني المعاصر, متمثلا في وسائل التضليل التي يسمونها وسائل إعلام, لو سألته عن رجل يشتم دين الإسلام ويتهجم على القرآن, لانتفض وأخذته حمية الدين وغضب للحق. لكن تخيل كم من المثقفين اليوم سيجيبك بأن الإسلام كفل للناس حرية المعتقد, وسيشرع في اقتباس النصوص ليستدل على أن الإسلام دين سماحة ويسر وسلام, وسيدعوك إلى الإعتدال ونبذ التطرف والإرهاب, فيا ترى ما الذي جعل المسلم الأمي أصفى عقيدة من المسلم المثقف الذي يحتل العدو عقله؟ أو ليس بعده عن قنوات المكر الشيطاني التي تبدأ بالتعليم العلماني الدنيوي, ولا تنتهي بوسائط التضليل التي تبث السم الزعاف لسلخ الأمة عن دينها وقرآن ربها. وقد كنت كتبت قصة طريفة شبهت فيها هذا المكر الشديد بالأخطبوط, فجزاك الله خيرا أستاذي الفاضل عبد الرحيم الشريف.
 
عودة
أعلى