وقف التعسف

إنضم
22/05/2006
المشاركات
2,552
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
59
الإقامة
الرياض
[h=5] وقف التعسف (1) [/h] تعريفه: هو وقف متكلف من بعض المعربين أوالقراء أو يتأوله بعض أهل الأهواء رغبة في إغراب السامع دون النظر إلى معاني الآية ومقاصدها.
من أمثلته:
ـ الوقف على ]يَحْلِفُونَ[

من قوله تعالى: ] فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ { ت } بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا[ النساء: 62.
لأن فيه ارتكاب تقدير محذوف: أقسم بالله، على معنى القسم والمعلوم أنه ما لا يحتاج إلى تقدير، مقدم على ما يحتاج إليه .
ولأن من مقاصد الآية بيان جرأة المنافقين على الله بالحلف به كذبًا، وهذا الوقف لا يبين للسامع المحلوف به .

ـ الوقف على ] تُنْذِرْ[ والابتداء بـ ] هُمْ لا يُؤْمِنُونَ[

قال تعالى: ] إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أنذرتهم أَمْ لَمْ تُنْذِرْ {ت} هُمْ لا يُؤْمِنُونَ[ البقرة: 6.
باعتبار أن ]هُمْ[ مبتدأ، والصواب أنَّ ]هُمْ[ ضمير متصل .

ـ الوقف على ]رَبَّكَ[

قال تعالى: ] وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ { ت } بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ[ الزخرف: 49.
قال الأشموني: وخَطِئَ من جعل الباء في ]بِمَا عَهِدَ[ للقسم لأنها إذا ذكرت أتي بالفعل معها، بخلاف الواو فيحذف الفعل معها .اهـ منار الهدى: ص/ 350 .
ـ الوقف على ]فَلا جُنَاحَ[

من قوله تعالى: ] إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ { ت } عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا[ البقرة: 158.

لأن الابتداء بـ]عَلَيْهِ[ يدل على وجوب السعي، والآية لا تدل على ذلك، لأن الأنصار كانوا يتحرجون من السعي بين الصفا والمروة، لأنه كان عليهما صنمان، وكان أهل الجاهلية يطوفون بين الصفا والمروة تعظيمًا للصنمين، وكان المسلمون يتحرجون من السعي، فنزلت الآية لرفع الحرج، وليس لتوجب الطواف، فلو بدأنا وقلنا ]عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا[ لأوهم أنه يجب علينا أن نطوف بالبيت والآية لا تدل على ذلك

ـ الوقف على ]لِي[

من قوله تعالى: ] سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي{ت} بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ[ المائدة: 116.
لأن حرف الجر لا يعمل فيما قبله(1).


ـ الوقف على: ]قَتَلُوه[

قال تعالى: ] وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ {ت} يَقِينًا * بلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ[ النساء: 158.
قيل المعنى: ]يَقِينًا[ أنهم لم يقتلوه، وعلى هذا القول تكون الهاء في ]وَمَا قَتَلُوهُ[ تعود على عيسى عليه السلام، وليس ذلك بالوجه .
وقيل: تعود على الذي شبه لهم، والأولى أن تعود على الظن بتقدير: "وما قتلوا ظنَّهم يقينًا أنه عيسى أو غيره، والوقف على ]يَقِينًا[ هو الاختيار و]يَقِينًا[ نعت لمصدر محذوف وتقديره: وماعلموه علمًا بيِّنا(1) .

ـ الوقف على: ]لَيْسَ لِي[

قال تعالى: ] قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِيَ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي {ت} بِحَقّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنّكَ أَنتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ[ المائدة: 116.
قال أبوعمرو الداني: وليس بشيء لأن قوله: ]بِحَقّ[ من صلة ]لِي[، والمعنى: ما يحق لي أن أقول ذلك، وقد آثر بعضهم الوقف على ذلك بأن جعل "الباء في قوله: ]بِحَقّ[ صلة لقوله: ]فَقَدْ عَلِمْتَهُ[ بتقدير: إن كنت قلته فقد علمته بحق، وذلك خطأ لأن التقديم والتأخير، مجاز فلا يستعمل إلا بتوقيف أوبدليل قاطع، لأنه إذا ابتدئ بذلك فقد جعل أنه قاله .


ـ الوقف على: ]لا تُشْرِكْ[

من قوله تعالى: ] وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ {ت} بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ[ لقمان: 13.
لأنَّ الابتداء بقوله: ]بِاللَّهِ[ يجعل متعلق ]تُشْرِكْ[ محذوفًا تقديره " لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ " ، وجعل الباء في ]بِاللَّهِ[ داخلة على المقسم به، وجعل جملة: ]إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ[ جواب القسم وهذا ضعيف من أوجه منها :
- أن المتبادر من أسلوب الآية أن الباء متعلقة بـ ]تُشْرِكْ[ لأنه إذا قال للابن ]يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ[ ولم يقل ]بِاللَّهِ[، فإن الولد يكون مبلبل الفكر حائر النفس، لأنه لم يفهم أن مراد أبيه تخصيص الشرك .
- كذلك فإن جملة: ]إِنَّ الشِّرْكَ[ جملة: مستأنفة سيقت تعليلاً للنهي عن الشرك (1).

ـ الوقف على ]أَنْتَ[

من قوله تعالى: ]وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ {ت} مَوْلانَا فَانْصُرْنَاعَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ[ البقرة: 286.
لأن فى هذا ولو من طريق بعيد إشارة بأن غير الله يملك الغفران والرحمة .
ـ الوقف على ]يَشَاءُ[ والابتداء بـ] وَيَخْتَارُ[ على أن ]ما[ في قوله: ]مَا كَانَ[ موصولة .
من قوله تعالى: ] وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ (ت) وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[ القصص: 68، والصواب أن ]مَا[ نافية .
ـ الوقف على ]حَقًّا[

من قوله تعالى: ] فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا "صلى" وَكَانَ حَقًّا { ت } عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ[ الروم: 47، بمعنى واجب أو لازم .
لأن هذا الوقف مخالف لقواعد البلاغة، فمن مواضع الوصل، وهوعطف جملة على أخرى أن يكون بين الجملتين توسط بين الكمالين باتفاق الجملتين خبرًا وإنشاءً، وليس في العطف ما يؤدي إلى فساد المعنى، فلو أراد الشارع المعنى المتولد على الوقف لعطف، كما عطف في مواضع أخرى فيقال ]وعَلَيْنَا..[ .
كما قال سبحانه: ]فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ[ الأعراف: 136، كما أننا لسنا بحاجة إلى بيان أن انتقامه من المجرمين حق فالبراهين العقلية والنقلية قد دلت على اتصافه بالعدل .

ـ الوقف على ]تُسَمَّى[ ، والابتداء بـ ] سَلْسَبِيلاً [

من قوله تعالى: ] عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى { ت } سَلْسَبِيلا[ الإنسان: 18.
يكون التعسف بالوقف على ]تُسَمَّى[ أي عينا مسماة معروفة هكذا جملة أمرية أي: سل طريقًا موصلة إليها وهذا تحريف بإجماع المصاحف لأنه كلمة واحدة . اهـ(1) .
قال تعالى: ] فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي { ت } عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا[ القصص: 25.
معنى الآية هو إظهار ماعليه هذه المرأة حين إقبالها من حياء وحشمة وأدب، وهذا الوقف يفيد وصفها بالحياء عند قولها فقط، وليس عند مشيها .
وأيضا يوحي هذا الوقف بأن إحدى هاتين المرأتين جاءت ماشية لا راكبة وهذا معنى هزيل، فما الذي يستفيده السامع من معرفته مجيء المرأة من كونها ماشية أو راكبة .
ـ الوقف على: ]ثَمَّ[

من قوله تعالى: ] وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ {ت} رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا[ الإنسان: 20.
لا يصح الوقف لأن جواب ]إذا[ بعده و]ثَمَّ[ ظرف لا يتصرف فاعلا أو مفعولا .
وأخطأ من أعربه مفعولا لـ ]رَأَيْتَ[ أو جعل الجواب محذوفًا، والتقدير: إذا رأيت الجنة رأيت فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر(1) .

ـ الوقف على: ]يَشَاءَ[

من قوله تعالى: ] وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ {ت} اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ[ التكوير: 29. لأن هذا الوقف يُبقي ]يَشَاءَ[ بدون فاعل .

ـ الوقف على : ]وَلَك لا [

قال تعالى: ] وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرّةُ عَيْنٍ لّي وَلَكَ لا {ت}َ تَقْتُلُوهُ عَسَىَ أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ[ القصص: 9.
[h=4]الوقف على ]وَلَكَ لا[ قبيح، لأنه لو كان الابتداء بـ ]تقتلوه[ كذلك لما جاز لغة ولقالت: تقتلونه بالنون .[/h]
ـ الوقف على: ]مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ [
قال تعالى: ] فَأَصْبَحَ مِنَ النّادِمِينَ * مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ {ت} كَتَبْنَا عَلَىَ بَنِيَ إِسْرَائِيلَ أَنّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنّمَا قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً[ المائدة: 32.
لاوقف، قال الداني: وليس بشيء لأن الأولى أن تكون ]مَن[ صلة لـ ]كَتَبْنَا[ بتقدير: ومن أجل قتل قابيل هابيل كتبنا على بني إسرائيل .


(1) وضع الحرف{ت} إشارة إلى موضع التعسف وهو غير وارد في المصاحف إنما للتوضيح .

(1) قال الأشموني: ووقف بعضهم على ]مَا لَيْسَ لِي[ ثم يقول: ]بِحقٍّ[ وهذا خطأ من وجهين أحدهما: أن حرف الجر لا يعمل فيما قبله .
الثاني: أنه ليس موضع قسم وجواب آخر، لأنه إن كانت الباء غير متعلقة بشيء فذلك غير جائز، وإن كان للقسم لم يجز، لأنه لا جواب هنا، وإن كان ينوي بها التأخير وأن الباء متعلقة بـ]قُلْتُهُ[، أي إن كنت قلته فقد علمته بحق، فليس خطأ على المجاز، لكنه لا يستعمل كما صح سنده عن أبي هريرة t، قال: لُقِّن عيسى عليه السلام حجته، ولقنه الله في قوله تعالى] يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ للناس اتخذوني ..[ قال أبو هريرة t عن رسول اللهr: لقنه الله حجته بقوله:]قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ[ – سبحانك - أي تنـزيهًا لك أن يقال هذا أو ينطق به

(1) قال الشوكاني:أي قتلا يقينًا على أنه صفة مصدر محذوف أو متيقنين على أنه حال، وهذا على أنَّ الضمير في ]قَتَلُوهُ[ لـ ]عِيسَى[، وقيل: إنه يعود على الظن، أي: ما قتلوا ظنهم يقينًا، وقيل: المعنى وما قتلوا الذي شبه لهم، وقيل المعنى: وما قتلوا عيسى يقينًا، وقيل المعنى: يقينًا بل رفعه الله، وهو خطأ لأنه لا يعمل ما بعد "بل" فيما قبلها، ثم قال: والضمائر في]قَتَلُوهُ[ وبعده لـ ]عِيسَى[، وذكر اليقين هنا لقصد التهكم بهم . فتح القدير ص/680 .

(1) حدثني الشيخ رزق حبة: في قوله: ]يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ[ المنهي عنه ليس الإشراك العام، لأنه قد يكون الإشراك العام من ضمن الشورى، كما قال تعالى:]وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ[ الشورى: 38، لكن المنهي عنه الإشراك بالله، إذًا لابد من الوقف عند]لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ[ .

(1) نهاية القول المفيد: ص/ 172 .

(1) نهاية القول المفيد : ص/ 173 .


من كتاب زاد المقرئين أثناء تلاوة الكتاب المبين
 
عودة
أعلى