معاذ إحسان العتيبي
New member
- إنضم
- 23/09/2011
- المشاركات
- 17
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
وقفـاتٌ فِي (الغِنَـاءِ) والـمحلِّلـين له...
1- إن من القواعد المسلَّمة في هذا الدين أن أحكام الله تعالى كلها محكمة لا اشتباه فيها؛ قال تعالى {اليومُ أكملتُ لكم دينكم}، وقد يشتبه أهل العلمُ مسألةً معينةً إلاَّ أنها لا تكون عندَ أهل العلم قاطبة، فالعلم قد أودعَه الله لخلقه وفرَّقه بينهم.
2- المسلمُ التقيُ يقفُ مع النصوصِ حيثُ أشارتْ، والمنافق المتلاعبُ يلوي النصوص عمَّا أرادتْ، وإذا أردتَ أن تعرضَ على آخر حكمًا شرعيًا فلا تعرضه عليه إلاَّ أن يكون الآخر: طالبًا للحقِّ يقفُ إليه حيث وقف، مستفتيًا نفسه قبل عرضِ المسألة وطرحها كما أشار المصطفى الله عليه وسلم (استفتِ قلبك)، متقبلاً للمسائل الخلافية والمسائل القطعية ومميزًا بينهما.
3- ما من إمام إلاَّ وله زلةٌ أو زلاَّت، وقد كفانا أهل العلم هذه المعضلة بقولهم (من تتبع زلات العلماء فقد تزندق) وعلامةُ الزَّلة: أن يقولَ إمام قولاً يخالفُ ما دلتْ به النصوص الصريحة وما أجمع عليه أهل الإسلام سلفًا وخلفًا؛ فاحذرْ أن تنكبَّ وراءهم، أو أن تجري مجراهم، فتهلك كما هلكوا.
4- من نفَاق الجهَّال: أن يعلمَ بالخلافِ بعد التنبيه، فيستدلُّ به النبيهُ على ترقيع فعلِهِ أو قولِهِ بحجة (وقد اختلف العلماء) والأشدُّ في ذلك نفاقًا وتشدُّقًا وتفيهقًا: أن يعرضَ بأدلةِ المرقِّعين له، حتى إذا ما سمعتَ قوله خالَ عقلكَ أنك تجاري الإمام أحمد بن حنبل أو شيخ الإسلام بن تيمية! فإذا رأيتَ يا صاحبَ الحقِّ هذا فاعلمْ أنه هذا النفاق ومجاراة الدين وأهله بعينه!
5- إنَّنا في هذا الزمان الذي ترعرشَ فيه "الكذبُ والدَّجَل، والهزلُ والخطَل، والنفاقُ والجهَل، وتحسينُ الباطلِ بأسبكِ الألفاظِ والجمَل" فلن نحتاج إلى كثيرٍ من "التدليل والتقرير، والتحقيق والتحرير" للمسائل العلمية أو النوازل العمَلية بأكثرَ من احتياج إلى تقرير: أصولِ الدينِ ومبادئِهِ وأركانِهِ ومقوِّماتِهِ ونحوِ ذلك.
6- المميِّعون لهذا الدينِ والمخرِّبين له المتسترين بزيِّ (الإسلام) أو (السلف) أو (الدعوة) أو غير ذلك؛ لا يئوده التنازلَ عن شرائع الإسلام كاللحيةِ أو سماعِ المحرَّم أو مصافحة الأجنبياتِ ونحوِ ذلك؛ وكم من متلبسٍ في الظاهرِ عريٌ في الباطن وكم من مستلبسٍ في الظاهر نقيُّ الباطن.
7- الغناءُ وما أدراكَ مالغناء؟ إن الغناء في الإسلام بل في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم كانَ معروفًا ومشهورًا ومنشترًا لا عضلةَ فيه ولا ملامة، أجل! فهذا الغناء هو: تطريبٌ وترنمٌ وتلحينٌ محترمٌ لا سقطَ فيه ولا رذل، لا سخف فيه ولا هزل، إنما فيه وصفُ الحربِ والجِد، وذكرُ للكرِّ والفرِّ، ومع ذلكَ فقد عزَف عنه رسول الله فلمْ يفعلهُ بحياتِهِ ليسَ تحريمًا له بل لكونِهِ لا يليق بمن أكِرمَ بهذه المكانة؛ وهكذا صحابةُ رسول الله ما عُهدَ عنهم في ذلكَ إلاَّ قلة، بله في مواطنِ عديدة، فقد كانَ كتاب الله وحديث الرسول شغلهم الشَّاغل.
8- الغناء وما أدراك مالغناء؟ إن الغناء في هذه الأعصار معروفٌ ومشهورٌ ومنتشرٌ، لا حويِّجةَ عندنا في معرفةِ اسمِه، ولا حويِّجة عندنا في وصفِ رسمِه، أجل! فهذا الغناء هو: تزميرٌ وفجورٌ، وفحشٌ ورذول، ومنبعٌ من العاهرات وأهل السفور؛ سمَّاه (المتزِّمتون في الدين): نشيدًا، وعريقًا، وبريقًا، ووصفوه: حلالاً، ومباحًا، ومستحبًا! فلا طابتْ –لعمر الله- قولهم ولا عاشَ ذكرهم، متى كانَ الفسقُ حلالاً؟ ومتى كانَ الجُرمُ مباحًا؟
9- أجمعَ أهل الإسلام (علماءَ وعوام، وجهلة وهوام) على أن الغناء بهذا الذي نعرفُهُ وهذا الذي نسمعُهُ: حرامٌ وكبيرةٌ من كبائر الدين، لم يخالف في ذلك منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى وقتِي هذا عن أحدٍ تحليلاً سوى رجالاٍ (بعدِّ الأصابع)، والله لولا مكانةُ هؤلاء العلمية في (بعض الفنون) لوصفتهم: بالقومِ السُّقط والرذَّل! لأن الجزاء من جنسِ العمل.
10- وأوَّلُ من أجازَ هذا الفعل القبيح هو (ابن حزمٍ الظاهري) الذي عاشَ في الدُّثور وبين القصورِ؛ صاحب كتاب (طوق الحمامة) في الغزلِ عند السآمة؛ ولعمري ما إخاله سوى أنه (اعتقدَ ثم استدلَّ) ولو عكسَ القضيةَ ما أشنع ولا أبشع! أبطلَ حديثًا صحُّته كصحةِ الحيِّ أنه ليس بميت، وضوحُهُ كوضوحِ الشمسِ في رابعة النهار؛ ولكن من المعصوم؟ ومن المكلوم؟
11- وقد أتجاوزُ عن خطأ إمام من أئمة الإسلام فأحفظُ له قدره، وأسترُ عنه زلَّته، ولكنْ! أن يتلاهثَ المتلاهثون ويدندن المدندنون بانتصار هذا الخطأ المبين؛ بكتبِ الكُتُبُ وإنشاء الدروس والخطبْ بأن هذا القولَ معتبرْ؛ وهو فعلُ من قَـد مضى وغبر، يا حسرتاه! هو والله –كما قلتم- قولُ من عَوَى وتبَر، وهو –كما قلتم- فعلُ من قَـدَّ وغـبَّر!
12- وأسوأ من ذلك من أضاف إلى "طاقم الغناء": المعازفَ، والتبرُّج، والرقص، والاختلاط، ووصف للخدود والقدود والنهود والعيون والجفون؛ فانظر –يا رعاكَ الله- كيفَ أضافتِ السيئة إلى سيئات! وضاعتْ مصيبةٍ في مصيبات! وأشبِّهُ القائل إن الغناء جائزٌ بضوابط؛ بالقائل إن الزنا حلال بضوابط!
وهلْ عرَف المبيحون للحرام من هذا الغناء غير: الغناء الماجنِ الفاحش؛ الذي هو طريقُ الشهوةِ، وبريدُ الزنا، وسبيل الهلاكِ والفساد؟
ووصيتـي يا طالب الهدى والرشاد: الغناء هذا الزمان لا يسمى غناءً إلاَّ أن يكون مصحوبًا (بالطبل والمعازف والاختلاط) غالبًا، ولو حلفتُ ما حنثتُ أن المسلم الصادق النقي التقي يتنزه عن هذه الرذائل! ولو أردتُ أن أفريَ لك أيها القارئ كلَّ مسألةٍ بدليلها؛ وكل شبهةٍ بدحضها؛ ما عجزتُ ولا عن التقرير نكثت! ولكن حاجتنا إلى أسسٍ في التطبيق والاستسلام أكثر؛ ونحن إليه أحوج!
ومن أراد معرفة الحق بدليلِهِ في هذه المسألة؛ فعليه بكتاب الشيخ عبد الله رمضان موسى في (الرد على القرضاوي والجديع) وكتاب الشيخ ذياب الغامدي (الريح القاصف على أهل الغناء والمعازف).
والله المستعان!