وقفة مع كلام للعلامة الأنصاري في قوله تعالى:"وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ":

إنضم
12/01/2013
المشاركات
701
مستوى التفاعل
21
النقاط
18
العمر
53
الإقامة
مراكش-المغرب
وقفة مع كلام للعلامة الأنصاري في قوله تعالى:"وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ":

بسم1
[FONT=&quot] [/FONT]​
[FONT=&quot]وقفة مع كلام للعلامة الأنصاري في قوله تعالى:"وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ":
[/FONT]

[FONT=&quot] يقول العلامة أبو زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى:"وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ" أي ليوم القيامة وفائدة تنكير النفس بيان أن الأنفس الناظرة في معادها قليلة جدا، كأنه قيل: ولتنظر نفس واحدة في ذلك، وأين تلك النفس؟...فالتنكير في النفس للتقليل" –فتح الرحمن بكشف ما يلتبس من القرآن:548-.[/FONT]
[FONT=&quot]وقد سبقه لهذا التأويل القاضي البيضاوي والإمام الرازي، يقول الفخر رحمه الله تعالى:" أما الفائدة في تنكير النفس فاستقلال الأنفس التي تنظر فيما قدمت للآخرة كأنه قال : فلتنظر نفس واحدة في ذلك." –مفاتيح الغيب:29/253-.[/FONT]
[FONT=&quot]والذي يظهر أن هذا الكلام فيه نظر، إذ كيف يكون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot] التنكير في النفس للتقليل، والأمر بالنظر إنما هو لكل نفس، فكل نفس مأمورة بالنظر فيما قدمته ليوم القيامة.[/FONT]
[FONT=&quot]وأما تعليله رحمه الله تعالى بأن " الأنفس الناظرة في معادها قليلة جدا" فهذا وإن كان حقا فإنه ليس مرادا في الآية والله تعالى أعلم، فالأمر بالاستعداد ليوم المعاد وبالتقوى التي هي خير زاد عام لكل العباد:[/FONT]
[FONT=&quot]قال تعالى:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1)"-الحج-.[/FONT]
[FONT=&quot]وقال تعالى:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)"-لقمان-.[/FONT]
[FONT=&quot]وقال جل في علاه:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5)" –فاطر-.[/FONT]
[FONT=&quot]وما أحسن ما سطره علامة الحجاز السعدي رحمه الله تعالى:" يأمر تعالى عباده المؤمنين بما يوجبه الإيمان ويقتضيه من لزوم تقواه، سرا وعلانية، في جميع الأحوال، وأن يراعوا ما أمرهم الله به من أوامره وشرائعه وحدوده، وينظروا ما لهم وما عليهم، وماذا حصلوا عليه من الأعمال التي تنفعهم أو تضرهم في يوم القيامة، فإنهم إذا جعلوا الآخرة نصب أعينهم وقبلة قلوبهم، واهتموا بالمقام بها، اجتهدوا في كثرة الأعمال الموصلة إليها، وتصفيتها من القواطع والعوائق التي توقفهم عن السير أو تعوقهم أو تصرفهم، وإذا علموا أيضا، أن الله خبير بما يعملون، لا تخفى عليه أعمالهم، ولا تضيع لديه ولا يهملها، أوجب لهم الجد والاجتهاد.[/FONT]
[FONT=&quot]وهذه الآية الكريمة أصل في محاسبة العبد نفسه، وأنه ينبغي له أن يتفقدها، فإن رأى زللا تداركه بالإقلاع عنه، والتوبة النصوح، والإعراض عن الأسباب الموصلة إليه، وإن رأى نفسه مقصرا في أمر من أوامر الله، بذل جهده واستعان بربه في تكميله وتتميمه، وإتقانه، ويقايس بين منن الله عليه وإحسانه وبين تقصيره، فإن ذلك يوجب له الحياء بلا محالة."-تيسير الرحمن:853-.[/FONT]
[FONT=&quot]وقال إمام المفسرين أبو جعفر الطبري رحمه الله تعالى:" وقوله:( وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ) يقول: ولينظر أحدكم ما قدّم ليوم القيامة من الأعمال، أمن الصالحات التي تنجيه أم من السيئات التي توبقه؟ ."-جامع البيان:23/299-.[/FONT]
[FONT=&quot]وقال الإمام البغوي رحمه الله تعالى:" قوله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } يعني ليوم القيامة، أي: لينظر أحدكم أي شيء قدم لنفسه، عملا صالحًا ينجيه أم سيئًا يوبقه؟"-معالم التنزيل:8/86-.[/FONT]
[FONT=&quot]فالتقليل في قوله تعالى:"ولتنظر نفس" ليس للتقليل على الصحيح، فالنكرة قد تفيد التعميم ولو في سياق الإثبات إذا كانت هناك قرينة تفيد هذا العموم، يقول العلامة التونسي ابن عاشور عليه رحمة الغفور:" وعموم النكرة في سياق الإِثبات لا يستفاد إلا بقرينة التعميم كقوله تعالى : ( ولْتنظُرْ نفسٌ ما قدّمَتْ لِغَدٍ ( ( الحشر : 18 ) ."- التحرير والتنوير:29/123-.[/FONT]
[FONT=&quot]وهناك وجه حسن للجمع بين الأمرين، وهو أن الأمر في الآية للعموم لكن المؤتمر قليل، يقول الإمام الألوسي رحمه الله تعالى:"لأن الأمر بالنظر وإن عم لكن المؤتمر الناظر أقل من القليل والمقصود بالتقليل هو هذا"-روح المعاني:28/60-.

[/FONT]

[FONT=&quot]والله أعلم وأحكم.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]​
 
الكلام في الأصل للزمخشري ، وأما الرازي والبيضاوي وزكريا الانصارى فإنما نقلوا عنه فلا داعي للتكثير بالنقل وابحث دائما عن الأصل.
تفسير الزمخشري (4/ 508)
فإن قلت: ما معنى تنكير النفس والغد؟ قلت: أما تنكير النفس فاستقلالا للأنفس النواظر فيما قمن للآخرة، كأنه قال فلتنظر نفس واحدة في ذلك.
وأما تنكير الغد فلتعظيمه وإبهام أمره، كأنه قيل: لغد لا يعرف كنهه لعظمه. "
 
عودة
أعلى