وقفة مع قول الله تعالى:" إني أريد أن تبوء بإثمي و إثمك فتكون من أصحاب النار"

إنضم
12/01/2013
المشاركات
701
مستوى التفاعل
21
النقاط
18
العمر
53
الإقامة
مراكش-المغرب
بسم1

وقفة مع قول الله تعالى:" إني أريد أن تبوء بإثمي و إثمك فتكون من أصحاب النار":

قال تعالى على لسان ابن آدم الأول:" " إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29)" - المائدة-.
قد يقال: لم قال ذلك، و تمني وقوع المسلم في المعصية أو الحرام و دخول النار لا يجوز؟ و كيف إذا كان هذا المسلم أخا شقيقا كما هو الحال هنا؟
ذهب العلامة أبو زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى في كتابه " فتح الرحمن بكشف ما التبس من القرآن الكريم" إلى أن في الآية حذف، على وجهين محتملين:
- الأول: إضمار "لا"، فيكون التقدير: إني لا أريد أن تبوء بإثمي..، كما في قوله تعالى:" تالله تفتأ تذكر يوسف" أي: لا تفتأ.
- الثاني: إضمار مضاف، تقديره: إني أريد انتفاء أن تبوء..، كما في قوله تعالى:" و أشربوا في قلوبهم العجل" أي حبه.
لكن كما هو معلوم الأصل في الكلام عدم الحذف، إلا بدليل.
فالحذف كما يقول الشيخ خالد السبت حفظه الله تعالى في قواعده:" خلاف الأصل و ينبني على ذلك أمران: - أحدهما- أنه: إذا دار الأمر بين الحذف و عدمه كان الحمل على عدمه أولى؟، لأن الأصل عدم الحذف" اهـ-بتصرف يسير-
و هذا مما ينطبق على هذه الآية، فلا دليل على الحذف لإمكان حملها على معنى متجه، و هو أن هذا القول من ابن آدم لأخيه ليس على حقيقته فهو لا يتمنى أن يقع أخوه في جريمة القتل و يلج النار، و إنما قاله من باب الترهيب و التخويف لعله يرتدع و يرجع عن غيه و ضلاله.
و في هذا المعنى يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى:" وهذا الكلام متضمن موعظة له لو اتعظ، وزجرًا له لو انزجر؛ ولهذا قال: { إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ } أي: تتحمل إثمي وإثمك { فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ }
وقال ابن عباس: خوفه النار فلم ينته ولم ينزجر" تفسير ابن كثير.
و هناك أقوال أخر، منها ما ذهب إليه الإمام البيضاوي في تفسيره حيث قال:"ولعله لم يرد معصية أخيه وشقاوته بل قصده بهذا الكلام إلى أن ذلك إن كان لا محالة واقعا فأريد أن يكون لك لا لي... ويجوز أن يكون المراد بالإثم عقوبته وإرادة عقاب العاصي جائزة".
و يقول العلامة السعدي في تفسيره:" إنه إذا دار الأمر بين أن أكون قاتلا أو تقتلني فإني أوثر أن تقتلني، فتبوء بالوزرين..".
و نقل الخازن في تفسيره المسمى"لباب التأويل في معاني التنزيل" عن الزجاج قوله:" معناه إن قتلتني فما أنا مريد ذلك فهذه الإرادة منه بشرط أن يكون قاتلاً له والإنسان إذا تمنى أن يكون إثم دمه على قاتله لم يلم على ذلك وعلى هذا التأويل.اهـ
و لعل الراجح كما أسلفت أن هذا القول كان على جهة الترهيب و التخويف و التحذير، كما يفهم من قول الحبر ابن عباس رضي الله عنهما.
و الله أعلم و نسبة العلم إليه سبحانه أسلم.
 
بسم1

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29)

اريد هنا ليست للتمني وانما هي على ظاهرها رغبة ودعوة متعلقة بشرط - وهو وقوع القتل

1- لن اقتلك - خوفا من الله . الاية (28)
2- وان قتلتني- أرغب ان يحاسبك الله بقتلي وبذنوبك في الاخرة . الاية (29)

قال صلى الله عليه وسلم (لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن ‏ ‏آدم ‏ ‏الأول ‏ ‏كفل ‏ ‏من دمها لأنه أول من سن القتل). أخرجه البخاري ومسلم.

والله اعلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
بارك الله فيكما
قد أجاب عن هذا الاستشكال إمام المفسرين محمد بن جرير ، فقال رحمه الله : "
فإن قال قائل: أو ليس قتلُ المقتول من بني آدم كان معصيةً لله من القاتل؟ قيل: بلى، وأعظِمْ بها معصية!
فإن قال: فإذا كان لله جل وعز معصيًة، فكيف جاز أن يُريد ذلك منه المقتول، ويقول:"إني أريد أن تبوء بإثمي"، وقد ذكرتَ أن تأويل ذلك، إني أريد أن تبوء بإثم قتلي؟ قيل معناه: إني أريد أن تبوء بإثم قتلي إن قتلتني، لأني لا أقتلك، فإن أنت قتلتني، فإني مريد أن تبوء بإثم معصيتك الله في قتلك إياي. وهو إذا قتله، فهو لا محالة باءَ به في حكم الله، فإرادته ذلك غير موجبةٍ له الدخولَ في الخطأ. " انتهى .
والمراد من السياق بيّن ، وهو أن ابن آدم المقتول أراد أن يبين له اختياره في هذه المواجهة الحتمية ، وأنه إن دار الأمر بين المدافعة بينهما وبين قتله ، فهو يختار الأخير .والإرادة ها هنا اختيار بين إرادتين .
فقال : لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ
إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ .
فهي إرادة لما لا بدّ منه ؛ فإما أن أدافع عن نفسي فيحصل قتلي لك فأبوء بإثمي وإثمك
وإما أن أن يحصل الآخر وهو قتلك لي فتبوء أنت بذلك ، وهذا الذي أريد وأختار .
فمن استشكل من المفسرين ذلك = إنما كان بسبب إهمال السياق ، وما قبل الآية مبيّن لمعناه .
وإلى نحو هذا أشار ابن المنيّر في الانتصاف وغيره .
فالإرادة لحصول الإثم لأخيه ليست مقصودة ابتداء ، بل هي اختيار بين إرادتين لا بد من تحقّق إحداهما ، والله أعلم .
 
بسم1
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29)
السلام عليكم
استأذن صاحب الموضوع في التعقيب ليس في ماطرح لان ماطرح قد ازيل اشكاله ان شاء الله وهو انه اراد ان يبوء بالعقاب
لكنني رأيت الى ذلك المتّقي الذي قُتِل كيف نصح اخاه فاحببت ان اعقب فيه
إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ فلقد وضع يده على الداء ..فوعظه وذكّره بالتقوى بالتعريض والتلميح...والداء هو الحسد والدواء هو عدم الاعتراض على مشيئة الله
لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ واتساءل هنا ..الم يتفاجىء الابن الاخر من هذه الكلمات ام ان الغضب والحسد قد اتى على الحواس فعطّلها....وعندما يكون الطرفان على شفير النزاع والصراع ويعلن احدهما انه لن يتصارع فهو يقلل من تحفّز الطرف الثاني ويهدّأ السعار المحموم والاعصاب المهتاجة
إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ يعظه ويذكره بمخافة الله...وهي ليست سلبية ولا انهزامية بل هي ايجابية ..انه الاحتماء بالله تعالى
إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ
..اذا قال انه ستحمل عقوبة اثمين وستكون ظالما والنار مصيرك...اليس هذا تحذيراً وتنفيراً من القتل...
 
عودة
أعلى