وقفة مع آية ..
يقول الحق سبحانه{ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم } محمد 30
هنالك صلة وثيقة بين ظاهر المرء وباطنه , أقول , أن هنالك توافقا - ولو نسبيا- بين ما يختلج في النفس وبين انعكاس هذه الخوالج على ظاهر الإنسان , لذلك قيل قديما " من أسرّ سريرة أبداها الله على وجهه" والمسألة كما ذكرت نسبية , إذ من الناس من يملك زمام نفسه للحد الذي يواري فيه ما يعتلج في طويته حتى لا يكاد الأريب المتفرس يلمس أثرة تلك الصفة على وجهه , والمسألة نسبية كذلك في حسابات المتفرس كما هي في حسابات المتفرس به, إذ أن قوة الفراسة من قوة النفس وهذه الأخيرة من قوة الإيمان , والعلم الذي يعنى باستكناه بواطن الناس وسبر أغوار طواياهم يسمى بالفراسة .
وإن كان مبتدأ الفراسة رؤية عينية فهي في الحقيقة انطباع يترك على صحيفة القلب على أثر تلك الرؤية , فهي إذن رؤية قلبية بحتة , ولهذا السبب اقترنت الفراسة – إن لم نقل اقتصرت – على الصالحين والعارفين بالله لصفاء صحيفة قلوبهم وهذا يعني بالمقابل صدق الانطباع ووضوح الأثرة المتولدة في القلب , ومن مأثوراتهم " إذا جالستم الصالحين فجالسوهم بصدق فإنهم جواسيس القلوب " .
وإذا كان الانطباع صادقا كلما كانت صحيفة القلب صقيلة بالإيمان فهو بالمقابل أقل وضوحا مع الذنب لما للذنب من أثر على القلب والله يقول{ كلا بل ران على قلوبهم} وهكذا كلما كثرت الذنوب كلما غشيت القلب طبقا عن طبق غشاوة تحول دون وضوح الرؤية وعفوية الانطباع , حتى ينتهي القلب آخر ما ينتهي بالختم { ختم الله على قلوبهم } وهذه مرحلة عمى البصيرة والله يقول{ فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } , وهي مرحلة لا تستدرك في الغالب .. إلا ما رحم ربك .
وللفراسة مواضع , كما لدخائل النفوس منافذ , والحقّ , أنّّّّ منافذ الأخيرة هي عين مواضع الأولى , أي أنّا قد نقرأ المكر في عين المقابل كما قد نلمس أثرة الخسّة على ملامح الوجه, أو قد نجد روح الأنانية أو الضغينة من منطق المقابل وكلامه , وهذه المنافذ قد ذكرها الله تعالى فقال في العين { يعلم خائنة الأعين } وفي الكلام قال تعالى{قد بدت البغضاء من أفواههم } وقال أيضا{ ولتعرفنهم في لحن القول} وفي سحنة الوجه والملامح قال { ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم}وفي يوسف{إنا نراك من المحسنين} ومن اللطائف أن الحق سبحانه ما ذكر صنفا من هذه الأصناف إلا وذكر بعده مباشرة -أو قبله- خفايا الصدور فقال في الأولى { وما تخفي الصدور } وقال في الثانية { وما تخفي صدورهم أكبر } وفي الثالثة ذكر قبلها{أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم} .
وهكذا في كل صفة من صفات النفس , فلها – ولا بد – أثرة تنعكس على الظاهر , و لا ينفذ لقرار هذه الأثرة إلا من نفذ لقرارة نفسه قبلها وزكاها , ولا تنطبع هذه الصفة إلا في مرآة نقية صقيلة ترى من الحقائق عينها , وتنفذ عبر القشور للبابها , وتسفر عن القلوب أسرارها , وهذا هو وجه القوة بهذا العلم الأنيق , ووجه الذوق بهذا الحس الدقيق , وهذه بعد ذلك صفة من ينظرون بنور الله ..
يقول الحق سبحانه{ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم } محمد 30
هنالك صلة وثيقة بين ظاهر المرء وباطنه , أقول , أن هنالك توافقا - ولو نسبيا- بين ما يختلج في النفس وبين انعكاس هذه الخوالج على ظاهر الإنسان , لذلك قيل قديما " من أسرّ سريرة أبداها الله على وجهه" والمسألة كما ذكرت نسبية , إذ من الناس من يملك زمام نفسه للحد الذي يواري فيه ما يعتلج في طويته حتى لا يكاد الأريب المتفرس يلمس أثرة تلك الصفة على وجهه , والمسألة نسبية كذلك في حسابات المتفرس كما هي في حسابات المتفرس به, إذ أن قوة الفراسة من قوة النفس وهذه الأخيرة من قوة الإيمان , والعلم الذي يعنى باستكناه بواطن الناس وسبر أغوار طواياهم يسمى بالفراسة .
وإن كان مبتدأ الفراسة رؤية عينية فهي في الحقيقة انطباع يترك على صحيفة القلب على أثر تلك الرؤية , فهي إذن رؤية قلبية بحتة , ولهذا السبب اقترنت الفراسة – إن لم نقل اقتصرت – على الصالحين والعارفين بالله لصفاء صحيفة قلوبهم وهذا يعني بالمقابل صدق الانطباع ووضوح الأثرة المتولدة في القلب , ومن مأثوراتهم " إذا جالستم الصالحين فجالسوهم بصدق فإنهم جواسيس القلوب " .
وإذا كان الانطباع صادقا كلما كانت صحيفة القلب صقيلة بالإيمان فهو بالمقابل أقل وضوحا مع الذنب لما للذنب من أثر على القلب والله يقول{ كلا بل ران على قلوبهم} وهكذا كلما كثرت الذنوب كلما غشيت القلب طبقا عن طبق غشاوة تحول دون وضوح الرؤية وعفوية الانطباع , حتى ينتهي القلب آخر ما ينتهي بالختم { ختم الله على قلوبهم } وهذه مرحلة عمى البصيرة والله يقول{ فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } , وهي مرحلة لا تستدرك في الغالب .. إلا ما رحم ربك .
وللفراسة مواضع , كما لدخائل النفوس منافذ , والحقّ , أنّّّّ منافذ الأخيرة هي عين مواضع الأولى , أي أنّا قد نقرأ المكر في عين المقابل كما قد نلمس أثرة الخسّة على ملامح الوجه, أو قد نجد روح الأنانية أو الضغينة من منطق المقابل وكلامه , وهذه المنافذ قد ذكرها الله تعالى فقال في العين { يعلم خائنة الأعين } وفي الكلام قال تعالى{قد بدت البغضاء من أفواههم } وقال أيضا{ ولتعرفنهم في لحن القول} وفي سحنة الوجه والملامح قال { ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم}وفي يوسف{إنا نراك من المحسنين} ومن اللطائف أن الحق سبحانه ما ذكر صنفا من هذه الأصناف إلا وذكر بعده مباشرة -أو قبله- خفايا الصدور فقال في الأولى { وما تخفي الصدور } وقال في الثانية { وما تخفي صدورهم أكبر } وفي الثالثة ذكر قبلها{أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم} .
وهكذا في كل صفة من صفات النفس , فلها – ولا بد – أثرة تنعكس على الظاهر , و لا ينفذ لقرار هذه الأثرة إلا من نفذ لقرارة نفسه قبلها وزكاها , ولا تنطبع هذه الصفة إلا في مرآة نقية صقيلة ترى من الحقائق عينها , وتنفذ عبر القشور للبابها , وتسفر عن القلوب أسرارها , وهذا هو وجه القوة بهذا العلم الأنيق , ووجه الذوق بهذا الحس الدقيق , وهذه بعد ذلك صفة من ينظرون بنور الله ..