وقفة مع آية ٩٣ المائدة

إنضم
06/12/2016
المشاركات
2
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
السعودية
لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)

روى الإمام البخاري رحمه الله فى صحيحه :
حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى أخبرنا عفان حدثنا حماد بن زيد حدثنا ثابت عن أنس رضي الله عنه كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة وكان خمرهم يومئذ الفضيخ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا ينادي ألا إن الخمر قد حرمت قال فقال لي أبو طلحة اخرج فأهرقها فخرجت فهرقتها فجرت في سكك المدينة فقال بعض القوم قد قتل قوم وهي في بطونهم فأنزل الله ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا الآية.

قال الطاهر بن عاشور رحمه الله فى التحرير والتنوير
فى سياق كلامه فى تفسير الآية :
فالمعنى لا جناح عليهم إذ كانوا آمنوا واتّقوا ، ويؤوّل معنى الكلام : ليس عليهم جناح لأنّهم آمنوا واتّقوا فيما كان محرّماً يومئذٍ وما تناولوا الخمر وأكلوا الميسر إلاّ قبل تحريمهما .
هذا تفسير الآية الجاري على ما اعتمده جمهور المفسّرين جارياً على ما ورد في من سبّب نزولها في الأحاديث الصحيحة .

والكلام هنا على التكرار الواقع فى هذه الآية

حيث قال الطاهر بن عاشور رحمه الله فى التحرير والتنوير :

وقد ذهب المفسّرون في تأويل التكرير الواقع في هذه الآية طرائق مختلفة لا دلائل عليها في نظم الآية ، ومرجعها جعل التكرير في قوله : { ثمّ اتّقوا } على معنى تغاير التقوى والإيمان باختلاف الزمان أو باختلاف الأحوال . وذهب بعضهم في تأويل قوله تعالى { إذا ما اتّقوا } وما عطف عليه إلى وجوه نشأت عن حمله على معنى التقييد لنفي الجناح بحصول المشروط . وفي جلبها طول . انتهى كلامه رحمه الله

ويدل على هذا ما قاله طنطاوى فى تفسيره الوسيط :

وأما المسألة الثانية التي كثرت أقوال المفسرين فيها فهي: تكرار التقوى مرة مع الإيمان والعمل الصالح. ومرة مع الإيمان ومرة مع الإحسان؟
وقد ذكر القرطبي في ذلك أربعة أقوال فقال:
الأول: أنه ليس في ذكر التقوى تكرار، والمعنى: اتقوا شربها وآمنوا بتحريمها، أو دام اتقاؤهم وإيمانهم، أو على معنى إضافة الإحسان إلى الاتقاء.
والثاني: اتقوا قبل التحريم في غيرها من المحرمات، ثم اتقوا بعد تحريمها شربها، ثم اتقوا فيما بقي من أعمالهم وأحسنوا العمل.
الثالث: اتقوا الشرك وآمنوا بالله ورسوله، والمعنى الثاني ثم اتقوا الكبائر، وازدادوا إيمانا، والمعنى الثالث، ثم اتقوا الصغائر وأحسنوا أى تنفلوا.
الرابع: قال ابن جرير: الاتقاء الأول: هو الاتقاء بتلقى أمر الله بالقبول والتصديق، والدينونة به العمل. والاتقاء الثاني: الاتقاء بالثبات على التصديق، والثالث: الاتقاء بالإحسان والتقرب بالنوافل».
والذي يبدو لنا أن ما قاله ابن جرير أقرب إلى الصواب، وأن تكرير التقوى إنما هو لتأكيد وجوب امتلاء قلب المؤمن بها، واستمراره على ذلك حتى يلقى الله. فإن المؤمن بمداومته على خشيته- سبحانه- يتدرج من الكمال إلى الأكمل حتى يصل في إيمانه وتقواه إلى مرتبة الإحسان التي ترفعه إلى أعلى عليين، والتي عرفها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» .
ولقد بين لنا القرآن في مواطن كثيرة أن المؤمن يقوى إيمانه ويزداد، بكثرة تدبره ما أنزله الله من شرائع وهدايات. ومن ذلك قوله- تعالى- وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً، فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ.
وقال تعالى- وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً
انتهى كلامه


وبعد هذه النقولات أقول مستعينا بالله أنه قد ظهر لى وأنا عبدالله الفقير مع اعترافى بضعفى وقلة علمى دلالة لهذا التكرار فإن كانت صوابا فالمنة لله وحده وإن كانت خطأ فمنى
ولا ادعى انه لم يسبقنى به أحد لأنى لم أطلع على كل التفاسير فإن وافقت قولا لأحد العلماء فالحمد لله على موافقة عالم من علماء المسلمين الذين هم قدوتنا
وأشرع فى كتابة من بدا لى بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسول الله


عند النظر فى سبب نزول الآية من سؤال الصحابة رضوان الله عليهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن حال إخوانهم الذين ماتوا قبل نزول تحريم الخمر وكانوا يشربونها نجد ان الدافع لهم هو الشفقة على إخوانهم والمحبة الكامنة فى قلوبهم رضوان الله عليهم جميعا وهذا ما قاله الطاهر بن عاشور رحمه الله فى التحرير والتنوير :

وقد يَلُوح ببادىء الرأي أنّ حال الذين تُوُفُّوا قبل تحريم الخمر ليس حقيقاً بأن يَسأل عنه الصحابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم للعلم بأنّ الله لا يؤاخذ أحداً بعمل لم يكن محرّماً من قبل فعله ، وأنّه لا يؤاخذ أحداً على ارتكابه إلاّ بعد أن يعلم بالتحريم ، فالجواب أنّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا شديدي الحذر ممّا ينقص الثواب حريصين على كمال الاستقامة فلمّا نزل في الخمر والميسر أنّهما رجس من عمل الشيطان خَشُوا أن يكون للشيطان حظّ في الذين شربوا الخمر وأكلوا اللحم بالميسر وتُوفُّوا قبل الإقلاع عن ذلك أوْ ماتوا والخمر في بطونهم مخالطة أجسادهم ، فلم يتمالكوا أن سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن حالهم لشدّة إشفاقهم على إخوانهم . انتهى
والشاهد هو الجملة الأخيرة وهى لشدة إشفاقهم على إخوانهم فرضى الله عن الصحابه الذين امتلأت قلوبهم رحمة للمؤمنين ولما كانت هذه القلوب المشفقة على اخوانهم الرحيمة بهم تحتاج الى طمأنينة ومن يزيل منها الخوف والرهبة فكان جزاء هذه الرحمة رحمة من أرحم الراحمين عز وجل كَما جاء عن أرحم الخلق بالخلق من كان رحمة للعالمين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم الراحمون يرحمهم الرحمن فأنزل الله السكينة على قلوبهم وأبدل خوفهم أمنا واضطراب قلوبهم طمأنينة ولما كان تحريم الخمر تدريجيا على ثلاث مراحل قال القرطبى رحمه الله :

(وإنما نزل تحريم الخمر في سنة ثلاث بعد وقعة أُحُدٍ... وقال ما نصه: وتحريم الخمر كان بتدريج ونوازل كثيرة، فإنهم كانوا مُولَعين بشربِها، وأول ما نزل في شأنها: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ﴾ [البقرة: 219]؛ أي: في تجارتِهم، فلما نزلت هذه الآية تركها بعض الناس وقالوا: لا حاجة لنا فيما فيه إثم كبير، ولم يتركها بعض الناس، وقالوا: نأخذ منفعتَها ونترك إثمها، فنزلت هذه الآية: ﴿ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ﴾ [النساء: 43]، فتركها بعض الناس وقالوا: لا حاجة لنا فيما يشغلنا عن الصلاة، وشرِبَها بعض الناس في غير أوقات الصلاة حتى نزلت: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90، 91]، فصارت حرامًا عليهم حتى صار يقول بعضهم: ما حرَّم الله شيئًا أشد من الخمرِ)

فناسب تكرار الاتقاء ثلاث مرات مراحل تدرج تحريم الخمر الثلاث
فيكون معنى الكلام انهم فى المراحل الثلاث لم يكن عليهم جناح كما سبق من كلام الطاهر بن عاشور : ليس عليهم جناح لأنّهم آمنوا واتّقوا فيما كان محرّماً يومئذٍ وما تناولوا الخمر وأكلوا الميسر إلاّ قبل تحريمهما .

اي انهم ليس عليهم جناح بعد نزول الآية الأولى أي الذين ماتوا بعد نزولها وهم مستمرين على شرب الخمر فيشملهم رفع الجناح

وهكذا فى الآية الثانية


وهنا نكتة لطيفة أننى لم أقل وهكذا فى الآية الثالثة

وذلك ان الآية الثالثة نزلت بتحريم الخمر فلا يشملها رفع الجناح حيث ان من مات من المسلمين وكان شاربا للخمر فقد أتى بكبيرة وعليه جناح فيما طعم وهو تحت مشيئة الله ان شاء غفر له وإن شاء عذبه

فلقائل أن يقول هذا ينقض ما قررته من ان تكرار التقوى ثلاث يقابل مراحل التدرج فى تحريم الخمر الثلاث ؟؟؟

أقول وبالله التوفيق

هذا يمكن لو كان المراد رفع الجناح عن من مات فقط

وحيث أنه تم تقرير أن ما دفع الصحابة للسؤال عن أخوانهم هو الشفقة عليهم والخوف عليهم ويدل على علو قدر الصحابة وسمو أخلاقهم

فمن كان هذا حاله تجاه ذنوب غيره فالضروري والمحتم أن قلبه امتلأ قلبه خوفا وشفقة على نفسه فقد كان منهم من شرب الخمر ولم يتركها الا بعد نزول التحريم فالآية تتناول المخاطبين الأحياء كما تتناول من مات من إخوانهم

وذلك سر الإتيان بلفظة وأحسنوا مع التقوى فى أخر الآية

لان ترك ما نهى الله عنه واجتناب ما يسخطه والخوف منه سبحانه إحسان ولذلك قال ابن عباس رضى الله عنه :

إذا ما اتقوا وأحسنوا "، بعد ما حُرِّم، وهو قوله: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فله ما سلف

وكأنه قيل لهم ليس عليهم جناح ولا عليكم

وفى تناول الآيات لمن مات والمخاطبين من الصحابة رضوان الله عليهم جميعا ايجاز وبلاغة وإعجاز فالقرآن لا تنتهى عجائبه وهو معجز على مر السنين ولا زال العلماء وطلبة العلم ينهلون من فوائده وعجائبه


أسأل الله أن يعلمنا منه ما جهلنا ويزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار

وأسف على الإطالة فى المشاركة الأولى لى



وأتشرف بالإنضمام لهذا الملتقى النافع

أخوكم ومحبكم

( أبو صالح )
هانى عزالدين
 
بِسْم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

اما بعد

إكمالا لما سبق من الكلام فى الآية الكريمة من سورة المائدة فى قوله تعالى :
لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)

وتقرير ان مناسبة التكرار الحاصل فى الآيه لعله فى مقابلة التدرج الحاصل فى تحريم الخمر بنزول الآيات الثلاث بحيث أن :

١- قوله تعالى: إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
يقابل أول ما نزل صريحاً في التنفير منها ،فى قول الله تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ

٢- قوله تعالى : ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا

يقابل الآية الثانية فى مراحل التدرج فى تحريم الخمر وهى قوله تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى

٣- قوله تعالى: ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ

يقابل الآية الأخيرة فى مراحل التدرج فى تحريم الخمر والتى جاءت بالنهى الصريح عن الخمر والمقتضى التحريم وهى قوله تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
فصارت حراماً عليهم، حتى صار يقول بعضهم: ما حرم الله شيئاً أشد من الخمر.


وما أود ان أضيفه على ما سبق ان مما يقوى هذا القول الإتيان فى الآيه الاولى بلفظ وعملوا الصالحات وعدم ذكرها فى الآية الثانية
فعند نزول الآية الاولى فى مراحل التدرج فى تحريم الخمر وهى قوله تعالى :( يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) لم يكن المؤمنون ممنوعين من فعل الطاعات ومنها الصلاة مع شربهم للخمر فكانوا يصلون ولم يأتهم نهى عن قرب الصلاة وهم على حالتهم هذه فلم يكن هناك تضييق عليهم فى اول الأمر حتى نزلت الآية الثانية وهى قوله تعالى :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) ولعل ذلك هو السر فى الإطلاق الحاصل فى قوله تعالى وعملوا الصالحات فكانوا فى سعة من الامر وعدم الإتيان به فى الآية الثانية وهى قوله تعالى : ( ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا) والاقتصار على قوله وآمنوا فلم يذكر وعملوا الصالحات مما يشعر بحصول تضييق ما عند شربهم الخمر يقيد ما كان مطلقا فى الآية السابقة من فعل الطاعات وجاء هذا صريحا فى سبب نزول الآية
كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (حُرِّمَتْ الْخَمْرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَأْكُلُونَ الْمَيْسِرَ ، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، فَقَالَ النَّاسُ مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا، إِنَّمَا قَالَ: (فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ) . وَكَانُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ مِنْ الْأَيَّامِ صَلَّى رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ أَمَّ أَصْحَابَهُ فِي الْمَغْرِبِ خَلَطَ فِي قِرَاءَتِهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهَا آيَةً أَغْلَظَ مِنْهَا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) ، وَكَانَ النَّاسُ يَشْرَبُونَ حَتَّى يَأْتِيَ أَحَدُهُمْ الصَّلَاةَ وَهُوَ مُفِيقٌ . ثُمَّ أُنْزِلَتْ آيَةٌ أَغْلَظُ مِنْ ذَلِكَ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فَقَالُوا انْتَهَيْنَا رَبَّنَا ) رواه أحمد في " المسند " (14/267) وحسنه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة


فهذا ما منّ به الكريم المنان رزقنى الله وإياكم فسيح الجنان وأنعم علينا بالستر والغفران
 
عودة
أعلى