وقفات وتعليقات على تفسير سورة (ق) من تفسير السعدي

إنضم
27/08/2012
المشاركات
13
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
البحرين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين، ومن تبعهم بأحسان إلى يوم الدين
أما بعد:
فهذه وقفات وتعليقات على تفسير الشيخ السعدي رحمه الله على سورة (ق) اقتضاها كونه مقررا للمدارسة مع بعض الإخوة، أعرضها هنا لعل الله جل وعلا أن ينفع بها، وأن أفيد من تعليقات الإخوة وتنبيهاتهم.
وفق الله الجميع لمرضاته.
بسم1
ق ۚ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)
يقسم تعالى بالقرآن المجيد أي: وسيع المعاني عظيمها، كثير الوجوه كثير البركات، جزيل المبرات. والمجد: سعة الأوصاف وعظمتها، وأحق كلام يوصف بهذا، هذا القرآن، الذي قد احتوى على علوم الأولين والآخرين، الذي حوى من الفصاحة أكملها، ومن الألفاظ أجزلها، ومن المعاني أعمها وأحسنها، وهذا موجب لكمال اتباعه، و سرعة الانقياد له، وشكر الله على المنة به.

1- لخص الشيخ -رحمه الله- هنا أوجه كون القرآن مجيداً، وهي:
أ- احتوى على علوم الأولين والآخرين.
ب- احتوى من الفصاحة أكملها، ومن الألفاظ أجزلها.
ج- احتوى من المعاني أعمها وأحسنها.

2- ثم ذكر الشيخ -رحمه الله-
ما يوجبه كونه مجيداً:
أ- كمال اتباعه.
ب- سرعة الانقياد له.
ج- شكره سبحانه على المنة به.
وفي ذكره هذه الأمور التي يوجبها كونه مجيداً إشارةٌ إلى الكلام المضرب عنه بقوله تعالى: {بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم} والتقدير: أنهم لم يؤمنوا بهذا القرآن ولم ينقادوا إليه ويتبعوه ويشكروا الله على المنة به ... بل عجبوا ... ولذا قال الشيخ بعد هذا: (ولكن أكثر الناس لا يقدر نعم الله قدرها) والله أعلم.

بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2)
ولكن أكثر الناس، لا يقدر نعم الله قدرها، ولهذا قال تعالى: { بَلْ عَجِبُوا } أي: المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم، { أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ منهم } أي: ينذرهم ما يضرهم، ويأمرهم بما ينفعهم، وهو من جنسهم، يمكنهم التلقي عنه، ومعرفة أحواله وصدقه.
فتعجبوا من أمر، لا ينبغي لهم التعجب منه، بل يتعجب من عقل من تعجب منه.

3- قول الشيخ: (ويأمرهم بما ينفعهم) يشير إلى أن الاقتصار على ذكر النذارة مما يضر إنما اقتضاه السياق المناسب لحال هؤلاء المكذبين، وإلا فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أرسل منذراً ومبشراً، والأمر بما ينفع ألصق بالبشارة، والله أعلم.

4- وبين الشيخ أيضاً في هذا المقطع أمرين:
الأول: معنى كونه المنذر منهم، فقال: (من جنسهم) أي: ليس مَلَكاً كما كانوا يقترحون.
الثاني: الحكمة من كونه منهم بقوله:
أ- (يمكنهم التلقي عنه) حتى لا يتذرعوا بكونه ليس منهم.
ب- (يمكنهم معرفة أحواله وصدقه) فلم يعهدوا عليه ما يمنع من قبول ما جاء به من كذب أو خيانة أو طلب ملك سالف لأحد أجداده مثلاً، والله أعلم.

وسنواصل ما شرعنا فيه لاحقاً بإذن الله تعالى
 
نواصل ما شرعنا فيه قبل:

يقول الشيخ السعدي رحمه الله:
قال تعالى { فَقَالَ الْكَافِرُونَ }
الذين حملهم كفرهم وتكذيبهم، لا نقص بذكائهم وآرائهم
{هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } أي: مستغرب، وهم في هذا الاستغراب بين أمرين:
[1] إما صادقون في استغرابهم وتعجبهم، فهذا يدل على غاية جهلهم، وضعف عقولهم، بمنزلة المجنون، الذي يستغرب كلام العاقل، وبمنزلة الجبان الذي يتعجب من لقاء الفارس للفرسان، وبمنزلة البخيل، الذي يستغرب سخاء أهل السخاء، فأي ضرر يلحق من تعجب من هذه حاله ؟ وهل تعجبه، إلا دليل على زيادة وظلمه وجهله؟
[2] وإما أن يكونوا متعجبين، على وجه يعلمون خطأهم فيه، فهذا من أعظم الظلم وأشنعه.

التعليق (5):
قول الشيخ رحمه الله: ((الذين حملهم كفرهم وتكذيبهم...))
يشير إلى أن فائدة وضع الاسم الظاهر ((الكافرون)) موضع الضمير ((كما في: عجبوا - جاءهم - منهم )) يستفاد منه بيان أن مقالتهم إنما هي بسبب كفرهم، فهو تشنيع بذلك عليهم.
ويستفاد منه أيضاً تفسير الضمائر السابقة في قوله: ((عجبوا - جاءهم - منهم)) وأن المقصود بها الكافرون، والله أعلم.
التعليق (6):
قول الشيخ رحمه الله: ((وهم في هذا الاستغراب بين أمرين...))
ملخص ما ذكره الشيخ: أن استغرابهم إن كان صادقاً فهو من جهل وضعف عقولهم.
وإن كان مكابرة، فهو ظلم وعناد، وهذا أشنع وأقبح ولا شك.
وفي الحقيقة هم جمعوا بين الأمرين معاً، فهم في غاية الجهل بالله تعالى وكمال صفاته، فاستبعدوا قدرته على إحياء الموتى، يؤزهم في ذلك عنادهم وكبرهم بتعطيلهم عقولهم ومتابعتهم آباءهم الأولين، والله أعلم.
 
عودة
أعلى