د. جمال القرش
Member
وقفات مع وصايا لقمان لابنه
من يتأمل نصائح ووصايا لقمان عليه السلام مع ابنه سيجد أنها تشكل منهجًا قرآنيا واضحًا لإصلاح وتربية النشء على هدي القرآن الكريم وفيها الكثير من العبر والمواقف التربوية العظيمة لمن تأملها ويقاس عليها الكثير من المواقف المتشابهة ، وهذه مشاركة يسيرة أسميتها وقفات مع وصايا لقمان لابنه ، ولم أرغب الإطالة بل التيسير قد الإمكان ، سائلا الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ،
وكتبه / جمال القرش
وقفات تربوية مع وصايا لقمان :
أولا : تحقيق التوحيد
وهوأهم واجب على الوالدين أن يربوا أولا دهم عليه وأول ما يبدأ به .
قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) سورة لقمان، 13،
فالشرك أعظم الظلم والتوحيد أصل العدل، قال شيخ الإسلام بن تيمية : ( والتوحيد َأَصْلُ الْعَدْلِ الْعَدْلُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (1/ 106)
ثانيا : الإحسان إلى الوالدين وشكرهم
قال تعالى : وَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) سورة لقمان، 14-15.
وفيها بيان علاقة الوالد بوالدين الطاعة بترتيب الواجبات شكر الله ثم شكر الوالدين، والمصاحبة بالمعروف في غير معصية، كما قال ( فَلا تُطِعْهُمَا)
ثالثا: بيان من يجب اتباع سبيلهم .
قال تعالى: ﴿ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾ [لقمان: 15]؛
بين سبحانه من يَنبغي اتباع سبيلهم وطريقهم ونهجهم وهم الذين أنابوا إلى ربهم وصرفوا له العبادات كلها .
وبذلك يظهر الفرق بين المصاحبة واتباع السبيل ، فيمكن أن يصاحب الوالدين المشركين ويقدم لهم المعروف لكن لا يتبع سبيلهم فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، بل يتبع سبيل من أناب إلى ربه واتبع هديه فالاتِّباع والانتماء للحق وأهله وليس للطوائف والأشخاص أي اسلك طريق محمد وصحبه .
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله : وَكُلٌّ مِنْ الصَّحَابَةِ مُنِيبٌ إلَى اللَّهِ فَيَجِبُ اتِّبَاعُ سَبِيلِهِ، وَأَقْوَالُهُ وَاعْتِقَادَاتُهُ مِنْ أَكْبَرِ سَبِيلِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُمْ مُنِيبُونَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ هَدَاهُمْ وَقَدْ قَالَ: {وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: 13] . إعلام الموقعين عن رب العالمين (4/ 100)
رابعا: مراقبة الله تعالى والعدل في الحساب
قال تعالى : ( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) سورة لقمان، 16.
من خلال بيان قدرة الله وعظمته فهو سبحانه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ولو كان مثقال ذرة يأت بها الله سبحانه .
قال ابن جرير رحمه الله : ( إن الأمر إن تك زنة حبة من خردل من خير أو شرّ عملته، فتكن في صخرة، أو في السموات، أو في الأرض، يأت بها الله يوم القيامة، حتى يوفيك جزاءه ) اهـ جامع البيان ت شاكر (20/ 141)
قال ابن كثير رحمه الله : ( يَأْتِ بِهَا اللَّهُ أَيْ أَحْضَرَهَا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ، وَجَازَى عَلَيْهَا إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ ) اهـ تفسير ابن كثير (6/ 302)
خامسا: الأمر بإقامة الصلاة
قال تعالى : ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور) ) سورة لقمان، 17
وتعني إقامة الصلاة في وقتها بأركانها وشروطها وواجباتها ، فهي عمود الدين وركنه من أقامها أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين ، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وفيها الوعيد الشديد من تأخيرها أو التهاون فيها والذي قد يصل إلى الكفر والعياذ بالله عند الكثير من أهل العلم .
قال ابن كثير رحمه الله : ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ أَيْ بِحُدُودِهَا وَفُرُوضِهَا وَأَوْقَاتِهَا ) تفسير ابن كثير (6/ 302)
سادسا: الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
قال تعالى : ( وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ) ) سورة لقمان، 17
لأنّ فيها خدمةً عظيمةً للمجتمع، وحماية لهم من الانزلاق إلى الانحراف الأخلاقي أو الفكري ،وهي سبيل صَون العقيدة، وحفظ الفضيلة، وفلاح الأمّة، ونَصرها
سابعا : الصبر على الشدائد
قال تعالى: ( وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور) سورة لقمان، 17
وفيها الحث على الصير وهو من أجل الأخلاق وأعلاها وقرن بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن هذا هو المتوقع لأنّ تحويل أفكار النّاس ومعتقداتهم ليس بالأمر اليسير فهناك الأفكار المخالفة ومن ترسّخ في عقولهم ما يصعب تقبله كما حدث مع الأنبياء من قومهم.
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله : ( وَلَا بُد ايضا ان يكون حَلِيمًا صبورا على الاذى فَلَا بُد ان يحصل لَهُ اذى فَإِن لم يحلم ويصبر كَانَ مَا يفْسد اكثر مِمَّا يصلح ) الاستقامة (2/ 231)
ثامنا: الحث على التّواضع والتحذير من التكبّر
قال تعالى : ( وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) سورة لقمان، 18
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( لا تتكبر فتحقر عباد الله وتعرض عنهن بوجهك إذا كلموك) ، أخرجه ابن أبي حاتم
قال ابن جرير رحمه الله : ولا تعرض بوجهك عمن كلمته تكبرا واستحقارا لمن تكلمه، وأصل (الصعر) داء يأخذ الإبل في أعناقها أو رءوسها حتى تلفت أعناقها عن رءوسها، فيشبه به الرجل المتكبر على الناس اهـ جامع البيان ت شاكر (20/ 143)
قال ابن كثير رحمه الله : (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ يَقُولُ لَا تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ عَنِ النَّاسِ إِذَا كَلَّمْتَهُمْ أَوْ كَلَّمُوكَ احْتِقَارًا مِنْكَ لَهُمْ، وَاسْتِكْبَارًا عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ أَلِنْ جَانِبَكَ وَابْسُطْ وَجْهَكَ إِلَيْهِمْ ) اهـ تفسير ابن كثير (6/ 302)
قال ابن كثير رحمه الله : ( وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً أي خيلاء مُتَكَبِّرًا جَبَّارًا عَنِيدًا، لَا تَفْعَلُ ذَلِكَ يُبْغِضُكَ اللَّهُ، وَلِهَذَا قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ أَيْ مُخْتَالٍ مُعْجَبٍ فِي نَفْسِهِ، فَخُورٌ أَيْ عَلَى غَيْرِهِ ) تفسير ابن كثير (6/ 303)
تاسعاا: الحث على الوقار والسمت
قال تعالى : ( وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ) ) سورة لقمان، 19
وفيها غرس قيمة التواضع أساس كل فضيلة والتحذير من التكبر في المشى أو في الفرح المفرط
فيكون مقتصداً في مشيته، ليس بالبطيء المتثبط ، ولا بالسريع المفرط، بل عدلاً وسطاً بين ذلك .
وفيه ذم الخيلاء والفخر، والتحذير من احتقار الناس أو ازدرائهم، أو الاستخفاف بهم بالميل عنهم بوجهه
قال ابن جرير رحمه الله ( تواضع في مشيك إذا مشيت، ولا تستكبر، ولا تستعجل ) جامع البيان (20/ 146)
قال العلامة السعدي رحمه الله : {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} أي: امش متواضعا مستكينا، لا مَشْيَ البطر والتكبر، ولا مشي التماوت اهـ تيسير الكريم الرحمن (ص: 649)
عاشرا : الاعتدال في الصوت.
قال تعالى : ( وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) سورة لقمان، 19
وفيه الحث على خفض الصّوت عند التحدّث مع الآخرين وعدم المبالغة في رفع الصوت فيؤذي الآخرين
قال سعد بن جبير رحمه الله : ( اخفضه عن الملأ ) ، أخرجه ابن أبي حاتم.
قال ابن جرير رحمه الله ( إن أقبح أو أشرّ الأصوات لصوت الحمير ) جامع البيان (20/ 147)
ومن الأساليب التربوية في الآيات:
والتي يستفيد منها المربي في طريقة تعليمه وأسلوب التربية :
من يتأمل نصائح ووصايا لقمان عليه السلام مع ابنه سيجد أنها تشكل منهجًا قرآنيا واضحًا لإصلاح وتربية النشء على هدي القرآن الكريم وفيها الكثير من العبر والمواقف التربوية العظيمة لمن تأملها ويقاس عليها الكثير من المواقف المتشابهة ، وهذه مشاركة يسيرة أسميتها وقفات مع وصايا لقمان لابنه ، ولم أرغب الإطالة بل التيسير قد الإمكان ، سائلا الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ،
وكتبه / جمال القرش
وقفات تربوية مع وصايا لقمان :
أولا : تحقيق التوحيد
وهوأهم واجب على الوالدين أن يربوا أولا دهم عليه وأول ما يبدأ به .
قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) سورة لقمان، 13،
فالشرك أعظم الظلم والتوحيد أصل العدل، قال شيخ الإسلام بن تيمية : ( والتوحيد َأَصْلُ الْعَدْلِ الْعَدْلُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (1/ 106)
ثانيا : الإحسان إلى الوالدين وشكرهم
قال تعالى : وَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) سورة لقمان، 14-15.
وفيها بيان علاقة الوالد بوالدين الطاعة بترتيب الواجبات شكر الله ثم شكر الوالدين، والمصاحبة بالمعروف في غير معصية، كما قال ( فَلا تُطِعْهُمَا)
ثالثا: بيان من يجب اتباع سبيلهم .
قال تعالى: ﴿ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾ [لقمان: 15]؛
بين سبحانه من يَنبغي اتباع سبيلهم وطريقهم ونهجهم وهم الذين أنابوا إلى ربهم وصرفوا له العبادات كلها .
وبذلك يظهر الفرق بين المصاحبة واتباع السبيل ، فيمكن أن يصاحب الوالدين المشركين ويقدم لهم المعروف لكن لا يتبع سبيلهم فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، بل يتبع سبيل من أناب إلى ربه واتبع هديه فالاتِّباع والانتماء للحق وأهله وليس للطوائف والأشخاص أي اسلك طريق محمد وصحبه .
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله : وَكُلٌّ مِنْ الصَّحَابَةِ مُنِيبٌ إلَى اللَّهِ فَيَجِبُ اتِّبَاعُ سَبِيلِهِ، وَأَقْوَالُهُ وَاعْتِقَادَاتُهُ مِنْ أَكْبَرِ سَبِيلِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُمْ مُنِيبُونَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ هَدَاهُمْ وَقَدْ قَالَ: {وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: 13] . إعلام الموقعين عن رب العالمين (4/ 100)
رابعا: مراقبة الله تعالى والعدل في الحساب
قال تعالى : ( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) سورة لقمان، 16.
من خلال بيان قدرة الله وعظمته فهو سبحانه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ولو كان مثقال ذرة يأت بها الله سبحانه .
قال ابن جرير رحمه الله : ( إن الأمر إن تك زنة حبة من خردل من خير أو شرّ عملته، فتكن في صخرة، أو في السموات، أو في الأرض، يأت بها الله يوم القيامة، حتى يوفيك جزاءه ) اهـ جامع البيان ت شاكر (20/ 141)
قال ابن كثير رحمه الله : ( يَأْتِ بِهَا اللَّهُ أَيْ أَحْضَرَهَا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ، وَجَازَى عَلَيْهَا إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ ) اهـ تفسير ابن كثير (6/ 302)
خامسا: الأمر بإقامة الصلاة
قال تعالى : ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور) ) سورة لقمان، 17
وتعني إقامة الصلاة في وقتها بأركانها وشروطها وواجباتها ، فهي عمود الدين وركنه من أقامها أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين ، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وفيها الوعيد الشديد من تأخيرها أو التهاون فيها والذي قد يصل إلى الكفر والعياذ بالله عند الكثير من أهل العلم .
قال ابن كثير رحمه الله : ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ أَيْ بِحُدُودِهَا وَفُرُوضِهَا وَأَوْقَاتِهَا ) تفسير ابن كثير (6/ 302)
سادسا: الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
قال تعالى : ( وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ) ) سورة لقمان، 17
لأنّ فيها خدمةً عظيمةً للمجتمع، وحماية لهم من الانزلاق إلى الانحراف الأخلاقي أو الفكري ،وهي سبيل صَون العقيدة، وحفظ الفضيلة، وفلاح الأمّة، ونَصرها
سابعا : الصبر على الشدائد
قال تعالى: ( وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور) سورة لقمان، 17
وفيها الحث على الصير وهو من أجل الأخلاق وأعلاها وقرن بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن هذا هو المتوقع لأنّ تحويل أفكار النّاس ومعتقداتهم ليس بالأمر اليسير فهناك الأفكار المخالفة ومن ترسّخ في عقولهم ما يصعب تقبله كما حدث مع الأنبياء من قومهم.
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله : ( وَلَا بُد ايضا ان يكون حَلِيمًا صبورا على الاذى فَلَا بُد ان يحصل لَهُ اذى فَإِن لم يحلم ويصبر كَانَ مَا يفْسد اكثر مِمَّا يصلح ) الاستقامة (2/ 231)
ثامنا: الحث على التّواضع والتحذير من التكبّر
قال تعالى : ( وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) سورة لقمان، 18
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( لا تتكبر فتحقر عباد الله وتعرض عنهن بوجهك إذا كلموك) ، أخرجه ابن أبي حاتم
قال ابن جرير رحمه الله : ولا تعرض بوجهك عمن كلمته تكبرا واستحقارا لمن تكلمه، وأصل (الصعر) داء يأخذ الإبل في أعناقها أو رءوسها حتى تلفت أعناقها عن رءوسها، فيشبه به الرجل المتكبر على الناس اهـ جامع البيان ت شاكر (20/ 143)
قال ابن كثير رحمه الله : (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ يَقُولُ لَا تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ عَنِ النَّاسِ إِذَا كَلَّمْتَهُمْ أَوْ كَلَّمُوكَ احْتِقَارًا مِنْكَ لَهُمْ، وَاسْتِكْبَارًا عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ أَلِنْ جَانِبَكَ وَابْسُطْ وَجْهَكَ إِلَيْهِمْ ) اهـ تفسير ابن كثير (6/ 302)
قال ابن كثير رحمه الله : ( وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً أي خيلاء مُتَكَبِّرًا جَبَّارًا عَنِيدًا، لَا تَفْعَلُ ذَلِكَ يُبْغِضُكَ اللَّهُ، وَلِهَذَا قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ أَيْ مُخْتَالٍ مُعْجَبٍ فِي نَفْسِهِ، فَخُورٌ أَيْ عَلَى غَيْرِهِ ) تفسير ابن كثير (6/ 303)
تاسعاا: الحث على الوقار والسمت
قال تعالى : ( وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ) ) سورة لقمان، 19
وفيها غرس قيمة التواضع أساس كل فضيلة والتحذير من التكبر في المشى أو في الفرح المفرط
فيكون مقتصداً في مشيته، ليس بالبطيء المتثبط ، ولا بالسريع المفرط، بل عدلاً وسطاً بين ذلك .
وفيه ذم الخيلاء والفخر، والتحذير من احتقار الناس أو ازدرائهم، أو الاستخفاف بهم بالميل عنهم بوجهه
قال ابن جرير رحمه الله ( تواضع في مشيك إذا مشيت، ولا تستكبر، ولا تستعجل ) جامع البيان (20/ 146)
قال العلامة السعدي رحمه الله : {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} أي: امش متواضعا مستكينا، لا مَشْيَ البطر والتكبر، ولا مشي التماوت اهـ تيسير الكريم الرحمن (ص: 649)
عاشرا : الاعتدال في الصوت.
قال تعالى : ( وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) سورة لقمان، 19
وفيه الحث على خفض الصّوت عند التحدّث مع الآخرين وعدم المبالغة في رفع الصوت فيؤذي الآخرين
قال سعد بن جبير رحمه الله : ( اخفضه عن الملأ ) ، أخرجه ابن أبي حاتم.
قال ابن جرير رحمه الله ( إن أقبح أو أشرّ الأصوات لصوت الحمير ) جامع البيان (20/ 147)
ومن الأساليب التربوية في الآيات:
والتي يستفيد منها المربي في طريقة تعليمه وأسلوب التربية :
- أسلوب الانتقاء : في قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ)(لقمان: من الآية13) .
- أسلوب الموعظة : في قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ)(لقمان: من الآية13) .
- أسلوب التعليل: كقوله تعالى : (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك) ثم علل ذلك بقوله: (إن ذلك من عزم الأمور)
- أسلوب ضرب الأمثال: كقوله تعالى : ( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) سورة لقمان، 16.
- أسلوب طرح البدائل : كقوله ( واقصد في مشيك) بعدما قال (ولا تمش في الأرض مرحا) فقد أوجد البديل المقبول بعد المنهي عنه وعلى ذلك يسير المربي.
- أسلوب التنفير: كقوله تعالى: (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)(لقمان: الآيتين 18،19) فقد نفر من الصوت العالي وشبهه بصوت الحمير للتنفير من ذلك .
- أسلوب التدرج : كما يلاحظ بدأ بالأهم وهي العقيدة ثم بيان حق الوالدين وهكذا .