وقفات مع كتاب ( تحريف المصطلحات القرآنية- وأثره في انحراف التفسير في القرن الرابع الهجري

البهيجي

Well-known member
إنضم
16/10/2004
المشاركات
2,467
مستوى التفاعل
82
النقاط
48
العمر
65
الإقامة
العراق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين أما بعد...فإن للمصطلح أهمية فائقة يجب ان يعرفها طالب العلم فهو المكون اللفظي المستخدم في التعبير العلمي وان تحريفه هو أول الطريق لتحريف العلم ووقوع الطامات.
وفي البداية فإن الكتاب من الممكن تحميله من الرابط التالي:
تحريف المصطلحات القرآنية وأثره في انحراف التفسير في القرن الرابع عشر - فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرومي | مركز تفسير للدراسات القرآنية
والكتاب من تأليف الأستاذ الدكتور فهد الرومي جزاه الله تعالى خيرا وأصله بحثاً علمياً لمؤتمر عقد في كلية الشريعة في جامعة الشارقة تحت عنوان ( الجهود المبذولة لخدمة القرآن الكريم من بداية القرن الرابع الهجري الى اليوم ) بتاريخ 24/4/2003
ونبدأ من نقل الأستاذ الفاضل فهد الرومي تفسير ابن كثير لقوله تعالى( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْلَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْمَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىخَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّاللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)) المائدة
قال ابن كثير: ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَمَّا أَحَلَّ بِهِمْ مِنَ الْعُقُوبَةِ عِنْدَ مُخَالَفَتِهِمْ مِيثَاقَهُ وَنَقْضِهِمْ عَهْدَهُ ، فَقَالَ : ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ ) أَيْ : فَبِسَبَبِ نَقْضِهِمُ الْمِيثَاقَ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ لَعَنَّاهُمْ ، أَيْ أَبْعَدْنَاهُمْ عَنِ الْحَقِّ وَطَرَدْنَاهُمْ عَنِ الْهُدَى ، ( وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ) أَيْ : فَلَا يَتَّعِظُونَ بِمَوْعِظَةٍ لِغِلَظِهَا وَقَسَاوَتِهَا ، ( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ) أَيْ : فَسَدَتْ فُهُومُهُمْ ، وَسَاءَ تَصَرُّفُهُمْ فِي آيَاتِ اللَّهِ ، وَتَأَوَّلُوا كِتَابَهُ عَلَى غَيْرِ مَا أَنْزَلَهُ ، وَحَمَلُوهُ عَلَى غَيْرِ مُرَادِهِ ، وَقَالُوا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ ، عِيَاذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ، ( وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) أَيْ : وَتَرَكُوا الْعَمَلَ بِهِ رَغْبَةً عَنْهُ .

قَالَ الْحَسَنُ : تَرَكُوا عُرَى دِينِهِمْ وَوَظَائِفَ اللَّهِ الَّتِي لَا يَقْبَلُ الْعَمَلَ إِلَّا بِهَا . وَقَالَ غَيْرُهُ : تَرَكُوا الْعَمَلَ فَصَارُوا إِلَى حَالَةٍ رَدِيئَةٍ ، فَلَا قُلُوبَ سَلِيمَةٌ ، وَلَا فِطَرَ مُسْتَقِيمَةٌ ، وَلَا أَعْمَالَ قَوِيمَةٌ .
ونكمل لاحقاً بعون الله تعالى.

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين أما بعد...لقد قسم المؤلف التحريف الى ثلاثة أنواع هي:
1- تحريف المصطلحات العقدية.
2- تحريف المصطلحات التشريعية.
3- تحريف المصطلحات اللغوية.
وأعتبر ان التحريف في المصطلحات العقدية من أخطر الأنواع وضرب له أمثلة منها:
1- الإسلام ، الايمان ، الدين ، الكفر
بالنسبة للايمان فإن أورد قوله تعالى:(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّواوُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَبِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَوَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَوَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَىالزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِيالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُواوَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ (177) ) البقرة
وبالنسبة للاسلام ذكر حديث ابن عمر المشهور:( بني الإسلام على خمس...)
أما الدين فهو في قوله تعالى:( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِالإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَاجَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّاللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) )آل عمران
وللتفريق بين الايمان والكفر ذكر قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَهَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّاللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّشَيْءٍ شَهِيدٌ (17) الحج
ولا شك ان الآية قد ميزت بين الأصناف المذكورة ووجب على المتلقي ان يعرف ان اليهود والنصارى والصابئة والمشركين ليسوا من المؤمنين أي هم كفار...
وقد قام بعض المفسرين بتحريف هذا المفهوم فقال محمد رشيد رضا:( وأما لفظ الكفر فيطلق في عرف كتاب اليوم على الملاحدة .....ولا نطلقه على المخالفين لنا من أصحاب الملل الأخرى لانهم ليسوا كفارا بهذا المعنى .....)
وهذا من الفهم العجيب فهم أي اليهود والنصارى يسمون المسلمين واتباع الديانات المخالفة لدينهم بالكفار ولا يتحرجون من ذلك...ولكن لا يجوز ذلك للمسلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...إن لفظ الكفر عندما يطلق على اليهود والنصارى فهو يعبر عن أحوالهم وليس وصفاً تحريضياً ضدهم فهم لا يؤمنون بالإسلام أي انهم يكفرون بما جاء به الإسلام فبماذا نصفهم ؟ وكذلك اهل الإسلام لا يؤمنون بما يقول اليهود والنصارى ولهذا فهم يسمونهم بالكفار أي ان المسلمين يكفرون بمعتقدات اليهود والنصارى وهذا من حقهم كما ان من حق المسلمين ان يسموا اليهود والنصارى بالكفار...فهذه المسألة متقابلة بين أهل الديانات مقبولة في نظر المنصفين فلا حرج فيها.
ثم ينقل الأستاذ فهد الرومي عن العلامة عبد الحميد الفراهي قوله :(فمن لم يتبين له معنى الألفاظ المفردة من القرآن:
1- أُغلق عليه باب التدبر.
2- وأشكل عليه فهم الجملة.
3- وخفي عليه نظم الآيات والسورة.
ثم سوء فهم الكلمة ليس بأمر هين فإنه يتجاوز الى إسائة فهم الكلام وكل ما يدل عليه من العلوم والحكم فإن أجزاء الكلام يبين بعضه بعضا للزوم التوافق بينها)( مفردات القرآن لعبد الحميد الفراهي ص 4- 5).
وتعالوا ننظر بما قال العلامة الفراهي: انه يقصد ان طالب العلم اذا وقف امام مصطلح قرآني ولم يتبين له معناه اما بسبب لم يستطع تدبره أو أشكل عليه او خفي عليه...فهذه الأمور قد توقع طالب العلم في تحريف المصطلح فماذا يفعل؟ لا شك ان النجاة من الوقوع بالتحريف هو بالرجوع الى أهل العلم والى ما قرروه فإن بقي الإشكال عليه ان لا يعجل حتى يسأل من هو أعلم منه .
والله تعالى أعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...وذكر الأستاذ الرومي أقوالاً للأستاذ محمد حسين الذهبي منها:( مُني الإسلام من زمن بعيد بأناس يكيدون له ويعملون على هدمه بكل ما يستطيعون من وسائل الهدم والكيد ، وكان من أهم الوسائل التي اتخذوها تأويلهم للقرآن على وجوه غير صحيحة)( التفسير والمفسرون 188/3).
ولاشك ان التأويل الشاذ يدخل في موضوع تحريف المصطلحات .

ولنرجع الى مسائل التصنيف التي ذكرها الأستاذ المؤلف فإنه قد أسهب في ذكر التساهل الواضح عند محمد رشيد رضا وشيخه محمد عبده ومن بعدهم محمد عمارة وقد أشار في هامش الصفحة 35 الى ما يلي: ولمعرفة مدى انتشار تحريف هذا المصطلح وتمييع الخلاف بين الإسلام واهل الكتاب عند المفكرين والادباء والشعراء ونشأة هذه الفكرة: أنظر الى ما كتبه سليمان الخراشي في كتابه( محمد عمارة في ميزان اهل السنة والجماعة) ص 345- 385.
ثم ينتقل الى تحريف مصطلح الوحي، والملائكة والجن وينقل من كتابه ( منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير) ولا أريد الخوض في ذلك .

انما أريد الانتقال الى التحريف في المصطلحات التشريعية وقد ذكر لمصطلح الزاني والسارق وان التحريف في فهمه ورد عند الدكتور محمد أبو زيد ان العقوبة تستلزم التكرار في الذنب أي لا يقوم حد الزنا وحد السرقة الا عند تكرارهما وهذا لم يرد لا في قرآن ولا سنة !!!
ثم يذكر التحريف في مصطلح الربا وان البعض يجوزون الربا غير المثقل للمدين ويحرمون الربا اذا كان أضعافا مضاعفة والى هذا ذهب جمال الدين الافغاني ومحمد عبده
ومحمد رشيد رضا وغيرهم .
ثم ينقل عن مصطفى محمود قوله ان الغض عن بعض البصر عبادة لان المتبقي من البصر انما هو عبادة!!! ثم يذكر ما ذكره محمد شحرور من طامات لا تستحق الذكر ولا المناقشة فإن زيفها واضح وعوارها بين .

والله تعالى اعلم.
 
عودة
أعلى