وقفات مع سورة النساء (محمد نصيف)

إنضم
07/05/2004
المشاركات
2,562
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
الخبر - المملكة ا
الموقع الالكتروني
www.islamiyyat.com
[FONT=&quot]وقفات مع سورة النساء[/FONT]
[FONT=&quot]الشيخ محمد نصيف[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]‫ظˆظ‚ظپط§طھ ظ…ط¹ ط³ظˆط±ط© ط§ظ„ظ†ط³ط§ط، ظ„ظ„ط´ظٹط® / ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]مع سورة النساء ولعلنا نبدأ في حديث في صحيح مسلم[FONT=&quot][1][/FONT] عن عبد الله بن مسعود: قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ "اقرأْ عليَّ القرآنَ" – النبي صلى الله عليه وسلم الذي نزل عليه القرآن يخاطب عبد الله بن مسعود وهو من كبار الصحابة العارفين بالقرآن يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: اقرأ عليّ القرآن - قال فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! أقرأُ عليك، وعليك أُنْزِلَ؟ قال "إني أشتهي أن أسمعَه من غيري" فقرأتُ النساءَ حتى إذا بلغتُ: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) [النساء، الآية 41] رفعتُ رأسي أو غمَزَني رجلٌ إلى جنبي فرفعتُ رأسي فرأيتُ دموعَه تسيلُ". وهذا يدل على تأثره بالقرآن عليه الصلاة والسلام وتأثره بهذه السورة العظيمة سورة النساء.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة كما هو ظاهر جدًا من السور التي نزلت بالمدينة وقد ظلت تنزل لسنوات طويلة لأن بعض آياتها تتعلق بأحداث مبكّرة وبعض آياتها تتعلق بأحداث متأخرة فهي ممتدة النزول. بعض السور تتقارب أوقات نزولها وبعض السور تنزل دفعة واحدة ووهذا غالبًا في قصار السور وبعضها يطول كثيرًا مثل هذه السورة. وفيها تأسيس للدولة المسلمة وللمجتمع المسلم وخاصة فيما يتعلق بأمور الأسرة من النساء والأيتام والأطفال وهذا جانب كان مُضيّعًا كثيرًا عند العرب وغيرهم قبل هذا الدين العظيم. هذه السورة النساء تؤسس المجتمع المسلم من هذا الجانب ومن جوانب أخرى تأتي عند ذكر أقسام السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]لم يثبت لهذه السورة فضل مستقل لكن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال[FONT=&quot][2][/FONT]: من أخذ السبع الأول فهو حبْر". السبع الأول منها سورة النساء بالاتفاق لأن السبع الأول هي سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف باتفاق ثم اختلفوا في السورة السابعة – كما سيأتي عند سورة الأنفال-. فسورة النساء من السبع الأول التي يقول عنها النبي صلى الله عليه وسلم "من أخذ السبع الأول فهو حَبْر" أي عالم متمكن، الذي أخذ السور السبع أخذها بحقها فهمها واستوعب ما فيها. جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه في مقولة جمع فيها بين نظرة له في سورة آل عمران ونظرة له في سورة النساء جاء في مسند الدارمي أنه قال: "من قرأ سورة آل عمران فهو غنيّ والنساء فهو محبرة". ابن مسعود تربّى على يد النبي صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام "ليس اغنى عن كثرة العَرَض – أي ليس الغنى بكثرة ملكك للعقار والأرض والأموال ونحو ذلك، هذا أمور عارضة تزول في أية لحظة – ولكن الغنى غنى النفس" لكن هذا المقياس الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم غائب في كثير من الأحوال فإذا قلنا غنيّ نقصد شخص عنده مال حتى لو كان قلبه فقيرًا جدًا يذلّ نفسه لأيّ أحد لأجل أن يزيد من رصيده، ما عنده غنى النفس. إبن مسعود يقول: من قرأ سورة آل عمران فهو غني وقد مر معنا في سورة آل عمران آيات متعددة تعظّم من قدر الآخرة وتهوّن من أمر الدنيا وتبيّن حقيقة الدارين وتقول (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ (133) آل عمران). قال "والنساء محبرة" بعضهم قال من الحبور أي الرضى والسرور وبعضهم قال من التحبير ولعلها تُقرأ حينئذ محبِّرة أو محبَّرة من التحبير والتحبير هو التحسين والتزيين وعندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم أبي موسى الأشعري وكان صوته كصوت ابن مسعود حسنًا جميلًا بالقرآن عندما سمعه النبي صلى الله عليه وسلم أُعجب بصوته فقال له أبو موسى: لو كنت أعلم أنك تسمع لحبّرته لك تحبيرًا. فالتحبير هو التحسين والتزيين، ابن مسعود يصف سورة النساء بأنها محبرة أو محبَّرة اي فيها الحبور والرضى والسرور لمن يقرأها أو أنها مزيّنة محكمة متقنة وكل هذا موجود فيها لكن قد لا يظهر لكل أحد. ولو قرأنت السورة لوجدت عددًا من الأنظمة التي لم تستطع البشرية بعدها أن تأتي بمثلها ولا يمكنها. آيات أحكام المواريث ثلاث آيات: آيتان في أول السورة وآية في آخر السورة بُني عليها نظام متكامل لا يوجد عند أحد من البشر مثله ابدًا، بل خرج كتاب تفسير كبير في آيات المواريث من ناحية تفسيرية فقط نظر في هذه الآيات الثلاث، كتاب في ثلاثمائة صفحة لأنه إعجاز في هذه الكلمات اليسيرة يصبح الإنسان قادرًا على توزيع أموال الميت، هذا نظام متكامل.[/FONT]
[FONT=&quot]نظام آخر متواجد في السورة هو نظام تعامل الأسرة مع الزوجة إذا نشزت ومع الزوج إذا خشيت زوجه أن يفارقها إلى غير ذلك مما جاء في الأحكام، والتعامل مع الأيتام، نظام محكم يُشعر الإنسان أنه كما قال: رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًا. لن تجد نظامًا للأسرة ولا نظامًا بين الزوجين ولا نظامًا للتعامل مع الأيتام ولا نظامًا في المواريث مثل هذا الذي في القرآن وقد قال أحد المستشرقين مقولة مؤلمة لكنها في نفس الوقت دالة على عظمة هذا الدين – عندما تعلّم عن الإسلام الشيء الكثير لكنه لم يُسلم – قال: يا له من دين لو كان رجال!. دين قائم عظيم (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا (3) المائدة) ثم تتخبط الأمة تبحث عن شيء آخر يهديها وهيهات لا يهديها إلا هذا القرآن.[/FONT]
[FONT=&quot]أقسام السورة[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة يمكن تقسيمها إلى قسمين. هي ثاني أطول سورة من ناحية عدد الصفحات وليس عدد الآيات لأن آياتها أقل من آيات سورة آل عمران ولكنها أطول من سورة آل عمران وسورة الأعراف طويلة قريبة من سورة النساء. هذه السورة الطويلة نقسمها – وهذا التقسيم كما هو معلوم عند من كتبوا في علوم القرآن - ليس تقسيمًا متفقًا عليه لا يتجاوزه أحد وإنما يستطيع الإنسان أن يتأمله ويدرك شئيًا آخر لكنه تقسيم يعين الإنسان -وينبغي للإنسان وهو يقرأ القرآن أن يتدبر- يعينه على التأمل والتدبر في الآيات. [/FONT]
[FONT=&quot]فالقسم الأول في السورة يدور حول آية واحدة موجودة في وسط هذا القسم الأول[/FONT][FONT=&quot] الذي يمتد أكثر من 135 آية، آية واحدة تأتي في منتصف هذه القسم وتقسمه إلى قسمين. يقول الله سبحانه وتعالى في هذه الآية وهي آية عظيمة حقًا يقول عز من قائل (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)) لو تأملنا الآيات قبل هذه الآية تجدها كلها تقريبًا تنصبّ في قوله تعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) ذُكر فيها أموال اليتامى وغيرها من الأمور التي تؤددّى فيها الأمانة إلى أهلها: الميت عندما توزّع تركته إلى غير ذلك مع ربط كل ذلك بالتقوى لأن التقوى هي الأساس والإنسان مهما وضعت القوانين لا يستطيع من يضع القانون أن يجعل رقيبًا على كل أحد وإنما تبقى تقوى الله هي التي تعصم الإنسان من الزلل. والله سبحانه وتعالى أعطى الحكم وترك للناس الخيار قال بعدما ذكر آيات المواريث (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿١٣﴾ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴿١٤﴾) فإذن الرقابة متروكة، كل واحد يراقب الله سبحانه وتعالى ولكن الأحكام تُذكر وتُربط بالتقوى كما هو ظاهر في الآيات. الآيات قبل هذه الآية تتكلم عن تأدية الأمانات إلى أهلها.[/FONT]
[FONT=&quot]والقسم الثاني بعدها بقية القسم الأول، في الجزء الآخر من الآية قال (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ) ما قبل هذه الآية عن تأدية الأمانة وما بعدها عن الحكم بين الناس بالعدل وهذا يحتاج إلى وقفات مع الآيات. [/FONT]
[FONT=&quot]النداءات في السورة[/FONT]
[FONT=&quot]وهذه السورة تتميز بكثرة النداء وإذا سمع المؤمن نداء من الله هذا شيء مفرح، أنت تفرح لو اتصل بك أو ناداك مسؤول أو شخص له مكانة خاصة إذا كنت تعرف أنه سيناديك ليعطيك ليرشدك، ليهديك، ليدلّك، ليكرمك، ليعينك، لينير لك الطريق، هذه هي نداءات الله. فالله سبحانه وتعالى ينادينا في هذه السورة نداءات كثيرة بدأ أول نداء في قوله تعالى في أول السورة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ) وفي آخر السورة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) وبينها أكثر النداءات جاءت للمؤمنين ولو تأملت في هذه النداءات قبل آية (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) لوجدتها تتعلق بالأمانة. يقول الله سبحانه وتعالى في أربع نداءات قبل هذه الآية (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) [/FONT]
[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[/FONT]) قال بعض الدعاء: هذه الآية لو طبّقتها الأمة لانتهى الغشّ وانتهى تضييع الأمانة بكل صوره مع أن الأمانة الآن تبحث عن الشخص الأمين. أحيانًا تتأخر في إصلاح شيء في بيتك أو في سيارتك لأنك تبحث عن شخص أمين، والبعض يقول بمجرد أن أغفل للحظات عن العمال الذين يبنون عمارتي يبدأوا بالغشّ في مدينة رسول الله والكل مسلمون! الأمانة! (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) كافية لتأدية الأمانة.
[FONT=&quot]ثم جاء النداء الثاني يقول سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا (19)) وهذا أيضاً فيه تأدية للأمانة. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)) وهذا فيه الأمانة أيضًا.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)) إلى آخر الآيات التي تذكر الوضوء والغسل من الجنابة وهو أمانة كما ذكر المفسرون فمن يعرف إذا توضأ الإنسان أم لم يتوضأ؟! هذه أمانة ورقابة شخصية بين الإنسان وبين ربّه، إن أدّاها أفلح وإلا خسر.[/FONT]
[FONT=&quot]فهذه الآيات كلها تدور حول الأمانة والعجيب فيها مع أنها كلها آيات أحكام إلا أن كل قسم منها كان يُختم بآيات تذكر الإنسان بالتوبة وتذكره بالرجوع إلى الله وتذكره بالجنة والنار. في نهاية القسم الأول يقول الله سبحانه وتعالى (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17)) هذه الآية غريبة في السياق وقبلها آيات عن الأحكام ثم جاءت هذه الآية (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)) ثم جاءت آيات في الأحكام ثم جاءت الآية (يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27)) ثم ذكرت آيات أخرى في الأحكام ثم قال الله سبحانه وتعالى (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيدًا (41)) ثم جاءت آيات في الأحكام ثم قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴿٥٦﴾ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ﴿٥٧﴾) القصد أن هذه الآيات مع أنها من آيات الأحكام التي نزلت في المدينة إلا أنها ملئت بالتذكير بالتوبة وبالجنة والنار لأن الإنسان لا يمكن أن يستقيم على الأحكام إلا إذا علِم عَظَمة ذي الجلال والإكرام سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot](إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ) ما قبلها يدور حول الأمانة وما بعدها يدور حول الحكم بين الناس بالعدل. هنا يحصل خلل كبير. كيف يمكن أن يقام العدل؟ لا يمكن أن يقام العدل إلا إذا اتُّبِع شرع الله، إقامة العدل التام لا يمكن، محكمة العدل الدولية لا يمكن أن تقيم العدل في الأرض لأنها لا تحكم بشرع الله، الذي يحكم بشرع الله تامًا كما أنزله الله هو الذي يقيم العدل في الأرض. وجاءت هنا الآيات يقول الله سبحانه وتعالى في أولها:[/FONT]
[FONT=&quot](يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ) إذا اختلفتم بالحكم (فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴿٥٩﴾) هذا الرد إلى الله والرسول للمؤمنين أما غيرهم فليس الشأن شأنهم.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال بعدها (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴿٦٠﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴿٦١﴾) إلى آخر الآيات التي تبين وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ومنها قوله (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿٦٥﴾) كل هذا يرجع إلى (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ). [/FONT]
[FONT=&quot]ولما ذكر الله الطاعة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ذكر أشقّ طاعة على النفوس وهي طاعة لا يمكن أن يقام العدل إلا بوجودها قال عزّ من قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ﴿٧١﴾ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ) خذوا حذركم عند القتال (فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ﴿٧١﴾ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ) يُذكر المنافقون لأن المنافقين يكرهون الجهاد ولا يؤمنون أن الذي يُستشهد ينتقل إلى ما هو خير له من هذه الدنيا، طمعهم وآمالهم منحصرة في هذه الدنيا وفي سورة الأنفال وفي سورة التوبة خصوصًا وفي سورة محمد يُذكر المنافقون بكثرة لأن هذه السور يُذكر فيها الجهاد والجهاد شوكة أو غُصّة في حلوق المنافقين. ذُكر القتال هنا لأنه لا يمكن أن يقام العدل إذا تُرك الظالم يفعل ما يشاء ولم يقم الجهاد للدفاع عن المسلمين وقد قال الله في هذه الآيات (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ﴿٧٥﴾) من يقيم العدل ويعطيهم حقوقهم إلا الذي يقيم الجهاد، لذلك ذُكر الجهاد في هذا الجزء وهو جزء من الحكم بين الناس بالعدل. [/FONT]
[FONT=&quot]وقد خُتم هذا القسم كله بقوله سبحانه وتعالى في آية تدل على قضية العدل التي دار حولها الجزء الثاني من القسم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ (135)) فهذه آخر آية في القسم وهي ترجع إلى معنى العدل (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) ما قبلها عن تأدية الأمانة (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ) ما بعدها حكم بين الناس بالعدل إلى أن قال الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) [/FONT]
[FONT=&quot]أما القسم الثاني من السورة وهو أصغر بكثير من القسم الأول فكأنه خاتمة وتعقيب وتذييل للقسم الأول يبدأ بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴿١٣٦﴾)[/FONT][FONT=&quot] وهنا توقف العلماء كيف يقول الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا) أيها المجتهدون اجتهدوا، هم مجتهدون فلماذا يأمرهم بالاجتهاد؟ هذا دعوة للثبات على الإيمان لأنه ليس الشأن أن تؤمن ولكن الشأن أن يُختم لك بالإيمان نسأل الله الخاتمة الحسنة. فقد يعمل الإنسان بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ثم يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها والعياذ بالله! فالله سبحانه وتعالى بعد أن اعطانا أحكامًا كثيرة يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا) وهذه دعوة لتجديد الإيمان لأن الإيمان يضعف ويفتر فيحتاج إلى تجديد الإيمان ورمضان فيه دعوة لتجديد الإيمان ويجد الإنسان في نفسه استبشاراً وإقبالًا على الخير في مثل هذه المواسم فجاءت دعوة من الله سبحانه وتعالى للمؤمنين في تجديد إيمانهم ثم ذكر المنافقين وفصّل فيهم إلى أن قال (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴿١٤٥﴾) وتعرّض مع ذلك لحال أهل الكتاب ثم قال سبحانه وتعالى (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴿١٦٣﴾) وتكلم عن إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وشهادة الله لنبيه قال (لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴿١٦٦﴾) فالقسم الثاني بدأت يتثبيت الإيمان ثم ثنّى بإثبات النبوة للمصطفى من عدنان عليه الصلاة السلام ولذلك جاء في الآيات (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴿١٧٠﴾) الله غني عنا وعن إيماننا.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم توجه الخطاب خصيصاً لأهل الكتاب[/FONT][FONT=&quot] فقال سبحانه وتعالى في آخر صفحتين من السورة (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ (171)) دعاهم إلى توحيده سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم في آخر السورة قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) بدأت السورة بنداء الناس وختمت بنداء الناس لكنها هنا كأنها خاتمة لكل شيء (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴿١٧٤﴾) في هذه السورة وفي غيرها جاءنا البرهان وجاءتنا الحجة وجاءنا الشيء الظاهر الذي تقوم به الحجة على العبد يوم يلقى الله سبحانه وتعالى (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴿١٧٤﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴿١٧٥﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكرت آية ثالثة من آيات المواريث[/FONT][FONT=&quot]، آيات المواريث ذكرت في القسم الأول من السورة وذُكرت هنا واللافت للانتباه أن القسم الأول بدأ بقوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) ثم ذكرت آيات المواريث والقسم الأخير من السورة قال فيه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) ثم ذُكرت آية أخيرة تتمم أحكام المواريث. [/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT] [FONT=&quot]قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ " اقرأْ عليَّ القرآنَ " قال فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ! أقرأُ عليك ، وعليك أُنْزِلَ ؟ قال " إني أشتهي أن أسمعَه من غيري " فقرأتُ النساءَ . حتى إذا بلغتُ : فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا [ 4 / النساء / الآية - 41 ] . رفعتُ رأسي . أو غمَزَني رجلٌ إلى جنبي فرفعتُ رأسي . فرأيتُ دموعَه تسيلُ . وفي روايةٍ : قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وهو على المنبرِ ، " اقرأ عليَّ[/FONT] " .[FONT=&quot] -[/FONT][FONT=&quot]الراوي:[/FONT] [FONT=&quot] عبدالله بن مسعود المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 800 - خلاصة حكم المحدث: صحيح[/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot][2][/FONT] [FONT=&quot]من أخذ السبعَ الأُوَّلَ من القرآنِ فهو حَبْرٌ. الراوي:[/FONT] [FONT=&quot] عائشة أم المؤمنين المحدث:الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 2305 - خلاصة حكم المحدث: حسن أو قريب منه[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
 
عودة
أعلى