سلمت القرآن كاملا إلا سورا قليلة حصل فيها خلل في التسجيل إلى بعض الإخوة لرفعها من شوال الماضي ولم يرفع سوى السور من الفاتحة إلى المائدة، والتقسيم مستقى في معظم السور من تفسير الشيخ سعيد حوى.
[FONT="]وقفات مع سورة البقرة[/FONT]
[FONT="]الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين.[/FONT]
[FONT="]اليوم مع سورة البقرة وما سنذكره فيها ليس وقفات وإنما هي إشارت فيها لأن السورة طويلة وقد مكث بعض الصحابة وهو ابن عمر كما ثبت عنه بإسناد حسن يتعلم هذه السورة أربع سنوات كما سيأتينا وإنما هي إشارات تشحذ الهمة وتعين الإنسان على التأمل في الآيات وتشجعه أن يبدأ في قرآءة الكنوز المستودعة في كتب التفسير وفي كل من كتب في معاني القرآن.[/FONT]
[FONT="]سورة البقرة هي أول سورة نزلت في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن سكنها عليه الصلاة والسلام، وحكى ابن حجر الإجماع على هذا أن أول سورة نزلت في المدينة هي سورة البقرة وهذا لا يعني أنها بطولها هذا كله نزلت في أول سكنى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وإنما ظلت تنزلت تباعًا إلى أن نزلت آخر آية في القرآن في سورة البقرة (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (281)) هذه آخر آية في المصحف نزولًا وهي في أواخر سورة البقرة ليست آخر آية في السورة وهذا يعني أن سورة البقرة استمر نزولها عشر سنوات منذ أن سكن النبي صلى الله عليه وسلم المدينة إلى أن نزلت عليه آخر آية. وهذا يدل على أنها ظلّت تربّي الصحابة لسنوات طوال ولذلك كان اهتمام الصحابة بها كبيرًا فكما مرّ معنا في بداية الكلام ظلّ ابن عمر رضي الله عنه يتعلم سورة البقرة أربع سنوات وهناك روايات أخرى لكنها ضعيفة أنه ظلّ 12 سنة أو أن عمر رضي الله عنه ظلّ ثماني سنوات لكن عندنا رواية صحيحة أنه ظلّ فيها أربع سنوات لأن الصحابة كان عندهم منهج كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموا ما فيهن من العلم والعمل ثم يتجاوزون إلى غيرهنّ. فأربع سنوات في سورة البقرة وهذا تقريبًا في الأسبوع ربع صفحة كمية قليلة جدًا وهذا يدل على أن الأمر جدّ عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وفي غزوة حنين بعد فتح مكة وبعد أن سار النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ومعه الصحابة الكبار ومعه من أسلم حديثًا فباغته الكفار ففرّ كثير من جيش المسلمين وبقي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه قلة من الصحابة فيهم العباس بن عبد المطلب وكان صيّتًا (صوته عالي) فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن نزل من بغلته عليه الصلاة والسلام بعد أن فرّ الجيش وقال أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ثم قال: يا عبّاس نادِ: يا أصحاب السمُرة، يا أصحاب سورة البقرة. عندما يكون أحدهم متخصصًا في جانب من جوانب العلم أو من جوانب الحياة يقولون فلان متخصص في هذا الجانب، النبي صلى الله عليه وسلم يختار لأصحابه نداء عجيبا "يا أصحاب سورة البقرة" والصحبة يعني طول الملازمة ومع الصحبة غالبًا يكون هناك أنس وودّ وحبّ وكثرة للملازمة والمداومة فقال يا أصحاب سورة البقرة فرجعوا وفاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على شدة عناية الصحابة بهذه السورة أن يُنادَوا بصحبتهم لها. وقد جاء عن عروة بن الزبير أن شعار الصحابة في حربهم مع مسيلمة الكذاب كان "يا أصحاب سورة البقرة" كانوا ينادون بعضهم في المعركة " يا أصحاب سورة البقرة" شعار بينهم يجمعهم اجتمعوا عليه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم واجتمعوا عليه بعد وفاته عليه الصلاة والسلام. كل هذا هو غيض من فيض يدل على شدة اهتمام الصحابة بهذه السورة. وسيأتي في خاتمة السورة ما يدل على جدّيتهم وشعورهم بالمسؤولية عندما كانت تنزل عليهم آيات القرآن وآيات هذه السورة. [/FONT] [FONT="]فضائل السورة[/FONT]
[FONT="]لهذه السورة فضائل كثيرة ومن ذلك ما ثبت في صحيح مسلم أن البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان ويخرج منه إذا كان فيه. ومن فضائلها أنها سنام القرآن وعند العرب يطلقون كلمة سنام على أعلى كل شيء فسنام كل شيء أعلاه وكلنا يعرف سنام الجمل، سنام كل شيء أعلاه وسنام القرآن سورة البقرة لأن فيها أحكام كثيرة بل تكاد تكون قد استوعبت كل أحكام القرآن، فأحكام الصيام في سورة البقرة وأحكام الحج كثير منها في سورة البقرة وأحكام القتال والجهاد كثير منه في سورة البقرة وأحكام الطلاق كثير منه في سورة البقرة والدَيْن إلى غير ذلك من الاستيعاب العظيم لمعاني القرآن. [/FONT] [FONT="]اسم السورة[/FONT]
[FONT="]أشهر اسم لها هو سورة البقرة وهو مأخوذ من قصة معروفة في أواخر الحزب الأول من الجزء الأول من سورة البقرة وهذه القصة لها مغزى، النبي صلى الله عليه وسلم وقد مر معنا في بداية الحديث أن سورة البقرة بدأت تنزل عليه بعد وصوله إلى المدينة بفترة، هي أول سورة نزلت وهو يسكن في المدينة ومعه فيها الأنصار من الأوس والخزرج الذين أسلموا وبعض أهل المدينة ممن لم يُسلم واليهود وهم أصحاب كتاب وكانوا يفتخرون بما عندهم من العلم على العرب وكان العرب ينظرون إليهم نظرة احترام وأن عندهم علم أكثر وظهر أيضًا في تلك الفترة المنافقون الذين يُظهرون الإيمان ويبطنون الكفر فجاءت سورة البقرة تعالج تلك الجماعات كلها وتوجهها إلى ما فيه الخير لها فجاءت في ضمن تلك السورة قصة البقرة وهي قصة لها أبعاد متعددة:[/FONT] · [FONT="]أول بُعد فيها أن يعرف المسلمين الذين يسكنون في المدينة يساكنون فيها اليهود طبيعة اليهود وطبيعة تلقيهم لأوامر الله يوم تأتيهم من نبيهم موسى فكيف إذا جاءتهم الأوامر من نبينا عليه الصلاة والسلام؟! من النبي العربي الأمي الذي رفضوا ما عنده حسدًا لأنه ليس من بني إسرائيل، وهذا جانب من القصة.[/FONT] · [FONT="]وجانب آخر أن بعد هذه القصة في السورة من أحكام الله التي يأمرنا بها أحكامًأ كثيرة جدًأ وكأنها تُشعر المسلمين أنهم لا ينبغي أن يسلكوا سبيل اليهود الذين تلكأوا وتباطؤوا وتحامقوا عندما قال لهم (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً (67)) أمر واضح ظاهر ليس فيه خفاء (قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً) ثم أمرهم بعد أخرى في القصة المعروفة فكأن هذه السورة وإن كانت تمثل لنا حقيقة اليهود إلا أنها تحذّرنا من سلوك سبيلهم الذي هو عدم السرعة في الاستجابة لأوامر الله ولأوامر رسول الله المبلّغ عن الله. فهذه القصة في هذه السورة لها مغزى ولها موضع تفضح اليهود من جهة وتمهّد لما بعدها من أحكام من جهة أخرى.[/FONT] [FONT="]موضوعات السورة الرئيسية:[/FONT]
[FONT="]تقسيم السور إلى موضوعات مسألة اجتهادية يكتب فيها المفسرون يتفقون في أشياء ويختلفون في أشياء أخرى لأنها ليست أمورًأ مبنية على الحديث مثلا أو على أقوال الصحابة وإنما هي مبنية على التأمل في الآيات. والتأمل في سورة البقرة يهدي إلى تقسيمها إلى موضوعات رئيسة وأختار واحدًا من تلك التقسيمات التي ذكرها أهل العلم وأراه مناسبًا وهي أن هذه السورة تنقسم إلى مقدمة وخاتمة وثلاثة أقسام. وهذه الأقسام الثلاثة يميزها شيء مشترك وهي أنها تبدأ بالنداء من خالق الأرض والسماء سبحانه وتعالى للبشر لكن النداء الأول يبدأ بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)) والنداء الثاني يبدأ بقوله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168)) والنداء الثالث يبدأ بـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (208)) والنداء بـ (يا أيها الناس) أعمّ ويشمل المؤمن والكافر والمنافق لكن (يا أيها الذين آمنوا) الذي في القسم الثالث من السورة - وكان ما قبله تمهيدًا له – هو خطاب خاص بالمؤمنين.[/FONT]
[FONT="]هذه المقدمة في أول السورة تتناسب وتُفهم إذا عرفنا وتذكرنا ما قلناه من وقت نزول هذه السورة. وجاء عن ابن عباس بسند حسّنه الحافظ بن حجر أن أول مائة آي من السورة نزلت في اليهود والأحبار والمنافقين الذين كانوا يسكنون المدينة وهذا واضح جدًا في الآيات. عندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة دخل وفيها مهاجرون قد سبقوه ومعهم الأنصار وهؤلاء مؤمنون وهناك الكفار الذين لم يُسلموا بعد وهناك منافقون وهناك كفار مكة الذين يناصبون النبي صلى الله عليه وسلم العداء وهناك طائفة ظهرت حديثًا وهي طائفة المنافقين فجاءت السورة لتقسم التقسيم الإلهي للبشر. البشر سبحانه وتعالى له تقسيم للبشر يختلف عن تقسيم البشر للبشر فتقسيم البشر للبشر قد يكون بحسب الأوطان أو بحسب الأعمار أو بحسب الوظائف أو بحسب الشهادات لكن تقسيم الله سبحانه وتعالى للبشر ينبني على العقيدة وعلى ما يستقر في القلب أولًا وينعكس على الجوارح. ولذلك بدأت سورة البقرة بقوله تعالى (الم ﴿١﴾ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ[/FONT][FONT="]فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾) هذه الطائفة الأولى ووصفها ببعض الأوصاف قال (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾[/FONT][FONT="]الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ[/FONT][FONT="] الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ[/FONT][FONT="] يُنْفِقُونَ ﴿٣﴾[/FONT][FONT="]وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ[/FONT][FONT="] وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ[/FONT][FONT="]وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ [/FONT][FONT="]يُوقِنُونَ ﴿٤﴾[/FONT][FONT="]أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ[/FONT][FONT="] هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٥﴾) وهذا يشير إلى اليهود من آمن منهم فإنه يدخل في هذه الطائفة التي تؤمن بما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وما أُنزل من قبله والذين يكذّبون من اليهود فإنهم لا ينسلكون في هذا السلك.[/FONT]
[FONT="]الطائفة الثانية قال (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٦﴾ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿٧﴾) نعوذ بالله من عذابهم.[/FONT]
[FONT="]ثم ذكر الطائفة الثالثة، والطائفة الأولى ذُكرت في آيتين أو ثلاث والطائفة الثانية ذُكرت في آيتين أما الطائفة الثالثة فقد أُطنب في الحديث عنها كما قال الله سبحانه وتعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِر) إذن ظاهرهم طيب (وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴿٨﴾ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴿٩﴾) باطنهم خبيث مخالف لظاهرهم فهم العدو الأكبر كما قال الله تعالى في سورة المنافقون (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ (4) المنافقون) يُظاهرون شيئًا ويُبطنون شيئًا فكان لا بد أن يُطال في الحديث عنهم حتى يحذرهم المؤمنون لأنهم لم يكونوا معتادين قبل الهجرة على هذه الطائفة، كانوا يعرفون المؤمنين والكافرين فجاءت هذه الطائفة الثالثة وطال الحديث عنها في آيات كثيرة.[/FONT]
[FONT="]ثم بدأ القسم الأول وفيه أمر عظيم ونهي عظيم عن أعظم مأمورٍ وأعظم منهيٍ عنه فقال الله سبحانه وتعالى في الآية 21 (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)) هذا أول أمر في القرآن "عبادة الله سبحانه وتعالى" خطاب لكل الناس لا بد أن يستجيبوا له (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿٢١﴾ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ) ثم ذكر النهي الأول فقال (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٢٢﴾) والأمر الأول يقتضي النهي الثاني والنهي الثاني يقتضي النهي الأول (فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً) يعني لا تجعلوا لله شركاء وهذا يشمل الشرك الأصغر والشرك الأكبر لأن بعض السلف فسّر هذه الآية بقول بعضهم "لولا الكلب لسرقنا اللصوص" هذا من الشرك الأصغر، العبارة فيها عدم إسناد الأمر إلى الله سبحانه وتعالى أو "لا وكذا" ويُقسم بغير الله وهذا من الشرك الأصغر منهيٌ عنه قال (فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) جمعت الآيات الأولى التي فيها تكليف للبشر في القرآن بين الأمر بالعبادة لله والنهي عن الشرك ولذلك ليس هناك أمر في الدعوة إلى الله مقدّم على هذا الأمر الأمر بعابدة الله والنهي عن الشرك. ولولا خشية الإطالة لطال الأمر في كيفية هذه الآيات البشر إلى عبادة الله لكن يكفينا أنه نبّهنا أن الأرض من تحتنا نعمة من الله وأن السماء من فوقنا نعمة من الله وأن الذي ينبت من الأرض ولا يمكن للأرض أن نبقى فيها أحياء إلا بوجود هذا النبات فيها من الله قال (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء) ثم قال (وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ) إذن ليس هناك من سبيل غير عبادة الله سبحانه وتعالى طالما أن الكل منه ولكن هذه مجرد إشارة.[/FONT]
[FONT="]هذا القسم الأول فيه دعوة بمجمله إلى التوحيد فكما بُدئ بالتوحيد والنهي عن الشرك خُتم أن البعض مع كل هذه الأدلة التي سيقت في ها القسم سيظل شركًا قال في آخر القسم (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ (165)) بعد كل هذا – وقد ذُكر آيات فيها ذكر دلائل خلق الله لعباده ودلائل وحدانيته (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)) قال بعدها (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ) فبدأت بالأمر بالعبادة والنهي عن الشرك وختمت بذلك. الآيات في القسم ذكرت أمة أُمرت بالعبادة والتوحيد لكنها ما طبّقت وذكرت رجلًا كان أمة وحده وجُعل للناس إمامًا أُمر بالتوحيد فاستجاب. والطائفة هم بنو إسرائيل وذِكرهم في هذه السورة يختلف عن ذكرهم في كل سور القرآن لأن الآيات نزلت عند نزول النبي صلى الله عليه وسلم في مدينته فكانت حالتهم تحتاج إلى هذا الإطناب الطويل الذي يقول الله فيه (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)) ثم يقول (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47)) ثم يذكر من مخازيهم الشيء الكثير إلى أن يختم الايات بقوله لهم (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿١٢٢﴾ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴿١٢٣﴾۞ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ) فبعد أن انتهى من بني إسرائيل وهم الطائفة التي لم تستجب لوحي الله ذكر إبراهيم الذي قال الله تعالى فيه هنا (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ) لم يفعل كما فعل اليهود قال (فَأَتَمَّهُنَّ) يعني أدّاهن تامات قال (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي) بنو إسرائيل من ذريته والنبي صلى الله عليه وسلم والعرب من ذريته قال (قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ). ثم ذكر بناء إبراهيم وإسماعيل للبيت وكل هذا كما يرى بعضهم تمهيد لتحويل القبلة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سكن المدينة كان يتوجه إلى بيت المقدس واليهود فرحوا بهذا فجاءت الآيات لتبين حالهم حتى يقتنع المؤمن أنهم لا يصلحون للموافقة في القبلة والذي يصلح أن يكون إمامنا في القبلة هو الذي جعله الله للناس إمامًا وهو إبراهيم، فذكرت بعده آيات تحويل القبلة- وقد اختصرت في القسم- وفي بدايته أيضًا قصة آدم وأنه عندما أُهبط من الجنة أُمر بعبادة الله واتباع الهدى ثم بيّن الله من جاءه الهدى فضلّ ومن جاءه الهدى فاستقام وهو إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام. [/FONT]
[FONT="]في القسم الثاني في السورة المبدوء بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168)). القسم الأول كان عن التوحيد والعبادة مع كونهما موصلين إلى التقوى لأنه قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)) في هذا القسم الثاني دار الحديث حول التقوى بشكل ظاهر عبر أحكام كثيرة. ذُكر فيها الصيام وقد قال الله الصيام في هذه السورة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)) ثم ذكر الجهاد وذكرت فيه (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)) وذُكرت آيات الحج وأُمر فيه بالتقوى عدة مرات قال (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)) ثم قال الله سبحانه وتعالى في آية عجيبة (وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ (197)) الله تعالى يخاطب العباد مباشرة يقول (وَاتَّقُونِ) ويقول بعدها في آيات الحج (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)) وقال (وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى (203)) إذن التقوى هي مدار القسم الثاني وفيه ذكر لأحكام كثيرة لكنها كلها مربوطة بالتقوى. وفي نهاية هذا القسم أتت آيتان تشبه الآية التي خُتم بها القسم الأول. في القسم الأول بعد أن أمر بالعبادة ونهى عن الشرك قال في نهاية القسم (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ) إذن أناس لا يستجيبون لهذا الأمر، هنا في هذا القسم بعد أن أمر بأحكام شرعية كثيرة قال (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ (205)) ثم قال (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)) كأن في نهاية القسم الأول بُيّن لنا حال من يظل مُعرضًا وهنا بُيّن لنا حالان حال لشخص يُعرض عن هذه الأحكام وحال لشخص يشري نفسه أي يبيع نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد.[/FONT]
[FONT="]في القسم الثالث من السورة قال الله سبحانه وتعالى في آية عظيمة يمكن أن تُدخل الدين كله فيها قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً (208)) ادخلوا في شرائع الدين كلها لا تؤمنوا ببعض وتكفروا ببعض كما جاء في آيات بني إسرائيل في نفس السورة بل أسلموا وادخلوا في الإسلام كله. ثم ذُكرت فيه أحكام تختلف عن الأحكام السابقة وفيها خفاء من جهة كونها استسلامًا لله في بعضها وفي بعضها فيه صعوبة على النفس فمن ذلك التفصيل في أحكام القتال والقتال والجهاد صعب على النفس فبعد أن قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (208)) قال (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (216)) فإذا رأيت الحكم صعبًا شاقًا تشعر أنه ضرر عليك فاعلم أنك لا تعلم إنما الذي يعلم هو الله (وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ). ثم ذكرت أحكام الطلاق وهذه قد يظن البعض أنها ليست داخلة في التقوى، التقوى أن يصلّي، التقوى أن يزكّي، التقوى أن يحجّ، لكن أن يظلم زوجه، أن لا يراقب الله في أحكام زواجه وطلاقه هذه يظن البعض أنها ليست من القتوى ولطلك ذكرت في هذا المكان وحُليت بذكر التقوى كثيرًا فدائمًا تختم آيات الطلاق بذكر التقوى وربطها بشيء من أسماء الله سبحانه وتعالى (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233)) وغيرها من الآيات. والعجيب أن هذه الآيات ضُمّنت استطرادين لا يتصور الإنسان وجودهما في هذا المكان ونبّه عليهم العلماء:[/FONT] · [FONT="]الأول في وسط آيات الطلاق قال الله سبحانه وتعالى (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ (238)) ما علاقة الصلاة والمحافظة على الصوات وصلاة العصر الوسطى بالطلاق؟ قال بعض العلماء أن ذكر هذه الصلاة هنا يُشعر أن المحافظ على الصلاة هو الذي يستطيع أن يراقب الله في مسائل علاقته بزوجه في طلاقه ونكاحه وهذا صحيح بل ذكر لي بعضهم أنه كانت عنده مشاكل كبيرة جدًا مع زوجه فإذا كان في همّه وذهب ليصلّي الفرض وجد من الراحة والطمأنينة والآيات التي تنزل على قلبه ما أعانه حتى يحل مشكلته كلها دون أن يُغضِب الله. ونبّه بعض أهل العلم أن هذه الايات ذكرت في هذا المكان لهذا السبب مع أن فيها علاقة بآيات الجهاد التي قبلها لأنه قال (فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا (239))[/FONT] · [FONT="]ثم ذُكر مع الجهاد والطلاق أمر ثالث أخير وهو نظام الأموال في الإسلام، ذكرت الزكاة والصدقة وذُكر الربا وعندما ذكرت الصدقة وذكر الإنفاق في سبيل الله جاءنا الاستطراد الثاني هو الاستطراد الإيماني الذي ذُكرت فيه أعظم آية في القرآن، آية الكرسي. آية الكرسي لو قرأتها وحدها ربما ظنّ ظانٌ أنها من السور المكية لأنها آية ليس فيها أحكام وإنما هي آية في تعظيم الله وهي أعظم آية في القرآن كما ثبت في عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى إنه سأل أبيّ بن كعب: أيّ آية عندك أعظم من كتاب الله؟ فقال الله ورسوله أعلم ثم سأله مرة أخرى: أيّ آية عندك أعظم في كتاب الله؟ فقال: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم والله ليهنك العلم أبا المنذر، يعني هنيئًا لك بالعلم وهذا تبشير له بأنه من أهل العلم وقد كان كذلك رضي الله عنه. هذا الاستطراد الإيماني الذي ذُكر في هذا الموطن (اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (255)) وما بعدها من الايات قالوا إنه جاء في هذا الموطن ليرقق القلوب في سياق الحثّ على الإنفاق في سبيل الله لأن الإنسان قد أُحضرت نفسه الشحّ ولا يستطيع أن يُنفق إلا إذا تذكّر أن الله هو الله سبحانه وتعالى بما عنده من صفات العظمة والكمال والجمال والجلال فجاءت هذه الاية مرققة للقلوب في هذا القسم.[/FONT] [FONT="]خاتمة السورة[/FONT]
[FONT="]وبعد هذا القسم جاءت الخاتمة التي نختم بها نسأل الله حسن الخاتمة في الآيات التي نقرؤها في نهاية هذا الحديث فقد أخرج مسلم بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه وقال: لما نزلت – وهذا نعود به إلى ما ذكرنا أول السورة وهو أن الصحابة قد تربوا على هذه السورة واعتنوا بها وأخذوها على محمل الجدّ - لمَّا نَزلَت علَى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [ 2 / البقرة / آية 284 ]، قالَ: فاشتدَّ ذلِكَ علَى أصحابِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فأتَوا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ثمَّ برَكوا علَى الرُّكَبِ، فَقالوا: أي رسولَ اللَّهِ، كُلِّفنا منَ الأَعمالِ ما نُطيقُ، الصَّلاةَ والصِّيامَ والجِهادَ والصَّدَقةَ، وقد أُنْزِلَت عليكَ هذِهِ الآيةُ ولا نطيقُها، قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أتُريدونَ أن تَقولوا كما قالَ أَهْلُ الكتابَينِ من قبلِكُم سمِعنا وعصَينا؟ بل قولوا: سَمِعنا وأطَعْنا غُفرانَكَ ربَّنا وإليكَ المَصيرُ فلمَّا اقتَرأَها القومُ، ذلَّت بِها ألسنتُهُم، فأنزلَ اللَّهُ في إثرِها: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [ 2 / البقرة / آية 285 ]، فَلمَّا فعَلوا ذلِكَ نسخَها اللَّهُ تعالى، وأنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا قالَ: نعَم رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا قالَ: نعَم رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ قالَ: نعم وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ( قال: نعَم ) [ 2 / البقرة / آية 286[/FONT][FONT="]]. الراوي: أبو هريرة، المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 125- خلاصة حكم المحدث: صحيح. متى يشتد عليك الأمر؟ عندما تكون جادًا، عندما يأمرك إنسان بشيء وهذا الأمر لا يهمك أو عندك خيارات متعددة لا يشتد عليك الأمر، هل قرأ الإنسان آية من القرآن لم يعمل بها فاشتدّ عليه الأمر وشعر أنه في حرج وأنه مستحي من الله سبحانه وتعالى؟! "فأتَوا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ثمَّ برَكوا علَى الرُّكَبِ " لما الإنسان يكون في كرب شديد ينزل على رُكَبه، " ثمَّ برَكوا علَى الرُّكَبِ، فَقالوا: أي رسولَ اللَّهِ، كُلِّفنا منَ الأَعمالِ ما نُطيقُ، الصَّلاةَ والصِّيامَ والجِهادَ والصَّدَقةَ، وقد أُنْزِلَت عليكَ هذِهِ الآيةُ ولا نطيقُها، قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أتُريدونَ أن تَقولوا كما قالَ أَهْلُ الكتابَينِ من قبلِكُم سمِعنا وعصَينا؟ بل قولوا: سَمِعنا وأطَعْنا غُفرانَكَ ربَّنا وإليكَ المَصيرُ فلمَّا اقتَرأَها القومُ، ذلَّت بِها ألسنتُهُم، فأنزلَ اللَّهُ في إثرِها: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [ 2 / البقرة / آية 285 ]، فَلمَّا فعَلوا ذلِكَ نسخَها اللَّهُ تعالى، وأنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا قالَ: نعَم رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا قالَ: نعَم، رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ قالَ: نعم، وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ قال: نعَم. [ 2 / البقرة / آية 286[/FONT][FONT="]]." وهذه خاتمة ونعم الخاتمة ختمت بها السورة الممتلئة بأحكام الله وبأوامر الله فجاءت هذه الآيات مُخفِّفة على قلوب المؤمنين نسأل الله أن يعيننا على فهم كتابه وصلى الله وسلم على نبينا محمد. [/FONT]
تم بفضل الله تعالى تفريغ محاضرات الشيخ التي قدمها في رمضان 1434 هـ بعنوان التعريف بسور القرآن وهي على هذا الرابط http://vb.tafsir.net/tafsir37073/
كذلك وقفات الشيخ مع سورة آل عمران والنساء موجودة في الملتقى