وقفات حول كتاب (قواعد الترجيح عند المفسرين)

إنضم
4 أبريل 2003
المشاركات
172
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

فإن من توفيق الله للعبد أن يصرفه لما هو خير له في معاشه ومعاده، ومن ذلك أن يوفق الطالب - في باب الدراسات العليا - لموضوع تمس الحاجة إليه، ويعظم النفع به، ثم يوفق لحسن بحثه وجودة دراسته.
وأحسب رسالة فضيلة الشيخ د/ حسين بن علي الحربي (قواعد الترجيح عند المفسرين) من ذلك، وقد ابتعتها منذ بضع سنين، أسارق النظر فيها، وأمني النفس بقراءتها، ولمَّا يقع ذلك، حتى وقفت على مختصرها، فأخذته وجردته، وانتفعت به، جزى الله مؤلفه خيرا.

وقد انقدحت في نفسي أثناء قراءة الكتاب بعضُ الوقفات ، أعرضها فيما يأتي:
 
· الوقفة الأولى: اختصار المختصر
قد أحسن المؤلف في اختصار الكتاب، وأرى أن هذا المختصر يمكن اختصاره أيضا، بل أشد على يد المؤلف أن يفعل ذلك، وليكن عنوانه: (المعتصر من المختصر).
وهذا مما يزيد الاستفادة من محتوى الكتاب ومقصوده. فلا زالت مواضع من الكتاب يمكن الاستغناء عنها اختصارا واقتصارا. ومن ذلك مثلا: النقول الكثيرة، حيث يلاحظ أن المؤلف بعد أن يذكر المرجحين لما دلت عليه القاعدة ينقل أقوالهم أو بعضها، وهذا مما يمكن الاستغناء عنه.

ومن ذلك أيضا التخفف من المباحث الأصولية، كما ذكر في مباحث العام والخاص ص201-203، والمطلق والمقيد ص208-211، والأمر والنهي ص215-217، ونحوها، فهذه التقسيمات نضجت واحترقت في كتب الأصول، والمقصود هنا تقرير القاعدة، وبيان وجه استعمالها في التفسير.

وفي المقابل أتمنى من المؤلف أن يعنى بزيادة الأمثلة، فكلما كثرت الأمثلة زادت القاعدة وضوحا ورسوخا.
 
· الوقفة الثانية: صياغة القواعد
القواعد في كل علم؛ هي الأصول التي يَرجعُ إليها من يخوضُ هذا العلمَ في فروعه وجزئياته. ولذا ينبغي أن تكون القاعدة محبوكة السبك، وجيزة العبارة، دقيقة المعنى.
وانظر إلى قواعد الفقه، كيف أبدع أعلامه في ذلك، حين تقرأ مثلا: (الأمور بمقاصدها) (اليقين لا يزول بالشك) (العادة محكمة) .. إلخ.
ولذا يفزع إليها الفقهاء، ويكثر دورانها على ألسنتهم وفي كتبهم.
أما في هذا الكتاب فربما ترى ذلك في مواضع دون أخرى، ولعلي أضرب بعض الأمثلة:
1) ذكر ص31 قاعدة: (لا تصح دعوى النسخ في آية من كتاب الله إلا إذا صح التصريح بنسخها أو انتفى حكمها من كل وجه).
فالقاعدة بهذه الصياغة يصعب استعمالها والاستشهاد بها، ويمكن اختصارها فيقال: (الأصل عدم النسخ إلا بدليل)

2) ذكر ص37 قاعدة (إذا ثبتت القراءة القرآنية فلا يجوز ردها أو رد معناها وهي بمنزلة آية مستقلة). ويمكن اختصارها فيقال: (القراءة الثابتة بمنزلة آية مستقلة).
ومن المعلوم أنها إذا اعتبرت بمنزلة الآية فلا يجوز ردها أو رد معناها.

3) ذكر ص47 قاعدة (الوجه التفسيري والإعرابي الموافق لرسم المصحف أولى من الوجه المخالف له). ويمكن التعبير عنها: (موافقة رسم المصحف مرجح في التفسير والإعراب).

4) ذكر ص50 قاعدة (إدخال الكلام في معاني ما قبله وما بعده أولى من الخروج به عنهما، إلا بدليل يجب التسليم له).
ويمكن اختصارها فيقال: (يجب مراعاة السياق إلا بدليل صارف).

5) ذكر ص67 قاعدة (حمل معاني كلام الله على الغالب من أسلوب القرآن ومعهود استعماله أولى من الخروج به عن ذلك).
ويمكن اختصارها فيقال: (حمل معاني القرآن على المطرد أو الغالب).

6) ذكر ص81 قاعدة (إذا ثبت الحديث وكان في معنى أحد الأقوال فهو مرجح له على ما خالفه).
ويمكن اختصارها فيقال: (الحديث الثابت مرجح لما وافقه من الأقوال).

7) ذكر ص88 قاعدة (لا يصح حمل الآية على تفسيرات وتفصيلات لأمور مغيبة لا دليل عليها من القرآن أو السنة).
ويمكن اختصارها فيقال: (التفسير بالغيبيات توقيفي).

8) ذكر ص102 قاعدة (إذا ثبت تاريخ نزول الآية أو السورة فهو مرجح لما وافقه من أوجه التفسير).
ويمكن اختصارها فيقال: (تاريخ النزول مرجح لما وافقه).
وليت المؤلف ذكر الفرق بين هذه القاعدة والتي قبلها.
 
9) ذكر ص106 قاعدة (تفسير السلف وفهمهم لنصوص الوحي حجة على من بعدهم).
ويمكن اختصارها فيقال: (تفسير السلف حجة على من بعدهم).

10) ذكر ص117 قاعدة (القول الذي تؤيده قرائن في السياق مرجح على ما خالفه).
ويمكن اختصارها فيقال: (مراعاة قرائن السياق).

11) ذكر ص121 قاعدة (القول الذي تؤيده آيات قرآنية مقدم على ما عدم ذلك).
ويمكن اختصارها فيقال: (الترجيح بتأييد آيات قرآنية).

12) ذكر ص135 قاعدة (كل تفسير ليس مأخوذا من دلالة ألفاظ الآية وسياقها فهو رد على قائله).
ويمكن اختصارها فيقال: (اعتبار أنواع الدلالات في تفسير الآيات).

13) ذكر ص143 قاعدة (يجب حمل كلام الله تعالى على المعروف من كلام العرب دون الشاذ والضعيف والمنكر).
ويمكن اختصارها فيقال: (مراعاة المعروف من كلام العرب).

14) ذكر ص208 قاعدة (إذا دار اللفظ بين أن يكون مقيدا أو مطلقا فإنه يحمل على إطلاقه).
ويمكن اختصارها فيقال: (الأصل بقاء المطلق على إطلاقه). وشرح القاعدة يؤيد هذه الصياغة.
 
· الوقفة الثالثة: متفرقات
1. لم يفرق بين قواعد التفسير وقواعد الترجيح، وهل كل ما يرجح به يعد قاعدة ترجيحية؟ وهذا مما تمس الحاجة إليه.

2. قال في تعريف (قواعد الترجيح) ص11: "هي ضوابط وأسس أغلبية ..". وأقول: ألا يمكن حذف كلمة (أسس)، تحقيقا للاختصار في الحدود؟.

3. قال في أنواع الترجيح ص17: "النوع الثالث: أن تكون بعض الأقوال معارضة لبعض دلالات القرآن أو السنة أو إجماع الأمة ..". وذكر مثالا عليه: قول سعيد بن المسيب: ما أكل آدم من الشجرة وهو يعقل، ولكن حواء سقته من الخمر .. .
وعقب عليه فقال: "مثل هذا القول معارض لصريح القرآن في وصف خمر الجنة أنها لا تغتال العقول .. ".
قلت: قد ينازع في هذا المثال، لأنه مبني على أن الجنة التي دخلها آدم جنة المأوى، وهي مسألة خلافية مشهورة، وممن بسط القول فيها ابن القيم في (مفتاح دار السعادة) في قرابة ستين صفحة، ولم يفصل بين القولين.
فربما كان ابن المسيب يرى أنها ليست بجنة الخلد، بل هو الظاهر، لأنه يبعد على مثله – وهو من أجلة فقهاء التابعين – أن يخفى عليه أن خمر الجنة لا يغتال العقول.
وفي مثل هذا لا يستقيم أن يوصف القول المعتبر بأنه معارض لصريح القرآن!.

4. ذكر ص18 ان قواعد الترجيح تشمل:
أ. القواعد التي ترجح بعض الأقوال ..
ب. القواعد التي تضعف بعض الأقوال أو تبطلها ..
ت. القواعد العامة التي تضبط النظر في الأقوال المختلفة ..
وأقول: هذا النوع الثالث من القواعد إن كانت تفيد ترجيحا أو تضعيفا فتندرج فيما قبله، وإلا فما وجه إيرادها في موضوع الكتاب (قواعد الترجيح)؟!.

5. قال ص51 في بيان الدليل المعتبر لصرف الكلام عن سياقه: (خبر صحيح متصل السند)، وجملة (متصل السند) لا حاجة لها لأن من شروط الصحيح: اتصال السند.

6. قال ص68 : "مسألة: الفرق بين هذه القاعدة وقاعدة: (القول الذي تؤيده آيات قرآنية ..)". وتلك القاعدة الثانية لم تذكر بعد بل هي متأخرة في الكتاب، والأولى - من حيث صنعة التأليف - أن تؤخر هذه المسألة إلى أن تذكر القاعدة الثانية؛ ليكون القارئ قد أدرك القاعدتين.

7. نقل ص72 عن قتادة قال: حيثما ذكر الله في القرآن فهو المال. وسقطت كلمة (الخير) بعد لفظ الجلالة فارتبك المعنى.

8. المبحث الثالث ص117 قال: وفيه ثلاث قواعد. والمذكور أربع.

9. ذكر ص126 قاعدتين؛ إحداهما: (القول الذي يعظم مقام النبوة، ولا ينسب إليها ما لا يليق بها أولى بتفسير الآية)، والأخرى: (كل قول طعن في عصمة النبوة ومقام الرسالة فهو مردود).
ويبدو لي أنه يمكن دمجهما، فيقال: (الترجيح بما يعظم مقام النبوة).

10. في قاعدة (كل قول طعن في عصمة النبوة ..)، قال ص127: "وذلك كما في المثال الثاني من أمثلة هذه القاعدة".
والواقع أنه لم يذكر سوى مثال واحد فقط!.

11. ذكر تحت قاعدة (إذا اختلفت الحقيقة العرفية والحقيقة اللغوية في تفسير كلام الله تعالى قدمت العرفية) مثالا واحدا ص160، وهو المراد بـ (سبيل الله) الوارد في آية الصدقات (إنما الصدقات للفقراء ..).
وفيه نظر، لأن تفسير (سبيل الله) بالغزاة في سبيل الله، أمر شرعي مأخوذ من النصوص، ثم أين الحقيقة اللغوية في الأقوال المذكورة التي قدمت عليها الحقيقة العرفية؟.

وبعد .. فهذه خطرات عابرات دفعني إلى تقييدها النصيحة في الدين، وطلب الفائدة في مسائل هذا العلم المتين، فربما أكون وهمت فيما ذكرت، فيصحح لي وهمي، ويبين خطأي، والعلم رحم بين أهله.
وغني عن القول أن هذه الإشارات لا تغض من قيمة الكتاب وأهميته، وعظيم فائدته، والله المسؤول أن يرزقنا الفقه في الدين، ومعرفة التأويل.
وبالله التوفيق ،،
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...اما بعد...أخي خالد جزاك الله تعالى خيرا وبارك فيك...
أخي إني أعتب عليك عندك كل هذا العلم ولاتكتب في الملتقى فتنفع أخوتك وأخواتك
أخي الكريم...ان الكتابة في الملتقى تنفع الكاتب قبل القارىء فهي تٌزيد من رسوخ
العلم في العقل والقلب..وتبني في سليقة الكاتب صحة اللغة والكتابة..واذا حصلت
منه هنات فإن اخوته واخواته يٌنبهونه عليها...لهذا فإني أدعوك الى الكتابة بإنتظام
في الملتقى على الاقل مشاركة اسبوعية..والله تعالى أعلم.
اما تعليقاتك فلي عليها ملاحظات هي-
1-تصحيحك الاول(الاصل عدم النسخ الا بدليل)والافضل والله تعالى اعلم(لايصح
النسخ الا بدليل).
2-في الفقرة الثانية قلت(القراءة الثابتة بمنزلة آية مستقلة) وأرى ان الافضل(القراءة
الثابتة لا تٌرد).
3-في الفقرة الثالثة قلت(موافقة رسم المصحف مرجح في التفسير والاعراب)والافضل
(الموافقة مع الرسم مرجح على غيره).
4-قلت(يجب مراعاة السياق الا بدليل صارف)والافضل(مراعاة السياق مرجح على
غيره).
5-قلت(حمل معاني القرآن على المطرد او الغالب)والافضل(المعنى على الغالب المعهود).
6-قلت
(الحديث الثابت مرجح لما وافقه من الأقوال)والافضل(اذا صح الحديث فهو الراجح).
7-قلت(التفسير بالغيبيات توقيفي)والافضل(التفسير بالغيب توقيفي).
8-وقلت فيها ليت المؤلف ذكر الفرق..وهو واضح فالقاعدة السابقة تتعلق بعدم الترجيح
بالغيب اما هذه القاعدة فتتعلق بتاريخ النزول وكونه مرجح للقول....ولكن تاريخ النزول
مجروح بتكرار النزول وهو ثابت بحق بعض الآيات والسور لهذا فالقاعدة تكون(تاريخ
النزول مرجح اذا لم يتكرر).
9-القاعدة في 10 مرت في 4.
10-في 11 قلت(الترجيح بتأييد آيات قرآنية)والافضل(تفسير القرآن بالقرآن مرجح على
غيره).
11-قلت في 12
(اعتبار أنواع الدلالات في تفسير الآيات)والافضل(اللفظ دال على معناه).
12-قلت في 14
(الأصل بقاء المطلق على إطلاقه) وأظن هذا سهو والصحيح(الاصل بقاء
اللفظ على إطلاقه).
وعلى العموم فجزاك الله تعالى خيرا على مشاركتك...والسلام.
 
جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم.
وأشكر للشيخ خالد الباتلي هذه الوقفات الموفقة.
وفيما يخص باب صياغة القواعد فإنه من أدق الأبواب، وأحوجها إلى الضبط والتدقيق، وليس كل ما يصلح ضابطا علميا يصلح أن يسمى قاعدة، بل هي بحاجة إلى حسن سبك، وضبط صياغة وشروط أخرى نبه إليها الشيخ يعقوب الباحسين في كتابه "القواعد الفقهية" أحسن تنبيه جزاه الله خيرا، وقد أفدت هذا من الشيخ مساعد الطيار وفقه الله وسدده.
وللاستزادة يراجع هذا الموضوع:
http://vb.tafsir.net/tafsir40373/#.VGmOE_msWXh
 
جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم .
بالنسبة لصياغة القواعد في كتاب الدكتور حسين زاده الله تعالى من فضله قابلة للاختصار والاجتهاد وأذكر أيام دراستنا لكتابه في مرحلة الدكتوراه على يد فضيلة شيخنا د.علي التويجري حفظه الله كنا نطيل النقاش في ذلك وكان فضيلته يكلف كل طالب بعدد من القواعد من أول الفصل الدراسي ثم في كل محاضرة نتناقش ثلاث قواعد تقريباً كل واحدة من طالب بشرط الإتيان بأمثلة أخرى غير التي أوردها الدكتور حسين في كتابه مع البحث عن أكثر من صيغة للقاعدة وقد درسنا حوالي خمسين قاعدة بهذه الطريقة وبعض القواعد نجد لها أكثر من صيغة مع الاختصار ويبقى أنه اجتهاد قابل للخطأ والصواب ولكن تمنيت الآن أن هذا الجهد قد جمع في حينه وأُهدي لفضيلة الدكتور حسين الحربي وفقه الله لربما يجد فيه فائدة يضعها في المختصر أو المعتصر .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...اما بعد...جزاك الله تعالى خيرا يا دكتور عبد الرحمن..
أخي الكريم علمنا مما علمكم الله تعالى أخي أكتب عن الامور التي ذكرتها فإن هذا
الموضوع يحتاجه طلبة العلم كثيرا...ومنكم نستفيد....والسلام.
 
جزى الله الإخوة خيرا على تعليقاتهم
الأخ البهيجي:
أقدر دعوتك، وأشكرك على ملحوظاتك، وما أحسن مذاكرة العلم ومطارحته بين طلابه.

الأخ العبادي:
أحسنت على تنبيهك، وأفدت بالإحالة على موضوع الشيخ مساعد فلم أعلم به إلا منك هنا.

الأخ الرحيلي:
ما كان ينبغي أن تضيع مثل هذه الجهود من المختصين، فليتك تسعى في جمعها أو ما تيسر منها فالموضوع بحاجة إلى مثل هذا التسديد والتكامل.
 
عودة
أعلى