الصبر الجميل
New member
- إنضم
- 20/12/2006
- المشاركات
- 49
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 6
وصية لطلاب العلم من اخيكم الفقير
وصية لطلاب العلم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد: فقد طلب مني بعض الأفاضل أن أكتب وصية مختصرة في صفيحات لطلاب العلم فأجبته لذلك قائلا: أوصي نفسي وإخواني من طلاب العلم ببعض الأمور:
الأمر الأول:
رفع الهمة في طلب العلم:
فلا تكن همتك أن تتحصل على ثقافة علمية أو أن تطلب العلم للبركة, بل لتكن همتك عالية فإن الله يعطي المرء بحسب ظنه به (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء) وانظر إلى كبار علماء الأمة كالنووي والسبكي ولتكن همتك أن تصل إلى مثل ما وصلوا إليه, بل إلى مثل من هو أعلم منه, وما ذلك على الله بعزيز, وكذلك لا يكن همك أن تكون عالما في علم واحد من العلوم بل لتكن همتك أن تكون عالما في فتون متعددة كما كان أولئك العلماء رحمهم الله
ولكن لا بد مع رفع الهمة من السعي والجد والاجتهاد وحفظ الوقت وإلا فهي أماني (من طلب العلى سهر الليالي) (ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر) (أأبيت سهران الدجى وتبيته نوما وتبغي بعد ذاك لحاقي)
ومما يعين على رفع الهمة: (النية والإرادة والقرار) (قراءة سير أهل الهمم) (مصاحبة أهل الهمم, لا تصحب من لا ينهضك حاله ولا يدلك على الله مقالة) (التوجه إلى الله بالدعاء والاستعانة به على ذلك) (البعد عن مجالسة البطالين)
الأمر الثاني:
الاهتمام بضبط العلوم وإتقانها
فلا يكن همك أن تكثر من دراسة الكتب وقراءتها دون ضبطها وإتقانها فلأن تضبط كتابا واحدا خير لك من أن تدرس عشرة كتب من غير ضبط, فالكيف مقدم على الكم, فكم قد رأينا ممن درسوا كتبا كثيرة من غير ضبط وهناك من هو أعلم منهم مع أنهم قد درسوا كتبا أقل, والعالم في أي فن هو الضابط له وليس الدارس له, وقد صارت كلمة (العالم) في هذه الأيام مبتذلة تطلق على كل من هب ودب, فمن كتب أو خطب أو وعظ فهو عند الناس عالم, والمصيبة الأكبر أن بعضهم يصدق نفسه بأنه عالم وهو ليس كذلك.
ولكن من هو العالم؟ العالم هو الضابط لفنه, فمن ضبط فنا كان عالما فيه ثم يلقب به, فمن ضبط علم الفقه يقال هل عالم في الفقه ويلقب بالفقيه ومن ضبط الحديث يقال له محدث ومن ضبط العقائد يقال له متكلم ومن ضبط الأصول يقال له أصولي...إلخ
ويأتي السؤال هنا: ما هو الضبط؟ الضبط -كما عرفه الأئمة ابن الصلاح والنووي وابن حمدان وغيرهم- هو: أن تكون معظم مسائل الفن في ذهن الشخص ولا يغيب عنه إلا القليل النادر ويعرف مظان القليل النادر ليرجع إليه عند الحاجة, والضبط غير الحفظ, فالحفظ بقاء صورة اللفظ في الذهن بينما الضبط بقاء معنى اللفظ في الذهن, ولا يشترط في العالم الحفظ ولكن يشتر ط الضبط, ولكن إن اجتمع الأمران فنور على نور, والحفظ معين على الضبط
ومما يعين على الضبط: (الدراسة على الأشياخ) (القراء قبل الدرس وبعده والمناقشة أثناء الدرس) (المذاكرة مع الزملاء) (تكرار قراءة الكتاب بين الحين والآخر, ويحبذ أن يكرر الفصل, فلا ينتقل إلى فصل آخر إلا بعد ضبط الفصل السابق وهذا أحسن من تكرار الكتاب بعد الانتهاء منه لغلبة النسيان) (حفظ المتون, فاحفظ فكل حافظ إمامُ, من حفظ المتون حاز الفنون) (استشعار أهمية العلم الذي يُراد ضبطه) (وأقوى معين على الضبط هو التدريس إذا رأى الشيخ أن الطالب أهلا)
الأمر الثالث:
ترتيب الأولويات في العلوم:
من المعلوم أن العلوم الإسلامية على نوعين: علوم آلة: كأصول الفقه وأصول الحديث والعربية بفروعها والمنطق... إلخ, وعلوم غاية: كالقرآن والحديث
ثم علوم الغاية هي في الحقيقة مقصودة لعلوم أخرى فالقرآن والحديث المقصود منهما ثلاثة علوم: التوحيد والأحكام والمواعظ, وعند النظر إلى هذا الثلاثة نجدها المسماة بـ: العقيدة والشريعة والسلوك فهذا الثلاثة العلوم هي غايات الغايات فعليها ينبغي أن تنصب الهمم والنيات
وعند المقارنة بين هذا الثلاثة العلوم نجد: أن الفقه هو أكثر ما يحتاجه الناس وأكثر ما يحتاجه المرء في نفسه, صحيح إن العقيدة والتزكية أهم, لكن العقيدة يمكن أن يُكتفى فيها بالجمل العامة بخلاف الفقه, وأما علم التزكية والسلوك فهو عمل قبل أن يكون علما
ولا يكون الطالب فقيها إلا إذا درس الفقه على مذهب من مذاهب الفقهاء المحفوظة, وفقا لسلم تعليمي ابتداء بمتن مختصر ثم متن متوسط ثم متن مطول, ثم الشروح ثم الحواشي ثم المقارنة بين المذاهب, أما البدء بالفقه المقارن أو بالمطولات أو بالشروح الفقهية أو بكتب شروح الحديث فإنها لا تنتج فقهيا بل مثقفا, وهذا ملاحظ مشاهد
الأمر الرابع:
الاهتمام بالعمل بالعلم وتزكية النفس:
العلم بغير عمل كشجرة بلا ثمر, ومن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم كما في الحديث عند أبي نعيم في الحلية, والعلم بغير تزكية قد يكون حجابا بين المرء وربه, وقد يؤدي إلى العجب والكبر والغرور والتعالي وغير ذلك من الآفات, وقد يكون سببا في قسوة القلوب وسببا للعداوة بين المنتسبين إليه, والعلم علمان: علم في القلب فذاك العلم النافع وعلم على اللسان فتلك حجة الله على عباده كما في الحديث عند ابن أبي شيبة, وجميع ما ذُكر من فضيلة العلم والعلماء إنما هو في حق العلماء العاملين, والعلم الحقيقي هو العلم بالله والخشية له, وعالم بعلمه لم يعملن معذبٌ من قبل عباد الوثن.
والذي يعلم الناس وينسى نفسه كالشمعة تضيء لغيرها وتحرق نفسها, والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل, والاستكثار من العلم من غير عمل زيادة في الحجة, ومن لم يعمل بعلمه لا يكون لكلامه أثر في قلوب الناس
وكان من شأن الصحابة والسلف تعلم الهدي والأدب قلب العلم قال بن القاسم: (صحبت مالكا عشرين سنة فكان منها سنتان في العلم وثمانية عشر سنة في تعليم الأدب فيا ليتني جعلت المدة كلها أدبا) وقال الشافعي رحمه الله: قال لي مالك: (يا محمد اجعل علمك ملحا وأدبك دقيقا), وتعلم العلم من دون تعلم الهدي والتزكية يؤدي إلى الفظاظة والغلظة والعنف والشدة والتطرف
وأول شيء في العمل بالعلم هو تصحيح النية والمقصد فهو الأساس, ولا بناء من غير أساس, فليسأل كل واحد منا نفسه وليجب عن نفسه بصدق- بل الإنسان على نفسه بصيرة-: ما مقصدي ومرادي من طلب العلم؟ هل هو وجه الله؟ أم الشهرة والجاه؟ أم المنصب والوظيفة؟ أم المال والدنيا؟ أم..؟, قال الغزالي في الإحياء: (فساد الرعايا بفساد الملوك وفساد الملوك بفساد العلماء وفساد العلماء باستيلاء حب المال والجاه)
ثم بعد ذلك ليكن لك حظ من العبادة فهي مقصد العلم بل مقصد الخلق, قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وفي قوت القلوب: (ذكر في مجلس أحمد معروف الكرخي فقال بعض من حضره: هو قصير العلم قال احمد: أمسك عافاك الله وهل يراد من العلم إلا ما وصل إليه معروف)
فينبغي على طالب العلم أن يكون له برنامج عبادي من النوافل بعد الفرائض (ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه...), ويختصر له المسافات في التزكية أن يتربى على يد شيخ أهل للتربية, قد تربى هو على يد مرب أهل وهكذا إلى المربي الأول صلى الله عليه وآله وسلم , يربيك بحاله قبل قاله, وبروحه قبل شبحه, فكما أنه لا يتم العلم في العادة إلا بمعلم فلا تتم التربية إلا بمربي
الأمر الخامس والأخير:
نشر العلم وتبليغه:
الله تعالى وملائكة وأهل والسموات وأهل الأرض يصلون على معلم الناس الخير, والوظيفة الأولى للأنبياء عليهم السلام هي نشر العلم, (أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده) ولكن إياك أن تتصدر قبل أن تتأهل ويراك الأشياخ أهلا للتدريس, وليس نشر العلم مقصورا على تعليم العلوم الشرعية بل من نشر العلم دعوة الناس إلى الله وتذكير الناس بالله وتعظيم الله في قلوب الخلق وتحبيب الخالق إلى الخلق, وذلك لا يقل أهمة عن تعليم العلوم الشرعية إن لم يكن أهم منه, ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعملا صالحا وقال إنني من المسلمين, ولا يشترط لذلك أن تكون عالما أو فقيها أو مفتيا
فما أجمل أن يجمع الله لطالب العلم ميراث النبوة كله ألا وهو: العلم والعمل والدعوة (يتلو عليهم آيته ويزكيهم ويعلمهم) نور على نور, جعلنا الله وإياكم من العلماء العاملين الدعاة إليه آمين يا رب العالمين والحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وأتباعه وعنا معهم
أخوكم ومحبكم وطالب دعاكم
عبد الفتاح بن صالح قُدَيش اليافعي
اليمن- صنعاء
15/ذو الحجة/1431هـ
وصية لطلاب العلم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد: فقد طلب مني بعض الأفاضل أن أكتب وصية مختصرة في صفيحات لطلاب العلم فأجبته لذلك قائلا: أوصي نفسي وإخواني من طلاب العلم ببعض الأمور:
الأمر الأول:
رفع الهمة في طلب العلم:
فلا تكن همتك أن تتحصل على ثقافة علمية أو أن تطلب العلم للبركة, بل لتكن همتك عالية فإن الله يعطي المرء بحسب ظنه به (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء) وانظر إلى كبار علماء الأمة كالنووي والسبكي ولتكن همتك أن تصل إلى مثل ما وصلوا إليه, بل إلى مثل من هو أعلم منه, وما ذلك على الله بعزيز, وكذلك لا يكن همك أن تكون عالما في علم واحد من العلوم بل لتكن همتك أن تكون عالما في فتون متعددة كما كان أولئك العلماء رحمهم الله
ولكن لا بد مع رفع الهمة من السعي والجد والاجتهاد وحفظ الوقت وإلا فهي أماني (من طلب العلى سهر الليالي) (ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر) (أأبيت سهران الدجى وتبيته نوما وتبغي بعد ذاك لحاقي)
ومما يعين على رفع الهمة: (النية والإرادة والقرار) (قراءة سير أهل الهمم) (مصاحبة أهل الهمم, لا تصحب من لا ينهضك حاله ولا يدلك على الله مقالة) (التوجه إلى الله بالدعاء والاستعانة به على ذلك) (البعد عن مجالسة البطالين)
الأمر الثاني:
الاهتمام بضبط العلوم وإتقانها
فلا يكن همك أن تكثر من دراسة الكتب وقراءتها دون ضبطها وإتقانها فلأن تضبط كتابا واحدا خير لك من أن تدرس عشرة كتب من غير ضبط, فالكيف مقدم على الكم, فكم قد رأينا ممن درسوا كتبا كثيرة من غير ضبط وهناك من هو أعلم منهم مع أنهم قد درسوا كتبا أقل, والعالم في أي فن هو الضابط له وليس الدارس له, وقد صارت كلمة (العالم) في هذه الأيام مبتذلة تطلق على كل من هب ودب, فمن كتب أو خطب أو وعظ فهو عند الناس عالم, والمصيبة الأكبر أن بعضهم يصدق نفسه بأنه عالم وهو ليس كذلك.
ولكن من هو العالم؟ العالم هو الضابط لفنه, فمن ضبط فنا كان عالما فيه ثم يلقب به, فمن ضبط علم الفقه يقال هل عالم في الفقه ويلقب بالفقيه ومن ضبط الحديث يقال له محدث ومن ضبط العقائد يقال له متكلم ومن ضبط الأصول يقال له أصولي...إلخ
ويأتي السؤال هنا: ما هو الضبط؟ الضبط -كما عرفه الأئمة ابن الصلاح والنووي وابن حمدان وغيرهم- هو: أن تكون معظم مسائل الفن في ذهن الشخص ولا يغيب عنه إلا القليل النادر ويعرف مظان القليل النادر ليرجع إليه عند الحاجة, والضبط غير الحفظ, فالحفظ بقاء صورة اللفظ في الذهن بينما الضبط بقاء معنى اللفظ في الذهن, ولا يشترط في العالم الحفظ ولكن يشتر ط الضبط, ولكن إن اجتمع الأمران فنور على نور, والحفظ معين على الضبط
ومما يعين على الضبط: (الدراسة على الأشياخ) (القراء قبل الدرس وبعده والمناقشة أثناء الدرس) (المذاكرة مع الزملاء) (تكرار قراءة الكتاب بين الحين والآخر, ويحبذ أن يكرر الفصل, فلا ينتقل إلى فصل آخر إلا بعد ضبط الفصل السابق وهذا أحسن من تكرار الكتاب بعد الانتهاء منه لغلبة النسيان) (حفظ المتون, فاحفظ فكل حافظ إمامُ, من حفظ المتون حاز الفنون) (استشعار أهمية العلم الذي يُراد ضبطه) (وأقوى معين على الضبط هو التدريس إذا رأى الشيخ أن الطالب أهلا)
الأمر الثالث:
ترتيب الأولويات في العلوم:
من المعلوم أن العلوم الإسلامية على نوعين: علوم آلة: كأصول الفقه وأصول الحديث والعربية بفروعها والمنطق... إلخ, وعلوم غاية: كالقرآن والحديث
ثم علوم الغاية هي في الحقيقة مقصودة لعلوم أخرى فالقرآن والحديث المقصود منهما ثلاثة علوم: التوحيد والأحكام والمواعظ, وعند النظر إلى هذا الثلاثة نجدها المسماة بـ: العقيدة والشريعة والسلوك فهذا الثلاثة العلوم هي غايات الغايات فعليها ينبغي أن تنصب الهمم والنيات
وعند المقارنة بين هذا الثلاثة العلوم نجد: أن الفقه هو أكثر ما يحتاجه الناس وأكثر ما يحتاجه المرء في نفسه, صحيح إن العقيدة والتزكية أهم, لكن العقيدة يمكن أن يُكتفى فيها بالجمل العامة بخلاف الفقه, وأما علم التزكية والسلوك فهو عمل قبل أن يكون علما
ولا يكون الطالب فقيها إلا إذا درس الفقه على مذهب من مذاهب الفقهاء المحفوظة, وفقا لسلم تعليمي ابتداء بمتن مختصر ثم متن متوسط ثم متن مطول, ثم الشروح ثم الحواشي ثم المقارنة بين المذاهب, أما البدء بالفقه المقارن أو بالمطولات أو بالشروح الفقهية أو بكتب شروح الحديث فإنها لا تنتج فقهيا بل مثقفا, وهذا ملاحظ مشاهد
الأمر الرابع:
الاهتمام بالعمل بالعلم وتزكية النفس:
العلم بغير عمل كشجرة بلا ثمر, ومن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم كما في الحديث عند أبي نعيم في الحلية, والعلم بغير تزكية قد يكون حجابا بين المرء وربه, وقد يؤدي إلى العجب والكبر والغرور والتعالي وغير ذلك من الآفات, وقد يكون سببا في قسوة القلوب وسببا للعداوة بين المنتسبين إليه, والعلم علمان: علم في القلب فذاك العلم النافع وعلم على اللسان فتلك حجة الله على عباده كما في الحديث عند ابن أبي شيبة, وجميع ما ذُكر من فضيلة العلم والعلماء إنما هو في حق العلماء العاملين, والعلم الحقيقي هو العلم بالله والخشية له, وعالم بعلمه لم يعملن معذبٌ من قبل عباد الوثن.
والذي يعلم الناس وينسى نفسه كالشمعة تضيء لغيرها وتحرق نفسها, والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل, والاستكثار من العلم من غير عمل زيادة في الحجة, ومن لم يعمل بعلمه لا يكون لكلامه أثر في قلوب الناس
وكان من شأن الصحابة والسلف تعلم الهدي والأدب قلب العلم قال بن القاسم: (صحبت مالكا عشرين سنة فكان منها سنتان في العلم وثمانية عشر سنة في تعليم الأدب فيا ليتني جعلت المدة كلها أدبا) وقال الشافعي رحمه الله: قال لي مالك: (يا محمد اجعل علمك ملحا وأدبك دقيقا), وتعلم العلم من دون تعلم الهدي والتزكية يؤدي إلى الفظاظة والغلظة والعنف والشدة والتطرف
وأول شيء في العمل بالعلم هو تصحيح النية والمقصد فهو الأساس, ولا بناء من غير أساس, فليسأل كل واحد منا نفسه وليجب عن نفسه بصدق- بل الإنسان على نفسه بصيرة-: ما مقصدي ومرادي من طلب العلم؟ هل هو وجه الله؟ أم الشهرة والجاه؟ أم المنصب والوظيفة؟ أم المال والدنيا؟ أم..؟, قال الغزالي في الإحياء: (فساد الرعايا بفساد الملوك وفساد الملوك بفساد العلماء وفساد العلماء باستيلاء حب المال والجاه)
ثم بعد ذلك ليكن لك حظ من العبادة فهي مقصد العلم بل مقصد الخلق, قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وفي قوت القلوب: (ذكر في مجلس أحمد معروف الكرخي فقال بعض من حضره: هو قصير العلم قال احمد: أمسك عافاك الله وهل يراد من العلم إلا ما وصل إليه معروف)
فينبغي على طالب العلم أن يكون له برنامج عبادي من النوافل بعد الفرائض (ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه...), ويختصر له المسافات في التزكية أن يتربى على يد شيخ أهل للتربية, قد تربى هو على يد مرب أهل وهكذا إلى المربي الأول صلى الله عليه وآله وسلم , يربيك بحاله قبل قاله, وبروحه قبل شبحه, فكما أنه لا يتم العلم في العادة إلا بمعلم فلا تتم التربية إلا بمربي
الأمر الخامس والأخير:
نشر العلم وتبليغه:
الله تعالى وملائكة وأهل والسموات وأهل الأرض يصلون على معلم الناس الخير, والوظيفة الأولى للأنبياء عليهم السلام هي نشر العلم, (أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده) ولكن إياك أن تتصدر قبل أن تتأهل ويراك الأشياخ أهلا للتدريس, وليس نشر العلم مقصورا على تعليم العلوم الشرعية بل من نشر العلم دعوة الناس إلى الله وتذكير الناس بالله وتعظيم الله في قلوب الخلق وتحبيب الخالق إلى الخلق, وذلك لا يقل أهمة عن تعليم العلوم الشرعية إن لم يكن أهم منه, ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعملا صالحا وقال إنني من المسلمين, ولا يشترط لذلك أن تكون عالما أو فقيها أو مفتيا
فما أجمل أن يجمع الله لطالب العلم ميراث النبوة كله ألا وهو: العلم والعمل والدعوة (يتلو عليهم آيته ويزكيهم ويعلمهم) نور على نور, جعلنا الله وإياكم من العلماء العاملين الدعاة إليه آمين يا رب العالمين والحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وأتباعه وعنا معهم
أخوكم ومحبكم وطالب دعاكم
عبد الفتاح بن صالح قُدَيش اليافعي
اليمن- صنعاء
15/ذو الحجة/1431هـ