وصية قرآنية

إنضم
13/05/2025
المشاركات
71
مستوى التفاعل
13
النقاط
8
الإقامة
صنعاء - اليمن
وصية قرآنية

قال الله سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 57، 58]، يبين الله لنا في هذه الآية الكريمة فضلَ القرآنِ الكريم، وعظيمَ أثرِه وبركتِه، فهو موعظة من الله، وهو كتاب حكم وهداية، وقد أمَرَنا الله بالإقبال على كتابه، قراءةً واستماعًا، وتعلمًا وتدبرًا، وعملًا وتحاكمًا؛ ليرحمنا الله في الدنيا والآخرة، قال الله عز وجل: {هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 203، 204]، وقال سبحانه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 89]، فكل ما نحتاج إليه بينه الله في القرآن العظيم نصًا أو دَلالةً أو استنباطًا، عَلِمه من علِمه، وجَهِله من جهِله، قال الله عز وجل: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29] أي: ليتذكر أصحاب العقول بالقرآن ما ينفعهم في دينهم ودنياهم.

وقد فصَّل الله آياتِ القرآنِ لعل الناسَ يتوبون إلى الله، ويرجعون إلى الحق، كما قال الله سبحانه: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 174].

والقرآن يهدي من تدبره واتبعه إلى الحق، في جميع الأمور الدينية والدنيوية، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، كما قال الله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9] أي: يهدي الناسَ لأحسن الخصال في كل الأمور، فهو هداية للأفراد والأسر، والمجتمعات والدول، في جميع الأحوال.

والناس من غير القرآن غرقى في الكفر والضلالات، ومن رحمة الله بعباده أن جعل كتابه حبلًا ممدودًا من السماء إلى الأرض، وأمرنا بالتمسك به تمسك الغريق، فإن تمسكنا به نجونا وسعِدنا، وإن تركناه هلَكْنا وخسِرنا، قال الله عز وجل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، فيجب على المسلم أن يتمسك بالقرآن تمسك الغريق، فهو طريق النجاة، فالقرآن نورٌ وهدايةٌ ورحمةٌ في الدنيا والآخرة لكل من آمن به واتبعه، فيه السعادة والطمأنينة، فيه الخير والبركة، فيه الأمر بعبادة الله وحده، والأمرُ بطاعته وطاعةِ رسوله، والأمر بالتأسي به، وفيه الأمرُ بالعدل والإحسانِ، وفيه الأمر بالرحمة بالخلق، وفيه الحث على صالح الأخلاق ومحاسن الآداب، فبالقرآن الكريم تسعد البشرية، وتنجو من الضلالات والهلاك في الدنيا والآخرة، وهو طريق الفوز بالجنة.

والقرآن ليس كغيره من الكتب تكتفي بقراءته مرة أو مرتين، فلا بد أن تأخذه بقوة، وتقرأ كل يوم منه ما تيسر، فهو حياة القلوب، ونور الصدور، ولا استقامة إلا بالتمسك به، كما قال الله سبحانه: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير: 27، 28]، ولم يعذر الله أحدًا في تلاوة كتابه فقال عز وجل: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20]، وقد أمر الله بترتيله فقال تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ)) رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه أبو داود من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام: ((خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ)) رواه البخاري من حديث عثمان رضي الله عنه، فتعلم القرآن تلاوة وحفظًا وتفسيرًا، واعلم أنك مهما عظَّمت القرآن فهو أعظم مما يخطر ببالك، فهو كلام الخالق سبحانه، فتمسك بالقرآن، وأقبل على تلاوته وتعلمه بقوة ونشاط، فالقرآن مشروع حياة، فكن مع القرآن حتى تلقى الله، فهو خيرٌ مما يجمعون من متاع الدنيا الفانية.
 
عودة
أعلى