د. جمال القرش
Member
وصايا نفيسة ووقفات ونصائح لطلبة العلم المبتدئين
من يتابع أحوال طلبة العلم المبتدئين يلاحظ أن يعضهم قد يبدأ بنشاط ثم يصاب بملل، وقد يمكث سنين طوال يطلب العلم دون إخراج ما تعلمه، فيمل التعلم وتضعف ذاكرته العلمية.
وقد يشرع في تعلم كتب طوال دون التدرج فيؤدي ذلك إلى تعثر وفتور وصعوبة المواصلة،
وقد يخوض في مسائل لا يقوم بها إلا الجبال من العلماء، ويطرحها أمام العامة مع ضعفه، وعدم استيعاب الناس لها وهو ضرب من التكلف المذموم فيؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها، وقد يترك التعلم بالكية.
لهذا أضع بين يدي طالب العلم بعض النصائح والوقفات لطالب العلم
فبعد أن يجدد النية بإخلاص القصد لله تعالى فلا رياء ولا سمعة ولا شهرة وأن يقصد به أن يرفع عن نفسه الجهل، ويدعو إلى دينه على بصيرة وهدى.*
1- إن من بركة العلم التدرج في تلقيه فيبدأ بصغيره قبل كبيره، وبالسهل الميسر قبل الصعب ، فذلك نافع له ولغيره، كتعلم الأصول الثلاثة، وكتفسير سورة الفاتحة، وقصار السور، وشروط صحة الصلاة ، وأركانها وواجباتها ، والأصول الثلاثة، وبعض غزوات النبي صلى الله عليه وسلم كبدر وأحد، وأخلاقه وشمائله وما يحتاجه في يومه وليله ككتاب رياض الصالحين، وحصن المسلم، فإن أتقن ذلك انتقل إلى المرحلة الثانية التأصيلية ككتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، والملخص الفقهي للفوزان، والتفسير الميسر ، إلخ وهكذا ينتقل من مرحلة إلى أخرى .
[يمكن الاستفادة من كتاب براعم الإسلام في العلوم الشرعية خمس مستويات متدرجة]
2- إن من بركة العلم أن يبلغ ما تعلمه وليكن مع المبتدئين، فالعلم يزكو بعطاءه، وقد رغب الشارع الحكيم في حث الناس على التعلم والتعليم بل جعله نصف الخيرية كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( خيركم من نعلم القرآن وعلمه) رواه البخاري ، فنصف الخيرة في التعلم والنصف الآخر في التعليم.
وقوله صلى الله عليه وسلم : بلغوا عني و لو آية ... ) رواه البخاري.
فمن الحسن أن يبلغ الناس ويعلمهم [تفسير سورة الفاتحة، وأية الكرسي ، والمعوذتين] ، ثم يسترسل إلى باقي جزء عم ، وكذلك شروط صحة الصلاة ، فغالب الناس بل جلهم يحتاجون ذلك .
3- عدم الخوض فيما لا يعلم ، وإن سأل عن شيء لا يعلمه ، فليقل : الله أعلم
4- الحذر من التعمق في دقائق المسائل التي لا يعرفها إلا الحاذقون، وهو غير مؤهل، خصوصا مع أناس لا تبلغه عقولهم، فيطرحها أمام العامة ربما لشد الانتباه إليه، فيوقع بلبلة. قال صلى الله عليه وسلم : (ألا هلك المتنطعون) كررها ثلاثا، رواه مسلم.
قال الحطابي: المتنطع المتعمق في الشيء المتكلف البحث عنه على مذاهب أهل الكلام الداخلين فيما لا يعنيهم الخائضين فيما لا تبلغه عقولهم. وقال في «النهاية»: المغالون في الكلام المتكلمون بأقصى حلوقهم اهـ دليل الفالحين: 2/ 65
قال النووي : فيه كراهة التقعر في الكلام بالتشدق وتكلف الفصاحة واستعمال وحشي اللغة ودقائق الإعراب في مخاطبة العوام ونحوهم اهـ. فيض القدير : 6/ 459
5- التركيز على الثوابت وما يحتاجه عموم الناس في البداية ، ثم يتوسع شيئا فشيئا.
6- أن يحذر من أن يتعلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء
قا ل صلى الله عليه وسلم : من تعلم العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله جهنم ( رواه ابن ماجه) عن أبي هريرة . قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 6158 في صحيح الجامع
7- أن يحذر من الغفلة عن تزكية التفس، قال مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ رحمه الله : " مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ لِلْعَمَلِ كَسَرَهُ عَلِمُهُ ، وَمَنْ طَلَبَهُ لِغَيْرِ الْعَمَلِ زَادَهُ فَخْرًا " *
8- أن يحرص على متابعة من يعلمه ويعتني به
قال الإمام النووي رَحِمَهُ اللهُ: " ويستحب للمعلِّم أن يكونَ حريصًا على تعليمهم، مؤثرًا لذلك على مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية، وأنْ يُفرِّغَ قلبَّه - في حال جلوسه لإقرائهم - من الأسباب الشاغلة كلها، وهي كثيرةٌ معروفة، وأن يكونَ حريصًا على تفهيمهم، وأن يعطيَ كلَّ إنسان منهم ما يليقُ به، فلا يُكثرُ على من لا يحتمل الإكثار، ولا يُقصر لمن يحتمل الزيادة، ويأمُرهم بإعادة محفوظاتهم، ويثني على من ظهرت نجابته ما لم يخش عليه فتنةً بإعجاب أو غيره، التبيان في آداب حملة القُرْءان"ص/29
9- الحرص على اكتشاف ذوي القدرات والنبوغ، فالطالب النشيط يحفز شيخه ويثرى عقله من خلال نقاشه.
ومن صور اكتشاف النبي × لقدرات الصحابة:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :
أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ،
وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ،
وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ،
وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ،
وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ،
وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ،
أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ .رواه الترمذي، وانظر صحيح الترمذي/ 3791 .
وعليه أن يكثر من الدعاء اللهم أني اسألك علما نافعا وقلبا خاشعا وعملا متقبلا، اللهم فقهني في الدين، رب زدني علما.
وفق الله الجميع لكل خير وهدى وصالح ، وتقبلوا فائق التقدير والاحترام/ جمال القرش
من يتابع أحوال طلبة العلم المبتدئين يلاحظ أن يعضهم قد يبدأ بنشاط ثم يصاب بملل، وقد يمكث سنين طوال يطلب العلم دون إخراج ما تعلمه، فيمل التعلم وتضعف ذاكرته العلمية.
وقد يشرع في تعلم كتب طوال دون التدرج فيؤدي ذلك إلى تعثر وفتور وصعوبة المواصلة،
وقد يخوض في مسائل لا يقوم بها إلا الجبال من العلماء، ويطرحها أمام العامة مع ضعفه، وعدم استيعاب الناس لها وهو ضرب من التكلف المذموم فيؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها، وقد يترك التعلم بالكية.
لهذا أضع بين يدي طالب العلم بعض النصائح والوقفات لطالب العلم
فبعد أن يجدد النية بإخلاص القصد لله تعالى فلا رياء ولا سمعة ولا شهرة وأن يقصد به أن يرفع عن نفسه الجهل، ويدعو إلى دينه على بصيرة وهدى.*
1- إن من بركة العلم التدرج في تلقيه فيبدأ بصغيره قبل كبيره، وبالسهل الميسر قبل الصعب ، فذلك نافع له ولغيره، كتعلم الأصول الثلاثة، وكتفسير سورة الفاتحة، وقصار السور، وشروط صحة الصلاة ، وأركانها وواجباتها ، والأصول الثلاثة، وبعض غزوات النبي صلى الله عليه وسلم كبدر وأحد، وأخلاقه وشمائله وما يحتاجه في يومه وليله ككتاب رياض الصالحين، وحصن المسلم، فإن أتقن ذلك انتقل إلى المرحلة الثانية التأصيلية ككتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، والملخص الفقهي للفوزان، والتفسير الميسر ، إلخ وهكذا ينتقل من مرحلة إلى أخرى .
[يمكن الاستفادة من كتاب براعم الإسلام في العلوم الشرعية خمس مستويات متدرجة]
2- إن من بركة العلم أن يبلغ ما تعلمه وليكن مع المبتدئين، فالعلم يزكو بعطاءه، وقد رغب الشارع الحكيم في حث الناس على التعلم والتعليم بل جعله نصف الخيرية كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( خيركم من نعلم القرآن وعلمه) رواه البخاري ، فنصف الخيرة في التعلم والنصف الآخر في التعليم.
وقوله صلى الله عليه وسلم : بلغوا عني و لو آية ... ) رواه البخاري.
فمن الحسن أن يبلغ الناس ويعلمهم [تفسير سورة الفاتحة، وأية الكرسي ، والمعوذتين] ، ثم يسترسل إلى باقي جزء عم ، وكذلك شروط صحة الصلاة ، فغالب الناس بل جلهم يحتاجون ذلك .
3- عدم الخوض فيما لا يعلم ، وإن سأل عن شيء لا يعلمه ، فليقل : الله أعلم
4- الحذر من التعمق في دقائق المسائل التي لا يعرفها إلا الحاذقون، وهو غير مؤهل، خصوصا مع أناس لا تبلغه عقولهم، فيطرحها أمام العامة ربما لشد الانتباه إليه، فيوقع بلبلة. قال صلى الله عليه وسلم : (ألا هلك المتنطعون) كررها ثلاثا، رواه مسلم.
قال الحطابي: المتنطع المتعمق في الشيء المتكلف البحث عنه على مذاهب أهل الكلام الداخلين فيما لا يعنيهم الخائضين فيما لا تبلغه عقولهم. وقال في «النهاية»: المغالون في الكلام المتكلمون بأقصى حلوقهم اهـ دليل الفالحين: 2/ 65
قال النووي : فيه كراهة التقعر في الكلام بالتشدق وتكلف الفصاحة واستعمال وحشي اللغة ودقائق الإعراب في مخاطبة العوام ونحوهم اهـ. فيض القدير : 6/ 459
5- التركيز على الثوابت وما يحتاجه عموم الناس في البداية ، ثم يتوسع شيئا فشيئا.
6- أن يحذر من أن يتعلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء
قا ل صلى الله عليه وسلم : من تعلم العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله جهنم ( رواه ابن ماجه) عن أبي هريرة . قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 6158 في صحيح الجامع
7- أن يحذر من الغفلة عن تزكية التفس، قال مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ رحمه الله : " مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ لِلْعَمَلِ كَسَرَهُ عَلِمُهُ ، وَمَنْ طَلَبَهُ لِغَيْرِ الْعَمَلِ زَادَهُ فَخْرًا " *
8- أن يحرص على متابعة من يعلمه ويعتني به
قال الإمام النووي رَحِمَهُ اللهُ: " ويستحب للمعلِّم أن يكونَ حريصًا على تعليمهم، مؤثرًا لذلك على مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية، وأنْ يُفرِّغَ قلبَّه - في حال جلوسه لإقرائهم - من الأسباب الشاغلة كلها، وهي كثيرةٌ معروفة، وأن يكونَ حريصًا على تفهيمهم، وأن يعطيَ كلَّ إنسان منهم ما يليقُ به، فلا يُكثرُ على من لا يحتمل الإكثار، ولا يُقصر لمن يحتمل الزيادة، ويأمُرهم بإعادة محفوظاتهم، ويثني على من ظهرت نجابته ما لم يخش عليه فتنةً بإعجاب أو غيره، التبيان في آداب حملة القُرْءان"ص/29
9- الحرص على اكتشاف ذوي القدرات والنبوغ، فالطالب النشيط يحفز شيخه ويثرى عقله من خلال نقاشه.
ومن صور اكتشاف النبي × لقدرات الصحابة:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :
أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ،
وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ،
وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ،
وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ،
وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ،
وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ،
أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ .رواه الترمذي، وانظر صحيح الترمذي/ 3791 .
وعليه أن يكثر من الدعاء اللهم أني اسألك علما نافعا وقلبا خاشعا وعملا متقبلا، اللهم فقهني في الدين، رب زدني علما.
وفق الله الجميع لكل خير وهدى وصالح ، وتقبلوا فائق التقدير والاحترام/ جمال القرش