وسائل تقريب معاني القرآن الكريم للطلاب - د. محمد الخضيري

إنضم
07/05/2004
المشاركات
2,562
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
الخبر - المملكة ا
الموقع الالكتروني
www.islamiyyat.com
[FONT=&quot]وسائل تقريب معاني القرآن الكريم للطلاب[/FONT]
[FONT=&quot]د. محمد بن عبد العزيز الخضيري[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]رابط المحاضرة[/FONT]
[FONT=&quot]‫وسائل تقريب معاني القرآن الكريم للطلاب للشيخ د محمد الخضيري‬‎ - YouTube[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والآه. أما بعد، فإن من القضايا العظيمة والمهمة التي ينبغي أن ينتبه لها مدرّس القرآن الكريم لفت انتباه طلابه إلى العناية بمعاني القرآن وذلك لأن تدبر القرآن وفهمه ومعرفة معانيه من أعظم المقاصد التي ينبغي أن تكون عند تالي القرآن وحافظه. إن تلاوة القرآن وحفظه ليس مقصوداً لذاته بل المقصود ما وراء ذلك من الفهم والتدبر والعمل بمعانيه والدعوة إليه. وهذا لا يتحقق حتى يكون عند الطالب ملكة ينميها الأستاذ ويرعاها فيكون من المتدبرين العارفين بمعاني القرآن العظيم. إن فهم معاني القرآن هو ما كان عليه السلف الصالح فقد كانوا يتبارون في هذا الميدان ويعقدون المجالس لفهم معاني القرآن ويرحلون لأجل ذلك في كل مكان يمكن أن يعرفوا به مزيداً من معاني كتاب الله عز وجل.[/FONT]
[FONT=&quot]وأول ما ينبغي أن يُعرف في هذا الباب ويكون مقدمة له هو قناعة الأستاذ بأهمية هذا الأمر فإن كثيراً من الأساتذة ومعلّمي القرآن والمشايخ الذين عُرفوا بالإقراء وتفرّغوا له قد أُشرِبوا حبّ تعليم القرآن وتجويد حروفه واتقان تلاوته. ولذلك يحرصون أشد الحرص على القيام بهذا الواجب على خير وجه ولا ملامة في ذلك بل هذا أمر عظيم ومرغّب فيه ولكن الملامة في الاقتصار على هذا الشيء والوقوف عند هذا الحد فإن الله عز وجل قد حثّ العباد في القرآن على التدبر في آيات كثيرة ومنها قول الله عز وجل (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا (82) النساء) وقوله في سورة محمد (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) محمد) وهاتان الآيتان نزلت في سياق ذمّ المنافقين فإذا كان المنافقون مطالبين بأن يتدبروا القرآن فغيرهم أولى وأهل الإيمان أولى منهم بلا شك. ونزل أيضاً قول الله عز وجل في السور المكية (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (29) ص) فهذا أمرٌ لهؤلاء المشركين أن يتدبروا القرآن ليعرفوا معانيه ويؤمنوا به ويحصّلوا الفائدة المرجوة من إنزاله. ومنها قول الله عز وجل (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) العنكبوت) فهذان نزلا في حق المشركين فإذا كان أهل الشرك قد أُمروا بفهم المعاني وتدبر الآيات ومعرفة مقاصدها ومراميها فأهل الإيمان أولى بذلك. ولذلك نحن نقول إن تحسين التلاوة وتجويدها وحفظ الحروف واتقان ذلك كله مقصود لغيره وهو أن يفهم الإنسان معاني القرآن ويهتدي بهذا الكتاب ويحصّل الغاية المقصودة وهو أن يكون الكتاب هدى له كما قال عز وجل في أول سورة البقرة (ألم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2)) ولا يكون القرآن هدى بمجرد اتقان التلاوة ولا يكون القرآن هدى بمعرفة التجويد ولا يكون القرآن هدى بحفظ الحروف وإنما يكون هدى بفهم المعنى وتدبره وتملّيه والاجتهاد في استنباط الهدايات والعظات والعِبر والعزم على العمل والدعوة والصبر على كل ذلك. فإذا اقتنع الأستاذ بمثل هذا الأمر وحصلت عنده القناعة التامة بأن هذا هو المقصود فإن هذا سيدعوه حتماً إلى أن يقوم بواجبه في تعليم الطلاب معاني القرآن وتقريب هذه المعاني لأذهانهم. إن الطالب الذي ينبغي أن يُقنع بمعاني القرآن وأن يعلّم تفسير القرآن هو كل من يتقدم لتعلّم القرآن ولا يُختص بذلك أحد دون أحد، الكبار والصغار والذكور والإناث المثقفون وأنصاف المثقفين والعوامّ من الأميين كلهم مطالبون بفهم معاني القرآن ولكن ما يُطلب من العالِم ليس ما يُطلب من الصغير وما يُطلب من الجاهل أو من الأميّ ليس هو ما يُطلب من المثقف أو من هو في عداد المثقفين. والقرآن من عجائبه أنه يعطي عطاءات مختلفة ومتنوعة فالكبير يفهم المعنى الظاهر منه الذي هو مقصودٌ في هذا الكتاب ويحتاجه كل أحد ولا يُعذر أحد بالجهل فيه هذا بالنسبة لعامة الناس. والعالِم من الناس يغوص في معاني الآيات ويستنبط منها الحكم والعظات والدروس والعبر وغير ذلك مما يحتاج إليه من غايات القرآن فليست هناك مرحلة عمرية يقال إنها المرحلة العمرية المناسبة لتفسير القرآن. وتفسير القرآن بالمناسبة هو مرحلة تتلو مرحلة التدبر فإن الإنسان يُطلب منه أن يتدبر القرآن بمعنى أن يجتهد لفهم معاني هذا الكتاب فقد يهتدي إلى الهدايات الأولية والقواعد العظيمة والمعاني الكبيرة التي قد لا يُعذر أحد بالجهل فيها وقد يصل إلى ما وراء ذلك من المعاني الدقيقة واللطائف والهدايات التي تعتبر نوافذ العلم وكل ذلك يحصل بالتدبر. وقد يحصّل الإنسان بالتدبر فهم الآية وإدراك معناها كما أرادها الله سبحانه وتعالى وبهذا نعرف أن مفتاح فهم القرآن هو التدبر وأن التفسير ثمرة من ثمرات التدبر وعلى كل واحد من المسلمين أن يحرص على ذلك وليعلم كل إنسان أن التدبر صعبٌ في أوله ميسور في آخره فإذا درّبت نفسك وهيأتها على أن تفهم القرآن وعلى أن تستنبط منه وتدرك معانيه ومراميه فإنك ستدرك ذلك لا محالة، قال الله عز وجل (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا (69) العنكبوت) ولا يعني ذلك أبداً أن يفهم الإنسان القرآن بنفسه ثم يفسّره للناس دون أن يرجع إلى التفاسير الموثوقة والمحكمة في هذا الميدان. [/FONT]
[FONT=&quot]عندما يقتنع المدرّس بأهمية هذا الأمر يجب عليه أن يُقنِع طلابه بأن هذا هو المقصود وأن هذا الذي هم قد اجتمعوا عليه ليس إلا وسيلة لتحقيق ما هو أعظم من العمل بالقرآن والإيمان به وتحكيمه والدعوة إليه والصبر على كل ذلك. وهناك عدد من الوسائل التي تعين على تقريب معاني القرآن إلى أذهان الطلاب:[/FONT]
[FONT=&quot]الوسيلة الأولى:[/FONT][FONT=&quot] العناية بغريب الألفاظ لأن في آيات القرآن ما هو غريب على أذهان المتلقين والمستمعين والتالين وهذا الغريب يجب أن يُجلّى للطالب من أجل أن يكون مفتاحاً لفهم الآيات. فإذا قرأ الطالب (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) الاخلاص) ينبغي أن يُفهم الطالب معنى الصمد فإنه إذا فهم معنى الصمد فهم سائر الآيات المجاورة وعرف المقصود بشكل جيد. وكذلك إذا قرأ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) الفلق) إذا شرح الأستاذ معنى الفلق ومعنى الغاسق ومعنى وقب فإنه لا شك سيكون ذلك مفتاحاً لفهم السورة كلها. ولأجل ذلك نوصي الأستاذ أن يرغّي الطلاب أن يكون معهم كتاب في غريب القرآن أو يحملوا المصاحف التي تكون مذيلة أو مهمشة بمعاني غريب القرآن.[/FONT]
[FONT=&quot]الوسيلة الثانية:[/FONT][FONT=&quot] أن يبسّط الأسلوب في إفهام الطلاب ويوضّح العبارات ولا يعقّد المعاني بل وننهاه أشد النهي في أن يخوض بطلابه في أمور لا يحسُن أن تُقال لهم لأنها تؤثر عكسياً عليهم فيستصعبون تفسير القرآن ومثل ذلك فإذا قلت للطالب اقرأ تفسير مثلاً البحر المحيط هذا لا شك أنه إذا فتح البحر المحيط ونظر ما فيه من المعاني والعلوم والأمور التي لا يفهمها سيكون سبباً لتركه لكتب التفسير. كذلك الأستاذ ينبغي له أن يعلّم الطلاب معاني القرآن بأسلوب سهل ميسر ويرشدهم أيضاً إلى الكتب السهلة الميسرة في هذا الباب وهذا يستتبع أن يبتعد الأستاذ عن كل ما هو دقيق وصعب على أفهام المتلقين بحسب أعمارهم ومستوياتهم التعليمية.[/FONT]
[FONT=&quot]الوسيلة الثالثة:[/FONT][FONT=&quot] العناية بالوقف فيعتني الأستاذ كما يعتني بتلقين التجويد يعتني بتلقين الوقف فيوقِف الطالب مواقف صحيحة فإذا عرف الطالب هذه المواقف الصحيحة لا شك أنها ستكون سبباً لفهمه الآية. مثلاً إذا قرأ (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (138) الصافات) إذا وقف الطالب على كلمة (وبالليل) عرف المراد يعني وإنكم لترون عليهم مصبحين وبالليل يعني في الصبح والليل لكن لو قرأها على أنها تتمة أو مكملة لما بعدها قال (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) كأن المعنى "وبالليل أفلا تعقلون" فيظن الطالب أنها متعلقة بما بعدها وهي متعلقة بما قبلها. فيحرص الأستاذ على تلقين طلابه الوقف الصحيح في مكانه بل ويرد الطالب إذا رأى أنه وقف وقفاً غير صحيح أو ابتدأ ابتداء غير صحيح لأن ذلك يدل على أن الطالب اهتم بالحروف والألفاظ دون أن ينتبه للمعاني متى انتبه الإنسان للمعاني فلا بد أن يقف المواقف الصحيحة لتكون كلماته مضبوطة الجمل التي تصدر منه جملاً مفهومة.[/FONT]
[FONT=&quot]الوسيلة الرابعة:[/FONT][FONT=&quot] تدريب الطلاب على الاستنباط فيسأل الأستاذ طلابه ماذا نستفيد من قول الله عز وجل كذا وكذا؟ ماذا نفهم من هذه الآية؟ ويجعل الطالب يتكلم بكل حرية ثم يصوّب له ويصحح ويقول له أحسنت إن أحسن وإن أخطأ بيّن له وجه الخطأ وشجعه على الازدياد. والتدريب على الاستنباط كان من منهج السلف الصالح بل كان من طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم. عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع الصحابة وسألهم عن سورة النصر ما تقولون في قول الله عز وجل (إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) النصر) فقالوا فيها قولاً لم يعجبه لأنه رأى أن هذا المعنى ليس هو الذي يُعرَف به المتمكن من فهم القرآن، قال: ما تقول فيها يا ابن عم رسول الله؟ (يقصد ابن عباس) قال هذا أجَلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: والله لا أفهم منها إلا كما فهمت، أو كما قال. فهذا نوع من أنواع التدريب يدرّب المعلم طلابه على كيفية الاستنباط من الآيات. ما الذي يمنعك أخي الأستاذ أن تقرأ السورة على طلابك فتقول لهم من أين نأخذ كذا وكذا؟ إقرأ سورة الضحى على طلابك ثم قُل لهم من أين نأخذ منها إكرام طلاب العلم؟ دعهم يخوضون في هذه الآيات أو في آيات هذه السورة ويبحثون عن هذا المعنى. أو قل لطلابك ماذا نستفيد من قول الله عز وجل (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) الضحى)؟ دعهم يتحدثون في هذا المعنى ودعهم يعطونك ما يعنّ لهم من المعاني[/FONT]
[FONT=&quot]الوسيلة الخامسة:[/FONT][FONT=&quot] إثارة الانتباه بالأسئلة وهذا ما يسميه ابن مسعود رضي الله عنه بـ"تثوير القرآن" ومعنى تثوير القرآن يعني إثارة القرآن والبحث عما فيه بوضع الأسئلة والاستفهامات فعندما يقول الأستاذ ما المناسبة بين هذه القصة وهذه القصة؟ أو بين هذه السورة وهذ السورة؟ أو بين فاتحة السورة وخاتمتها أو بين فاتحة السورة وخاتمة التي قبلها؟ ما الفرق بين هذه القصة في هذه السورة ونفس القصة في سورة أخرى؟ لماذا ذُكرت هنا وذكرت هنا؟ اجمعوا لي صفات المؤمنين في جزء عمّ، إجمعوا لي صفات النعيم في جزء عمّ. دع الطالب يبحث عن نعيم أهل الجنة في جزء عم" ويبحث عن الآيات في هذا الميدان ثم يصنفها تصنيفاً موضوعياً في المأكولات، في المشارب، في المجالس، في السُرر، في الغرف في الأنهار في الزوجات. هذه الطريقة تثير انتباه الطالب وتجعله يقرأ ويجمع بين الآيات المتفرقة والتي تحمل موضوعاً واحداً.[/FONT]
[FONT=&quot]الوسيلة السادسة:[/FONT][FONT=&quot] ذكر بعض قواعد التفسير الميسورة السهلة التي يمكن فهمها ويكون أثرها وعائدها كبير على الطالب. فإذا قال الأستاذ لطلابه: "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" الطلاب سيسألون: ما معنى هذه القاعدة؟ فيقول لهم هذه القاعدة معناها كيت وكيت ثم يطبق لهم مرتين ومرتين وثلاثة. بعد ذلك كلما قرأوا آية في مناسبة معينة أو نزلت على سبب محدد عرفوا أن العِبرة بعموم ألفاظ الآية لا بخصوص السبب الذي نزلت فيه فتكون قاعدة لهم عندما يقرأون في التفسير، قاعدة لهم عندما يستنبطون المعنى من الآيات. وليست كل القواعد صالحة أن تقال لكل الطلاب، فبعض القواعد قد تكون معقدة أو صعبة أو لا يفهمها إلا الطالب الذي لديه مَلَكة الفهم القوي أو عنده مقدمات جيدة في العلم فهذه تؤخَّر أو لا تقال إلا لهذا النوع من الطلاب. أما عموم الطلاب فيقال لهم من القواعد ما يناسب أذهانهم ويدرَّبون على ذلك عبر عدد من الأمثلة ثم يطلب منهم التطبيق الذاتي. وهذه الأمور التي ذكرتها قبل قليل قد يقول قائل ما علاقتها بتقريب معاني القرآن؟ أقول العلاقة قوية جداً ليس المقصود في تقريب معاني القرآن أن نلقي المعاني على الطلاب لأن تفسير القرآن شيء واسع وهذه المعاني يشقّ على الإنسان حفظها ونحن لا نطالب بالحفظ وإنما نطالب بالفهم فالأوْلى أن ننمي ملكة التدبر عند الطالب وملكة الفهم والقدرة على معرفة نظم القرآن واستنباط المعاني منه فإن هذه الملكة إذا نمت عنده سهُل عليه استقبال ما يُلقى من معاني القرآن وعرف الطريقة الصحيحة لفهم القرآن وهذا ما كان شيخنا العلامة محمد ابن عثيمين رحمه الله يوصينا به فكان يقول: أفضل طريقة لتفسير القرآن أن تفهم القرآن بنفسك وتحاول أن تصل إلى المعنى من ذاتك فأنت بعدما تستفرغ جهدك في هذا الباب ستكون بين نفسك أمام أمرين: إما أن تجد أن المعنى صحيحاً بعد مراجعة كتب التفسير الميسرة الصحيحة الموثوقة فهذا يطمّنك إلى أنك وصلت إلى المعنى بنفسك ويرسّخ المعنى في ذهنك. وإما أن يكون ما توصلت إليه خاطئاً وفي هذه الحالة ستكون قد حصّلت أمرين: معنى صحيح استفدته من كتب التفسير لم تستطع الاهتداء إليه وهذا سيدعوك إلى أن تفهم المعنى بحق ومعنى خاطئ ستتقيه في المرات القادمة ولا شك أن هذا هو أفضل أسلوب وجدناه في فهم الآيات لأن التفسير ليس كباقي العلوم التفسير ليس له حدّ وباقي العلوم محدودة ولعلي أعطيكم مثالاً بكتب الفقه: المسائل الفقهية هي خمس كلمات لا تتجاوزها واجب، مباح، مستحب، مكروه، محرّم، في كل مسألة ستقول واحدة من هذه الكلمات الخمس، فأنت ستقول اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين منهم من قال أنه واجب ومنهم من قال أنه مستحب. إذن هذه القضية بسهولة تُحفظ وبسهولة تُستوعب، لكن عندما أقول لك ما معنى وقب؟ لا تعرف المعنى. إن معنى وقب وعسعس ودمدم وغيرها من الكلمات كل واحدة منها لها معنى مستقل ولها اشتقاقات وفيها خلافات فهذا من الصعب ضبطه ولذلك نحن بحاجة إلى أن ندرب العقل على أن يصل إلى المعنى بنفسه ثم نجعل له هادياً وهي كتب التفسير الموثوقة.[/FONT]
[FONT=&quot]الوسيلة السابعة:[/FONT][FONT=&quot] العناية بقصص القرآن لأن بعض المواطن في بعض السور قد تكون موضوعات ليست مرغوبة لدى صغار الطلبة فأنت بحاجة إلى أن ترغّبهم في القرآن وفهم معانيه عبر القصص توصل هدايات القرآن كما أوصلها القرآن إلينا عبر القصص فتذكر القصة ثم تحاول ذكر الفوائد والاستنباطات منها وتقول لهم ماذا نستفيد من القصة وتستمع إليهم جميعاً وإياك إياك أن ترد على واحد منهم رداً يجعله يقفل عملية التفكير، تقول نعم هذا صحيح لو كانت الآية هكذا استنباط جيد وجميل، من يعطينا معنى آخر؟ ما رأيكم في المعنى الذي استنبطه فلان؟ وهكذا من العبارات التي تشجع الطلاب على أن يستنبطوا ويفهموا من قصص القرآن المعاني والهدايات.[/FONT]
[FONT=&quot]الوسيلة الثامنة:[/FONT][FONT=&quot] العناية بأسباب النزول فإن أسباب النزول في الغالب تكون قصصاً وهنا أنبه إلى أن أسباب النزول هو مما يعين أولاً وهو أيضاً باب كبير يدل الإنسان على مقاصد كتاب الله عز وجل ويُفهم الإنسان مبادئ المعاني. ومما ينبغي تنبيه طلاب العلم وخصوصاً منهم صغار الطلبة في موضوع أسباب النزول أن بعضهم يعامل أسباب النزول معاملة الحديث النبوي في جميع المواطن وهذا غير صحيح فقد جرت عادة السلف على قبول أسباب النزول حتى وإن كانت أسانيدها ضعيفة ما لم يترتب عليها حكم شرعي فإن ترتب عليها حكم شرعي فإنهم يدققون في الأسانيد أما إذا كانت قصة أو أمراً لا يؤثر في معنى الآية بمعنى أنه لا يغيّر معناها عن المعنى الصحيح أو لا يفيد حكماً شرعياً يحتاج إلى تثبت وتأكد فإنهم في العادة يختارون ذلك وعلى هذا جرى عامة المفسرين في قبول كثير من أسباب النزول مع ضعف أسانيدها. هذه قضية تفيد المدرّس في أن لا يدقق كثيراً في أسباب النزول ويقتصر على ما تم إسناده في الصحيحين أو غيره من كتب السُنة.[/FONT]
[FONT=&quot]الوسيلة التاسعة:[/FONT][FONT=&quot] أن يكون في الحلقة عدداً من كتب التفسير الموثوقة كتفسير ابن كثير وتفسير السعدي وتفسير أبي بكر الجزائري والتفسير الميسر من مجمع الملك فهد والتفسير الميسر للشيخ عايض القرني وغيرها من كتب التفسير الموجودة والموثوقة والتي كثُرت ولله الحمد وتوفرت في هذا العصر فيكون هناك مكتبة مصغّرة في كل حلقة بحيث متى أشكلت آية على الأستاذ أو على الطالب فإنه مباشرة يرجع ويستفيد معناها.[/FONT]
[FONT=&quot]الوسيلة العاشرة:[/FONT][FONT=&quot] التأكيد على القرآءة المتدبرة فيؤكد الأستاذ على طلابه إذا قرأوا القرآن أن يقرأوه بصورة متدبرة يقف عند آيات العذاب، يرفع صوته عند الآيات التي يحتاج الإنسان أن يرفع صوته فيها، عندما تكون الآية فيها استفهام يتلوها بصورة استفهامية، عندما تكون الآية فيها تعجب يتلوها بصورة تعجبية، وهكذا حتى يحرّك قلبه بالقرآن ويتعود على ذلك. وأيضاً على الأستاذ أن يمدح القرآءة المتدبرة ويشجع الطالب الذي قرأ الآيات ويفيد بالمعاني التي استفادها من الآيات. ومن التجارب التي عملتها مع طلابي أنهم كان يسمّعون أو يعرضون عليّ تلاوتهم في المقطع المحدد فأطلب من كل واحد منهم أن يستنبط فائدة ليست مما يظهر من التلاوة وإنما مما يحتاج إلى إعمال ذهنه ويرسلها إليّ عبر رسائل نصية ثم أقرأها عليهم في الدرس القائم فكان هذا يشجعهم على القرآءة بفهم وأنا أوصي الأستاذ بأن يعمل هذه التجربة وسيجد أثرها على طلابه بإذن الله.[/FONT]
[FONT=&quot]الوسيلة الحادية عشرة:[/FONT][FONT=&quot] نشر قصص السلف وأقاويلهم في تدبر القرآن وفهم معانيه وأنه هو المقصود الأعظم في حفظه وتلاوته فإذا وضِعت لوحات في المسجد أو في الحلقة تدل على هذا الأمر فإن ذلك لا شك سيوحي هذا المعنى في نفوس الطلاب[/FONT]
[FONT=&quot]الوسيلة الثانية عشرة:[/FONT][FONT=&quot] التدريب على تنزيل القرآن على الواقع بحيث كلما مر حدث أو حصلت مشكلة أو نزلت بالمسلمين نازلة على الأستاذ أن يقول: ألم تقرأوا قول الله تعالى كذا وكذا فإن هذا يعين فهم القرآن. ولعلنا نذكر جميعاً قصة وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أثر الصحابة كانوا يقرأون قوله تعالى (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30) الزمر) ولم يكن حاضراً في أذهانهم أن يغادروا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يفارقوه فلما مات رسول الله كان عمر من أوائل المنكرين لهذا الأمر ويقول: من سمعته يقول أن رسول الله قد مات جعلته نكالاً حتى جاء أبو بكر وجمع الناس ثم قال من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت ثم تلا قوله تعالى (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ) وهنا يقول عمر: فما فهمت هذه الآية أو علمت معناها حتى تلاها أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه. مثلاً عندما تسمع بعض هؤلاء الكُتّاب يريدون أن يُدخلوا المرأة في كل ميدان وأن يزجوا بها تقرأ قول الله عز وجل (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27) النساء). أيضاً عندما ترى اليهود يؤذون المسلمين ويفعلون بهم الأفاعيل تقرأ قول الله عز وجل (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ (120) البقرة) وهكذا من الأشياء الكثيرة التي يمكن للإنسان أن ينزّلها على الواقع. أيضاً من الأشياء المهمة في هذا الباب والتي نوصي كل معلّك ومن اتصل بهذا الأمر أن يتقي الله في تعليم الناس معاني كلام الله فإذا سُئل عن شيء لا يعلمه فإنه ينبغي له أن يبادر بقول: لا أدري، أو لا أعلم أو أنظرني حتى أراجع أو ائتني بكتاب كذا من كتب التفسير فإن هذا يجعل للتفسير عظمة في نفوس الطلاب ويدربهم ويربيهم على تعظيم الكلام في القرآن ثم أيضاً يجعل لكلام الأستاذ وقعاً في قلوب طلابه بحيث يثقون أن كل معنى يبديه المدرّس هو معنى صحيح ومقبول.[/FONT]
[FONT=&quot]تنمية ملكة التدبر:[/FONT][FONT=&quot] إن ملكة التدبر عند الطلاب تنمو شيئاً فشيئاً وأنا أقول كلمة وأرددها على طلابي فأقول لهم إن التدبر أوله جهاد وآخره شهوة، من تدرب على التدبر فإنه لا يستطيع أن يقرأه بلا تدبر ولكن التدبر في أوله يحتاج إلى إعمال عقل وتدريب ذهن وهذا لا شك يحتاج من الطالب في أول الأمر مجاهدة ومكابدة حتى يستقيم ثم بعد ذلك لا يستطيع أن يتخلى عن التدبر إذا تلا القرآن.[/FONT]
[FONT=&quot]التركيز على المعاني التربوية في الآيات: عندما يقرأ الطالب أو الأستاذ قصة قرآنية ينبغي أن تكون عنايته وعناية الطلاب منصبّة على المعاني التربوية والعملية من الآيات أولاً. وأن لا يكون الذهن مشغولاً بالقضايا العلمية والقضايا التي لا ينطوي تحتها عمل لأن الله قال في كتابه عز وجل (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ (2) الجمعة) فكانت التزكية مقصودة ولذلك قدّمها حتى على التعليم قال (وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) فالمقصود الأعظم هو تزكية النفوس وتطهيرها وتنميتها وتربيتها والاستعلاء بها عن الدناءات والخسائس وغيرها من الأمور التي تدعو النفس الأمارة بالسوء إليها أو يدعو إليها الشيطان. حريٌ بالأستاذ أن يهتم بهذه المعاني ويقتنصها وأن يُكثر من تردادها على طلابه حتى يشعر الطلاب أن هذا هو المقصود من تلاوة الآيات أن يتربوا على القرآن وأن يستفيدوا منه وأن يتخرّجوا على مدرسته مدرسة كتاب الله عز وجل وأن يتحقق لهم الهدى هذا هو المقصود الأعظم. مثلاً لو قرأ الأستاذ قصة الخضر مع موسى يحاول أن يستنبط أدب الطالب مع شيخه من خلال هذه الآيات، كيف يخاطب موسى شيخه؟ وكيف يلقي الشيخ الفوائد على الطلاب؟ وكيف نستنبط الهمة العالية لطالب العلم من خلال رحلته إلى أستاذه من أجل طلب العلم فيحاول الأستاذ أن يضع طلبه على هذه المواطن التي تمس واقعهم وتفيدهم معاني تربوية وأخلاقية وتزكي نفوسهم بإذن الله عز وجل. كذلك عندما تقرأ قصة موسى عليه الصلاة والسلام في الدعوة في سورة النازعات أو سورة طه، كيف يدعو الداعية؟ ما هي الألفاظ التي يقولها؟ وكيف نستنبط كيف يدعو الداعية ولو كان جباراً ماذا يقول له؟ ماذا يمكن أن يفعل معه؟ [/FONT]
[FONT=&quot]هذه بعض الوسائل التي تعين على تقريب معاني القرآن إلى الطلاب وتحيي هذا الأمر في نفوسهم. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا للصواب في القول والسداد في القول والعمل وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
 
رفع الله قدرك //وبارك في وقتك وجهدك وعلمك
 
عودة
أعلى