ورشة قرآنية في دمشق

أحمد الطعان

مستشار
إنضم
15/12/2005
المشاركات
452
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
سوريا - دمشق
[align=center][بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

[align=center]برنامج ورشة عمل مع ميشيل كويرس : من أجل تفسير سياقي للقرآن الكريم[/align]
يوم السبت 26 كانون الثاني 2008 م

الصباح :
من الساعة 9،30 – 10،30 : عرض " طريقة التحليل البلاغي " في الإطار التاريخي لمسألة نظم القرآن الكريم كما تطورت في الحضارة الإسلامية القديمة والحديثة ، وفي الدراسات الغربية الحديثة في إطار التفسير الحديث للكتاب المقدس .
- من الساعة 10،30 – 11 استراحة
من الساعة 11 – 12 : عرض القوانين الرئيسة للتحليل البلاغي ، ورشة عمل لتطبيق هذه القوانين على سورتين صغيرتين : سورة القارعة وسورة الفاتحة .
- من الساعة 12 – 12،30 : نقاش
- الساعة الواحدة : الغداء
بعد الظهر : من الساق النصي إلى سياق النصوص فيما بينها
- من الساعة 3 – 4 تفسير جديد لسورة العلق
- من الساعة 4 – 4،30 استراحة
من الساعة 4،30 – 5،30 : تقديم كتاب ميشيل كويرس " قراءة في سورة المائدة " الصادر عام 2007 م
- من الساعة 5،30 – 6،30 نقاش
أقيمت الورشة في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى بدمشق وحضرها عدد من الباحثين وأساتذة الشريعة والتفسير
وكنت فيمن حضر هذه الندوة وقد كانت بنظري ندوة مليئة بالفائدة وفيما يلي سأعرض ملخصاً عن جلساتها ونبذة من حواراتها .

[align=center]نبذة عن الورشة[/align]

عرض الباحث كويرس لتاريخ الدراسات القرآنية في مجال التحليل الأدبي بشكل سردي وذكر أنه مطلع بشكل كبير على مجال التحليل الأدبي في اللغة الفارسية ، وأنه أيضاً اطلع على مكتسبات التفسير التقليدي واستفاد كثيراً من البحوث الواسعة في المجال القرآني إلا أنه عقب بالقول : وتظل معلوماتي غير مكتملة بسبب المجال الواسع للدراسات القرآنية ...
وأشار الباحث إلى أن السؤال الذي تعرض له هو ما مدى انسجام أو تناسق النص القرآني ؟ وهو سؤال يتكرر كثيراً في البحوث الاستشراقية ، وغالبية المستشرقين والدارسين الغربيين ينظرون إلى القرآن على أنه متفكك المعاني متبعثر الأفكار ، والسبب هو أنهم يعتقدون أن هذه النصوص جُمعت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بشكل اعتباطي أو صدفي .
ولذلك أخذ الباحث على عاتقه أن ينظر في هذه الإشكالية ومدى صحتها - إشكالية التفكك والتبعثر - من خلال التحليل البلاغي والأدبي ويستعين باللسانيات المعاصرة .
وبنظره : إن اللسانيات المعاصرة ترى أن الوحدة النصية لا تكتمل إلا داخل المجمل الدلالي الذي تنطوي تحته .
فهناك :
- التناسق المحدد لكل وحدة نصية .
- وهناك المفصل في الآية .
- وهناك الكتلة الدلالية .
والتحليل البلاغي ليس لعبة جمالية وإنما هو أداة لفهم أفضل للنص .
وما سينظر فيه كويرس هو :
- السياق داخل النص القرآني .
- الدراسات الإسلامية الحديثة .
- دراسات حول الكتاب المقدس .
وسيُجري تطبيقات على سور : الفاتحة – القارعة – يوسف .
ومن خلال النظرة المبدئية يرى كويرس أن نص الآية قد يتجاوز حدود السياق القرآني نفسه ، ليبني علاقات مع نصوص ظهرت قبل القرآن الكريم كالكتاب المقدس مثلاً .
ويرى كويرس أن القرآن الكريم قد دافع جداً عن نفسه ضد دعوى التقطع والتبعثر ويستشهد هنا ببعض الآيات :
[ وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ..]
[ وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ...]
كما أن كتب نظم القرآن قد دافعت عن هذه المسألة بشكل كبير ، ويأسف كويرس أن كثيراً من هذه الكتب لم يصلنا للأسف .
ويشير في هذا الصدد إلى جهود الرازي وابن تيمية في الدفاع عن القرآن ، وكذلك السيوطي والزركشي وإن كانت دراساتهم بنظر كويرس تقوم على وحدات نصية صغيرة – جمل ، آيات – ليصلوا إلى أن الآيات مترابطة ، وتسلسلها منطقي ، ولكنهم لا يذهبون لاكتشاف رابط عضوي متجانس لكل السور . كما أنهم يقفون كثيراً عند أسباب النزول ، ومن أبرز الآيات التي وقف عندها المفسرون آية النسخ [ ما ننسخ من آية أو ننسها ..] وقد كان القول بالنسخ أداة تبريرية بنظره أكثر منها تفسيرية في كثير من الأحيان وذلك لتجاوز بعض التناقضات .
وأشار في هذا الصدد إلى الاستخدام المختلف لآية السيف بين المتشددين والمعتدلين فالمتشددون يرون أنها نسخت كل آيات العفو والصفح بينما يرى غيرهم أنها لم تنسخ . وعموماً فقد كان المشركون واليهود وغيرهم يتذمرون من النسخ ، وأشار إلى وجود بحوث معاصرة سلكت منهج التقليل من النسخ أو إنكاره وهي بنظره بحوث قيمة .
وأشار إلى بحوث للشيخ سعيد حوى في هذا الصدد .
وباحث باكستاني كنيته : إصلاحي له تفسير تدبري للقرآن الكريم استنتج فيه أن السور تشكل أزواجاً موضوعاتية ، ويمكن اكتشاف نظرية إجمالية للنظم القرآني تقوم على التناظر .

[align=center]***[/align

]أما الدراسات الاستشراقية فقد سارت في الغالب وفق منهجية ثيودور نولدكه المتوفى سنة 1930 م وذلك في تطبيق النقد التاريخي للقرآن الكريم وإعادة تشكيل السور نشوءاً ونزولاً ، ثم تابعه بلاشير وعدد آخر من المستشرقين ، ثم ظهرت بعض الأعمال التي تتناول البنى البيانية لبعض السور مثل السور المكية ، أو المدنية ، بعض هذه الدراسات أرادت أن تحدد بنى السور من خلال إيقاع الآيات ، والبعض الآخر حاول أن يفهم من خلال القوافي وشكلها وموضوعاتها ، وقد نشرت الباحثة النشطة إنجيليكا نويرث دراسة تتعلق بالسور المدنية الطويلة رأت فيها أن فهم بنية السورة ليس بالأمر السهل .
ويشير كويرس إلى أن دراسات الغربيين في الغالب للقرآن الكريم لم تتطور إلا على غرار دراساتهم للكتاب المقدس ، وعلى سبيل المثال مسألة التقطع والتبعثر كانت إحدى الإشكاليات التي واجهت الغربيين أثناء دراساتهم للكتب المقدسة ، وقد تم نقل هذه الإشكالية إلى الدراسات القرآنية ، كما أن المحاولات لتجاوز هذه الإشكالية عبر القراءات التزامنية كذلك تم نقله إلى الدراسات القرآنية، وعلى سبيل المثال فإن نظرية " المفاصل المتوازية " أصبحت نظرية كلاسيكية في الدراسات حول الكتاب المقدس .
وهناك بحوث أخرى تلاحظ أن هناك مركزاً محورياً تنطلق الآيات منه وتعود إليه : 1-2-3 أو 3-2-1 وفي القرآن الكريم طبعاً دائماً نجد أن المركز المحوري هو : التوحيد والإيمان .
وقد أشار هنا كويرس إلى أنه نشر كتاباً بعنوان : " قراءة في سورة المائدة " بالفرنسية وقد طبق علي القرآن ما كان قد طُبق على الكتاب المقدس فاكتشف أن النظريات الجديدة تكشف عن انسجام النص القرآني .
ثم عرض لنا كويرس نموذجاً تطبيقياً لسانياً على سورتي القارعة والفاتحة .
وذلك بكتابة الآيات أولاً كما هي في المصحف ، ثم إعادة كتابتها متراتبة بشكل عمودي مثل القصيدة الحديثة ، وهنا خاف كويرس من ردود الأفعال فقال : إن هذه عملية مؤقتة فقط وليس المقصود منها امتهان النص القرآني أبداً ، وإنما محاولة لتدبر النص وفهمه .
ثم قام بتقسيم الآيات إلى مفاصل ومقاطع أو وحدات دلالية .
ليبحث عن المفاصل المتوازية أو المتعاكسة : 1- 2- 3 أو 3- 2 – 1
وقد رأى أن هناك شحنات سلبية تحتوي عليها الآيات ، كما أن هناك شحنات إيجابية .
ثم قدم تطبيقاً مماثلاً لسورة الفاتحة .

***

[align=center]تعقيبات ومناقشات[/align]-

سؤال : إلى أي مدى تتبلور هذه الدراسات اللسانية في جهود أمين الخولي – عائشة عبد الرحمن – خلف الله – نصر حامد أبو زيد . ثم أضاف السائل ولعل هذا هو المقصد ، والسؤال لم يكن مقصوداً بقدر ما هو مقصود التمهيد له : إن نصر حامد أبو زيد يتقدم خطوة جديدة باتجاه فهم النص فهو يتجاوز التحليل الأدبي ، ويتجاوز التعامل مع القرآن الكريم بوصفه نصاً إلى التعامل معه بوصفه خطاباً ، التعامل مع القرآن الكريم بوصفه نصاً أدى إلى معارك فكرية ففي بدايات الإسلام كان يُنظر إلى القرآن بوصفه خطاباً ثم مع الوقت وترتيب القرآن أدى ذلك إلى اختلاف التعامل مع القرآن الكريم ، وبرأي أبي زيد يجب العودة إلى خطابة القرآن لأن ذلك يفتح المجال لـ :
- تعدد الأصوات .
- الحوار السجالي .
- الحوار التفاوضي.
وهو بداية منهج جديد يتجاوز تماماً التحليل الأدبي والبلاغي . ففي النسخ مثلاً : يصبح الموضوع مفتوح على اختيارات المؤمن بحسب السياق الظرفي والتاريخي ؟!! . [ إشارات التعجب مني ] .

[align=center]تعقيب [/align]

هذا تعقيب كتبته على المداخلة السابقة ولم يُتح لي أن أقوله على الملأ بسبب كثرة عدد المعقبين قلت : إن القراءة البوزيدية قراءة تستبطن خلفية فلسفية مختلفة ، فالذي يحركه لقراءة القرآن الكريم ليس هو أدوات فهم النص رغم أن له كتاباً بعنوان : مفهوم النص ، الإشكالية في قراءة أبي زيد هي : أنه لا يقرأ القرآن بعيون القرآن أو لغة القرآن ، وإنما بعيون تفكيكية – حداثية – تقويضية ، مسلحة بالمنهجيات الفلسفية التي تصارعت مع الكنيسة في الغرب ، أبو زيد يقرأ القرآن ليجد له قبولاً في الحضارة الحديثة حتى لو أدى ذلك إلى إلغاء القرآن ، لذلك فدراسات أبي زيد وأركون لا تجد ، وأؤكد أنها لن تجد قبولاً في الأرضية الإسلامية ، لأنها تنطلق من خلفية تقويضية المركز الأساسي فيها هو التخلص من الفهم السلفي النبوي للقرآن الكريم حتى لو كان القرآن نفسه يؤكد ببداهة أن هذا هو الفهم الصحيح .
إن أبي زيد وحنفي وأركون وأمثالهم اعتقدوا أولاً أن الحداثة هي نهاية التاريخ وأن كل شبكتها المفاهيمية هي نهاية المطاف ، وبدأوا يقرأون القرآن الكريم من خلال هذه الأرضية ، ولذلك تجد أنهم ينحازون دائماً إلى كل ما يحذف فاعلية القرآن وعمله في الإنسان والكون والحياة ، وأحياناً لكي يبرروا بعض أفكارهم يبحثون لها عن مستندات تراثية في الخطاب الإسلامي يربطون بها أفكارهم لتلقى رواجاً وقبولاً : فنجد أبا زيد يسند نفسه بابن عربي ، ونجد أركون يسند نفسه بالتوحيدي وغيره بالسهروردي .

[align=center]تعقيب آخر :[/align]


قلت : إن حديثكم عن السياق كان مداره حول سياق واحد هو سياق الآية ، وأحياناً قليلة يُشار إلى سياق السورة علماً أننا نحن المسلمين نفهم القرآن الكريم من خلال أربعة أنواع من السياق : سياق الآية منفردة كوحدة نصية أو دلالية – سياق السورة ككل – سياق القرآن الكريم كاملاً فالقرآن يفسر بعضه بعضاً – ثم سياق الإسلام كله باعتبار أن السنة أيضاً هي بيان للقرآن الكريم . وقد برع المفسر ابن كثير رحمه الله بالتفسير التناظري الذي تشيرون إليه وهو حين يفسر آية من القرآن الكريم يستحضر كثيراً من الآيات الشبيهة فيقول ونظير ذلك قوله تعالى ... وقوله تعالى .... وهكذا حتى يستوعب كثيراً من الآيات المتناظرة في المسألة الواحدة ....
إننا نجد في القرآن الكريم سياقاً واحداً هو بمثابة الشمس وهو التوحيد ، وسياقات أخرى هي بمثابة النجوم تدور حول السياق الأول مثل : العدل والإحسان والأمانة والصدق ، ثم تجد سياقات أخرى تأتي في الدائرة الثالثة وسياقات رابعة وخامسة .... وهكذا وكلها على شكل دوائر تتفاوت قرباً وبعداً عن المركز الذي هو : التوحيد .
ثم قلت : إن هناك بعداً غائباً في دراستكم وهو إغفال البنية الشفاهية والإيقاعية للقرآن الكريم وهذا البعد غائب حتى في دراساتنا الإسلامية إلا بشكل عرضي ، علماً أنه في القرآن الكريم تتعاون الكتابة واللفظ والتلاوة في بعث المعنى ، لأنه قرآن أي يُقرأ ، بل إنه لا يقرأ كأي قراءة وإنما يتلى ، ولا يتلى كأي تلاوة بل يجوّد، وهذا كله مترافق إلى هذه اللحظة في نقل القرآن، فكأننا نقرأ النص أمام النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا شك أن ذلك يعطي للنص أبعاد إضافية من المعاني والدلالات والمركزيات .
تعقيب : الأب باولو
القرآن يتحدث بلغة الناس ، الله يتكلم لغة الناس بكل عمقها ومستوياتها ، اللغة منها مضبوطة ومنها عفوية ، أجد في القرآن صوت معلمي : لويس ماسينيون ، نقرأ في القرآن تقوى المسلمين ، في سياق الخبرة النبوية ، تحت ضغط التخثرات الموجودة في كلمة : إقرأ . في الفاتحة مثلاً أشعر أن النظام الروحي بين الرجاء والخوف متناسق كل التناسق : الرحمن الرحيم – الدين – الدينونة أو الهدى – الضلال أو الغضب – الرحمة
وقد كتبت في ذلك بحثاً عن : سورة الكهف : مفهوم الرجاء في الإسلام .


كان هنا فاصل للغداء وقد خيرونا بين رز مع شاكرية أو فروج مع فريكة أيهما ستختار ؟ المشكلة أنه لا يجوز عندهم الجمع بينهما .


[align=center]الجلسة المسائية [/align]


تحدث الباحث كويرس عن ما يسميه تفسير جديد لسورة العلق ، ويرى أن هذه السورة من أهم السور القرآنية لأنها تحتوي على قصة الوحي ، ولكن يظهر فيها جزءان يبدو أنهما مختلفان الآيات الأولى : إقرأ - علم الإنسان ما لم يعلم . تختلف عن بقية السورة كما يرى كويرس . فما هي الوحدة الدلالية والبلاغية لهذه السورة ، إن المقاربات النقدية التاريخية تقبل تبعثر وتشظي النصوص ، لكن فيما يتصل بالتحليل البلاغي نجد أننا نكتشف الوحدة المتماسكة والمنطقية ونسلك ذلك عن طريق محورين :
الأول : مفرداتي . والثاني : موضوعاتي .
لقد رأى بعض الباحثين أن كلمة اقرأ حتى تتناسق مع بقية السورة يحتمل أن يكون معناها اذكر اسم ربك أو ذكّر باسم ربك ، وبالتالي تتناسق مع نهاية السورة : واسجد واقترب ، لأنها تكون بذلك دعوة متكاملة إلى الصلاة . إذن فهي دعوة إلى الصلاة وليست دعوة إلى الرسالة وهذا يتشابه مع المزمور 116 من العهد القديم حين يقول : باسم الرب أدعو ...
إذن بنظر كويرس فإن الآيات الخمسة الأولى هي مزمور استهلالي يدعو إلى الصلاة ، ولكنه يعترف بأنه تجاوز كثيراً من العقبات دون حل .
ثم يلجأ إلى بيان فكرة التناص وذلك عن طريق المقارنة بين المزمور الخامس والستين من العهد القديم وسورة العلق :
هلم نرنم للرب اقرأ باسم ربك
الذي له البحر الذي خلق
إلى نهاية الآيات ....
وكذلك حين عرض لدراسة سورة المائدة أجرى بعض المقارنات بينها وبين إنجيل لوقا ويوحنا وأكد على أن قصص التوراة والإنجيل أعيد ذكرها في القرآن ، وأن الهدف المركزي دائماً هو التوحيد ومنظومة المبادئ الأساسية في الإسلام ، وهي عقائد أممية موجودة في كل الديانات السماوية عبر تاريخ البشرية .
ووقف عند الآيات التي تبرز مفهوم السلام والعدل والتسامح بين القرآن والكتاب المقدس ورأى أن سبل السلام لا نجدها في مكان آخر غير سورة المائدة .
كما وقف عند قوله تعالى // إن الذين آمنوا والذين هادو والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون // وعند قوله تعالى // لكلٍ جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ..//
ورأى أن بعض المتشددين يرون أن الإسلام يريد أن يحل محل الأديان البشرية وأنه يرفضها جميعاً ولكنه أبداً – بنظره – هو مكمل لها والآيات الآنفة يستشهد بها لذلك إن الإسلام يعترف بكل الأديان – بنظره – ويدعو إلى التآخي والعمل الصالح وليس للحروب .
كان هناك في الحقيقة عدد من التعقيبات لم أستطع أن أتابعها لأنني كنت مشغولاً بصياغة تعقيبي على محاضرته وليس تجاهلاً مقصوداً ...

وهذا ما قلته تعقيباً على ما تكلم به :

إن مفهوم التناص مفهوم تفكيكي شاع في الدراسات الأدبية والنصوص البشرية وهو يُعنى بمدى التأثر والتأثير فيما بينها ، وشيءٌ طبيعي أن نبحث بين البشر عن المؤثر والمتأثر، لأن تفكيرهم مختلف ونصوصهم متداخلة، ولكن في مسألة الوحي كيف يكون هناك تناص ؟ من المؤثر ومن المتأثر ؟ إذا كان المصدر واحداً وهو الله عز وجل وهو الذي أنزل التوراة والإنجيل والقرآن وغيرها من الصحف فكيف يصح لنا أن نبحث عن أوجه التأثير والتأثر ؟
إن التشابه والتناظر كبير جداً بين الكتب المقدسة، ولو ذهبنا نستقرئ ذلك لوجدنا مجلدات منه وقد دفع ذلك بعض المسيحيين إلى اعتبار القرآن الكريم صياغة جديدة للمسيحية، أو هو هرطقة مسيحية ، لأنهم وجدوا أنماط التناظر هائلة جداً ، ولكن نسوا أو تناسوا أن القرآن الكريم نفسه يطرح هذه المسألة بقوة وبتكرار، وبأشكال مختلفة فهو يؤكد دائماً أنه مصدق لما بين يديه ومهيمن ، وأن رسالات الأنبياء جميعاً هي من عند الله عز وجل، وأنه إذا كان المسيح عليه السلام قال : ما جئت لأنقض الناموس ولكن جئت لأكمل ، فإن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم قال : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .
وعلى ذلك فالتناظر كبير جداً ، ولكن في حين يعده المسيحيون تأثراً أو شيئاً يشبهه فإن القرآن الكريم يعد ذلك تصديقاً ، وإكمالاً للشرائع السماوية .
وعلى ذلك فالمقارنات التي قمتم بها بين الكتاب المقدس والقرآن الكريم في الحقيقة هي مقارنات متكلفة جداً للبحث عن أوجه التناظر، لأن هناك أوجه واضحة جداً وأكثر تقارباً وتشابهاً وقد تجاوزتموها وهذا في الحقيقة بسبب المنهجية الانتقائية التي سلكتموها في بحثكم المسائي اليوم .
يكفي أن نعود إلى كتاب الرد الجميل لإلهية عيسى بصريح الإنجيل لنجد أن الإمام الغزالي رحمه الله تعالى قد أجرى مقارنات ممتعة بين النصوص القرآنية أو النبوية والنصوص الإنجيلية وهي أكثر اتساقاً وتناظراً مما رأيناه اليوم .
ومع ذلك فإن القرآن الكريم في الوقت الذي يطرح نفسه على أنه مصدق لما قبله، فهو مهيمن أي مصحح للأخطاء التي لحقت الكتب المقدسة، وهو في ذلك لا يجامل ولا يماري فهو يقول : // يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء... // ويقول : ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى .. // ولكنه يهاجم بصراحة وقوة أحياناً :
فيقول // لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ...// أو // لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ..// // لا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم ..//
إلى آخر الآيات ...

[align=center]وفي الخاتمة :[/align]


لقد كانت هذه الورشة العلمية جد ممتعة ومفيدة وقد تميزت بالصراحة والأكاديمية ، وكان الباحث في الحقيقة قد تميز بعدة ميزات :
- الجهد الكبير والتعب الشديد الذي اقتضاه منه هذا البحث فهناك في الحقيقة تفاصيل كثيرة لم أستطع أن أشير إليها في عرضي السابق بسبب السرعة وضيق الوقت .
- التواضع العلمي والروح العلمية التي تطفح بها لغة الباحث وكلماته وعباراته .
- الأدب الجم مع المخاطبين ومقدساتهم ومعتقداتهم فهو لا يذكر النبي محمداً إلا ويردف ذلك بقوله : عليه الصلاة والسلام ولا يذكر الله إلا بقوله عز وجل والقرآن : الكريم ... رغم أنه أكد منذ البداية على أنه مسيحي متدين . ولم يكن في أدبه وتواضعه متصنعاً أو مجاملاً بل كأني به قد ربّى نفسه على احترام معتقدات الآخرين ، وقد كنت طوال الجلسة أقارن بين طريقة عرضه وطرائق علمانيينا العرب الذين تخصصوا في الاستفزاز ، والتهشيم ، واختطاف الأضواء وصدام المشاعر .
- وفي ردوده كان الرجل دائماً يشير للحاضرين إلى أنه لم يأت هنا ليفسر القرآن للمسلمين ولا ليبين لهم معتقدات الإسلام هذا شأن العلماء أهل الاختصاص ، مهمتي هي : أن أعرض عليكم منهجي في قراءة القرآن فإن أعجبكم فهو المراد وإن لم يعجبكم استفدت من ملاحظاتكم وتوجيهاتكم .
قال الرجل ذلك لأنه كان في الحقيقة هناك كثيراً من الردود والمناقشات خارجة عن نطاق المحاضرة ولا تمت إليها بصلة ، ولذلك كان الرجل يعيد التأكيد دائماً على أنه ليس متخصصاً في تفسير القرآن . ولا في صياغة معتقدات المسلمين .
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
هناك تعقيبات وإضافات لبعض الإخوة المشاركين وقد طلبت منهم أن يزودوني بها مكتوبة لأضيفها فوعدوا بذلك فلعلهم يفعلون لأضيفها إلى هذا العرض .
 
أحسن الله إليك، يا د. أحمد على هذا العرض، وقد استفدت منه كثيرا، ونبهني إلى بعض الأمور:

1- ملاحظة حكم المستشرقين على القرآن بتفكك المعاني وتبعثر الأفكار، تماما مثل الإنجيل، مسألة تثير الانتباه. ولعل فهم منهجية المستشرقين في الحكم على النص بالترابط والترتيب يساعد في محاورتهم. فعلى أي أساس يبنون حكمهم، وهل لهذا الأمر علاقة بالمنهجية العلمية أو بالمناهج الأدبية الغربية؟

2- ألا يكون الاعتناء بالتفسير الموضوعي طريقا لبيان متانة النص القرآني وترتيه؟

3- ملاحظة عدم التكلف والتصنع في تأدب المستشرق مع الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم وكتابه الكريم، ملاحظة أشكرك على نقلها لنا. وقد عايشت مواقف شبيهة في الواقع الذي أعيش فيه. وممن أشهد له بذلك مسئول الخدمات الدينية للطلبة في جامعة (لافال) بكيبك سيتي، وهو أسقف مسيحي وموظف بالجامعة، وهو حريص (منذ إنشاء جمعية الطلبة المسلمين بالجامعة) على حضور مؤتمرات الجمعية. بل أشهد له أنه حتى في فترات الراحة بين المحاضرات لأداء الصلاة، كان يحرص على عدم التخلف، وكان يقف في الصف الأول ويصلي معنا، ركوعا وسجودا، يقينا منه أن رب المسيحيين هو رب المسلمين، وأن لحظات الوقوف بين يدي الله عز وجل فرصة يجب أن تغتنم، وأن هذه الفرصة توجب عليه عدم الوقوف خارج القاعة للانتظار أو الحديث، فيما يكون المسلمون في لحظة روحية يتواصلون فيها مع الله عز وجل.
وقد روى لي من أثق في حديثهم من مسؤولي المدينة، أنهم كثيرا ما رأوه دامع العينين عند سماعه لبعض المحاضرين لما عرف من الحق.
وقد حير سلوكه هذا كثيرا من الإخوة بين من يظن أنه مؤمن يخفي إيمانه، ومن يرى أنه مستهزئ يستخف بدينه وبدين الآخرين، أو ممن يؤمنون بوحدة الأديان...
كما أشهد له بوقوفه مع جمعية الطلبة ومساعدته لها، بمواقفه ونصائحه وحتى بتغطية المصاريف المالية، في كثير من المواقف والأنشطة.

4- هل يمكنك كتابة اسم المستشرق ميشيل كويرس بالأحرف الللاتينية حتى أتمكن من البحث عن إنتاجه العلمي على الإنترنت أو في المكتبات؟

مرة أخرى: جزاك الله خيرا.
 
شكراً لك أخي محمد على تعقيبك
بالنسبة للمستشرقين مشكلتهم انهم يتعاملون مع القرآن الكريم ككتاب بشري يجب ان يعامل بحسب أصول التأليف البشري الذي اعتادوا عليه أبواب فصول مباحث مقدمة وخاتمة وووو ...
إنهم لا يستطيعون استيعاب فكرة أن القرآن الكريم يخاطب كل الناس المثقف والعامي والرسخ في العلم هذا من جهة ومن جهة ثانية هو كتاب يقصد تحقيق هدفين : إقناع العقل والتأثير على القلب ولذلك فهو ينتقل مباشرة من خطاب العقل إلى خطاب القلب ومن مخاطبة النفس إلى مخاطبة الروح ... وهو يقصد شد الإنسان إلى طريق الهداية بالدرجة الأولى ولذلك للقرآن أولوياته التي لا يستطيع إدراكها المستشرقون أحياناً ... لأن لهم أولوياتهم التي تحجبهم عن أولويات القرآن الكريم ...
بالنسبة للتفسير الموضوعي أظن أن له دوراً كبيراً في لفت النظر إلى وحدة السياق القرآني ، وأهدافه الكبرى ..
بالنسبة للإسم بالأحرف اللاتينية هو غير مكتوب لدي لكني سأحاول ذلك وأرسله لكم لو تمكنت من ذلك
وفقك الله أخي محمد وبارك فيك
 
ميشل كويريس ("Michel Cuypers")، عضو في معهد (الدراسات الشرقية للآباء الدومينيكان)

ومن كتبه، مؤلف بالفرنسية بعنوان (القرآن) (Le Coran).

وفي هذا الكتاب يطرح مجموعة من الشبهات، ونظرا لعدم اطلاعي على الكتاب، فلا أدري ما هي منهجيته في طرح الشبهات:
1- هل يؤكد هذه الشبهات؟ أم يطرحها لنفيها؟
2- هل يطرح هذه الشبهات من وجهة نظر المستشرقين الآخرين؟ أم من وجهة نظره الشخصية؟

أقول هذا لأنني قرأت جزءا، وجدته على الإنترنت، من الكتاب، بخصوص شبهة (مصدر القرآن): أهو وحي إلهي؟ أم من تأليف النبي صلى الله عليه وسلم؟ أم من تأليف الصحابة؟


وأما فهرس الكتاب فيحتوي على المسائل التالية:

1- تاريخ القرآن: Histoire du Coran
- "محمد (ص) هو مؤلف القرآن" « Muhammad est l’auteur du Coran. »
- "نص القرآن ثابت، منذ ظهوره" « Le texte du Coran est fixe, depuis l’origine. »
- "القرآن يتوجه إلى مشركين غير مثقفين" « Le Coran s’adresse à des païens incultes. »
- "القرآن تحدث عن كل شيء، وهو مكتف بذاته" « Le Coran a tout dit, il se suffit à lui-même. »
- "لا يمكن ترجمة القرآن" « On ne peut pas traduire le Coran. »

2- شكل القرآن ومحتواه: Forme et contenu du Coran
— "القرآن ممل عند قراءته" « Le Coran est ennuyeux à lire. »
— "لا يوجد ترتيب أو نظام في القرآن" « Il n’y a aucun ordre dans le texte du Coran. »
— "يكتفي القرآن بترديد محتويات (التوراة والإنجيل)" « Le Coran se limite à reproduire le contenu de la Bible. »
— "لا وجود لنظام عقائدي متجانس في القرآن" « Il n’y a pas de doctrine cohérente dans le Coran. »
— "القرآن غريب عن الثقافة الإغريقية (أو اليونانية)"" « Le Coran est étranger à la culture grecque. »

3- تفسير القرآن: Interprétation du Coran
— "الإسلام يحرم تفسير القرآن" « L’islam interdit l’interprétation du Coran. »
— "يمكن أن نقوّل القرآن ما نشاء" « On peut faire dire n’importe quoi au Coran. »
— "الإسلام يرفض الدراسة العلمية للقرآن" « L’islam refuse l’étude scientifique du Coran. »
— "الإسلام جبري" « Le Coran est fataliste. »
— "الجنة القرآنية حسية جدا" « Le paradis coranique est très sensuel. »

4- الوظائف التعبدية والتشريعية للقرآن: Fonctions cultuelles et législatrices du Coran
— "القرآن هو المصدر الوحيد لكل القوانين الإسلامية" «Le Coran est la source unique de toute loi en islam. »
— "القرآن يحط من شأن المرأة" « Le Coran infériorise la femme. »
— "القرآن هو المسؤول عن عنف الإسلام" « Le Coran est responsable de la violence de l’islam. »
— "القرآن غير متسامح" « Le Coran est intolérant. »
— "القرآن يخلط بين المجالين السياسي والديني" « Le Coran confond les domaines politique et religieux. »
 
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي محمد في الحقيقة هذا الفهرس يحتوي على أهم ما يطرحه المستشرقون بخصوص القرآن الكريم من شبهات وإشكالات تلوح بأذهانهم وهي كما تعلم أخي محمد شبهات قديمة قد ملوا من تكرارها سواء المنصرون منهم أو المستشرقين ...
وربما المؤلف يعرض ما يردده أسلافه ... مهمتكم أخي أن تكشفوا لنا عن حقيقة الرجل من خلال مؤلفاته الفرنسية حول القرآن الكريم والإسلام ... .

إلام يريد أن يصل ؟ وما هدفه ؟ هل كان يتلمس ردود الأفعال ؟ والتغيرات والتطورات الحاصلة في التيار الأصولي تجاه الأطروحات الجديدة ؟ لأن الدعوة وجهت في الحقيقة لكلية الشريعة .... فقط ولم يحضر أحد من الشخصيات العلمانية إلا بالصدفة .... علماً أنه في مثل هذه الحالات لا تدعى كلية الشريعة أبداً وخصوصاً عن طريق المعهد الفرنسي ... وإنما الذي يدعى هم عدد من الأشخاص المعروفين باتجاهاتهم وانتماءاتهم ... .
ربما ...
 
[أضيف على ما ذكره الدكتور الطعان في عرضه لمحتوى الورشة وهو أن هذا الرجل طعن في الوحي وفي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عنما قال : " إن محمدا ( صلى الله عليه وسلم كان يوحى إليه في االليل وينسى في النهار [/font
وقال : " إن المفسرين المتشددين اخترعوا أسباب نزول فسروا بها القرآن ، وعندما قلت لهم من هؤلاء لم يفصح عن اسمهملم بفصح عن أسمائهم
د. محمد الشربجي
 
[align=center]شكراً أخي الدكتور أحمد وجزاكم الله خير الجزاء لهذا التلخيص ولبيانكم الكافي وتعقيباتكم الوافية وجعلها منا ر هداية للمستبصرين وذبا عن كتابه وقياما بحق الأمانة التي تحملون من نفيٍِ لانتحال المبطلين وتحريفٍ لأولئك الغالين وتأويلٍ لثلة الغالين الجاهلين ...ونوراً في صحائفكم يوم الدين...وحقا تغبطون على كلامكم وندعوا الله أن يؤيدكم بالحق ويؤيد الحق بكم
أخوكم طارق
[/align]
 
شكراً لكم أخي طارق وفقكم الله وأيدكم

ملاحظة : كنت راسلتكم على الخاص ... ولم ترد علي فقلت ربما لم تصل الرسالة ؟
 
عودة
أعلى