وذروا ظاهر الإثم وباطنه (أول مشاركة لي).

الحنبلي

New member
إنضم
09/07/2003
المشاركات
1
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :-


هذه أول مشاركة لي في هذا الملتقى المبارك وأرجو أن يطرح الله فيها الخير والبركة.

وهي مقتطعة من تفسير ابن كثير رحمه الله ، وليس لي فيها سوى الانتقاء


وهي في تفسير قوله تعالى: ((وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ)).الأنعام آية 120


يقول رحمه الله :

[قَالَ مُجَاهِد " وَذَرُوا ظَاهِر الْإِثْم وَبَاطِنه " مَعْصِيَته فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَفِي رِوَايَة عَنْهُ هُوَ مَا يُنْوَى مِمَّا هُوَ عَامِل
وَقَالَ قَتَادَة " وَذَرُوا ظَاهِر الْإِثْم وَبَاطِنه " أَيْ سِرّه وَعَلَانِيَته قَلِيله وَكَثِيره وَقَالَ السُّدِّيّ : ظَاهِره الزِّنَا مَعَ الْبَغَايَا
ذَوَات الرَّايَات وَبَاطِنه الزِّنَا مَعَ الْخَلِيلَة وَالصَّدَائِق وَالْأَخْدَان وَقَالَ عِكْرِمَة ظَاهِره نِكَاح ذَوَات الْمَحَارِم وَالصَّحِيح أَنَّ
الْآيَة عَامَّة فِي ذَلِكَ كُلّه وَهِيَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ " الْآيَة وَلِهَذَا قَالَ
تَعَالَى " إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْم سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ " أَيْ سَوَاء كَانَ ظَاهِرًا أَوْ خَفِيًّا فَإِنَّ اللَّه سَيَجْزِيهِمْ عَلَيْهِ
قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ عَنْ مُعَاوِيَة بْن صَالِح عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن
جُبَيْر بْن نُفَيْر عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّوَّاس بْن سَمْعَان قَالَ : سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْإِثْم فَقَالَ " الْإِثْم مَا
حَاكَ فِي صَدْرك وَكَرِهْت أَنْ يَطَّلِع النَّاس عَلَيْهِ "] انتهى كلامه رحمه الله.



فوائد في أصول التفسير حول هذه الآية:-

1) أن الاختلاف الذي رأيناه بين السلف رحمهم الله في تأويل المراد بالظاهر والباطن ماهو إلا من اختلاف التنوع الذي قعّد له أهل العلم بأنه مما يمكن جمعه بأن يقال أن الآية عامّة وشاملة لكل ماقالوه،وهو ما رأيناه قد رجحه ابن كثير رحمه الله هنا. وقد أسهب في هذا شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله في مقدمة التفسير المشهورة.

2)أن من أحسن طرق التفسير بالرأي هي: تفسير القرءان بالقرءان لأن القرءان يبين بعضه وهي طريقة يعمد إليها ابن كثير رحمه الله كثيراً جداً في تفسيره حتى عرف به. وهو هنا قد فعلها حين ربط هذه الآية بآية الأعراف.


فوائد عامّة:


1) أن في هذه الآية تنبيهاً لذنوب السر أو ذنوب القلب - كلاهما تحتمله الآية - وهو أمر عظيم لطالما غفل عنه الإنسان الذي لو رأى ذنوبه فإنه لايرى إلا الظاهر منها مع أن الخفي أعظم.

2) هناك شريط بديع لفضيلة الشيخ أبي معاذ سلمان العودة جعل عنوانه هذه الآية،وهو بديع جداً في هذا الشأن ففيه كثير من الفوائد التربوية المأخوذة من هذه الآية فليراجع فإنه مهم.

عفا الله عنا ورحمنا ورزقنا صلاح الظاهر والباطن .


والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
 
بسم الله

حياك الله أخي الحنبلي ، [وحبذا لو شاركت معنا هنا باسمك الصريح ، ويمكن الجمع بين اللقب والاسم]

والآية التي بدأت بها مشاركاتك معنا آية عظيمة ، فيها فوائد كثيرة .

ويمكن ذكر بعض القواعد والمسائل التفسيرية المتعلقة بتفسير هذه الآية ، ولكني من باب المدارسة والمذاكرة مع أخي الحنبلي ، ومن رغب من الأعضاء في المشاركة أورد هذه الفوائد بعد أن أترك المجال للإخوة حتى يشاركوا في تبينها ، فأقول :



اشتملت هذه الآية الوجيزة على أمرٍ ، وعمومٍ مطلق ، وتأكيدٍ ، وتعليلٍ ، وسببيةٍ ؛ وفيها عمومٌ مخَصَّص ، وإظهارٌ في موضع الإضمار= فمن يبين هذه الأمور بالتفصيل ؟

سأوضح ذلك كله إن شاء الله بعد إجابات الإخوة الأعضاء الراغبين في المشاركة .
 
[poem=font="Traditional Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
الحمد لله ذي الجلال = الملك الكريم ذي النوال
يقول عبدالله في الجواب = لشيخنا المجاهد الأواب
(الأمر) في قول الكريم الباري = ( ذروا) فاقدر ذكاء القارئ
وصيغة المصدر المضاف = فيها( العموم المطلق) المكافي
(إن الذين) جملة ( التعليل) = ( بما) أتى (للسبب) الجليل
(الأثم) بعد الإثم للإظهار = في موضع يليق بالإضمار
مكتسب( أكده)( اقتراف) = (وخص) (آثام) الورى اعتراف[/poem]
 
بسم الله

شكر الله للشيخ الناظم على أرجوزته اللطيفة في جواب الأسئلة السابقة ، ومن باب الشرح والإيضاح لما ذكر في جوابه المسدد أقول :

أما الأمر فلا إشكال فيه ، فهو قوله تعالى : ( ذروا )

وأما العموم المطلق فهو في قوله تعالى : ( ظاهر الإثم وباطنه ) فالمراد بذلك كما قال الطاهر ابن عاشور : والمقصود من ذكر هذين الوصفين تعميم أفراد الإثم لانحصارها في هذين الوصفين ، كما يقال : المشرق والمغرب والبر والبحر لاستغراق الجهات . اهـ

وأما التوكيد فله عدة صيغ هنا : منها : (إنّ ) ، ومنها توكيد الفعل (يقترفون) بقوله : (يكتسبون) .

والتعليل : هو الجملة الؤكدة بـ ( إنّ ) إذ هي في مثل هذا التركيب [ أي مجيئها بعد جملة طلبية ] تفيد التعليل ، وتغني عن الفاء كما في المثال المشهور : إن ذاك النجاح في التبكير .

وأما السببية فهي في قوله : ( بما كانوا )

وأما العموم المخصوص : فهو العموم الذي دل عليه الاسم الموصول :( إن الذين ...) فهو مخصوص بمن تاب ، أو عفا الله عنه إذا كان ذنبه دون الشرك .

وأما الإظهار في موضع الإضمار فهو إظهار لفظ الإثم مرة أخرى .، وذلك لزيادة التنديد بالإثم ، ولتكون الجملة الثانية مستقلة فتسير مسير الأمثال والحكم كما نبه على ذلك الطاهر بن عاشور في تحريره .

والله أعلم .
 
[align=justify]ومن جميل ما ذكر حول هذه الآية : ما ذكره السعدي رحمه الله بقوله :

( ولا يتم للعبد ترك المعاصي الظاهرة والباطنة، إلا بعد معرفتها، والبحث عنها؛ فيكون البحث عنها ومعرفة معاصي القلب والبدن والعلمُ بذلك واجباً متعينا على المكلف.

وكثير من الناس تخفى عليه كثير من المعاصي، خصوصاً معاصي القلب،كالكبر والعجب والرياء، ونحو ذلك، حتى إنه يكون به كثير منها، وهو لا يحس به ولا يشعر، وهذا من الإعراض عن العلم، وعدم البصيرة.) تفسير السعدي - (ج 1 / ص 271)[/align]
 
عودة
أعلى