{وجوه يومئذ خاشعة*عاملة ناصبة}. هل المراد بهذه الصفات في هذه الآيات الدنيا أم في الآخرة ؟

إنضم
15/09/2008
المشاركات
32
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
{وجوه يومئذ خاشعة*عاملة ناصبة*تصلى نارا حامية}. الغاشية2-4


هل الصفات الثلاث المذكورة في هذه الآيات؛{خاشعة}،{عاملة}،{ناصبة} صفات اتصف بها بعض المشركين في الدنيا، أم كلها صفات لأهل النار في النار يوم القيامة ؟


- ذهب جمهور المفسرين إلى القول الثاني.

- وهو قول الحسن وقتادة[وهو ثابت عنها] وغيرهما من السلف.

- وذهب إليه ابن جرير في تفسيره(24/328)، ولم يحك فيه قولا غيره.

- وهو الذي رجحه ابن تيمية، ومن وجوه الترجيح التي ذكرها[باختصار من فتاويه 16/217-220]:-



1- أن القول الآخر يلزم منه التقديم والتأخير، وهو خلاف الأصل، مع عدم وجود القرينة على ذلك، بل قرينة السياق تدل على خلاف ذلك.


2- أن وجوه أصحاب النار قوبلت-في الآيات التي بعدها- بوجوه أهل الجنة، وصفاتهم المذكورة إنما هي في الآخرة.


3- أن هذه الآية نظير قوله تعالى:{وجوه يومئذ مسفرة*ضاحكة مستبشرة*ووجوه يومئذ عليها غبرة...}. ونحوها من الآيات.


4- أن الأوصاف المذكورة لو كانت في الدنيا لكانت من الأوصاف المشتركة بين عُبَّاد المؤمنين وعُبَّاد الكفار، والذم لايكون بالوصف المشترك، ولو أريد المختص؛ لقيل-مثلا-: خاشعة للأوثان، عاملة لغير الله، ناصبة في طاعة الشيطان.




* وقد احتج للقول الآخر بقصة عمر مع الراهب حين رآه فبكى، وتلى قوله تعالى:{عاملة ناصبة*تصلى نارا حامية}.


-وهذا الأثر رواه عبدالرزاق في تفسيره2/328 والبرقاني في مستخرجه[انظر تفسير ابن كثير8/384] والحاكم في مستدركه 2/567 والواحدي في الوسيط4/473.

- وقد أشار الحاكم إلى انقطاعه، ولم يتعقبه الذهبي في التلخيص.

- ثم إنه-لمن تأمل ألفاظه- ليس صريحا فيما احتج له؛ من أنه أراد بالأوصاف المذكورة في الآيات أوصافهم في الدنيا لا الآخرة، وقد يكون مثل أن نتذكر قوله تعالى في الآخرة{ووجوه يومئذ عليها غبرة} حين نرى كفارا وجوههم مغبرة في الدنيا. والله أعلم
 
ذكر الفخر الرازي (ت:606 هـ) في تفسيره هذا الوجه من بين وجوه أخرى في التأويل : " ( وأما الوجه الثالث ) : وهو أن بعض تلك الصفات حاصل في الآخرة وبعضها في الدنيا ففيه وجوه ( أحدها ) : أنها خاشعة في الآخرة ، مع أنها كانت في الدنيا عاملة ناصبة ، والمعنى أنها لم تنتفع بعملها ونصبها في الدنيا ، ولا يمتنع وصفهم ببعض أوصاف الآخرة ، ثم يذكر بعض أوصاف الدنيا ثم يعاد ذكر الآخرة ، إذا كان المعنى في ذلك مفهوما فكأنه تعالى قال : وجوهٌ يوم القيامة خاشعة ، لأنها كانت في الدنيا عاملة ناصبة في غير طاعة الله ، فهي إذن تصلى نارا حامية في الآخرة "
وهذا التأويل يبدو صائبا إذا اعتبرنا أن : {عاملة ناصبة } تقابلها {لسعيها راضية} الذي يقول الرازي في تأويلها : " المراد لثواب سعيها في الدنيا راضية إذا شاهدوا ذلك الثواب ، وهذا أولى إذ المراد أن الذي يشاهدونه من الثواب العظيم يبلغ حد الرضا حتى لا يريدوا أكثر منه . "
وبهذا فالآيتان : 3 و 9 من سورة الغاشية تدل كل واحدة منهما على أن السعي في الدنيا نوعان : سعي فيه عمل ونصب ويؤدي إلى النار ، وسعي مشكور يؤدي إلى الجنة .
يقول تعالى عن الصنف الأول : {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}[الكهف:104] ، ويقول تعالى : { وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا }[الفرقان:23]
ويقول تعالى عن الصنف الثاني : { وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا}[الإسراء:19]

والله أعلم وأحكم
 
عودة
أعلى