وجه جديد لإعجاز القرآن

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع محب
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

محب

New member
إنضم
22/09/2003
المشاركات
69
مستوى التفاعل
2
النقاط
8
بسم الله .. والحمد لله ..

كتاب يتحدث عن وجه " جديد " من إعجاز القرآن .. أعرض على ملتقانا المبارك فكرته ، وأمثلة " مختصرة " لتبين عن الفكرة أكثر .. والرجاء التكرم بالنظر والتعليق وإبداء الرأى ولو بشكل مجمل .

اسم الكتاب : " العلم الأعجمى فى القرآن مفسراً بالقرآن "
اسم المؤلف : رؤوف أبو سعدة .
صدر الكتاب على جزأين من دار الهلال بمصر .

يتمثل الوجه الإعجازى هنا فى أن القرآن أورد أسماء الأعلام به مفسراً معانيها .. فقد فسر القرآن معانى الأعلام الأعجمية التى وردت به .

وليس فقط إعجاز القرآن فى تفسيره الأعلام الأعجمية به ، وإنما أيضاً فى إيراده لذلك التفسير فى صلب الآيات بحيث لا تنتبه لذلك إذا لم يكن يعنيك الأمر .

فإذا قرأت الآيات وليس فى بالك أن تبحث عن تفسير للاسم فيها ، وجدتها سهلة سلسة ليس بها ما يعيب .. وإذا قرأتها باحثاً عن تفسير للاسم من خلالها ، وجدتها تمنحك ما تريد ، دون أن تهتز المعانى الأصلية ، أو تحس بأى خلل فى النظم أو تكلف ، بل تزيدك فى العطاء مما تشاء وتبحث .

و" طرق " تفسير القرآن لأسماء الأعلام الأعجمية رصد منها المؤلف ستاً : التفسير بالتعريب ، والتفسير بالترجمة ، والتفسير بالمرادف ، والتفسير بالمشاكلة ، والتفسير بالمقابلة ، والتفسير بالسياق العام .. وقد يستخدم القرآن أكثر من طريقة فى تفسير بعض الأسماء .

وقد اعتمد الكاتب على مراجع " ثقيلة " فى هذا الموضوع ..
فمنها : تورا نبيئيم وكتوبيم ( توراة الأنبياء والكتبة ) الأصل العبرانى مصحوباً بترجمة إنجليزية ..
ومنها : العهد الجديد فى أصله اليونانى مصحوباً بترجمة إنجليزية بينية حرفية ..
ومنها : " هابريت هِحَداشا " ترجمة عبرانية عن الأصل اليونانى للأناجيل ..
ومنها : معجم لاروس الثنائى ( فرنسى / عبرى ـ عبرى / فرنسى ) ..
ومنها : هملون هحداش لتناخ ( المعجم الحديث لألفاظ توراة الأنبياء والكتبة ) ( عبرى / عبرى ) ..
ومنها : المعجم التحليلى العبرى الآرامى ( لألفاظ التوراة ) ( مفسرة بالإنجليزية ) .. الخ .
ومنها فى اللغة الهيروغليفية : A. Gardiner, Egyptian Grammar, Oxford University Press, London.
ومنها : تاريخ اللغات السامية ، أ. ولفنسون ..

هذه هى فكرة الكتاب .. وإليكم بعض الأمثلة ..
 
[color=CC3399][align=center]فرعون[/align][/color]
" فرعون " فى القرآن هى تعريب " بِرْعا " ـ بالباء المثلثة ـ المصرية القديمة .

أما " برعا " المصرية القديمة هذه ، فهى اسم مزجى ، مركب من شقين " بر + عا " .

الشق الأول " بر " يعنى البيت أو الدار .

والشق الثانى " عا " صفة بمعنى الكِبَر أو العِظَم .

فهو " البيت الكبير " أو " البيت العظيم " .

وتدخل " بر " فى تراكيب مزجية عديدة ، مثل " بر + عنخ " أى بيت الحياة أو بيت الروح ، يعنون " دار الكتبة " ، و " بر + حض " أى البيت الأبيض ، يعنون " دار الخزانة " أو " بيت المال " ، و " بر + نسو " أى بيت الملك ، يعنون " القصر " .

أما حين تأتى " برعا " المصرية القديمة على المزجية فهى تفقد معناها الأصلى كبيت كبير أو عظيم ، وتصبح كنية يكنى بها عن شخص الملك ، مهابة وتفخيماً ، كما قال العثمانيون فى خليفتهم : " الباب العالى " ، وقالوا فى رئيس وزرائه : " الصدر الأعظم " .

يدلك على علم القرآن القاطع بمعنى البيت الذى فى " برعا " ، تلك المفاضلة المعجزة ، بين " بيت " عند الله فى الجنة ، وبين " فرعون " البيت الكبير ، على لسان امرأة فرعون ، إذ قالت : " رب ابن لى عندك بيتاً فى الجنة ونجنى من فرعون وعمله " .
 
[color=CC3399][align=center]موسى[/align][/color]
الشائع أن " موسى " فى القرآن هى تعريب " موشيه " التى فى التوراة .

هذا هو الشائع ، وهذا هو ما قال به علماء التوراة .. ألزمتهم بذلك عبارة فى " سفر الخروج " تفسر اسم " موسى " على اللفظ العبرانى ، التى ينطقونها " موشيه " كدأب العبرية فى " تشيين " السين وإمالة الألف ، فقالوا : إن " موسى " عبرانية ، على زنة الفاعل من الجذر العبرى " مَشَا " ، ويكافئه الجذر العربى " مسا / يمسو " ، بمعنى سَلَّه أو أخرجه بلطف ، فهو " موشيه " أى " الماسى " ، ويفسرونها بأنها تعنى " نشيل الماء " ، أى الذى التقطه آل فرعون من اليم ، اضطرهم لذلك قول كاتب سفر الخروج : " ودعت اسمه موسى ( موشيه فى الأصل العبرانى ) وقالت : إنى انتشلته من الماء " .

لكن .. لا يصح هذا التخريج عبرياً أبداً !

لأن " موشيه " على زنة الفاعل تعنى أن موسى كان " الماسى " لا " الممْسُوُّ " ، أى كان هو الناشل لا المُنتَشَل ، ولا يجوز فى العبرية استعمال زنة الفاعل على قصد المفعول ، لكن علماء التوراة ـ لا علماء العبرية ـ افترضوا جواز ذلك ليستقيم لهم المعنى .

وفاتهم أن من أعلام التوراة : " نِمْشِى " ، من نفس الجذر " مشا " ، ومعناه " الممْسُوُّ " على وزن المفعول ، ولو أريدت تسمية موسى على هذا المعنى لكان الاسم " نمشى " ولما كان " موشيه " . أو لكان " ماشوى " على وزن المفعول المباشر من " مشا " العبرى .

وفاتهم أيضاً أن اسم " موسى " ليس عبرانياً ، لأن اليهود لم يسموه ، وإنما الاسم مصرى ، لأن ابنة فرعون ( فى التوراة ) هى التى أسمته !

لا يصح البتة افتراض عبرانية اسم " موسى " ، وعلى لسان مَن ؟ .. على لسان " ابنة فرعون " فى قصر فرعون ، تلتقطه من اليم ، فتفهم أنه من " أولاد العبرانيين " كما يقول الكاتب ، فتتعمد تسميته تسمية عبرانية ، وهى لا تفهم حرفاً من تلك اللغة ، لغة عبيد فرعون كما تقرأ فى التوراة . إنما المنطقى المتوقع من " ابنة فرعون " أن تسمى الذى انتشلته من الماء بلغتها هى ، أى بالمصرية القديمة .

استقر علماء اللغة المصرية القديمة ، فى نطق الأسماء الأعلام المختومة بالشق " مُس " ، كما تجد فى " تُحُوت + مُس " ( تحتمس ) .. انتهوا إلى أن أصلها " ضحُوتى + مُوسِى " ، تنطق ألف " موسِى " فيها على الإمالة ، تماماً كما تسمعها فى بعض قراءات القرآن ، والمعنى هو " وِلْد تحوت " أو " وليد تحوت " .. ولا تقل " ابن تحوت " مغتراً بتقارب المعنى ؛ لأن " ابن " فى المصرية القديمة هى " سا " لا " موسى " .

" موسى " لفظة فى المصرية القديمة منحوتة من جذر فى تلك اللغة ، هو ( م / س / ى ) ، فعل بمعنى ولد / يلد / ولادة . ولفظة " موسى " اسم مشتق منه على زنة المفعول ، فمعناها " ولد " أو " وليد " !

كيف فسر القرآن معنى اسم " موسى " ( ولد أو وليد ) فى آياته الحكيمة ؟

قال العليم الخبير ، فى كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، يفسر بها اسم موسى بلغة آل فرعون ، لا بلغة أمه وأبيه : " وقالت امرأة فرعون قرة عين ولك ، لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً " .. فسمى بها موسى المحذوف لدلالة السياق عليه .

وقال أيضاً على لسان فرعون ، الذى أنكر على موسى أن يكون شفيعاً لديه فى بنى إسرائيل وقد استله فرعون من بينهم فاحتضنه ورباه : " قال ألم نربك فينا وليداً ، ولبثت فينا من عمرك سنين ؟! " .

فهناك " الولد " وهنا " الوليد " ، يفسر بهما القرآن اسم موسى عليه السلام فى لغة آل فرعون لا فى لغة قومه العبرانيين !
 
[color=CC3399][align=center]أم موسى[/align][/color]
" أم موسى " .. اسمها فى التوراة العبرانية " يُوكِبِد " ، بكسر الكاف والباء ، وتنطق عبرانياً " يُوخِفِذ " بالباء المثلثة ، حسب قاعدة نطق الكاف والباء والدال إذا تحرك أو اعتل ما قبلها .

عند علماء التوراة .. أنه اسم مزجى مركب من شقين ( يُو + كِبِد ) ..

الأول " يُو " : مختصر " يهوا " ، اسم الله فى العبرية منذ موسى عليه السلام ..
والثانى " كِبِد " : اسم من مادة الجذر العبرانى " كبد " بمعنى ثَقُلَ ، وأيضاً بمعنى تمجد وشَرُف وعَظُم .

وقد اختار علماء التوراة أن يكون معنى " كبد " التى فى " يوكبد " هو المجد والشرف . كما اختاروا أيضاً أن تكون بنية هذا الاسم المزجى على المبتدأ والخبر ، فقالوا : إن معناه هو " الله مجدٌ " ، مراداً منه " الله مَجْدُها " .

لكن .. لا يصح هذا التخريج عبرياً .. لأن معنى المجد والشرف فى مادة " كبد " العبرانية يجىء على " كِبُود " بالواو ، ولا يجىء قط فى بنيته الاسمية على " كِبِد " ، كما ينطق اسم أم موسى فى التوراة .

أما الذى يصح عبرياً ، فهو أن يفهم الشق الثانى من هذا الاسم " كِبِد " على أنه فعل ماض مسند إلى المفرد الغائب ( الذى هو " يو " اسم الله فى العبرية ) ، جاء على زنة " فِعِّل " العبرية ، فيكون أصل الاسم " يوكبِّد " بتشديد الباء المكسورة ، ثم خفف هذا التشديد للمزجية ، فآلت إلى نطقها الذى فى التوراة ، أعنى " يُوكِبِد " .

لكن " كبد " العبرية ـ كما مر بك ـ تفيد معنيين ، هما : (1) الوقر والثقل .. و(2) المجد والشرف .. لك أن تختار فى تفسير هذا الاسم :

إما " الله مجَّدَ " بتشديد الجيم المفتوحة ، يعنى " التى مجَّدَها اللهُ " ..

وإما " الله وقَّرَ " بتشديد القاف المفتوحة ، أى " التى وقَّرَها اللهُ " ، يعنى رزنها وثبتها وسكنها ، أو كما قال القرآن " لولا أن ربطنا على قلبها " ، فهى " التى ربط الله على قلبها " !

والذى يصح بلا مشاحة هو تفسير القرآن ، لا تفسير علماء التوراة !

لأن " يهوا " ، التى اختصرت إلى " يو " فى الاسم " يوكبد " ، لم تصر عند بنى إسرائيل علماً على الله عز وجل إلا فى ديانة موسى عليه السلام ، كما تستظهر من التوراة : " ثم كلم الله موسى وقال له : أنا الرب ، وأنا ظهرت لإبراهيم وإسحاق ويعقوب بأنى الإله القادر على كل شىء ، وأما باسمى يهوا فلم أعرف عندهم " ..

فلا يصح دخوله فى اسم أم موسى يوم وُلِدَت .. وإنما الصحيح أن يقال : إنها كنية كناها بها بنو إسرائيل من بعد مبعث موسى عليه السلام ، بعد تحقق الصفة والحال .. فهى كنية تشير إلى منقبة فى أم موسى .

وقد أراد علماء التوراة الذين فسروا هذا الاسم على معنى " الله مجدها " ، أى التى مجدها الله ، تعظيم موسى بالتفخيم فى معنى اسم والدته ..

لكن الكنية على هذا المعنى الذى أراده علماء التوراة هؤلاء لا تصدق فى وصف منقبة أم موسى التى انفردت بها من دون نساء العالمين .. تنبذ ابنها فى اليم رضيعاً ، قد ربط الله على قلبها ، ويردونه إليها لا لتكون له أماً ، بل لتكون له مرضعاً ، جاءوها به وقد أسموه بلغتهم " الولد " ( موسى المصرية الهيروغليفية ) لا أم له ، وهى أمه ، لا تملك أن تستعلن بها ، فيكنيها القرآن بأحب اسم تمنت أن تسمعه : " أم موسى " .. ويمرأ فيه لبنها ، ويدنو يوم فطامه ، فتشقى بما تسعد به كل أم ، لولا رباط الله على قلبها ، إنه اليوم فى حجرها تهدهده ، وهو غداً " ابن فرعون " تسلمه لهم .. فيا لفؤاد أم موسى بما حُمِّل ، لولا رباط الله على قلبها !

هذه هى منقبة أم موسى الوحيدة التى يصح أن تكنى بها .

والرباط على القلب يعنى تقويته كى يحتمل ، وهذا هو نفسه معنى " كبد " العبرى كما تنص عليه معاجمهم ، فلا تستطيع هذا وحدها أم ، لكن علماء التوراة لم يفطنوا إليه ، إذ لا نص فى التوراة على بلاءات أم موسى ، بل يقال لك : إنها ألقته فى اليم فحسب ، ثم قالت لأخته قصيه ، وإلى هنا ينتهى ذكر أم موسى فى التوراة ، فاكتفوا فى تفسير اسمها بالمجد الذى نالته بإنجابها موسى ، وليس بشىء كما ترى .

قال عز وجل فى تفسير اسم تلك الصديقة : " وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً ، إن كادت لتبدى به ، لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين " .

والقرآن حين لا ينص على اسم بطل الحدث ، يلم بمعناه أحياناً فى ثنايا الآيات ، فيصوره بما تكاد تسميه به ، واسم " أم موسى " من هذا كما رأيت .

ولعلك التفت أيضاً إلى عبارة القرآن " فؤاد أم موسى " فى سورة القصص ، التى تلوت تواً ، والتى تشير إلى إلمام القرآن بمعنى الفؤاد الذى فى شطر اسم أم موسى " يُوكبد " ، وهو " كِبُود " .. لو قلت : " فؤاد أم موسى " عبرياً ، لقلت " كِبود يوكبِد " !
 
[align=center][color=CC3399]مصر[/color][/align]
" مصر " .. عربياً بمعنى " الحائل " ، أى الحاجز بين الشيئين ، أو بين الأرضين ، يمنعك من اختراقه أو النفاذ منه .

لكن " مصر " تجىء أيضاً فى العبرية بصيغة المثنى " مِصْرَيم " للتعظيم لا للتثنية ، كما يعرف حذاق اللغة العبرية .

كانت هيبة مصر فى صدور جيرانها منذ فجر التاريخ تصورها لهم سداً منيعاً ، تعلموا بالتجربة أنهم ما انتطحوه إلا وقد تحطمت عليه قرونهم ، فلم يجدوا لمصر أليق من هذا الاسم " مصر " يسمونها به .

أما المصريون فلم يسموا بلدهم باسم " مصر " العربى العبرانى على معنى الحائل أو الحاجز .. فقد منّ الله على هؤلاء المصريين فى غابر الدهر بالطمأنينة فى بلادهم ، لا يهابون أحداً من وراء هذا الحائل أو الحاجز ، بل قل لا يهتمون لشىء من أمر الذين هم من وراء هذا الحائل أو الحاجز . كان لديهم قدر من الاكتفاء بالذات ، نغبطهم عليه كل شعوب العالم القديم ، فانكفؤوا على أنفسهم يحرثون ويزرعون ، ويغزلون وينسجون ، ثم يجدون من بعد هذا كله وفرة من الوقت ، يصنعون فيها أصول الحضارة والفن لكل البشر .

هذا الاكتفاء بالذات ، والانكفاء على النفس ، أورثا المصريين من قديم أنفة واعتزازاً ، وربما أيضاً عجباً وخيلاء ، والتصاقاً بالأرض ، حتى ملئت صدورهم ببلدهم هذا عشقاً ، فقروا فى " أرضهم " لا يبغون عنها حولاً ، وغيرهم الذاهب الجائى !

نعم .. غيرهم الذاهب الجائى .. فإن اللفظ الدال على صفة الأجنبى فى المصرية القديمة هو " شماو " ، و " شاسو " ، الأول من الجذر " شم " ، والثانى من الجذر " شس " ، وكلاهما بمعنى ذهب ورحل .

كانت حياة المصريين : الأرض والنهر .. فكانت مصر عندهم فى لغتهم هى " الأرض " " تا " ، لا أرض غيرها من بعدها .. وكان اسم النيل عندهم بلغتهم هو " النهر " " إترو " ، لا نهر فى الأرض من دونه .

ومن الأرض والنهر اشتق المصريون الأقدمون اسم " مصر " بلغتهم هم ، فقالوا :

( 1 ) .. " إدبوى " .. مثنى " إدب " يعنى الضفة ، فهى " الضفتان " ، يعنون ـ على الراجح ـ جانبى الوادى .

( 2 ) .. " تاوى " .. مثنى " تا " يعنى الأرض ، فهى " الأرضان " على التعظيم .

( 3 ) .. " تا ـ مرى " .. يعنى " أرض المحبوب " .

( 4 ) .. " تا ـ كِمْت " ، أو " كمت " فقط اختصاراً .. وأصلها " الأرض السوداء " ، يقصدون خصوبتها .

أصل معنى " مصر " عند أهلها ـ كما رأيت بلغتهم هم ـ هو الأرض ، وإن عددوا لها النعوت .

وردت " مصر " بهذا اللفظ خمس مرات فى كل القرآن ، وليس فى أى منها تفسير لمعنى لفظة " مصر " .

لكن القرآن المعجز يفسر اسم مصر على الترجمة من المصرية القديمة فى أكثر من موضع ، أى بلفظة " الأرض " ، التى فى " تاوى " ، و " تا ـ مرى " ، و " تا ـ كمت " ، على الإبدال من مصر .. يفعل القرآن هذا عامداً متعمداً ؛ إدلالاً بعلمه وإعجازه .

ما إن تعلم أن " مصر " بلغة أهلها اسمها " الأرض " ، وتضع " مصر " موضع " الأرض " فى الآيات التى سأنتقيها لك تواً ، حتى يستقيم لك معنى الآية على الوجه الصحيح ، الذى لا تملك أن تعدل به غيره .

وردت مادة " الأرض " فى كل القرآن حوالى 359 مرة ، تلمح فى بعضها اسم " مصر " وراء لفظة " الأرض " التى فى الآية ، أترك لك استقصائها فى مصحفك ، ولكنى سأدلك على عشرة منها ـ غير مستقص ـ فيها الدليل القاطع على أن " الأرض " التى فى الآية إنما يقصد بها اسم " مصر " صريحاً .

أولاً : ثلاثة مواضع فى قصة يوسف عليه السلام ..

( 1 ) .. " فلما استيأسوا منه خلصوا نجياً ، قال كبرهم : ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقاً من الله ومن قبل ما فرطتم فى يوسف ، فلن أبرح الأرض حتى يأذن لى أبى أو يحكم الله لى ، وهو خير الحاكمين " 80 .

ترى هل تستطيع إلا أن تضع " مصر " موضع " الأرض " فى عبارة " لن أبرح الأرض " ؟!

( 2 ) .. " وقال الملك : ائتونى به ، أستخلصه لنفسى ، فلما كلمه قال : إنك اليوم لدينا مكين أمين . قال : اجعلنى على خزائن الأرض ، إنى حفيظ عليم " 54 .

وأنت تعلم بالطبع أن ليس للأرض خزائن ، وإنما الخزائن التى أقام الملك عليها يوسف هى خزائن مصر .

( 3 ) .. " وكذلك مكنا ليوسف فى الأرض يتبوأ منها حيث يشاء ، نصيب برحمتنا من نشاء ، ولا نضيع أجر المحسنين " 56 .

ثانياً : سبعة مواضع فى قصة موسى عليه السلام ..

( 1 ) .. " وقال الملأ من قوم فرعون : أتذر موسى وقومه ليفسدوا فى الأرض ويذرك وآلهتك ؟ قال : سنقتل أبنائهم ونستحيى نسائهم وإنا فوقهم قاهرون " الأعراف : 127 .

( 2 ) .. " قالوا : أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آبائنا ، وتكون لكما الكبرياء فى الأرض ؟ وما نحن لكما بمؤمنين " يونس : 78 .

( 3 ) .. " فأراد أن يستفزهم من الأرض ، فأغرقناه ومن معه جميعاً " الإسراء : 103 .

أى أراد فرعون أن يستفز بنى إسرائيل من مصر ، لا من مطلق الأرض .. الأرض هنا يعنى مصر .

( 4 ) .. " إن فرعون علا فى الأرض وجعل أهلها شيعاً " القصص : 4 .

فى هذه الآية الدليل الحاسم على أن القرآن يعلم يقيناً أن " الأرض " اسم من أسماء مصر بلغة أهلها ، وعلى أنه يستخدم " الأرض " فى موضع " مصر " ، وإلا لألزمك فقه اللغة العربية أن تفهم عبارة " وجعل أهلها شيعاً " بأنها تعنى " وجعل أهل الأرض شيعاً " لعودة الضمير الذى فى " أهلها " على لفظة " الأرض " التى قبلها ، وليس هو مقصود الآية ، وإنما مقصودها : إن فرعون علا فى مصر وجعل أهل مصر شيعاً .. الأرض فى هذه الآية اسم لمصر بلا جدال .

( 5 ) .. " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " القصص : 5 .

( 6 ) .. " وقال فرعون : ذرونى أقتل موسى وليدع ربه ، إنى أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر فى الأرض الفساد " غافر : 26 .

( 7 ) .. " يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين فى الأرض ، فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا ؟ قال فرعون : ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " غافر 29 .

على أن القرآن المعجز " الكريم " ، لا يدعك تمضى دون أن ينص لك تنصيصاً على أن " الأرض " = " مصر " .. فعلها فى سورة البقرة الآية 61 .. فى سياق الحديث عن الذين لم يصبروا فى التيه على طعام واحد ، فطلبوا من موسى عليه السلام أن يدعو لهم ربه ..

" فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض " ..

فاستدرك عليهم موسى : " قال : أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير ، اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم " ..

الأرض فى أول الآية اسم مصر بلغة أهلها ( " تاوى " أو " تا ـ مرى " أو " تا ـ كِمت " ) مترجماً ، ثم معقباً عليه فى آخر الآية باسمها العربى الصريح : اهبطوا مصراً .. أى إن أردتم ما تنبت مصر فاهبطوا مصراً .. لا يصح أن يقال إن " الأرض " فى الآية هى على أصلها بمعنى " التربة " ؛ فلم يُرِد بنو إسرائيل أى بقل وقثاء وفوم وعدس وبصل ، وإنما أرادوا ما تنبت " مصر " من هذا الذى أكلوه فى مصر واعتادوه ، وإلا لكانت عبارة " مما تنبت الأرض " حشواً يغنيك عنه قولك : فادع لنا ربك يخرج لنا البقل والقثاء والفوم والعدس والبصل .
 
[color=CC3399][align=center]هارون[/align][/color]
" هارون " فى القرآن هى تعريب " أهارون " فى التوراة .. والألف البادئة فى " أهارون " العبرية هى " ألف التحلية " زائدة ، والأصل " هارون " كما عربها القرآن .

لم نجد لدى علماء التوراة تفسيراً لهذا الاسم .. إلا أنه قد كان من أصحاب المعاجم ، مثل معجم وبستر وغيره ، من تصدوا لتفسير معنى " هارون " ، استناداً إلى علماء العبرية بالطبع ، فتفاوتت تفسيراتهم على ثلاثة أقوال :

( 1 ) .. إنه الخفيف النزق ..

يشتقونه من الجذر العبرى " أرَن " مكافىء " أرِن " العربى ، أى خف ونشط ومرح وبطر ، فهو " أرون " عربياً .

ولا يصح هذا فى نحو اللغة العبرية ، فضلاً عن أنه من أعلام العبرانيين على معنى الخفة والنزق " أورين " و " أرنان " ، دون الحاجة إلى إقحام الهاء بعد الألف البادئة فى " هارون " .

( 2 ) .. إنه الفكير المكير ..

يشتقونه من " هرا " العبرى الذى معناه ـ إن أسندته إلى فاعل مؤنث ـ : " حبلت " ( المرأة ) ، وإن أسندته إلى فاعل مذكر كان معناه " فكَّر وقدَّر " .

وهذا يصح فى العبرية من حيث الاشتقاق .. لكن المعجم العبرى لألفاظ التوراة " خملون هحداش لتناخ " ( عبرى / عبرى ) يقول لك : إن " هرا " العبرى المسند إلى الفاعل المذكر ليس من التفكير والتقدير ، وإنما هى يجىء على الذم ، بمعنى أضمر له سوءاً ، أو كاد له أمراً .. ولا تصح التسمية بهذا فى هارون من قبل أبيه وهارون بكره .. ولا تصح به الكنية أيضاً من قِبِل بنى إسرائيل وهارون أحب إليهم من موسى ، حتى إنهم حين مات هارون اتهموا موسى بقتله غيرة منه !

( 3 ) .. إنه علىّ أو مُتعال ..

الاشتقاق هنا يجىء من " يهر " وهو جذر ميت فى عبرية التوراة ، لم يبق منه إلا " يهير " بمعنى الصليف ذى الصلف ، فيفترضون أن " يهر " بمعنى " علا " ، وعلى هذا القول تجىء " أهارون " من " يهر " مزيداً بالواو والنون على وزن الفاعل ، فتصبح " يَهَرون " ، ثم تؤول بحذف الياء البادئة إلى " هارون " ، ثم تضاف ألف التحلية فيؤول إلى " أهارون " برسمها فى التوراة .

ولا غبار على هذا التفسير من حيث الاشتقاق فى العبرية ، ولكن الذى يضعف منه هو انعدام الجذر " يهر " فى عبرية التوراة !

هذه هى المحاولات الثلاث ، وجميعها موضع اختلاف بين علماء العبرية كما رأيت ، أى ليس على أى منها إجماع ، وهذا يدلك على أن علماء العبرية ليس لديهم مأثور يفسرون به هذا الاسم ، وإنما هى اجتهادات لغوية ليس إلا .

ما هى كلمة القرآن فى هذا الصدد ؟

لقد طرح القرآن هذه المعانى الثلاثة جانباً : الخفة أو المكيدة أو العلو ، وفسر اسم " هارون " على معانى القوة والشدة والوزر .

يأتى هذا سهلاً سلساً دون افتعال ، من " هار " العبرية بمعنى " جبل ".

وزِيدَ بالواو والنون .. إما على الصفة المشبهة ( كما قالت العبرية " إشتون " من " إشت " أى شبيه المرأة ) ، فيكون " هارون " بمعنى شبيه الجبل .. وإما على التصغير تودداً وتحبباً ، فيكون " هارون " بمعنى " جُبَيل " .

وأما الألف الملصقة بهذا الرسم فى العبرية " أهارون " فهى زائدة .. إما هى ألف التحلية كالتى فى " أدون " يعنى " سيد " وأصلها " دون " .. وإما هى أداة التعريف العربية " أل " حُذِفَت لامها ، ولهذا نظائر فى العبرية يعرفها المتخصصون ، لا نثقل بها عليك .

والذى ينبغى التنبيه إليه ، أن " هار " العبرية بمعنى " جبل " ، يكنى بها عبرياً عن القوة والثبات والصمود ، تماماً كما يفعل أهل العربية فى لفظة " جبل " ، بل لا تخلو أعلام العرب من " جبل " و " جبيل " و جبلة " .. بل من مجاز العبرية أن تكنى عن رؤساء الشعب بلفظة " هاريم " جمع جبل ، وهو مجاز يفسره المعجم العبرى بعبارة " جدولى هاعام " أى أكابر الشعب ، وبلفظة " معصاموت " أى القوة ، ومنها فى العبرية المعاصرة " معصاموت جدولوت " يعنى القوى الكبرى .

" هارون " إذن يعنى " الجبل " أو " جبيل " !

ومن هنا أعرض القرآن عن المعانى الثلاثة المتهافتة لعلماء العبرية ، وجانس اسم " هارون " على معنى القوة والشدة فى مثل قوله عز وجل على لسان موسى : " واجعل لى وزيراً من أهلى . هارون أخى . اشدد به أزرى " .

" وأخى هارون هو أفصح منى لساناً فأرسله معى ردءاً يصدقنى إنى أخاف أن يكذبون . قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطاناً ، فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون " .

" ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيراً " .

" وزيراً " .. " اشدد " .. " أزرى " .. " ردءاً " .. " سنشد " .. " عضدك " ..

هذه المجانسات القرآنية على الاسم " هارون " ، والتى تحدد علة استنصار موسى بأخيه ، لا تخرج عن معنى القوة والشدة ، فشد أزره وشد عضده ، يعنى قواه ، والردء من معانيه فى العربية القوة والعماد ، والوزارة أيضاً من هذا ، فالوزير يعنى حامل الثقل ، والوَزَر عربياً بفتحتين يعنى الجبل المنيع يعتصم به !

وقد فسر القرآن أيضاً " هارون " بأسلوب " التقابل " فى قول هارون يعتذر لأخيه فى فتنة العجل : " قال : ابن أم ، إن القوم ( استضعفونى ) وكادوا يقتلوننى فلا تشمت بى الأعداء " !
 
[color=CC3399][align=center]إسرائيل[/align][/color]
" إسرائيل " فى القرآن هى تعريب " يسرائيل " فى التوراة .. وقد فسر كاتب سفر التكوين اسم " إسرائيل " بأنه " مصارع الله " !

ظهر الله ليعقوب فى صورة رجل ، تصارع معه الليل بطوله حتى مطلع الفجر ، ولم يقدر على يعقوب ! ولما رأى أنه لا يقدر عليه ( بصورته الإنسية ) استعان بسطوة ألوهيته فلمس حُق فخذ يعقوب ، فينخلع حق فخذه ، ويقول له : أطلقنى فقد طلع الفجر . لكن يعقوب لا يطلقه ! بل يظل آخذاً بتلابيبه ويقول له : لا أطلقك حتى تباركنى . فيقول له : ما اسمك ؟ فيقول : يعقوب . ويقول الرجل/الإله : لا يدعى اسمك بعد يعقوب ، بل " إسرائيل " !

ثم يفسر له معنى هذا الاسم ( يسرا + إيل ) بقوله : لأنك صارعت الله والناس وقدرت .

لقد اختلق الكاتب هذه القصة لأنه قد اشتبه معنى " يسرائيل " عليه ، فظن شقه الأول : " سرا / يسرا " العبرى ، بمعنى واثبه وغالبه ، فكان المعنى عنده " الذى يساور اللهَ " ، أو قل : " الذى ساوره اللهُ " .. قل هذا أو ذاك .. لا أدرى أيهما أقبح عندك : " الذى واثب اللهَ " أو " الذى واثبه اللهُ " ؟!

كاتب التوراة يفسر " يسرائيل " على أنها مصارع الله .. وعلماء التوراة تابعوه على ذلك ، فردوا الشق الأول من الكلمة إلى " سرا / يسرو " بمعنى واثبه وغالبه وصارعه .

لكن هؤلاء العلماء أنفسهم لم يصنعوا مثل ذلك الصنيع فى الأسماء التى شابهت " يسرائيل " فى التوراة ، فلم يردوها إلى نفس الجذر الذى ردوا إليه " يسرائيل " ! .. فلماذا خالفوا وفرقوا بين " يسرائيل " وبين الأسماء المشابهة لها فى التوراة ؟!

لا شك أنه عَزَّ عليهم العدول عن " التفسير " العظيم الذى فسر به كاتب التكوين اسم إسرائيل ، خاصة أنه بنى على ذلك قصة أفردها فى سطور عديدة .

تُرسَم " يِسْرائيل " فى الخط العبرى بغير ألف ، أى ترسم " يسرئيل " .

ومن أعلام التوراة ـ غير يعقوب عليه السلام ـ أعلام تشبه هذا الرسم ، هى :
" أسَرْئيل " .. و " أسْرِيئيل " .. وأيضاً " يِسَرْئيلَه " ..

أما المقطع الأول فى هذه الأعلام الثلاثة " أسَر " و " يِسَر " ، فإن علماء التوراة يأخذونه من الجذر العبرى " أسَر " .

و " أسر " العبرى معناه من " أسر " العربى جد قريب .. ولا يكتفى هذا الجذر العبرى " أسر " بذلك القرب ، بل إنه " يكافئ " جذراً عربياً آخر هو " أصر " !

و " أصر " العربى منه " الإصر " أى العهد والميثاق ، و " أصره " يعنى عقده وشده ، وأيضاً لواه وعطفه .

فمعنى " يسرائيله " وأمثالها هو " إسار الله " أو " إصر الله " !

" إسار " عبرياً يفيد : النذر بالامتناع ، فيقولون : " أسر ـ إسار ـ عل نفشو " ، يعنون : نذر على نفسه ، أو آلى على نفسه .

فمعنى " إسار الله " هو : نذر على نفسه نذراً فقيده الله به ، أى الذى أوجب على نفسه فأوجب الله عليه .

لقد رفض القرآن قصة كاتب التكوين ، ورفض تأصيله اللغوى لاسم " يسرائيل " الذى تابعه عليه علماء أهل الكتاب .. رفض القرآن هذا وذاك ، وفسر لك اسم " إسرائيل " راداً إياه إلى جذره الصحيح فى لغته !

قال عز وجل : " كل الطعام كان حلاً لبنى إسرائيل ، إلا ما حرم إسرائيل على نفسه ، من قبل أن تنزل التوراة "

" حرم إسرائيل على نفسه " تفسر الشق الأول من الاسم فحسب ، وهى بالعبرية " أسر ـ إسار ـ عل ـ نفشو " ، فالذى " حرم " هنا هو إسرائيل وليس الله .. لكن القرآن لا يتركك تظن أن " إسرائيل " معناها " الذى حرم على نفسه " ، بل يريدك أن تفهم أن الله " حرم " عليه الذى حرمه هو على نفسه ، فيقول " كل الطعام كان حلاً لبنى إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه " ، فتفهم منها مباشرة أن الله ( إيل العبرى ) حرم على بنى إسرائيل الذى حرم إسرائيل على نفسه !

بهذه الآية الكريمة ، كان التفسير القرآنى لاسم " إسرائيل " عليه السلام ، بمعنى " إصر الله " ! .. الذى حرم الله عليه ما حرم هو على نفسه !
 
أخي الكريم محب وفقه الله
جزاك الله خيراً على إشارتك لهذا الكتاب النفيس حقاً ، وقد كتبه مؤلفه بنفس هادئ ، وعلم غزير. وقد التفت إلى وجه من أوجه إعجاز القرآن لم يسبق إليه على هذا النحو . وموضوع الكتاب واضح من عنوان الكتاب ، وقد زاده إيضاحاً هذه الأمثلة التي أوردتها جزاك الله خيراً.
والكتاب في حقيقته ثمين جداً ، ويحتاج إلى تأمل عميق ، ونظر دقيق ، ومؤلفه قد أجاد عدة لغات مكنته من المناورة العلمية بسعة ورحابة ، وليس كعمق العلم والتحصيل في مناقشة المسائل.
والمؤلف يقرر أن القرآن يفسر في ثنايا الآيات المعنى الدقيق لكل اسم أعجمي علم ورد في القرآن ، أيا كانت اللغة المشتق منها هذا الاسم الأعجمي العلم ، وإن كانت لغةً منقرضة يجهلها الخلق أجمعون عصر نزوله. وأسلوب القرآن في ذلك كما يقول المؤلف (المجانسة على الاسم العلم بما يفسر معناه أبين تفسير) .
وقد استطرد المؤلف إلى قضايا كثيرة عقدية ولغوية وتاريخية.
وقد كتب عنه مقالة ضافية الأستاذ الدكتور محمود الطناحي رحمه الله رحمة واسعة في مجلة الهلال في يناير عام 1994م ، بعنوان : من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن . وقد أثنى ثناءً عاطراً على الكتاب ومؤلفه ، وقال عن المنهج الذي سلكه مؤلف الكتاب :
(ويأتي كتابنا هذا في علم إعجاز القرآن نمطاً وحده ، فقد أداره مؤلفه - محمود رؤوف أبو سعده – على وجه من إعجاز القرآن جديد ، لم يسبقه إليه سابق ، ولم يفطن إليه باحث ...وهذا الوجه من الإعجاز القرآني الذي قام له المؤلف ونهض به ، وجه قاطع باتُّ ، لا تصح فيه لجاجة ، ولا تسوغ معه مخالفة ؛ لأنه قائم على قواعد اللغة ، ومستند إلى أحكام التاريخ ، وليس للهوى فيه حظ أونصيب).
ويمكنك مراجعة بقية المقالة هناك . وقد نشرت المقالة أخيراً بعد وفاة الدكتور الطناحي رحمه الله في كتاب (مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي التي أصدرتها دار البشائر الإسلامية 1/270-279) .
ولم يأخذ على المؤلف إلا تعبيره بموسيقى القرآن ، وذم هذا التعبير وأمثاله كثيراً رحمه الله ، وجزاه خيراً.
ولا شك أن الاطمئنان لنتائج البحث في هذا الكتاب كما ينبغي ، والثقة بما فيه تحتاج إلى معرفة اللغات التي يتحدث عنها ، وقد شعر المؤلف بذلك التساؤل الذي لا بد وأن يطرأ على ذهن القارئ ، فقال :(وأنا أيها القارئ العزيز - إن كنت لا تعرف عبرية التوراة ، أو يونانية الأناجيل – بما في هذه وتلك من أعلام آرامية بل ومصرية أحياناً لا أريد أن يفوتك شيء من حلاوة بحث أريد أن أحبره لك تحبيراً ، أريد منك أن تشترط عليَّ توثيق ما أحدثك به ، فلا أكيل لك القول جزافاً آمناً ألا تكشف زيفي ؛ لأنك لا تعلم شيئاً من أمر تلك اللغات التي ذكرت لك ، ليس هذا من العلم في شيء ، وإنما هو من التدليس).
ولو رجعت أخي الكريم محب إلى كتاب الدكتور ف. عبدالرحيم (الإعلام بأصول الأعلام الواردة في قصص الأنبياء عليهم السلام) وقارنت ما ذهب إليه في اشتقاق الأعلام وما ذهب إليه الدكتور محمود رؤوف أبو سعده ، لوجدت نتائج متقاربة ولله الحمد ، مع إن كتاب الدكتور رؤوف أبو سعده لم يكن من مراجع الدكتور ف. عبدالرحيم ، ولا العكس.
وفي الختام أقف مع كلمة فرعون .
فقد ذكر المؤلف أن معنى فرعون في اللغة المصرية القديمة : البيت الكبير " أو " البيت العظيم " . وأن المقصود بها الكنية عن شخص الملك .

ويقول الدكتور ف. عبدالرحيم عن العلم نفسه في كتابه ص 139-140 : فرعون لقب ملوك مصر... أصله بالسريانية برعون ، وهو برعوه بالعبرية ، والكلمة من اللغة القبطية أصلها فيها بمعنى البيت العظيم ، وكان يطلق أولاً على مجلس الملك ، ثم على الملك نفسه. هذا وجاء في التهذيب [أي تهذيب اللغة للأزهري] : قيل الفرعون بلغة القبط التمساح أ.هـ قال عبدالرحيم : لم أجد ما يؤيد هذا القول). وهذا يؤيد ما ذهب إليه الأستاذ محمود رؤوف أبو سعده .
وأما الدكتور العجيب علي فهمي خشيم الباحث الليبي ، فقد ذهب مذهباً فريداً في اشتقاق كلمة فرعون وافق فيه ما ذهب إليه أبو سعده غير أنه قد زاد عليه تفاصيل في غاية الدقة والنفاسة.
ولو رجعت إلى كتاب الدكتور علي فهمي خشيم (بحثاً عن فرعون العربي) ص 32 وما بعدها. فهو يرى أن اسم فرعون اسم عربي الأصل لا مصري ، وأن اللغة التي تفرعت عنها هذه اللغات يصح أن تسمى باللغة (العروبية) وهي أم اللغات ، وأول من أطلق هذا المصطلح هو الأستاذ خليفة التونسي في مقالة له في مجلة العربي . انظر حاشية رقم 6 من كتاب الدكتور علي فهمي خشيم السابق ص 23

وفقكم الله لما فيه الخير.
 
أخي جزاك الله خيرا على نقلك الممتع المفيد ...
هل ذكر صاحب الكتاب معنى اسم نبي الله ابراهيم عليه السلام ؟ د
ان كان فعل ، فهلا أتحفتنا بما قال ؟؟
والغاية من ذلك أن لي بحثا في معنى الأسم أتممته من قريب ، والحمد لله ...فأحب الاستنارة برأي الأفاضل..
وبارك الله فيك .
 
أستاذنا الفاضل عبد الرحمن الشهرى ..

جزاك الله عنا كل خير .. أثلجت صدورنا بكلامك .. زادك الله من فضله .

لكن .. ها هنا إشكال !

مسألة يثيرها بعض الإخوة الكرام حول هذا الكتاب ، ولا علم لدى كاف لأجيب ..

هذا الوجه الإعجازى الذى أثبته أبو سعدة ، وأقام عليه ـ كما أرى والله أعلم ـ حججاً ساطعة ، لم يقل به أحد قبله .

فهل من الجائز أن يكتشف مسلم متأخر وجهاً لإعجاز القرآن لم يكتشفه السلف ، ولم ينبهوا على أصله ، ولم يشيروا إليه بكلمة ؟

لا تحرمونا من واسع علمكم .. سدد الله خطاكم وأعظم أجركم .
 
أخى الكريم خالد ..

تكلم المؤلف فى الكتاب عن اسم نبى الله إبراهيم عليه السلام .

هل تريد أن ألخص لك من كلامه قدراً مشبعاً ؟ .. أم أنقل لك كلامه كله حرفاً بحرف ؟
 
أخي محب ،
أحبك الله ...
يكفيني من ذلك مختصر مفيد ...
لنتباحث به ، وننطلق منه .. وجزاك الله عنا خيرا
 
[align=center][color=CC3399]إبراهيم[/color][/align]
" إبراهيم " فى القرآن هى تعريب " أبراهام " فى التوراة .

ويقول سفر التكوين إن إبراهيم كان اسمه " أبرام " ( المشتقة على المزجية من آب + رام ، بمعنى " أبو العلاء " ) ، وظل اسمه كذلك حتى كان ابن تسع وتسعين سنة ، فسماه الله " أبراهام " .

وعلماء التوراة يشتقون " أبراهام " هذه على المزجية من ( آب + راب + هام ) ، حُذفَت الباء التى فى " راب " للمزجية استثقالاً ، وخفف المد الذى فى " آب " للمزجية أيضاً ، فأصبحت ( أب + را + هام ) ، أى "أبراهام" .

أما معنى " أبراهام " هذه عند علماء التوراة ، فهم يرون أن " راب " ها هنا يعنى " كثير " ، وأن " هام " يعنى " جمهور " . ومن ثم فهذا الاسم يعنى عندهم ( أب + كثير + جمهور ) ، يريدون " أبو جمهور كثيرين " .

وقد تورط علماء التوراة فى هذا التفسير اتباعاً لسفر التكوين 17/5 ، الذى أراد أن يكون معنى " أبراهام " أباً لجمهور من الأمم ( آب ـ هامون ـ جُوِييم ) ، نبوءة من الله عز وجل لإبراهيم بكثرة النسل ، فألزم بها سفر التكوين علماء التوراة من بعده .

ولكنك تستدرك على علماء التوراة هؤلاء متسلحاً بنحو اللغة العبرية ذاتها ومعجمها ، فتقول إن " راب " التى فى آب + راب + هام ( أب + كثير + جمهور ) لا يصح عبرياً أن تفهم فى هذا الاسم على الصفة بمعنى " كثير " ؛ لأن المفرد ( الأب ) لا يوصف بالكثرة ، فلا يجوز لك أن تقول " أبٌ كثيرٌ " .

ولا يصح عبرياً أن تكون " كثير " هذه صفة لما بعدها ( الجمهور ) ، لأن الصفة لا تتقدم الموصوف ، كما فى العربية سواء بسواء .

ولا يصح فى عبرية التوراة كذلك إعمال الصفة فيما بعدها ، كأن تقول " أبٌ كثير الجمهور " .

أقرب من هذا إلى الصواب أن تقول فى " راب " العبرية هذه ، أنها صفة بمعنى " كبير " ( وهو من معانيها فى العبرية ) تصف بها " الأب " على التوقير والتمجيد ، فيكون المعنى " أبٌ كبيرٌ لجمهور " .

وليس هذا هو الذى يريده سفر التكوين ، فهو يريد الكبر والكثرة للجمهور لا للأب ، بدلالة تفسيره الاسم بقوله : " أب لجمهور من الأمم " .

أما الشديد النكر ، فهو أن " هام " العبرية هذه لا تعنى البتة " جمهور " كما أراد سفر التكوين وتابعه عليها من بعده علماء التوراة ، وإنما معناها فى العبرية " الناس " ، أخذاً من ضمير الجماعة العبرى " هِيم " ( بإمالة الألف ) ، وهى " هُم " العربية . [ راجع المعجم العبرى " هَمِّلُّون هِحَدَاش لَتَنَاخ " ص 120 ]

من هنا يتضح لك أن المعنى الأقرب إلى الصواب عبرياً فى " أبراهام " هو فهمه بمعنى " أب كبير للناس " .

ولكنك تعلم من العبرية أيضاً أن " راب " ، على الإسمية لا الصفة ، تعنى " الرئيس ، " السيد " ، " المعلم " ، " الإمام " . ومنها " الربانى " ، ومنها فى العبرية المعاصرة قولهم على النداء توقيراً : مورى وربى ! .. أى معلمى وأستاذى ! .. إنها إذن الأستاذ الإمام .

عندئذ تقطع غير ملتفت إلى تفسير سفر التكوين وعلماء التوراة ، بأن " أبراهام " إنما تعنى فى لغة صاحب هذا الاسم العلم : " إمام الناس " .

وهى عبرياً " راب + هام " ، لا تحتاج فى أولها إلى " آب " ، ولكن بقيت " آب " مضافة إلى الاسم على الراجح عندى ، دلالة على الانتقال بالاسم من ( آب + رام ) إلى ( آب + راب + هام ) على وجه الحشو المؤكد ؛ لأن فى " آب " من معنى الإمامة بعض ما فى " راب " .

وهذا هو نفسه التفسير القرآنى لمعنى إبراهيم بالمرادف فى قوله عز وجل : " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ، قال : إنى جاعلك للناس إماماً " [البقرة 124] ، ولم يفطن إليه مفسرو القرآن كما سترى .

تكلم مفسرو القرآن فىمعنى اسم إبراهيم . منهم من أنصف فاكتفى بالقول بعجمته ( الماوردى ) .

ومنهم من تصدى لتفسيره ( ابن عطية ) فقال إن معناه من السريانية هو " الأب الرحيم " ، فتندهش كيف تورط فيها الرجل على جلال قدره وعلمه .

وعلل بعضهم سبب التسمية ( السهيلى ) بقوله فى معرض التشابه القوى بين السريانية والعربية : ( ألا ترى أن " إبراهيم " تفسيره " الأب الرحيم " ؟ لرحمته بالأطفال ، ولذلك جعل هو وسارة زوجته كافلين لأطفال المؤمنين الذين يموتون صغاراً إلى يوم القيامة ) . وهذا ـ فوق سماجته ـ ضعيف ، تشم فيه من قريب رائحة النقل عن أهل الكتاب . والطريف أن القرطبى تحمس لهذا التعليل ، فعززه بما فى حديث البخارى الطويل فى الرؤيا عن سمرة ، أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى فى الروضة إبراهيم عليه السلام وحوله أولاد الناس .

وليس فى هذا الحديث أيضاً ـ وإن صح ـ ما يشهد لتفسير اسم إبراهيم بمعنى الأب الرحيم .. بل ليس البر والرحمة هما أعظم مناقب إبراهيم عليه السلام ، حتى يتكلف اشتقاق هذا الاسم منهما . وإنما كانت كبرى مناقبه عليه السلام ، بشهادة الله عز وجل ، أنه الذى وفى : " أم لم ينبأ بما فى صحف موسى . وإبراهيم الذى وفى " [النجم 36 ، 37]

كان إبراهيم المثل الأعلى للمسلم الحق ، يسلم أمره كله لله ، تنهد الجبال ولا يتزعزع له إيمان ، فكان حقه على الله أن يقول فيه : " إن إبراهيم كان أمة " يؤتسى به ويؤتم . وأن يقول فيه : " ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ، ولقد اصطفيناه فى الدنيا ، وإنه فى الآخرة لمن الصالحين . إذ قال له ربه : أسلم ! قال : أسلمت لرب العالمين " .. " ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفاً " . وكان حقه على الله أن يستجيب دعوته فى الملة الآخرة : " ربنا واجعلنا مسلمين لك ، ومن ذريتنا أمة مسلمة لك " ، فيكون إمام المذهب والطريقة ، أى الملة : " ملة أبيكم إبراهيم ، هو سماكم المسلمين من قبل " .

كان جزاء إبراهيم الذى وفى ـ وقد اجتاز البلاء المبين ـ أن جعله الله عز وجل إماماً للناس : " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ، قال : إنى جاعلك للناس إماماً " .. وهذا هو المعنى الدقيق لاسم إبراهيم : " إمام الناس " الذى لا يصح فى العبرية غيره كما مر بك ، وتلك هى مناسبة الانتقال باسمه من أبرام إلى أبراهام يوم التمام ، باجتياز " البلاء المبين " .

قالت بعض التفاسير والمعاجم إن لفظ " الأمة " فى قوله " إن إبراهيم كان أمة " ، يعنى الرجل الجامع لخصال الخير .. وليس هذا من اللغة فى شىء ، فلا يجوز للغوى الحاذق أن يشتق المعنى بعيداً عن أصل المادة اللغوية .. ليس فى مادة الجذر العربى ( أ م م ) شىء يفيد الجمع بين خصال الخير ، وإنما كله يدور حول معنى الأم التى ولدت ، والأم بمعنى المثابة يثاب إليها ، والأم يجتمع إليها صغارها ، والأم يتبعها ولدها .. والأمة فى الآية اسم من هذا .. إنه " القدوة " وزناً ومعنى .

أما سفر التكوين فيعلل سبب العدول عن أبرام إلى أبراهام بالوعد بكثرة النسل .. وليست أبوة إبراهيم هى أبوة " الناسل " ، وإنما هى أبوة " الإمامة " .

ولو فطن كاتب سفر التكوين وعلماء التوراة إلى هذا المعنى الجليل فى اسم إبراهيم عليه السلام ، لعضوا عليه بالنواجذ ، ولكن " ألهاهم التكاثر " ، عقدة اليهود فى كل عصر .. أراد الكاتب مجده هو ومجد شعبه ـ إن كان فى كثرة النسل مجد ـ ولم يطلب مجد إبراهيم ، فأراد الأب المنجاب " الناسل " ، ولم يرد الأب " الإمام " .

قال المسيح عليه السلام فى تقريع هؤلاء ، ينص على أبوة الإمامة : " لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم ، ولكنكم الآن تطلبون قتلى ، وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذى سمعه من الله ، هذا لم يعمله إبراهيم " [يوحنا: 8 : 39 ، 40]

وقالها القرآن أيضاً فأوجز وأبلغ : " إن أولى الناس بإبراهيم للذن اتبعوه وهذا النبى " [آل عمران 68]

وليس بعد هذا شرف لإبراهيم عليه السلام .. النبى الإمام .. صلوات الله وسلامه على جميع رسله وأنبيائه ، وعلى كل من تبعهم بإحسان .
 
أخي الكريم الأستاذ محب وفقه الله جزاك الله خيراً على فوائدك المتتالية ، وأرجو أن لا تنقطع.
وأما قولكم :(هل من الجائز أن يكتشف مسلم متأخر وجهاً لإعجاز القرآن لم يكتشفه السلف ، ولم ينبهوا على أصله ، ولم يشيروا إليه بكلمة ؟ ).
فالجواب عليه : أن هذا من حيث المبدأ مقبول ، وإذا أتى من يقول به بأدلة تؤيد قوله ، ولا تناقض ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا عن الصحابة ولا التابعين ، فلا مانع من قبوله ، وهذا فضل من الله سبحانه وتعالى على عباده . وهذا من لوازم القول بأن الإسلام شريعة كاملة شاملة لكل زمان ومكان. والله أعلم.
ولا يعني هذا أخي الحبيب أن تتفق مع المؤلف وفقه الله في كل جزئيات الكتاب ، فالكمال عزيز ، ولن تجد كتاباً خالياً من العيوب خلا كتاب الله.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

بارك الله جهد أخينا محب ، وجهد الأستاذ رؤوف صاحب البحث ..
والحق أنه بحث مبني على جهد مبارك ، وأيمان في قلب صاحبه بعظمة القرآن كلام الله .

وأنا أتفق مع الأستاذ في منطلقه بأن القرآن يفسر نفسه بنفسه ، ولا يترك لنا مبهما لا نفقهه ! بل يفسر ما اشكل علينا في ثناياه.. ويعلمه الله من يشاء وقتما يشاء ..
[color=FF0000]ولكني ، أختلف مع الأستاذ في نقطتين أساسيتين :[/color]1-

1- ينطلق الكاتب من حقيقة أن القرآن يحوي في ثناياه كلمات أعجمية !!
وهذا القرآن العربي المبين الميسر للذكر .. كيف يحوي في ثناياه المبهم (الأعجمي) ؟!
وكيف نحاكم النص القرآني الأعلى الى اللغة البشرية !!

2- أرى القرآن نصا متكاملا ، مستغنيا بنفسه عن سواه ..
كيف و هو الالهي الأعلى مصدرا ؟!
فلا أرى أنه يلزمنا لفهم القرآن الغوص في علوم اللغات القديمة ، بل كان من الأجدى أن نبحث في آياته ، و في ثنايا معانيه عن معنى ما استشكل علينا ... فهو المستغني بنفسه عن سواه ...مع الأحتفاظ بالسنة واللغة ، كأداتين للفهم !
ثم قد نعود الى تلك اللغات الغابرة ، للأستئناس وتعضيد الأستنتاجات -ان لزم -!

ووفق الله الجميع
 
أخوة الكرام
الموضوع الذي تطرقونه من الموضوعات الممتعة ، وهو مع متعته يدخل في باب الظنيات ، لكن لا يعني هذا عدم البحث والخوض فيه .
وعندي في الموضوع كلام طويل لعله يتيسر ليل طرحه في هذا الملتقى .
وأقول : إن المؤلف رؤوف أبو سعده وفقه الله قد انطلق من منطلقين :
الأول : أن هذه الألفاظ أعجمية .
الثاني : أن القرآن قد شرح معنى هذا الاسم الأعجمي بلغته الأم ، واللغة الأم عنده متعددة ، وهي مخالفة للعربية.
والذي ظهر لي ـ باختصار ـ أنَّ ما يُزعم أنه أعجمي قد صار له رحلة انتقل فيها من العربية إلى العجمة ، ثمَّ عاد معجَّمةً إلى العرب المعاصرين للرسالة الذين صارت لغتهم هي اللغة المعيارية التي يُقاس عليها ، فهي بالنسبة لهم أعجمية ، وإن كانت أصولها عربية ، لكن تنوسيت هذه الأصول ، ونُطِقَ بها كما ينطق بها أهلها الذين حادوا بها عن عربيتها .
وأضرب لذلك مثالاً :
في الآرامية تأتي (أل) التعريف ألفًا ملحقةً بالاسم ، فول أردت أن تنطق لفظ (الذاكر) بالآرامية ، لقلت (ذاكريا ) .
وإذا تأملت الذل وجدتها تُقلب عند بعضهم إلى (زاي) ، فتكون (الزاكري ) عربية مغيرةً بصوت الذال ، وتكون (زاكريا) بالآرامية .
والألف مما يخفُّ طرحها ، فتكون ( زكريًّا ) ، ذلك فيما يبدوا أصل اسم (زكريا) ؛ أي أن أصله الذاكر ، وهو ما يتناسب مع قوله تعالى ( ذكر رحمة ربك عبده زكريا) أي : عبده الذاكر .
والذي يجب التنبه له أن الآرامية لغة عروبية قديمة تستعمل الألفاظ العربية ، وإن كانت تختلف في طريقة نطقها .
ولئن كنت تستغرب أن تكون الألف الملحقة هي أداة التعريف ، فلا أُراك تستغرب ـ إن كنت قرأت في فقه اللهجات العربية ، أو كنت جُبتَ جنوب جزيرة العرب اليوم ـ أنَّ بعض العرب إلى اليوم يجعلون أداة التعريف (أم ) بدلاً من (أل) .
ولأضرب لك اسمًا معاصرًا تستوضح به رحلة اللفظة العربية إلى العجم ، ثم عودها معجَّمةً ونطقنا لها بلا تغيير في تعجمتها .
الأول : اسم ( قرضاي ) ، فتراك تجده قد نُطِقَ ( كرزاي ) ،فهل هو نسبة إلى الكرز؟!
لا شك أن الجواب : لا . لكن هكذا نطقه العجم ، فمن لم يُعده إلى أصله العربي نطقه هكذا ، أو نطقه بصوت آخر ، وهو ( قرداي ) .
الثاني : اسم ( مُحَاضِر ) ، فتراك تجه قد نُطِقَ ( مهاتير ) ، وذلك هو النطق الأعجمي للاسم العربي ، بل قد تجد من لا يعلم أن أصل اسمه ( محاضر ) .
والذي يحسن علمه هنا أن القول بأن أصول هذه الأسماء عربية ، لا يعني كسر باب العجمة الذي قام عليه فروع في علم النحو ، بل ما ذكره النحاة قائمٌ ؛ لأن هذه الألفاظ قد تعجَّمة باستعمال العجم لها ، ثمَّ عادت معجمة مرة أخرى .
كما يحسن التنبه إلى أنَّ هذه الأقوام المتقدمة التي تكلمت بهذه الأعلام على هذه الصيغة ، وصارت مشتهرت بصيغتهم هم لا يعني أنهم ليسوا من العرب القدماء ، لكن لما كانت اللغة الفصحى هي اللغة المعيارية ، وكانت تلك اللغات العربية القديمة تخالف العربية الفصحى في نطق الكلمات وفي غير هذا ، صارت بالنسبة لها أعجمية .
كما يلاحظ أيضًا أن أصول الألفاظ العربية موجودة في هذه اللغات ، كما كشف عن ذلك فقه اللغة الحديث القائم على الموازنة بين اللغات القديمة بعضها مع البعض ، وبموازنتها باللغات الجديدة ، وعلى وجه الخصوص الفصحى التي نزل بها القرآن ، وصارت هي اللغة المعيارية .
وليس أدلَّ على عروبة هؤلاء الأقوام من أسمائهم ، فالكنعانيون من مادة كنع ، وقد قال الخليل عن لغتهم أنها تضارع العربية .
والآراميون من مادة أرم ، والنبط من مادة نبط ، والأكاديين من مادة عكد ، ونطقها المستشرقون بالألف فتوارثها الباحثون عنهم بالألف ، وهي بالعين ...الخ .
والموضوع كما قلت لك طويل ، وإنما أردت أن أشير إلى جانب منه ، والله الموفق .
 
أحسن الاخ خالد فيما تكلم... فالله أعلى واجل من أن يتابِع ويُعجم!!

وأحيل "محب" الى موقع أسرار القرآن....
ففيه معنى..

إسرائيل....
وأتساءل, كيف نغفل عن سورة "الاسراء" وهي نفسها سورة "بني إسرائيل" والعلاقة واضحة جلية, بين أسرى وإسرائيل؟؟؟

وكيف تصبح السين صادا, وفي القرآن من الثنتين؟؟؟

يونس

لقمان

عمران

نوح

وعلى راسهم جميعا "محمد"

وصاحب الموقع لا يقر قولا لغير الله والنبي..
ولا يقر توراة ولا إجيلا!!

فكيف نترك (الحديث) الضعيف, ونبني على التوراة وقد نهينا عنه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
 
أخونا الكريم أبو أحمد ..

هون عليك ! .. اقرأ أولاً كتاب أبى سعدة قبل أن تحكم عليه بأنه اعتمد على التوراة .

أما موقع أسرار القرآن ففيه ما فيه .

ولصاحبه الشيخ أبى عرفة جرأة عجيبة فى رد صريح النصوص وصحيحها .

وقد سألته عدة أسئلة فى موضوعه عن " عمران " ، فما استطاع لها جواباً .. وليس وحدى من فعل .. لو تكرمت بقراءة الرسائل التى أرسلت إليه ، لعلمت عجزه عن الرد عن كثير مما وجه إليه .

ومن ذلك أنه ادعى فهماً لحديث ثابت عن النبى عليه الصلاة والسلام ، ثم ادعى أن القرضاوى قد سبقه به ، فلما طالبناه بنص القرضاوى ، لا من باب التكذيب له ، ولكن من باب فهم كلام القرضاوى على وجهه .. لما طالبناه بذلك ما استجاب ولا اعتذر .. وهذا مجرد مثال من كثير فى هذا الموضوع فقط ، ناهيك عن بقية موضوعاته .

ولست أقول إن كل كلمة ينطق بها الشيخ أبو عرفة هى خطأ .. ولكن يبعد عن إنصافك أن تلزم مسلماً بقبول ما قام الدليل على خلافه ، لمجرد أن قائله يرفع راية مكتوباً عليها شعارات براقة ، لم يلتزم بها فى كتاباته .. فشأن العلم أكبر من ذلك .

شكراً لحرصك وإرادتك الخير .. وحيا الله تلك الغيرة فيك على كتابه ومعانيه .
 
بسم الله الرحمن الرحيم ..
جزاكم الله خيرا ،
وشكر الله للشيخ ابي احمد حسن ظنه ..

مما أتحفنا به الشيخ مساعد - وأتمنى عليه طرح بحثه هنا في المنتدى للفائدة -أن ما يسمى الأعجمي ما هو الا عربي حورته الألسن على مدار السنين ...وأن أصوله العربية حاضرة لا تنكر ، وعلى الدارس البحث والتنقيب !

والحق ،أن المراد من المنتدى ، هو النقاش العلمي -لا الشخصي- الهادئ المتزن ، والمبني على العلم والرأي ، و اقامة الحجج ، ونقد البراهين ... فعلى رسلك أخي محب ..!!
وليتنا نتدارس أقوال الشيخ صلاح الدين ابو عرفة في الأسماء ، وان كنت ترى لديك حجة تبطلها فافعل ، ليظهر الحق ، ونحن مع الحق حيث دار ..

فلقد قرأت كلام الشيخ في موقعه ، ورأيت منه تعظيما لله صاحب القول ، والتسمية ...ثم رأيت للأسماء وظائف تؤديها لا لغة فحسب ‍! ثم استدلال بكلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم ربط بأصول اللغة العربية ..
فأين الخطأ في المنهج ؟!!

ومرة أخرى أدعو أخي محب لمناقشة جميع الأسماء الواردة في القرآن ، ولنبدأ بالنقد (للكتاب والموقع)، ولنذهب الى دراسة باقي الأسماء ، وليشارك الجميع .. فلعلنا نصل الى (أسرار) الأسماء في القرآن ، وأخاله فتحا عظيما باذن الله ..
وللجميع الدعاء بالتوفيق ، والسداد..
 
جزاكم الله خيرا

عندي ملاحظة وهي ان كلمة اسرائيل معناها عبد الله اي اسرا بمعنى عبد وئيل بمعنى الله

وهذا المعنى مشهور فما مدى صحته ارجو بيان ذلك

وبارك الله فيكم
 
للباحث عن كلمة ابراهيم
هناك بحث قدمه استاذعراقي لمجلة ال البيت بالاردن وصل من خلاله الى ان الكلمة عربية الاصل على وزن افعاليل بكسر الهمزة
 
عودة
أعلى