وجه الترجيح في {طهوراً}

إنضم
14/03/2012
المشاركات
2
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
القاهرة - جدة
السلام عليكم ورحمة الله
الأساتذة المشايخ الأفاضل،
في قوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ماءً طهوراً}، ما هو وجه الترجيح في جعل {طهورا} صفة لـ{ماء}؟ بعبارة أخرى: لماذا ترجح أنه صفة لا بدل؟ وقد قرأت فيها كلاما فخماً للإمام الألوسي أزعم أنني فهمت أكثره، ثم قال آخره: " وأنت تعلم أن المتبادر فيما نحن فيه كونه نعتا " إهـ.
لكن لا أعلم لم كان المتبادر - من ناحية نحوية صرفة - كذلك؟ فلو قيل لي: أعرب {طهورا} لن أتردد في كونها صفة، لكن إن قيل لي: فلم لم تجعلها بدلا على انها اسم آلة؟ فسأسكت طويلاً، وهذا هو سؤالي بارك الله فيكم.
 
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
الفاضل : محب الدين الراغب
جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم ، ومرحبا بكم في هذا الملتقى المبارك
يقول تعالى : {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً }الفرقان48
إذا تصفحنا المعجم القرآني ، نجد أن المفردة ( طهورا ) وردت في القرآن مرتين كالتالي :
{وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً }الفرقان48
{عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً }الإنسان21
مرة مقترنة بالماء ومرة مقترنة بالشراب الذي هو خمر الجنة
وبالتالي : إذا كان السؤال : فلم لم تجعله بدلا ، نقول : إذا كان الماء طهورا ، والشراب طهورا ، والماء غير الشراب ، فلا يصح أن يكون الطهور هو الماء ، فالطهور هو صفة للماء وليس بدلا له .
يقول الآلوسي : " وقال بعض المحققين: إن { طَهُوراً } هنا اسم لما يتطهر به كما في قوله صلى الله عليه وسلم: " التراب طهور المؤمن " وفعول كما قال الأزهري في كتاب «الزاهر» يكون اسم آلة لما يفعل به الشيء كغسول ووضوء وفطور وسحور إلى غير ذلك كما يكون صفة بمعنى فاعل كأكول أو مفعول كصبوب بمعنى مصبوب واسم جنس كذنوب ومصدراً وهو نادر كقبول فيفيد التطهير للغير وضعاً ، ويمكن حمل ما روي عن ثعلب على هذا ، واعتبار كونه طاهراً في نفسه لأن كونه مطهراً للغير فرع ذلك ، وجعل على هذا بدلاً من (ماء) أو عطف بيان له لا نعتاً فيكون التركيب نحو أرسلت إليك ماء وضوءاً ."
والظاهر أن هذا تفسير بجزء من المعنى .
لكن أجد أن : مفردة ( طهور ) في سياق الآية وهو سياق عام لا تعني إلا صفة للماء ، يقول الشعراوي : " وماء السماء طاهر ومُطهر؛ لأنه مُصفّى مُقطّر، والماء المقطر أنقى ماء . "
ويقول طنطاوي : " وأنزلنا من السماء ماء طاهرا في ذاته ، مطهرا لغيره ، سائغا في شربه ، نافعا للإِنسان والحيوان والنبات والطيور وغير ذلك من المخلوقات .ووصف - سبحانه - الماء بالطهور زيادة في الإِشعار بالنعمة وزيادة في إتمام المنة ، فإن الماء الطهور أهنأ وأنفع مما ليس كذلك . "
والله أعلم وأحكم
 
إذا كان الماء طهورا ، والشراب طهورا ، والماء غير الشراب ، فلا يصح أن يكون الطهور هو الماء ، فالطهور هو صفة للماء وليس بدلا له
نفع الله بكم، كلام حسن، أزيد عليه ما أفادني به أمس بعض أهل اللغة ممن سألت، قال: " لو تأملنا الآية التي بعدها ( ... " لِّنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً" ) لظهر لنا أن (طهورا) نعت لإثبات صفة الطهارة في ماء المطر وليست آلة للتطهر فحسب، ولو كانت (طهورا) في الآية آلة للتطهر فحسب لما علل إنزاله بإحياء الأرض وسقي الإنسان والحيوان، ولانحصر التعليل في إطار التطهر" إهـ.
غفر الله لنا ولكم.
 
عودة
أعلى