بشير عبدالعال
Member
قال ابنُ القيِّم رَحِمَهُ اللَّهُ في زَادِ المَعَادِ : قَالَ بَعْضُ السّلَفِ نَزَلَ الْقُرْآنُ لِيُعْمَلَ بِهِ فَاِتّخِذُوا تِلَاوَتَهُ عَمَلًا وَلِهَذَا كَانَ أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ الْعَالِمُونَ بِهِ وَالْعَامِلُونَ بِمَا فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَحْفَظُوهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ . وَأَمّا مَنْ حَفِظَهُ وَلَمْ يَفْهَمْهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا فِيهِ فَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ أَقَامَ حُرُوفَهُ إقَامَةَ السّهْمِ . قَالُوا : وَلِأَنّ الْإِيمَانَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ وَفَهْمُ الْقُرْآنِ وَتَدَبّرُهُ هُوَ الّذِي يُثْمِرُ الْإِيمَانَ وَأَمّا مُجَرّدُ التّلَاوَةِ مِنْ غَيْرِ فَهْمٍ وَلَا تَدَبّرٍ فَيَفْعَلُهَا الْبَرّ وَالْفَاجِرُ وَالْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ كَمَا قَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيّبٌ وَطَعْمُهَا مُرّ.
قال في التحرير والتنوير :
وَإِنَّكَ لَتَمُرُّ بِالْآيَةِ الْوَاحِدَةِ فَتَتَأَمَّلُهَا وَتَتَدَبَّرُهَا فَتَنْهَالُ عَلَيْكَ مَعَانٍ كَثِيرَةٌ يَسْمَحُ بِهَا التَّرْكِيبُ عَلَى اخْتِلَافِ الِاعْتِبَارَاتِ فِي أَسَالِيبِ الِاسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيِّ، وَقَدْ تَتَكَاثَرُ عَلَيْك فَلَا تكَ مِنْ كَثْرَتِهَا فِي حَصْرٍ وَلَا تَجْعَلِ الْحَمْلَ عَلَى بَعْضِهَا مُنَافِيًا لِلْحَمْلِ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ إِنْ كَانَ التَّرْكِيبُ سَمْحًا بِذَلِكَ.
وَقَدْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ كِتَابًا مُخَاطَبًا بِهِ كُلُّ الْأُمَمِ فِي جَمِيعِ الْعُصُورِ، لِذَلِكَ جَعَلَهُ بِلُغَةٍ هِيَ أَفْصَحُ كَلَامٍ بَيْنَ لُغَاتِ الْبَشَرِ وَهِيَ اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ، لِأَسْبَابٍ يَلُوحُ لِيمِنْهَا، أَنَّ تِلْكَ اللُّغَةَ أَوْفَرُ اللُّغَاتِ مَادَّةً، وَأَقَلُّهَا حُرُوفًا، وَأَفْصَحُهَا لَهْجَةً، وَأَكْثَرُهَا تَصَرُّفًا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى أَغْرَاضِ الْمُتَكَلِّمِ، وَأَوْفَرُهَا أَلْفَاظًا، وَجَعَلَهُ جَامِعًا لِأَكْثَرِ مَا يُمْكِنُ أَنْ تَتَحَمَّلَهُ اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ فِي نَظْمِ تَرَاكِيبِهَا مِنَ الْمَعَانِي، فِي أَقَلِّ مَا يَسْمَحُ بِهِ نَظْمُ تِلْكَ اللُّغَةِ، فَكَانَ قِوَامُ أَسَالِيبِهِ جَارِيًا عَلَى أُسْلُوبِ الْإِيجَازِ فَلِذَلِكَ كَثُرَ فِيهِ مَا لَمْ يَكْثُرْ مِثْلُهُ فِي كَلَامِ بُلَغَاءِ الْعَرَبِ.
قال في التحرير والتنوير :
وَإِنَّكَ لَتَمُرُّ بِالْآيَةِ الْوَاحِدَةِ فَتَتَأَمَّلُهَا وَتَتَدَبَّرُهَا فَتَنْهَالُ عَلَيْكَ مَعَانٍ كَثِيرَةٌ يَسْمَحُ بِهَا التَّرْكِيبُ عَلَى اخْتِلَافِ الِاعْتِبَارَاتِ فِي أَسَالِيبِ الِاسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيِّ، وَقَدْ تَتَكَاثَرُ عَلَيْك فَلَا تكَ مِنْ كَثْرَتِهَا فِي حَصْرٍ وَلَا تَجْعَلِ الْحَمْلَ عَلَى بَعْضِهَا مُنَافِيًا لِلْحَمْلِ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ إِنْ كَانَ التَّرْكِيبُ سَمْحًا بِذَلِكَ.
وَقَدْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ كِتَابًا مُخَاطَبًا بِهِ كُلُّ الْأُمَمِ فِي جَمِيعِ الْعُصُورِ، لِذَلِكَ جَعَلَهُ بِلُغَةٍ هِيَ أَفْصَحُ كَلَامٍ بَيْنَ لُغَاتِ الْبَشَرِ وَهِيَ اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ، لِأَسْبَابٍ يَلُوحُ لِيمِنْهَا، أَنَّ تِلْكَ اللُّغَةَ أَوْفَرُ اللُّغَاتِ مَادَّةً، وَأَقَلُّهَا حُرُوفًا، وَأَفْصَحُهَا لَهْجَةً، وَأَكْثَرُهَا تَصَرُّفًا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى أَغْرَاضِ الْمُتَكَلِّمِ، وَأَوْفَرُهَا أَلْفَاظًا، وَجَعَلَهُ جَامِعًا لِأَكْثَرِ مَا يُمْكِنُ أَنْ تَتَحَمَّلَهُ اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ فِي نَظْمِ تَرَاكِيبِهَا مِنَ الْمَعَانِي، فِي أَقَلِّ مَا يَسْمَحُ بِهِ نَظْمُ تِلْكَ اللُّغَةِ، فَكَانَ قِوَامُ أَسَالِيبِهِ جَارِيًا عَلَى أُسْلُوبِ الْإِيجَازِ فَلِذَلِكَ كَثُرَ فِيهِ مَا لَمْ يَكْثُرْ مِثْلُهُ فِي كَلَامِ بُلَغَاءِ الْعَرَبِ.