بسم الله الرحمن الرحيم
الإمام الطبري ولاشك محط أنظار المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين ، من يستطيع أن يتكلم في آية ويجول فيها متأملا متدبرا دون أن ينظر إلى رأيه واختياره
إمام جمع الله له من العلم وآلاته مالم يجمعه لكثير من المفسرين ، من يقرأ في تفسيره يجد أن كلامه على الآية وتحليله لها يستقر في ذهنك دون معالجة أو حتى استدعاء ، لا أدري لم هذه الخصيصة وجدتها له وأنا أقرأ في تفسيره بخلاف كثير من كتب التفسير ، هل هو لأجل ترتيبه ، أم لأجل أسانيده ، أم لأجل حجته ومناقشته للأقوال لا أدري قد تكون كلها مجتمعة وقد يكون معها غيرها
ليس هذا بيت القصيد من هذا الموضوع :
متى نقول إن الإمام الطبري توقف في الآية ؟
سؤال فكرت فيه كثيرا فأنا أراه في بعض الآيات يسرد\ أقوال المفسرين ولا يرجح أحدها مع أنها اختلاف تنوع فيما بينها
وأحيانا يسرد الخلاف ولا يرجح وهو خلاف تضاد
لو أخذنا مثالا
القول في تأويل قوله تعالى ( الصراط المستقيم ) قال : وقد اختلفت تراجمة القرآن في المعنى بالصراط المستقيم يشمل معاني جميعهم في ذلك ما اخترنا من التأويل فيه
وقال في قوله تعالى : قوله تعالى ( ومتاع إلى حين ) قال بعد ذكر الأقوال : والمتاع في كلام العرب كل ما استمتع به من شيء من معاش استمتع به أو رياش أو زينة أو لذة أو غير ذلك فإذ كان ذلك كذلك وكان الله جل ثناؤه قد جعل حياة كل حي متاعا له يستمتع بها أيام حياته وجعل الأرض للإنسان متاعا أيام حياته بقراره عليها واغتذائه بما أخرج الله منها من الأقوات والثمار والتذاذه بما خلق فيها من الملاذ وجعلها من بعد وفاته لجثته كفاتا ولجسمه منزلا وقرارا وكان اسم المتاع يشمل جميع ذلك كان أولى التأويلات بالآية إن لم يكن الله جل ثناؤه وضع دلالة دالة على أنه قصد بقوله ومتاع إلى حين بعضا دون بعض وخاصا دون عام في عقل ولا خبر أن يكون ذلك في معنى العام وأن يكون الخبر أيضا كذلك إلى وقت يطول استمتاع بني آدم وبني إبليس بها وذلك إلى أن تبدل الأرض غير الأرض فإذ كان ذلك أولى التأويلات بالآية لما وصفنا فالواجب إذا أن يكون تأويل الآية ولكن في الأرض منازل ومساكن تستقرون فيها استقراركم كان في السماوات وفي الجنات في منازلكم منها واستمتاع منكم بها وبما أخرجت لكم منها وبما جعلت لكم فيها من المعاش والرياش والزين والملاذ وبما أعطيتكم على ظهرها أيام حياتكم ومن بعد وفاتكم لأرماسكم وأجداثكم تدفنون فيها وتبلغون باستمتاعكم بها إلى أن أبدلكم بها غيرها
وقال في قوله تعالى ( ولو شاء الله لأعنتكم ) عندما ذكر الأقوال كلها قال وهذه الأقوال التي ذكرناها عمن ذكرت عنه وإن اختلفت ألفاظ قائليها فيها فإنها متقاربات المعاني
وقال في قوله تعالى ( أو كصيب من السماء ...) الآية : وهذه الأقوال التي ذكرنا عمن رويناها عنه فإنها وإن اختلفت فيها ألفاظ قائليها متقاربات المعاني
وقال في قوله تعالى : ( قل أتخذتم عند الله عهدا ..) : وكل ذلك وإن اختلفت ألفاظ قائليه فمتفق المعاني على ما قلنا فيه والله تعالى أعلم
وراجع معنى الحبك وغيرها كثير من اختلاف التنوع الظاهر
لكن هناك اختلاف تضاد ولم يرجح فيه الإمام شيئا وفهم منه العلماء أنه توقف منه رحمه الله
مثلا في قوله تعالى ( وإسماعيل وإدريس وذا الكفل )
قال ابن جرير تفسير الطبري ج17/ص73
يعني تعالى ذكره بإسماعيل إسماعيل بن إبراهيم صادق الوعد وبإدريس أخنوخ وبذي الكفل رجلا تكفل من بعض الناس إما من نبي وإما من ملك من صالحي الملوك بعمل من الأعمال فقام به من بعده فأثني الله عليه حسن وفائه بما تكفل به وجعله من المعدودين في عباده مع من حمد صبره على طاعة الله وبالذي قلنا في أمره جاءت الأخبار عن سلف العلماء ذكر الرواية بذلك عنهم .....)
فهم ابن كثير من هذا الكلام أن ابن جرير توقف فيه فقال تفسير ابن كثير ج3/ص191
فالظاهر من السياق أنه ما قرن مع الأنبياء إلا وهو نبي وقال آخرون إنما كان رجلا صالحا وكان ملكا عادلا وحكما مقسطا وتوقف ابن جرير في ذلك
وهذا ظاهر وله نظائر
فماهي الضوابط التي يمكن أن نضعها لأجل أن نثبت هذا الحكم الجليل وهو توقف ابن جرير الطبري ، لأن بعض العلماء قد ينسب إليه ما ليس بتوقف
خذ مثالا على ذلك :
قال ابن كثير رحمه الله : في قوله تعالى ( والمرسلات عرفا )
تفسير ابن كثير ج4/ص460 :
وتوقف ابن جرير في والمرسلات عرفا هل هي الملائكة إذا أرسلت بالعرف أو كعرف الفرس يتبع بعضهم بعضا أو هي الرياح إذا هبت شيئا فشيئا )
لننظر إلى كلام ابن جرير الطبري :
تفسير الطبري ج29/ص229
( والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال إن الله تعالى ذكره أقسم بالمرسلات عرفا وقد ترسل عرفا الملائكة وترسل كذلك الرياح ولا دلالة تدل على أن المعني بذلك أحد الحزبين دون الآخر وقد عم جل ثناؤه بإقسامه بكل ما كانت صفته ما وصف فكل من كان صفته كذلك فداخل في قسمه ذلك ملكا أو ريحا أو رسولا من بني آدم مرسل
فما تعليقكم نفع الله بكم ؟
الإمام الطبري ولاشك محط أنظار المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين ، من يستطيع أن يتكلم في آية ويجول فيها متأملا متدبرا دون أن ينظر إلى رأيه واختياره
إمام جمع الله له من العلم وآلاته مالم يجمعه لكثير من المفسرين ، من يقرأ في تفسيره يجد أن كلامه على الآية وتحليله لها يستقر في ذهنك دون معالجة أو حتى استدعاء ، لا أدري لم هذه الخصيصة وجدتها له وأنا أقرأ في تفسيره بخلاف كثير من كتب التفسير ، هل هو لأجل ترتيبه ، أم لأجل أسانيده ، أم لأجل حجته ومناقشته للأقوال لا أدري قد تكون كلها مجتمعة وقد يكون معها غيرها
ليس هذا بيت القصيد من هذا الموضوع :
متى نقول إن الإمام الطبري توقف في الآية ؟
سؤال فكرت فيه كثيرا فأنا أراه في بعض الآيات يسرد\ أقوال المفسرين ولا يرجح أحدها مع أنها اختلاف تنوع فيما بينها
وأحيانا يسرد الخلاف ولا يرجح وهو خلاف تضاد
لو أخذنا مثالا
القول في تأويل قوله تعالى ( الصراط المستقيم ) قال : وقد اختلفت تراجمة القرآن في المعنى بالصراط المستقيم يشمل معاني جميعهم في ذلك ما اخترنا من التأويل فيه
وقال في قوله تعالى : قوله تعالى ( ومتاع إلى حين ) قال بعد ذكر الأقوال : والمتاع في كلام العرب كل ما استمتع به من شيء من معاش استمتع به أو رياش أو زينة أو لذة أو غير ذلك فإذ كان ذلك كذلك وكان الله جل ثناؤه قد جعل حياة كل حي متاعا له يستمتع بها أيام حياته وجعل الأرض للإنسان متاعا أيام حياته بقراره عليها واغتذائه بما أخرج الله منها من الأقوات والثمار والتذاذه بما خلق فيها من الملاذ وجعلها من بعد وفاته لجثته كفاتا ولجسمه منزلا وقرارا وكان اسم المتاع يشمل جميع ذلك كان أولى التأويلات بالآية إن لم يكن الله جل ثناؤه وضع دلالة دالة على أنه قصد بقوله ومتاع إلى حين بعضا دون بعض وخاصا دون عام في عقل ولا خبر أن يكون ذلك في معنى العام وأن يكون الخبر أيضا كذلك إلى وقت يطول استمتاع بني آدم وبني إبليس بها وذلك إلى أن تبدل الأرض غير الأرض فإذ كان ذلك أولى التأويلات بالآية لما وصفنا فالواجب إذا أن يكون تأويل الآية ولكن في الأرض منازل ومساكن تستقرون فيها استقراركم كان في السماوات وفي الجنات في منازلكم منها واستمتاع منكم بها وبما أخرجت لكم منها وبما جعلت لكم فيها من المعاش والرياش والزين والملاذ وبما أعطيتكم على ظهرها أيام حياتكم ومن بعد وفاتكم لأرماسكم وأجداثكم تدفنون فيها وتبلغون باستمتاعكم بها إلى أن أبدلكم بها غيرها
وقال في قوله تعالى ( ولو شاء الله لأعنتكم ) عندما ذكر الأقوال كلها قال وهذه الأقوال التي ذكرناها عمن ذكرت عنه وإن اختلفت ألفاظ قائليها فيها فإنها متقاربات المعاني
وقال في قوله تعالى ( أو كصيب من السماء ...) الآية : وهذه الأقوال التي ذكرنا عمن رويناها عنه فإنها وإن اختلفت فيها ألفاظ قائليها متقاربات المعاني
وقال في قوله تعالى : ( قل أتخذتم عند الله عهدا ..) : وكل ذلك وإن اختلفت ألفاظ قائليه فمتفق المعاني على ما قلنا فيه والله تعالى أعلم
وراجع معنى الحبك وغيرها كثير من اختلاف التنوع الظاهر
لكن هناك اختلاف تضاد ولم يرجح فيه الإمام شيئا وفهم منه العلماء أنه توقف منه رحمه الله
مثلا في قوله تعالى ( وإسماعيل وإدريس وذا الكفل )
قال ابن جرير تفسير الطبري ج17/ص73
يعني تعالى ذكره بإسماعيل إسماعيل بن إبراهيم صادق الوعد وبإدريس أخنوخ وبذي الكفل رجلا تكفل من بعض الناس إما من نبي وإما من ملك من صالحي الملوك بعمل من الأعمال فقام به من بعده فأثني الله عليه حسن وفائه بما تكفل به وجعله من المعدودين في عباده مع من حمد صبره على طاعة الله وبالذي قلنا في أمره جاءت الأخبار عن سلف العلماء ذكر الرواية بذلك عنهم .....)
فهم ابن كثير من هذا الكلام أن ابن جرير توقف فيه فقال تفسير ابن كثير ج3/ص191
فالظاهر من السياق أنه ما قرن مع الأنبياء إلا وهو نبي وقال آخرون إنما كان رجلا صالحا وكان ملكا عادلا وحكما مقسطا وتوقف ابن جرير في ذلك
وهذا ظاهر وله نظائر
فماهي الضوابط التي يمكن أن نضعها لأجل أن نثبت هذا الحكم الجليل وهو توقف ابن جرير الطبري ، لأن بعض العلماء قد ينسب إليه ما ليس بتوقف
خذ مثالا على ذلك :
قال ابن كثير رحمه الله : في قوله تعالى ( والمرسلات عرفا )
تفسير ابن كثير ج4/ص460 :
وتوقف ابن جرير في والمرسلات عرفا هل هي الملائكة إذا أرسلت بالعرف أو كعرف الفرس يتبع بعضهم بعضا أو هي الرياح إذا هبت شيئا فشيئا )
لننظر إلى كلام ابن جرير الطبري :
تفسير الطبري ج29/ص229
( والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال إن الله تعالى ذكره أقسم بالمرسلات عرفا وقد ترسل عرفا الملائكة وترسل كذلك الرياح ولا دلالة تدل على أن المعني بذلك أحد الحزبين دون الآخر وقد عم جل ثناؤه بإقسامه بكل ما كانت صفته ما وصف فكل من كان صفته كذلك فداخل في قسمه ذلك ملكا أو ريحا أو رسولا من بني آدم مرسل
فما تعليقكم نفع الله بكم ؟