(وإذا قلتم فاعدلوا) - د. مساعد الطيار

إنضم
11/09/2008
المشاركات
734
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الإقامة
الرياض
(محرم - 1433)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
يقول تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا﴾.
هذه الآية منهج متكامل في التعامل مع الناس في جميع المجالات، فهل نحن موفَّقون في تطبيق هذه الآية؟
• نقع -أحيانًا- في خلل في تطبيق هذه الآية، وذلك عندما نستمع إلى كلام من طرف واحد فقط، فتتكوَّن عندنا خلفية معينة محصورة بسبب وِحدَةِ المصدر الذي أخذنا منه المعلومة.
وعندما نتحدث عن ذلك الأمر فليس عندنا إلا مصدر واحد نصدر عنه؛ لذا يكون نظرنا قاصرًا بسبب قصور نقل المعلومة، إذ الواحد الذي نأخذ عنه المعلومة ليس معصومًا عن الجهل، ولا هو معصومًا عن الهوى إذا نقل لنا معلومة ما.
إن التثبت من المعلومة التي تقال في الأشخاص -قبل نقلها- نوع من العدل يدخل في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا﴾.
• ونقع -أيضًا- في خلل في تطبيقها عندما تُسأل عن رجل كان بينك وبينه يومًا ما موقف سلبي؛ كأن يكون أساء لك، أو حرمك من خير كنت ستحصل عليه، أو غير ذلك من صروف الحياة التي تمرُّ بنا = نقع في ذلك الخلل حينما نسأل عنه، ويراد منَّا تقويمه والحكم عليه، فتنبعث من بين خفايا النفس تلك المواقف السلبية له، فتظهر على عبارات التقويم، والحال لا يستدعيها.
• ونقع في الخلل أيضًا في الجانب العلمي، وذلك عندما نقتصر على جزء من المعلومة، ونترك الباقي لأنه لا ينصر ما نذهب إليه، ومن العجيب أنه قد يكون الحق فيما تركناه، وليس فيما تبنيناه، أو يكون ما تركناه هو الراجح دون ما تبنيناه.
• ونقع في خلل التطبيق عندما نحكم على بعض الكتب، فنخرج بحكمٍ مجحفٍ عليها، ولا نبين موقع الخطأ من الصواب، بل نحكم بخطئه، ونتجاهل ما فيه من صواب.
إن القرآن يرشدنا إلى العدل في القول، والحكم على الناس والجماعات بالعدل، فيقول: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران:75].
فما الذي يمنعنا من الإنصاف والعدل مع المخالف إلا حظوظ النفس.
أسأل الله أن يلهمنا الصواب، وأن يجعلنا من أهل العدل، وأن يغفر لنا زللنا، إنه سميع مجيب.


المصدر: موقع الدكتور مساعد الطيار
 
عودة
أعلى