وأنعِم بها من حرفة

إنضم
14/05/2012
المشاركات
1,111
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
الأردن
قـال الـرازي في تفسيره: " أمـا الجـدال في تقريـر الحـق فهـو حرفـة الأنبيـاء علـيه السلام "
قلت: والعلماء ورثة الأنبياء؛ يقتـدون بهـم في حراسـة الثغـور، والانتصار للحق وتقريره.
 
جزاكم الله خيرا،،،إن كان المراد الجدال بعلم الكلام،،،فنسبته إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيه نظر، لا سيما أن الرازي قال قبل ذلك:"وأنت لو فتشت علم الكلام لم تجد فيه إلا تقرير هذه الدلائل والذب عنها ودفع المطاعن والشبهات القادحة فيها، أفترى أن علم الكلام يذم لاشتماله على هذه الأدلة التي ذكرها الله، أو لاشتماله على دفع المطاعن والقوادح عن هذه الأدلة ما أرى أن عاقلا مسلما يقول ذلك ويرضى به". أرجو التوجيه.
 
ليس بالضرورة موافقة الإمام الرازي على ( حرفية كلامه )
لكن المعنى الحق الذي لا يُناقَش فيه
أن الجدل لأهل الباطل: حرفة الأنبياء
بالمعنى اللغوي للجدل = امتداد الخصومة ومراجعة الكلام
أما المعنى الاصطلاحي الحادث الذي تنازعته الفرق والمذاهب لمصطلح (الجدل) فشأنه لا يعنينا
 
ولابن القيم كلام عظيم في هذا المجال لايحضرني الآن
 
الرائع كلام شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل
قال: " كل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع، مناظرة تقطع دابرهم.. لم يكن أعطـى الإسـلام حقـه، ولا وفى بموجـب العلـم والإيـمان، ولا حـصل بكلامـــه شـــفاء الـــصدور وطمأنينـــة النفـــوس، ولا أفـــاد كلامـــه العلـــم واليقين ".
 
ولابن القيم كلام عظيم في هذا المجال لايحضرني الآن
فلعلكم تقصدون هذا- والله أعلم-
"القلم الثاني عشر القلم الجامع وهو قلم الرد على المبطلين ورفع سنة المحقين وكشف أباطيل المبطلين على اختلاف أنواعها وأجناسها وبيان تناقضهم وتهافتهم وخروجهم عن الحق ودخولهم في الباطل وهذا القلم في الأقلام نظير الملوك في الأنام وأصحابه أهل الحجة الناصرون لما جاءت به الرسل المحاربون لأعدائهم وهم الداعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة المجادلون لمن خرج عن سبيله بأنواع الجدال وأصحاب هذا القلم حرب لكل مبطل وعدو لكل مخالف للرسل فهم في شأن وغيرهم من أصحاب الأقلام في شأن فهذه الأقلام التي فيها انتظام مصالح العالم". التبيان في أقسام القرآن (1 / 212)
 
نعم اخي موسى بارك الله فيك لكن لابن القيم اقوال متكررة في المسألة وبعضها اجود من بعض وكذلك لابن تيمية في كثير من مواضع كتبه ومنها كما اورده اخونا عبد الرحيم فجزاكم الله خيرا جميعا
المعنى خطير وفيه انقاذ لأرواح وأجساد بل لحيوانات وطيور وبيئة والا ظهر الفساد في البر والبحر.
 
قال ابن عاشور رحمه الله في التحرير والتنوير في تفسير هذه الآية : " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " . (النحل / 125)
- { ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هِىَ أَحْسَنُ } : يتنزل معنى هذه الآية منزلة البيان لقوله : { أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً } [ سورة النحل : 123 ] فإن المراد بما أوحي إليه من اتّباع ملّة إبراهيم هو دين الإسلام ، ودين الإسلام مبنيّ على قواعد الحنيفية ، فلا جرم كان الرسول بدعوته الناس إلى الإسلام داعياً إلى اتّباع ملّة إبراهيم .
ومخاطبة الله رسوله بهذا الأمر في حين أنه داع إلى الإسلام وموافق لأصول ملّة إبراهيم دليل على أن صيغة الأمر مستعملة في طلب الدّوام على الدعوة الإسلامية مع ما انضمّ إلى ذلك من الهداية إلى طرائق الدعوة إلى الدين .
فتضمّنت هذه الآية تثبيت الرسول على الدعوة وأن لا يؤيسه قول المشركين له : { إنما أنت مفتر } [ سورة النحل : 101 ] وقولهم : { إنما يعلّمه بشر } [ سورة النحل : 103 ] ؛ وأن لا يصدّه عن الدعوة أنه تعالى لا يهدي الذين لا يؤمنون بآيات الله . ذلك أن المشركين لم يتركوا حيلة يحسبونها تثبّط النبي عن دعوته إلا ألقوا بها إليه من : تصريح بالتكذيب ، واستسخار ، وتهديد ، وبذاءة ، واختلاق ، وبهتان ، كما ذلك محكي في تضاعيف القرآن وفي هذه السورة ، لأنهم يجهلون مراتب أهل الاصطفاء ويزنونهم بمعيار موازين نفوسهم ، فحسبوا ما يأتونه من الخزعبلات مثبطاً له وموشكاً لأن يصرفه عن دعوتهم .
وسبيل الربّ : طريقهُ . وهو مجاز لكل عمل من شأنه أن يبلّغ عاملَه إلى رضى الله تعالى ، لأن العمل الذي يحصل لعامله غرض ما يُشبهِ الطريقَ الموصل إلى مكان مقصود ، فلذلك يستعار اسم السبيل لسبب الشيء .
قال القرطبي : إن هذه الآية نزلت بمكّة في وقت الأمر بمهادنة قريش ، أي في مدّة صُلح الحديبية ، وحكى الواحدي عن ابن عباس : أنها نزلت عقِب غزوة أُحد لما أحزن النبي منظرُ المُثلة بحمزة رضي الله عنه وقال : لأقتلنّ مكانه سبعين رجلاً منهم . وهذا يقتضي أن الآية مدنية .
ولا أحسب ما ذكراه صحيحاً . ولعلّ الذي غَرّ مَن رواه قوله : { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } [ النحل : 126 ] كما سيأتي ، بل موقع الآية متّصل بما قبله غير محتاج إلى إيجاد سبب نزول .
وإضافة { سبيل } إلى { ربك } باعتبار أن الله أرشد إليه وأمر بالتزامه . وهذه الإضافة تجريد للاستعارة . وصار هذا المركب علماً بالغلبة على دين الإسلام ، كما في قوله تعالى : { إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدّوا عن سبيل الله } [ سورة الأنفال : 36 ] ، وهو المراد هنا ، وفي قوله عقبه { إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله } [ سورة النحل : 125 ] .
ويطلق سبيل الله علماً بالغلبة أيضاً على نصرة الدين بالقتال كما في قوله تعالى : { وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله } [ سورة التوبة : 41 ] .
والباء في قوله : بالحكمة } للملابسة ، كالباء في قول العرب للمعرّس : بالرفاء والبنين ، بتقدير : أعرست ، يدل عليه المقام ، وهي إما متعلقة ب { ادع } ، أو في موضع الحال من ضمير { ادع } .
وحذف مفعول ادع } لقصد التعميم ، أو لأن الفعل نزل منزلة اللازم ، لأن المقصود الدوام على الدعوة لا بيان المدعوين ، لأن ذلك أمر معلوم من حال الدعوة .
ومعنى الملابسة يقتضي أن لا تخلو دعوته إلى سبيل الله عن هاتين الخصلتين : الحكمة ، والموعظة الحسنة .
فالحكمة : هي المعرفة المُحكمة ، أي الصائبة المجرّدة عن الخطأ ، فلا تطلق الحكمة إلا على المعرفة الخالصة عن شوائب الأخطاء وبقايا الجهل في تعليم الناس وفي تهذيبهم . ولذلك عرّفوا الحكمة بأنها : معرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه بحسب الطاقة البشرية بحيث لا تلتبس على صاحبها الحقائق المتشابهة بعضها ببعض ولا تخطىء في العلل والأسباب . وهي اسم جامع لكل كلام أو علم يراعى فيه إصلاح حال الناس واعتقادهم إصلاحاً مستمراً لا يتغيّر . وقد تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى : { يؤتي الحكمة من يشاء } في سورة البقرة ( 269 ) مفصّلاً فانظره . وتطلق الحكمة على العلوم الحاصلة للأنبياء ، ويرادفها الحكم .
والموعظة } : القول الذي يلين نفس المقول له لعمل الخير . وهي أخصّ من الحكمة لأنها حكمة في أسلوب خاص لإلقائها . وتقدمت عند قوله تعالى : { فأعرض عنهم وعظهم } في سورة النساء ( 63 ) . وعند قوله : { موعظة وتفصيلاً لكل شيء } في سورة الأعراف ( 145 ) .
ووصفها بالحُسْن تحريض على أن تكون ليّنة مقبولة عند الناس ، أي حسنة في جنسها ، وإنما تتفاضل الأجناس بتفاضل الصفات المقصودة منها .
وعطف الموعظة } على «الحكمة» لأنها تغاير الحكمة بالعُموم والخصوص الوجهي ، فإنه قد يسلك بالموعظة مسلك الإقناع ، فمن الموعظة حكمة ، ومنها خطابة ، ومنها جدل .
وهي من حيث ماهيّتها بينها وبين الحكمة العموم والخصوص من وجه ، ولكن المقصود بها ما لا يخرج عن الحكمة والموعظة الحسنة بقرينة تغيير الأسلوب ، إذ لم يعطف مصدر المجادلة على الحكمة والموعظة بأن يقال : والمجادلة بالتي هي أحسن ، بل جيء بفعلها ، تنبيهاً على أن المقصود تقييد الإذن فيها بأن تكون بالتي هي أحسن ، كما قال : { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن } [ سورة العنكبوت : 46 ] .
والمجادلة : الاحتجاج لتصويب رأي وإبطال ما يخالفه أو عمل كذلك . ولما كان ما لقيه النبي من أذى المشركين قد يبعثه على الغلظة عليهم في المجادلة أمره الله بأن يجادلهم بالتي هي أحسن . وتقدمت قريباً عند قوله : { تجادل عن نفسها } [ سورة النحل : 111 ] . وتقدمت من قبل عند قوله : { ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم } في سورة النساء ( 107 ) . والمعنى : إذا ألجأتك الدعوة إلى محاجّة المشركين فحاججهم بالتي هي أحسن .
والمفضل عليه المحاجّة الصادرة منهم ، فإن المجادلة تقتضي صدور الفعل من الجانبين ، فعلم أن المأمور به أن تكون المحاجّة الصادرة منه أشدّ حسناً من المحاجّة الصادرة منهم ، كقوله تعالى : { ادفع بالتي هن أحسن } [ سورة المؤمنون : 96 ] .
ولما كانت المجادلة لا تكون إلا مع المعارضين صرّح في المجادلة بضمير جمع الغائبين المراد منه المشركون ، فإن المشركين متفاوتون في كيفيات محاجتهم ، فمنهم من يحاجّ بلين
، مثل ما في الحديث : أن النبي قرأ القرآن على الوليد بن المغيرة ثم قال له : هل ترى بما أقول بأساً قال : لا والدماء .
وقرأ النبي القرآن على عبد الله بن أُبيّ ابن سَلول في مجلس قومه ، فقال عبد الله بن أبي : أيها المرء إن كان ما تقول حقاً فاجلس في بيتك فمن جاءك فحدّثه إيّاه ومن لم يأتك فلا تغتّه ولا تأته في مجلسه بما يكره منه .
وتصدّي المشركين لمجادلة النبي تكرّر غير مرّة . ومن ذلك ما روي عن ابن عباس : أنه لما نزل قوله تعالى : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } [ سورة الأنبياء : 98 ] الآية ، قال عبد الله الزِّبَعْرَى : لأخصُمَنّ محمداً ، فجاءه فقال : يا محمد قد عُبد عيسى ، وعُبدتتِ الملائكة فهل هم حصب لجهنّم؟ فقال النبي : اقرأ ما بعدُ { إن الذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون } [ سورة الأنبياء : 101 ] . أخرجه ابن المنذر وابن مردويه والطبراني ، وأبو داود في كتاب الناسخ والمنسوخ .
وقُيدت الموعظة بالحسنة ولم تقيد الحكمة بمثل ذلك لأن الموعظة لما كان المقصود منها غالباً ردع نفس الموعوظ عن أعماله السيئة أو عن توقّع ذلك منه ، كانت مظّنة لصدور غلظة من الواعظ ولحصول انكسار في نفس الموعوظ ، أرشد الله رسوله أن يتوخّى في الموعظة أن تكون حسنة ، أي بِإلانَة القول وترغيب الموعوظ في الخير ، قال تعالى خطاباً لموسى وهارون : { اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً ليّناً لعلّه يتذكّر أو يخشى } [ سورة طه : 43 ] وفي حديث الترمذي عن العرباض بن سارية أنه قال : وعظَنا رسولُ الله موعظة وجِلَت منها القلوب وذَرَفَتْ منها العيون الحديث .
وأما الحكمة فهي تعليم لمتطلبي الكمال من معلّم يهتمّ بتعليم طلابه فلا تكون إلا في حالة حسنة فلا حاجة إلى التنبيه على أن تكون حسنة .
والمجادلة لما كانت محاجة في فعل أو رأي لقصد الإقناع بوجه الحقّ فيه فهي لا تعدو أن تكون من الحكمة أو من الموعظة ، ولكنها جعلت قسيماً لهما هنا بالنظر إلى الغرض الداعي إليها .
وإذ قد كانت مجادلة النبي لهم من ذيول الدعوة وُصفت بالتي هي أحسن كما وصفت الموعظة بالحسنة ، وقد كان المشركون يجادلون النبي قصداً لإفحامه ، وتمويهاً لتغليطه نبّه الله على أسلوب مجادلة النبي إيّاهم استكمالاً لآداب وسائل الدعوة كلها . فالضمير في وجادلهم } عائد إلى المشركين بقرينة المقام لظهور أن المسلمين لا يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم ولكن يتلقّون منه تلقّي المستفيد والمسترشد . وهذا موجب تغيير الأسلوب بالنسبة إلى المجادلة إذ لم يقل : والمجادلةِ الحسنة ، بل قال : { وجادلهم } ، وقال تعالى أيضاً : { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن } .[ سورة العنكبوت : 46 ] .

ويندرج في التي هي أحسن ردّ تكذيبهم بكلام غير صريح في إبطال قولهم من الكلام الموجّه ، مثل قوله تعالى { وإنّا أو إيّاكم لعلى هدى أو في ضلال مبين } [ سورة سبأ : 24 ] ، وقوله : { وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون } [ سورة الحج : 68 ] .
والآية تقتضي أن القرآن مشتمل على هذه الطرق الثلاثة من أساليب الدعوة ، وأن الرسول إذا دعا الناس بغير القرآن من خطبه ومواعظه وإرشاده يسلك معهم هذه الطرق الثلاثة . وذلك كله بحسب ما يقتضيه المقام من معاني الكلام ومن أحوال المخاطبين من خاصّة وعامّة .
وليس المقصود لزوم كون الكلام الواحد مشتملاً على هذه الأحوال الثلاثة؛ بل قد يكون الكلام حكمة مشتملاً على غِلظة ووعيد وخالياً عن المجادلة . وقد يكون مجادلة غير موعظة ، كقوله تعالى : ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرّم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض .
وكقول النبي إنك لتأكل المِرباع وهو حرام في دينك ، قاله لعديّ بن حاتم وهو نصراني قبلَ إسلامه .

ومن الإعجاز العلمي في القرآن أن هذه الآية جمعت أصول الاستدلال العقلي الحقّ ، وهي البرهان والخطابة والجَدل المعبّر عنها في علم المنطق بالصناعات وهي المقبولة من الصناعات . وأما السفسطة والشعر فيَرْبَأُ عنهما الحكماء الصادقون بله الأنبياء والمرسلين .
قال فخر الدين : إن الدعوة إلى المذهب والمقالةِ لا بدّ من أن تكون مبنيّة على حُجّة . والمقصود من ذكر الحجّة إما تقرير ذلك المذهب وذلك الاعتقاد في قلوب السامعين ، وإما إلزام الخصم وإفحامُه .
أما القسم الأول فينقسم إلى قسمين لأن تلك الحجّة إما أن تكون حُجّة حقيقية يقينية مبرأة من احتمال النقيض ، وإما أن لا تكون كذلك بل تكون مفيدة ظناً ظاهراً وإقناعاً ، فظهر انحصار الحجج في هذه الأقسام الثلاثة :
أولها : الحجّة المفيدة للعقائد اليقينية وذلك هو المسمّى بالحكمة .
وثانيها : الأمارات الظنّية وهي الموعظة الحسنة .
وثالثها : الدلائل التي القصد منها إفحام الخصم وذلك هو الجَدل .
وهو على قسمين ، لأنه : إما أن يكون مركّباً من مقدّمات مسلّمة عند الجمهور وهو الجدل الواقع على الوجه الأحسن ، وإما أن يكون مركّباً من مقدّمات باطلة يحاول قائلها ترويجها على المستمعين بالحيل الباطلة . وهذا لا يليق بأهل الفضل» ا ه .
وهذا هو المدعو في المنطق بالسفسطة ، ومنه المقدمات الشعرية وهي سفسطة مزوّقة .
والآية جامعة لأقسام الحجّة الحقّ جمعاً لمواقع أنواعها في طرق الدعوة ، ولكن على وجه التّداخل ، لا على وجه التباين والتقسيم كما هو مصطلح المنطقيين ، فإن الحجج الاصطلاحية عندهم بعضها قسيم لبعض ، فالنسبة بينها التبايُن . أما طرق الدعوة الإسلامية فالنسبة بينها العموم والخصوص المطلق أو الوجهي . وتفصيله يخرج بنا إلى تطويل ، وذهنك في تفكيكها غير كليل .
فإلى الحكمة ترجع صناعة البرهان لأنه يتألف من المقدمات اليقينية وهي حقائق ثابتة تقتضي حصول معرفة الأشياء على ما هي عليه .
وإلى الموعظة ترجع صناعة الخطابة لأن الخطابة تتألف من مقدّمات ظنّية لأنها مراعى فيها ما يغلب عند أهل العقول المعتادة . وكفى بالمقبولات العادية موعظة . ومثالها من القرآن قوله تعالى { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلا } [ سورة النساء : 22 ] فقوله : { ومقتاً } أشار إلى أنّهم كانوا إذا فعلوه في الجاهلية يُسمونه نكاح المَقت ، فأجري عليه هذا الوصف لأنه مُقنع بأنه فاحشة ، فهو استدلال خطابي .
وأما الجدل فما يورد في المناظرات والحجاج من الأدّلة المسلّمة بين المتحاجَيْن أو من الأدّلة المشهورة ، فأطلق اسم الجدل على الاستدلال الذي يروج في خصوص المجادلة ولا يلتحق بمرتبة الحكمة . وقد يكون مما يُقبل مثله في الموعظة لو ألقي في غير حال المجادلة . وسمّاه حكماء الإسلام جدلاً تقريباً للمعنى الذي يطلق عليه في اللغة اليونانية .انتهى .
 
جزاكم الله خيراً إخوتي جميعاً
كلام الأخ طارق بظهور الفساد
ذكرني بكلام الإمام الغزالي في الإحياء:
" والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، وهو المَهمَ الذي ابتعث االله له النبيين أجمعين، ولو طوي بساطه وأهمل علمه؛ لتعطلـت النبـوة، واضـمحلت الديانـة، وعمـت الفـترة، وفـشت الـضلالة، وشـاعت الجهالـة، واستـشرى الفـساد.. ويـدل عـلى ذلـك (أي وجوبـه) إجمـاع الأمـة عليه، وإشارات العقول السليمة، والآيات، والأخبار، والآثار ".
 
وكلامك ذكرني اخي عبد الرحيم بجانب آخر لماقبل الإسلام حكاه ابن تيمية في مقطع نفيس من بداية كتابه(اقتضاء الصراط المستقيم) وكيف انه وقتذاك لم يكن هناك الا فساد الأديان والفلسفات.
ان سمح الوقت سأحاول وضعه هنا ان شاء الله.
 
النص من كتاب اقتضاء الصراط المستقيم
اعلم أن الله سبحانه وتعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الخلق وقد مقت أهل الأرض عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ماتوا أو أكثرهم قبل مبعثه. والناس إذ ذاك أحد رجلين إما كتابي معتصم بكتاب إما مبدل وإما منسوخ أو بدين دارس بعضه مجهول وبعضه متروك وإما أمي من عربي وعجمي مقبل على عبادة ما استحسنه وظن أنه ينفعه من نجم أو وثن أو قبر أو تمثال أو غير ذلك والناس في جاهلية جهلاء من مقالات يظنونها علما وهي جهل وأعمال يحسبونها صلاحا وهي فساد .وغاية البارع منهم علما وعملا أن يحصل قليلا من العلم الموروث عن الأنبياء المتقدمين مشوب بأهواء المبدلين والمبتدعين قد اشتبه عليهم حقه بباطله أو يشتغل بعمل القليل منه مشروع وأكثره مبتدع لا يكاد يؤثر في صلاحه إلا قليلا أو أن يكدح بنظره كدح المتفلسفة فتذوب مهجته في الأمور الطبيعية والرياضية وإصلاح الأخلاق حتى يصل إن وصل بعد الجهد الذي لا يوصف إلى نزر قليل مضطرب لا يروي غليلا ولا يشفي عليلا ولا يغني من العلم الإلهي شيئا باطله أضعاف حقه إن حصل وأنى له ذلك مع كثرة الاختلاف بين أهله والاضطراب وتعذر الأدلة عليه والأسباب. فهدى الله الناس ببركة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من البينات والهدى هداية جلت عن وصف الواصفين وفاقت معرفة العارفين حتى حصل لأمته المؤمنين به عموما ولأولي العلم منهم خصوصا من العلم النافع والعمل الصالح والأخلاق العظيمة والسنن المستقيمة ما لو جمعت حكمة سائر الأمم علما وعملا الخالصة من كل شوب إلى الحكمة التي بعث بها لتفاوتتا تفاوتا يمنع معرفة قدر النسبة بينهما فلله الحمد كما يحب ربنا ويرضى . ودلائل هذا وشواهده ليس هذا موضعها . ثم إنه سبحانه بعثه بدين الإسلام الذي هو الصراط المستقيم وفرض على الخلق أن يسألوه هدايته كل يوم مرارا في صلاتهم ووصفه بأنه صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين غير المغضوب عليهم ولا الضالين
 
وقد نبه شيخ الإسلام إلى أن مهمة العالم ليست تبليغ الدين بل حفظ رايته أيضاً
قال في مجموع الفتاوى 18 / 178: " " فالمُرْصِدُوْن للعلم، عليهم للأمة حفظ علم الدين ، وتبليغه. فإذا لم يُبلِّغوهم علم الدين، أو ضيَّعوا حفظه، كان ذلك من أعظم الظلم للمسلمين، ولهذا قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [البقرة: 159] فإن ضرر كتمانهم تعدى إلى البهائم وغيرها، فلعنهم اللاعنون حتى البهائم ".
 
عودة
أعلى