سعيد محمود أحمد
New member
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
هذه قراءة مختلفة في قوله تعالى في وصف فرعون لموسى عليه السلام: "هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ".
استبان لفرعون وقومه أن موسى من أصحاب البيان وقوة الحجة، وكسب جولة المناظرات العلنية، وما كان من فرعون إلا: "وَنَادَىٰ فِرۡعَوۡنُ فِی قَوۡمِهِۦ قَالَ یَـٰقَوۡمِ أَلَیۡسَ لِی مُلۡكُ مِصۡرَ وَهَـٰذِهِ ٱلۡأَنۡهَـٰرُ تَجۡرِی مِن تَحۡتِیۤۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوۡلَاۤ أُلۡقِیَ عَلَیۡهِ أَسۡوِرَةࣱ مِّن ذَهَبٍ أَوۡ جَاۤءَ مَعَهُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ مُقۡتَرِنِینَ * فَٱسۡتَخَفَّ قَوۡمَهُۥ فَأَطَاعُوهُۚ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ قَوۡمࣰا فَـٰسِقِینَ".
*
أراد فرعون بذلك الطعن في نسب موسى عليه السلام ومعايرته؛ فقال لقومه: "أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ"؛ أي: لا يعرف له أصل ولا فصل، من قولهم: هو هَيَّان بن بَيَّان: لمن لا يُعرفُ أصلُه:
جاء في لسان العرب لابن منظور:
... هَيُّ بن بَيّ، وهَيَّانُ بن بَيّانَ: لا يُعرف هو ولا يُعرف أَبوه. يقال: ما أَدري أَيُّ هَيِّ بن بَيٍّ هو، معناه أَي أَيُّ الخَلْقِ هو.
قال ابن بري: ويقال في النسب عَمرو بن الحرثِ بن مُضاض بن هَيِّ بن بَيِّ ابن جُرْهُم، وقيل: هَيَّانُ بن بَيَّانَ، كما تقول طامِرُ ابن طامِر لمن لا يُعْرَف ولا يُعرف أَبوه، وقيل: هيّ بن بيٍّ كان من ولد آدم فانقرض نسله، وكذلك هَيَّانُ بن بَيَّانَ. قال ابن الأَعرابي: هو هَيُّ بن بَيٍّ، وهَيَّانُ بن بَيَّانَ، وبَيُّ بن بَيٍّ، يقال ذلك للرجل إِذا كان خَسِيساً؛ وأَنشد ابن بري:
فأَقْعَصَتْهُمْ وحَطَّتْ بَرْكَها بِهِمُ،
وأَعْطَتِ النَّهْبَ هَيَّانَ بنَ بَيَّانِ
... انتهى.
في قصة موسى:
جاء ذكر الأخ، وذكر الأخت، وذكر الأم، ولم يأت ذكر للأب مطلقا، وكأن لسان مقال فرعون يقول لموسى عليه السلام: أخذناك لقيطا: "فَٱلۡتَقَطَهُۥۤ ءَالُ فِرۡعَوۡنَ"، وربيناك في حجرنا وليدا: "قَالَ أَلَمۡ نُرَبِّكَ فِینَا وَلِیدࣰا وَلَبِثۡتَ فِینَا مِنۡ عُمُرِكَ سِنِینَ"؛ ظنا منه أن الطعن في نسب موسى ورميه بالخسة والوضاعة وقلة الأصل، أقوى من الطعن في لسانه من جهة الفصاحة والبيان، وكان السياق من جانب فرعون للمفاخرة بالملك والجاه والمال.
*
تلتقي مهين مع هيان، وتلتقى يبين مع بيان في حروفها ودلالتها.
قرئ في غير المتواتر: يَبين بفتح الياء من الظهور والوضوح:
"وقَرَأ اَلْباقِرُ رَضِيَ اَللَّهُ تَعالى عَنْهُ (يَبِينُ) بِفَتْحِ اَلْياءِ مِن بانَ إذا ظَهَرَ".
روح المعاني للآلوسي. وهذا الوجه في القراءة يستأنس به في الوجه الذي حُمل عليه معنى: مهين ولا يكاد يبين، أي: لا يعرف له أصل ظاهر يقطع به في زعم فرعون وملإه.
والله أعلم.
الحمد لله رب العالمين.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
هذه قراءة مختلفة في قوله تعالى في وصف فرعون لموسى عليه السلام: "هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ".
استبان لفرعون وقومه أن موسى من أصحاب البيان وقوة الحجة، وكسب جولة المناظرات العلنية، وما كان من فرعون إلا: "وَنَادَىٰ فِرۡعَوۡنُ فِی قَوۡمِهِۦ قَالَ یَـٰقَوۡمِ أَلَیۡسَ لِی مُلۡكُ مِصۡرَ وَهَـٰذِهِ ٱلۡأَنۡهَـٰرُ تَجۡرِی مِن تَحۡتِیۤۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوۡلَاۤ أُلۡقِیَ عَلَیۡهِ أَسۡوِرَةࣱ مِّن ذَهَبٍ أَوۡ جَاۤءَ مَعَهُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ مُقۡتَرِنِینَ * فَٱسۡتَخَفَّ قَوۡمَهُۥ فَأَطَاعُوهُۚ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ قَوۡمࣰا فَـٰسِقِینَ".
*
أراد فرعون بذلك الطعن في نسب موسى عليه السلام ومعايرته؛ فقال لقومه: "أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ"؛ أي: لا يعرف له أصل ولا فصل، من قولهم: هو هَيَّان بن بَيَّان: لمن لا يُعرفُ أصلُه:
جاء في لسان العرب لابن منظور:
... هَيُّ بن بَيّ، وهَيَّانُ بن بَيّانَ: لا يُعرف هو ولا يُعرف أَبوه. يقال: ما أَدري أَيُّ هَيِّ بن بَيٍّ هو، معناه أَي أَيُّ الخَلْقِ هو.
قال ابن بري: ويقال في النسب عَمرو بن الحرثِ بن مُضاض بن هَيِّ بن بَيِّ ابن جُرْهُم، وقيل: هَيَّانُ بن بَيَّانَ، كما تقول طامِرُ ابن طامِر لمن لا يُعْرَف ولا يُعرف أَبوه، وقيل: هيّ بن بيٍّ كان من ولد آدم فانقرض نسله، وكذلك هَيَّانُ بن بَيَّانَ. قال ابن الأَعرابي: هو هَيُّ بن بَيٍّ، وهَيَّانُ بن بَيَّانَ، وبَيُّ بن بَيٍّ، يقال ذلك للرجل إِذا كان خَسِيساً؛ وأَنشد ابن بري:
فأَقْعَصَتْهُمْ وحَطَّتْ بَرْكَها بِهِمُ،
وأَعْطَتِ النَّهْبَ هَيَّانَ بنَ بَيَّانِ
... انتهى.
في قصة موسى:
جاء ذكر الأخ، وذكر الأخت، وذكر الأم، ولم يأت ذكر للأب مطلقا، وكأن لسان مقال فرعون يقول لموسى عليه السلام: أخذناك لقيطا: "فَٱلۡتَقَطَهُۥۤ ءَالُ فِرۡعَوۡنَ"، وربيناك في حجرنا وليدا: "قَالَ أَلَمۡ نُرَبِّكَ فِینَا وَلِیدࣰا وَلَبِثۡتَ فِینَا مِنۡ عُمُرِكَ سِنِینَ"؛ ظنا منه أن الطعن في نسب موسى ورميه بالخسة والوضاعة وقلة الأصل، أقوى من الطعن في لسانه من جهة الفصاحة والبيان، وكان السياق من جانب فرعون للمفاخرة بالملك والجاه والمال.
*
تلتقي مهين مع هيان، وتلتقى يبين مع بيان في حروفها ودلالتها.
قرئ في غير المتواتر: يَبين بفتح الياء من الظهور والوضوح:
"وقَرَأ اَلْباقِرُ رَضِيَ اَللَّهُ تَعالى عَنْهُ (يَبِينُ) بِفَتْحِ اَلْياءِ مِن بانَ إذا ظَهَرَ".
روح المعاني للآلوسي. وهذا الوجه في القراءة يستأنس به في الوجه الذي حُمل عليه معنى: مهين ولا يكاد يبين، أي: لا يعرف له أصل ظاهر يقطع به في زعم فرعون وملإه.
والله أعلم.