ما دمتَ تريد المتبادر للذهن وهو المدح المعرَّف بالثناء قصداً على الجميل الاختياري كما في التعريفات, أو حسن الثناءفإن هذا النوع فيما أحسب والعلم عند الله تعالى لا يكون في القرآن وذلك لأن المدح على هذا الوجه الذي تسال أنت عنه في القرآن يقتضي التعظيم والرضى والمحبة - هذا إن كان المدح من الله لغيره, اما مدح المخلوق للمخلوق فهو يقتضي التعظيم دون المحبة لورود دخول المجاملة والطمع والملق والتزلف فيه, والذي يعنينا هو الأول..
وما دام الأمر كذلك فإن الله أنزل القرآن لبيان طريق الحق وحمل الناس على سلوكه بالثناء على أهله, وبيان طرق الغواية وذم أهلها وحملهم على الابتعاد عن مقاربتها, وهذا يقتضي أن لايمدح سالكوا هذه السبل المفضية إلى سخط الله لما في ذلك من إغراء لسامع هذا المدح على مشابهتهم تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
وختاماً قال الله تعالى (إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم)
قال ابن كثير رحمة الله عليه وغيره من المفسرين : ( أي يثني عليهم ويمدحهم)1/280
وقال القرطبي (وقال الزجاج : لا يثنى عليهم خيرا ولا يسميهم أزكياء )2/230
وقال البغوي (أي : لا يثني عليهم بالجميل)1/57
أما آيات ذمهمفاكثر من أن تحصر وتعد, منها قول الله (أو لئك هم شر البرية)
وقول الله (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً)
وقول الله (أولئك كالأنعام بل هم أضل)
بل إن الله تعالى لا يثني على مرتكبي ما هو دون الكفر من الكبائر والموبقات مع ما في قلوبهم من إيمان, وإن قلَّ, كا في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها رضي وإن لم يعطه منها سخط ورجل أقام سلعته بعد العصر فقال والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا فصدقه رجل ثم قرأ هذه الآية إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا)
والله تعالى أعلمم ونسبة العلم إليه أحكم وأسلم