هل يصح هذا التفسير ؟

إنضم
22/02/2004
المشاركات
324
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
مصر
الموقع الالكتروني
www.geocities.com
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،،

ذكر المفسرون في تفسيرهم قوله تعالى : "واضرب لهم مثلاً اصحاب القرية اذ جاءها المرسلون . اذ ارسلنا اليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا انا اليكم مرسلون" ( سورة يس :13-14) أن المرسلون هنا هم حواريي المسيح عليه السلام و أن المرسل هو المسيح . . .

قال البغوي :
" إذ أرسلنا إليهم اثنين " قال وهب : اسمهما يوحنا وبولس، " فكذبوهما فعززنا "، يعني: فقوينا، " بثالث "، برسول ثالث وهو شمعون، وقرأ أبو بكر عن عاصم: (( فعززنا )) بالتخفيف وهو بمعنى الأول كقولك: شددنا وشددنا، بالتخفيف والتثقيل، وقيل: فغلبنا، من قولهم: من عز بز. وقال كعب : الرسولان: صادق وصدوق، والثالث شلوم، وإنما أضاف الله الإرسال إليه لأن عيسى عليه السلام إنما بعثهم بأمره تعالى، " فقالوا " جميعاً لأهل أنطاكية، " إنا إليكم مرسلون ".

قال القرطبي :
قوله تعالى: "واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون " خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، أمر أن يضرب لقومه مثلا بأصحاب القرية هذه القرية هي أنطاكية في قول جميع المفسرين فيما ذكر الماوردي. نسبت إلى أهل أنطبيس وهو اسم الذي بناها ثم غير لما عرب؛ ذكره السهيلي. ويقال فيها: أنتاكية بالتاء بدل الطاء. وكان بها فرعون يقال له أنطيخس بن أنطيخس يعبد الأصنام؛ ذكره المهدوي، وحكاه أبو جعفر النحاس عن كعب ووهب. فأرسل الله إليه ثلاثة: وهم صادق، وصدوق، وشلوم هو الثالث. هذا قول الطبري. وقال غيره: شمعون ويوحنا. وحكى النقاش: سمعان ويحيى، ولم يذكرا صادقا ولا صدوقا. ويجوز أن يكون "مثلا " و "أصحاب القرية " مفعولين لأضرب، أو "أصحاب القرية " بدلا من "مثلا " أي اضرب لهم مثل أصحاب القرية فحذف المضاف. أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإنذار هؤلاء المشركين أن ما يحل بهم ما حل بكفار أهل القرية المبعوث إليهم ثلاثة رسل. قيل: رسل من الله على الابتداء. وقيل: إن عيسى بعثهم إلى أنطاكية للدعاء إلى الله. وهو قوله تعالى: "إذ أرسلنا إليهم اثنين " أضاف الرب ذلك إلى نفسه؛ لأن عيسى أرسلهما بأمر الرب، وكان ذلك حين رفع عيسى إلى السماء.

و قال الشوكاني في قتح القدير :
والمرسلون: هم أصحاب عيسى بعثهم إلى أهل أنطاكية للدّعاءإلى الله، فأضاف الله سبحانه الإرسال إلى نفسه في قوله: {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ }، لأن عيسى أرسلهم بأمر الله سبحانه، ويجوز: أن يكون الله أرسلهم بعد رفع عيسى إلى السماء، فكذبوهما في الرسالة، وقيل: ضربوهما، وسجنوهما. قيل: واسم الاثنين يوحنا، وشمعون. وقيل: أسماء الثلاثة: صادق، ومصدوق، وشلوم قاله ابن جرير، وغيره. وقيل: سمعان، ويحيـى، وبولس .

فهل يصح هذا الفهم للآيات؟؟؟
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تيسير الكريم الرحمن في تفسير هذه الآيات:

وتعيين تلك القرية لو كان فيه فائدة لعينها الله ، فالتعرض لذلك وما أشبهه من باب التكلف والتكلم بلا علم، ولهذا إذا تكلم أحد في مثل هذا تجد عنده من الخبط والخلط والاختلاف الذي لا يستقر له قرار، ما تعرف به أن طريق العلم الصحيح، الوقوف مع الحقائق وترك التعرض لما لا فائدة فيه وبذلك تزكو النفس ويزيد العلم من حيث يظن الجاهل أن زيادته بذكر الأقوال التي لا دليل عليها ولا حجة عليها ولا يحصل منها إلا تشويش الذهن واعتياد الأمور المشكوك فيها. انتهى من كلامه

وقال الإمام الطبري رحمه الله:

القول في تأويل قوله تعالى : { واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون } يقول تعالى ذكره : ومثل يا محمد لمشركي قومك مثلا أصحاب القرية - ذكر أنها أنطاكية , { إذ جاءها المرسلون } اختلف أهل العلم في هؤلاء الرسل , وفيمن كان أرسلهم إلى أصحاب القرية , فقال بعضهم : كانوا رسل عيسى ابن مريم , وعيسى الذي أرسلهم إليهم . ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة { واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث } قال : ذكر لنا أن عيسى ابن مريم بعث رجلين من الحواريين إلى أنطاكية مدينة بالروم فكذبوهما , فأعزهما بثالث , { فقالوا إنا إليكم مرسلون }

حدثنا ابن بشار , قال : ثنا يحيى وعبد الرحمن , قالا : ثنا سفيان , قال : ثني السدي , عن عكرمة { واضرب لهم مثلا أصحاب القرية } قال : أنطاكية

وقال آخرون : بل كانوا رسلا أرسلهم الله إليهم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , قال : ثنا ابن إسحاق , فيما بلغه , عن ابن عباس , وعن كعب الأحبار , وعن وهب بن منبه , قال : كان بمدينة أنطاكية , فرعون من الفراعنة يقال له أبطيحس بن أبطيحس يعبد الأصنام , صاحب شرك , فبعث الله المرسلين , وهم ثلاثة : صادق , ومصدوق , وسلوم , فقدم إليه وإلى أهل مدينته , منهم اثنان فكذبوهما , ثم عزز الله بثالث ; فلما دعته الرسل ونادته بأمر الله , وصدعت بالذي أمرت به , وعابت دينه , وما هم عليه , قال لهم : { إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم }

انتهى من كلام الإمام الطبري


قلت: الأثر الأول حسن الإسناد وأما الثاني فصحيح الإسناد والثالث ضعيف لعدم ذكر الرواة بين ابن إسحاق وبين من روى عنهم.

وقال الحافظ ابن كثير في تفسيرالآيات (26-29) من سورة (يس):

وقد تقدم عن كثير من السلف أن هذه القرية هي أنطاكية وأن هؤلاء الثلاثة كانوا رسلا من عند المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام كما نص عليه قتادة وغيره وهو الذي لم يذكر عن واحد من متأخري المفسرين غيره وفي ذلك نظر من وجوه " أحدها " أن ظاهر القصة يدل على أن هؤلاء كانوا رسل الله عز وجل لا من جهة المسيح عليه السلام كما قال تعالى : " إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون - إلى أن قالوا - ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون وما علينا إلا البلاغ المبين " ولو كان هؤلاء من الحواريين لقالوا عبارة تناسب أنهم من عند المسيح عليه السلام والله تعالى أعلم ثم لو كانوا رسل المسيح لما قالوا لهم " إن أنتم إلا بشر مثلنا " الثاني " أن أهل أنطاكية آمنوا برسل المسيح إليهم وكانوا أول مدينة آمنت بالمسيح ولهذا كانت عند النصارى إحدى المدائن الأربعة اللاتي فيهن بتاركة وهن القدس لأنها بلد المسيح وأنطاكية لأنها أول بلدة آمنت بالمسيح عن آخر أهلها والإسكندرية لأن فيها اصطلحوا على اتخاذ البتاركة والمطارنة والأساقفة والقساوسة والشمامسة والرهابين . ثم رومية لأنها مدينة الملك قسطنطين الذي نصر دينهم وأوطده ولما ابتنى القسطنطينية نقلوا البترك من رومية إليها كما ذكره غير واحد ممن ذكر تواريخهم كسعيد بن بطريق وغيره من أهل الكتاب والمسلمين فإذا تقرر أن أنطاكية أول مدينة آمنت فأهل هذه القرية ذكر الله تعالى أنهم كذبوا رسله وأنه أهلكهم بصيحة واحدة أخمدتهم والله أعلم . " الثالث " أن قصة أنطاكية مع الحواريين أصحاب المسيح بعد نزول التوراة وقد ذكر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وغير واحد من السلف أن الله تبارك وتعالى بعد إنزاله التوراة لم يهلك أمة من الأمم عن آخرهم بعذاب يبعثه عليهم بل أمر المؤمنين بعد ذلك بقتال المشركين ذكروه عند قوله تبارك وتعالى :" ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى " فعلى هذا يتعين أن هذه القرية المذكورة في القرآن قرية أخرى غير أنطاكية كما أطلق ذلك غير واحد من السلف أيضا أو تكون أنطاكية إن كان لفظها محفوظا في هذه القصة مدينة أخرى غير هذه المشهورة المعروفة فإن هذه لم يعرف أنها أهلكت لا في الملة النصرانية ولا قبل ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم فأما الحديث الذي رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني حدثنا الحسين بن إسحاق التستري حدثنا الحسين بن أبي السري العسقلاني حدثنا حسين الأشقر حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " السبق ثلاثة : فالسابق إلى موسى عليه الصلاة والسلام يوشع بن نون والسابق إلى عيسى عليه الصلاة والسلام صاحب يس والسابق إلى محمد صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه " فإنه حديث منكر لا يعرف إلا من طريق حسين الأشقر وهو شيعي متروك والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب . انتهى من كلام الحافظ ابن كثير
 
الأخ الكريم الدكتور هشام عزمي
ما ذكره الأخ أبو بكر عن الشيخ السعدي هو القاعدة المثلى في المبهمات في القرآن ، لكن ما الذي يشكل على تحديد الأسماء عندك ، فالآيات واضحة بدون تحديد أسماء المرسلين ولا القرية التي أرسلوا لها .
ولو قيل : إنهم من ذكرهم المفسرون فما الذي يشكل ؟
أرجو التكرم بوضع الإشكال الذي خطر لكم .
 
السلام عليكم

أظن أن الدكتورعزمي استبعد كون المرسلين المذكورين من حواريي عيسى عليه الصلاة والسلام لأن ظاهر الآية يدل على أنهم من رسل الله .

ولعل قول الإمام البغوي "هذه القرية هي أنطاكية في قول جميع المفسرين فيما ذكر الماوردي" فهم منه الأخ الدكتورأن جميع المفسرين قبلوا القول بأن المرسلين المذكورين هم من أصحاب عيسى
 
صدقت أخي أبو بكر ؛ فالتفسير لا يتفق و ظاهر الآيات و شعرت أثناء قراءته أن المفسرين اعتمدوا هذه الخرافات من أهل الكتاب ثم لووا أعناق الآيات لتناسب هذ الأساطير!!

و للعلم فهذه الروايات لا يعتمدها حتى النصارى فالمشهور عندهم أن المسيح لم ينشر دعوته خارج فلسطين و لم يذهب الحواريون لنشر دين المسيح - أو التكريز ببشارة الملكوت! - لدى غير اليهود إلا بعد رحيله .. فتأمل كم الخرافات التي دسها فسقة أهل الكتاب علينا ليسخروا منا و من علماءنا !!!
و هل يجوز عندنا ان يرسل المسيح الرسل إلى أهل أنطاكية و هو الذي أرسل إلى قومه من اليهود فقط؟؟؟
 
أخي الكريم الدكتور هشام
أحب أن لا تعجل عليَّ في مقالي هذا ، فإني أريد أن نؤسس منهجًا لنقد الأخبار ـ خصوصًا الإسرائيليات ـ ، ولقد أعجبني نظرك النقدي في كون عيسى عليه السلام كان مرسلاً لليهود ، فكيف يبعث برسله إلى أنظاكية ، وهم أهل وثن ؟
هذا جميل جدًّا .
لكن يا أخي الكريم ألا ترى أن المنقول عنه في هذا مثل كعب الأحبار ، وهو من هو في معرفة كتب أهل الكتاب ، وكذا وهب بن منبه .
وهذان الرجلان ثقتان في نقلهما ، وإنما يأتي الخطأ فيما ينقلونه عن أهل الكتاب لا أنهما يتعمدان الكذب أو الخطأ .
وما دام حُكي عنهما فلابدَّ من وجود هذا الخبر عندهم ، وإن لم يقرَّ به المعاصرون منهم ـ إن كان أحدهم قد أنكره ـ فليس كل تاريخهم يعلمون ، ولعلك على خُبْرٍ من أمر المائدة التي لا يعرفون عنها شيئًا ، فما المانع أن يكون من أخبارهم مثل هذا الخبر ؟ مع أني أقرُّ لك بصحة نقدك ، لكن أقول : قد تكون القرية التي أرسل إليها المرسلون غير انطاكية ، وهذا افتراض لا غير .
ثمَّ هل يتغير معنى الآية بحملها على هذا الخبر الذي نقدته أم لا ؟
فإن كان يتغير المعنى ، فإننا بحاجة إلى تحرير قصة الآية ، والعناية بها لكونها تؤثر في فهم المعنى .
وقد قلت لك : إن معنى الآية بيِّن واضح بدون هذه القصة ، ووجودها كعدمها من هذه الجهة .
لكن يبقى بحث تاريخيٌّ ، وهو صحة وقوع هذا الحدث ، والبحث التاريخي له مجال آخر ، وله طريقة أخرى في نقده ، ومنه الجزء الذي أشرتم إليه في نقدكم.
وأحب يا أخي الكريم أن نبتعد عن بعض العبارات ، وأقصد بذلك ( خرافات ) ، فإن المروي عنهم مثل هذا التفسير أعلام فضلاء ، لا يمكن أن نتصور أن تنطلي عليهم الخرافات ، فإن انطلت على واحد ، فكيف تنطلي على جماعات متتالية جيلاً بعد جيل ؟
فالتفسير الذي نقدتموه مروي عن جمع من أعلام الصحابة والتابعين وتابعيهم ؛ كابن عباس وبريدة بن الحصيب وكعب ووهب بن منبه وعكرمة وقتادة والزهري وغيرهم ممن عاصرهم أو جاء بعدهم .
والبحث في هذا الموضوع ذو شجون ، ولا يخفاكم ما ذكره ابن كثير من الخلاف بين العلماء في المراد بالرسل ، وفي القرية التي بُعثوا إليها .
ومقصودي أن هذا الموضوع يحتاج إلى تحرير كما ذكرتم ، وفيه إشكال من الجهة التي إليها أشرتم ، لكن يا حبذا لو تخففنا من بعض العبارات ، ولعل الله يوفق أحدنا لتحرير ذلك ، إنه خير معين .
محبكم / مساعد الطيار .
 
بسم الله . . .

حاشا الله أن أطعن في مسلم موحد ، فما بالك بأئمة أجلاء في مقام وهب بن منبه و كعب الأحبار اللذين شهد لهما الصحابة بالثقة و الأمانة . اعتراضي هو على الروايات التي لا سبيل لتحقيقها أو معرفة صحتها في هذا الزمان أو حتى في زمن رواتها و التي اعتمدها مفسرونا بلا تحقيق و حشوا بها كتبهم !

أنا اتفق معك كل الاتفاق شيخي الجليل و لا اعترض على حرف واحد من كلامك و هذه الروايات لا بد أن يجري عليها قانون روايات أهل الكتاب : فما وافق كتابنا و سنة رسولنا قبلناه و ما خالفهما رفضناه و ما لم يوافق أو يخالف توقفنا فيه و لكن . . .

هل ثبت هذا الكلام سنداً عن ابن عباس؟
هل ثبت عن وهب بن منبه و هو الذي روي عنه روايتان متناقضتان؟؟
هذه روايات عن المسيح و النصارى فهل ينقل كعب الأحبار و وهب بن منبه - و هما إسرائيليان - من كتب النصارى أيضاً ؟؟؟

عموماً هناك كلام نفيس بخصوص هذه الروايات وجدته لدى شيخ الإسلام في الجواب الصحيح ج1 ص251-255 . . .

# الوجه الخامس أنه ليس في القرآن آية تنطق بأن الحواريين رسل الله بل ولا صرح في القرآن بأنه أرسلهم لكن قال في سورة يس { واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون وما علينا إلا البلاغ المبين قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون أأتحذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون إني إذا لفي ضلال مبين إني آمنت بربكم فاسمعون قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون } (يس : 13-30) .

فهذا كلام الله ليس فيه ذكر أن هؤلاء المرسلين كانوا من الحواريين ولا أن الذين أرسلوا إليهم آمنوا بهم وفيه أن هؤلاء القوم الذين أرسل إليهم هؤلاء الثلاثة أنزل الله عليهم صيحة واحدة فإذا هم خامدون .

وقد ذكر طائفة من المفسرين أن هؤلاء كانوا من الحواريين وأن القرية أنطاكية وأن هذا الرجل اسمه حبيب النجار ثم إن بعضهم يقول إن المسيح أرسلهم في حياته لكن المعروف عند النصارى أن أهل إنطاكية آمنوا بالحواريين واتبعوهم لم يهلك الله أهل إنطاكية .

والقرآن يدل على أن الله أهلك قوم هذا الرجل الذي آمن بالرسل . وأيضا فالنصارى يقولون إنما جاءوا إلى أهل إنطاكية بعد رفع المسيح وأن الذين جاءوا كانوا اثنين لم يكن لهما ثالث قيل أحدهما شمعون الصفا والآخر بولص ويقولون إن أهل إنطاكية آمنوا بهم ولا يذكرون حبيب النجار ولا مجيء رجل من أقصى المدينة بل يقولون إن شمعون وبولص دعوا الله حتى أحيا ابن الملك فالأمر المنقول عند النصارى أن هؤلاء المذكورين في القرآن ليسوا من الحواريين وهذا أصح القولين عند علماء المسلمين وأئمة المفسرين وذكروا أن المذكورين في القرآن في سورة يس ليسوا من الحواريين بل كانوا قبل المسيح وسموهم بأسماء غير الحواريين كما ذكر محمد بن إسحاق قال سلمة بن الفضل كان من حديث صاحب يس فيما حدثني محمد بن إسحاق عن ابن عباس وعن كعب وعن وهب بن منبه أنه كان رجلا من أهل إنطاكية وكان اسمه حبيبا وكان يعمل الحرير وكان رجلا سقيما قد أسرع فيه الجذام وكان منزله عند باب من أبواب المدينة يتاجر وكان مؤمنا ذا صدقة يجمع كسبه إذا أمسى فيما يذكرون فيقسمه نصفين فيطعم نصفه عياله ويتصدق بنصفه وكان بالمدينة التي هو بها مدينة إنطاكية فرعون من الفراعنة يقال له إنطخس بن إنطنخس يعبد الأصنام صاحب شرك فبعث الله إليه المرسلين وهم ثلاثة صادق وصدوق وشلوم فقدم الله إليه وإلى أهل المدينة منهم اثنين فكذبوهما ثم عزز الله بالثالث .

وروى الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى { واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث } لكي تكون الحجة عليهم أشد فأتوا أهل القرية فدعوهم إلى الله وحده وعبادته لا شريك له فكذبوهم فأتوا على رجل في ناحية القرية في زرع له فسألهم الرجل ما أنتم قالوا نحن رسل رب العالمين ارسلنا إلى أهل هذه القرية ندعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له قال لهم أتسألون على ذلك أجرا قالوا لا قال فألقى ما في يده ثم أتى أهل المدينة فقال : { يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون }

وهذا القول هو الصواب وأن هؤلاء المرسلين كانوا رسلا لله قبل المسيح وأنهم كانوا قد أرسلوا إلى إنطاكية وآمن بهم حبيب النجار فهم كانوا قبل المسيح ولم تؤمن أهل المدينة بالرسل بل أهلكهم الله تعالى كما أخبر في القرآن ثم بعد هذا عمرت إنطاكية وكان أهلها مشركين حتى جاءهم من جاءهم من الحواريين فآمنوا بالمسيح على أيديهم ودخلوا دين المسيح .

ويقال إن إنطاكية أول المدائن الكبار الذين آمنوا بالمسيح عليه السلام وذلك بعد رفعه إلى السماء ولكن ظن من ظن من المفسرين أن المذكورين في القرآن هم رسل المسيح وهم من الحواريين وهذا غلط لوجوه :

منها أن الله قد ذكر في كتابه أنه أهلك الذين جاءتهم الرسل وأهل إنطاكية لما جاءهم من دعاهم إلى دين المسيح آمنوا ولم يهلكوا .

ومنها أن الرسل في القرآن ثلاثة وجاءهم رجل من أقصى المدينة يسعى والذين جاءوا من أتباع المسيح كانوا اثنين ولم يأتهم رجل يسعى لا حبيب ولا غيره .

ومنها أن هؤلاء جاءوا بعد المسيح فلم يكن الله أرسلهم وهذا كما أن الله ذكر في القرآن أنه أهلك أهل مدين بالظلة لما جاءهم شعيب وذكر في القرآن أن موسى أتاها وتزوج ببنت واحد منها فظن بعض الناس أنه شعيب النبي وهذا غلط عند علماء المسلمين مثل ابن عباس والحسن البصري وابن جريج وغيرهم كلهم ذكروا أن الذي صاهره موسى ليس هو شعيبا النبي وحكى أنه شعيب عمن لا يعرف من العلماء ولم يثبت عن أحد من الصحابة والتابعين كما بسطناه في موضعه

وأهل الكتاب يقرون بأن الذي صاهره موسى ليس هو شعيبا بل رجل من أهل مدين ومنهم من يقول إنها غير مدين التي أهلك الله أهلها والله أعلم .

وكذلك ذكر المفسرون في المرسلين هل أرسلهم الله أو أرسلهم المسيح قولين :

أحدهما أن الله هو الذي أرسلهم .

قال أبو الفرج ابن الجوزي وهذا ظاهر القرآن وهو مروي عن ابن عباس وكعب ووهب بن منبه قال وقال المفسرون في قوله { إن كانت إلا صيحة واحدة } أخذ جبريل بعضادتي باب المدينة وصاح بهم صيحة واحدة فإذا هم ميتون لا يسمع لهم حس كالنار إذا أطفئت وذلك قوله { فإذا هم خامدون } أي ساكنون كهيئة الرماد الخامد .

ومعلوم عند الناس أن أهل إنطاكية لم يصبهم ذلك بعد مبعث المسيح بل آمنوا قبل أن يبدل دينه وكانوا مسلمين مؤمنين به على دينه إلى أن تبدل دينه بعد ذلك ومما يبين ذلك أن المعروف عند أهل العلم أنه بعد نزول التوراة لم يهلك الله مكذبي الأمم بعذاب من السماء يعمهم كما أهلك قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وفرعون وغيرهم بل أمر المؤمنين بجهاد الكفار كما أمر بني إسرائيل على لسان موسى بقتال الجبابرة وهذه القرية أهلك الله أهلها بعذاب من السماء فدل ذلك على أن هؤلاء الرسل المذكورين في يس كانوا قبل موسى عليه السلام وأيضا فإن الله لم يذكر في القرآن رسولا أرسله غيره وإنما ذكر الرسل الذين أرسلهم هو وأيضا فإنه قال { إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث } فأخبر أنه أرسلهم كما أخبر أنه أرسل نوحا وموسى وغيرهما وفي الآية { قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء } ومثل هذا هو خطاب المشركين لمن قال إن الله أرسله وأنزل عليه الوحي لا لمن جاء رسولا من عند رسول وقد قال بعد هذا { يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون } وهذا إنما هو في الرسل الذين جاءوهم من عند الله لا من عند رسله وأيضا فإن الله ضرب هذا مثلا لمن أرسل إليه محمدا يحذرهم أن ينتقم الله منهم كما انتقم من هؤلاء ومحمد إنما يضرب له المثل برسول نظيره لا بمن أصحابه أفضل منهم فإن أبا بكر وعمر وعثمان وعليا أفضل من الحواريين باتفاق علماء المسلمين ولم يبعث الله بعد المسيح رسولا بل جعل ذلك الزمان زمان فترة كقوله { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل } وأيضا فإنه قال تعالى { إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا } ولو كانوا رسل رسول لكان التكذيب لمن أرسلهم ولم يكن في قولهم إن أنتم إلا بشر مثلنا شبهة فإن أحدا لا ينكر أن يكون رسل رسل الله بشرا وإنما أنكروا أن يكون رسول الله بشرا وأيضا فلو كان التكذيب لهما وهما رسل الرسول لأمكنهما أن يقولا فأرسلوا إلى من أرسلنا أو إلى اصحابه فإنهم يعلمون صدقنا في البلاغ عنه بخلاف ما إذا كانا رسل الله وأيضا فقوله { إذ أرسلنا إليهم اثنين } صريح في أن الله هو المرسل ومن أرسلهم غيره إنما أرسلهم ذلك لم يرسلهم الله كما لا يقال لمن أرسله محمد بن عبدالله أنهم رسل الله فلا يقال لدحية بن خليفة الكلبي أن الله أرسله ولا يقال ذلك للمغيرة بن شعبة وعبدالله بن حذافة وأمثالهما ممن أرسلهم الرسول وذلك أن النبي أرسل رسله إلى ملوك الأرض كما أرسل دحية بن خليفة إلى قيصر وأرسل عبدالله بن حذافة إلى كسرى وأرسل حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس كما تقدم ذكر ذلك .

ومعلوم أنه لا يقال في هؤلاء إن الله أرسلهم ولا يسمون عند المسلمين رسل الله ولا يجوز باتفاق المسلمين أن يقال هؤلاء داخلون في قوله { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات } .

فإذا كانت رسل محمد لم يتناولهم اسم رسل الله في الكتاب الذي جاء به فكيف يجوز أن يقال إن هذا الاسم يتناول رسل رسول غيره والمقصود هنا بيان معاني القرآن وما أراده الله تبارك وتعالى بقوله { إذ جاءها المرسلون إذ أرسلنا إليهم اثنين } . هل مراد الله ورسوله محمد من أرسلهم الله أو من أرسلهم رسوله وقد علم يقينا أن محمد لم يدخل في مثل هذا فمن قال إن محمدا أراد بذلك من أرسله رسول فقد كذب على محمد عمدا أو خطأ .
انتهى
 
السلام عليكم

المهم في مثل هذا المقام أن ننظر في الأسانيد وفي ألفاظ الروايات. فمثلا إذا نظرت إلى رواية كعب الأحبار ووهب بن منبه وابن عباس وجدت أنهم لم يقولو أنهم كانوا رسل المسيح بل كانوا رسل الله وإنما ذكروا أن القرية كانت أنطاكية. ومع هذا فهذا أسناد لا يعتمد عليه البتة. فبين ابن اسحاق وبين أصحاب الرواية انقطاع كبير. و ابن إسحاق مدلس كان يأخذ عن كل أحد ومن أجل ذلك تكلم فيه جماعة من النقاد إلا أن القول الوسط أنه صدوق في نفسه .

أما الروايتان عن عكرمة وقتادة فهي صحيحة لكن انظر ماذا قال قتادة. قال: ذكر لنا أن عيسى ابن مريم بعث رجلين من الحواريين إلى أنطاكية مدينة بالروم فكذبوهما , فأعزهما بثالث , { فقالوا إنا إليكم مرسلون }

فلم يجزم بصحة هذا القول. إنما قال "ذكر لنا"

وهذا نص ما قاله ابن جرير في الآية

القول في تأويل قوله تعالى: {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون}.


يقول تعالى ذكره: ومثل يا محمد لمشركي قومك مثلا أصحاب القرية- ذكر أنها أنطاكية، {إذ جاءها المرسلون} اختلف أهل العلم في هؤلاء الرسل، وفيمن كان أرسلهم إلى أصحاب القرية، انتهى من كلامه

فهل أيد القول بأنها أنطاكية. ولم أر في تفسيره شيئا من كلامه يؤيد القول بأنم كانوا رسل المسيح عليه الصلاة والسلام.

أما كلام القرطبي فيظهر منه أنه ذهب الى أنهم كانوا رسل الله ثم ذكر أنه قيل أنهم كانوا رسل المسيح.

وأما الآخرين ممن ذكر أنهم قالوا شيئا من ذلك فلينظر في أسانيد الروايات فكما قال الإمام أحمد "ثلاثة ليس لها اسناد" ذكر منها التفسير. معنى كلامه أن أكثر الآثار التفسيرية من طرق لا يعتمد عليها .

وأيضاً مجرد ذكر أسمائهم لا يكفى لأنا قد نفهم من كلامهم - إن صح عنهم - غير الذي فهمه بعض المفسرين.

وعلى كل حال، هذا كله من الإسرائيليات التي ليس فيها حجة في الدين وإنما ذكر ليعرف.

وفي تفسير الآية (79) من سورة البقرة ذكر الإمام ابن كثير هذا الحديث:

وقال الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أنه قال : يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتاب الله الذي أنزله على نبيه أحدث أخبار الله تقرءونه غضا لم يشب وقد حدثكم الله تعالى أن أهل الكتاب قد بدلوا كتاب الله وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم ولا والله ما رأينا منهم أحدا قط سألكم عن الذي أنزل عليكم رواه البخاري من طرق عن الزهري

وعزاه الشيخ أحمد شاكر إلى ثلاثة أماكن من البخاري مع الفتح (13/414,282 ؛ 5/515).

وقد أجاز لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الرواية عنهم لكن بقيد، وهو "لا تصدقوهم ولا تكذبوهم" فما عرفنا كذبه لمخالفته كتاب الله ينبغي الانكار عليه كما فعل ابن عباس، ويدخل في هذا القسم شيء كثير من الإسرائيليات المذكورة في التفاسير. أما ما لا نعلم صدقه أو كذبه فلا بأس في نقله لكن ينبغي أن لا يصدق.

وللشيخ أحمد شاكر كلام جيد في شأن الإسرائيليات في مقدمة عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير وهم اختصاره لتفسير ابن كثير إلا أنني أرى أنه تشدد في الإنكار على ذكرها في التفاسير.
 
الفارق بين المشاركتين 4 دقائق فقط :)

بارك الله في علمك أخي أبا بكر الأمريكي .
 
إخوتي الكرام:
لا يسعني إلا أن أُزجي لكم شكري على ما قدَّمتموه من فوائد نفيسة ، بارك الله لكم في علمكم ووقتكم ومالكم وولدكم .
 
وأنا إيضا استفدت من هذا الموضوع وخاصة كلام شيخ الإسلام ابن تيمية فإنه أمعن النظر في هذه المسألة وبينه أكمل بيان لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله كما هو العادة عنده فرحمه الله وجزاه خيرا

وبارك الله فيكم جميعا
 
أشكر الإخوة الكرام على اجتهاداتهم الطيبة في مناقشة صحة تفسير الآية، إلا أنني أريد أن أنبه إلى أن تفسير المفسرين ما هو إلا اجنهادات قابلة للصواب والخطإ ، وليست كلاما صحيحا مائة بالمائة، وهي مرتبطة بالسقف المعرفي الذي يوجد تحته المفسر، ولهذا فإن مناقشة هذا التفسير من طرف الإخوة كانت جيدة، تبينت من خلالها مجموعة من المحاذير في التفسير، ومنها محاولات الربط بين الآيات والشخصيات والأحداث التاريخية ، التي لا قرينة في الآية عليها، وإنما هي مما يحفظه الرواة من ثقافة أهل الكتاب وكتبهم، وإن كلام ابن تيمية الذي أورده الدكتور الكريم واضح في المسألة.
إن الذي يحتاج إلى الوقوف والنظر والتدبر هو رسالة القرية في هذه الآيات، فهذا مثل يضرب للناس في شأن التعامل مع المرسلين ورسالتهم، فالله أرسل رسولين إلى قوم ما لم يحددهم القرآن ، فكذبوهما فأضاف ثالثا لكن هؤلاء القوم لم يستجيبوا له هو الآخر، بدعوى أن الله سبحانه وتعالى لم ينزل شيئا من السماء وأن هؤلاء الرسل كاذبين، وجاء رجل ليس من الرسل وعزز الرسل في دعوتهم لقومه، قائلا لهم : اتبعوا المرسلين، اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون، ولم يذكر لنا القرآن الكريم كيف تعامل معه قومه، ولاشك أن تعامل قومه معه لم يكن حضاريا، إذ أنهم لم يتعاملوا مع رسلهم بهذا المستوى ، ولكن الله سبحانه وتعالى جزاه على تدخله هذا خير الجزاء، قيل ادخل الجنة قال ياليث قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين.
فهذا المثل المضروب هو الذي نحتاج أن نقف عليه، فالله أرسل الرسل معززا بعضهم ببعض، وما علينا نحن إلا أن نأتي من أقصى المدينة للتأكيد على رسالتهم بالنسبة لأقوامنا للننال الجنة وحسن الختام. وفائدة أسماء الأماكن والأشخاص والتواريخ لا فائدة منها في أفكار وتصورات يراد منها أن تكون إنسانية وعالمية تتجاوز الزمان والمكان.
والسلام
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المقدمة في أصول التفسير:

هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد فإنها على ثلاثة أقسام : " أحدها " ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح . و " الثاني " ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه . و " الثالث " ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته لما تقدم وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرا ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف ولون كلبهم وعدتهم وعصا موسى من أي الشجر كانت ؟ وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى إلى غير ذلك مما أبهمه الله في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز كما قال تعالى : { سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا } . فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا . فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث فدل على صحته ؛ إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما ثم أرشد إلى أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته فيقال في مثل هذا : { قل ربي أعلم بعدتهم } فإنه ما يعلم بذلك إلا قليل من الناس ممن أطلعه الله عليه ؛ فلهذا قال : { فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا } أي لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب . فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف : أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام وأن ينبه على الصحيح منها ويبطل الباطل وتذكر فائدة الخلاف وثمرته ؛ لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته فيشتغل به عن الأهم فأما من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص ؛ إذ قد يكون الصواب في الذي تركه أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال فهو ناقص أيضا فإن صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب أو جاهلا فقد أخطأ كذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته أو حكى أقوالا متعددة لفظا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى فقد ضيع الزمان وتكثر بما ليس بصحيح فهو كلابس ثوبي زور والله الموفق للصواب . انتهى من كلامه

والأمر كما سمعت الشيخ ابن عثيمين يكرر غير مرة في أشرطته : "كلام السلف قليل، كثير الفائدة. وكلام الخلف كثير، قليل الفائدة" وهذا لا يشمل كتب التفسير فقط بل وكل العلوم الشرعية فمثلا تجد أحد أرباب الفقه يخوض في مسألة معتمدا على حديث لا أصل له في كتب السنة مع أنه قد يوجد حديث صريح الدلالة في المسألة في الصحيحين.
وبعضهم أفنوا أعمارهم في دراسة العلوم اللغوية ثم إذا سألته عى معنى "لا إله إلا الله" كلمة التوحيد التي كان المشركون حتى الأميين منهم يفهمونها جعل يتخبط. والله المستعان
 
كيف نحكم على قول أنه من الإسرائيليات؟

كيف نحكم على قول أنه من الإسرائيليات؟

أعتقد أن الحكم على قول ما أنه من الإسرائيليات أم لا ، يحتاج إلى غير قليل من التأمل والبحث، إذ ليس كل أمر ذكر فيه أخبار أهل الكتاب هو من الإسرائيليات، فقد حدثنا القرآن الكريم عن كثير من أخباربني إسرائيل مع موسى أو بعده أو قبله، وحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بعض أخبارهم، ولا أعتقد أن ما قاله الله ورسوله عنهم وعن أخبارهم يمكن إدخاله في هذه الخانة، وإنما ندخل في الإسرائيليات الأخبار المتحدثة عن الأمم السالفة أو الملاحم والفتن التي مصدرها بنوإسرائيل خصوصا وأهل الكتاب عموما، وهذه الأخبار الإسرائيلية التي مصدرها أهل الكتاب ، فهي وإن وافقت بعض الحق الذي عندنا فلابد من الحذر منها، لأن فيها جوانب من الباطل التي قد لا نطلع عليها في حينه، فيحتاج الأمر إلى وقت وتأمل، وعرض لها - وهذا هو الأهم - على ما عندنا من الحق الجلي في كتاب ربنا،فإن وافقته موافقة تامة قبلناها، وإن خالفت ما في القرآن الكريم ولو جزئيا ، وقفنا على هذه المخالفة حتى نرى بماذا تتميز التلاوة القرآنية لنفس الموضوع عن التلاوة الكتابية له، وهو ما يبين معنى التصديق والهيمنة الذي يتميز به كتاب ربنا. ولا يغرنكم ما يقال من أن أخبار الأمم السالفة والملاحم والمواعظ والفتن يجوز روايتها مع احتمال ضعفها لأنه لا يترتب عليها عمل، بل إن العمل المترتب عليها عظيم، إذ أن الأخبار والقصص تحدثنا عن السنن الثابتة في الكون والمجتمع والتاريخ والنفس البشرية، وكل تلاوة لها بغير الحق، أو بغير علم يقيني، تجعلنا ننقل إلى الناس تجربة إنسانية غير صحيحة، فيترتب على ذلك ضرر بمقدار الخطإ المنقول، وذلك لأن هذه القصص لا تنقل الأفكار والتصورات المجردة ، وإنما تنقلها مجسدة في واقع الناس وحياتهم، ويكون الأمر أدهى وأمر إدا ربطت التجربة الخاطئة بحياة الأنبياء ونحن نقتدي بهم ونتأسى، فننسب إلى الأنبياء والمرسلين سلوكات ومفاهيم لا تصح عنهم من جهة ، ولا يمكن أن تكون صالحة للتأسي من جهة ثانية
إن كتب التفسير والحديث فيها من هذه الأخبار الشيء الكثير، وإن المتخصصين في العلوم الشرعية وعلم التفسير خصوصا ليعلمون حقيقة هذا الأمر، وإن دعوة كثير منهم إلى تنقية الثرات الإسلامي مما علق به لتعبر عن هذه المشكلة خير تعبير، ولهذا أتمنى من أهل التفسير والدارسين له أن يأخذوا حذرهم وأسلحتهم لمواجهة هذا الأمر الكبير.
والسلام
 
بسم الله ربى عليه توكلت وإليه أنيب .. والصلاة والسلام على سيدنا المصطفى وآله ..

أسمح لنفسى بعرض شبهة النصارى على هذه الآيات ، حتى تأتى إجابات شيوخنا على التمام ، فتصيب سهام الحق صلب الباطل لا أطرافه .. وأعتذر مقدماً لأنى سأعرض شبهتهم بأحسن مما فعلوا ، وعذرى أن علمائنا الكرام كانوا يفعلون ذلك غالباً بشبه المخالفين ، حتى تأتى ردودهم فوق ما يتمنى الخصم .

المشهور عند المتقدمين من علمائنا اتهام " بولس " بإفساد المسيحية ، كما صرح بذلك ابن حزم وابن تيمية وغيرهما .. والإجماع من المتأخرين بلا شذوذ على أن " بولس " هو من بدل دين المسيح بلا خلاف .

فى ثنايا دفاعهم عن " بولس " استدل النصارى بقصة أصحاب يس على عدم الطعن فى بولس .. قالوا :

أولاً :
على الأخذ بالروايات التى تصرح باسم بولس أو بولص فلا إشكال .. بل يكون مؤداها أن بولس هو رسول الله فى القرآن .. لقوله : " إذ أرسلنا .. " .

ثانياً :
الروايات التى صرحت بخلاف اسمه ، لكنها تجعل الرسل هم رسل المسيح ، تحمل على الاضطراب ، لأن من الثابت أن المسيح لم يبعث إلى أنطاكية هذه الأسماء التى اضطربت بها الروايات .. ومع تسليم الروايات بأنهم رسل المسيح ، ومع الثابت تاريخياً من بعث المسيح حوارييه إلى أنطاكية ، فالواجب ترك الأسماء المضطربة فى الروايات والرجوع إلى المحفوظ عند أهل الكتاب .. أولاً : لأن أهل الكتاب لم يضطربوا فى ذلك والروايات فعلت .. وثانياً : لأن الروايات سلمت بصحة أصل حكاية أهل الكتاب .. وثالثاً : لأن الثابت عند المسلمين أن هذه الروايات تأخذ عن أهل الكتاب ، فعند اضطرابها يرجع للمصدر الذى أخذت عنه ، والمصدر يقول ويصرح بأن بولس كان من المرسلين .

فعلى كلا الصنفين من الروايات يكون بولس مقصوداً بقوله : " إذ أرسلنا " ، فيكون رسولاً لله ، ولو عن طريق غير مباشر عن طريق المسيح .

ولا يغبش على ذلك : أن المسيح عندهم لم يبعث بولس فى حياته لأنه لم يقابله أصلاً .. لا يضير ذلك لأنه ليس من المهم فى هذا المقام إثبات صحة هذا الجزء من القصة عندهم .. إذ المقام مقام الكلام على ما يقوله القرآن ، وخلاف ذلك له مقام آخر .

ولا يغبش على ذلك أيضاً : الحكم بضعف سند هذه الروايات .. أولاً : لأن الروايات الأخرى ليست بأقوى سنداً .. وثانياً : لو ألزمتمونا بعدم الأخذ بالروايات الضعيفة فى هذا المقام ، جاز لنا إلزامكم بعدم الأخذ بالروايات الضعيفة فى مجال التفسير كافة ، وهذا معناه ترك معظم أقوال الصحابة والتابعين فى التفسير ، لأن أكثر ذلك ضعيف السند ، وجاز لنا أيضاً إلزامكم بعدم الأخذ بالروايات الضعيفة فى مجال السيرة بعامة ، وهذا معناه عدم ثبوت كثير من أحداثها ، وحال أهل الإسلام بخلاف ذلك ، فأنتم تقبلون كثيراً من الروايات الضعيفة فى التفسير والسيرة .

فإن قيل لهم : لأهل الإسلام قول آخر فى هؤلاء الرسل ، وهو أنهم ليسوا رسل المسيح أصلاً ، وهناك روايات تعضد هذا القول .. فعلى الأخذ بهذا القول فليس لبولس تزكية فى القرآن ..

قالوا :

أولاً :
لا يهمنا الخوض فى مسألة أى القولين أرجح .. يكفينا أن صنفاً من علمائكم ـ وإن قل ـ أخذ بهذا القول .. فلا يحق لكم إنكاركم علينا بسبب حملنا الآيات على بولس ، لأننا لم نبتدع قولاً لم يقل به أحد من أهل الإسلام ، بل هو قول بعض علمائكم فى المسألة .. وهذا لو كان علماؤكم القائلين بقولنا قليلين .. فكيف وأكثر علمائكم على هذا الرأى ؟!

ثانياً :
أكثر مفسريكم القدامى يروون الروايات التى بها تصريح بذكر بولس ضمن رسل يس ، ويسكتون .. وهذا السكوت منهم إقرار .. ولو لم تعتبروا سكوتهم إقراراً فبينوا لنا صريح رأيهم .. فإن قلتم لم يصرحوا وسكوتهم ليس إقراراً ، انسحب هذا على جميع تفاسيركم ، حيث الشائع فيها إيراد الآراء والسكوت عنها ، فيكون الحال أن أكثر مفسريكم لم يصرحوا برأيهم فى معظم آيات القرآن ، فلماذا تصدوا لتصنيف كتاب فى التفسير أصلاً ما داموا لن يفعلوا أكثر من ترديد بعض الآراء والروايات والسكوت عليها ؟! .. فلا يمكنكم اعتبار سكوت علمائكم ليس إقراراً إلا مع الطعن فى علمهم وجلالة شأن تفاسيرهم .

ثالثاً :
لو كان مفسروكم يعتقدون فعلاً بفساد بولس .. لما جاز أن يسكتوا عن الروايات التى تناقلوها فى تفاسيرهم والتى صرحت باسمه .. بل لكانوا نبهوا على خطأ هذه الروايات لتضمنها اسم بولس .. فلما لم يفعل واحد منهم ذلك أبداً علمنا أن بولس لم يكن مطعوناً فيه عندهم ، وإلا صرحوا بذلك عند إيراد هذه الروايات على الأقل ، إذ لا يجوز منهم السكوت عن عدم تبيين هذا الباطل ، خاصة وأن بولس ليس مجرد شخص سىء ، بل هو عندكم مبدل دين المسيح .. وإلا لو كانوا فى تفاسيرهم يسكتون عن عدم تبيين الباطل فأى خير ترجون من هذه التفاسير ؟! ..

ونفس سكوتهم عن الطعن فى بولس عند تفسير هذه الآيات يخدمنا فى تزكية بولس .. إذ إن سكوتهم معناه احتمال أن يكون بولس فعلاً من هؤلاء الرسل .. ومجرد هذا الاحتمال ـ اللازم من سكوتهم عن الطعن فيه ـ يستلزم أن بولس لم يكن من المطعون فيهم عندهم .

قالوا : والحاصل من جميع ما سبق ، أن موقف المفسرين فى كتبهم مؤيد لنا ، وأما الروايات فأكثرها مؤيد لنا ، وما خالفنا بينا ما فيه .. فيكون بولس رسول لله ـ ولو عن طريق المسيح ـ فى القرآن .. وغير مطعون فيه من قبل مفسريكم .. فلماذا تخالفون كتاب ربكم وعلماء ملتكم بالتهجم على بولس ؟!

انتهى عرض شبهة النصارى ، وأكرر اعتذارى لأنى نظمت أقوالهم ورتبتها بأحسن مما فعلوا .
 
و الله لقد حاورت أحد النصارى من شهر أو يزيد بخصوص هذه الشبهة و اعترضت عليه بضعف السند و اضطراب المتن فلم يكن رده سوى السباب و السخرية و لم يجب بربع جوابك هذا !!!

أولاً . . بالنسبة لموضوع الأخذ بالروايات الضعيفة ، فنحن لا يضيرنا تركها فالقرآن قطعي الثبوت و الروايات الضعيفة ظنية الثبوت - إن لم يكن كذبها محتملاً - و نحن لا نفسر ما هو قطعي و يقيني بما هو ظني و يحتمل الكذب ، و هذا من بداهات العقل .

ثانياً . . يريد النصراني أن يثبت وجود اسم بولس في الروايات بأي ثمن ؛ فهو لا يهمه تضارب الروايات و تناقضها ، و لا يعنيه ضعف سندها و مصدرها ، و لا يضيره مخالفتها لما هو ثابت عنده . . المهم هو وجود اسم بولس و ليحترق العالم من بعده !! و سبحان خالق العقول و الأفهام !

ثالثاً . . ذكر المفسرون هذه الروايات بصيغة التمريض (قيل) مما يوحي بعدم صحتها لديهم .

رابعاً . . قولهم ان سكوت المفسرين يعني توثيقهم لبولس ليس سوى (استنتاج من السكوت . . Argument from the silence) ، و هي طريقة جدلية يستعملها النصارى بكثرة مثل قولهم : ((طالما لم يصرح الغزالي بتحريف الإنجيل في كتابه (الرد الجميل) فهذا يعني أنه يؤمن بعدم تحريفه)) ، و هذا أسلوب لا يصلح في موقف الحجة و المناظرة ؛ فالحجة لا تقوم على الخصم إلا بنص صريح و ليس بما فهمه خصمه من نص ذو أوجه .

و أخيراً . . هذه الروايات ليست حجة إلا على من آمن بثبوتها و صحتها و نحن لا نفعل فلست حجة علينا .

فما رأيكم بهذا الجواب؟؟ من لديه إضافة؟
 
فلنمحص الروايات إذن

فلنمحص الروايات إذن

تحية إلى الإخوة جميعا وخصوصا محب والدكتور عزمي،
وأود - انطلاقا مما أثرتموه في مسألة التفسير، وكيف أن النصارى وغيرهم يستغلون تفسيرات بعض المفسرين لتأييد كثير من أفكارهم وعقائدهم وتصوراتهم، مدعين أن ما قدمه المفسرون، هو ما أراده القرآن فعلا - أن أنبه الإخوة المهتمين بعلم التفسير والدراسات القرآنية عموما، إلى أن هذا الباب هو أحد المقاتل العظيمة التي استطاع المخالفون من غير المسلمين عموما، ومن أهل الكتاب خصوصا، أن يطعنوا في دين الله وكتابه، وهو ما يدعونا إلى الوقوف وقفة نقدية صارمة أمام تراثنا التفسيري والحديثي من أجل إعادة غربلته وتصفيته وتنقيحه، وبيان عيوبه وأخطائه من أجل تجاوزها وإصلاحها، وهو ما يقتضي إسقاط تلك الهالة العظيمة من التقديس والتبجيل التي رافقت التفسير والمفسرين حينا من الدهر، بل وجل العلوم الإسلامية، وأعتقد أن هذه الخطوة ضرورية من أجل إعادة النظر في موروثنا الثقافي وما يحمله من نقائص آن الأوان للإجهاز عليها وإزالتها حتى لا تبقى ذريعة للذين يصطادون في الماء العكر. وهذا النقد الذاتي ليس كشفا لعيوبنا أمام الأعداء - كما يدعي البعض - وإنما هو اكتشاف لهذه العيوب من أجل ألا تبقى وصمة عار في جبين دين الله تمنعه من تحقيق هدايته في الأرض دون تشويش ولا شبهات.
وإذا رغب الإخوة في إثارة هذا الموضوع ، فلدينا من الأمثلة ما يصلح أن يكون أرضية لهذا النقاش.
والسلام
 
الموضوع قديم لكن لا بأس برفعه.
يا إخوة القول أنهم رسل المسيح هو قول مداره على قتادة. وهو قول مرجوح كما بين الإخوة.
أما كون بولس مذكور في القرآن فهذا غلط كبير بل هي رواية أوردها أئمة التفسير كلهم عن شعيب الجبائي وهو متروك. وقول آخر هو لابن اسحاق . وهذا لا ضير فيه.
يجب أن يكون العذر مقدم لعلماء الإسلام. فالقرآن لم يذكر أسماء حواريي المسيح عليه السلام ولعل بعض العلماء ظن أنه منهم وهو ليس كذلك. فما الضير ؟
فالمسألة إذن هي أن عالماً مسلماً اجتهد وأخطأ وانتهى الأمر.
مع التنبيه إن إيراد علماء المسلمين بعض الأقوال والروايات في كتب التفسير لايعد ذلك ضرورة لتبني ذلك القول أو يعد تصحيحاً للرواية.
ويقع في هذا الخطأ الفاحش جم غفير من أهل الرفض وعباد الصليب عليهم من الله مايستحقون.

ملاحظة : إن صح نسبة كتاب ( الرد الجميل ) للغزالي ، فهو بالفعل لا يقول بتحريف الإنجيل. وقد وقع الغزالي في تكلف شديد جداً وبالأخص عندما حاول توفيق كلام بولس مع القرآن مع أننا لسنا بحاجة لتوفيق كلامه مع القرآن حتى وإن قلنا بعدم تحريف الأناجيل إذ أن كلام بولس ليس إنجيلاً عندنا في المقام الأول. والرازي كذلك له كلام متناقض خصوصاً في مسألة إخفاء اسم النبي صلى الله عليه وسلم .
 
بصرف النظر عن صحة الكتاب من عدمه، وقد قرأته قديما، بل واستعملته في كتاب من كتبي في الرد على فرقة مسيحية ، إلا أن الامام ابن تيمية في كتابه الجواب الصحيح سار على نفس الطريقة ، إذ أنه حاول تأويل بعض النصوص الإنجيلية بحيث تنتفي عنها المعان الدخيلة (من التحريف المعنوي) ، ويبقى المعنى الصحيح المتوافق مع علم المسيح عليه السلام مع اثباته من ناحية أخرى تحريف الإنجيل أو الكتابات المنسوبة اليه بالتحريف.
فليس مافعله الغزالي بغريب وقد تبعه ابن تيمية ايضا في ذلك.
والله أعلم
 
بل الفرق بينهما كبير... وكبير جداً.

الغزالي والرازي يرفضان القول بتحريف الكتب السابقة.
أما ابن تيمية رحمه الله يقول بتحريف الكتب السابقة مع وجود بعض الحق فيها.
ولا أظن أن هذا يخفى عليك. فالفرق واضح.

ما فاجأني في الكتاب للغزالي أنه حاول التوفيق بين أقوال بولس والقرآن. وهذا غريب! إذ حتى لو قلنا أن الإنجيل غير محرف ، فما علاقة كتابات بولس بهذا؟
مع أني أشك بنسبة الكتاب للغزالي في المقام الأول.

ولعلي أكتب موضوعاً مستقلاً هنا عن قضية تحريف الكتب السابقة وقول العلماء فيها إن شاء الله.
دمت على خير.
 
عودة
أعلى