ناصر عبد الغفور
Member
هل يصح ما مثل به الإمام السيوطي لخطاب الواحد بلفظ الجمع؟
بسم1
من أنواع علوم القرآن التي ذكرها الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في إتقانه: " في وجوه مخاطبته"، وقد ذكر فيها أزيد من ثلاثين وجها.
ومن الوجوه التي أوردها: خطاب الواحد بلفظ الجمع: ومثل له بقوله جل وعلا:"يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ" -المؤمنون:51- ووجّه هذه الآية بقوله رحمه الله تعالى:"فهو خطاب له وحده إذ لا نبي معه ولا بعده"اهــ. أي أن المقصود:" يا أيها الرسول كل من الطيبات..."
لكن الذي يظهر أن إيراد الإمام السيوطي لهذه الآية تحت هذا الوجه واعتبارها من خطاب الواحد بلفظ الجمع ليس في محله، بل الخطاب على أصله وظاهره فهو خطاب جمع بلفظ الجمع، وإن كان كل واحد منهم خوطب في وقته، إذ يصح إجمال الخطاب.
فالأمر موجه لكل رسل الله تعالى حيث أمرهم سبحانه بأكل الطيبات دون الخبائث والاكتفاء بالحلال عن الحرام كما قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى:" هذا أمر منه تعالى لرسله بأكل الطيبات، التي هي الرزق الطيب الحلال، وشكر الله، بالعمل الصالح، الذي به يصلح القلب والبدن، والدنيا والآخرة. ويخبرهم أنه بما يعملون عليم، فكل عمل عملوه، وكل سعي اكتسبوه، فإن الله يعلمه، وسيجازيهم عليه أتم الجزاء وأفضله، فدل هذا على أن الرسل كلهم، متفقون على إباحة الطيبات من المآكل، وتحريم الخبائث منها، وأنهم متفقون على كل عمل صالح وإن تنوعت بعض أجناس المأمورات، واختلفت بها الشرائع، فإنها كلها عمل صالح، ولكن تتفاوت بتفاوت الأزمنة." اهـــ -تيسير الرحمن:553-.
و"قال الحسن البصري في قوله: { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ } قال: أما والله ما أُمِرُوا بأصفركم ولا أحمركم، ولا حلوكم ولا حامضكم، ولكن قال: انتهوا إلى الحلال منه." -تفسير ابن كثير-.
وأعظم ما يبين القرآن بعد القرآن سنة خير الأنام عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:" أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا و إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إني بما تعملون عليم } و قال : { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء : يا رب يا رب ! و مطعمه حرام و مشربه حرام و ملبسه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك." -رواه مسلم وغيره-.
قال الإمام الألوسي رحمه الله تعالى:"يا أيها الرسل كلوا من الطيبات، فإنهم لم يخاطبوا دفعة بل خوطب كل واحد في زمان بصيغة مفردة خاصة به" -روح المعاني:12/239-، وقال في موضع آخر:"يا أيها الرسل كلوا من الطيبات، حكاية لرسول الله صلى الله عليه و سلم على على وجه الإجمال لما خوطب به كل رسول في عصره جيء بها أثر حكاية إيواء عيسى وأمه عليهم السلام إلى الربوة إيذانا بأن ترتيب مباديء النعم لم تكن من خصائص عيسى عليه السلام بل إحاطة الطيبات شرع قديم جرى عليه جميع الرسل عليهم السلام ووصوا به أي وقلنا لكل رسول كل من الطيبات واعمل صالحا فعبر عن تلك الأوامر المتعددة المتعلقة بصيغة الجمع عند الحكاية إجمالا للإيجاز-18-39-.
بسم1
من أنواع علوم القرآن التي ذكرها الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في إتقانه: " في وجوه مخاطبته"، وقد ذكر فيها أزيد من ثلاثين وجها.
ومن الوجوه التي أوردها: خطاب الواحد بلفظ الجمع: ومثل له بقوله جل وعلا:"يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ" -المؤمنون:51- ووجّه هذه الآية بقوله رحمه الله تعالى:"فهو خطاب له وحده إذ لا نبي معه ولا بعده"اهــ. أي أن المقصود:" يا أيها الرسول كل من الطيبات..."
لكن الذي يظهر أن إيراد الإمام السيوطي لهذه الآية تحت هذا الوجه واعتبارها من خطاب الواحد بلفظ الجمع ليس في محله، بل الخطاب على أصله وظاهره فهو خطاب جمع بلفظ الجمع، وإن كان كل واحد منهم خوطب في وقته، إذ يصح إجمال الخطاب.
فالأمر موجه لكل رسل الله تعالى حيث أمرهم سبحانه بأكل الطيبات دون الخبائث والاكتفاء بالحلال عن الحرام كما قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى:" هذا أمر منه تعالى لرسله بأكل الطيبات، التي هي الرزق الطيب الحلال، وشكر الله، بالعمل الصالح، الذي به يصلح القلب والبدن، والدنيا والآخرة. ويخبرهم أنه بما يعملون عليم، فكل عمل عملوه، وكل سعي اكتسبوه، فإن الله يعلمه، وسيجازيهم عليه أتم الجزاء وأفضله، فدل هذا على أن الرسل كلهم، متفقون على إباحة الطيبات من المآكل، وتحريم الخبائث منها، وأنهم متفقون على كل عمل صالح وإن تنوعت بعض أجناس المأمورات، واختلفت بها الشرائع، فإنها كلها عمل صالح، ولكن تتفاوت بتفاوت الأزمنة." اهـــ -تيسير الرحمن:553-.
و"قال الحسن البصري في قوله: { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ } قال: أما والله ما أُمِرُوا بأصفركم ولا أحمركم، ولا حلوكم ولا حامضكم، ولكن قال: انتهوا إلى الحلال منه." -تفسير ابن كثير-.
وأعظم ما يبين القرآن بعد القرآن سنة خير الأنام عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:" أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا و إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إني بما تعملون عليم } و قال : { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء : يا رب يا رب ! و مطعمه حرام و مشربه حرام و ملبسه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك." -رواه مسلم وغيره-.
قال الإمام الألوسي رحمه الله تعالى:"يا أيها الرسل كلوا من الطيبات، فإنهم لم يخاطبوا دفعة بل خوطب كل واحد في زمان بصيغة مفردة خاصة به" -روح المعاني:12/239-، وقال في موضع آخر:"يا أيها الرسل كلوا من الطيبات، حكاية لرسول الله صلى الله عليه و سلم على على وجه الإجمال لما خوطب به كل رسول في عصره جيء بها أثر حكاية إيواء عيسى وأمه عليهم السلام إلى الربوة إيذانا بأن ترتيب مباديء النعم لم تكن من خصائص عيسى عليه السلام بل إحاطة الطيبات شرع قديم جرى عليه جميع الرسل عليهم السلام ووصوا به أي وقلنا لكل رسول كل من الطيبات واعمل صالحا فعبر عن تلك الأوامر المتعددة المتعلقة بصيغة الجمع عند الحكاية إجمالا للإيجاز-18-39-.