ناصر عبد الغفور
Member
هل يصح الاستدلال بقوله تعالى:"ولقد جعلنا في السماء بروجا" على إمكانية الصعود إلى القمر؟
بسم1
هل يصح الاستدلال بقوله تعالى:"ولقد جعلنا في السماء بروجا..." على إمكانية الصعود إلى القمر؟
قال الله تعالى:" وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) "-الحجر-.
فسرت البروج بالكواكب والنجوم وبمنازل الشمس والقمر.
قال مجاهد وقتادة: البروج هاهنا هي: الكواكب.
ومنهم من قال: البروج هي: منازل الشمس والقمر.-ابن كثير-
إذا فمن البروج التي جعلها الله تعالى في السماء القمر، وهذا ما ورد صريحا في قوله جل جلاه:" تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا".
وقد ذاع وانتشر منذ زمن طويل صعود الإنسان على سطح القمر.
واختلف المحققون في صحة هذا الزعم الذي قال به أهل الكفر بل صوروه ووثقوه في كل وسائل الإعلام المرئية والسمعية.
فمنهم من جوزه بالأدلة ومنهم من أنكره وبين بطلانه.
ومما ظهر لي ولاح أن الفاصل في ذلك لبيان صدق ذاك الزعم من كذبه يرجع إلى المراد بلفظ "السماء" في الآية السالفة الذكر وغيرها مما ورد في نفس المعنى كقوله جل في علاه:" تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا"...
- فالسماء تطلق ويراد بها العلو كما في قوله تعالى:" وأنزلنا من السماء ماء"...
جاء في العجم الوسيط:" ( السماء ) ما يقابل الأرض والفلك ومن كل شيء أعلاه وكل ما علاك فأظلك ( ج ) سموات ...اهـــــــــ.
- وتطلق ويراد بها الأفلاك المبنية كما في قوله تعالى:"وليمدد بسبب إلى السماء"، وقوله تعالى "أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً"...
فعلى المعنى الأول فلا مانع من صعود القمر لأن الله تعالى أخبر أن القمر في السماء أي في العلو تحت الأفلاك المبنية.
وعلى المعنى الثاني فلا يستطيع أحد مهما كان أن يصل إلى القمر لأنه في السماء المبنية فكيف للبشر أن يخترق السموات ليصل إلى القمر؟؟
هذه أرواح الكفرة لا تفتح لها أبواب السماء بعد الموت كما قال الله تعالى:"إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)"-الأعراف-، فكيف تفتح لأجسادهم وهم أحياء ليلجوا القمر أو يصعدوا عليه.
فتبين على القول الثاني بهتانهم وزيفهم...
وتتمة الآية تبين بوضوح أن المراد السماء المبنية، قال تعالى:" وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ".
فالذي تم تزيينه بالنجوم البهية وتم حفظه من الشياطين حتى لا تسترق السمع إنما هو السماء المبنية وليس العلو أو ما علانا...
قال الإمام أبو حيان في البحر:"ولذلك قال الجمهور : إن الضمير في وزيناها عائد على السماء حتى لا تختلف الضمائر ، وحفظ السماء هو بالرجم بالشهب على ما تضمنته الأحاديث الصحاح قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) : ( إن الشياطين تقرب من السماء أفواجاً فينفرد المارد منها فيستمع ، فيرمي بالشهاب فيقول لأصحابه . وهو يلتهب : إنه الأمر كذا وكذا ، فتزيد الشياطين في ذلك ويلقون إلى الكهنة فيزيدون على الكلمة مائة كلمة ) ونحو هذا الحديث"-تفسير البحر المحيط:5/437- .
روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة، يبلُغُ به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خُضعانًا لقوله كأنه سلسلة على صَفوان". قال علي، وقال غيره: صفوان يَنفُذهم ذلك، فإذا فُزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الذي قال: الحق، وهو العلي الكبير. فيسمعها مسترقو السمع، ومسترقو السمع، هكذا واحد فوق آخر -ووصف سفيان بيده فَفَرَّج بين أصابع يده اليمنى، نَصبَها بعضها فوق بعض -فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يَرْمي بها إلى صاحبه فيحرقَه، وربما لم يدركه [حتى] يَرْمي بها إلى الذي يليه، [إلى الذي] هو أسفل منه، حتى يلقوها إلى الأرض -وربما قال سفيان: حتى تنتهي إلى الأرض فتلقى على فم الساحر -أو: الكاهن -فيكذب معها مائة كذبة فيقولون: ألم يخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا، فوجدناه حقًّا؟ للكلمة التي سمعت من السماء" –ح رقم:4701-.
والقول بأن القمر داخل السماء المبنية هم المشهور عند كثير من المفسرين كالإمام البغوي وأبو حيان والألوسي وابن عطية والقرطبي والشوكاني وغيرهم.
يقول الإمام أبو حيان:"والضمير في فيهن عائد على السموات ، ويقال : القمر في السماء الدنيا ، وصح كون السموات ظرفاً للقمر ، لأنه لا يلزم من الظرف أن يملأه المظروف . تقول : زيد في المدينة ، وهو في جزء منها"-البحر المحيط:8/334-.
وممن قال بهذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة المنان كما في عقيدته التدمرية.
هذا والله أعلم وأحكم ونسبة العلم إليه سبحانه أسلم.
بسم1
هل يصح الاستدلال بقوله تعالى:"ولقد جعلنا في السماء بروجا..." على إمكانية الصعود إلى القمر؟
قال الله تعالى:" وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) "-الحجر-.
فسرت البروج بالكواكب والنجوم وبمنازل الشمس والقمر.
قال مجاهد وقتادة: البروج هاهنا هي: الكواكب.
ومنهم من قال: البروج هي: منازل الشمس والقمر.-ابن كثير-
إذا فمن البروج التي جعلها الله تعالى في السماء القمر، وهذا ما ورد صريحا في قوله جل جلاه:" تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا".
وقد ذاع وانتشر منذ زمن طويل صعود الإنسان على سطح القمر.
واختلف المحققون في صحة هذا الزعم الذي قال به أهل الكفر بل صوروه ووثقوه في كل وسائل الإعلام المرئية والسمعية.
فمنهم من جوزه بالأدلة ومنهم من أنكره وبين بطلانه.
ومما ظهر لي ولاح أن الفاصل في ذلك لبيان صدق ذاك الزعم من كذبه يرجع إلى المراد بلفظ "السماء" في الآية السالفة الذكر وغيرها مما ورد في نفس المعنى كقوله جل في علاه:" تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا"...
- فالسماء تطلق ويراد بها العلو كما في قوله تعالى:" وأنزلنا من السماء ماء"...
جاء في العجم الوسيط:" ( السماء ) ما يقابل الأرض والفلك ومن كل شيء أعلاه وكل ما علاك فأظلك ( ج ) سموات ...اهـــــــــ.
- وتطلق ويراد بها الأفلاك المبنية كما في قوله تعالى:"وليمدد بسبب إلى السماء"، وقوله تعالى "أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً"...
فعلى المعنى الأول فلا مانع من صعود القمر لأن الله تعالى أخبر أن القمر في السماء أي في العلو تحت الأفلاك المبنية.
وعلى المعنى الثاني فلا يستطيع أحد مهما كان أن يصل إلى القمر لأنه في السماء المبنية فكيف للبشر أن يخترق السموات ليصل إلى القمر؟؟
هذه أرواح الكفرة لا تفتح لها أبواب السماء بعد الموت كما قال الله تعالى:"إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)"-الأعراف-، فكيف تفتح لأجسادهم وهم أحياء ليلجوا القمر أو يصعدوا عليه.
فتبين على القول الثاني بهتانهم وزيفهم...
وتتمة الآية تبين بوضوح أن المراد السماء المبنية، قال تعالى:" وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ".
فالذي تم تزيينه بالنجوم البهية وتم حفظه من الشياطين حتى لا تسترق السمع إنما هو السماء المبنية وليس العلو أو ما علانا...
قال الإمام أبو حيان في البحر:"ولذلك قال الجمهور : إن الضمير في وزيناها عائد على السماء حتى لا تختلف الضمائر ، وحفظ السماء هو بالرجم بالشهب على ما تضمنته الأحاديث الصحاح قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) : ( إن الشياطين تقرب من السماء أفواجاً فينفرد المارد منها فيستمع ، فيرمي بالشهاب فيقول لأصحابه . وهو يلتهب : إنه الأمر كذا وكذا ، فتزيد الشياطين في ذلك ويلقون إلى الكهنة فيزيدون على الكلمة مائة كلمة ) ونحو هذا الحديث"-تفسير البحر المحيط:5/437- .
روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة، يبلُغُ به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خُضعانًا لقوله كأنه سلسلة على صَفوان". قال علي، وقال غيره: صفوان يَنفُذهم ذلك، فإذا فُزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الذي قال: الحق، وهو العلي الكبير. فيسمعها مسترقو السمع، ومسترقو السمع، هكذا واحد فوق آخر -ووصف سفيان بيده فَفَرَّج بين أصابع يده اليمنى، نَصبَها بعضها فوق بعض -فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يَرْمي بها إلى صاحبه فيحرقَه، وربما لم يدركه [حتى] يَرْمي بها إلى الذي يليه، [إلى الذي] هو أسفل منه، حتى يلقوها إلى الأرض -وربما قال سفيان: حتى تنتهي إلى الأرض فتلقى على فم الساحر -أو: الكاهن -فيكذب معها مائة كذبة فيقولون: ألم يخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا، فوجدناه حقًّا؟ للكلمة التي سمعت من السماء" –ح رقم:4701-.
والقول بأن القمر داخل السماء المبنية هم المشهور عند كثير من المفسرين كالإمام البغوي وأبو حيان والألوسي وابن عطية والقرطبي والشوكاني وغيرهم.
يقول الإمام أبو حيان:"والضمير في فيهن عائد على السموات ، ويقال : القمر في السماء الدنيا ، وصح كون السموات ظرفاً للقمر ، لأنه لا يلزم من الظرف أن يملأه المظروف . تقول : زيد في المدينة ، وهو في جزء منها"-البحر المحيط:8/334-.
وممن قال بهذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة المنان كما في عقيدته التدمرية.
هذا والله أعلم وأحكم ونسبة العلم إليه سبحانه أسلم.